استراتيجية التسعير في شركة اديداس | كيف استخدمت أديداس 3 نماذج تسعير
تعرف في هذه المقالة عن استراتيجية التسعير في شركة اديداس – Adidas، مع أسرار تسويقية وتسعيرية من واحدة من أقوى الشركات في العالم، في مجال إنتاج الأحذية والملابس الرياضية.
أدولف ديسلر – Adolf Dassler الألماني هو مؤسس أديداس، بدأ الأمر في عام 1924 كمحاولة لإنتاج أحذية رياضية بجودة تصنيع واستمرارية عالية، بدأت الشركة باستخدام اللوجو المميز لها واسم أديداس في عام 1949، واسم الشركة مكون من مقطعين هما Adi و Das وهي الحروف الأولى من اسم المؤسس أدولف ديسلر (Adi كان اسم الشهرة لأدولف).
ما هي استراتيجية التسعير في شركة اديداس؟
تستهدف اديداس الطبقة فوق المتوسطة، و الزبائن بمستوى مادي واجتماعي عالي – High End Customers، وتركز في إنتاجها على الأحذية الرياضية، الملابس الرياضية، ثم يأتي بعد ذلك المعدات الرياضية والإكسسوارات مثل كرات القدم.
بسبب هذا الاستهداف، فإن استراتيجية التسعير في شركة اديداس تعتمد على 3 من سياسات التسعير:
- استراتيجية الاختراق Penetration Strategy.
- استراتيجية كشط السوق Skimming Pricing.
- استراتيجية التسعير العالي المنخفض – High-Low Pricing.
لماذا استراتيجية التسعير في شركة اديداس تعتمد على 3 طرق تسعيرية؟!
لأن شركة أديداس شركة عملاقة وتملك العديد من الشركات وخطوط المنتجات تحت إسم أديداس، و لأنها شركة عملاقة تعمل في عدد كبير جداً من البلاد، فيكون عليها عبء تحقيق أهداف تسويقية مختلفة، كثيرة، ومتكاملة في نفس الوقت، ولذلك يتحتم عليها استخدام مزيج من استراتيجيات التسعير.
3 نماذج تسعير تحت براند واحد
نبدأ بشرح الـ 3 نماذج المختلفة في استراتيجية التسعير في شركة اديداس:
استراتيجية الاختراق – Penetration Strategy
المقصود باستراتيجية الاختراق هنا هو أن الشركة تعتمد على السعر المنخفض بهدف كسب نصيب اكبر – Market Share من السوق.
الآن أنت لديك شركة تملك قدرة خرافية في الإنتاج، ولذلك تستطيع إنتاج ملايين الوحدات بسهولة وعليها التخلص منها في أسرع وقت ممكن، ليكون لديها الوقت الكافي لتحديث السوق بنماذج جديدة من المنتجات، هذا أول سبب يجعلها تلجأ إلى استراتيجية التسعير العادل – Fair Price أو السعر المنخفض نسبياً.
وهنا السبب الأول هو التخلص من المخزون، وتحديث منتجاتها أول بأول وهذا ضروري لكسب عملاء دائمين مرتبطين بالبراند.
السبب الأهم لاستراتيجية الاختراق التي تتبعها أديداس هي الحرب الشرسة بينها وبين الغريم التقليدي نايكي – Nike.
إذا نظرنا للحرب الكبيرة بين الشركتين سوف نجد أن نصيب السوق متقارب بين الشركتين بشكل كبير، لدرجة أن الأخبار تأتي كل فترة بأن إحدى الشركتين بدأت تستعيد السيطرة على السوق، لكن فعلياً لا نستطيع وضع أرقام دقيقة لنصيب السوق لشركة أديداس في مقابل نصيب السوق لشركة نايكي وهذا لعدة أسباب.
أولا يجب النظر للشركتين كمجموعتين تجاريتين وليس شركتين من الحجم التقليدي: مجموعة أديداس تحتوي على عدد من الشركات الفرعية: Adidas – Reebok – Rockport – Taylor وحتى إذا كانت شركة ريبوك تعاني مؤخراً لكن بالنهاية هي تملك نصيب سوق كبير وتساهم بشكل جيد للغاية في تحقيق إيرادات لشركة اديداس.
في المقابل لدى مجموعة نايكي شركات فرعية أيضاً تحقق لها مبيعات ضخمة مثل Converse – Hurley – Jordan.
هذا الفيديو يظهر مقابلة مع كاسبر روستد المدير التنفيذي لـ أديداس يوضح فيها خطة الشركة للتغلب على معوقات السوق (مثل المنافسة مع نايكي و رفع الرسوم التى فرضها دونالد ترامب) مع توضيح وضع ريبوك الحالي..
ثانيا بخصوص المنافسة الشرسة بين الشركتين، فإن كل شركة تسيطر وتتفوق على الشركة الأخرى في بلاد معينة (مثلاً نايكي تبيع أكثر في أمريكا الشمالية بحكم أنها شركة أمريكية، و أديداس تبيع أكثر في أوروبا الشرقية بحكم أنها شركة ألمانية).
أيضاً في مجالات معينة، فنايكي تتميز في أحذية الجري وتملك فيها النصيب الأكبر، وبالطبع هي الأقوى في مجال رياضة كرة السلة، بما تملكه من قوة وسيطرة في دوري كرة السلة الأمريكي – NBA، في حين الأمور قد تميل لأديداس في جزء الملابس والأدوات الرياضية.
هنا مقارنة بين نايكي وأديداس من حيث نصيب السوق وقيمة أسهمهم في البورصة وغيرها من الأرقام والإحصائيات الهامة الخاصة بتنافس الشركتين بسبب هذه المنافسة الشرسة.
إذا فالشركتان يقدمان للسوق منتجات متشابهة، حتى وإن حاولوا بناء مواقع ذهنية مختلفة (أديداس تركز على الأفكار الجديدة والاستايل، في حين نايكي تركز على جودة الخامات واستمرارية المنتج)، لكن بالنهاية المنتجات قريبة، وتخدم نفس السوق، وبالتالي يكون هنا حساسية المشترين للسعر عالية، بمعنى أن مشتري أديداس إذا وجد أن أديداس تقوم برفع سعر المنتج باستمرار وبشكل مبالغ فيه وأكبر كثيراً من المنافس القريب نايكي، فسوف يذهب لشركة نايكي، والعكس صحيح أيضاً.
في هذه الحالة تلجأ الشركة لاستخدام سياسة التسعير المعروفة بختراق السوق، حيث تضع أسعار عادلة (قليلة نسبياً) لكي تبيع أكثر من المنافس وتحقق نصيب سوقي أكبر.
ملاحظتين مهمتين بخصوص استراتيجية الاختراق..
1- استراتيجية الاختراق واستراتيجية كشط السوق (التي سأتحدث عنها بعد قليل) يفضل استخدامهم مع المنتجات الجديدة كلياً، والتي لا يستطيع الزبون تقدير سعرها لأنها جديدة في السوق وليس لديها منافس أو بديل (مثل سيارة تعمل بالطاقة الشمسية)، لكن تناولنا هنا للاستراتيجيتين مع منتجات تقليدية مثل الأحذية والملابس قد أصبح عُرف في التسويق والتسعير ويوضح الفكرة ويريك كيف تعمل الشركات وتسعّر منتجاتها.
2- شرحي لاستراتيجية الاختراق لشركة أديداس في النقاط السابقة قد يبدو وكأني أقول إن أسعار أديداس منخفضة، لكن هذا ليس صحيح، ليس المقصود هنا أن أسعار أديداس منخفضة في المطلق، ولكنها منخفضة وعادلة وقريبة – نسبياً – من المنافسين، مثل Under Armor, New Balance, Nike وغيرهم من المنافسين.
بشكل عام تستخدم الشركات استراتيجية الاختراق والسعر المنخفض ليس فقط لكسب نصيب أكبر من السوق وبشكل سريع، ولكن أيضاً من أجل إخراج المنافسين الصغار من السوق.
فالمنافس الصغير لا ينجذب لسوق به منافسة شرسة بالأسعار وهامش الربح صغير، وهذه استراتيجية معروفة تستخدمها معظم الشركات العملاقة حول العالم، وهي استخدام السعر لإخراج المنافسين من السوق.
إذاً أول نموذج في استراتيجية التسعير في شركة اديداس هي استراتيجية الاختراق أو السعر المنخفض، التي تستخدمها لكي تسيطر على نصيب أكبر من السوق.
استراتيجية التسعير هذه تستخدمها مع المنتجات التقليدية لديها التي لا تحتوي على تكنولوجيا معقدة أو متقدمة، أو تستخدم فيها مواد تصنيع خاصة ومكلفة، وبالتالي لا تتأذى كثيراً من تخفيض أسعارها مع هذه المنتجات بهدف بيع الكثير من الوحدات وكسب نصيب سوق وجذب زبائن جدد.
استراتيجية كشط السوق – Skimming Pricing
استراتيجية كشط السوق معناها رفع السعر بشكل كبير، حتى لو على حساب بيع الكثير من الوحدات، الهدف هنا يكون الحصول على أرباح صافية كبيرة من شريحة محددة وصغيرة من السوق.
تعتمد أديداس استراتيجية التسعير هذه لـ 4 أسباب:-
استراتيجية التسويق والاستهداف
استراتيجية الاستهداف لدى أديداس تركز على الفئة الفوق متوسطة والـ High-End Customers، وبالتالي لتثبيت هذا الصورة الموقع/التموضع الذهني فيجب أن يكون لديها عدد من المنتجات التي تعمل في الموقع الذهني (مزايا أكبر بسعر أعلى) كما هو واضح في الشكل التالي.
تعرّف أكثر على استراتيجية التسعير على أساس القيمة.
أديداس تنفق الكثير من الأموال على استخراج الأفكار الجديدة
سواء بمساعدة مصممين محترفين للمنتجات، أو أنها تستوحي الأفكار من اللاعبين والمباريات وكل ما يمكن أن تستخدمه لاستخراج أفكار جديدة، وتنفق الكثير جداً على قسم البحث والتطوير – R&D.
في 2015 مثلا، انفقت 139 مليون يورو على البحث والتطوير.
مثال على ذلك، قام المصمم الياباني Yohji Yamamoto، وهو مصمم موضة شهير، بتطوير أحذية وملابس أديداس التي ستستخدم للسفر إلى الفضاء وذلك في شراكة لأديداس مع Virgin Galactic (المنتج معروف ب Adidas Y 3).
المنتجات عالية الثمن تستخدم تكنولوجيا متقدمة ومكلفة
تطور أديداس العديد من المنتجات التي تحتوي على أفكار ومواد وتكنولوجيا خاصة، لدرجة أن الشركة قامت بتطوير حذاء يحتوي على شريحة الكترونية – Microprocessor ليفهم ملايين المتغيرات التي تطرأ على البيئة التي يمارس فيها الرياضي لعبته ويستجيب لها!
كما أن أديداس تنتج العديد من المنتجات بنظام الـ Limited editions وهي نسخ محدودة جداً غالباً ما يتابعها ويشتريها الزبائن ذوي الولاء العالي لأديداس، وبأسعار عالية ينطبق عليها استراتيجية الكشط.
أديداس ليس لها سقف في استخراج الأفكار الجديدة واستخدام التكنولوجيا المتقدمة المعقدة للغاية، فمؤخراً أطلقت منتجها الذي يعمل بشكل رباعي الأبعاد، ويستخدم الطباعة بشكل متقدم ومعقد للغاية لكي يعطي شكل وتصميم مختلف للحذاء.
هنا فيديو يشرح كيف تم تطوير المنتج…
هنا اعلان أديداس لإطلاقها الحذاء الجديد..
مصاريف الترويج والإعلان الخرافية
سبب آخر يجعل أديداس تلجأ في استراتيجية التسعير الخاصة بها إلى استراتيجية كشط السوق ورفع سعر منتجاتها، هي مصاريف الترويج والإعلان الخرافية التي تنفقها، فعنصر الترويج لدى أديداس يقوم بشكل مكثف على الإعلان التلفزيوني ثم نشر المنتج عبر المشاهير – Product Placement، وهذا الأمر مكلف جداً، فأديداس ترعى الكثير من الرياضيين المشهورين، مثل ديفيد بيكهام بعقد لمدى الحياة، وميسي، وبوجبا، ولا تنسى الفِرَق والمنتخبات الرياضية الكبرى مثل ألمانيا، وبشكل عام تنفق اديداس لتصل تقريباً لـ 400 مليون شخص يراها حول العالم!
هذا فيديو إعلاني يوضح جانب من اللاعبين والمشاهير التى ترعاهم اديداس..
هذا الأمر – رعاية المشاهير – لا يفيدها فقط على مستوى الترويج لكن أيضاً يفيدها في تصميم المنتجات وإضافة كنوز جديدة لتشكيلة منتجاتها، فلديك على سبيل المثال، الحذاء الرياضي الأشهر Stan Smith وهو حذاء تنس بالأصل تم تصنيعه واستيحاء فكرته من لاعب التنس الشهير الذي يحمل نفس الاسم، وذلك في عام 1973.
ومنذ ذلك الحين باعت أديداس من هذا التصميم 40 مليون حذاء، وربما أنا وأنت ارتدينا هذا الحذاء بذلك التصميم بالذات مرة على الأقل (سواء كان التنفيذ من شركة اديداس نفسها أو غيرها)، هذا الحذاء حقق لأديداس مبيعات ونجاح اسطوري، وبالطبع كان من الأسباب التي جعلت أديداس ترتبط بطريقة رعاية المشاهير والتواصل معهم ومع أفكارهم الخاصة بتطوير الأحذية والملابس.
بالتالي نموذج التسعير الثاني في استراتيجية التسعير في شركة اديداس هو نموذج كشط السوق، الذي تستخدمه مع المنتجات المميزة، أو المنتجات بنسخ محدودة، أو تلك التي تستخدم تصاميم، أفكار، أو تكنولوجيا مميزة.
تفعل ذلك لتغطي التكاليف العالية التي تتحملها هذه المنتجات، وأيضاً من أجل الالتزام باستراتيجيتها طويلة الأمد الخاصة باستهداف الشريحة الفوق متوسطة من الزبائن.
التسعير العالي المنخفض – High-Low Pricing
هذه طريقة من طرق التسعير تستخدمها الشركات لأسباب كثيرة من ضمنها جذب الزبائن لشريحة من المنتجات ثم دفعهم في منافذ التوزيع لمنتجات أخرى بجودة وأسعار أعلى.
استراتيجية التسعير في شركة اديداس تتبع هذه الطريقة الثالثة في منافذ التوزيع، فتستخدم مثلاً السعر الترويجي – Promotional Price أو العروض والتخفيضات، أو تمزج بينهم.
ما الفرق بين العرض الترويجي والسعر الترويجي؟
السعر الترويجي – Promotional Price
يكون سعر منخفض أقل من السعر الحقيقي للمنتج وذلك بهدف أن يتعرف الزبون على المنتج، وجودته، ثم يشتري بعد ذلك المنتج أو منتجات أخرى تحت نطاق الشركة لكن هذه المرة بالأسعار العادية.
العروض والتخفيضات – Discounts
تكون من خلال تنزيل السعر الأصلي للمنتج – وغالباً يكون بسبب ويكون لفترة قصيرة – وأيضاً تهدف الشركة به لجذب الزبائن، من أجل أسباب أخرى مثل تنشيط المبيعات أو أيضا التعرف على المنتج وبعدها الشراء بأسعار أعلى.
أديداس تستخدم الطريقتين في التسعير، سواء الأسعار الترويجية أو التخفيضات، وأيضاً تدمج ذلك مع استراتيجية الاختراق التي تحدثنا عنها منذ قليل.
كنت من فترة أشتري حذاء من أديداس، فوجدت أن عليه خصم، بعد ذلك بفترة قصيرة سألت على نفس الحذاء فوجدته دون خصم، لكن سعره أصبح هو نفس السعر بعد الخصم!
هنا يتضح أن هناك تخبط نوعاً ما بخصوص استراتيجية التسعير لهذا الحذاء، وهذا ربما يكون من توابع استراتيجية الHigh-Low Pricing لكن بالنهاية تبقى هذه الاستراتيجية هامة للتخلص من مخزون لدى الشركة، أو من أجل التحديث بمنتجات جديدة، أو من أجل جذب زبائن جديدة، أو من أجل تحقيق نصيب سوق بشكل كبير، لكن الهدف الأكبر من هذه الاستراتيجية في التسعير يكون نقل الزبون من المنتجات قليلة السعر إلى المنتجات عالية السعر.
إذاً الملخص هو أن استراتيجية التسعير في شركة اديداس تعتمد على 3 من طرق التسعير المختلفة لكنها متكاملة وتحقق أهداف أديداس بكفاءة عالية، وهي:
1- استراتيجية تخفيض السعر (Penetration Pricing) وهدفها السيطرة على السوق وخطف نصيب سوق أكبر من المنافسين المباشرين مثل نايكي.
2- استراتيجية رفع السعر (Skimming Pricing) وتكون على الأغلب مع المنتجات المكلفة سواء في المواد الخام أو التكنولوجيا المستخدمة، وهذا أيضاً يعطيها الصورة الذهنية/الموقع الذهني المطلوب والمتعلق بالارتباط بشريحة العملاء الراقية.
3- استراتيجية مزيج السعر المنخفض والمرتفع (High-Low Pricing) وذلك بهدف جذب الزبائن لمنتجات منخفضة الثمن (نسبياً) لنقلهم تدريجياً لمنتجات مرتفعة الثمن.
اقرأ أكثر عن استراتيجيات التسعير: الدليل الشامل لتحقيق التوازن بين القيمة والعائد!
موضوع رائع .. شكرا لك
شكرا لحضرتكم
شكرا جزيلا :)
شكرا :)
شكراً جزيلاً ، مقال رائع 💝
شكرا
شكرا