سبب فشل الأفكار العبقرية | البيزنس التقليدي يكسب
في هذه المقالة سوف أناقش معك بعض العوامل والملاحظات التى سوف تجعلك تفهم سبب فشل الأفكار العبقرية في البيزنس، نصيحتي لك ألا تهمل التفكير في الأفكار الجديدة والمميزة، لكن إذا كنت تريد مشروع ناشئ بنسب نجاح أعلى فعليك بالأفكار البسيطة السهلة التقليدية التى تشبع احتياج في السوق بالفعل.
ببساطة الفكرة هى مجلة إعلانية تقوم بتجميع المحلات التجارية في منطقة جغرافية محددة، كل المحلات التجارية التى توجد فى المجلة تضع كوبون اعلاني به خصم على إعلانها فى المجلة، المجلة بها مساحات مختلفة وكل محلّ تجارى يشترى المساحةة الاعلانية التى تناسبه، نقوم بتوزيع المجلة على الشقق والعمارات في المنطقة السكنية، هكذا هو نموذج العمل والفكرة ببساطة.
قبل هذه الفكرة جربت العديد من الأفكار، عندما أقارن الأفكار السابقة بهذه الفكرة، أجد أن فكرة المجلة هى (الفكرة الساذجة)، أو التقليدية، بجانب الأفكار العبقرية (التي تبدو عبقرية) التي سبقتها.
لكن فكرة المجلة على رغم بساطتها و بالرغم أنه تم تنفيذ نفس الفكرة فى السوق من قبل إلا أنها نجحت وجاءت بالربح على عكس المشاريع السابقة.
دعنا نبدأ بهذا السؤال. لماذا وكيف تنجح الأفكار التقليدية بنسبة أكبر من الأفكار المعقدة او المبدعة؟ لكن قبل أن تستمر في القراءة عليك بفهم المقالة والهدف منها، انا هنا لا أهاجم فكرة المشروع المبدع أو الجديد أو المعقد، لكن ببساطة أنا أوضح – من خلال خبرتى العملية فى المشاريع الناشئة – لماذا تكون نسبة النجاح مع الفكرة التقليدية أعلى نسبة النجاح مع الأفكار المعقدة المبدعة. اتفقنا. استمر في القراءة..
هنا سوف أوضح لك الفرق بين الأفكار البسيطة التقليدية والاخرى المعقدة المبدعة مدعومة ببعض الأمثلة العملية من حولنا لكى تصلك أفكارى بخصوص هذه المقارنة.
غموض نموذج العمل و الربح
نبدأ بأول فرق وهو أن نموذج الربح فى الأفكار التقليدية يكون واضح جداً، عكس الأفكار الجديدة كلياً.
فى السطور القادمة سأشرح لك كيف أن الفكرة التقليدية يكون عليها طلب كبير اما الافكار العبقرية لا يكون عليها طلب كبير وواضح خصوصاً فى بدايات الفكرة.
بالتالى دعنا نأخذ أمثلة مشهورة لشرح كيف أن نموذج الربح غير واضح فى الأفكار الجديدة.
كيف تم الربح من فيسبوك – يوتيوب – تويتر؟ الإعلانات.
صحيح، ولكن متى تم إدخال الإعلانات التجارية على هذه المشاريع العملاقة؟
يوتيوب مثلاً فكرة عبقرية ولحسن حظها فهي فكرة عبقرية و حالفها التوفيق والنجاح.
لكن يوتيوب ظلت لوقت كبير لا تحقق الأرباح المطلوبة، يوتيوب تقوم فكرتها على توفير خوادم عملاقة تحمل هذا القدر الخرافى من الفيديوهات.
حاول القائمون على يوتيوب فى بداية الأمر الربح من الأفراد والشركات التى تقوم بتحميل فيديوهات طويلة.
لو تتذكر أن اقصى مدة زمنية كانت للفيديو هي 10 دقائق، وإذا أردت أن تضع فيديو على يوتيوب يتعدى هذه الوقت، سيتم هذا بتكلفة إضافية، هؤلاء الذين وضعوا فيديوهات بمدد زمنية أعلى من 10 دقائق كانوا يُسمّون شركاء يوتيوب، ولكن كانت الأرباح من ورائهم لا تُذكر.
هنا نحن أمام اختراع عبقرى فعلاً يقف العالم مذهولاً من قوته وأهميته ولكن أصحاب الموقع لا يحققون الأرباح الكافية لتتناسب مع التكلفة الخرافية التى يتكلفوها فى هذه الخوادم العملاقة والتكنولوجيا الخارقة.
هنا تتدخل جوجل لتنقذ الأمر، تشترى جوجل يوتيوب وتبدأ فى تنزيل الاعلانات بشكل منتظم وواضح على يوتيوب وتجنى من هذه الاعلانات أرباح ضخمة جداً.
لكن متى حدث هذا؟ حدث بعد سنين من العمل والجهد والوقت والصبر أيضاً، وحدث عن طريق ما نسميه النموذج الاعلانى (Advertising Model)، ومعناه أن نموذج الربح لديك يتم عن طريق استغلال الزحام والتكدس الحادث على منتجك، ثم نضع إعلانات امام هذا الزحام، فتربح القناة من مشاهدات الإعلانات.
بفرض أنك مخترع يوتيوب مثلاً، هل كنت لتتحمل هذه الأعوام بالخسارة ولديك رؤية ما لتحقيق كم هائل من الأرباح بعد مزيد من الصبر؟ هناك من سوف يتحمل ذلك وهناك من لا يستطيع تحمّل كل هذا الوقت والمغامرة ولذلك يفشل مشروعه.
لذلك أول نصيحة أقولها لك عندما تعمل على مشروع خاص بفكرة جديدة هو ان تختار وقت وظروف معينة لتنفيذ فكرتك.
مثل أن تكون الفكرة أثناء عملك بالجامعة وانت مازلت لا تحتاج بشكل كبير لمصاريف أو قبل دخولك لالتزامات ما بعد الدراسة.
تطور المشروع أثناء حضورتك لدورة تدريبية، فالموضوع حينها مجرد تجربة بجانب عملك، او انك تقوم بالمشروع بجانب وظيفتك النهارية.
كل هذا من أجل تجنب فكرة غموض نموذج الربح الخاص بالافكار الجديدة العبقرية. لأنك فى الغالب لن تتحمل نقص السيولة المادية لديك أثناء تطويرك لمشروع عبقري لا تعرف كيف تربح منه فى أسرع وقت.
المشاريع التقليدية يحتاجها الناس بشدة
ماهى أكثر المشاريع أمامك الآن تأتى بالأموال حتى فى ظل الظروف الاقتصادية السيئة؟ اجاباتك غالباً سيدخل فيها هذه المشاريع: محلات الطعام والمشروبات – الملابس – العقارات.
الطعام والشراب لا يستغنى عنه الناس، وهو يعتبر مثل (الترفيه منخفض الثمن) لدى قطاع كبير من الناس، وفيه تنويعة كبيرة جداً وامتداد لأفكار مأكولات ومشروبات تقليدية تستطيع ان تجعلها مبدعة وملفتة للنظر وتجذب بها قطاع كبير جداً من الناس.
بالنسبة للملابس فينطبق عليها نفس الأمر، يحتاجها الناس وفيها قدرة كبيرة للإبداع وبالتالى انت تستجيب لحاجة اساسية لدى الناس بطرق مبدعة ومتعددة.
العقارات مهمة لأن الناس تحتاجها إما للسكن وهذا شئ اساسى فى حياة أغلب الناس، او للاستثمار وحفظ الأموال فيها بدلاً من الاستثمارات الاقل عائد مثل البنك، وبالتالي العمل فى العقارات مربح لأنه يعمل على حاجة أساسية وواضحة لدى الناس.
لكن عندما أعطيك مثال آخر للمقارنة مع هذه الأمثلة التقليدية جداً وهو إجابات جوجل (Google Ejabat). إجابات جوجل كان من المشاريع الواعدة جداً لشركة عملاقة مثل جوجل، الموقع – إذا كنت لا تعرفه – فكرته تقوم على أن يدخل مستخدمى الانترنت ليضعوا الاسئلة التى لا يجدوا لها اجابات مثل كيف تقوم بعمل طبخة معينة، كيف تقوم بتحميل برنامج معين، كيف تذهب الى مدينة معينة.. الخ.
وسوف يجيب عليك الناس الذين يملكون اجابات لهذه الاسئلة، وعندما تجيب اكثر بإجابات تحصل على رضا السائلين تحصل على نقاط أكثر ويتم تقييمك بشكل إيجابي بشكل أكبر. قدمت ياهو فكرة مشابهة وهي Yahoo Answers.
لا يوجد من يستطيع ان يقول انها فكرة غبية، هى فكرة عبقرية بالطبع، وتنفيذها كان جيد لأنك هنا تتكلم عن شركتين بعراقة وحجم جوجل وياهو لكن هل هذه الأفكار العبقرية نجحت؟! ببساطة لم يتحقق لها النجاح المرجو وذلك لسبب بسيط جداً، أن هذه أفكار عبقرية لم ينتظرها الناس، لأن لديهم محرك بحث جوجل الذي سوف يحملهم لعدد لا ينتهى من المنتديات والمواقع التي تتحدث عن الموضوع الذي سألوا عنه.
لا تنسى فيسبوك ايضاً الذى تسأل عليه أى سؤال فى ال status quo لديك وتجد العديد من أصدقائك واصدقاء اصدقائك الذين يجيبون عليك بإجابة سريعة فى حين انك تحتاج لوقت أكبر للحصول على إجابات على جوجل اجابات او yahoo answers.
اذاً الميزة فى المشاريع التقليدية ان الاحتياج فيها واضح جداً، لذلك يقوم الناس المحتاجين لها بنجاحها فى أسرع وقت و بأبسط طريقة ممكنة وذلك عكس المشاريع الأكثر تعقيدا ذات الاحتياج الأقل.
من ضمن الامثلة العملية ايضاً التى تجعل هذا الفرق واضح لى، هو مشروع نيتشرز دايركت الذي قمنا بتطويره للشركات، اعتمدت فكرة المشروع على الترويج للشركة فى قناتين..
قناة إعلانية وقناة إعلام – علاقات عامة، وهناك بالطبع فارق بين أن تروج لنفسك عن طريق الإعلان وبين أن تروج عن طريق العلاقات العامة فالأولى تبنى انتشار الاسم – Brand Awareness والثانية تبنى المصداقية – Credibility، ولقد أنفقنا الكثير على الفكرة لكي تخرج بأفضل جودة ممكنة، وبصرف النظر عن الأدوات أو التفاصيل فى الفكرة لكن فى النهاية كانت فكرة قوية جداً للترويج للشركات، ولكنها افتقدت ببساطة لتحويل الخصيّة (feature) إلى الميزة أو المنفعة التى تعود على العميل (Benefit)، لذلك لم يستطع السوق أن يراها كما حاولنا نحن تنفيذها وبزاوية رؤيتنا لها، عندما أسرد الفكرة لأحد الأشخاص المهتمين الآن ربما ينبهر بنموذج نيتشرز دايركت الذى كنا نطوره للشركات، لكن الشركات نفسها حينها لم ترى المنتج او الخدمة بشكل مفيد لها، كان أهم ما في الأمر هو كيف سيربحون، ليس كيف سيراهم الناس! بالتالى لم نستطع توضيح الميزة القوية فى فكرتنا.
ثم لماذا يضعون أموالهم فى فكرتنا الناشئة وهم فقط يحتاجون لأى وسيلة تقليدية مضمونة عليها زحام من الناس ليضعوا أموالهم فيها ، ويراهم سوقهم المستهدف (بالفعل يقوم النموذج الاعلانى على ذلك كما ذكرت بالأعلى).
هذا ما أريد أن أصل اليه، ان الافكار الجديدة المعقدة تكون صعبة الفهم على جزء كبير من السوق بجانب أن ميزتها لا تكون واضحة، فيلجأ السوق للميزة الاوضح والفكرة التقليدية التى تأتى لها بفوائد مضمونة.
بعد هذا المشروع ومع السنين فهمت حقيقة بسيطة للغاية. الشركات سوف تدفع لك ولجهودك التسويقية إذا وجدت عائد مباشر، هذا العائد المباشر هو (مبيعات)، غير ذلك لن تدفع. لن تدفع لك الا شركة ذات رؤية استراتيجية وتسويقية واضحة وهى شركات عددها قليل جداً، خصوصاً عندما تكون شركة ناشئة تحت ضغط البدايات.
ربما كان علينا بدلاً من شرح الفكرة للشركات بهذا الأسلوب التسويقي المعقد، هو أن نشرح لهم ما هي أهمية أن تكون صاحب علامة تجارية معروفة وموثوق فيها. ربما كان علينا أن نتركه يجرب لفترة من الزمن حتى يرى تأثير ولو بسيط، ثم نطلب منه دفع مبالغ معقولة فى فكرتنا.
لذلك يجب عليك أيضاً فهم الفرق بين الخاصية التى تفهمها أنت جيدا (مطور المنتج)، وبين المنفعة والفائدة التى تعود على زبونك..
هذا القميص قطن! ماذا تريد؟ او ماذا يفهم منك الناس اذا قلت لهم هذه الميزة الخارقة فى قمصانك! يجب ان تفهم ان ما قلته هنا هو خاصية – feature، وان الميزة هو أن القمصان القطن تخفف درجة الحرارة على الجسم. هنا يبدأ المشترون التفكير فى منتجاتك.
ربما علينا تطبيق اى فكرة، لكن الأهم أن هذه الفكرة تصب فى صالح شرح الفوائد التي سيحصل عليها العميل من وراء فكرتنا التجارية.
إذا لا فائدة من منتج عبقري، لكن معقد، وصعب فهمه أو استخدامه من قبل شريحتك المستهدفة.
الأفكار العبقرية أكثر تعقيد
مشكلة أخرى من مشاكل الأفكار العبقرية أنها تنظر للأمور من وجهة نظر أصحاب الفكرة فقط و لا ترتدى رداء المشترين والمستخدمين فى السوق ولا تضع لهم المنتج فى أبسط شكل يفهموه ويستطيعون إستخدامه، المشترون فى الأغلب ليسوا عباقرة، وحتى لو كانوا كذلك فالعبقرية سوف تكون فى نطاق تخصصهم وعملهم فقط وليس فى نطاق وعمل فكرتك العبقرية.
من أفضل الأمثلة فى رأيى لكى تفهم هذه النقطة جيداً وتستفيد بها عندما تبدأ تنفيذ فكرة مشروعك التجارى هى المقارنة ما بين فيسبوك وبين جوجل بلس.
نحن هنا نتكلم عن قناتين الكترونيتين بنفس الهدف وهو التواصل بين الناس والاصدقاء، لكن شتان الفارق بين الاثنتين.
فيسبوك يتميز بالسهولة والبساطة في كل شئ بداية من واجهة استخدام واضحة وسهلة الفهم على كل أنواع وطبقات المستخدمين، تريد ان تكتب حالتك الآن او تقوم بتحميل صورة أو حتى تكتب مقال مطوّل، كل ذلك بسيط.
تريد أن تنشئ صفحة، بسيط، وتريد أن تزيد عدد المشتركين على الصفحة عن طريق الإعلانات، ربما هذا لا يجب أن يكون بسيط ويكون فقط فى يد المعلنين والتسويقيين، ولكن فيسبوك منح ميزة السهولة فى تطوير إعلان بمجرد الضغط على زرار وأعطاها لكافة أنواع المستخدمين حتى غير المتخصصين! فيسبوك هو النسخة (الشعبية) من قنوات التواصل الاجتماعى، ولذلك نجح هذا النجاح الساحق وتفوق على قادة هذا السوق من قبله مثل Hi5.
لكن عندما ترى جوجل بلس فأنت أمام منتج يعتبر المستخدم عبقرى، كثير من الدوائر (circles).
تلك الفكرة التي اعتبرها جوجل بديل أذكى للروابط الاجتماعية بين الأصدقاء على فيس بوك، مع واجهة استخدام تظهر بشكل رسمي جداً (formal)، وغير واضح معالمها ومزاياها، كما أن جوجل أرادت كالعادة ربط شبكتها الاجتماعية بباقى منتجاتها وهذا لأنهم يريدون أن يكون المستخدم الالكترونى دائماً فى نطاق منتجاتهم وخدماتهم وبالتالى اعلاناتهم، وهذا جعل من النموذج أكثر تعقيد، الكثير جرّبوا شبكة جوجل بلس ولكنهم لم يهضموا الفكرة وعادوا إلى فيسبوك، الأمر ببساطة أن جوجل بلس قدمت منتج جديد به خصائص ربما تكون من وجهة نظرهم أفضل وأعلى كثيراً من فيسبوك (الشعبى) لكن جوجل بلس نظرت للأمور من وجهة نظرهم الشخصية فقط أما فيسبوك فيعمل بشكل متواصل على ان يكون مكان المستخدم العادى ويسهّل عليه الأمور لأقصى درجة ممكنة، وبذلك يكسب كل الشرائح بمختلف الطبقات و مستويات الذكاء، وهذا ما يجعله فيروسى الانتشار فى العالم، انه يفهم هذا الأمر، أنه لا يتكلم لغة فنيّين أو عباقرة، هو يتكلم مع الناس بلغتهم، ولذلك يقدم للمستخدم تجربة شيقة بأبسط شكل ممكن.
الأفكار التقليدية تكاليفها أقل
الفكرة التقليدية في الغالب تتكون من خبرة فى مجال معين، والخبرة التي تستطيع تكوينها فى مجال الأفكار التقليدية بالتأكيد أسهل.
فمثلاً إذا كنت تريد اكتساب خبرة فى تصنيع الملابس فالموضوع اسهل كثيراً من اكتساب خبرة تدوير القمامة وتحويلها إلى طاقة متجددة.
الأمر ليس بالنسبة لك فقط ولكن الخبرة أيضاً سهل اكتسابها بالنسبة للعمّال والفنيين الذين ستبحث عنهم وتجعلهم يعملون معك فى فكرتك.
لأن الأفكار التقليدية يوجد الكثير ممكن يتقن فكرة وجودة عملها (know-how) لذلك فتكلفتهم ليست كبيرة، وحتى بافتراض انك وضعت بعض التطوير على فكرة تقليدية، مثل انك تصنّع الايس كريم بشكل جديد، فتبحث فقط عن عاملين يعملون فى المجال أو لديهم خبرة جيدة فى تصنيع الايس كريم ثم تعطيهم تدريب بسيط ليتقنوا التقنية الجديدة فى تصنيع الايس كريم، لكن لو انك تطور منتج لتدوير القمامة فلن تجد الكثير ممكن لديهم خبرة فى هذا المجال.
بفرض أنك وجدت فنيين يعملون فى مجال خبرة منتجك المعقد الأكثر ذكاء فسوف تجدهم بتكاليف مرتفعة، لأنهم يعملون فى منتج غالباً جديد فى السوق ولم يصل لمرحلة النضج بعد (Maturity stage) ولذلك عندما تجدهم وتجدهم بصعوبة وبتكاليف مرتفعة بنسبة تحكم فيك عالية، حينها سوف تفهم كيف أن هذه الأفكار تكون مكلفة وصعبة التنفيذ، والتكلفة العالية سوف تنعكس على مشروعك الناشئ في شكل أرباح منخفضة، وحينها أعود لكلامي السابق، اذا كان لديك القدرة المالية و المادية والذهنية لكى تستمر فى هذه المشاريع فهذا جيد، لكن لو لم تستطع تحمل هذه الفترة الصعبة وهذا النقص فى المال فربما تعانى فى تنفيذ فكرتك الجديدة العبقرية.
سأظل أردد هذه المقولة للأبد، ولن يفهمها او يستوعبها أكثر من الذي جرّب بنفسه. الأفضل من ان تبتكر فكرة عبقرية، هو أن تنفّذ فكرة عادية، ولكن بطريقة عبقرية! هذا هو الطريق الأقصر للنجاح.
فيس بوك فكرة عادية تم تنفيذها كثيراً من قبل، Myspace أقرب مثال. فيس بوك قدم ميزة كتابة حالتك الآن – status quo، وكانت مؤثرة جداً فى نجاح فيس بوك، بجانب أسباب كثيرة، من ضمنها البساطة فى توصيل فكرة الشبكة الاجتماعية للناس.
تويتر حصل على فكرة موجودة اصلاً – status quo، وبنى عليها مشروع كامل، هو من انجح المشاريع التجارية فى العالم بل فى التاريخ الآن. الفكرة لم تكن بعبقرية التنفيذ التى سهّل الفكرة وجعلها متقبلة من الناس.
كثير من المشاريع التجارية التى فكرت فيها تعيدنى لنفس السؤال، لماذا نحاول اختراع الذرّة! لماذا نحاول إخراج العبقرية فى فكرة خارقة لا يفهمها سوى نحن! أجد حينها الرد فى مقولة العبقري ستيف جوبز – keep it simple – keep it stupid !!
حيتان الأسواق و عراقيل الحكومات أكبر
عندما تقوم بتطوير فكرة تقليدية مثل مصنع أو محل ملابس فالمنافسة سوف تنحصر فى أشكال المنافسة التقليدية مع منافسين تقليديين مثل أن تنافس بالسعر او المكان او جودة المنتج أو كثافة الترويج مع منافسين يعملون فى نفس المجال.
لكن عندما تبدأ فى تطوير منتج جديد كلياً فربما تجد منافسين من نوعية أكثر عنفاً مع عدم وضوح ووجود لأدوات تقليدية لمواجهة عراقيل هذه المنافسة الجديدة.
فمثلاً إذا كنت تحاول بيع منتج يوفر البنزين – الكهرباء – الماء .. الخ ولأننا نعيش فى منطقة معظم البلاد فيها تحتوي على أنظمة حكم وتحكم روتينية مملة مليئة بالتعقيد لدرجات تصل إلى الغباء أو الفساد فى أوقات أخرى، فسوف تجد عراقيل لأن تلك الانظمة تريد الحفاظ على المكاسب التي تحققها من بيع البنزين والغاز والكهرباء وإذا قمت انت بتوفير الطاقة والجهد على الشركات فهذا ليس من مصلحة تلك الحكومات والانظمة وربما تبدأ العراقيل فى الظهور.
يحدث هذا ايضاً على مستوى منافسة كبار ومحتكرى السوق، فإذا أردت تقديم منتج أو خدمة أونلاين مثلاً تُلغى عمل شركة كبيرة فى نفس المجال تقدم نفس الخدمة أوفلاين فربما تقع فى مشاكل، إذا أردت تقديم خدمات في مجالات الاتصالات توفر الكثير على المستخدمين فربما تجد المشاكل والعراقيل تظهر من ناحية كبار هذا السوق..وهكذا.
سوف تجد أن الفكرة التقليدية تعمل فى ظل منافسة تقليدية، أما الأفكار الجديدة والعبقرية التي توفر على المستخدمين وتضرب الكبار فى مقتل وربما تؤثر على خدماتهم وربحهم، فسوف توقظ هؤلاء العمالقة ليضعوا عراقيل أكبر أمامك.
الأفكار الجديدة العبقرية تحتاج الوقت والمال
فكرتك الجديدة العبقرية قد تجلب لك الربح الكبير، لكن أكرر لك أن الفكرة الجديدة العبقرية الغير تقليدية تحتاج لمزيد من الجهد والصبر وبعدها لا تضمن النتائج.
تخيل كم ربحت الشركات الرائدة التي دخلت الأسواق بأفكار غير تقليدية، من أكبر الأرباح التى حققتها هذه الشركات انها اصبحت رائدة فى الأسواق وربما قام الناس بتسمية أي منتج بعد ذلك باسم المنتج الاول ولدينا امثلة كثيرة، مثل تسمية المناديل الورقية – كلينكس، تسمية اجهزة الالعاب الالكترونية – اتارى، تسمية منتجات المشروبات الغازية – كوكا كولا.
لكن تخيل الوقت الذي أخذته هذه الشركات لكي تصل إلى هذا النجاح.
الأمثلة كثيرة جداً، فالأشهر أمامك الآن مثل فيسبوك – تويتر – يوتيوب – جوجل، كل هذه المنتجات العالمية احتاجت لوقت لكى تنجح، وبعد نجاحها احتاجت لوقت اكبر لكى تحقق الأرباح، والتى تحققت بعد أن وصلت هذه المنتجات لعدد ضخم جداً من الناس فاستطاعت ان تربح عن طريق الاعلانات (وحتى أمثلة مثل فيسبوك وتويتر كما ذكرنا منذ قليل قصّرت – نسبيا – فترة الانتشار والتعرف عليه واستخدامه، لأنها ابتكرت وأضافت في منتجات كانت موجودة أصلاً).
والنموذج الاعلاني سأتحدث عنه في المقالات المقبلة فى شرح المجلة الاعلانية التى قمنا بتطويرها، لكن عموماً هذا النموذج يحتاج لزحام كبير من المستخدمين لمنتجك او خدمتك.
وهذا يحدث مع انفاق الكثير من الوقت والجهد والمال والتسويق والترويج المنتظم حتى تحصل على الأرباح.
ما فعلته هنا هو مقارنة فقط بين الأفكار التقليدية وبين الأفكار الجديدة والمعقدة، ولماذا تكون نسبة نجاح الفكرة التقليدية البسيطة التي يفهمها الجميع أعلى بكثير من نسبة نجاح الأفكار العبقرية، ولكن ليس المقصود من المقالة ان تكون تقليدي، أو أن تترك فكرتك العبقرية، لكن يجب عليك فهم المقارنة جيداً لكى تطور فكرتك الجديدة العبقرية وتقدمها للناس فى أبسط شكل ممكن، وأيضاً تعلم انها تحتاج للوقت والتخيل والصبر والجهد والتسويق وغيرها من الأدوات، وتعلم أيضاً أن من أقصر الطرق للنجاح والارباح يكون باستهداف الأفكار التقليدية التى يحتاجها الناس فوراً.
وفى النهاية الأمر يرجع لك في الاختيار طبقاً لإمكانياتك وظروف السوق.
المقال ببساطة لا يخيفك من الأفكار المبدعة، لكنه يحلّل لك سبب نجاح الأفكار التقليدية فى السوق بنسب أكبر من نجاح الأفكار العبقرية.
مقال جميل جدا جزاك الله خيرا
الله ينور مقال فيه معلومه مفيده �� شكرا