استراتيجيات التسعير | دليلك المتكامل لتسعير أي منتج أو خدمة
هذه المقالة هي دليلك المختصر للتعرف على أبرز استراتيجيات التسعير، مع نموذج سعري متكامل لمساعدتك على تطوير أفضل تسعير ممكن لمنتجك أو خدمتك.
التسعير هو عنصر من عناصر المزيج التسويقي، ولا يقوم البيزنس ولا التسويق بدونه. التسعير قد يكون سبب مباشر ورئيسي في نجاح بيزنس أو فشله. التسعير الجيد كنز! تسعير فوق الصحيح يضيع منك عملاء، تسعير أقل من الصحيح يضيع منك أرباح.
في هذا الدليل سوف أعرفك على أهمية التسعير، ونموذج التسعير المتكامل، واستراتيجيات التسعير المختلفة، سواء كنت تقدم منتج جديد للسوق، أو تطور مزيج مختلف من المنتجات.
مقدمة عن التسعير وأهميته
عن نفسي أضع للتسعير مكانة كبرى في التسويق، لأني رأيت العديد من عملائي ينجحون بسبب التسعير، ولا أقصد هنا أنهم قللوا أسعارهم فنجحوا، بل بالعكس، الكثير من البيزنس ينجح عندما يضع أسعار تحقق له أهدافه، قد تكون هذه الأسعار عالية، وتخاف أنت منها، لكن في الحقيقة تسبب في بناء موقع ذهني وبراند مميز، وتحقق لك نجاح كبير جدا، وأيضا هناك عملاء يحتاجون للتواضع ووضع أسعار تتناسب مع السوق والقيمة التي يراها المشترون، وفي كل الأحوال – ومع اختلاف الاستراتيجيات – كان التسعير من ضمن أهم وأول عوامل النجاح لعملائي.
ولأني أعرف قيمة السعر والتسعير الصحيح، فأميل كثيرا للخروج من حيرة التسعير وحساسية الأسعار، بالعمل في أسواق ومنتجات تشمل قيمة مضافة حقيقية، وهنا تبدأ المفاهيم تتغير، فبدلا من هوامش ربح قليلة ومنافسة شرسة، تجد أنك تقدم تسويق وترويج عالي المستوى، توجه فيه رسائل قوية تظهر فيها قوة التسويق والاعلان، وتحقق فيها نجاح أكبر بكثير من الدخول في سوق تقليدي حساس جدا للسعر.
أعلم جيدا أن الهروب من حيرة التسعير بمنتج وبراند مميز ليس في قدرة الجميع، لذلك – وفي كل الأحوال – عليك فهم نموذج التسعير الصحيح، وتطبيقه، ومهما كان منتجك أو خدمتك، تستطيع بتطبيق التسعير الصحيح، أن تصل لمعادلة النجاح.
لماذا تعتبر استراتيجية التسعير مهمة؟
أهمية التسعير تتجاوز فكرة تغطية التكاليف فقط! استراتيجية التسعير الفعالة تعطيك الإمكانية لتحقيق عدة أشياء:
زيادة هامش الربح: عندما تختار سياسة تسعير فعالة ومناسبة لطبيعة مشروعك تضمن تغطية تكاليفك وزيادة هامش الربح أيضا.
– التميز عن المنافسين: السعر المناسب يمكن أن يكون ميزة تنافسية لك تجذب بها سوقك المستهدف (بالطبع لا يمكن الاعتماد على السعر وحده للتميز في السوق لكنه من ضمن المزايا المهمة).
– تحسين وضع العلامة التجارية: هل تعلم أن السعر الذي تضعه للمنتج يعكس للناس جودة وقيمة المنتج الذي تقدمه؟ هذه نقطة مهمة!
– تطوير المنتجات: اتباعك لسياسة تسعير سليمة يعطيك رؤى واحصائيات حول قيمة المنتج في السوق، توقعات العملاء واحتياجاتهم، وما يرغبون في دفعه مقابل مميزات معينة وسمات في المنتج الذي تقدمه، وبالتالي تستطيع تطوير المنتج بشكل استراتيجي سليم يعود عليك بالأرباح التي تتمناها.
– الوضوح والتركيز: تحافظ الإستراتيجية الواضحة على تركيزك على أهداف التسعير الخاصة بك، مما يمنع اتخاذ القرارات العاطفية أو المتهورة.
– القرارات المبنية على البيانات: من خلال تحليل التكاليف وتحليل المنافسين، وتحليل سلوكيات المستهلك، يمكنك تحديد الأسعار بناءً على بيانات موثوقة، وليس على التخمين.
– المرونة والقدرة على التكيف: الأسواق واحتياجات العملاء تتغير وتتطور باستمرار. امتلاكك لاستراتيجية واضحة يساعدك في تعديل أسعارك حسب الحاجة مع الحفاظ على أهدافك العامة في نفس الوقت.
نموذج التسعير المتكامل – Pricing Model
على الرغم من أني سأعطيك العديد من استراتيجيات تسعير المنتج، لكن الخطأ الفادح هو افتراض أن هناك استراتيجية واحدة تكفيك للتسعير! دمجك بين هذه الاستراتيجيات سوف يصنع لك نموذج تسعير متكامل.
دعنا نسرد هذه الاستراتيجيات.
التسعير على أساس التكلفة – Cost-Based Pricing Strategy
أولا، ماهي تكلفة المنتج؟
تكلفة المنتج هي أي استثمار أو مال تكبدته من أجل إنتاج هذا المنتج، وحتى الجهد والوقت الذي وضعته في الإنتاج سوف نعتبره تكلفة، وعليك حسابها، والمال والجهد يظهرون بشكل أكبر في نموذج تسعير الخدمات.
الفرق بين التكاليف الثابتة والتكاليف المتغيرة؟
هناك نوعين رئيسيين من التكاليف، وسوف أتحدث عنهم بشكل عام، بدون تعمق، لأن الدخول في تفاصيلهم سوف يجعلنا ندخل في تفاصيل محاسبية، تتغير من شركة لشركة، ومن نظام لنظام، ومن مجال لمجال، لكن الآن علينا أن نفهم الفرق العام بينهم.
التكاليف الثابتة – Fixed Costs: هي تكاليف يتم تحملها بصفة دائمة بغض النظر عن حجم المبيعات مثل الإيجار والمرتبات والتأمينات والأعمال الرئيسية للبيزنس.
التكلفة المتغيرة لكل وحدة – Variable Costs: هذه هي النفقات التي تختلف بشكل مباشر مع حجم الإنتاج الخاص بك، مثل المواد الخام التي تدخل في الإنتاج، عدد ساعات موظفي تقديم الخدمة (خصوصاً في حالة تقديم خدمة مبنية على عمالة خارجية/ مؤقتة – Outsourcing)، والانتقالات ونقل المنتج.
بعد حساب التكاليف يتم وضع هامش للربح، هذا الهامش يتم حسابه من السعر – أو من التكلفة في بعض الأحيان – وبهذا تصل إلى السعر الذي تريد البيع به.
لنفترض أنك تتكلف في منتج ما 10 دولار، وتريد ربح 20% فالمعادلة المطلوب تطبيقها للوصول إلى السعر هي: 10 / مكمل الـ 20% (80%) = 12.5 دولار.
طريقة التسعير على أساس التكلفة ملائمة للشركات التي تتعامل في كميات كبيرة من المنتجات أو التي تنافس في أسواق يكون السعر/ التوزيع هو المسيطر على طبيعة المنافسة فيها. لكن من عيوب التركيز فقط على التسعير بالتكلفة تجاهل القيمة التي تقدمها للعميل و مكانتك ففي السوق ويجعلك تنسى التكاليف الخفية لذا يصبح ربحك في الغالب أقل من المتوقع.
ربط التكاليف بنقطة التعادل
نقطة التعادل – Break Even Point هو ذلك الرقم السحري، النقطة التي يغطي فيها إجمالي إيراداتك من المبيعات جميع تكاليفك (المباشرة وغير المباشرة)، وأي رقم بعده يٌعتبر ربح صافي – Profit.
بديهيًا تحتاج لتغطية تكاليفك (والوصول إلى نقطة التعادل) لتبدأ في الربح، فحساب تكاليفك بدقة هو جزء ضروري لوضع سعرك. معرفة نقطة التعادل الخاصة بك تضمن لك تحديد الأسعار التي تعطيك إيرادات كافية تغطي تكاليفك وتحقيق هامش ربح جيد في نفس الوقت، ولكن السؤال كيف تحسبها؟
معادلة حساب نقطة التعادل: نقطة التعادل (الوحدات) = إجمالي التكاليف الثابتة / (سعر الوحدة – التكلفة المتغيرة لكل وحدة).
مثال:
لنفترض أنك تدير مخبزًا ويبلغ إجمالي تكاليفك الثابتة 5000 دولار شهريًا. تكلفتك المتغيرة لإنتاج رغيف خبز هي 1 دولار، وتخطط لبيع كل رغيف مقابل 3 دولارات. حساب نقطة التعادل بالوحدات (عدد الأرغفة التي تحتاج إلى بيعها لتغطية تكاليفك) يكون كالآتي:
- نقطة التعادل (الوحدات) = 5000 دولار / (3 دولارات – 1 دولار) = 5000 دولار / 2 دولار = 2500 رغيف
- بعبارات أبسط: تحتاج إلى بيع 2500 رغيف خبز كل شهر لتغطية إجمالي نفقاتك وتحقيق التعادل. وأي مبيعات تزيد عن 2500 رغيف ستترجم إلى ربح صافي.
مثال آخر: شركة سيارات لديها التكاليف المتغيرة $18,000 في السيارة الواحدة، ومجموع التكاليف الثابتة هو $400,000 فإذا باعت في السنة 80 سيارة فهنا تحتاج لتغطية التكاليف الثابتة بما يعادل $5,000 في سعر كل سيارة أي تقسيم مبلغ التكلفة الثابتة على عدد السيارات وذلك حتى لا تحقق خسارة.
باستخدام هذه الطريقة، يمكنك تقييم نتائج تحديد مستويات أسعار مختلفة كالآتي:
1- إذا باعت الشركة السيارة بمبلغ أقل من $18,000 (التكلفة المتغيرة للسيارة الواحدة) فستحقق خسارة في كل وحدة مُباعة ولن تغطٍ أيًا من التكاليف الثابتة.
2- بيع 80 سيارة في السنة بسعر $18,000 يعنى خسارة $400,000 بدون تغطية التكاليف الثابتة.
3- البيع بسعر $23,000 سيؤدي لتساوى التكاليف الثابتة بالمبيعات، وبفرض بيع ال 80 سيارة فسيكون مساهمة الوحدة في التكلفة الثابتة تساوى $5,000*80= $400,000 وهو مبلغ التكاليف الثابتة.
4- البيع بسعر $24,000 سيؤدى لتحقيق ربح وبفرض بيع ال 80 سيارة ستصبح مساهمة كل وحدة في التكلفة الثابتة= $6,000*80= $480,000 مما يعنى تحقيق $80,000 بخلاف مبلغ التكلفة الثابتة.
السؤال الأهم في هذه الاستراتيجية، هل يجب تغطية كل التكاليف في السعر؟
الإجابة بالطبع لا، لن تستطيع فعل ذلك في البداية لأنك مرتبط بسعر سوق وقيمة للمنتج.
الذي يحدث هو أنك يجب أن تغطي على الأقل تكاليفك المتغيرة (عدم تكلفة التكلفة المتغيرة يعني أن موديل البيزنس نفسه خاطئ)، ثم ستضع هامش ربح، هذا الهامش – Contribution Margin يساهم كل مرة في تغطية جزء من التكاليف الثابتة، ومع زيادة البيع (بزيادة التسويق عموما او مثلا زيادة التوزيع والانتاج) سيتم تغطية جميع المصاريف عند نقطة التعادل. كل ما في الأمر هو معرفة أين هي نقطة التعادل لكي تعرف أين ومتى سوف تحقق الربح الصافي.
التسعير على أساس القيمة – Value-Based Pricing Strategy
التسعير حسب القيمة يعني البداية من السوق والمشترين، بفهم القيمة التي يرونها في المنتج، أو بمعنى آخر سقف السعر الذي يربطوه بمنتج ما وفوائده بالنسبة لهم، قد يكون هذا السقف منخفض للغاية، وقد يكون عالي للغاية، وقد تكون بين هذا وذاك، ويجب أن تتقن استراتيجية التسعير بالقيمة، لأن التسعير بالقيمة من وجهة نظري هي تطبيق مباشر لأفكار التسويق الحديثة، القائمة على تحديد وفهم احتياجات العميل قبل تنفيذ أي استراتيجية تسويق.
مجال التسويق الذي أعمل به مثلا يقوم بشكل كامل على هذا النوع من التسعير، فقد تقدم تسويق يجعل شركة تحقق 10 آلاف دولار تتحول لشركة تحقق 100 ألف دولار، حينها يجب أن تضع سعر يتناسب مع القيمة التي تقدمها – ويراها عميلك – والعكس صحيح، فهناك الكثير جدا من الشركات الأخرى، التي قد تقلل من قيمة التسويق الذي أقدمه، وتعتقد أنها يمكنها الحصول على خدمات تسويق مشابهة بربع السعر!
اختلاف القيمة من شخص لشخص ومن شركة لشركة، يعود لعوامل لا حصر لها، مثل تجارب المشترين السابقة، المقارنة بالمنافسين (References)، حجم الشركة وأهدافها، أو قدرة الأفراد المالية، كما أن الأذواق والتفضيلات الشخصية تساهم بشكل كبير جدا في تحديد قيمة المنتجات.
أكبر مصدر للقيمة هي المنفعة – العاطفية في أوقات كثيرة – التي تعود على المشتري أو المستخدم.
قد يتم حساب المنفعة بشكل منطقي وحسابي كما في هذا المثال: –
مثال: تكلفة عامل لإصلاح الأنبوب المنفجر في منزل العميل قد تكون 5 دولار من أجل الانتقالات، 5 دولار للمعدات و 30 دولار أجره في ساعة عمل، ولكن قيمة الخدمة المقدمة للعميل (الذي قد تكون المياه تسربت في جميع أنحاء منزله) هي أكثر من 40 دولار لذا فالعامل هنا من الممكن أن يُحدد 100 دولار كأجره نظير هذا العمل.
لكن في الأغلب لا تستطيع أنت ولا المشترين تحديد المنافع العاطفية بهذه الطريقة.
عندما أقدم خدمات التسويق للشركات، أعرف أني اتميز بعدة مزايا يعرفها عملائي جيدا، فأنا أطبق التسويق بشكل علمي، كما أني أميل لإتقان أي شيء أقوم به، وبما أني في مجال تنفق الشركات الملايين من أموالها على التسويق والاعلان، فتصبح المنفعة هنا التي يحصل عليها العملاء منفعة تتعلق بالثقة والاطمئنان على أموالهم، وهي منفعة لا تُقدر بثمن بالنسبة لهم، وهي قيمة كبيرة أحاول أن أضعها في تسعيري، حتى إذا كنت غير قادر على تحديدها بدقة.
لماذا التسعير على أساس التكلفة ليس كافيا؟
تبدأ العديد من الشركات بالتسعير على أساس التكلفة، حيث تقوم ببساطة بإضافة هامش ربح إلى تكاليف الإنتاج الخاصة بها للوصول إلى سعر البيع. ورغم أن التسعير على أساس التكلفة استراتيجية منطقية، إلا أن لها عيوب:
إهمال قيمة العميل: يفشل التسعير على أساس التكلفة في مراعاة القيمة التي يقدمها منتجك أو خدمتك للعملاء. ما المشكلة التي يحلها المنتج؟ ما هي الفوائد التي تقدمها؟
إن التركيز فقط على التكاليف يتجاهل نقطة مهمة وهي القيمة التي يراها العميل في المنتج، وبالتالي استعداده لدفع السعر الذي حددته له.
فرص ضائعة: من خلال التركيز فقط على تغطية التكاليف في حد ذاته قد يُضيع عليك فرص ربحية كبيرة. فقد تكتشف من دراستك للسوق والجمهور المستهدف أنه يُمكنك وضع سعر أعلى يعكس القيمة التي تقدمها وبالتالي تحقيق أرباح أكبر وليس فقط تغطية التكاليف.
عدم التميز في السوق: غالبًا ما يؤدي التسعير على أساس التكلفة إلى أسعار مشابهة مع المنافسين.
مثال، تخيل مخبزًا يستخدم التسعير على أساس التكلفة. فيحسب تكاليف الدقيق والعمالة والتكاليف الأخرى ويحدد عليها السعر. لا فرق بينه هنا وبين المخبز المجاور الذي يحسب السعر بنفس الطريقة! لكن ماذا إذا قام صاحب المخبز بدراسة المنتج واستخراج المزايا التنافسية – Differentiation؟ فيجد أنه يستخدم نوع فاخر من الدقيق، أو يصنع الخبز بطريقة ومكونات جديدة، أو يضيف بعض النكهات أو المكونات الصحية في الخبز.
عندما يفهم صاحب المخبز مزايا منتجه جيدا والقيمة التي يقدمها لعميله، سيستطيع وضع سعر مختلف للمنتج لا يقتصر فقط على التكلفة ولكن على القيمة التي يقدمها للعميل في هذا الرغيف.
إعرف المزيد عن التسعير بناء على القيمة.
بعد هذا الشرح، بنسبة كبيرة سوف تظن أن التسعير بالقيمة، يعني أنت تضع أسعار عالية لمشترين يرون قيمة كبيرة في المنتج، وهذا خاطئ. التسعير بالقيمة ينقسم لنوعين.
تسعير ذو قيمة جيدة (التسعير العادل) – Good Value Pricing
التسعير هنا يكون في سوق مغلق تنافسي، لا تمتلك فيه الكثير من المزايا التنافسية.
عليك بمعرفة القيمة التي يضعها المشترون في المنتج الذي تقدمه. ابدأ منها، حددها ثم حدد تكلفة المنتج المطلوبة لكي تضع سعرك حسب القيمة، وتظل تربح من وراء هذا السوق.
سوف يتطلب منك الأمر البحث عن سلسلة إمداد تتناسب مع القيمة، وهنا يظهر دور الموردين – Suppliers ويظهر دور البحث والخبرة، في معرفة أفضل مورد بأفضل تكلفة (وبالتالي أسعار تناسب العميل وهوامش ربح جيدة).
تسعير القيمة المضافة – Value Added Pricing
هنا التسعير يقوم على فكرة تقديم منتج بقيمة أعلى من الموجودة في السوق (قيمة أعلى من التي يراها العميل في المنتج) وبسعر أعلى من المنافسين.
مثال: يتقاضى مثلا مستشار قانوني سعرًا أعلى من أي منافس لأن لديه قيمة مميزة غير موجودة في السوق مثل سنين الخبرة – الشهادات العلمية – تاريخ حافل من الحالات العملية الناجحة وغيره.
هذا هو التسويق المفضل بالنسبة لي، وبالطبع لا أفرضه عليك لأن ظروف السوق قد لا تساعدك، لكني بشكل عام أميل للتسويق الذي يضيف شيء جديد للسوق والمشتري، وليس التسويق التقليدي الذي يدخل سوق ملئ بالمنافسة ويحارب بالسعر.
لذلك لو على أن أنصحك نصيحة واحدة، فهي أن تقدم شيء جديد إضافي للسوق، يخرجك من حرب الأسعار، ويخرجك من دائرة المنافسة بالسعر والخصومات، لتدخل إلى حيز التسعير بالقيمة الإضافية.
كيف تحصل على أفكار لقيم إضافية؟ هذا موضوع يطول شرحه، يمكنك الاستعانة بمقالة كيف تستخرج وتطور المزايا التنافسية الفريدة.
التسعير على أساس المنافسين – Competitive Pricing Strategy
التسعير حسب المنافسين يعني تحديد سعر – أو حيز سعر المنافسين في السوق – وتحديد سعرك بناء على هذا السعر. قد يكون سعر مطابق لهم، أو سعر مشابه لهم، سواء أقل أو أعلى، لكن ليس أقل كثيرا ولا أكثر كثيرا لأنك لو فعلت ذلك فأنت في استراتيجية تسعير مختلفة عن التسعير طبقا للمنافسين.
يتوقف تسعيرك حسب المنافسين أيضا على مزاياك التنافسية وموقعك الذهني في السوق، فإذا كان لديك بعض المزايا الإضافية عن المنافسين، فقد تختار سعر أعلى، وإذا كان لديك مزايا أقل فقد تحتاج وضع سعر أقل، لكن هاذين النوعين من التقارب في السعر ليست قواعد ثابتة، فهناك استراتيجية الموقع الذهني العام، وهي التي تحدد سعرك مقارنة بالمنافسين في السوق.
استراتيجية التسعير حسب المنافسين مربوطة بحساسية السعر ومرونة الطلب، كما سنتحدث بعد قليل. لكن بشكل عام.. في الأسواق ذات المنافسة الكبيرة نسبيا، في حالة اختيار السعر الأعلى ستربح أكثر في الوحدة الواحدة و لكن قد يؤدى ذلك لإجمالي مبيعات منخفض لتفضيل المستهلكين السعر الأقل، و إن قمت باختيار السعر المنخفض سيرتفع إجمالي المبيعات و يقل ربحك في السلعة الواحدة.
استراتيجية التسعير طبقا للمنافسين مفضلة لكثير من الشركات لأسباب عديدة.
تبعدهم عن الحيرة والحسابات المعقدة، فهي ترى الطريقة الناجحة في السوق والسعر المتداول الشائع وتسعر حسب ذلك.
تجعلهم في حيز الأمان، فطالما هناك سعر معروف في السوق ويشتري به الناس، فهذا سعر جيد وناجح على الأغلب.
المشكلة أنه باتباعك استراتيجية التسعير حسب المنافسين، فأنت مثلهم على الأرجح في كل شيء آخر، وهذا يتطلب منك الكثير من المجهود والمال في باقي عناصر التسويق، مثل الترويج والتوزيع، وإضافة تطويرات على المنتج، ليشتري الناس منتجك على حساب المنتجات المنافسة، القريبة من سعرك، أو المطابقة له.
هذه هي الاستراتيجيات الثلاثة الأشهر في التسعير، لكن سيكون من السذاجة – كما أخبرتك – أن تعتقد أن عليك اتباع نموذج واحد منهم في معزل عن الآخر. الـ 3 استراتيجيات مكملين لبعض تماما، فالتسعير حسب القيمة سوف يجعلك ترى التكلفة بشكل جيد وتضع عليها هامش ربح لكي تصل إلى السعر المناسب، وهذا يجب أن يكون مربوط بأسعار المنافسين، فأنت طبقا للمنافسة – وموقعك الذهني التنافسي في السوق – تقوم باختيار الاستراتيجية التسعيرية الأنسب لك.
لم بنتهي نموذج التسعير بعد!
هناك عوامل عديدة يجب أن تقوم بمراجعتها قبل التسعير، ومن ضمنها:
أهداف التسعير – Pricing Objectives
أهداف التسعير هي جزء من استراتيجية وأهداف التسويق ككل.
اختيار استراتيجية التسعير المناسبة مرتبط بفهم الأهداف التسعيرية المختلفة، فهل أنت تريد زيادة هامش الربح أم اختراق السوق وكسب حصة فيه أم التغلب على المنافسة في السوق؟ وضوح الهدف من التسعير يساعدك في اتخاذ قرارات تسعيرية مناسبة وبالتالي تحقيق نتائج فعالة.
فيما يلي بعض أنواع الأهداف التسعيرية المختلفة:
– تعزيز هامش الربح: في هذه الحالة تقوم باختيار استراتيجيات التسعير التي تحقق أعلى نسب أرباح ممكنة لكل وحدة مباعة من المنتج.
– كسب حصة سوقية: وجذب قاعدة أكبر من العملاء، وهنا يمكنك تحقيق الهدف من خلال تقديم أسعار تنافسية واستخدام استراتيجيات مثل التسعير العادل أو الاختراق.
– تحقيق عائد محدد على الاستثمار (ROI): يؤكد هذا الهدف على استرداد تكاليف البيزنس الأولية والوصول إلى نقطة التعادل وتحقيق المستوى المطلوب من الربح.
– التغلب على المنافسة في السوق: يمكنك محاولة إخراج المنافسين من السوق، أو منع دخول منافسين جدد للسوق، غبر وضع استراتيجية تسعير صعبة على المنافسين، مثل أسعار قليلة مع هوامش ربح قليلة للغاية، وهذا النموذج تتبعه شركات المواد الاستهلاكية والغذائية العالمية الكبرى.
– الحفاظ على العملاء وتعزيز الولاء: يمكنك فعل ذلك بتصميم استراتيجيات تسعير جذابة، وبرامج النقاط والولاء، لجعل العميل يستمر في الشراء منك بتكرارات عالية ومستمرة. ويمكنك استخدام استراتيجيات مشابهة أيضاً لجذب العملاء الجدد.
– تسليط الضوء على البراند – Brand Exposure: إذا رأيت أشخاص عديدة يمرون أمامك يحملون حقائب شراء من براند معينة، بالتأكيد سوف يلفت هذا انتباهك ويجعلك تريد أن تعرف أكثر عن هذا البراند.
تستخدم البراندات سياسات التسعير لكي تضع الضوء والتركيز عليها، وهناك عدة استراتيجيات لفعل ذلك مثل تقليل السعر جدا بالعروض والخصومات، أو بالأسعار الترويجية، وقد تفعل العكس بوضع أسعار عالية جدا مع تمييز نفسها بقيمة مختلفة، وغالبا ما يأتي هذا مع استراتيجية ترويج واعلام مكثفة ومميزة.
المزيج التسويقي – Marketing Mix
استراتيجية المزيج التسويقي التي تضعها للمنتج مؤثرة بشكل كبير على تسعيرك.
هناك شركات يميل مزيجها التسويق لعنصر مثل المنتج وجودته، وغالبا يؤدي هذا لتقليل الضغط على عنصر السعر، وهناك شركات أخرى تركز على التوزيع والسعر، فتقلل الضغط على المنتج، وفي كل الحالات سوف تضع تسعيرك بناء على مزيجك التسويقي.
هنا يمكنك مراجعة المزيج التسويقي | لماذا نسميه مزيج؟
وبشكل عام يمكن أن يؤثر التسعير على باقي العناصر في المزيج، ويتأثر بهم كالتالي:-
المنتج: يمكن أن يؤثر تسعيرك بشكل كبير على كيفية إدراك العملاء لقيمة منتجك وجودته. السعر العالي مثلا مرتبط عند بعض العملاء بالجودة العالية للمنتج، في حين أن نفس المنتج قد يدخل في حيز المنتجات الاقتصادية متوسطة الجودة بمجرد خفض سعره.
التوزيع: يمكن أن تؤثر استراتيجية التسعير الخاصة بك على اختيارك لقنوات التوزيع واستراتيجية المبيعات. على سبيل المثال، قد يتم بيع منتج مرتفع السعر مباشرة من خلال موقع الويب الخاص بك، لكن قد تقوم بالتوزيع في متاجر البيع بالتجزئة مع منتج سعره منخفض.
الترويج: يمكن أن تؤثر أسعارك على رسائلك الترويجية والجمهور الذي تستهدفه. فمثلا الخصم في إعلانك سيجذب عملاء أكثر حساسية للسعر، في حين أن تسليط الضوء على القيمة يؤثر أكثر مع العملاء المستعدين لدفع أي ثمن مقابل الحصول على منتج بجودة وقيمة عالية.
حساسية السعر ومرونة الطلب – Elasticity
ببساطة تعني كيف سيكون الطلب على المنتج عندما يحدث أي تغير على سعره؟ هناك نوعين من الطلب:
طلب مرن: هنا يكون الطلب سريع الاستجابة لتقلبات الأسعار، فمثلا يممكن أن تؤدي الزيادة الكبيرة في الأسعار إلى انخفاض كبير في المبيعات، والعكس صحيح.
مثال: تخيل ماركة ملابس فاخرة. قد يؤدي الارتفاع الكبير في أسعار حقائب اليد المصممة إلى تثبيط العديد من المشترين المحتملين، مما يؤدي إلى انخفاض المبيعات.
طلب غير مرن: هنا يظل الطلب ثابتا نسبيا على الرغم من تغيرات الأسعار. قد يظل العملاء على استعداد لشراء منتجك أو خدمتك حتى لو زاد السعر، والعكس صحيح. وينطبق هذا غالبًا على السلع أو الخدمات الأساسية التي تكون بدائلها محدودة.
مثال: فكر في الضروريات اليومية مثل الخبز أو البنزين، وحتى مع الزيادات المعتدلة في الأسعار، فمن المرجح أن يستمر الناس في شراء هذه المنتجات لأنها أساسية ولا توجد بدائل لها.
أهمية فهم مرونة الطلب وحساسية السعر:
يساعدك في اتخاذ قرارات تسعير سليمة، فمثلا، إذا كان لديك منتج ذو طلب مرن (سريع الاستجابة لتغيرات الأسعار)، فقد تحتاج إلى أن تكون أكثر حذرًا مع زيادات الأسعار لتجنب انخفاض المبيعات.
على العكس مع الطلب غير المرن، قد يكون لديك المزيد من المرونة لضبط الأسعار دون التأثير بشكل كبير على حجم المبيعات.
عوامل خارجية – External Factors
هناك العديد من العوامل الخارجية الخارجة عن سيطرتك تماما، والتي تفرض عليك استراتيجيات تسعير معينة، ومن ضمنها:
الظروف الاقتصادية من حولك تؤثرك على قرارات الناس الشرائية، وسلوكهم نحو تفضيل سلع أساسية مثلا، أو الاتجاه للسلع الترفيهية التكميلية في حالة تحسن ظروف الاقتصاد.
البيئة السياسية والظروف القانونية: خروج قوانين تؤثر على الاستثمار مثلا أو توريد المنتجات من الخارج، أو التصنيع، أو قوانين تخص المستهلك، كلها تؤثر بشكل ما إما على تكاليف أو أسعارك النهائية.
الثقافة والأذواق: تغير الثقافة والتريند وذوق الناس في السوق سوف يؤثر على أسعارك، فمثلا الضغط على منتج معين تنتجه لأنه أصبح موضة قد يجعلك ترفع سعره، أو تخفضه حسب الاستراتيجية، وأيضا إحجام الناس عن شراء منتجات معينة وقلة الرغبة فيها، أيضا قد يؤثر على استراتيجية التسعير، أو حتى استراتيجية البيزنس بشكل عام.
أفضل استراتيجية للتسعير!
مرة أخرى، لا يوجد استراتيجية تسعير واحدة – سحرية – تحقق لك أهدافك.
يجب أن تتبع نموذج التسعير بالكامل، وتجعل عناصره جميعا يتكاملون بشكل فعال، بما يحقق أهدافك واستراتيجيتك.
لا يوجد تسعير حسب القيمة، لا يحسب التكاليف ويضع هامش ربح فوقه، ولا يمكنك تسعير حسب التكلفة أو القيمة بدون المنافسين في الحسبان، ولا تستطيع استخدام الاستراتيجيات الثلاثة بدون وضع العوامل الخارجية وظروف السوق في اعتبارك.
ابدأ النموذج من أي خطوة تريدها طالما سوف تتكامل الخطوات في النهاية، لكن عن نفسي أفضل أن تبدأ دائما ببحث السوق وتحليله بحثا عن القيمة التي يراها المشترون في المنتج، مع وضع في اعتبارك أسعار المنافسين في السوق، ثم تذهب لحساب التكلفة وانشاء سلسلة توريد تتناسب مع القيمة، ومع هذا سوف تضع باعتبارك جميع العوامل الأخرى، مثل حساسية السعر ومرونة الطلب، مزيجك واستراتيجيك واهدافك التسويقية والتسعيرية، وغيرها من العوامل التي ذكرناها في النموذج.
استراتيجيات دخول السوق بمنتج جديد – New Product Pricing
ماذا تفعل إذا وجدت نفسك تقدم للناس منتج أو خدمة جديدة كلياً؟ لا أعنى براند جديد، أو تطوير لمنتج حالي، أو دخول شركة جديدة في السوق، لكن أقصد منتج جديد تماما، مثل الموبايل في أول ظهوره، أو سيارات تعمل بالكهرباء مثلا في بدايتها.
قد لا تستطيع اختراع منتج جديد، لكنك مثلا تستطيع جلب منتج جديد بمزايا فريدة من الصين مثلا، وتقديمه في بلدك. الميزة هنا – وقد تكون المشكلة في نفس الوقت – أن الناس لا يستطيعون تقدير قيمة المنتج الحقيقية، لأنه منتج جديد، بدون شبيه وبدون منافس تقليدي – كـ Reference – يستطيعون العودة له لتقييم منتجك.
في هذه الحالة سوف يكون أمامك طريقين للتسعير:-
استراتيجية كشط السوق – Skimming Pricing
معناها أنك تأخذ كريمة أو قشدة السوق، فترفع كثيرا من سعر المنتج، وتستغل أن هناك عدد من متبني المنتجات الجديدة – Early Adopters سوف يشترون المنتج في مرحلة الإطلاق الأولى، وهم يفعلون ذلك لأن هذه طبيعتهم، يحبون أن يكون أول من يشتري المنتج ويجربه، يحبون التميز والتفرد أمام زملائهم وأصحابهم وعائلاتهم، ولديهم أيضا القدرة المادية لفعل ذلك.
مشكلة هذه الطريقة أنها تحمل خطورة كبيرة لأنك تبيع لشريحة قليلة من السوق، إذا لم تقتنع بالمنتج وتشتريه فسوف تخسر البيزنس كله تقريبا، لأنك لن تستطيع الربح من وراء هذا المنتج الجديد.
عيب آخر في هذه الطريقة، وهو جذب المنافسين الذين يرون ربح عالي لديك، وهم لديهم استعداد للعمل بجهد لتطوير نفس المنتج بسعر أقل، وسوف يحصلون أيضا على هامش ربح معقول.
قد يشعر عملاءك بعد فترة بالاستياء بعد اكتشافهم أن سعرك كان عالي ثم هبط بعد فترة من التقديم ودخول المنافسين، لكن هذا غالبا ما يتم تقفله من أغلب الزبائن الذي يعرفون جيدا أنهم يحصلون على المنتج في بداية إطلاقه بسعر أعلى، وهم Early Adopters، يعرفون جيدا أنهم يشتروه في البداية من دافع الفضول أو حب الظهور والتفرد.
استراتيجية الكشط لها مزايا كثيرة، من ضمنها وضع منتجك في حيز ذهني وصورة فريدة في السوق، ويحقق بدون شك أرباح كبيرة في بداية الاستراتيجية، لكن يجب أن يتبع الاستراتيجية ترويج وإعلان واعلام مكثف للغاية للحصول على أقصى أرباح ممكنة، قبل دخول المنافسين (السريع كالعادة).
قد تكون استراتيجية شركات مثل فودافون في مصر (كليك) سابقا، من أشهر الأمثلة على الكشط، حيث كانت تقدم خطوط الموبايل بأرقام خرافية، واعتمدت على أن من يشريها هم فقط متبني المنتجات الجديدة والمبتكرة – Early Adopter
استراتيجية اختراق السوق – Penetration Pricing
هذه استراتيجية مناقضة لاستراتيجية الكشط، وهي أقل حدة، وتعتمد على طرق ترويجية مثل كلام الناس عن المنتج – Word-of-mouth، وانتشاره الكبير بينهم.
تعتمد الاستراتيجية على وضع سعر أقل من سعر الكشط كثيرا، لكي لا يمانع الجدد في السوق، والشريحة التقليدية التي تشتري بعد فترة، من تجربة المنتج وشرائه في بداية نزوله، كما أن هذه الاستراتيجية ليست جاذبة للمنافسين الجدد كما في حالة الكشط.
في أمريكا كانت شركة AOL من الشركات التي نشرت ثقافة الانترنت في أمريكا، وكانت تنشر أقراص تثبيت الانترنت واستخدامها في كل مكان، لكي يحصل على الافراد ويستخدمون خدمات الانترنت منهم.
عموما استخدام استراتيجية تسعير المنتج الجديد تتوقف أيضا على التكنولوجيا والتكاليف في هذا المنتج، فمثلا منتجات الاتصالات والإلكترونيات غالبا ما تشمل تكاليف صناعة وإنتاج، يجعل الشركات تفضل فيها استراتيجيات الكشط عن الاختراق.
استراتيجيات تسعير مزيج من المنتجات – Product Mix Pricing
ماذا تفعل إذا وجدت نفسك تبيع أكثر من منتج، قد يكونوا منتجات متناسقة لنفس الشريحة من السوق، وقد تكون منتجات متنوعة، هنا يظهر بعض استراتيجيات التسويق المتقدمة التي تستحق الذكر.
أولا هناك نوعين من تنويعة المنتجات.
منتجات تخدم نفس السوق – Product line ، وهناك تشكيل من المنتجات يخدم أسواق مختلفة – Product Mix.
في كلا الحالتين يجب أن تصفي منتجاتك وتجمع في بوتقات متجانسة (Categorization)، أما عن كيفية فلترة عدد من المنتجات وتشكيلهم في مجموعات متجانسة، كل مجموعة تستهدف سوق معين، فهذه قضية تسويقية تتعلق بالاستراتيجية والبراندينج، لكن ما يهمنا الآن هو التسعير لهذه المجموعات والتشكيلات المتنوعة.
تسعير خط المنتجات – Product Line Pricing
أول استراتيجية تسعيرية هي وضع المنتجات على خط منتج – Product-line، وإعطاء كل منتج سعر على هذا الخط. التفاوت في الأسعار تعطى انطباع للمشترين عن الفرق بين الجودة والامكانيات بين هذه المنتجات.
طالما أحبب واستعنت بهذه الاستراتيجية لأنها تخرجني من مواقف تسويقية عديدة، أبرزها عندما تشتد المنافسة في سوق معين، ويبدأ منافس بالاستحواذ على نصيب سوق منك، بسعر أقل كثيرا، حينها تستعين بخط المنتج، لكي تصنع منتجات أقل في المستوى بسعر المنافس، ويمكنك فعل العكس أيضا، بتطوير منتجات أعلى في الجودة، وبسعر أعلى أيضا.
هذه الاستراتيجية جيدة لرفع المبيعات، والسيطرة على شرائح مختلفة (في الاحتياجات أو الأذواق، والسعر) في نفس السوق.
من إيجابيات هذه الاستراتيجية هي تشجيع بعض الفئات على شراء المنتج الأغلى، وذلك لأن شريحة كبيرة من المشترين، والذين لا يريدون بذل جهد أو وقت كبير في المقارنات، يرون في المنتج الأغلى أنه أكثر جودة تلقائيا، فيذهبون لشراء الفئة الأعلى على خط المنتجات (ويريحون دماغهم!).
أيضا تساعد هذه الاستراتيجية على إنشاء تسلسل واضح للقيمة أمام العملاء، مما يسمح للعملاء الاختيار بناءً على احتياجاتهم وميزانيتهم، لكن في نفس الوقت بتطلب هذا دراسة متأنية لخصائص ومميزات كل منتج والقيمة التي يراها العميل فيه لضمان أن يكون التسعير منطقي. مثلا يجب أن يفهم العميل لماذا سعر ماكينة الحلاقة المتميزة التي بها عدد أكبر من الشفرات أعلى من الماكينات الأخرى على نفس خط الإنتاج.
تسعير المنتجات التكميلية – Optional Products Pricing
هذه حالة قريبة جدا من خط المنتجات. الفارق هنا أن النزول والصعود على خط المنتجات يكون اختياري (بسبب مزايا إضافية أو تكميلية قد يحتاجها زبونك أو لا)، وهي أيضا مفيدة في حالات عديدة.
فائدة هذه الطريقة هي السيطرة أيضا على شرائح مختلفة من السوق، فهناك شريحة تريد منتجك في أقل إمكانياته، إما لظروفهم المادية، أو لأنهم لا يحتاجون هذه الخصائص الإضافية، وفي المقابل هناك عميل يريد خصائص فريدة إضافية ليس في النسخ البدائية – Basicمن المنتج، فلماذا تحرم نفسك من البيع لهذا العميل! بالتأكيد سوف تضع له اختيار إضافة هذه الكماليات بسعر إضافي.
كما أخبرتك هذه الاستراتيجية التسعيرية شبيهه لحد كبير باستراتيجية خط المنتجات، لكن غالبا ما تكون الاختيارات تضاف بشكل مخصوص للعميل (Tailored/ Customized)، وإن كان هناك استراتيجية تتعلق بوضع هذه الخيارات بشكل تلقائي، مثل قطاع السيارات، وبهذا يتحول تسعير المنتج التكميلي ليتطابق مع فكرة خط المنتجات بشكل ما.
من المزايا أيضا في هذه الاستراتيجية أنها تعطي انطباع نفسي لدي المشترين بأن لديه حرية الاختيار، وأنه ليس مقيد بنوع أو اثنين مفروضين عليه، لكن في نفس الوقت يجب ألا تزيد من الاختيارات كثيرا لأن هذا يسبب بتشتت زبونك وقد يحجم عن الشراء بسبب كثرة الاختيارات خصوصا اذا لم تكن الفروقات بينهم واضحة، أو مفهومة فنيا بالنسبة له.
تسعير المنتجات المكملة لبعضها – Captive Product Pricing
تعتمد هذه الاستراتيجية على توفير منتج أساسي بسعر قليل، ثم الاستفادة والربح من المنتج المشغّل لهذا المنتج الأساسي، وهناك أمثلة لا تنتهي على هذا النوع من البيزنس.
من الأمثلة الكلاسيكية طابعات الكمبيوتر، حيث يتم بيع الواحدة في أمريكا بمائة دولار، مع عبوة حبرٍ (تكون نصف ممتلئة في الغالب) ويستلزم استبدال كل واحدةٍ منهما ما يقرب من ثلاثين دولارًا. وبذلك، تحقق الشركة أموالاً أكثر من بيع عبوات الحبر عما تجنيه من المُنتج نفسه.
ماكينات الاسبريسو أيضا تحقق إيرادات عالية بسبب سعرها الجذاب، وتحقق الشركات أرباحا من عمليات الشراء المتكررة لكبسولات القهوة التي لن تعمل ماكينات الاسبريسو بدونها.
عموما هذه الاستراتيجية هي إحدى أشكال تسعير اختراق السوق فيتم بيع المُنتج الأساسي بسعر منخفض مع احتياجه لقطع غيار أو منتجات تكميلية بأسعار عالية. ولكن من عيوبها هي شكوى الزبائن دائما من علو سعر المنتج التكميلي (هم اشتروا منتج اقتصادي قليل السعر من الأساس)، وفي كثير جدا من الأوقات، يلجئون لمنتج تكميلي لمنتجك، لكنه ليس أصلي (نسخة شبيهه يوفرها موردون آخرون في السوق).
تسعير المنتجات العالقة – By-Product Pricing
هنا ينتج المنتج الأساسي منتج آخر ثانوي، غالبا تتخلص منه الشركة بسعر قليل، وقد تبيعه بسعر عالي أيضا إذا وجدت في ذلك فرصة أو طلب عالي من السوق (لكن هذا نادر)، على سبيل المثال تبيع شركات انتاج السكر، العسل الأسود كمنتج ثانوي يفيض من عملية انتاج السكر من قصب السكر. في حالات أخرى يصبح التخلص من المنتج الثانوي مكسب، مثل روث حيوانات في حديقة حيوان مثلا، فبيعه كسماد للنبات للشركات المتخصصة بأي سعر هو مكسب في كل الأحوال، مهما كان هذا السعر.
تسعير المجموعات – Bundle Pricing
تسعير المجموعات، أو تسعير الكومبو، معناه أن تجمع منتجين أو أكثر من مزيج منتجاتك، وتقدم بسعر خاص أو ترويجي، أو أحيانا حتى بالحفاظ على الأسعار الأصلية لكل منتج (يستفاد حينها العميل بأنك ساعدته بتكوين bundle).
ملك هذا النوع من التسعير هي براندات الأكل السريع حول العالم، وأشهر من بدأ هذا النموذج بالطبع ماك.
مزايا هذا النوع من التسعير أنه يبيع للشركة أكثر، وفي نفس الوقت، يري المشتري أن فائز بصفقة، لأنه لو اشترى كل منتج لوحده سوف يدفع أكثر.
هذا التسعير كنا نستخدمه أيضا في صفقات الـ B2B، وهو يحميك من كثرة التفاوض والفصال ويخبئ من هامش ربح في منتج معين، حيث أن عميلك يحصل على سعر إجمالي لمجموعة منتجات، بدون تحديد سعر كل منتج على حدة (وحتى لو وصل لسعر كل منتج لوحده، فهذا لا يقلل من قيمة الـ Bundle Pricing لأنه في الغالب يُقدم للسوق بسعر أقل وجذاب).
استراتيجيات تغيير السعر – Price Adjustment Strategies
هل يمكنك تعديل سعرك بعد الاستقرار عليه من خلال نموذج التسعير الذي شرحناه، واستخدام استراتيجيات التسعير المختلفة؟
نعم يمكنك ذلك، لكن بحرص، مع اتباع استراتيجية تعديل السعر بشكل علمي، وليس عشوائي يشكك الناس في البراند والمنتج.
سوف أسرد لك بعض الطرق لفعل ذلك.
العروض والخصومات – Discounts
هناك إمكانية لخفض سعرك في المناسبات وفي أوقات معينة من الموسم وفي ظروف محددة، ويفضل ذكر هذه الأسباب والظروف مع الخصم حتى لا يشك الناس في المنتج.
هناك العديد من البراندات التي تغالي في السعر بشكل خاطئ، ولا تستطيع تقليل سعرها حفاظا على شكلها وصورتها الذهنية في السوق، فلتجأ لعمل الخصومات، بشكل دوري، وفي كل المناسبات، مثل معظم النوادي الرياضية (GYMs)، والتي سوف تلاحظ أنها تقدم خصومات تقريبا على مدار السنة، ولا تبيع بالسعر الأصلي إلا نادراً، وفي بذلك تضع سعر أصلي يحافظ على صورتها الذهنية، وتضع سعر آخر (Discounted) من أجل تنشيط المبيعات.
السعر الترويجي – Promotional Pricing
هناك خلط خاطئ بين السعر الترويجي، والخصم.
الخصم هو نزول مؤقت في السعر لسبب ما، ويفضل أن يكون هناك سبب، وظاهر للزبون، لكي لا يشك في المنتج أو صلاحيته (إلا في حالة البراندات المعروفة الموثوق فيها أصلا).
أما السعر الترويجي فهو سعر تقدم به الشركة منتجها الجديد في السوق، مع أجل نشره، وتسليط الضوء على البراند – Brand Exposure، ومن أجل الاستحواذ سريعا على نصيب من السوق، ثم بعد ذلك ترفع السعر الترويجي للسعر الأصلي/ سعر المنتج حسب نموذج التسعير.
إذا كما أخبرتك فالنوعين من تغيير السعر هنا ليسوا سواء، الخصم يناسب أكثر البراندات الموجودة والمعروفة (واذا لم تكن براند تستطيع استخدامه لكن بمزيج ترويجي جيد يبني الثقة فيك أولا)، كما يفضل دائما دمج الخصم بسبب/ مناسبة (مثل تصفيات نهاية الموسم)، أما السعر الترويجي فيناسب البراندات والمنتجات في بداية تقديمها في السوق.
كما أن الدافع وراء الشراء في الحالتين أيضا يكون مختلف، في الخصومات الشركة تطبق نماذج ترويجية مثل FOMO، والذي يدفع المشترين للشراء خوفا من فقدان الفرصة/ الصفقة (مثل نفاذ الكمية أو انتهاء العرض والعودة للسعر الأصلي)، أما الحافز والدافع في حالة السعر الترويجي غالبا ما يكون وراءه حب التجربة، خصوصا مع منتج يبدو صفقة جيدة بالنسبة للقيمة التي يقدمها.
السعر المتغير – Dynamic Pricing
هنا لا تضع الشركة سعر ثابت، بل تتركه حسب ظروف البيع، مثل التفاوض في مجال الـ B2B، والذي يتوقف فيها السعر على عوامل كثيرة جدا، مثل الكمية المطلوبة، سرعة التوصيل، طرق الدفع، ووقته.. الخ
لكن التطبيق العملي أكثر على فكرة السعر المتغير أصبح مربوط أكثر بموديل بيزنس قائم على العرض والطلب، ومن أوائل الشركات التي استخدمته كانت خطوط الطيران، وشركات الضيافة والفنادق، فهي ترفع السعر أو تخفضه بناء على الطلب على وحدات، فقد تحجز مقعد طيران ب200 دولار وبعدها بيوم تحجزه بالضعف، وهذا يرجع للعرض والطلب.
أصبحت الـ mobile applications والـ automation هم الأساس الأول لهذا النوع من التسعير فمواقع السمسرة والوساطة الالكترونية في مجالات مثل حجز خطوط الطيران والفنادق – كلها تقريبا – تستخدم حجم العرض والطلب لكي تحدد سعر الوحدة، بشكل أوتوماتيك.
هذا النوع من التسعير عبقري لكي تعظم من هوامش الربح في ساعات الذروة وشدة الطلب، وتؤمن نفسك بإشغال عالي وشراء للمنتج في حالة قلة الطلب، لكن من عيوبه هو احتياجه لقدرات عالية في التحليل والـ Automation، ولا يفعل ذلك غالبا سوى تكنولجيا متطورة، كما أن بعض المشترين يرونه غير عادل، وهى شكوى عامة من حالات تغيير السعر أيا كان استراتيجية تعديل السعر التي تتبعها الشركات.
التسعير حسب الشريحة – Segmented Pricing
هنا تغير الشركة سعر المنتج (بدون تغيير المنتج نفسه) على حسب الشريحة المستهدفة، ومن ضمن تطبيقاته الشهيرة التسعير الجغرافي – Geographical Pricing، والذي يتغير السعر حسب المنطقة الجغرافية المستهدفة، ويرتبط هذا التغيير بعوامل عديدة من ضمنها انطباع الناس وقيمة المنتج بالنسبة لهم، وظروفهم المادية والاقتصادية أيضا.
من الحالات المعروفة لشركات تطبق هذا التسعير هو لشركة كوكا كولا التي تسعر منتجها في الهند – مثلا – بأسعار أقل من الأسعار في البلاد الأخرى (وان كان تلجأ مع ذلك بتقليل حجم الزجاجة/ العبوة أيضا)، وفكرة تقليل شركات الأغذية والمشروبات سعرها في المناطق الريفية، أو قليلة الدخل، هي استراتيجية شهيرة، شهدناها في مصر كثيرا، كما أن البراندات المحلية تطبقها أيضا في مجالات مثل الملابس وبيع الأجهزة.
التسعير النفسي – Psychological Pricing
يمكنك تعديل الأسعار لتناسب سلوك نفسي معين، والتسعير النفسي له تطبيقات لا حصر لها، وهو معتمد بشكل كبير على ارتباط التسويق – بالأساس – مع علم النفس وعلوم الإدراك.
من تطبيقات التسعير النفسي:-
استخدام الأرقام الفردية، والأرقام التي تنتهي بـ 9، واستخدام الشرائح السعرية الأقل، مثل 99 دولار، وليس 100، حتى لا يدخل عقل العميل أثناء الاختيار بين المنتجات في حيز سعري أعلى من الذي يختار فيه.
هناك أسعار مميزة مثل 4444 يجعل الناس يتذكرونه وبالتالي يربطونه بالمنتج بشكل مميز، ويسألون عنه مرة أخرى.
من أهم استخدامات وتطبيقات التسعير النفسي هو تسعير الدمية – Decoy Pricing، حيث تخلق الشركة منتج وهمي على خط المنتجات، وله استخدامات متعددة أيضا لكن أبرزها أن تضع الشركة هذا المنتج الوهمي بين منتجين، أحد المنتجين سعره قليل بمزايا قليلة، والمنتج الثاني بمواصفات عالية بمزايا كبيرة، وتضع بينهم المنتج الوهمي بمواصفات بعيدة – نسبيا – عن المنتج العالي وقريبة من مواصفات المنتج الأقل، لكن بسعر يقترب كثيرا من المنتج الأعلى، ثم توجهك الشركة لشراء المنتج الأعلى (لأنه صفقة رابحة كثيرا إذا قارنته بالمنتج الدمية – Decoy)
هناك نظريات عديدة وتطبيقات عديدة للتسعير النفسي، سوف نسردها في مقالة منفصلة.