ريادة الأعمال

قاعدة 70 / 30 | كيف تمتلك قوة مشروعك

في هذه المقالة سوف أناقش قاعدة 70 / 30 وهي ليست قاعدة بالمعنى الحرفي، لكنها نظرية شخصية أرى من خلالها نجاح البيزنس، وكيفية امتلاك المعرفة والقوة الفنية من المشروع كعامل هام وحاسم لنجاح أي مشروع ناشئ.

ربما تكون هذه المقالة واحدة من أهم ما كتبته عن أسباب فشل المشاريع الخاصة، وفيها سبب واضح وصريح ومنطقى لفشل الكثير جداً من المشاريع الناشئة ولكن حماس المبادرين قد يمنعهم من رؤية هذا السبب، إذا كنت واحد من المتحمسين لبدء مشروعه الخاص ولكنك تفعل كل شيء – فقط – من باب الحماس و تحدى الظروف وغيرها من الكلمات الرائعة التي تحفز الناس في بداية المشاريع الخاصة، فهذه المقالة قد لا تناسبك لأنها تتناول سبب نجاح المشاريع الخاصة من زاوية منطقية وعقلانية أكثر من الزاوية العاطفية والحماسية.

في هذه المقالة سوف أخبرك لماذا تفشل أغلب المشاريع الناشئة، لماذا يكتشفون الثغرات الخطأ التي تُدخلهم في دوائر مهلكة من الفشل بلا نهاية، سأخبرك عن حالات نادرة نجحت عندما كسرت القاعدة، سأعرّفك على طريقة عملية تقيس بها القوة الفنية التي يحتاجها مشروعك الخاص وما هي النسبة التي تحتاجها من هذه القوة الفنية لكي تنجح.

فقط أولاً دعني اخبرك باختصار عن حالتين عمليتين في السوق يحدث مثلهم يومياً المئات من الحالات المشابهة التي تنتهى بالفشل غالباً..

عملت في وظيفة بيع مع شركة استيراد تستورد منتجات الكترونية وتقوم بتوريدها للشركات. صاحب الشركة قرر أن يدخل هذه المجال لأنه وجد أن الشركات تحتاج لمنتجات بجودة عالية، وبنى ذلك على ثقافته وظروفه الخاصة، وبعد مرور أيام وشهور وبعد أيام جيدة في البيع وأخرى – أكثر كثيراً – لم تسر الأمور فيها على ما يرام، وجدنا أن المنافسين أصبحوا يقدمون العديد من المنتجات المنافسة لنا وبنفس الجودة تقريباً بأسعار أقل، و حتى الشركات التي كانت تورّد لنا المنتجات الأعلى كفاءة وجودة يكاد يكون استغنينا عنهم لأنهم رفعوا أسعارهم وبجانب مشاكل الاستيراد وجدنا أننا نبيع بأسعار عالية جداً لا تناسب السوق، فأصبحنا لا نستطيع المنافسة بأى شيء، والظروف من سيئ لأسوء.

بدأت مشروع في مجال التسويق الالكترونى، كنا نجمّع الشركات على موقع إلكتروني ونقوم بعمل فيديوهات وصفحات ترويجية وإعلانية لهم، وبعد أن طورنا موقع بتكلفة عالية جداً، لم نستطع تجميع عدد كافى من الشركات لتعلن على الموقع، ولم نستطع الحفاظ على الموقع او دعمه فنياً لأن هذا كان سيكلفنا أموال أخرى أكبر، بجانب مشاكلنا الفنية مع الشركات التي نحاول اقناعها في الحصول على خدماتنا، والمشروع الذي كانت فكرته عبقرية بالنسبة لنا لم يكتمل.

امتلاك المعرفة الفنية للمشروع الناشئ (+٧٠٪)

لدىّ العديد من القصص والحالات العملية الأخرى، ولكنى أريد أن أختصر عليك الطريق وأعطيك سر من أهم أسرار نجاح أو فشل المشاريع الناشئة، والتي من المفترض أن تتحول من مشاريع ناشئة إلى مشاريع ناجحة، وهو ببساطة أن تمتلك النسبة الأكبر من المعرفة الفنية – Know-How عن مشروعك. تملك أدواته ومفاتيح النجاح فيه.

في الحالة الأولى التي كانت تستورد الشركة فيها منتجات الكترونية كان صاحب الشركة رجل متحمس مبادر – مثل الكثير في السوق – يريد أن يغير مفاهيم السوق ووجد ما يشبه الثغرة فيه، وكان يملك كل الذكاء الكافي للنجاح في أي مجال لكن الذكاء لم يكن يكفى لأن المهم بجانب الذكاء أن تملك الأدوات الفنية الكافية لكى ينجح مشروعك، هو لم يملك الأدوات والطرق التي تأتي له بالبضائع المستوردة بأقل سعر ممكن وكان هذا معيار مهم جداً، خصوصاً في الأسواق التي تبيع فيها لشركات (B2B) وليس لأفراد، بالتالى النتيجة باختصار أن المنافسين استطاعوا ضربنا – وبسهولة – لأنهم كانوا أكثر تركيزاً ولديهم الخبرة الفنية الكافية في الاستيراد بما يكفي للحصول على المنتجات الأفضل وبأسعار أقل.

في الحالة الثانية كانت الفكرة تقوم على قوة موقعك الالكترونى وقوة التصميمات الفنية والفيديوهات التي تستخدمها لكي تخرج الشركات في أفضل شكل على الموقع الالكترونى و نحن حينها لم نملك سوى الفكرة والتسويق لها لكن أدوات التنفيذ نفسها لم تكن في أيدينا، وهنا أقصد البرمجة والتصميم الفني لتطوير موقع الكتروني قوى وتطويره بشكل مستمر.

وأيضاً لم نملك قوة فنية في تصميم صفحات الشركات أو تطوير فيديوهات ترويجية لهم، وبالتالي لم تكتمل الفكرة بنجاح.

ربما تكون شبه مقتنع بما أقول أو غير مقتنع على الإطلاق، وترى أن الفكرة العبقرية كافية لكى ينجح مشروعك الناشئ، أو أنك قادر على جلب خبراء في فريقك لكى ينجح مشروعك، إذاً سأعطيك بعض الأسباب التي تجعلني مقتنع برأيي..

مشكلة العمالة

العامل أو التنفيذي هو أهم عنصر من عناصر نجاح مشروعك. لنفترض الآن – وهو مثال عملى وحقيقة – أنك أردت دخول مجال الأزياء والملابس، ولنفرض مثلاً أنك ستصنّع تى شيرتات بجودة معينة أو بتصميمات جديدة.

ولكنك لا تملك أي خبرة في تصنيع هذه المنتجات ولا تعرف من أين تأتي بها ومن هم الموردين الأفضل وبأحسن الأسعار في السوق، لكنك مقتنع تماماً أن السوق يحتاج لفكرتك، ولديك مال كافى لبدء تنفيذ الفكرة وبدأت بالفعل.

هناك سوف تجذب متخصصين فنيين (عمالة) لكي ينفّذوا لك التي شيرت الذى تريد إخراجه للسوق، تريد أولاً مصانع وورش تقوم بالتصنيع، أو تشترى أنت المنتج بشكل جاهز من محلات الجملة، ثم تصمم التي شيرت، لكنك لست مصمم أزياء و أيضاً لا تستطيع رسم او كتابة او تطوير تصميمات فنية على التي شيرت، بالتالى مشروعك الآن يعتمد على عمالة فنية او مصانع لتصنيع المنتج و أيضاً يحتاج لمصمم فنى يصمم لك الرسومات الفنية على المنتج النهائي.

حينها سوف تظهر المشاكل، العمالة الفنية المحترفة لها سعر عالى، وعندما تجدها سوف تكون أنت تحت تحكمها بنسبة كبيرة، لأنك وبعد جهد كبير وبعد محاولة وضع كل أفكارك أمامهم لكى ينفذوها لك وبافتراض أنهم فهموا تماماً ما تريده، سوف يكون الزمن اللازم لإنهاء المنتجات تحت تحكمهم، مرة ينهى الأمور بالشكل اللازم وفى الوقت المناسب ومرة أخرى يتأخر في إنهاء المطلوب وتجد نفسك في موقت محرج جداً أمام عملائك والسوق وهذا يحدث كثيراً بالفعل في مجال تجارة الملابس، عندما يكون هناك طلب على منتجك ولكنك لا تستطيع أن توفر المنتج بالحجم والطلب المناسب.

الآن يريد العامل الفني ان يتركك ويذهب لفتح مشروعه الخاص، قد يكون نسخة من مشروعك بالمناسبة، هل تستطيع أن تمنعه؟! الآن أصبح لديك منافس شرس يعرف كل شيء عنك وعن فكرتك وتكاليفك وكل ما يلزم لينجح أضعاف نجاحك ويطردك خارج السوق!

دعنا نفترض فقط أنه يريد تركك لظروف شخصية لديه، هل تستطيع تعويضه في الوقت المناسب، هل تضمن أن تأتي بأشخاص بنفس الكفاءة والجودة، ونفس الأسعار أيضاً؟

هل إذا فاوضك ليحصل على راتب وأموال أكثر.

من المتحكم هنا؟ هو أم أنت؟ في الحقيقة هو، لأنه يملك أدوات وقوة مشروعك وهو يتحكم فيك وليس العكس.

إذاً عندما تدخل سوق وتعتمد فيه على عمالة فنية وليس لديك أنت – شخصياً – القدرة على تعويض العمالة ولو بشكل جزئي ومؤقت، فالمتحكم فيك وفى نجاح مشروعك أو فشله هو العامل الفني وهو يستطيع إنهاء مشروعك في أقرب وقت ممكن!

الدعم والتطوير الفني للمشروع

أعتقد أن الأصل في أي مشروع أو تجارة في العالم هو أن تعرف ما الذى تصنّعه أو تتاجر فيه بدقة شديدة وبعمق وإتقان كبير جداً، فإذا كانت مايكروسوفت قامت على عبقرية فذة في البرمجة فيكون المؤسس بيل جيتس عبقري فذ برمجياً، إذا كانت مجموعة ترامب العقارية تحتاج الى خبرة كبيرة فى بناء العقارات والترويج لها مع وجود قاعدة بيانات لعملاء وعلاقات مع الجهات الحكومية والتنفيذية فدونالد ترامب ينجح فيها لأن لديه ما يكفى.

إذا كانت كنتاكى تعتمد على توليفة من الدجاج المطهو بطريقة معينة فالكولونيل ساندرز لديه هذه التوليفة.

      * الكولونيل ساندرز مؤسس مطاعم كنتاكى الشهيرة
* الكولونيل ساندرز مؤسس مطاعم كنتاكى الشهيرة

عندما تكون خبير في المجال الذي تعمل به أو تبدأ مشروعك فيه فأنت قادر على تطويره يومياً، والإبداع فيه و بأفكار مستمرة للسوق كمان كما يفعل مثلاً ستيف جوبز عبقري البرمجيات والذي كان حس جمالى أيضاً في تصميم المنتجات، كان يملك بالفعل الكثير من قوة آبل كشركة وكمنتجات وقام بتوريث هذه الإمكانيات الفنية للذين عملوا معه، ولذلك استمرت النجاحات حتى بعد وفاته.

 * ستيف جوبز عبقرى البرمجيات والتصميمات الرائعة
* ستيف جوبز عبقرى البرمجيات والتصميمات الرائعة

نقطة أخرى في غاية الأهمية، وهي أنه عندما تدخل مجال تفهم فنياته وأبعاده جيداً، حينها تستطيع أن تعرف ثغرات السوق فيه بدقة.

ومع احترامى لكل الثغرات التي يتحدث عنها رواد الأعمال الجدد فأغلبها ليست ثغرات ولكنها مجرد أفكار واقتراحات من رواد أعمال متحمسين لا غير.

في دوراتى التدريبية هناك فرق عمل تقرر أن تنفّذ مشروعها العملى على ثغرة – ولنقل مثلاً في مجال الأغذية أو الملابس –فيقوموا ببناء المشروع بالكامل على هذه الثغرة، ولكن مع بعض البحث والتدقيق سوف يجدون أنها لم تكن ثغرة أبداً، أو انها كانت ثغرة لم يقترب منها أحد لأنها ليست مربحة! هل تعرف إذاً الفرق بين الثغرة الوهمية والثغرة الحقيقية؟ الثغرة الوهمية يراها شخص بعيد عن المجال ويظن أنها ثغرة وحتى بافتراض انها ثغرة حقيقية فهو لن يستطيع اشباعها أو ملئها لأنه لا يملك القوة التنفيذية، أما الثغرة الحقيقية فيجدها الخبراء في المجال.

لا تنسى أن هناك بحوث السوق والتي تُعتبر الخطوة الأهم في نجاح أي مشروع وبدونها سوف تدخل شيء لا تفهمه في مكان لا تعرف تفاصيله، وبالرغم من تعدد أدوات وأساليب بحوث السوق والتسويق لكن تظل الأداة الأقوى هي خبرة العامل في المجال، هو الذي يعرف التفاصيل التي تخص احتياجات السوق والعملاء والمنافسين والموّردين والوسطاء ولديه رؤية حقيقية وواقعية لما يحدث داخل السوق وهذا يساعده على النجاح.

الان.. هناك من سيفكر في هذا الكلام ويقارنه بحالات عملية نجحت في السوق ويعتقد أن المبادرين فيها نجحوا بدون خبرة فنية كافية عن المشاريع التي دخلوا فيه، و إذا كان باحث بشكل كافى عن المشاريع الناجحة في العالم فربما يذكر قصة ريتشارد برانسون الشهيرة والتي لم يترك فيها ريتشارد مجال في السوق تقريباً إلا وحاول دخوله.

مشكلة الذين يقرأون قصص الناجحين في السوق أنهم يقرأوها أو يعرفوا عنها بشكل سطحي، أو يأخذوا منها الشكل العاطفى الحماسى فقط، لكن لا يدركون مثلاً أن المبادر الذي دخل سوق لا يعرف عنه شيء عوّض ذلك بتجارب وأخطاء كثيرة حتى يتعلم، أو كان معاه أموال كثيرة جداً استطاع بها أن يأتي بالخبراء في المجال الذين استطاعوا أن يجدوا الثغرات الحقيقية و يطوروا منتجات قوية للسوق، وهو تحكّم فيهم بإغراء الأموال و قوة الإدارة وليس هم من تحكموا فيه، وهذا شيء نادر الحدوث من الأساس، ولا تستطيع كل الشركات أو المبادرين بمشروعاتهم الناشئة أن يقلدوه.

  * جزء من امبراطورية فيرجن التى بناها ريتشارد برانسون
* جزء من امبراطورية فيرجن التى بناها ريتشارد برانسون

وللعلم فإن ريتشارد برانسون بنى امبراطورية فيرجن بناء على مجلة طلابية كان لديه الخبرة الفنية الكافية لإخراجها بشكل قوي، ثم طور شركة إنتاج للمغنيين المغمورين وكان لديه الخبرة في إخراج مثل تلك الأسطوانات الغنائية لهم ونشرهم في الإعلام، وبعد ذلك كل مشاريعه كان الاعتماد فيها على جلب أفضل الادمغة والخبراء وهم من كانوا ينفّذون بأمواله، وهذه مرحلة متقدمة من قصة نجاحه.

ولكن دعنى في نهاية قصة ريتشارد برانسون أقول لك إن الكثير من مشاريعه فشلت، والسبب؟ نعم.. نقص الخبرة الفنية في هذه المجالات.

لن تستطيع – دائماً – بأموالك أن تجد الخبراء في أي مجال تريده!

ما النسبة المطلوب امتلاكها من المعرفة الفنية للمشروع؟

ماهى النسبة من الإمكانيات الفنية التي يجب عليك امتلاكها لكى ينجح مشروعك الناشئ؟ للإجابة عن هذا السؤال، عليك أولاً بتقسيم مشروعك إلى نقاط قوة ولها وزن.

فلنفترض أنك تريد تطوير موقع للتجارة الإلكترونية.

عليك الآن ببحث عن المواقع الإلكترونية المشابهة لتعرف ما هي نقاط القوة التي تعتمد عليها هذه المواقع لكي تنجح، فمثلاً..

تكتشف ان موقع التجارة الإلكتروني يعتمد على تطوير وتصميم موقع إلكتروني قوى جداً يتم تطويره باستمرار ويتم اضافه عليه خصائص فنية جديدة لتساعد الشركات والمشترين أيضاً على الموقع، و وجدت أن سبب آخر لنجاح هذه المواقع الالكترونية هو قوة إدارة المشتريات التي تستطيع جلب منتجات ذات جودة عالية بأسعار أقل من المنافسين، و وجدت ان نقطة القوة الثالثة في هذه المواقع هي الترويج والقدرة على الوصول لأعلى عدد ممكن من المشترين من أجل اقناع المعلنين والشركات الموردة لك لاستخدام موقعك، وأيضاً من أجل تحقيق ربح كافى من هؤلاء المشترين.

الآن قم بوضع وزن لكل نقطة قوة، فمثلاً تعطى تقييم كنسبة من ال100% من قوة المشروع.
ولنفترض..
الموقع الإلكترونى: 20% من قوة المشروع.
إدارة المشتريات: 30% من قوة المشروع.
الترويج والانتشار: 40% من قوة المشروع.
ثم هناك باقى العناصر مثل قوة الفريق والمقر و غيرها من الأدوات التنفيذية التي تمثل 10% من قوة الفكرة.
*لاحظ أن اجمالى نسب نقاط القوة يساوى 100%

هنا تبدأ في مقارنة هذه النسب مع قوتك الفنية، و تحاول ان تملك النسبة الأكبر من قوة المشروع. والتي أقدرها من وجهة نظرى الشخصية ومن خبرتي في مجال المشاريع الناشئة، أن تصل إلى 70-80% من قوة المشروع (لا يجب أن تقل عن هذه النسبة، وكلما اقتربت من ال100% بالطبع كان أفضل، وإن كان هذا صعب للغاية).

وبالتالي عندما تقارن امكانياتك بالنقاط الأثقل – ذات النسب الأعلى في نجاح المشروع ككل – فأنت يجب أن تملك مثلاً قوة فنية في جلب منتجات جيدة بتكلفة أقل وتملك قوة الانتشار والترويج (70% من القوة الإجمالية للمشروع).

مثال عملي آخر على امتلاك النسب الأكبر من قوة المشروع.

مارك زوكربيرج بدأ موقع فيسبوك، وموقع فيسبوك لكى ينجح يجب أن يتم التركيز فيه على قوة البرمجة والتطوير في الموقع (نعطيها مثلاً وزن 60% من قوة الفكرة) وقوة الانتشار والترويج لأكبر عدد من الناس حول العالم (نعطيها مثلاً 20% من قوة المشروع)، ( ونترك ال 20% المتبقية كوزن لباقى العناصر الأقل أهمية لنجاح فيسبوك).

عندما تقدّر النسب فتجد أن الانتشار والترويج لن يفعل شيء لمنتج ضعيف، بمعنى أن قوة موقع فيسبوك في تجربة المستخدم – User Experience والتي يتم الوصول إلى أقصى شيء فيها عن طريق موقع قوى جداً برمجياً.

مارك لو كان مصدر قوته هو الترويج لم يكن ليصل مشروعه لأي نجاح.
لو كان مصدر قوته الفكرة فقط لم يكن ليصل أيضاً لأى نجاح وذلك لأنه – من الأصل – أخذ الفكرة من أخوين في جامعة هارفارد جلبوه لينفّذ فكرتهم وهي شبكة تواصل اجتماعي!!

وهي قصة لا يعرفها الكثير، لكنها حقيقية وهو أخذ الفكرة ونفذها برمجياً، وبالتالي هذا يدعم رأيى بأن مارك نجح ليس للفكرة العبقرية وليس لقدراته على الترويج ولكن لأنه امتلك النسبة الأكبر من قوة المشروع، والتي تكمن في قوة البرمجة وتوصيل تجربة استخدام رائعة لمستخدمي فيسبوك.

  * الأخوان التوأم لينكليفوس أصحاب فكرة فيسبوك التى نفذها لاحقاً مارك زكربيرج
* الأخوان التوأم لينكليفوس أصحاب فكرة فيسبوك التى نفذها لاحقاً مارك زكربيرج

عندما تصل لهذه المرحلة.. أن يكون في يدك نسبة 70-80% من القوة الفنية للمشروع فسوف تملك نسب أكبر من احتمالية النجاح، نجاح بسبب انك متحكم في مشروعك، تستطيع معرفة الثغرات فيه، تستطيع تطوير مشروعك لمراحل رائعة لا يستطيع أن يصل إليها المنافسون، تستطيع أن تتحكم في مشروعك ف لا يستطيع أحد من المتحكمين فيك سرقته أو تعطيله أو انهائه، تستطيع أن تقول أنك رائد وقائد حقيقي في هذا السوق. أعتقد أن هذا سر كبير من أسرار نجاح الشركات والبيزنس حول العالم!

ما هي نظرية 70 / 30 

تعني ببساطة أنه لكي تزيد نسبة نجاحك في المشاريع الناشئة، يجب عليك امتلاك – على الأقل – 70% من قوة مشروعك والمعرفة الفنية به، نسميّها Know-How، و 30% فقط أو أقل من اجمالي قوة المشروع والKnow-How الخاصة به تكون خارج يدك.

سوف أقوم بشرح هذه القاعدة بالتفصيل وبإعطاء مثالين من المشاريع الناشئة التي قمت بتنفيذها، لكن دعني أخبرك ببعض النقاط قبل أن أبدأ:

  • ليس هناك قاعدة ثابتة للسوق. كلنا نجتهد للحصول على أفضل شيء. معنى هذا أنه بالتأكيد هناك حالات نجاح خارج هذه القاعدة التي استخلصتها من خبرتي العملية مع المشاريع الناشئة، لكن أنا هنا أتكلم عن قاعدة عامة وقد يحدث أن يكون هناك استثناءات عديدة لها، هذه طبيعة السوق والتسويق.
  • انا أتكلم هنا بشكل خاص عن المشاريع الناشئة – Start-ups حيث تكون الموارد محدودة والخطر كبير لعدم وجود غطاء كافي من المال والموظفين، عندما تكبر المشاريع على مستوى أعلى يكون من الممكن الحصول على موارد خارجية إضافية وموظفين يساعدوك للخروج من سقف قاعدة 70/30 التي اشرحها هنا.

نعود للمثال وشرح القاعدة..

أمثلة على قاعدة 70 / 30

قمت بتطوير مشروعين تجاريين، الأول كان قناة إعلانية – أونلاين – للشركات تسمي NichersDirect، و الثانية كانت مجلة إعلانية تقدم عروض وتخفيضات من المحال التجارية للسكان في منطقة جغرافية محددة.

سوف أبدأ بالحالة الغير موفقة، وهي نيتشرز دايركت ثم أنتقل إلى مجلة التخفيضات والتي أعطيتها إسم وهو المنطقة.

قناة NichersDirect الإعلانية

لفهم قاعدة 70/30 سوف نقوم بتفصيل نقاط قوة المشروع، وهي نقاط القوة والمعرفة الفنية التي يقوم المشروع الناشئ
عليها.

في حالة نيتشرز دايركت، كانت نقاط قوة المشروع كالتالي:

1- التصوير والإخراج: اعتمدت القناة على فكرة التسويق المباشر، وكنت أستخدم هنا بشكل خاص فكرة الإعلانات ذات الاستجابة المباشرة السريعة – Direct-Response Advertising. لذلك كان من المهم تقديم الفيديو الإعلاني بشكل قوي وجذّاب للمتفرج والذي سيتحول إلى زبون للشركة بعد الإعلان.

2- الإعلان والتسويق: اعتمدت القناة على قوة الفريق في كتابة محتوى إعلاني – Copywriting يساعد على بيع منتجات أو خدمات الشركات التي نعلن لها (العملاء). كلما كان النص الإعلاني أقوى لكن في نفس الوقت مُختزَل وجذّاب للمشاهد ويعرض مزايا المنتج وفوائده بشكل تسويقي صحيح، في هذه الحالة تكون فرصتك لنجاح الفكرة أكبر.

3- الزحام – Traffic: وهو عنصر هام جداً لنجاح الفكرة، ولنجاح أي فكرة إعلانية تقوم على تواجد عدد كبير من الزوّار على الأداة الإعلانية سواء كانت هذه الأداة موقع إلكتروني، قناة تلفزيونية، جريدة، قناة يوتيوب، .. إلخ. في حالة نيتشرز دايركت، كانت الأداة المستخدمة موقع إلكتروني.

4- العملاء (القدرة على البيع): هناك شق أساسي في النموذج الإعلاني للربح – Advertising Model وهو الحصول على عميلك الذي سيعتمد عليك في الترويج لمنتجاته. في هذه الحالة كنا نريد الاتفاق مع كيانات تجارية للترويج لهم، من خلال قناة نيتشرز دايركت.

5- الموقع الالكتروني – Website: وهي قناتنا الاعلانية التي سنعتمد عليها، وسنضع عليها صور وفيديوهات ونصوص إعلانية للترويج للعملاء.

 مجلة المنطقة

سوف نقوم بفعل نفس الأمر الذي فعلناه في حالة قناة نيتشرز دايركت.

سنقوم بتحديد وتفصيل نقاط قوة المشروع:

1- العملاء: الحصول على الشركات والتي في حالتنا غالباً ما تتكون من محال تجارية ومطاعم، سوف نساعدهم على الترويج لمنتجاتهم وخدماتهم من خلال مجلتنا الإعلانية.

2- الزحام – Traffic: نريد زحام من قراء المجلة و هؤلاء من المفترض بعد حصولهم على المجلة و معرفتهم بالعروض والتخفيضات بها أن يستجيبوا ويذهبوا للشراء من العملاء الذين نروج لهم على صفحات المجلة الإعلانية.

3- التصميم الفني والإخراج: وهذا هام من أجل نجاح المجلة، وفيه بعض التفاصيل الفنية مثل أن نخرج أكبر قدر ممكن من عروض المحلات والمنتجات مع وضوح وجودة عالية في التصميم مع أقل مساحة ممكنة من الورق للتوفير في تكاليف النشر والطباعة.

4- الطباعة: في النهاية من عوامل نجاح الفكرة طباعة المجلة بجودة عالية و بتكاليف مناسبة لتحقيق ربح أعلى.

الآن – وبعد تفصيل لنقاط القوة الرئيسية لكل مشروع – علينا إعطاء نسبة مئوية (تقديرية) لكل نقطة قوة رئيسية من هذه النقاط.

في الواقع سوف تحتاج – بالعودة لدراستك للمشروع وخبرتك – أن تضع نسبة مئوية مختلفة لكل نقطة قوة، فمثلاً في مشروع نيتشرز دايركت قوة كتابة المحتوى الإعلاني أقوى تأثيراً وأهمية من نقطة إنشاء موقع إلكتروني لكن من أجل تبسيط الأمور في هذه المقالة سوف أعطي نسب مئوية متساوية لجميع نقاط القوة.

كيفية حساب قوة المشروع

بعد إعطاء نسب مئوية – بالتساوي – لنقاط القوة للمشروعين سوف تصبح قوة المشروعين تبدو هكذا:

1- نيتشرز دايركت:

  • التصوير والإخراج: 20%
  • البيع والحصول على العملاء: 20%
  • التسويق وكتابة نص إعلاني مقنع: 20%
  • الإعلان والحصول على Traffic: 20%
  • موقع إلكتروني: 20%

2- مجلة المنطقة:

  • البيع والحصول على العملاء: 25%
  • التوزيع والحصول على Traffic: 25%
  • التصميم الفني – Graphic Design: 25%
  • الطباعة والنشر: 25%

بعد تفصيلك لنقاط قوة المشروع الآن الدور يأتي لمعرفة كم تمتلك من قوة مشروعك الناشئ.

1- نيتشرز دايركت:

كانت قدرتنا على التصوير والإخراج ضعيفة، كنا نمتلك أحد الشركاء يستطيع التصوير والإخراج لكن بجودة ضعيفة ولم تتوافر الأدوات المناسبة لتحقيق هذه النقطة بشكل كافي.

كنا نمتلك القدرة على البيع والحصول على العملاء، وبالفعل حصلنا على عدد منهم.

كان مجال تخصصنا هو التسويق لذلك كنا نمتلك جزء كبير من النقطة الخاصة بالتسويق وكتابة نص إعلاني مقنع،

أما بالنسبة لنقطة الترافيك فهي تحتاج لإنفاق مال كثير للحصول على الزحام المفيد لكي ينمو المشروع الإعلاني وكانت مواردنا المالية محدودة، وأخيرا الموقع الإلكتروني ولم نملك قدرة على إنشاء موقع إلكتروني بنفسنا فلجأنا لشركة ودفعنا رقم كبير لها على الرغم من مواردنا المحدودة، مما لم يسمح لنا بتجديد العقد لاحقاً.

يبدو الآن أننا نملك نقطتين من نقاط قوة المشروع، وهنا يجب أن نحسب بدقة كم نملك فعلياً من نسبة كل نقطة، فربما تملك 20% من نقطة قوة تساوي 25% من قوة المشروع، لكن – مرة أخرى – من أجل تبسيط الفكرة هنا، سوف نفترض أننا نملك نقطة القوة أو لا نملكها على الإطلاق، لذلك فسأقول أن امتلاكنا الكلي من نسبة نجاح قوة نيتشرز دايركت هي 40%.

2- مجلة المنطقة:

كانت قدرتنا على الحصول على عملاء يعلنون على صفحات المجلة جيدة جداً.

وبالفعل حصلنا على عدد كافي منهم، وكانت قدرتنا على التوزيع والحصول على ترافيك على المجلة كبيرة، لسببين:

أولهم أن المنطقة كانت في نطاقنا الجغرافي ووصلت قدراتنا التوزيعية حينها أننا كنا نوزع المجلة بنفسنا على الشقق السكنية.

كما أن الحصول على المجلة كان مجاني، وكنا نربح من المحلات التجارية، وهذا ساعدنا على التوزيع الكثيف.

بالنسبة للتصميم الفني استعنا فيه بعنصر خارجي – بجودة عالية – ليس شريك في الفكرة، وبالنسبة للطباعة استعنا بمطبعة مجاورة ايضاً بجودة عالية وبتكلفة معقولة.

الآن يمكننا أن نؤكد أننا كنا نمتلك 50% وكنا نعرف المطبعة والمصمم الفني عن قرب – على الرغم أنهم ليسوا شركاء أساسيين بالمشروع – لذلك سنحصل على نصف ال50% المتبقية. الآن نمتلك 75% من اجمالي قوة المشروع.

النتيجة بعد هذه النسب والأرقام، أن الفكرة الأولى – نيتشرز دايركت – لم تأتي بنجاح كبير أو بأرباح حقيقة من التعب المبذول بها، والفكرة الثانية – مجلة المنطقة – حققت لنا نجاح وربح، مع العلم أن الفكرة الأولى كانت أكثر تعقيد وذكاء بكثير من الثانية.

بعد أن شرحت فكرة 70/30 ببساطة، دعني أختم ببعض النقاط الهامة.

ما المشكلة أن تملك فقط 40% من قوة المشروع وتستعين بأفراد آخرين ليعطوك ال60% المتبقية؟

المشكلة تكمن كما قلت لك من قبل أن مشروعك مازال ناشئ، فكيف تترك التحكم الأكبر في الفكرة في يد آخرين، لا تضمن ولائهم وحماسهم الكافي للفكرة، لا تنسى أيضاً أن تحكمهم الأكبر في الفكرة يسمح لهم بتنفيذ فكرتك أو مشروعك بشكل أفضل منك، وهذا ما حدث فعلاً مع فكرة فيسبوك عندما حصل عليها مارك من التوأمين وينكليفوز، لقد وجد مارك زكربيرج أن قوة الفكرة الرئيسية وهي البرمجة في يده هو، فلماذا لا ينفذها هو!

التوأم وينكفلور
امتلك التوأم وينكليفوز جزء بسيط من فكرة فيسبوك الاصلية وهو المال واعتمدوا على مارك زكربيرج في الجزء الاكبر من المشروع وهو البرمجة وتصميم الموقع

هل تدخل أو تخرج من سوق متحمس له إذا لم تساعدك هذه النسب؟

هذا يتوقف على عوامل أخرى كثيرة بجانب هذه النسب التي شرحتها هنا، من ضمنها مثلاً حجم المنافسة في السوق، فقد تمتلك 80% من قوة مشروع لكن المنافسة في السوق كبيرة جداً والعكس صحيح.

أيضاً يتوقف النجاح على عوامل أخرى مثل قدرتك على استقطاب موظفين أكفاء، فقد تملك 90% من قوة مشروع لكن لا تستطيع استكمال الـ 10% المتبقية عن طريق أفراد خارج نطاقك، وهناك آخر لديه 20 أو 30% من قوة المشروع لكن لديه قدرة هائلة في استقطاب موظفين وإمكانيات خارجية تساعده لاستكمال الـ 70% المتبقية، مع امتلاكه لقدرات إدارة هائلة، هذا النموذج مثلاً تجده واضح مع امبراطورية Virgin، وصاحبها ريتشارد برانسون.

virgin
تحولت فيرجن من تسجيل اسطوانات لفيرجن في كل المجالات تقريباً، لكن برانسون يمتلك قدرة غير محدودة في جلب افضل الموارد وادارتها
 

أخيراً يجب ان تفهم هدف القاعدة اهم كثيراً من فهم تفاصيلها، المقصود هنا ان امتلاكك للجزء الأكبر من المعرفة الفنية الخاصة بالمشروع الناشئ سوف تساعدك بشكل كبير وبنسبة أكبر من امتلاكك لجزء بسيط من قوة المشروع واعتمادك على أفراد او إمكانيات خارجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى