الترويج والإعلان

الشخصية الترويجية | كيف ولماذا تبني الشركات شخصيات ورموز للبراند؟

هذه المقالة تركز على بناء الشخصية الترويجية، مع 3 حالات عملية لشركات بنوا وعدلوا في صورهم ومواقعهم الذهنية باستخدام الرموز والشخصيات الترويجية.

ما هي الشخصية الترويجية – Mascot؟

الشخصية الترويجية والمعروفة في التسويق بالـ Mascot يكون هدفها هو التعبير عن البراند برمز أو شخص أو شخصية حقيقية أو كارتونية، وهذا له أهداف عديدة، سألخصها لك في هذه المقالة.

إن أكبر التحديات التى تقابلنا فى التسويق هو تكوين وتطوير علامات تجارية قوية – brands، واستراتيجيات تطوير العلامات التجارية القوية تأتي من الأساس من تطوير صور ذهنية – Brand Images.

الصورة الذهنية القوية تنتشر وتقوى مع الوقت والتكرار، وتعاني الشركة فى بداية تكوين الفكرة التي سترتبط فى أذهان الناس عن المنتج أو الخدمة، أن الشركات تريد تكوين صور ذهنية محددة دقيقة وفريدة للغاية، وهذا هو سر الصورة الذهنية القوية.

الصور الذهنية هي جزء من عناصر تكوين البراند، وهناك مصطلح هام آخر وهو الموقع الذهني – Position، ويتعلق بالميزة الكبرى التى تحاول بناءها البراند في عقول المشترين، في مقابل المنافسين.

هناك مصادر عديدة تلجأ لها الشركات من أجل تطوير موقعها الذهني أو ميزتها الفريدة من أهمها البحث فى خصائص المنتج أو الخدمة او الاشخاص الذين يعملون على الخدمة – People أو حتى طرق توصيل المنتج أو الخدمة للناس – Channels. ويبقى هناك مصدر آخر هام جداً وهو الصور – Images.

إن خلق صورة او لون او شكل او شخصية يمكن ربطها بالمنتج لهو فن وابداع عندما تنجح فى تطبيقه الشركة فى شكله الصحيح، يساعدها ذلك كثيراً للحصول على صورة ذهنية من الصعب جداً أن تضيع وسط الصور الذهنية الاخرى للمنتجات والخدمات الأخرى فى السوق.

راعي البقر يبني مارلبورو ويغير صورته الذهنية

على سبيل المثال شركة السجائر الأمريكية الشهيرة مارلبورو – Marlboro صنعت صورتها الذهنية على أساس راعي البقر الأمريكي الشهير الذى يمسك بالسيجار الامريكى. واستشهادي هنا بهذا المثال التسويقي لألفت انتباهك لشيئين، اولهم هو قدرة الامريكى على التسويق بشكل غير عادى، وهذا تكلمت عنه من قبل فى مقالة تسويق الفكرة.

فالسجائر كانت اختراع بدائي للغاية محصور على الهنود الحمر، وهنا جاءت قدرات الامريكان التسويقية لتربط هذا الاختراع البدائي بصورة الشاب الوسيم المقاتل الشجاع ال.. الخ (كما أظهروه فى السينما والاعلانات)، وتعرّف به العالم كله. لتحصل شركات إنتاج التبغ والسجائر فى العالم على الأرباح الخرافية كل يوم، وذلك على حساب الملايين من الناس وصحتهم!

كما أن لبناء صورة راعي البقر الأمريكي وربطه بمارلبورو قصة هامة حكاها كونراد ليفنسون في بداية كتابه – جوريلا ماركتينج – وهي أن هذه البراند كان مربوطة بالنساء، وهم كانوا الشريحة الأكبر من مشتريها، ولأن الهدف كان البيع للرجال (لأنهم كمستهلكين أكثر من النساء)، فحاولت شركة فيليب موريس وقتها بناء هذه الشخصية ليتم بناء صورة ذهنية جديدة تربط البراند بشريحة الرجال.

marlboro cowboy

النقطة الثانية وهي انك عندما ترى مارلبورو تتذكر هذا الشاب-راعى البقر- Cowboy وعندما ترى راعى البقر تتذكر مارلبورو، هذه الصورة الذهنية كانت أقوى في عقولنا من أن تقول مارلبورو فى جميع إعلاناتها انها افضل او اثقل مذاق للسجائر! لقد اختفت الميزة الحقيقية لهذا المنتج، وظلّت الصورة – صورة راعى البقر الشهير بسيجارة الأمريكى المميز (أتمنى ألا تثق في أمريكا ولا مارلبورو ولا السجائر! هذه الأمثلة للاستفادة فقط)

فيدو ديدو رمز الروقان!

خذ ايضاً مثال آخر، وهو المفضّل لدىّ كثيراً!. هل تعرف صورة من هذا؟

fido+dido

نعم.. انه فيدو ديدو الشهير. لقد ابتكرته شركة بيبسي ليكون الصورة الشهيرة التي تربطها بمنتجها سفن آب – 7Up.

فى حالة سفن آب لم يكن هناك من الاساس ميزة واضحة تلعب عليها الشركة لتساعدها فى تكوين صورة ذهنية واضحة ودقيقة ومميزة، فى مقابل المنافس سبرايت – Sprite فلجأت إلى الشخصية أو الرمز المميز – Icon، الذي ستربطه مع صفة مميزة عموماً لليمون المنعش الذى يهدّأ الجسم و يريح الأعصاب، وبالتالى أصبح فيدو ديدو هو الشخصية ال(رايقة) التي نربطها دائماً بمنتج سفن آب، مع تاج لاين ترويجي خالد فى هذا العالم التسويقي .. “يا لذيذ يا رايق”.

7 Up+fido

ديوراسيل تبني ميزتها الكبرى عن طريق Bunny

ما رأيك اذاً بعد أن عرفت قيمة الرمز او الشخصية المميزة، أن تكون هذه الشخصية معبرة عن ميزة او منفعة فريدة وقوية فى المنتج او الخدمة؟ بالفعل.. ان الامر سيكون أقوى تسويقياً.

مثال شهير جداً هو الأرنب الشهير لبطاريات ديوراسيل – Duracell. وديوراسيل هى شركة لإنتاج البطاريات الكهربائية، والتي كانت تمتاز بانها بطارية قلوية – Alkaline وهي بطاريات اقوى كثيراً من بطاريات الزنك والكربون المنتشرة والشهيرة فى ذلك الوقت – Zinc-Carbone .duracell bunny

وكإختراع جديد من شركة ديوراسيل، مع تكلفة عالية كثيراً عن البطاريات التقليدية الأضعف، يكون الحل التسويقي دائماً معتمد على تكوين علامة تجارية قوية – Brand.

وللعلم – سريعاً – فإن هذا الأمر من أسرار التسويق. عندما يكون المنتج استهلاكى عالى الجودة غالى الثمن، يكون الحل في تكوين علامات تجارية. ويختلف الأمر عندما يكون المنتج غير استهلاكي غالى الثمن، فتكون ادوات اخرى مثل البيع الشخصى هى الاهم.

كان اذاً على ديوراسيل تكوين العلامة التجارية، وبالتالي استخراج واستخدام وتثبيت صورة ذهنية فريدة وقوية، وكان الأمر واضح بالنسبة لهم وضوح الشمس، فإن بطاريات ديوراسيل تبقى لفترات اطول، لانها اقوى فنياً و كيميائياً بشكل واضح.

بدأت الشركة فى تكوين شخصية الأرنب الشهير – Duracell bunny، و الذى تقارنه كلعبة أطفال بألعاب شخصيات أخرى دائماً تستخدم بطاريات تقليدية اضعف، وبالتالى يكون الغلبة لأرنب ديوراسيل الذى يعمل ويستخدم بطاريات قوية.

بدأت الشركة، وبعد نجاح الاعلان الساحق، فى وضع ارنبها المميز في بيئات أخرى، فمرات تجده يتسلق الجبال، ومرات يجرى، ومرات أخرى نجده يلعب كرة القدم، وفى كل الأحوال والبيئات نجده يُظهر الميزة القوية والفريدة – حينها – لبطاريات ديوراسيل.duracell+climb

duracell running
duracell soccer

وهو الأمر الذى جعل حتى المنافس – إنرجايزر – Energizer، يستوحي من ديوراسيل ارنبه الخاص! ووضعه فى اعلانات بنفس الفكرة، وقد تم منع هذه الإعلانات من اوروبا واستراليا لأسباب قانونية.Energizer bunny

إن الشخصية او الرمز الترويجي هذا له فائدة هائلة عندما تفتقر الشركات لمزايا ومنافع تسويقية واضحة، أو عندما تريد الشركات تقوية هذه المزايا بصور لا يتم نسيانها مع الوقت ومع اشتداد المنافسة.

مؤسس الشركة رمز ترويجي لها!

كثير من المبادرين بالمشاريع الناشئة يحبون أو يحاولون ربط نفسهم بالشركة والترويج لها. في هذا المقال المزايا والعيوب لأن يكون صاحب الشركة رمز ترويجي لها، و المزايا والعيوب لربط المؤسس بالشركة,

أولا إذا نظرنا للشركات العملاقة حول العالم، خصوصا في مجالات البرمجيات والتكنولوجيا سوف نجد أن هناك العديد من الأمثلة الناجحة، أولهم ستيف جوبز وشركة Apple، ثم امتد الأمر ليشمل العديد والكثير من الرموز، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، ريتشارد برانسون مع Virgin (سلسلة فيرجن تشمل منتجات وخدمات لا حصر لها تتضمن خدمات تكنولوجيا وحتى سفر للفضاء!)، إيلون ماسك مع Tesla، مايكل ديل مع Dell، وبيل جيتس مع Microsoft.

المقصود بأن تكون واجهة الشركة أن تخرج في المناسبات الترويجية، وفي الإعلام، وعلى شاشات التلفزيون وقنوات الراديو، على الإنترنت، للتحدث كأداة من أدوات العلاقات العامة للشركة – PR، حينها يربطك الناس بالشركة، هذا الربط له مزايا وعيوب.

الأمر أيضا مرتبط بقدرة مؤسس/ صاحب/مدير الشركة بعمل هوية تجارية قوية لنفسه، لأن ذهن المشترين سوف يمر على قوة هذا الرمز الترويجي أولا، ثم ينتقل لقوة الشركة نفسها.

مزايا أن يكون المؤسس رمز ترويجي

بناء الثقة

الناس يحبون التواصل مع أشخاص مثلهم. قارن بين أن تكون الرسالة التي تأتيك من الشركة عن طريق فريق علاقات عامة أو رسالة منمقة، وبين أن تأتي من رمز الشركة ومؤسسها. في الحالة الثانية يثق الناس أكثر ويستمعوا لأن الأمر مرتبط بالتواصل الشخصي وهو هام جدا في عملية الترويج.

الشغف والحماس

بصرف النظر عن الصناعة أو الشركة أو المجال، إلا أن الرمز الترويجي عندما يكون صاحب الشركة، تجده ملئ بالحماس.

أنه يتحدث عن شركته وتحديثاتها ويدافع عن صورتها، وهو خبير أيضا بالمجال، وكل هذا يظهر في نبرة صوته وحديثه، وهذا ينقل شغفه بالمجال الي الحاضرين والمستمعين.

بعض الناس يربطون نجاح صاحب الشركة كرمز ترويجي بما يملك من كاريزما وقدرة على التواصل ويضربون مثال  بستيف جوبز، لكن برأيي أن الشغف والحماس أقوى تأثير هنا من مهارات التواصل لدى صاحب الشركة.

لدي بعض الأمثلة للذكر، فريتشارد برانسون إلى حد الآن لديه مشاكل في التحدث بطلاقة، وعلى الرغم من ذلك فهو من أشهر الرموز الترويجية في العالم، ويمثل شركة فيرجن بكل كفاءة.

أيضا إيلون ماسك الذي يضرب به المثل، حماسه وشغفه بالتكنولوجيا وابتكارات شركته هي ما قفزت به للنجاح كرمز ترويجي لتسلا، لكن الراجل يفتقد كثيرا لمهارات التواصل، ولدرجة اعترافه بأنه كان يعاني مع إيجاد موظفين في بدايات شركته. 

ربما يفتقد الون ماسك لكثير من مهارات التواصل لكن شفعه وحماسه للتكنولجيا يصل للناس بسهولة
ربما يفتقد إيلون ماسك لكثير من مهارات التواصل لكن شفعه وحماسه للتكنولجيا يصل للناس بسهولة

صورة الشركة – Brand Image

يساهم صاحب الشركة عندما يكون رمز ترويجي لها بأن يكّون جزء مهم من الصورة الذهنية التي يتذكرها الناس عن الشركة، وهذا يعطيها قوة أكبر كBrand.

جلب الموظفين

 عندما يكون صاحب الشركة مشهور ومعروف في الإعلام، تكون لديه قدرة أكبر على جلب موظفين أكثر كفاءة، لأنهم يثقون فيه، الناس عموما تثق في المعروفين في الإعلام، هذا جزء من سيكولوجية العقل والإدراك، أن الناس تذهب للمعروف والمألوف بالنسبة لها.

عيوب أن يكون المؤسس رمز ترويجي

تعميم الأخطاء

 إذا قال هذا المؤسس (الرمز الترويجي) شيء لا يعجب الناس في السوق، وربما أدى لاستفزازهم فهذا ينعكس بدوره على صورة الشركة ككل، وربما تفشل الشركة وتعلن إفلاسها بسبب موقف من صاحب الشركة، وهناك الكثير جدا من الأمثلة حول العالم.

لكن أيضا هذا جزء من الـ Branding في حالة أن الشركة أو صاحبها يملك الجرأة الكافية ولديه استعداد ليضحى بجزء كبير من نجاح الشركة في سبيل أحلامه وثقافته واتجاهاته، وهذا كان واضح جدا في حالة دونالد ترامب، الذي كان من الجرأة الكافية لأن يقلب عليه جزء كبير من المجتمع الأمريكي ضده، الغير مرحب بثقافته واتجاهاته، وهذا يؤثر بشكل كبير على سلسلة الخدمات العقارية التي يقدمها في أمريكا، لكنه في النهاية يرى أن هذا جزء من البراند (الصورة التي يريد تقديمها للمجتمع الأمريكي ككيان فردي أو بيزنس كامل).

في مصر أدت سخرية نجيب ساويرس رجل الأعمال الشهير بكاركتير مسئ للمسلمين لمشاكل كبيرة للغاية تخص شركة موبينيل (التى أشترتها أورانج فيما بعد)، صحيح لم يكن ساويرس المالك بكل الأسهم لكنه كان وجه إعلامي مربوط بالشركة، خسرت الشركة خسارة فادحة بعد هذا الموقع، وهذا جانب مهم من جوانب ربط الشركات بأشخاص.

قلة الاستقرار

على مستوى الاستقرار، فان يكون صاحب الشركة أو مؤسسها هو الرمز الترويجي لها، فهو خطر على استقرار الشركة، لأن الناس تمر بظروف وأوقات تكون الأمور ليس مستقرة على المستوى الشخصي لهم، الناس تمل وتفقد شغفها كثيرا، فمن هو الشخص الذي سيظل في نفس الشغف ونفس القدرة على الظهور في الإعلام دائما.

فمثلا حالة مثل ستيف جوبز واضح فيها أن الشركة كانت ستمر بأوقات سيئة بعد وفاة ستيف جوبز، لولا أن شركاؤه كانوا على قدر المسئولية وحافظوا على صورة وقوة شركة آبل في السوق، لكن ماذا كان سيحدث إذا كان شركاء ستيف جوبز أضعف كثيرا منه أو أن الشركة ليست مستقرة بشكل كافي؟ حينها سوف تتأثر بالتأكيد بعد اختفاء صاحبها/ الرمز الترويجي لها.

مثال شهير على ربط المؤسس بالشركة دائما

اعتمدت امبراطورية Virgin لمؤسسها ريتشارد برانسون على بعض الأسرار التسويقية والتى من ضمنها ظهور ريتشارد في كل مكان!

غريب هذا السر؟! لكنه سر مهم، وتحدث عنه كثيراً برانسون – Be visible – معناه ان يراك العامة باستمرار، فى الأحداث الهامة المرتبطة بشركتك و نجاحها. ستكون ايقونة الشركة.

ستجد الرجل يسافر العالم فى منطاد ثم ينزل المحيط يصطاد الأسماك المفترسة، ثم يخرج ليلبس ثوب دجاجة عملاقة ويقابل الجمهور، انها افكار مجنونة يبتكرها دوماً، للفت أنظار الناس إليه، وبالتالى الى فيرجن.

على المستوى الشخصى لم أحب هذه الطريقة الترويجية، سواء من برانسون او غير برانسون، أرى أنها تربك صورة الشركة الى حد ما، لكن لكى اكون امين معك، فأرى الآن ان الجمهور يحبها كثيراً ويتفاعل معها لأنها تقلل من صورة الشركات الروتينية المملة فى أذهان الناس.

54355c506bb3f7670606f08b
اعتمد ريتشارد برانسون على ربط نفسه كرمز ترويجي بالشركة، لا تستغرب إذا رأيته يلبس زي دجاجة ويخرج في احتفال تأسيس فرع جديد، أو أنه يسافر حول العالم ببالون ضخم كما حصل سابقا

لم اعجب سابقا بأسلوب ستيف جوبز عندما خرج على برنامج شارك تانك الشهير الذي يعطي تمويل لرواد الأعمال، ليطلب الدعم لفكرته – Ipad – والتى تحولت لمنتج خارق فيما بعد (بالطبع كان ترويج لآيباد أكثر من كونه طلب تمويل!).

هذه مجرد وجهة نظرى الشخصية، والتى ربما تتعارض مع فكرة – Be visible، التي ركّز عليها برانسون والتى اعتقد ايضاً انها كانت من أسرار نجاح ستيف جوبز فى تكوين صورة ذهنية قوية عن نفسه وعن أبل.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى