الاستراتيجية والتخطيط

استراتيجيات استهداف السوق | كيف تختار الفئة التسويقية المستهدفة

استراتيجيات استهداف السوق واختيار الفئة المستهدفة أو الجمهور المستهدف من أكثر الأجزاء متعة و أهمية فى وضع الاستراتيجية التسويقية – Marketing Strategy، في هذه المقالة سوف أشرحلك كيف تستهدف شريحتك السوقية بدقة.

4 خطوات للاستراتيجية التسويقية

في البداية يجب عليك مراجعة خطوات الاستراتيجية التسويقية – STDP، والتى تشمل 4 خطوات:-

1- وضع الأهداف التسويقية – Marketing Objectives.

2- تقسيم السوق – Segmentation

3- اختيار الفئة المستهدفة – Targeting

4- بناء الموقع الذهني – Positioning

في هذه المقالة سنتكلم عن الخطوة رقم 3 في وضع الاستراتيجية التسويقية وهي اختيار الفئة المستهدفة – Targeting، فما هو مفهوم الاستهداف وما أهمية استهداف السوق؟

ما هو الاستهداف التسويقي؟

الاستهداف التسويقي – Targeting هو اختيارك لفئة محددة باستراتيجيتك التسويقية وموقعك الذهني ومزيجك التسويقي. هو الإجابة عن أسئلة تسويقية مثل: إلى من تقدم منتجاتك أو خدماتك؟ إلى من توجه حملاتك الترويجية؟ ومن هو الجمهور المستهدف الذي تريد أن تثبت في ذهنه كالجبل وتتميز دونا عن كل المنافسين؟ إذا كان تقسيم السوق هو عصف ذهني واستخراج للشرائح والفئات السوقية التي من الممكن استهدافها، فإن الاستهداف التسويقي هو قرارك بأي الفئات سوف تستهدف، مع التحضير لبناء مزيج تسويقي متكامل لهذه الفئات، كلا على حدة.

ما أهمية استهداف السوق؟

إذا أردت الدخول الى عالم الاعمال بمنتج أو خدمة، لماذا عليك ان تقسّم سوقك الى شرائح سوقية أصغر، ثم تستهدف كل شريحة سوقية من هذه الشرائح بالمزيج التسويقي – Marketing Mix الذى يناسبها؟ لماذا لا تفعل مثل الكثير من الشركات، التي لا تعبأ كثيراً بالتسويق، وتجدها تقدم خدمة او منتج يخاطب الجميع بنفس الرسالة التسويقية.

أولاً يجب ان تعلم جيداً ان من اهم المصطلحات التسويقية فى عالم اليوم مصطلح الحاجات – Needs، لدرجة أؤكد لك فيها، ان الفارق الأساسى بين التسويق فى العصر القديم، وبين التسويق الحديث، هو اشباع الاحتياجات.

لن تجد أفضل من كوتلر نفسه يؤكد لك ذلك عندما اخبرنا ان التسويق الحديث يتعلق ب” اشباع احتياجات الناس بشكل مربح – Satisfying Customer Needs”

اقرأ: الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب: وعلاقتهم بالتسويق الناجح!

kotler

إن هذا التعريف او الاتجاه في فهم التسويق قد غيّر كل شئ. لقد غيّر فكر الشركات القاصر على تقديم، بإقحام، منتجات وخدمات إلى الأسواق، ثم البحث على اقدر الأشخاص لبيع هذه المنتجات.

إن الامر اليوم تغير ليبدأ التسويق مبكراً جداً .. إنه يبحث عن احتياجات الناس، ثم يطور منتجات تشبع هذه الاحتياجات.

الآن يأتي السؤال المهم.. هل احتياجات الناس فى الاسواق كلها متشابهة أو متطابقة؟ هل احتياجات الموظف كاحتياجات ربة البيت، كإحتياجات طالب الجامعة أو تلميذ المدرسة؟ لو كان الأمر كذلك فسوف نقدم نفس المنتج ونفس المزيج التسويق للجميع بدون اي تفرقة، ولن يكون هناك أدنى داعي للتقسيم.

لكن الواقع يقول أن شرائح المجتمع المختلفة لديها اختلافات فى احتياجاتها، بالطبع هذه الاختلافات تعود في المقام الأول لطبيعة المنتج أو الخدمة نفسها.

معنى ذلك أنك تقسّم السوق لانك مقتنع بأن احتياجات السوق هى ماتحرك الشركة، وبالتالى أنت تقسم السوق، لكى تستهدف كل شريحة بمزيج تسويقي مختلف يشبع احتياجاتها المختلفة. هذا سوف يحقق نجاح تسويقى كبير لانك تشبع احتياجات المشترين بشكل أفضل كثيراً.

استراتيجيات استهداف السوق

بعد القيام بتجزئة السوق وتحليل الشرائح المقسمة جيدا، يأتي السؤال، ما هي استراتيجية الاستهداف -Targeting Strategies التي ستتبعها؟ هل تستهدف شريحة واحدة بمزيج تسويقي خاص ليها أم تستهدف أكثر من شريحة في نفس الوقت؟!

هناك 3 استراتيجيات شريحة لاختيار الفئة المستهدفة:

استراتجية عدم التقسيم: استهداف كل السوق بنفس الطريقة

وهنا انت تطبق استراتيجية عدم التقسيم – Mass Marketing وتستهدف جميع السوق بنفس المزيج التسويقي – Undifferentiated Marketing، وهذا النوع من الاستهداف كما اتفقنا لا يُحقق إشباع كافي وقد كون مُكلف، وهو لا يناسب إلا مجالات محددة مثل المنتجات الاستهلاكية.

استراتيجية التمييز: استهداف كل فئة سوقية بمزيج تسويقي

هنا انت تقوم استراتيجية الاستهداف باختيار اكثر من فئة مستهدفة لكن تٌعطي لكل فئة عناصر المزيج التسويقي (منتج – سعر – توزيع – ترويج) المناسب لها وتسمي بـ استراتيجية التمييز – Differentiated Marketing. هذه الاستراتيجية في الاستهداف ناجحة لكنها مُكلفة وتحتاج إلى موارد ضخمة؛ لذلك هي لا تناسب الشركات الصغيرة والناشئة.

استراتيجية التركيز: استهداف فئة سوقية واحدة 

من إسمها فأنت تقوم باختيار شريحة أو فئة مستهدفة واحدة وتركيز كل جهودك التسويقية عليها بالمزيج التسويقي المناسب لها وتحقيق أقصى اشباع وأرباح من هذه الشريحة، وتسمي باستراتيجية التركيز – Concentrated Marketing. بالطبع هذه الاستراتيجية تناسب جدا الشركات الناشئة والصغيرة وهي من ضمن الاستراتيجيات الفعالة عند بدايتك لدخول السوق.

فتختار مثلا فئة مستهدفة واحدة تركز عليها، ثم مع زيادة المبيعات والأرباح، تتجه إلى التوسع واستهداف أكثر من فئة أو شريحة سوقية.

ولكي نفهم أكثر استراتيجيات استهداف السوق، سأشارك معك استراتيجية اديداس في تقسيم السوق وتحديد الفئة المستهدفة.

استراتيجية اديداس في تقسيم السوق وتحديد الفئة المستهدفة

شركة اديداس – Adidas من أشهر الشركات التي تطبق التسويق فى شكله العبقرى، وتقدم منتجات رياضية، وهي معروفة بالأحذية الرياضية على وجه الخصوص.adidas
عندما بدأت الشركة كانت تركّز بشكل كبير على شريحة الرجال، اى انها قسّمت سوقها إلى رجال ونساء، ولأن الشريحتين السوقتين لديهم احتياجاتهم المختلفة، فكان عليها أن تقرر ما استراتيجية استهداف السوق التي ستستخدمها.

(ملحوظة: إذا كان لا يوجد اى اختلاف بين الرجال والنساء بالنسبة للاحذية الرياضية، فلن يكون هناك داعى للتقسيم من الأساس، كما ذكرنا من قبل في مقالة تجزئة السوق).

أديداس وجدت أن الأفضل لها في البداية اختيار شريحة أو فئة مستهدفة واحدة وهي فئة الرجال. وهذه هي استراتيجية التركيز في الاستهداف – Concentrated Marketing.

ثم مع الوقت بدأت تدخل اديداس فى استراتيجية أخرى هي الاستهداف لشرائح مختلفة – Differentiated Marketing، عندما بدأت تطور منتجات واحذية رياضية خاصة بشريحة النساء.female

لماذا اتخذت شركة اديداس هذه القرارات عند استهداف السوق؟

لأن اديداس، مثلها مثل اى شركة محترفة تسويقياً، فهى لم تطور منتجات واحذية رياضية تشبع احتياجات الشريحتين في وقت واحد،  لكنها ركزّت فى تطويرها لمزيجها التسويقي على شريحة واحدة، ووضعت كل جهدها لإشباع احتياجات هذه الشريحة، فنجحت فى ذلك، وبعد هذا النجاح بدأت فى استهداف شريحة سوقية أخرى بمزيج تسويقي مختلف، وذلك لكى تشبع احتياجاته بدرجة متقنة.

اتفقنا إذن أن يجب على ان الشركة لكي تنجح تسويقيا أن تطور مزيج تسويقي (منتج – سعر – توزيع – دعاية) مختلف لكل شريحة سوف تقوم باستهدافها .. لكن لكي يزيد اقتناعك سوف أعطيك مثال أخير.

ماذا يحدث عندما يكلم شخص هندى بلغته الهندية شخص مغربى؟! هل تعتقد أن رسالته ستصل؟ بالطبع لا.

ماذا يحدث إذا تكلم شخص من القرن السابع عشر مع شخص من القرن الحالي؟ هل سيكون من السهولة أن يتفاهموا فيما بينهم؟ كيف وقد خرجت علينا العديد من المصطلحات والألفاظ الجديدة التي تتطورت مع الزمن، بالطبع لن يفهمها هذا الرجل من العصر الفائت؟!

لو اقتنعت بمنطق تقسيم السوق لكى تعامل كل شريحة فيها التعامل الذى يناسبها وتطوّر لها مزيجها التسويقي الخاص، فما هي المعايير التي عليها أساسها ستقول: “هذه هي الفئة المستهدفة التي سأركز عليها جهودي”؟

بمعنى آخر، إذا قسمت اديداس سوقها إلى ثلاث شرائح: شريحة السن من 10 إلى 18 ومن 18 الى 30 و ما فوق ال30، فما هى الشرائح الأحق بالاختيار بالنسبة لاديداس، هل هناك معايير واضحة لاختيار الفئة السوقية المستهدفة؟

3 عوامل أساسية لتحديد الفئة المستهدفة المُربحة!

هناك بالفعل 3 عوامل اساسية وهامة جداً تعمل طبقاً لها الشركات في استراتيجية استهداف السوق واختيار الفئة المستهدفة، وهم:

1- حجم السوق ونموّه – Market Size and Growth

2- جاذبية التركيبة السوقية – Structural Attractiveness

3- موارد الشركة وأهدافها – Company Objectives and Resources

حجم السوق ونموه

يجب ان تختار الشركة الشرائح ذات الحجم الأكبر، وذات الطلب – demand الاكثر، لان هذا هو ما يضمن الارباح والمبيعات الكبيرة للشركات، وليس من مصلحة الشركة أن تختار شريحة سوقية الطلب فيها على المنتج قليل، وبالتالى سوف تعانى فى المبيعات، وذلك سيؤثر على الأرباح، ومع الوقت سيؤثر على وجودها فى السوق والنجاح فيه.

هناك أساليب عديدة تعرف بها الشركة حجم السوق، واشهر هذه الوسائل ان تقيس حجم المبيعات التي تحققها الشركات فى القطاع الذى تجمّع المعلومات عنه.

فمثلاً مرسيدس تريد أن تعرف كم عدد الشباب فى ألمانيا يشترى سيارات جديدة، فتجمّع معلومات عن الشباب الذى يشترى سنوياً سيارات جديدة، فإذا كان العدد كافى وكبير بالنسبة لها للانطلاق فى سوق الشباب وتقديم سيارات جديدة لهم، فستفعل ذلك.

كيف تعرف حجم المبيعات التي تحققها الشركة على شريحة سوقية محددة، او تعرف عموماً حجم الطلب من شريحة معينة؟

هذه هى مهمة الأبحاث التسويقية – Marketing Research (اذا لم تكفيك البيانات المتاحة – Secondary Data)، وقد تقوم بهذه المهمة الشركة نفسها او توكّل عنها أو تستفيد من خدمات شركات متخصصة فى هذا المجال مثل العملاق نيلسن – Nielsen وهى واحدة من اكبر الشركات التى تقدم خدمات البحث.%D9%86%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%86
ولكن هل حجم السوق يكفى؟

بالطبع لا! لأن الحجم قد يكون خادع للشركة، ولا يستمر لفترة طويلة. ربما يكون هناك ظروف خاصة أو أسباب محددة جعلت السوق يبدو كبير فى هذه الفترة الزمنية، فيجب أن تتأكد من حجم السوق الذي تستهدفه، وايضاً درجة نمو السوق – Market Growth.

مثال لتوضيح الأمر …

إذا نظرت لسوق يستهلك المراوح – Fans، ستجده سوق كبير من حيث الحجم، فهناك آلاف من المشترين وملايين هى عوائد البيع، ولكن هل هذا السوق جذّاب للشركة، خصوصاً لو شركة ذات موارد تسويقية كبيرة؟ بالطبع لا! لأنه سوق يتناقص يومياً لصالح منتج جديد، هو التكييف –Air Conditioner.

لذلك ربما تعمل الشركة بكفاءة لفترة، ولكن لا تضمن البقاء كثيراً فى السوق، نظراً لانه سوق يتناقص باستمرار.

هل تويوتا – Toyota مثلا عندما تدخل السوق الألمانى، وتقسّم السوق، سوف تستهدف شريحة المشترين ذوى الدخل المنخفض جداً؟ فى الاغلب لن تفعل، لماذا؟ لأنها ألمانيا اقتصادها قوي، وأصحاب الدخل المنخفض هم فئة صغيرة، وبالتالى لن تكون هذه شريحة مربحة، وليس هذا فقط بسبب أنها شريحة صغيرة، ولكن كون ألمانيا من أكبر الاقتصاديات في العالم، فمن المتوقع أن تقل شريحة الدخل المنخفض مع الوقت، وليس العكس هو ما يحدث، وبالتالى هى شريحة غير مرغوبة بالنسبة لتويوتا ، وفى الأغلب لن تستهدفها.
TOYOTA

جاذبية التركيبة السوقية

العامل الثاني الذي تضعه الشركات فى حسبانها أثناء اختيار الفئة المستهدفة وهو جاذبية التركيبة السوقية – Structural Attractiveness.

التركيبة السوقية التى تجذب الشركات تجاه شريحة معينة هى التى تتميز ببيئة داخلية صناعية – Microenvironment سهلة ويسرة على الشركة، ومن ضمن عناصر البيئة التى اتكلم عنها هنا:

  • الموردين – Suppliers
  • وسطاء البيع والتوزيع – Intermediaries
  • المنافسين – Competitors

فمثلاً كلما كان السوق فيه موردين اكثر، كلمّا سهل ذلك على الشركة، لأن قدرة الموردين على احتكار السوق او التحكم فى المواد الخام او الاسعار تكون محدودة، وتكون الخيارات افضل واكثر أمام الشركة.

بالنسبة مثلاً للمنافسة، فالشركة التى تفهم تسويق جيداً لا تدخل اسواق بها منافسة شرسة، واذا دخلتها يجب عليها أن تمتلك ميزة تنافسية قوية للغاية، وذلك لان المنافسة الشرسة في الأسواق تكون ضغط على الشركة، ولا يستفيد منها سوى المشتري.

المنافسة الشرسة عموماً تُدخل الشركة فى دائرة حروب الأسعار – Price Wars حيث يكون هناك عدد كبير من الشركات، بمزايا تنافسية ضعيفة أو غير واضحة، فتبدأ الشركات فى جذب المشترين وتحقيق مبيعات عن طريق خفض الأسعار، وبالتالى السوق الذى يمتلئ بالمنافسين هو سوق غير مرغوب للشركة.

يجب أن تستوعب الشركة فكر الابتعاد عن المنافسة الشرسة. لا اقول هنا ان تعمل فى سوق منفردة، لان هذا صعب جداً، ولكن ان تعمل فى سوق بها منافسة اقل، مع مزايا تنافسية قوية تميزك عن المنافسين فيه. يمكنك مراجعة مقالة كيف تتجنب حرب الأسعار.

يمكن أن تفهم المنافسة من خلال طرق وأساليب تسويقية عديدة منها مثلاً تطوير الخرائط الذهنية – Positioning Maps، وفى هذا النوع من الخرائط يتم وضع المنافسين الذى يعملون في سوق واحد، ووضع الشركة على الخريطة طبقاً للفوائد –Benefits التى يقدمها المنتج او الشركة، مقارنة مع السعر، ثم تضع الشركة وحجمها على الخريطة طبقاً لما تحققه من مبيعات ومن نصيب سوقى – Market Share.

%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%87%D9%86%D9%8A%D8%A9

على العموم هذان العاملان: حجم السوق ودرجة نموه، ومدى جاذبية التركيبة السوقية، لن تستفيد بهم الشركة إلا بفهم العامل الثالث …

موارد الشركة وأهدافها

تجد اليوم أن من اهم ما يميز الشركات الفاشلة تسويقياً هو التشتت والعشوائية التى تريد ان تنمو فيها، بُعدها عن التسويق جعلها تعمل طبقاً لمبادئ الانتاج والبيع القديمة، وبدون اى استراتيجية تسويقية متقنة، فتجدها تقدم للسوق منتج، ثم تحاول بكل الطرق بيعه، أما التقسيم والاستهداف المتقن فلا تعيره انتباه تسويقى كافى.

ماهى المهمة – Mission التى قامت على أساسها الشركة؟ ما هى الاهداف الواضحة التى تريد تحقيقها؟

هذه الأسئلة التى اذا لم تجب عليها الشركة بوضوح فسوف ترى منها كمية هائلة من العشوائية والتخبط فى السوق.

هل تعلم لماذا ترى لنفس الشركة حملات اعلانية برسائل تسويقية مختلفة؟

هذا لأن الشركة ليس عندها أهداف واضحة تعمل من أجلها، والهدف عندما يكون واضح ينتج عنه دقة واتقان في اختيار الفئة المستهدفة، وبعد الاستهداف الواضح الذى لن يتغير كثيراً مع الزمن (او مطلقاً احياناً)، يكون على الشركة بناء موقع ذهني/تموضع ذهني قوي يناسب الفئة المستهدفة.

الأهداف التى اتكلم عنها هذه المرة ليست أهداف تسويقية خالصة مثل الاهداف الشهيرة: الارباح، النصيب السوقى، نشر اسم المنتج، ولكن ما اتحدث عنه هنا مرحلة قبل هذه الاهداف .. أتكلم عن الهدف الذى قامت من أجله الشركة، ماهى الاحتياجات والرغبات التى تود الشركة اشباعها؟

قارن هذه العشوائية فى وضع الاهداف والثبات عليها، بشركة مثل سنيكرز – Snickers.

شركة سنيكرز كان هدفها تقديم منتج يشبع الجوع… ببساطة.

snickers

عندما فهمت الشركة أهدافها ولماذا هى موجودة فى هذا السوق، استطاعت اختيار الفئة المستهدفة المناسبة، وهي تلك الفئة من الشباب الذي يريد مصدر للطاقة وسد الجوع، وبالتالى نتج عن هذا التفكير الاستراتيجي شيكولاتة غنية بالمواد التى تشبع الجوع وتعطى الطاقة الكافية للاستمرار، والقيام بالمجهود الضخم.

أما بالنسبة لموارد الشركة – Resources، فمن المنطقي والطبيعي أن الشركة التى تمتلك موارد قليلة سوف تذهب لشريحة اصغر او اقل تعقيداً من الشركة التى تمتلك موارد ضخمة.

اهداف الشركة ومواردها ينبعوا من نفس المصدر، وبالتالى فهم معيار واحد، فالشركة التى تضع الاهداف تضعها فى الحقيقة بناء على الموارد المتاحة لديها، وهذا هو الصحيح فى علم الادارة اما الشركة التى تضع اهدافها بعيداً عن مواردها فهى شركة فاشلة ادارياً وتسويقياً.

هل تذكر الدروس التسويقية المستفادة من نايكى ومؤسسها فيل نايت؟ إنها تثبت وتلخص وجهة النظر هذه.

فيل نايت وضع اهدافه بإدخال الاحذية اليابانية القوية الى السوق الأمريكى، و بالتالى موارده وامكانياته تصب فى حيز الحذاء القوى الذي يستمر لفترة كبيرة، ولأن الهدف واضح، وايضاً الموارد المتاحة التى صمم من خلالها هدفه كانت موجودة وواضحة ومتوفرة، حققت نايكي نجاحا كبيرا!

لكن عندما دخلت ريبوك – Reebok بإحذيتها الانيقة الجذابة، بدأت نايكى فى التشتت والبعد عن اهدافها، وبالتالى عن مواردها القوية التى تميزت بها، وبالطبع كانت المعركة محسومة حينها لريبوك، لأنها تعمل طبقاً لمواردها، وتسير فى اتجاه أهدافها.

بعدها تعلم فيل نايت الدرس وعاد يعمل طبقاً لموارده وأهدافه، فحذاء نايكى حتى اليوم يستهدف بشكل أساسى فئة الرياضيين الذين يحتاجون أحذية قوية تستمر لفترة طويلة، حتى لو أتى ذلك على حساب الشكل الجمالى.
نايك

استهداف أكثر من شريحة سوقية في نفس الوقت

السؤال هو.. ماذا تفعل عندما تكتشف أن منتجك يستهدف 3 شرائح سوقية في نفس الوقت؟ لنفترض أنك تبيع لبن أطفال، لذلك أنت تحاول استهداف كلا من:-

  1. الأم: تهتم بصحة طفلها وتريد نمو عظامه بشكل سليم.
  2. الأب: يهتم باختيار منتج جيد اقتصادي في نفس الوقت.
  3. الطفل: يتأثر بمن حوله من الأطفال ويحاول الحصول على المنتج الشائع وسط مجتمعه.
استراتيجية تسويق منتج اطفال
مشكلة كثير من منتجات الأطفال كالألبان أن هناك أكثر من متخذ قرار شراء في نفس الوقت

أولا علينا تقسيم المشكلة لشقين، الأول هو شق الاستراتيجية التسويقية – Marketing Strategy، والثانية هو شق الترويج والإعلان – Promotion.

في الاستراتيجية التسويقية عليك اختيار شريحة واحدة لتبني لديها صورة أو موقع ذهني عن المنتج – Position.

في هذه الحالة أنت تحتاج لتعرف من متخذ القرار الرئيسي الذي ستوجّه له معظم جهودك التسويقية، وستضعه بشكل أساسي أمام عينيك أثناء تطويرك لجملة الصورة الذهنية الداخلية – Internal Positioning Statement.

غالبا في هذه الحالة تكون الأم هي متخذ القرار الرئيسي، ولذلك سوف تستهدفها بشكل أساسي (Primary Segment) في استراتيجيتك التسويقية، وستبني موقع ذهني عنك أن لديك المنتج – ولنفترض – الأكثر عطاءا للنشاط.

نذهب للشق الثاني من المشكلة، وهو شق الترويج.

في الترويج لا يمكنك أن تهمل أي طرف يشارك في اتخاذ عملية الشراء، وانت الآن فعلياً لديك 3 أطراف مشاركة في القرار الشرائي على الأقل، الأم، والأب، والطفل.

  • الأم: سوف توجّه لها الترويج في القنوات الترويجية والإعلانية المناسبة لها، ومن ضمنها مثلا قنوات التلفزيون وخصوصا تلك البرامج التي تهتم بشئون المرأة، كبرامج تهتم بنظام المنزل أو إعداد الوجبات.
  • الأب: سوف تستهدفه في قنوات التوزيع، بعروض وتخفيضات على المنتج تغريه لاتمام عملية الشراء في أقصر وقت ممكن.
  • الطفل: سوف تحاول التأثير في مجتمعه، ربما عن طريق ألعاب ومسابقات في الأماكن التي يتواجد بها كالمدارس
    والنوادي.

باختصار.. التسويق والبيع يعلمك ألا تهمل أبدا أي عنصر مشارك في القرار.

فاستهداف أكثر من شريحة سوقية في نفس الوقت، يمكن حلّه بمحاولة تكوين الموقع الذهني والبراند بشكل صحيح في عقول الشريحة المستهدفة الرئيسية، واستخدام تشكيلة من طرق وقنوات التوزيع والترويج المختلفة من أجل استهداف جميع الشرائح السوقية الثانوية المشاركة في اتخاذ قرار الشراء.

في هذه المقالة، تكلمنا عن كل ما يخص الاستهداف التسويقي – Targeting، أهميته، استراتيجيات الاستهداف المختلفة، وعن أهم المعايير التي على أساسها يكون اختيار الفئة المستهدفة.

بعد هذه الخطوة “اختيار الفئة المستهدفة” يأتي السؤال .. كيف أريد أن تراني هذه الفئة المستهدفة؟ كيف أحب أن أثبت في عقولهم وأذهانهم كالجبل الراسخ؟ الإجابة ببساطة هي بناء الموقع الذهني – Positioning.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى