التسويق ما بعد الجامعة | كل ما تريد معرفته عن دراسة التسويق والعمل به
هذه الدليل سوف يأخذ بيدك إذا كنت خريج جديد وتريد دراسة التسويق بشكل صحيح، والعمل به، أو كنت أحد الراغبين في الانتقال من مجال مختلف إلى مجال التسويق،
سأعرفك على نصائح عامة تخص المجال، كيف تجد الوظائف فيه، كيف تجد شغفك وتخصصك في المجال، ما هي الكتب والمصادر التي عليك مراجعتها للتطور في المجال، وكيف تنتقل في التسويق من معرفة نظرية إلى تخصص وخبرة تساعدك في العمل.
أعرف وأفهم حيرة كل من يدخل – أو يريد الدخول لهذا المجال – وسبب الحيرة تكمن في اتساع نطاق التسويق جداً، أقصد هنا التسويق العلمي العالمي في شكله الحديث، وبالطبع لا أقصد التسويق كما تراه العديد من الشركات على أنه بيع او اعلان او غيره، والتسويق العلمي الحديث يشمل كمية من الانشطة والاجراءات بالفعل قد تُحدث (دربكة) ذهنية إذا لم تدرك المدخل الصحيح لفهم هذا العلم الجديد نسبياً علينا.
سوف أبدأ هذا الدليل بنصائح تخص كيف تجد شغفك في المجال وتقرر إذا كان المجال مناسب بالنسبة لك أم لا.
كيف تعرف شغفك بالتسويق وتحدد جزءك المفضل فيه؟
كان من أكبر الملابسات والتخبطات بخصوص العمل بالتسويق (قبل انتشار الديجيتال ماركتينج) أن الناس يريدون أن يعملوا في مجال الترويج والإعلان وذلك لأنهم يحبّون الأفكار الإعلانية! ولكن سأخبرك أمراً، ليس معنى أن هناك جزء في التسويق يستهويك أنك سوف تنجح فيه أو سوف تحب العمل به، فمثلاً العمل في مجال الإعلان يحتاج متطلبات خاصة منها القدرة على تحويل الفكرة في عقلك أو عقل الشركة إلى واقع ملموس، فهل أنت Creative Director/ Designer قادر على رسم الأفكار وإخراجها في شكل تصميم فني رائع؟ هل أنت Ad Copywriter يستطيع كتابة النصوص الاعلانية المقنعة والتي تبهر المشترين وتجعلهم يشترون المنتج أو الخدمة التي تبيعها؟
اسأل نفسك أولا. هل تحب التسويق فعلاً؟
لماذا فكرت أصلاً في التسويق؟ أهم ما في الأمر أن تكون واضح ودقيق مع نفسك، تذكر جيداً ما أكثر شيء لفت انتباهك للتسويق، وهذا الجزء هو في الغالب الذي يستحق منك التركيز. لكن يجب ربط جزء الشغف والحب بجزء من التسويق، بالعمل به.
هناك بعض الأجزاء في التسويق تلفت النظر بشكل كبير، وتجعل هناك الكثير مهتمين بهذا المجال، من خبرتي مع كتابة المحتوى التسويقي فأنا أعرف جيداً ما هو المحتوى الذي ينتشر بشكل كبير ، اول هذا المحتوى هو المحتوى التسويقي الترفيهي مثل الإعلانات المبدعة للشركات الكبرى، وأيضاً حالات الشركات التي تبرز قصص نجاحها ونجاح مؤسسيها، ومنها الحكم و المقولات التحفيزية لكبار رجال الاعمال والتسويق في العالم، لكن عند كتابة المحتوى التسويقي التعليمي المتخصص تجد ان دائرة الاهتمام تكون أقل، وهذا مع عوامل أخرى تعطيني نتيجة ان الكثير جداً من المهتمين بالتسويق في السوق هم محبين للتسويق من الخارج، يمكننا إطلاق مشاهدي التسويق عليهم، وليسوا خبراء أو متخصصين فعلاً في المجال، واذا أراد مشاهد التسويق ان ينتقل لمرحلة التخصص واحتراف التسويق يجد الأمر صعباً.
كلمة السر هنا هو أن تجرّب بنفسك وتكتشف إذا ما كان الجزء الذي تحبه في التسويق سوف تتقنه وتفعله بشغف؟ الأطفال يحبّون مشاهدة الكارتون، لكن هل هذا سبب كافي يجعلهم يريدون أن يعملوا في مجال الرسوم المتحركة؟!
لقد كنت واحد من المغرمين بشدة بأفكار الإعلانات، من الممتع لي أن أشاهد هذه الإعلانات الثابتة العملاقة على الطرق، نفس الشيء مع الإعلانات المطبوعة الرائعة.
بعد ذلك تريد ان تحوّل هذه المتعة الى حرفة وعمل فماذا تفعل؟
عن نفسي بدأت أحاول تصميم إعلانات مطبوعة، تعلمت بعض المبادئ على Photoshop، وحاولت تصميم اعلان بسيط، وبالطبع لم أجد نفسي اطلاقاً في هذا المكان، كونك تستمتع بمشاهدة الإعلان شيء ومحاولتك تصميم اعلان هو شيء آخر تماماً.
إمكانيات من يعملون في الجزء الفني وإخراج الإعلانات تختلف امكانياتهم عن إمكانيات الماركيتير الذي يفكّر ويخطط ويهندس الحملة. هو يفكر مثلاً في فكرة للحملة الترويجية ثم يذهب لوكالة إعلانية، او مخرج فني يُخرج له الإعلان في الشكل الذي يريد. لذلك عرفت حينها ان حبي للإعلانات والأفكار فيها لن يؤهلني للعمل في هذا المجال.
الشغف مرتبط بالقدرة على الإبداع
إذا كنت من الشغوفين بمجال التسويق فأنت على الأرجح تعرف أن لديك قدرات في أحد الأجزاء التسويقية، لذا عليك أن تعرف أي هذه الأجزاء تستطيع الإبداع فيه.
الإبداع في رأيي مرتبط بالسهولة، مثل الطفل الذي يلعب لعبة ويتحدى فيها المصاعب وينجح في هزيمة المشاكل ويفوز. هذا هو الأمر، إنه يفعل ذلك بسهولة وابداع، هو جيد ويستحق النجاح، ولا يفعل الأمر كأنه يحارب.
الإبداع من وجهة نظري من أهم عوامل النجاح، وقد يكون أهم كثيراً من الكفاح. وسؤالي هو: لماذا تذهب الى مجال تشعر فيه بالصعوبة والغربة، في حين أنّه يمكنك التوجّه الى مجال مفضل لك تستطيع الإبداع فيه والنجاح فيه أسهل!
بالنسبة لي.. إذا أعطيتني حالة تسويقية لشركة ثم قلت لي.. هيّا. حاول أن تطوّر خطة تسويق الكترونى تمكّن هذه الشركة من بيع خدماتها الكترونياً، سأقول لك في الغالب انى لن أقوم بهذه المهمة، لأني لا استمتع بأدوات التسويق الإلكتروني ولا أستطيع الإبداع فيه كما هو الحال إذا جئتني بحالة تسويقية لشركة من الشركات لكي أطوّر لك الاستراتيجية الخاصة بها والتي تحقق بها أهدافها التسويقية. سأفعل ذلك بكل شغف ومرونة وبالتالي أستطيع الإبداع فيها (هذا قبل أن يكون لدي وكالة تسويق إلكتروني وفريق يقوم بذلك! لكني مازلت أميل لوضع وتعديل استراتيجيات الشركات أكثر من التنفيذ الالكتروني).
إذاً تذكّر أنّ لكل منّا مواهبه وقدراته، ويجب ان تعرف أي الأجزاء التسويقية سوف تستثمر فيها هذه القدرات بإبداع. وتذكر أيضاً أنك إذا كنت تفعلها بسهولة فأنت في الغالب مبدع فيها.
إعرف أكثر عن المجال
لكي تعرف أين نقطة شغفك وإبداعك، يجب أن تعرف أكثر عن المجال.
حاول أن تعرف أكثر عن التسويق، اعرف من أين يبدأ وإلى أين ينتهي، سوف تمر بمراحل كثيرة جداً، من ضمنها مثلاً البحوث التسويقية. هل تحب إجراء الاستبيانات ومعرفة احتياجات الأسواق؟ لو الإجابة نعم فهنيئاً لك. أنت الآن تريد أن تكون ماركيتير في تخصص البحوث التسويقي.
أو أنك مازلت مقتنع بحبك للإعلانات وأفكارها الرائعة ثم ان حظك السعيد سمح لك بأن يكون لديك موهبة في تصميم الإعلانات، وانت تريد ان تكون مُخرج فني للإعلانات أيا كان نوعها، أو شكلها. حينها قد تكون ماركتير يعمل في مجال الإعلان.
لكن كيف ستعرف ماذا تحب وترغب في التسويق إذا لم تعرف عنه غير كونه بعض الإعلانات المبدعة او صفحة على السوشيال ميديا! عليك أولاً بالقراءة والاطلاع وحضور الكورسات والتعرف على أشخاص يتحدثون في هذا المجال وقراءة المقالات والكتب، عليك ان تفهم المجال جيداً لتختصر وقت، وتعرف بشكل مباشر ما هو جزئك المفضل في التسويق.
لا يمكنك تحديد نقطة شغفك وتخصصك أيضاً إلا عندما تلم بالمجال بشكل عام، أي تعرف كل تخصصاته، ومجالات عمله المتاحة.
فمثلا قد يكون لديك معرفة عن التسويق في جزئين او أكثر، دعنا نقول إن لديك فكرة محترمة عن الترويج والبحث التسويقي، لكن إذا قرأت أكثر فربما تعرف عن مجال ضخم ورائع في التسويق وخصوصاً في الاعلان اسمه الإعلانات المباشرة، او الاعلانات ذات الاستجابة السريعة – Direct Response Advertising. هذا مجال كبير، ومنافس لمجال الإعلانات التقليدية، وربما تحب هذا الجزء من التسويق وتريد التركيز عليه والإبداع فيه. كيف سيحدث هذا بدون فهمك للتسويق بشكل متكامل، ومعرفتك لجميع أدواته!
التجربة والاحتكاك بالواقع أيضا مهم
لقد أضعت وقت منّى في الماضي عندما كنت أهلك عقلي في التفكير ومحاولة الاستقرار بين أمرين أو أكثر حتى اكتشفت انّى اتبع استراتيجية خاطئة في الأغلب. الصحيح هو أنّك في الغالب لن تصل الى قرار صحيح ومشبع لك حتى تجرّب بنفسك.
لا أنصحك هنا فقط بأن تجرّب مثلاً العمل في التسويق الإلكتروني، ثم تجرّب العمل في الإعلانات ثم العمل في العلاقات العامة، حتى تصل لأكثر الأجزاء التسويقية تفضيلاً بالنسبة لك، أولاً لأنها طريقة صعبة وقد تهلك الكثير من الوقت وأيضاً لأنها لا يمكن أن تكون الوسيلة الوحيدة.
ما أقصده هو أنك إذا كنت متحير بين مجالين من مجالات التسويق مثل التسويق الإلكتروني، والإعلان مثلاً.. فيمكنك قراءة بعض الكتب، أو مشاهدة بعض الفيديوهات، أو مناقشة بعض الخبراء، أو حضور دورة تدريبية خفيفة او تعريفية في كل من المجالين، حينها سوف تكوّن فكرة تساعدك في اتخاذ القرار.. لكن أن تظل تفكّر إلى الأبد فهذا مهلك لعقلك، وسيصيبك بالإحباط ولن تتقدم خطوة قيّمة.
نصيحتي لك هي أن تقرأ كثيراً. التسويق من ضمن العلوم الحياتية، لا يتوقف ابداً، الذي قرأته عن التسويق من سنتين تغيّر الآن، هناك العديد من المواقع والتطبيقات والطرق والنظريات التي غيّرت طرق عمل الشركات، هناك حالات عملية تقرأها اليوم سوف تغير نظرتنا جميعاً عن طرق التسويق من سنتين، وبالتالي عليك القراءة كثيراً.
اقرأ في التخصص الذي تملك الشغف فيه. اطلّع على الجديد دائماً لتكتسب الثقافة التي ستتحول إلى خبرة مع الوقت والممارسة.
يجب أن تفهم نفسك وتحلل نفسك باستمرار
هذه مرحلة طويلة وسوف تأخذ وقت كبير، وهذا الفهم سوف يتغير ويتطور مع الوقت، مع تطور عملك وخبرتك واحتكاكك بالسوق والوظائف المختلفة، لكن يبقى هناك سمات عامة لشخصيتك، يجب فهمها لتحديد أي الأجزاء سوف توافق شغفك التسويقي.
كنت قد طورت اختبار لفهم الشخصية، ومساعدتها على تحديد أي المجالات التسويقية أقرب لشخصيتها. هذه كانت بعض الأسئلة في الاختبار:
(لكي تكتشف مجالك المفضّل في التسويق، كنت قد طورت بعض الأسئلة والتي تفيد إجاباتها في فهم شخصيتك التسويقية. عندما بدأت هذه المدونة كانت عدد الزيارات قليل فكنت أستطيع أن استقبل الإجابات على هذه الأسئلة واقوم بتحليل النتائج وبعدها أساعدك في تحليل شخصيتك واخبارك بأي الأجزاء التسويقية التي سوف تبرع فيها. لكن الآن يبدو الأمر أصعب مع عدد كبير من الزيارات على الموقع، فسأكتفي بالأسئلة وحاول أنت أن تكتشف من الإجابات شخصيتك وماهي الأجزاء التسويقية التي تريد العمل بها)
- إلى أي مدى تهتم بالتفاصيل؟
- هل تفضل القيام بعمل أكثر من مهمة في وقت واحد؟
- ما هي ألوانك المفضلة؟
- هل تهتم بالإعلانات؟ أي جزء من الإعلانات يجذب اهتمامك؟
- اذكر 3 أفكار غريبة تريد تحقيقها.
- هل تحب الإنجاز لنفسك أم لفريق؟
- هل تتحمل العمل تحت ضغط؟
- ما هي هواياتك؟
- هل تنهي الكتاب الذي تبدأ في قراءته؟ إذا جاءتك فكرة.. هل تسيطر على عقلك وربما تمنعك من تحقيق خطة يومك؟
- هل أنت منظم في عملك وأسلوب حياتك؟
- ما هي إنجازاتك المهنية؟
تستطيع سؤال هذه الأسئلة لنفسك والاجابة عنها، بل ضع لنفسك ايضاً اسئلة اخرى، لتصل في أجزاء التسويق، فعلى سبيل المثال هناك بحث السوق الذي يحتاج لأشخاص سماتهم الشخصية انهم منظمين للغاية، صبورين جداً، ويفكرون بشكل علمي غالباً.
أما جزء الاعلان فيحتاج لشخصيات مبادرة منطلقة مبدعة، محبة لأن تفعل أشياء بطرق جديدة وغريبة ومبدعة. هناك جزء الاستراتيجية التسويقية التي تحتاج لأشخاص شغوفين بالتخطيط والابداع في وضع التكتيكات والاستراتيجيات لاقتحام الأسواق وتحقيق الأهداف.. الخ.
هدفك هنا أولاً أن تتعرف على شخصيتك لتواكب الجزء التسويقي الأكثر جذباً لها.
عموماً إذا كنت صبور وتحب التفاصيل فسوف تحب بحوث التسويق، وإذا كنت محلّل وتحب التخطيط فسوف تحب الاستراتيجية التسويقية، وإذا كنت شخص يميل لأجواء الاونلاين ووضع استراتيجيات لجلب المشترين عبر المنصات المختلفة، فربما الـ ديجيتال ماركتينج هو ملعبك، إذا كنت تحب الإقناع والتعامل مع الناس فالبيع الشخصي يناسبك، إذا كنت تحب الأفكار الجديدة وتنفيذها فسيبدو الترويج والإعلان مناسب لك أكثر.. وهكذا.
ليس شرطاً أن تتخصص في جزء من التسويق ألاّ تعلم أي شيء عن باقي الأجزاء في التسويق، فكل التسويق مترابط لكن المقصود هو أن تركّز على جزء في التسويق فهذا سيعطيك أفضلية ومهارة أكبر. أيضاً سوف تحتاج فهم واتقان للتسويق كله إذا كنت تدير مشروع خاص خصوصاً في بداياته، وإذا عملت في شركة صغيرة أو متوسطة في وظيفة متخصص تسويق أو منسّق تسويق Marketing Specialist/ Coordinator فأيضاً سوف تحتاج فهم التسويق ككل.
ملخص النقاط السابقة هو أنه في الغالب لا يكفي أن تكون مهتم بالتسويق أو متخصص فيه لكي تنجح وتجد الوظائف الأقوى في التسويق، ولكن يجب عليك أن تجيب بدقة.. أي المجالات سوف تتخصص فيها وتستخدم التسويق لإنجاحها، وأيضاً أي الأجزاء التسويقية سوف تبرع فيها.
أبقي عينك مفتوحة للفرص
هذه النصيحة ربما تكون عامة، وليست لمحبي التسويق فقط. لقد كنت في محاولة جادة للحصول على منحة دراسة في إحدى الدول الأجنبية، ولأفعل ذلك كان عليّ اكتساب اللغة الانجليزية بشكل قوى واجتياز امتحانات TOEFL، وأيضاً كانت النصيحة من أحد الخبراء ان اضع في ال CV الخاص بي بعض التجارب مع الأنشطة الاجتماعية لأن هذا الأمر يقف في صالحك عندما تفكّر في الحصول على منح دراسية من الجهات المشهورة بتوفيرها.
في هذا الطريق تعرفت على نشاط طلابي في الجامعة، طلبت أن أكون أحد الطلاب، لكي استفيد من التجربة واضيف النشاط الطلابي لسيرتي المهنية، لكن تحول الأمر انّى اصبحت مدرب التسويق في النشاط الطلابي، لأن القائمين على النشاط الطلابي لم يستطيعوا توفير أستاذ جامعي أو مدرب من شركة مرموقة! مع رفض دكاترة الجامعة والمعاونين لهم التدريب في هذا النشاط. لم أرفض العرض واضطررت حينها أن أفهم التسويق واقرأ عنه لكي أحاضر فيه كأول مرة في حياتي أفعلها! كانت تجربة ناجحة ورائعة، عرفتني على المجال والطلاب فيه، وفتحت لي باب التسويق لحد الآن، دربت بعدها مئات وربما آلاف المتدربين وعملت مع العديد من الشركات داخل وخارج مصر، وأصبح شغفي الأول بهذا المجال.
هذه الحكاية لكي تعرفّك أنك لن تستطيع الحصول على الأفضل ولن تستطيع حتى معرفة اى الأجزاء التسويقية الأكثر قرباً إليك إذا لم تنتبه إلى الفرص وتستغلها. لن تستطيع أن تجيب بنعم على أي فرصة، لكن تظل نصيحتي لك أن تبقى عينك مفتوحة!
استعن بالخبراء والمتخصصين والـ Mentors
بالتأكيد يوجد غيرك ممن مروّا على نفس المراحل، قبل أن يصلوا إلى جزئهم المفضّل في التسويق، تعرّف عليهم، واسألهم عن أكثر الأجزاء التي لفتت انتباههم للتسويق.
لن تتخيل كم الوقت الذي توفره عندما تسأل خبير، أو أحد الأشخاص الذي مر على تجارب كثيرة، هو كنز بالنسبة لك عندما تعثر عليه.
ستجد الخبراء كمديرين تسويق في الشركات، ستجدهم محاضرين في التسويق، ربما مشرفين مواقع ومنتديات، المهم ان تعثر عليهم، وتعرف رأيهم، ثم تقارن بين كل الآراء التي ستحصل عليها، وتقارنهم برأيك ووجهة نظرك المبدئية في المجال، ثم تأخذ قرارك.
اعتبر نفسي من جيل قدّر كثيراَ قيمة المعلم الشخصي أو الموجه – Mentor، والذي يرشدك للطريق. إذا استطعت أن تتواصل مع شخص خبير في المجال، ليكون الموجه لك فسوف تختصر الكثير جدا من الطريق.
اعمل على مشروع، أو خطط لبيزنس
ربما تكون هذه النصيحة غريبة نوعاً ما.. لكنها من أهم الطرق لكي تفهم قدراتك الحقيقة في التسويق.
إذا بدأت فكرة مشروع من البداية تماماً، فطورت له خطة بحث سوقي، ثم طورت الاستراتيجية التسويقية المناسبة، ثم قمت بتطوير مزيج تسويقي له بما يشمل الترويج وداخله كل ادواته حتّى التسويق الإلكتروني وربما التسويق المباشر ايضاً، بل وطورت مع ذلك خطة للحفاظ على العميل، فأنت بذلك قد مررت على كل أجزاء التسويق الأساسية، حينها سوف تعرف اى الاجزاء التسويقية التي تحبها وتريد العمل بها.
لا أقصد بتطوير المشروع أن تطوّره على الحقيقة فقط، فمثلاً في دوراتنا التدريبية تكون مهمة الكورس الأساسية هو أن تطور خطة تسويق لمنتج، بالتالي سوف تطور مشروع متكامل، حتى لو على الورق، ولكن في النهاية مجهودك فيه سوف يعرّفك على جزئك المفضل في التسويق.
بالتأكيد إذا طورت مشروع على الأرض فسوف تحصل على فائدة مثالية لكي تعرف ما هو الجزء التسويقي الذي تستطيع الإبداع فيه.
تابع مواقف وجروبات التوظيف باستمرار
مهم جداً ان تتابع التحديثات التي ترسلها المواقع المتخصصة في التوظيف لأنها المكان الأفضل للتعرف على المهام الوظيفية – Job Descriptions لكل منصب وظيفي في مجال التسويق.
فمثلاً سوف تتطلب الشركة متخصص بحوث تسويقية كمي – Quantitative، وسوف تخبرك ما هي المهام الوظيفية المطلوبة من هذا الدور بالإضافة الى المهارات والإمكانيات والمؤهلات المطلوبة لشغل هذا الدور، هذا أوضح ما يمكن للحصول على نظرة سريعة على كل جزء تسويقي بما يناسبه من مهام وقدرات، ثم مقارنة هذا الجانب بقدراتك ورغباتك أنت.
يمكنك استخدام جوجل لهذه المهمة، حيث ستبحث عن أدوار التسويق والمهام الوظيفية لكل دور، لكل بجانب ذلك أرى أنّه من الأفضل استخدام مواقع التوظيف لأن الأدوار والمسميات تتغير بشكل دوري وسريع، اليوم مثلاً قد تحتاج الشركات لمهارات أكثر تطوراً لشغل دور مدير علامة تجارية – Brand Manager عن تلك المهارات التي كانت مطلوبة من سنة أو أكثر.
استخدم منطق الفراشة لفترة بسيطة!
هذه النصيحة قد تكون مضرّة لبعض الخريجين ولذلك فكّر جيداً قبل استخدامها، او استخدمها بحرص ووعى. نصيحتي هنا ان تعمل فعلاً في أكثر من مجال تسويقي، وبمجرد فهمك للجزء التسويقي الذي عملت فيه، تتوجه لمجال آخر في التسويق لكي تفهمه.
تجربتي الشخصية هي انّى عملت في أول شركة بعد التخرج في مجال بيع حقوق الملكية الفكرية للكتب، ثم انتقلت لفترة بسيطة لقسم التسويق وتعرفت على الاستبيانات وكيف يتم تفريغ محتواها ومدى صعوبته، وعملت في تدريس التسويق، وفي هذه الأثناء عملت ايضاً في مجال الأعمال B2B خصوصاً المجال الخدمي، وكان معظم دوري في نطاق التسويق الإلكتروني، طورت بعد ذلك خطط تسويق، وعملت ايضاً في مجال تسويق الدورات التدريبية في مجال B2B كمدير للتسويق، وعملت في مجال التدريب، بجانب عملي في مشاريع كثيرة خاصة، وعملت فترة كبيرة في مجال البيع، كل هذه التنقلات فادتني جداً في أن أعرف ما هو الجزء الذي أفضله في التسويق، لو كنت استقريت على أول دور يقابلني في التسويق لما كنت فهمت ماذا أريد في التسويق.
منطق الفراشة في سوق العمل يقول إنك شخص تتنقّل كثيراً بين الشركات وبين المجالات المختلفة، وهذا يسبب ضرر بالغ في سيرتك المهنية، لأن الشركات تريد موظفين أكثر استقراراً. عموماً هذه تجربتي ويمكن الاستفادة منها واستغلالها بحرص وبدون إيذاء سيرتك المهنية قدر المستطاع.
لا تدخل المجال بانطباعات مسبقة
لا تقول إن البحث التسويقي ممل، مجال الإعلان مبدع وملئ بالأفكار والحماس، التسويق الإلكتروني هو موضة العصر.. الخ. ربما هذه الانطباعات المسبقة تجعلك تحكم على الأمور بشكل أقل دقة من الصحيح.
اعتبر أنك لا تعرف أي شيء عن المجال، اقرأ كثيراً فيه، احضر فيه دورات تدريب واعمل فيه إذا استطعت، اسأل الخبراء، لا تكتفي من البحث حتى تصل في النهاية لقرارك الصحيح الذى سوف يجعلك تستمتع وتبدع في التسويق.
المهارات المطلوبة لكي تحترف مجال التسويق
لا يوجد مهارات محددة للعمل في التسويق، وهذا بسبب أن المجال ضخم جدا وأبعاده وتخصصاته كثيرة للغاية، فقد تكون موهوب في الكتابة فتدخل المجال من باب كتابة المحتوى، وقد تكون من محبي التحليل والأرقام فتدخله من باب البحوث التسويقية، وقد تكون مبدع في التصوير والإخراج فتدخله من باب تصوير وإخراج الإعلانات.
لكن ما يمكن التطرق له الآن، هو المعتقدات الخاطئة عن المهارات المطلوبة للدخول في المجال.
أولا هناك ربط ما بين كون الشخص اجتماعي ومدى نجاحه في التسويق. هذا الربط الخاطئ طبعا!
هذا الربط يدل على أن مازال هناك خلط ما بين التسويق والبيع، فالبيع ربما هو ما يحتاج لبعض المهارات الاجتماعية والتفاعل حتى تستطيع أن تكوّن علاقات سريعة ومربحة مع العملاء، وحتى هذا الأمر يمكن تعلّمه والتدرب عليه، ولكن دعونا نعود للنقطة الأهم، وهو أن التسويق كونه يختلف عن مفهوم البيع الضيق، فهو إذاً يحمل العديد من الأدوار التي ليس لها علاقة بكون الإنسان اجتماعي او لبق في الحديث.
إذا كنت ستعمل في أدوار البيع، داخل التسويق، أو دور يجمع التسويق والبيع معاً (متواجد هذا الدور بكثرة في الشركات الصغيرة)، فالإجابة، هي أنك ستحتاج الكثير من مهارات الاجتماع والتواصل من أجل النجاح.
إن رجال البيع الناجحين يملكون قدرات ومهارات مختلفة على رأسها مهارات الاقناع والتواصل، وقدرة البائع على التواصل هامة جداً في ظل تحول مفهوم البيع إلى مفهوم أقرب لفكرة العلاقات العامة.
هذا مثال، رجل بيع عادى جداً، استطاع الحصول على موعد لمقابلة العميل، دخل المكان، وصافح العميل، وبدأ في سرد المزايا في المنتج أو الخدمة، وسأله في نهاية الاجتماع إذا كان في حاجة إلى المنتج أم لا، وفي كلا الحالتين، موافقة المسُتهدف في هذه العملية البيعية ام لا، فرجل المبيعات ينهى مهمته عند هذا الحد.
هناك مثال آخر، رجل مبيعات محترف، يطبّق مهارات البيع الحديثة، وهو في البداية درس الشخصية التي يواجهها في العملية البيعية على قدر استطاعته لكى يوجه لها الرسالة التسويقية المناسبة، بدأ في كسر كل الحواجز التي تعوق التواصل بين (رجل بيع) و (عميل)،.. الآن أصبح العميل في حالة تقبل لهذا (الغريب) والذي يأتي (للحصول على أمواله)، تحولت العلاقة الآن من علاقة مصلحة أو علاقة يتربص فيها الطرفين لبعضهما البعض، منتظرين من سيفوز بهذه الجولة!
كل هذا تحول لعلاقة ودية، ولكي تنجح خطة رجل المبيعات، فإن هذا الشخص المستهدف من عملية البيع، سوف يتحول لصديق، أو بالمعنى الاحترافي التسويقي، إلى عميل دائم مخلص للشركة ومنتجاتها.
هذا بالنسبة لأدور البيع، ماذا عن أدوار التسويق الأخرى؟
بالنسبة للتسويق عموما، فالمهارات الاجتماعية ليست من ضمن المهارات التي يحتاجها خبراء التسويق بشدة، فهم أشخاص يخططون ويضعون الاستراتيجيات التسويقية التي ستمكنهم من غزو الأسواق، وتحقيق الإشباع الكامل لاحتياجات الناس بشكل مربح للشركة. (حتى التسويق الالكتروني ليس شرطا فيه تواجد صفات الشخص الاجتماعية بكثافة)
لكن دعونا ننزل من المستوى العالمي أو حتى المستوى الأكاديمي إلى المستوى العملي الذي نراه يومياً في حياتنا وفي شركاتنا وفي السوق.
إن التسويق في بلادنا جزء كبير منه قائم على العلاقات وعلى المصالح المتبادلة، لا تستعجب إذاً من أن هذه الشركة تختار هذه الجريدة أو المجلة لوضع إعلاناتها لأن مدير التسويق فيها يعرف هذه الجريدة أو المجلة، ولا تستغرب ان مدير التسويق فضّل تنفيذ خطة العلاقات العامة عن طريق هذه القناة التلفزيونية لأنه يعرف المذيعين فيها، وسوف يساعدوه في ذلك.
في عالم التسويق من الأعمال إلى الأعمال B2B خصوصاً، تلجأ الشركات للاستعانة بـ مديرين تسويق بخبرة وعلاقات قوية في الصناعة التي تعمل بها.. لماذا؟ لأنهم سيمتلكون قدرة أكبر على الحصول على بيانات- Data مربحة للشركات في هذه الصناعة أو هذا المجال، ذلك سيسرّع من وتيرة النجاح في بيع المنتج أو الخدمة، وهذا سيحقق الأرباح بدوره.
هناك زاوية أخرى في هذه الرؤية، وهي أن مدير او متخصص او تنفيذي التسويق لا يستطيع العمل بمفرده، إذا كنت تتابع مقالات موقع التسويق اليوم او ما كتب عموماً حديثاً في التسويق، فسوف تتأكد من أن التسويق ليس دور أو وظيفة محدودة، ولكنه ايضاً مجموعة من المهارات التي يحتاجها جميع من في الشركة بما فيهم عامل المكتب – Office Boy، يجب أن يكون التسويق فكر عام ليس مجرد دور محدود.
هذا بدوره يأخذنا للنقطة التي أقصدها هنا، وهي أن متخصص التسويق لكى ينجح في مهمته يجب أن يفعل ذلك في توافق وتناغم مع باقي الإدارات، ستكون كارثة تسويقية بكل المقاييس إذا كان التسويقيين في الشركة في وادى وباقي الإدارات والموظفين في وادٍ آخر، بالتأكيد لن تنجح هذه المنظومة، ولن تحقق المطلوب تسويقياً.
إذا أنت تحتاج للمهارات الاجتماعية بشكل مكثف في البيع، وتحتاجها أيضاً في التسويق، ولكن بشكل أقل تركيز، ومن زاوية أخرى، وهي زاوية حاجتك للتواصل مع عناصر السوق المختلفة سواء خارجياً أو داخلياً وذلك حتى تستطيع تنفيذ خططك و استراتيجيتك التسويقية.
لكن الأمر في التسويق لا يقارن بالبيع، ففي البيع يكون التركيز أكبر على مهارات التواصل والإقناع، وهو أمر حتى وإن بدا في غاية الأهمية في التسويق بمفهومه الواسع، لكن يظل فقط من ضمن المهارات المطلوبة في التسويق بشكل عام، وهو لا يؤثر على النجاح في السلم المهني للتسويق وأدواره.
يجب الآن أيضاً أن نفرق بين التسويق من منظوره العام، والتسويق وأدواره ووظائفه في الشركات، وعلى أساس ذلك تستطيع أن تعرف ما إذا كان سيناسبك التسويق أم لا.
التسويق – في مفهومه الواسع – تملك فيه الكثير من المهارات التي تلزمك من أجل النجاح في تحقيق إشباع احتياجات الأسواق من خلال منتجات وخدمات متميزة ومربحة، هذه المهارات تشمل مهارات التخطيط الإستراتيجي، ومهارات التفكير وحل المشاكل، ومهارات البحث وتحديد الاحتياجات بدقة، ومهارات عرض الأفكار ومهارات التواصل والإقناع، … الخ
هذه المهارات وغيرها الكثير هي ما تشكّل التسويق بمفهومه العام، وهي ما تستطيع أن تحدد على أساسها بالفعل إذا كان مجال التسويق يناسبك أم لا، وعموماً.. ففي الأغلب لن تستخدم كل مهارات التسويق ولن تراه بمنظوره العام الكبير الشامل إلا في حالات معدودة، مثلاً.. أن تكون صاحب مشروعك الخاص، أو تعمل مدير تسويق في إحدى الشركات، والتي غالباً يجب أن تكون من نوعية الشركات الكبرى والتي تطبق التسويق بشكله الصحيح، حتى يتسنى لك تطبيق تلك المهارات والاستمتاع بها.
لكن في أغلب الأحوال أنت تجد نفسك عندما تعمل في التسويق في الشركات محصور في بعض الأدوار التسويقية، وكل دور أو وظيفة في هذا المجال التسويقي تحتاج لمهارات معينة كي تساعدك للنجاح في الدور الذي اخترته أو الذي تعمل به.
سأعطيك بعض الأمثلة..
في مجال البحوث التسويقية، سوف تحتاج لمهارات البحث والتحليل لكي تضع خطة بحث تسويقي منظمة، وربما تنفذها أو توكّل أفراد تسويقيين آخرين لتنفيذها، هذا المجال على سبيل المثال لن تجد فيه فرصة لاستخدام مهارات التواصل او الاقناع أو العرض، إن هذا الجزء من التسويق علمي ودقيق جداً، يحتاج لخطة وجهد منظم، يساعد فيه الاحصائيين أو محللي الأرقام والبيانات، للخروج بمعلومات مفيدة لاتخاذ القرارات التسويقية..
يوجد مجال إدارة العلامات التجارية، وهو أيضاً مجال تسويقي، فكونك مدير علامة تجارية – Brand Manager يحتاج منك في الأغلب قدر كبير من النشاط والمتابعة في السوق، وكثير ممن يصلون لهذه الأدوار تجدهم عملوا في مجال البيع والتوزيع، لأنك تركز في هذا الدور الإداري التسويقي (إدارة العلامات التجارية) على التوزيع ومتابعة عملية البيع والتوزيع لكل علامة تجارية تقع تحت فئة محددة من المنتجات..
في مجال الإعلان، سوف تحتاج لقدرات لها علاقة بالابتكار والتخيل واستخراج الأفكار الجديدة، والمعقدة أحيانا، هذا الخيال الخصب لا يحصل عليه كل الناس، لكن يحتاجه من يريد التخصص في الميديا والاعلان، واستغلال ذلك في إطار تنفيذ استراتيجيات الشركات التسويقية.
إذاً.. لكل مجال من المجالات التسويقية هناك ما يناسبه من المهارات التسويقية التي تحتاج لاكتسابها أو تطويرها، عليك بفهم كل قسم ودور تسويقي على حدة والمهارات المطلوبة فيه لكي تحدد على أساسها إذا كان سيناسبك هذا المجال التسويق أم لا.
كيف تعمل في مجال التسويق؟
عندما تخرجت من الجامعة ووجدت فرصة لكي أكون ضمن هيئة التدريس في الجامعة لم يكن من ضمن رغباتي أن أعمل في التسويق، لكن تدريجياً وجدته شيء مشوق وربما ذات بريستيج أن تعمل في الماركتينج (نعم ماركتينج وليس تسويق لان كلمة ماركتينج لها سحر خاص الآن على الآذان!) لذا فدعني اخبرك انى دخلت الماركتينج ثم وجدت نفسي في هذا المجال، ثم كتبت المقالات ودرّست الماركتينج في عدة أماكن حتى اكتسبت معرفة وخبرة جيدة به، وكتبت فيه عدة كتب، كان من أشهرها (الماركتينج بالمصري).
أنا الآن ماركتير.
هناك آخر تخرج من كلية تجارة شعبة محاسبة ثم عمل فترة كمندوب بيع او توزيع (سمها كما شئت) في شركة من الشركات المالتي ناشيونال العريقة ثم تدريجياً أصبح مساعد مدير براند، ثم مدير براند (مدير العلامة التجارية – Brand Manager من أهم الوظائف في الشركات الغذائية ومهمته الأساسية تكون التوزيع وهو دور أساسي من أدوار ووظائف التسويق)، ومع الوقت يستطيع الوصول ليكون مدير تسويق في هذه الشركة المالتي ناشيونال العريقة.
هو ماركيتير أيضاً.
ما الفرق بين الاثنين؟
الاثنين Marketers لكن الأول سلك طريق غير الثاني، وهذا هو جمال التسويق وجزء من مشكلته أيضاً.
التسويق مجال كبير جداً نتناوله للأسف بشكل خاطئ تماماً. التسويق مثل الهندسة، لا يمكن أن تقول أريد أن أكون مهندس وتسكت، يجب ان تكمل، أريد أن أكون مهندس مدني مثلاً.
كيف تعمل في مجال التسويق؟ هذا ربما السؤال الأصعب الذي أواجهه ممن يريد دخول هذا المجال، ولكى نبسّط الأمور أريدك أن تركّز جيداً في هذه النقاط لأنها سوف تشكّل رؤيتك لسوق الوظائف التسويقية.
أولاً كلمة السر في الفوز بوظائف جيدة في التسويق هو أن تفهم أن التسويق مرتبط بمجال آخر، أو منتج أو خدمة تقوم بالتسويق لها.
النقطة المهمة الأخرى هي أن ممارسة التسويق بشكله الكلّى – بداية من بحث السوق مروراً باستراتيجية التسويق والبرامج التسويقية ووصولاً بإدارة العلاقات مع العملاء – لا تتم إلا في حالتين:
- أن تكون صاحب مشروع ناشئ أو أنك تدير التسويق كله في شركة صغيرة أو متوسطة، أو
- أنك مدير تسويق لشركة وحينها أنت ترى كل مراحل التسويق، حتى لو بشكل إشرافي فقط.
لكن في الحالات التقليدية فنحن عندما نعمل في التسويق غالباً نقوم ببعض المهام التسويقية داخل العملية التسويقية ككل.
فمثلاً هناك من يعمل في قسم بحوث السوق، وهناك من يطور حملات إعلانية للشركة، وهناك من يدير السوشيال ميديا للشركة، وكلها أجزاء من التسويق. إذا كنت تستهدف العمل في شركة كبيرة فيجب غالبا أن تخصص في جزء من التسويق، أما أن تعمل في التسويق بشكل عام، فهذا لا يحدث إلا كما أخبرتك في ظروف معينة، والآن يأتي السؤال الآخر والصعب أيضاً.
صعوبة الحصول على وظائف التسويق!
مبدئياً هناك بعض الأسباب التي تجعل من الوصول إلى وظائف التسويق وأدواره شيء صعب، من ضمنها أن التسويق نفسه بشكله الصحيح هو شيء نادر أن تراه في الشركات خصوصاً الشركات المتوسطة والصغيرة. التسويق في كثير من الشركات يساوى الأموال المُهدَرة. من وجهة نظر هذه الشركات أن التسويق يُضيع الأموال.
عندما تضع المال في بحوث سوق لا تأتي بأرباح مباشرة، وعندما تضعه في إعلانات تقوّى البراند لكن لا تحقق ربح مباشر، كلها أشياء تجعل هذه الشركات تراه عبء.
دعني اختزل لك المشكلة في أن الكثير جداً من هذه الشركات لا تفهم التسويق أو مهمته الحقيقية، لازال الكثير يراه بيع او اعلان في جريدة!
ثم هناك الجديد.. انهم أصبحوا يروه ديجيتال ماركتينج! دور رجل التسويق في كثير من تلك الشركات الصغيرة والمتوسطة هو إدارة account الشركة على مواقع التواصل، وربما إطلاق حملة إعلانية، هذا هو التسويق بالنسبة لهم، وهذا يزيد جداً في السوق، وهذه عوامل كلها تجعل من إيجاد وظائف تسويق شيء نادر الآن. هذا ليس تقليل من أدوار الديجتال ماركتينج الهامة جدا، لكن أين إدارة التسويق نفسها!
هل وظائف التسويق التقليدية قليلة؟
لماذا لا نجد وظائف تسويق بكثرة على مواقع التوظيف؟ هناك حقيقة الآن عن هذا المجال وهي ان فرص العمل كمتخصص تسويق ليست كبيرة (متخصص تسويق بالمعني التقليدي، وليس متخصص تسويق الكترونى)، ولذلك تجد الكثيرين من المتحمسين للمجال لكن لا يجدون فرصة جيدة للعمل وتطبيق مهاراتهم.
أول سبب هو ان التسويق (بشكل عام) مازال غير مفهوم أهميته الكبرى للشركات، ويتم تناوله كأنه مهارات خفيفة – Soft-skills، او جانبية، ويتم التركيز أكثر على فرق بيع شخصي يتم اهلاكهم في عمليات بيع مهلكة ومضنية، ولو ان هذه الشركات تعمل تسويق بالشكل الصحيح لما كان هذا الإهلاك لرجال البيع ووجدوا مهماتهم أكثر سهولة!
هناك أيضاً شركات ناشئة وصغيرة تجد ان أصحابها يديرون عملية التسويق بأنفسهم لأنهم يقللون من حجم التسويق أو قيمته فأيضاً صعب ان تجد فرص في هذه الشركات الناشئة.
لكن الأهم – والذي زاد من ندرة فرص وظائف التسويق الآن – هو الظروف الاقتصادية، بجانب التطور التكنولوجي وظهور قنوات السوشيال ميديا بهذه الكثافة، وهما عاملان جعلا الشركات الصغيرة والمتوسطة تلجأ للانتشار الإلكتروني بدل من عمل استراتيجية تسويقية متكاملة.
الخبر الجيد هنا ان وظائف التسويق الإلكتروني زادت بشكل كبير. قنوات السوشيال ميديا جعلت الشركات الصغيرة والمتوسطة تركز انتشارها الترويجي والإعلاني عبر وسيط وحيد هو الوسيط الإلكتروني مما زاد الطلب على متخصصي التسويق الإلكتروني.
في رأيي ان لهذا أكثر من جانب سلبي أيضا، أولهما انه لا يوجد وظيفة متخصص التسويق كثيراً الآن، وثانياً ان حتى متخصص التسويق الإلكتروني ليس واضح فيه الكفاءة او يمكن تمييزه بسهولة، وبالتالي يمكن لأعداد كبيرة جداً دخول هذا المجال، ودخول أعداد هائلة من الناس في هذا المجال (الديجيتال ماركتينج)، غالبا بدون دراسة للتسويق وأصوله أولا، وبدون تعمق جيد في التخصص الذي اختاروه، يجعل اختيار الأكفأ صعب على الشركات، وينشئ حرب شرسة بين العاملين في المجال، تشبه كثيرا حرب الأسعار بين الشركات! (أضف إلى ذلك أن ليس كل من يرغب في العمل بالتسويق يريد ان يعمل متخصص تسويق إلكتروني)
الأكيد هو أنه لا يوجد جودة تسويقية في السوق، بمعنى أن الشركات تبحث عن موظفين تسويق، ولكن لا تجد، وهذا لا يتعارض مع كلامي بأن المعروض كثير بالنسبة للوظائف، لكن نعود للنقطة التي ذكرتها من قبل وهي أن الشركات تريد الماركيتير المتخصص، وهذا قليل وإذا استغلّيت أنت هذه الثغرة فسوف تنجح غالباً.
هناك وظائف وأدوار تسويقية فيها شُح واضح في السوق، أولها مجالات مثل البحوث التسويقية، وهذا كنز إذا دخلته، لأن الشركات فعلاً تحتاج لأشخاص كفء يعملون في هذا الجزء التسويقي ولا تجد، وهذا الجزء يحتاج لقدرات تحليلية وحب للأرقام ورؤية أبعد، ويحتاج لصبر وهى صفات ليست متواجدة بكثرة في السوق، وهنا تكمن ثغرة واضحة من الثغرات في سوق الوظائف التسويقية.
أيضاً من ضمن الأسباب أن وظائف التسويق غير واضحة (الإعلان عنها أقل)، هي أن أغلب من يدخل هذا المجال يدخله عن طريق التدرج، بمعنى أن تعمل في البيع – مثلاً – ثم تنتقل إلى التسويق، أو أنك كنت تدير صفحة الشركة على السوشيال ميديا ثم انتقلت لدور تسويقي آخر.
أمر آخر وهو أن وظائف التسويق يتم ملؤها عن طريق التوصيات (Referrals)، بمعنى أن يرشحّك المدير أو موظف أو زميل للدور التسويقي في الشركة، لذلك هناك وظائف تسويق كثيرة متاحة، ولكن لا تظهر على مواقع التوظيف التقليدية.
كيف تكتسب الخبرة اللازمة للحصول على وظيفة التسويق؟
الشركات تطلب متخصصي تسويق لديهم خبرة، وإذا كان الدور بدائي او صغير أو في شركة صغيرة، تجد أيضاً مطلوب خبرة سنة او اثنين على الأقل! كيف تكتسب الخبرة وأنت تريد العمل في التسويق، حتى لو في دور أو وظيفة صغيرة في التسويق وفي نفس الوقت الشركات تريد أن تكون لديك خبرة، حتى لو الدور صغير أو في مرحلة بدايات التسويق؟
هذه ربما تكون أكبر مشكلة تُصادف من يبدأ في التسويق. الشركات تطلب خريجين بخبرة، وانت لتوّك انهيت الدراسة فمن أين تأتي بالخبرة! او أنك كنت في مجال آخر مختلف تماماً عن التسويق ثم انتقلت الى التسويق فكيف تأتي بشيء يُثبت خبرتك.
كيف تكتسب الخبرة التي تطلبها الشركات، وتظهرها لهم؟
الحل بسيط وهو أن تفهم أولاً ماذا تعنى خبرة في التسويق. الخبرة المطلوبة تشير أنك متخصص في مجال معين وتعرف أدواته جيداً وتعرف المشاكل التي تظهر في السوق وتستطيع حلها، بالتالي الخبرة التي تقصدها الشركات، أو التي يجب أن تقصدها الشركات، ليست فقط، وليس الأهم أن تكون الخبرة في مجال التسويق نفسه بقدر ما هو مقصود بها الخبرة والتخصص في المجال الذي تعمل فيه الشركة، وبالتالي التخصص الذي سوف تعمل أنت فيه وتفهمه جيداً وتعرف مشاكله مسبقاً، أو على الأقل أغلب تلك المشاكل، ومن خبرتك تستطيع حلها، لأنك خبير في هذا المجال.
في الحقيقة، صعب فعلا أن تعمل في التسويق بدون خبرة، لكن هناك نوعين من الخبرة، خبرة تسويقية بحتة، وهذه ليس من الصعب أن تكتسبها، وهناك خبرة فنية في المجال الذي تسوّق له، وهذا ما تبحث عنه الشركات بشكل أكبر. عندما تطلب الشركات مثلاً خبرة سنة او اثنين فأنت كخريج جديد – Fresh Graduate أو كشخص غير متخصص في المجال، مازالت فرصتك موجودة، نصيحتي لك أن تقدم على هذه الفرص، وتخبرهم أنك قادر على التعلم، لكن الأهم والذي أكرره دائماً هنا هو أن تحاول اكتساب الخبرة الفنية في أسرع وقت، أن تعمل في المجال الذي تريد العمل في التسويق له، سواء بائع مثلاً أو متخصص سوشيال ميديا او ديزاينر أو غيره، ثم تقفز للتسويق.
هنا الخبرة الحقيقية المطلوبة هي خبرة المجال الفنية وليست خبرة التسويق نفسه، فالتسويق علم حياة وإدارة تستطيع إتقانه إذا أصبحت شغوف به بدرجة كافية.
العمل على خطط المشاريع الخاصة
المشروع الخاص مهما بدا صغير وغير مؤثر فسوف تكتسب منه خبرة عن السوق جيدة جداً. لقد كتبت في موقع التسويق اليوم على مر سنين، ودرّست التسويق لكن لم اكتسب خبرة اتحدث بها إلا من خلال المشاريع الخاصة التي قمت بالعمل عليها، وسواء كان المشروع ينجح او لا يكتمل فكنت اكتسب منه قدر كبير من الخبرة.
أنا الآن لست بنفس الحماس لفكرة المشاريع الناشئة والخاصة وهذا المجهود والحماس في بداية تلك المشاريع، لكنى أعترف أني قرأت في التسويق ودرّست ودرّبت في التسويق وعملت في الشركات في مجال التسويق، ولكن لم يعطني الخبرة التسويقية ولا (الثّقل) التسويقي أكثر من العمل على مشاريع خاصة ناشئة.
عندما تدرس مثلاً التسعير في كورس تسويق ستجد التسعير أمره مُختلف تماماً عندما تقوم بتسعير خدمة تقدّمها.
ستجد نفسك تكتشف التسعير من البداية وبشكل مختلف.
لن (تُركن) ما تعلمته في الكتب والدورات التدريبية على جنب بالتأكيد، لكن سوف تكمّل ما تعلمته بشكل عملي جداً، ولما لا.. ربما تُخرج موديل جديد للتسعير تستخدمه وتجعل غيرك يستخدمه للنجاح.
ربما تكون غير مُهتم بتلك المشاريع الخاصة، حينها يمكن عمل خطة حتى على الورق، أو تصغير نطاق هذا المشروع لأصغر كيان ممكن، أو تطبيق التسويق على كيان صغير تطوعي ليس شرطاً أن يكون تجارى، في كل الأحوال تطبيق التسويق على كيان خاص صغير سيعرّفك على تفاصيل مهمة ودقيقة عن التسويق لن تعرفها ربما بالأشكال النظرية.
ثم أنك تستطيع أيضاً وضع هذه التجربة مع المشروع الخاص في ال CV الخاص بك، وتأكد أنه ستُثقله، يكفي أنّك جرّبت التسويق ورأيت السوق بشكل عملي. بجانب نقطة الخبرة التي تكتسبها، فعملك على مشروعات تجارية يثبت للشركات أنك فعلت شيء بيدك فعلاً واحتككت بالسوق، وهذا قد تكون نقطة إيجابية كبيرة من وجهة نظر الشركات.
العمل على مشاريع قائمة/ فعلية
هناك طريقة قريبة من فكرة إنشاء مشروع تجاري (حتى لو على الورق)، وهو تطوير خطط تسويق لمشروعات قائمة بالفعل.
هذه المرة لن تبحث عن منتجات وهمية ولن تطوّر خطط نظرية، بل عليك إيجاد بعض المنتجات أو الخدمات التي تعاني من مشاكل تسويقية، وكن انت البطل الذي يُغيّر كل شيء.
هذا المنتج أو الخدمة ربما يكونا لأحد الأصدقاء او الأهل أو المعارف أياً كان، أظهر لهم كشخص سوف يساعدهم في حل تلك المشاكل التسويقية التي يعانون منها، ثم قم بوضع كل مجهودك في عمل خطة تسويق مُتقَنة.
هناك طريقة أخرى، فربما عليك انتقاء أحد المنتجات القديمة التي كنت تحبها واختفت الآن.
هذا نفعله كثيراً في دوراتنا التدريبية، عندما نريد اختيار منتج لتطبيق الكورس بشكل عملي، فيتم اختيار منتج قديم، نحاول بحث لماذا اختفي من خلال بحث السوق وتحليل الموقف ثم نطوّر له خطة واستراتيجية من أجل إنجاحه في السوق مرة أخرى، وهذه في رأيي تكون من أكثر المشاريع متعة واثارة، وربما عليك تجربة هذه الطريقة، منفرداً أو مع فريق، لكى ترى بعض الحقائق المثيرة عن لماذا تختفي المنتجات وكيفية إعادتها مرة أخرى، ثم تكتسب المهارة العملية في التسويق أيضاً.
أيضاً رؤية الناس مرة أخرى لمنتجات قديمة كبروا معها يثير لديهم الذكريات، وهذا ما يسمى النوستالجيا.
سأكرر لك النصيحة، عندما تطوّر خطة تسويق لمشروعك الخاص أو منتج أو خدمة متاحة في السوق، هذا كله – بجانب أنه يُثقلك عملياً في التسويق – فهو أيضاً يُثقل ال CV الخاص بك، وهذا سيفيدك جداً في المسار المهني، سواء اخترت أن تعمل في شركات أو تعمل لحسابك الخاص.
استفيد من فرص التدريب
منح التدريب – Internships في الشركات هي برامج تدريبية تكون عادةً للخريجين الجُدد أو الطلاب وسأخبرك سبب التركيز على الخريجين الأقل سناً والطلاب بعد قليل. ابحث عن هذه المنح، قدّم عليها في الأوقات المناسبة، واكتسب الخبرة في هذه الأماكن، حتى لو بدون مقابل مادي، نعم هو طريق أطول لكن فائدته كبيرة جداً.
هناك شركات لن تمانع ان تتدرّب لديهم لفترة. اعرف ان هذا الأمر ينتشر بشكل كبير خصوصاً أمام طلبة الجامعة بالأخص، لكنه موجود ايضاً للخريجين وهو جزء من مسؤولية الشركات الاجتماعية ايضاً قبل أن يكون ميزة لها، والأهم من ذلك أن هذه الشركات تصرف مبالغ هائلة على استقطاب أفضل الأدمغة لكي تعمل معهم، هي الآن وبهذه المنح التدريبية سوف توفّر كثير من المال والجهد لأن لديها متدربين تم تدريبهم على أنظمة وطرق عمل الشركات ومهمة فريق ال HR الآن هو تصفية المتدربين وترقية الأفضل إلى المناصب والأدوار المطلوبة.
لماذا هذه المنح ترّكز على طلبة الجامعات والخريجين الجُدد – Fresh Graduates؟
لقد جرّبت هذه الحالة بنفسي، كنا نبحث عن بائع، ثم جئنا بأحدهم عمل في خدمة العملاء لعدد من السنين، كان لديه الشغف والإرادة ليُغيّر مجاله، وحاولت كثيراً تدريبه لتغيير ما تعلمه والروتين الذي امتصّه وتشبّع به في خدمة العملاء لكن الأمر كان عسير، ولم يستطع بسهولة (أو حتى بصعوبة) أن يدخل وينجح في المجال الجديد.
لذلك ببساطة الشركات تحب الخريج الجديد وتفضّله لأن مخه يكون (فاضي) تستطيع وضع فيه ما تريد، ويمتص الأمور الجديدة بشكل أفضل، هذا هو السبب ببساطة لتفضيل الشركات للخريجين الـ (فريش) والطلاب في تلك المنح التدريبية.
هناك صفحات على السوشيال ميديا وأشخاص متخصصين في متابعة ونشر هذه المنح التدريبية، يمكنك متابعتهم، لكن هناك طرق أخرى تجعلك لا تنتظر بل تبادر، ومنها أن تتواصل مع هذه الشركات بالإيميل أو بالهاتف، حتى لو عليك الاتصال برقم ارضى للشركة وتحاول الوصول لقسم الـ HR، المهم ان تصل للشركة بأي طريقة وتعرف ماهي الشروط والمعايير المطلوبة للحصول والانضمام للمنح التدريبية، وتعرف مواعيد التقديم، مع العلم أن المنطقي أن تكون اغلب المواعيد في الصيف لتناسب الطلبة بشكل خاص، وأن تعرف أيضاً أن أغلب هذه المنح التدريبية سوف تتوافر في الشركات الكبرى والشركات الدولية الكبرى – Multi-national، ولكن أيضاً لن تخسر من تجربة كل الطرق، فبالتأكيد هناك مواعيد تقديم غير الصيف، وأكيد هناك شركات أخرى متوسطة وصغيرة قد توّفر هذه المنح.
(هل المنح متوفرة أيضا إذا لم تكن طالب أو خريج جديد؟ أظن أن الأمر سيكون أصعب نوعا ما، لكن هناك دائماً طرق بديلة، من ضمنها مثلاً – والتي أراها من أفضل وأقصر الطرق لممارسة التسويق وهي طريقة شبيهه لفكرة المنح التدريبية، وهي أن تحاول أن تنضم لفريق التسويق في شركتك التي تعمل فيها حالياً، حتى لو بشكل مجاني تماماً، احصل من هنا على التدريب الكافي والممارسة التسويقية، واكسب ثقة الإدارة والتنفيذين الكبار في الشركة، ثم يأتي وقت تنضم فيه للتسويق بشكل رسمي.)
الفرق بين أدوار ووظائف البيع والتسويق
أولا علينا التفرقة بين كلمة – Selling، وهو مصطلح تسويقي، وبين كلمة مبيعات – Sales، والتي تضمنها معظم وظائف البيع الشهيرة مثل مندوب مبيعات – Sales Rep. أو قد تمثل كلمة المبيعات قسم كامل ومتكامل في الشركة، وليس مجرد دور أو وظيفة، فقسم المبيعات يشمل أدوار ووظائف متعددة وربما أدوار تسويقية أيضاً ومحاسبية، ويكون دور هذا القسم متابعة عمليات البيع وتسجيلها والحفاظ عليها بالشكل المناسب.
وظيفتك في البيع قد تكون مندوب بيع، تنفيذي بيع، مندوب توزيع، تنفيذي حساب/ مسئول عن عميل – Account Executive/ Manager (جزء من هذا الدور يكون تسويقي)، وغيرها من المسميات التي تختلف من طبيعة شركة لأخرى، ولكن العامل المشترك فيهم أنك تتعامل بشكل مباشر مع العملاء وتحاول إيصال إليهم رسالة البيع والترويج بشكل شخصي ومباشر.
التسويق في الشركة دوره يبدأ من تجميع بيانات عن السوق والتخطيط للبحوث التسويقية، وإعداد وتطوير استراتيجيات التسويق (التقسيم والاستهداف واستراتيجيات النمو و ..)، وأيضاً تطوير البرامج التسويقية (المنتج – التسعير – التوزيع – الدعاية)، وأخيراً تطوير خطط تنمية العلاقات المربحة مع العميل وتنفيذها.
أدوار ووظائف التسويق لا حصر لها بدءاً من مدير حساب – Account Manager (يتكفل بكل المهام التسويقية الخاصة بعملاء محددين، وفيها جزء بيعي أيضاً)، مساعد مدير علامة تجارية – Assistant Brand Manager، مدير علامة تجارية – Brand Manager ، مدير تسويق، ومساعد مدير تسويق، ومتخصص تسويق، ومنسق تسويق، و تنفيذي تسويقي – Marketing executive (فيها جزء بيعي)، مدير لإدارة التواصل والترويج – Communications Manager ، مسوق إلكتروني (Digital Marketing Specialist)، كاتب محتوى إعلاني …. ، وغيرها الكثير جداً من الأدوار والمسميات التسويقية.
يعتبر التسويق بشكل عام هو العقل المدبر، والبيع هو العضلات المنفذة، وعلى الرغم من قرب هذا التشبيه للواقع إلا أن حالنا الفعلي لا يطبق هذا التشبيه بحذافيره.
أعطيك مثال.. مساعد مدير علامة تجارية أو مدير علامة تجارية، من المنطقي أن يكون اختصاصه هو دراسة مشاكل المشترين وتحويلها لمنتجات مفيدة وتسعيرها وتوزيعها والترويج لها، لكن في الحقيقة وفى أغلب الشركات حتى الكبيرة منها تجد أن وظيفته التسويقية هي التوزيع، ويختص بمهام التسويق رجال التسويق ومديريه، وتجد أن دور مدير العلامة التجارية انحصر في جزء بسيط من التسويق وهو التوزيع ومراقبته، وربما المشاركة فيه (ينزل أحياناً المدير بنفسه ليشرف على عملية التوزيع).
الملخص هو أن البيع (البيع الشخصي) هو جزء من مزيج الترويج الذى تستخدمه الشركة لبيع منتجاتها، أما التسويق فهو نشاط وأدوار لا تنتهي تبدأ من تجميع البيانات عن السوق وتنفيذ البحوث التسويقية، مروراً ببرامج التسويق (منتج – تسعير – توزيع – الترويج) واستراتيجياته (تقسيم واستهداف وتكوين صور ذهنية واستراتيجية نمو البيزنس.. الخ) إلى بناء علاقات مربحة وطويلة المدى مع العميل.
البيع طريق هام للوصول للتسويق
البيع يساعدك للحصول على وظائف التسويق الجيدة
هناك طرق وأفكار عديدة للعمل في التسويق منها العمل في أدوار ووظائف مرتبطة بالتسويق، منها الحصول على شهادات متخصصة في أجزاء وأدوار معينة للتسويق، منها تطوير خطط تسويق عملية كدليل للشركات أنك قادر على أن تفيدهم تسويقياً، لكن تأتى كواحدة من أهم الطرق الأكيدة للعمل في التسويق هو أن تعمل فترة في البيع، ثم تنتقل للتسويق، وهذه الطريقة محبطة للكثير ممن يحبون العمل في التسويق ولا يريدون أن يحتكوا بمجال البيع.
لماذا البيع هو غالباً ما يكون أفضل طريق لدخول التسويق. السبب بسيط وهو أن البيع يجعلك تحتك بالسوق والبيئة المحيطة بالشركة والمنتج الذي تريد التسويق له، من ناحية المنافسة والموردين والموزعين، والأهم سوف تحتك بالزبائن والمشترين وتعرف احتياجاتهم وتعرف كيف يفكرون، وعندما تفعل ذلك سوف تمتلك قوة كبيرة جداً عندما تعمل في التسويق لأنك تعرف بالفعل كيف يفكر السوق وماذا يحتاج، حينها سوف تقوم بتطوير استراتيجية تناسب السوق، ومنتجات وتسعير وتوزيع وترويج يناسب هذا السوق.
لن تكتب إعلانات أو تطور محتوى موقع الكترونى من خبرة فارغة، لكن سوف تفعل كل ذلك بناء على فترة البيع التي قمت فيها بالاحتكاك بالسوق وفهم احتياجاتهم وطبيعته الشرائية.
هناك طرق كثيرة لكي تفهم مجال من المجالات، مثل سؤال المختصين وقراءة التقارير عن السوق، وعمل أبحاث عن السوق، لكن من خبرتي العملية بهذا الشأن أؤكد لك أنه لا يوجد أقوى من البيع لكى تفهم أي مجال، عندما تبيع المنتج فأنت تبيع خصائصه ومزاياه وفوائده التي تعود على المشتري، وبالتالي تفهم كل صغيرة وكبيرة في المنتج، وتعرف ماذا سوف ينجح مع المشترين، وعندما تنتقل لمجال التسويق – لنفس المنتج – فسوف تكون قادر على النجاح بشكل أكبر وأسرع.
البيع يعطيك الاحتكاك مع السوق (لا يوجد اكتساب خبرة أفضل من البيع)!
كيف تعمل في سوق المنتجات الغذائية؟
من أشهر الأمثلة على – البيع طريق التسويق – هو العمل في سوق المنتجات الغذائية والمنتجات سريعة الاستهلاك – FMCG، معظم الشركات الكبرى مثل Pepsi – P&G من المنطقي أن لديهم طريق واضح لكي تعمل لديهم في أقسام التسويق، كمدير علامة تجارية – Brand Manager (مدير العلامة التجارية (براند) من اهم وظائف وأدوار التسويق في هذا النوع من الشركات).
مدير العلامة التجارية غالباً ما يكون احتك بالسوق عن طريق العمل في البيع والتوزيع – كـ Sales Rep – وبعد هذا الاحتكاك وبجانب تطوير مهاراته في التسويق وربما الحصول على شهادات متخصصة يبدأ رحلة التسويق بشكل صحيح.
هذا يسرى على الكثير من المجالات، فمثلاً إذا أردت العمل في التسويق العقاري، ففرصتك في النجاح إذا عملت في البيع العقاري فترة سوف تكون أكبر من شخص لم يعمل في بيع العقارات.
الذي يسوّق العقارات سوف يكتب نصوص ترويجية تناسب احتياجات المشترين، سوف يطور موقع الكترونى يناسب ثقافة سوقه المستهدف، سوف يطور شعار ترويجي او جملة إعلانية تخاطب الشريحة المستهدفة بشكل صحيح، كل ذلك لأنه تفاعل مع شريحته المستهدفة عن قرب.
شخصياً.. كنت أكره البيع بشكل كبير جداً، ومن ضمن أسباب كرهي للبيع أن الناس تخلط بينه وبين التسويق، والشركات التي تريد متخصص تسويق تطلبك للدور تجد نفسك تعمل في البيع، لكن تعرضت في فترة لضغوط مالية واضطررت للعمل في البيع، وكانت هذه الفترة من أفضل فتراتي المهنية لأن البيع يعلمك الكثير جداً من الأشياء التي لا تستطيع أي مهنة أو وظيفة أخرى أن تعلمها لك، ثم أنها أعطتني خبرة السوق التي كنت أحتاجها.
هناك طرق كثيرة للعمل في التسويق، وطريقة العمل في البيع ثم الانتقال للتسويق هي واحدة من أهم هذه الطرق، سواء اعتبرت البيع خطوة فيها – لابد منها لكي تنتقل للتسويق، أو أنك رأيت البيع كشيء مفيد وعملي لكي تكتسب خبرة متخصصة قبل الانتقال في التسويق.
نصيحة أخيرة أثناء بحثك عن وظائف التسويق
نصيحي الأخيرة أثناء بحثك عن وظيفة التسويق المناسبة ليست منقولة من الكتب ولا الفيديوهات الحماسية على الانترنت، أقولها لك من واقع عملي وخبرتي في التسويق والبحث عن وظائف التسويق.
النصيحة هي ألاّ تبحث عن الطرق المختصرة، لأنه لا يوجد طرق مختصرة في هذا المجال، والنجاح في Career التسويق يحتاج لصبر خاص جداً.
في فترة من الفترات كنت مؤسس لموقع التسويق اليوم، وصاحب لـ 3 كتب في التسويق، منهم الكتاب الأشهر بينهم (الماركتينج بالمصري)، عملت على كثير من المشاريع الخاصة، وكانت حتى أول خطواتي في سوق العمل عملي معيد بالجامعة في تخصص الإدارة والتسويق وعلى الرغم من كل ذلك عانيت كثيراً جداً حتى أجد وظائف تسويق مناسبة، واضطررت للعمل في البيع لعدة سنوات اكتسبت بها خبرة السوق.
أخبرك بهذا الأمر لأن الكثير ممن يبحثون عن وظائف التسويق يشعرون أنهم في نزهة، سوف يقرأون هذا الكتاب أو يحضرون ذلك الكورس فيتحولون إلى عباقرة تسويق تتهافت عليهم الشركات، وهذا لن يحدث للأسف، ما سيحدث هو أنك سوف تقرأ كثيراً وتعمل كثيراً وتحاول وتصبر حتى تجد فرصة، وبعد الفرصة تأتي فرصة أخرى، ثم تليها فرصة أخرى، حتى تجد نفسك في المكان الذي تبحث عنه.
أخيرا يمكنك العودة لكتابي ” 8 خطوات لاقتناص وظائف التسويق” لنصائح وطرق إضافية.
ما الخطوات المطلوبة لاحتراف مجال التسويق؟
لا يوجد نموذج واحد يجب أن تسير عليه فتحصل على الخبرة وتتدرج في المجال بشكل فوري، ولكنها مراحل عامة، تشترك في أغلب المجال.
أبدأ بفهم أساسيات المجال وأبعاده بشكل عام
اعرف التسويق من منظوره الشامل سريعاً، لا تتعمق كثيراً في البداية، ولا داعي للتعمق، لأنك في هذه المرحلة لا تكون على دراية بخفايا التسويق.
أقول لك بأن من يدخل هذه المجال يتطور فكره وحبه ورغباته بشكل كبير بعد فترة من التعمق فيه، وذلك يعود لسبب بسيط وهو أن التسويق على شموليته واختلاف مواضيعه يخاطب كل شخص بما يحب ويفضّل وبما يلائم شخصيته، فهناك الشخص العلمي البحثي سوف يستمتع جداً بجانب البحوث التسويقية، وهناك الشخص المبدع المفكر سوف يذهب لقسم الاتصالات التسويقية المتكاملة بما فيها من إعلان وعلاقات عامة، وهناك الشخص الاستراتيجي المخطط والذي سوف يستمتع كثيراً بوضع الخطط والاستراتيجيات والتكتيكات التسويقية (جزئي المفضل!).. الخ
بالنسبة للكورسات التدريبية التي تبدأ بها، فمن رأيي يُستحسن ألا تجازف بحضور الدورات المتخصصة او التي تمتد لفترات بعيدة، والتي تكون مكلّفة نوعاً ما، ولكن حاول حضور دورات وورش عمل بسيطة وشاملة، وهناك أيضاً الندوات وايام التدريب والتي تجد الكثير منها في الجامعات وبعض مراكز التدريب. المهم هنا ألا تشغل نفسك كثيراً في البداية بدورات متخصصة مستهلكة للوقت والمال.
بمعنى أن الأفضل فهم المجال وأجزائه جيداً ومعرفة الهدف من التسويق الذي تتعلمه ثم تبدأ في التفكير في الشهادات المهمة في هذا المجال، وتذكر دائماً أن ما يهم الشركات فعلاً ليس الشهادات التي تُعلّقها في مكتبك، الذي يهمهم فعلاً هو القيمة – Value التي تضيفها لهم.
بالنسبة للقراءة في التسويق فهذه نقطة هامة جداً، لأنها ايضاً تفتح لك المجال لفهم التسويق وخباياه، قبل أن تحدد أي الطرق ستسلك وأي المجالات التسويقية ستختار، ويوجد الآن الكثير من المواقع والمنتديات التي تناقش مواضيع التسويق، وتستطيع ان تقرأ مقالات التسويق اليوم، ستجد عليها المواضيع التسويقية بشكل منتظم، وستستطيع ايضاً تكوين صورة شاملة قوية عن التسويق.
أتذكر الآن نصيحة من أحد كبار مجال البحث التسويقية عندما قال إن المشكلة عند بحث السوق ليست في قلة المعلومات عن السوق، بل المشكلة في انها كثيرة جداً، وهذا ما يحدث أمام من يريد أن يقرأ كتب في التسويق، هناك كتب كثيرة جداً ولا يوجد مجال تسويقي بدون كتب لكن الحقيقة هي أنه صعب جداً أن تقرأ كل هذه الكتب. أي كتاب تسويق تراه أمامك حاول أن تقرأه بلغته الأصلية، وأقصد هنا أنه إذا كنت أمام خيار أن تقرأ كتاب فيليب كوتلر بالإنجليزي أو مترجم فحاول أن تقرأ النسخة الاصلية الإنجليزية، لأن الترجمات الحرفية للكتب الأجنبية (لوّثت) التسويق.
بالنسبة للكتب التي تبدأ بها في هذه المرحلة الأولى، فهناك كتب تعالج التسويق بشكل منظم وسلس وبسيط، منها كتبي “الماركتينج بالمصري” وماركتينج من الآخر”، ومنها كتاب “التسويق للجميع” لرؤوف شبايك، ويمكنك الاستعانة بأي كتب أخرى تبسط لك المجال.
إذا كنت تفضل قراءة كتب أكبر، فأرشح لك كتب كوتلر بكل تأكيد، مثل كتاب كوتلر يتحدث عن التسويق (أو كتابه الأساسيات، وإن كنت أعتبره كتاب أكاديمي ولا أفضل قراءته في البداية)، وكتب مثل جوريلا ماركتنج لـ كونراد ليفنسون ستكون رائعة إذا كنت تفكر في التسويق لبدء عملك الخاص.
حدد أكثر قسم أو جزء تريد العمل به
في هذه المرحلة سوف تكون كونت صورة شاملة عن التسويق، ستأخذ القرار إذا كنت ستكمل في هذا المجال التسويقي أو أنه لم يرق لك وستبتعد عنه، ستعرف اي الأقسام في التسويق رغبتها أكثر، وبالتالي ستحدد جهودك في الاتجاه المفضّل لك.
أنصحك في هذه المرحلة بالتعمق أكثر، والحصول على دورات تدريبية أكثر تخصصاً في التسويق ، وذلك بدءاً من كورسات التسويق في مراكز التدريب المعروفة عالية الجودة، مروراً بكورسات التسويق في الجامعات المتخصصة ككلية الأعمال في الجامعة الأمريكية او ما يناظرها، انتهاءَ بدبلومات وشهادات التسويق العالمية مثل شهادة التسويق من معهد Chartered )مع تجنب الماجستير الأكاديمي – Masters، أو الماجستير المهني – MBA إلا في حالة أنك تريد تدريس التسويق أو العمل كمدير في شركة ما، وهذا قد لا يناسب ميزانيتك في البداية، الأفضل من وجهة نظري هي الدبلومات والكورسات المتخصصة في جزء محدد جدا من التسويق).
كلما زاد تخصصك في المجال كلما كنت أكثر فهم ودراية، وعلى أتم الاستعداد للممارسة العملية التي تحقق نتائج فعلا للشركات.
في مرحلة التخصص المتقدمة، تستطيع حتى أن تدّرس التسويق بدون أدنى مشكلة، وتستطيع القيام بأغلب المهام التسويقية، ستكون مهمتك الآن أن تختار نقطة تسويقية وتكون بارع فيها، وتتخصص في تدريسها او العمل بها حسب رغبتك.
10 أسباب لتحب التسويق
(هذه الـ 10 أسباب كتبتها في بداية دخولي المجال والكتابة فيه، لا تأخذ النصائح بجدية كبيرة! هي للتخفيف عن الذي يدخلون المجال الجدد، مع نظرة غريبة من المحيطين بهم! وضعتها في هذا الدليل لأنها غالبا تصلح لكل وقت، حتى في عصرنا الآن)
ينزل هذا الشاب المسكين من الأتوبيس ويجفف عرقه قبل أن يعدّل من الحقيبة العملاقة على ظهره وينظر في الورقة المدوّن عليها العنوان التالي، يستعرض أخيراً مهاراته الكلامية قبل أن يطرق باب الشركة ليعرض المنتج الجديد على صاحبها…” قصة رجل تسويق في القرن العشرين”
أعتقد أن هذا المنظر هو ما كان يعبر أمام أعين الرجل الأنيق في شركة من الشركات عندما نظر إلى (بقرف)، وأخبرني أنه لا يجد ما يجذب انتباهه في هذه المهنة.
وعندما شعرت بوجع في قدمي ذات يوم وذهبت إلى طبيب فسألني عن المهنة، وأخبرته أني أعمل في التسويق، شعرت حينها بمدى أسفه وألمه وتفهمه لموقفي وصعوباتي التي أواجهها في حياتي، وكأن لسان حاله “آه تسويق بقي ولف ودوران على الناس والبيوت.. ربنا يعينك!”
أحياناً أشعر أنى أريد أن أفتح القاموس وأذهب إلى كلمة تسويق فأمزقها إلى مئة جزء، ثم أحرق ما يتبقى منها، وكل هذا للأسف لأن أغلب الناس في وطننا لا يفقهون كثيراً ماذا تعنى كلمة تسويق..
لن (أوجع دماغي) بأن أعيد وأزيد في أن التسويق هو سر نجاح أي شخص وأي منظمة في الكون، وأن أمريكا لم تظهر إلا بالتسويق، وأن التسويق هو ذلك العلم الذى نستخدمه تلقائياً في كل يوم من أيام حياتنا.
ولكن هذه هي 10 أسباب قد تغير نظرتك عن الـ … ماركتينج:
1- الماركيتيرز يعيشون ببلاش! كما أخبرني زميلي من قبل فطالما أنه لا يوجد إنسان لا يحتاج إلى التسويق، سواء تسويق إمكانياته، خدماته، منتجاته، شركته، أو أي شيء يريد التخلص منه، فأنت ستأخذ منه ما تحتاج مقابل التسويق له (لا يستطيع أن يفعل هذا الطبيب أو المهندس)، وهي تشبه فكرة اليورو في أوروبا، والمقايضة أيام القدماء.
2- تصنيف المشاكل التسويقية كأكبر المشاكل في العالم، يجعل من خبراء التسويق الأغلى سعراً والأكبر قيمة، والأعلى مرتبات.
3- تستطيع أن تحترف التسويق، حتى لو كنت خريج معهد دودة القطن بالفلبين طالما قادر على التفكير والتعلم، لأن التسويق علم أساسه الأفكار والإبداع.
4- تستطيع استخدام التسويق الذي تعلمته في التسويق لمهاراتك وإمكانياتك والفوز بالوظائف أفضل من غيرك.
5- التسويق يبدأ عملياً من البحوث التسويقية وتحليل الأسواق، ويشمل تطوير المنتج، والتسعير والتوزيع والترويج والإعلان، بمعنى أنه لن يأتي وقت تجلس فيه بدون عمل.
6- تستطيع الزواج بالبنت التي تحبها طالما اتقنت العلم جيداً، بشرط أن تركز في تسويقك على إمكانياتك وتتغلب وتوارى نقاط ضعفك، ولا تدخل بيت أهلها بدون دراستها هي وأهلها دراسة تسويقية مستفيضة، ومن ضمن أدوات الدراسة الاستخبارات التسويقية (سؤال الجيران وأصحابها و … الخ).
7- تستطيع الدخول إلى أي شركة في العالم والتعرف على متخذي القرارات فيها، بحجة أنك قادر على التسويق والترويج لهم، لمجرد حبك في هذه الشركات، وأنك تملك الخطط الجهنمية من أجل زيادة أرباحهم.
8- وظيفة التسويق ليست موسمية، ولا تتأثر بالأزمات، فكلما زادت الأزمات على الشركات والكيانات التجارية، تستطيع الظهور بسحرك التسويقي لمساعدة الشركات على الخروج إلى السوق بشكل أقوى وأكثر ربحية.
9- تستطيع أن تواكب العصر، فالتسويق كونه (ماركتينج)، وتخيل معي ما تحمله هذه الكلمة الماركتينج من رائحة ورونق العصر الحديث، وخير دليل على ذلك أن التسويق يزداد رونقاً يوماً بعد يوم بالاعتماد على المجتمعات الالكترونية مثل فيس بوك وتويتر، وتستطيع أن تمارس وظيفتك التسويقية على جهازك الأنيق المحمول، ومن أي مكان وزمان.
10- أخيراً، أنه إذا دخلت مجال التسويق فستجد هناك دائماً من يساعدك.. التسويق اليوم.
نصائح عامة لدراسة التسويق بشكل صحيح
صادفني بحث آخر لطالبة، ويا للمفاجأة، إنه عن التسويق الأخضر!
موضوع القرن واسطورة العصر بالنسبة لكثير من أساتذة ودكاترة وجهابذة الجامعات في الوطن العربي، ذلك الموضوع الذي غيّر وسيغّير علم التسويق في بلادنا.
هذا الموضوع الذي إذا لم تقدم فيه بحث واحد على الأقل في جامعتك فسوف تكون انسان عادى تُلقى اليك الشركات بفتات المرتبات، لأنك كما تعلم لست اسطورة من أساطير التسويق في العالم الذين يعرفون ما هو التسويق الأخضر، وماهي الـ 3 Ps التي تمت اضافتها على التسويق عندما تحوّل لونه للون اخضر رائع!
أنتم تعلمون ايضاً ان هؤلاء الأساتذة والدكاترة في الجامعات لا يريدون منك الا ان تتكلم عن مواضيع حديثة و عصرية في التسويق، و بهذا الصدد، لا يوجد أفضل من التحدث عن التسويق الأخضر، الذي بدأ وانتشر الحديث عنه في الثمانينات، يبدو أن هؤلاء الأساتذة يعيشون في حقبة زمنية مختلفة أو ربما توقف التسويق عندهم عند هذه النقطة!
كيف تتعلم التسويق؟
كنت في فترة معيد في جامعة وهي وظيفة قد يتمناها الكثير، لكن الملل والروتين جعلوني اتركها، وكنت أساعد في تدريس مواد الإدارة والتسويق، وهنا أريد أن أؤكد لك شيء، سواء من فترتى في الجامعة كطالب او معيد فإن معظم الأبحاث المطلوبة والمنشورة في مجال التسويق مكانها سلة المهملات، وهي عناوين قديمة مكررة مملة نظرية لا تصلح للتطبيق في الشركات، الشركات احتياجاتها ابسط كثيراً، هم يريدون عمل وأدوات، و الحقيقة هي ان لا احد يساعدهم، دعني أتفاءل قليلاً، وأقول أن هناك القليل للمساعدة فعلاً.
كثير من أساتذة الجامعات (في المقابل هناك كثير آخرين ممتازين) توقف تفكيرهم في الثمانينات والتسعينات بسبب الكتب التي قرأوها في ذلك الوقت، وهي كانت كتب أكاديمية فاخرجوا هم بدورهم كتب اكاديمية مملة ايضاً، وظلّوا يكررون المصطلحات والنظريات المملة على الطلاب في كل سنة، حتى أنهم حفظوا هذه المصطلحات ولم يعد لديهم غيرها، هم غير محتكين بالسوق ولا يعرفون ماذا يحدث داخل الشركات، ولا يقرأون كتب أحدث في التسويق بالتالي لا يُخرجون في محاضراتهم شيء مفيد عملي يُذكر عن التسويق.
لذلك إذا قام محاضر في الجامعة من هؤلاء بالتحدث عن التسويق أؤكد لك ان الناس ستكره هذا المجال، وعلى الرغم من انى في هذا المجال من سنين واعمل واكتب فيه لكن كلمتين ثلاثة من هؤلاء المحاضرين الأكاديميين كفيلة بأن اكره مجالي المفضّل! فما بالك بطالب جامعة لا يعرف شيء اصلاً عن التسويق وهذا هو أول – وربما سيكون آخر – كلام يسمعه عن التسويق.
هل تعرف ماهي المشكلة الحقيقية، بالنسبة لهؤلاء الجامعيين او لغيرهم من المهتمين بمجال التسويق؟
المشكلة انهم يتوقعون أن تعلّم التسويق يكون عن طريق الأكاديمي في المجال، وفي رأيي أن هذه خرافة لا تصلح، لأن التسويق يقوم على الحالات العملية الناجحة (*يمكنك تعلم من اكاديمي لكن عندما يعطيك حالات نجاح و مصطلحات عملية ليس نظريات فقط).
بمعنى آخر، إذا كنت تريد تعلم التسويق فتعلمه عن طريق محترف تسويق او صاحب شركة ادار شركته تسويقياً بشكل صحيح، هنا سوف تستمتع بالتسويق وتفهمه فعلاً بعيداً عن المصطلحات المركبة المعقدة المملة.
ببساطة، التسويق لم يتم كتابة نظرياته ثم تم تنفيذها بنجاح، لكن العكس ما حدث، تم النجاح العملي في الشركات ثم وضع حالات النجاح التسويقية تلك في الكتب، اقصد الكتب الرائعة التي يمكنك أن تستمتع بها وتتعلم منها وليس كتب الجامعة التقليدية.
إذا لم تستطع أن تتعلم من ماركتير محترف بالقرب منك، ولم تحتك بالشركات، فعلى الأقل يمكنك تعلم التسويق عن طريق الـ Case Studies، وهي حالات نجاح لشركات يتم تجميعها بشكل تحليلي مفصّل، وهناك حالات نجاح يتم سردها بشكل خفيف ورائع جداً في كتب رائعة من ضمنها مثلا كتاب اسمه (100 Great Marketing Ideas)، إذا لم تقرأ هذا الكتاب فقد فاتك الكثير.
احذف النظري من قاموس التسويق لديك!
استراتيجيتي الآن في اى شيء اتعلمه عن التسويق او اعطيه في برامجي التدريبية هي هل هذا الشيء فعلاً عملي ومفيد وسوف استخدمه او يستخدمه المتدرب ام لا.. والإجابة هي ما تحدد هل أكمل دراسة او تدريس هذا المصطلح أو هذه النظرية ام احذفها من الكورس التدريبي او عملي عموماً.
في بداياتي بالتدريب في التسويق، كنت في مركز تدريب احاضر بديل او تكملة لمحاضر آخر، ووجدت أنه يعتمد في التسعير على نموذج الـ BEP، نموذج نقطة التعادل هذا هام جداً من ناحية الماليات ودراسة الجدوى لكى اعرف متى وكيف سأغطى تكاليفي سواء بشكل سنوي أو بشكل عام. وبدأت في استخدام نموذج نقطة التعادل لفترة في محاضراتي وانا غير مقتنع بجدوى لشخص يعمل في التسويق خصوصاً لمشروع ناشئ أو شركة متوسطة.
نموذج نقطة التعادل سوف يخبرني بأشياء مثل السعر الذي يجب على استخدامه لكي اغطى مصاريفي بعد سنة، لكن افترض أن هذا السعر هو 10 دولار، وسعر المنافسين هو 3 دولار، هل منطقي ان اضع سعره 10 دولار؟ نموذج نقطة التعادل قد يكون مؤشر مالي كما اخبرتك، لكن لكي يكون مفيد في التسعير، يجب دمجه باستراتيجيات التسعير الهامة مثل فهم القيمة والمنافسين وغيرها من عوامل التسعير الرئيسية والتي بدونها تكون نقطة التعادل مجرد نقطة نظرية لا معنى لها! لا أعرف لماذا يتم تدريس نقطة التعادل في المحاضرات والجامعات ومراكز التدريب على انها سر التسعير الأكبر! وعلى الرغم من أهمية نقطة التعادل كما أخبرتك في فهم التكاليف وتحقيق أهداف التسويق بشكل عام، لكنها ليست التسعير بكل تأكيد.
عندما بدأت التحضير لرسالة الماجستير في التسويق، اخترت نقطة بحث هي الـ Marketing Intelligence، وحاولت تجميع مصادر للبحث، وللعلم فإن مصادر البحث في الجامعات الحكومية يفضل ألا تعتمد على مصادر انجليزي فقط، فحاولت البحث عن مصادر عربي أيضا، ولم أجد!
اشتكيت لأحد معاوني التدريس فأخبرني بشيء عجيب جدا، وهو أني ربما ابحث بشكل خاطئ، انا ابحث عن الاستخبارات التسويقية، ربما علي أن أبحث بـ “الذكاء التسويقي” وفعلا بعد بحثي بهذا المصطلح وجدت العديد من المصادر! الفكرة انهم ترجموا المصطلح الإنجليزي بترجمة حرفية، وهذا يعني أنهم لا يفهمون عن ماذا يتحدثون! (كلمة Intelligence قد يتم ترجمتها ذكاء أو استخبارات وتجسس، والأصح في التسويق انها استخبارات لأنها تتعلق بالتجسس على السوق واخذ معلومات تفيدك في بحث السوق).
تعلم التسويق ومارسه عملي
نصيحتي لك في التسويق تتلخص في هذه النقاط:
أدرس التسويق بشكل صحيح، واقرأ حالات عملية كثيرة، واترك المصطلحات والنظريات العقيمة التي يتم تدريسها في الجامعات، لأنها غير محدّثة وغير عملية ولا مجدية في عملك في السوق سواء تطور مشروعك الخاص او تعمل او تريد العمل في شركات.
مارس التسويق بشكل عملي، وهناك طرق كثيرة لا تحتاج إلى أكثر من نشاطك وجهدك وارادتك لتمارس التسويق بدون اعذار، مثل أن تتطوع في مشروع ناشئ وتدير التسويق له ولو بشكل مجاني لاكتساب الخبرة، أو تطور لنفسك مشروع صغير، حتى لو على الورق وتقوم بتطوير خطة تسويق له، كما يمكنك اختيار منتج تحبه في السوق وترى انه ضعيف تسويقياً وتحاول تطوير خطة تسويق له، كل هذه الاختيارات ربما تأتى بعد المحاولات التقليدية للعمل في شركات حتى لو كتدريب في البداية.
نقطة مهمة مرتبطة بممارسة التسويق وهي ان التسويق لكي تمارسه فأنت غير مرتبط بمسمى وظيفي معين، فأنا اكتسبت خبرة تسويق وممارسة فادتني جداً في المجال عن طريق عملي في البيع لسنوات والذي كنت أكمله بشكل تسويقي، وعملك في تخصصات مثل إدارة التسويق على السوشيال ميديا او اجراء بعض الاستبيانات التسويقية كلها أمور تجعلك تمارس التسويق فعلاً، أو تكون قريب جداً من ذلك.
أما رسالتي لمن دخل موقعي عن طريق البحث عن التسويق الأخضر في جوجل، فأريد أن أقول له أن التسويق الأخضر مهم ومفيد ويجب ان تهتم به الشركات فعلاً، لكنه ليس موضوع العصر ولا هو أهم شيء في التسويق اليوم كما أوحى لك أستاذ الجامعة، هو موضوع عادي ابحث فيه وأنهى بحثك المتعلق به، لكى تأخذ درجاتك كاملة وتنجح في امتحان الجامعة، ثم انسى سخافات ونظريات الجامعة قليلاً وتعلم التسويق بشكله العملي الصحيح لكي تنجح في السوق!
كلام رائع…شكرا دكتور حسام
جهد كبير تشكر عليه وطريقة عرض أكثر من رائعة ومتميزة بـ بساطتها … قدمت العديد من الافكار القيمة والنقاط بشكل سريع رغم بعض الملاحظات الشخصية على بعض النقاط التي ذكرت فيما كتب ولكن الجهد الكبير واضح في خلاصة خبرة تتحدث عنها ونتمنى إستمرارك في التعريف في المعلومات والافكار وأرجو منك ان يكون هناك مقترحاً للقيام في دعم المحتوى العربي في هذا العلم
جهد رائع اخي حسام
مقال مفيد واكثر من رائع جزاك الله خيرا
بسم الله ما شاء الله عليك ,, طريقتك سهلة و منظمة ,, احسنت و جزاك الله خيراً
مقالة اكثر من ممتازة
تحياتي،،ليك
شكراً :)
ان شاء الله شكراً :)
شكراً بالتوفيق :)
جزانا واياكم. شكراً :)
شكراً. تحياتى :)
الله يوفقك استاذ حسام معلومات رائعه
شكراً :)
المقال ده ريفرنس والله ❤ 😄
متألق كالعادة ، هلا وضعت حسابك الشخصي على الفيسبوك
مقال من الآخر، ربنا يزيدك من فضله
مقال من الآخر، ربنا يزيدك من فضله
مقال من الآخر، ربنا يزيدك من فضله
شكرا