الاستراتيجية والتخطيط

استراتيجيات التوزيع | كيف تسيطر على قنوات التوزيع

في هذه المقالة سوف أعرفك على أهمية التوزيع، وأبرز استراتيجيات التوزيع التي تتبعها الشركات، خصوصا شركات المنتجات الاستهلاكية، مع توضيح سياسة الدفع، وسياسة السحب في التوزيع.

أهمية التوزيع

لا يدرك الكثير جداً من الناس أهمية التوزيع بالنسبة للشركات ونجاحها في السوق، الا عندما يتعمقون في التسويق وقصص النجاح للشركات العملاقة، او حتى عند دخولهم للعمل فعلياً بشركات تركز بشكل أساسي على التوزيع.

هل أنت مقتنع بأنه لا يوجد في العالم شركات استطاعت إخراج مشروبات غازية تنافس كبرى شركات المشروبات الغازية؟! هل تدرك أن بإمكان الكثير تقطيع بطاطس ووضعها في أكياس، وسيكون مذاقها أفضل من منتجات الشركات قائدة هذا السوق؟ ما هو سر قيادة أسواق المنتجات الغذائية والاستهلاكية عموماً.. الجواب في كلمة واحدة (التوزيع).

أجمل شيء في التوزيع أنه يريك حروب شرسة لا ترحم بين الشركات. كل الشركات في هذه الاسواق تحاول ان تسيطر على أقصى ما تستطيع من منافذ التوزيع. على الرغم من متعة الأمر عندما تقرأ عنه أو تجد أحدهم يحكى لك عنّه باستمتاع شديد، فإن الامر على ارض الواقع صعب للغاية، ولا تنجح فيه الا الشركات القوية شديدة الإبداع والمرونة، والتي لديها في نفس الوقت بعد نظر وخبرة استراتيجية.

الصعوبة كلها تكمن في الإمكانيات المادية والبشرية التي تحتاجها من أجل التوزيع، فأنت لا تطوّر استراتيجية توزيع ثم تتركها لتنفذ نفسها، بل عليك تكوين جيش يساعدك في التوزيع، وهو الحل غير العملي في السوق الفعلية، فتلجأ الشركات للاستعانة بشركات تعمل في دور الموزع الذي يملك هو جيش من الموزعين والامكانيات التوزيعية والعلاقات التي تسمح له بالتوزيع الكفء في السوق.

مشكلة حتى الاستعانة بجيش خارجي من الموزعين يتطلب منك استراتيجية توزيع محكمة عليك تمويلها وتمويل منفذيها باستمرار مع الاستمرار في إتقان دورك في مراقبة تنفيذ هذه الاستراتيجية التوزيعية.

مشكلة التوزيع الكبرى أن حيز الإبداع فيه ليس كبير، والإبداع يكون دائماً الحل للخلاص من المشاكل المادية التي تعاني منها الشركات خصوصاً الناشئة أو الصغيرة.

دعنا نضرب مثال بالترويج والإعلان، والتي تأخذ الآن اسم الاتصالات التسويقية المتكاملة – IMC، فهي تحتاج في الواقع لمصاريف كبيرة، ولكن بالإبداع والذكاء الترويجي تستطيع أن تتغلب على هذه المشكلة، ربما تطوّر حملة من بدايتها لنهايتها بدون إنفاق كثير من الأموال، أو ربما بدون إنفاق أي أموال على الإطلاق، أما بالنسبة للتوزيع فالأمر مختلف، فالشركة مضطرة لأن تمتلك إمكانيات مادية محددة، ثابتة على الشركات الكبرى على حد سواء مع الصغرى، من أجل أن تسيطر على قنوات ومنافذ التوزيع..

في هذه المقالة سأركز على قطاع المنتجات سريعة الاستهلاك – FMCG، والسبب هو أن هذه النوعية من الشركات هي التي تحتاج بشدة لعنصر التوزيع، والتوزيع لديها يأخذ النصيب الأكبر (مشاركة غالباً مع الترويج) في المزيج التسويقي.

(شركات المنتجات سريعة الاستهلاك هي التي تنتج منتجات يحتاجها المشترون بكثرة، واستهلاكهم لها مكثف، مثل المنتجات الغذائية والأدوية ومساحيق التنظيف).

سأثبت لك سريعاً كيف أن التوزيع من أهم العناصر بالنسبة لهذه الشركات، إن لم يكن الأهم.

افترض ان هناك شركة استطاعت انتاج أفضل منتج تنظيف في العالم، وسعره كان في متناول الشريحة المستهدفة، وطورت حملة إعلانية خرافية أشرف عليها أوجيلفي او ريفز او غيرهم من عمالقة الاعلان.. ثم نزل الناس ليشتروا المنتج فلم يجدوه، سألوا مرة واثنين وثلاثة عنه، وكانت النتيجة سلبية.

هل تتوقع أن يسألوا عنّه مرة اخرى؟ الاحصائيات تقول ان المشترى في المتوسط يسأل 3 مرات ثم يتوقف عن السؤال عن المنتج. اذاً خسرت الشركة بجدارة على الرغم من لديها مزيج تسويقي رائع، لا ينقصه سوى التوزيع!

هل ترى الملايين التي تصرفها كلاً من بيبسى وكوكا كولا على الاعلانات؟ وهل تعرف أن كليهما لديهم علامات تجارية من أقوى العلامات التجارية في التاريخ؟؟ وعلى الرغم من ذلك أغلب الناس يدخلون المحلات والأسواق التجارية للحصول على منتج يروي عطشهم، فيكون الفيصل هو أي المنتجات متاح امامه! انه عامل ليس له علاقة بحب هذا أو ذلك. إنه التوزيع.

لماذا تعتمد الشركة على منافذ البيع والتوزيع؟

ما رأيك في أن تعتمد الشركات على نفسها، وبدلاً من الاعتماد على المعارض التجارية والأسواق الصغيرة والكبيرة الاستهلاكية، تستطيع الشركة بنفسها النزول من خلال منافذ وأكشاك توزيع تتبع الشركة لتبيع من خلالها.. وبذلك تطبق التسويق المباشر، وتستفيد هي من الأرباح كاملة بدون أن يشاركها فيها قنوات البيع والتوزيع الوسيطة؟

هناك أسباب كثيرة جداً تجعل الشركات تعتمد على شركائها من الموزعين. وأول هذه الأسباب خبرة منفذ التوزيع في البيع.

التوزيع يساعدك في البيع

منافذ البيع يكون هدفها البيع، وهم حصلوا على خبرة كافية في كيفية التعامل مع كل أنواع المشترين، ويستطيعوا اقناعهم بالمنتج. وهذا ليس تخصص الشركة، فشركة بيبسى لن يكون عندها بائعين بخبرة هؤلاء أصحاب منافذ البيع والعاملين فيها.
انهم قادرين على إدارة العلاقة مع المشتري، ومحاولة ارضاءه بشتى الطرق، وهو عبء تم إزاحته عن عاتق الشركات، ويقوم به منفذ البيع بكفاءة وخبرة تسويقية كبيرة.

فهم أكبر للمشتري والعروض التي تناسبه

هذه النقطة مهمة جداً، ومن نتائجها أن منفذ التوزيع يستطيع القيام بعنصر ترويجي آخر بمنتهي الكفاءة، وهو عروض البيع الترويجية – Sales Promotions.

دعنا نفترض ان كارفور، وول مارت، أو أي سلسلة كبرى للبيع بالتجزئة، سيطورون بعض العروض الترويجية الخاصة بمنتج جديد لشركة أغذية كبرى، بالتنسيق مع الشركة. هل تعلم ما سر نجاح هذه العروض الترويجي أيا كان؟

إنه يكمن في الخبرة الكبيرة للسوق التجاري في التعامل والبيع للمشترين، انه أصبح يعلم احتياجاتهم الشرائية جيداً ويعلم أي العروض والتخفيضات والهدايا التي ستجذبهم، وبالتالي تستطيع هذه الأسواق العملاقة تطوير عروض بيع ناجحة للغاية من خلال خبرتهم البيعية والتسويقية، وبشكل لن تستطيع القيام به الشركة صاحبة المنتج.

التوزيع يختصر سلسلة الإمداد

لا تنسى ان قنوات التوزيع تختصر على الشركة سلسلة الإمداد – Supply Chain (سلسلة إمداد المنتج من بداية تطويره لمرحلة بيعه)، كما انها اماكن لتخزين المنتجات، ووضع تشكيلات متنوعة من المنتجات المختلفة – Products Assortments، تبعد الملل والروتين عن عملية الشراء. لا تنسى ايضاً ان إنها تحقق السيولة النقدية للشركات – Cash Flow بشكل يسمح للشركة أن تركز على الإنتاج والإبداع والتسويق.

3 أسرار رئيسية للنجاح في التوزيع

في هذا الجزء سوف أعرفك سريعا على 3 نصائح للسيطرة على قنوات البيع والتوزيع، وهو الأمر الذي يرفع كثيراً من نسبة نجاح المشروع الناشئ، خصوصا الذي يعمل في مجال السلع الاستهلاكية.

التوزيع هو حرب بين الشركات، ولكي تفوز في هذه الحرب التسويقية الشرسة عليك بوضع استراتيجية للوصول إلى منافذ توزيعية أكثر لكي تستطيع الوصول الى المشتري النهائي، أما المعضلة الثانية التي يجب عليك تجاوزها هي وضع استراتيجية تسويقية توزيعية من أجل إقناع منافذ التوزيع والبيع بوضع منتجاتك على رفوفهم التوزيعية.

ملاحظة سريعة: هذه الحرب التوزيعية والتي يجب أن تفوز فيها الشركات برفوف توزيعية أكثر من المنافسين تجدها شرسة في مجالات مثل مجال المنتجات سريعة الاستهلاك – FMCG مثل الأغذية والمشروبات، وايضاً الشركات التي تركز في مزيجها التسويقي على التوزيع بكثافة، وعلى النقيض سوف تجد بعض الشركات في بعض المجالات التي لا تركز في حروب التوزيع مثل مرسيدس مثلاً، فالمشترين هم من يذهبون إليها وليس العكس، وتجد عموماً هذا الأمر مع المنتجات التي تلجأ لحفظ صورتها في السوق عن طريق الاعتماد على منافذ توزيع منتقاة بعناية – Selective Distribution، أو منافذ توزيع توزّع منتجات الشركة ب شكل حصري – Exclusive Distribution .

نريد الإجابة عن سؤال هام، كيف تقنع منفذ البيع والتوزيع ببيع منتجاتك، وذلك في حرب شرسة مع منافسيك الذين يريدون هم الآخرين السيطرة على نفس منافذ التوزيع والبيع؟

دعنا نفترض أن منافذ التوزيع والبيع هنا هي متاجر التجزئة – Retailers المعروفة الشهيرة مثل الاكشاك – Kiosks، والمتاجر والمتاجر الكبيرة – Supermarkets، والمتاجر العملاقة – Hypermarkets.

لن أستطيع أن أعطيك الآن كل المفاتيح التي تلجأ إليها الشركات من أجل إقناع منافذ البيع والتوزيع من أجل الحصول على الرفوف التوزيعية، فالموضوع أكبر وأكثر تعقيداً، ولكن سأخبرك بأهم وأشهر هذه المفاتيح لكي تقنع الموزعين بتوزيع منتجاتك.

اعطى عروض ومزايا أكبر

عروض البيع التجارية – Trade Sales Promotion Tools: لا يوجد تاجر تجزئة في العالم يريد أن يخسر، بل دعني اقولها لك بشكل أكثر وضوحاً ودقة.. لا يوجد تاجر تجزئة في العالم لا يريد أن يكسب أكثر، ويحقق أعلى قدر من الربحية.

يجب أن تعمل الشركات على هذه النقطة بشكل مكثف، بإعطاء تاجر التجزئة مجموعة من عروض البيع التجارية القوية التي ينتظرها. في رأيك.. انت تاجر تجزئة تبيع للمستهلك النهائي، ماذا تريد من تاجر الجملة؟

بالفعل.. تريد اعطائك خصومات أكبر على سعر المنتجات التي توزعها لديك لكي يكون عندك مقدرة أكبر على تحقيق أرباح من البيع بالتجزئة.

ببساطة شديدة إذا كان لدىّ شركتين تعرضان منتجاتهم علىّ، وعلىّ ان اقرر أي المنتجين سأختار لأضعهم على رفي التوزيعي، فطالما أنه ليس هناك فارق جوهري أو ميزة خارقة لواحد من المنتجين عن الآخر، فالطبع سأختار منتج الشركة التي تستطيع أن تعطيني خصم أكبر على سعر منتجاتها، وهذا يتيح لي فرص ربح اكبر من الشركة التي تعطيني سعر اكبر، او خصم أصغر لا استطيع الربح منه كما افعل مع الشركة الأولى.

ليست فقط لعبة الخصومات هي ما تركّز عليها الشركات، بل ايضاً أدوات السماح – Allowance، مثل ميزة البيع بالآجل – Sales on Credit.

هذه الاداة تحتاجها جداً معظم منافذ التجزئة التقليدية، لأنهم في البداية لا يملكون سيولة – Cash لدفع ثمن المنتجات التي يضعونها على رفوفهم التوزيعية، وهم ليسوا منتج او اثنين، ولكنهم كثير كما تلاحظ في هذه المتاجر، وبالتالي فميزة الدفع بعد فترة، وهذه الفترة ربما تكون بعد أن يبيع بالفعل المتجر كثير من هذه المنتجات ويحصل على السيولة، هذه الميزة يحترمها جداً متجر التوزيع، وهي لا تقل ابداً أهمية عن ميزة الخصومات التي تعطيها له الشركة ليربح من خلالها.

تريد سر من أسرار نجاح الشركات الكبرى في الأسواق التي تركّز على التوزيع، وفشل الشركات صاحبة الامكانيات المحدودة؟ اقرأ مرة أخرى ما سبق.. لتكتشف أن الشركات التي تستطيع ان تعطى متاجر التجزئة خصومات كبيرة يربح منها في مقابل خصومات اقل للمنافسين، ونفس هذه الشركات التي تستطيع الصبر على منافذ التجزئة لتحصل على أموالها بعد فترة.

هذه الشركات هي الشركات الكبرى ذات الامكانيات والموارد المالية الضخمة في السوق، بهذه الموارد والامكانيات التوزيعية وتطبيق استراتيجية الخصومات والبيع بالآجل تستطيع السيطرة على منافذ التوزيع والتجزئة وبالتالي على الأسواق عموماً.

طور منتج مطلوب

المنتج – Product: هل تصدق هذا؟! المنتج نفسه وكفاءته وتغليفه الأنيق المبهر يجذب منافذ التجزئة بالفعل. هل تعلم لماذا؟ ببساطة لأن تاجر التجزئة ما هو الا مشترى ايضاً، ويريد ان يشترى الافضل، ولذلك فهو يقارن المنتجات طبقاً لخصائصها وفوائدها، وشكلها، ولونها وتغليفها.

نفس فكرة المشتري النهائي الذي يشترى منتج جيد في مقابل أمواله المدفوعة.

ثاني سبب أنه يجب ان يضع نفسه في مكان المشتري النهائي لكي يستطيع أن يبيع له، فهو يفكر تماماً كما يفكر المشتري النهائي، وينتقى المنتجات التي يريدها المستهلك باستمرار، او يتوقع ان يريدها هذا المستهلك.

لذلك على الشركات ايضاً أن تعامل متاجر التجزئة معاملة المشتري النهائي، يجب أن تشرح له المنتج ومزاياه التنافسية لكى يقتنع به ويوفر له مساحات توزيعية.

خدعة خط المنتجات

خط المنتجات – Product line: ما أروع هذه الخدعة التسويقية! افترض أن تاجر التجزئة وجد أمامه شركتين هما هينكل – Henkel، والتي تنتج مسحوق التنظيف برسيل –Persil، وشركة بروكتر آند جامبل – P & G ، و التي تنتج مساحيق تنظيف كثيرة بأسماء مختلفة وتعرض على هذه التاجر مسحوقين هما اريال – Ariel، و تايد – Tide أو بونكس – Bonux.

لأن تاجر التجزئة يريد وضع أكبر تشكيلة ممكنة من المنتجات أمام المشترين لإشباع كل الاحتياجات والرغبات المختلفة لهم، فسيختار ثلث الرف التوزيعي للمنتج الاول وهو برسيل، والثلث الثاني لمنتج آخر هو اريال، والثلث الأخير لمنتج ثالث هو بونكس. في الإجمالي سيطرت بي أند جي على ثلثي الرف التوزيعي و سيطرت هينكل على ثلث واحد فقط!!

راجع مقالة حروب خط المنتجات.

تركيبة واستراتيجية الاعتماد على الموزعين

لكي تستطيع الشركة توصيل المنتج إلى المشتري أو المستهلك النهائي، تحاول الشركة الاعتماد على وسطاء لديهم المقدرة والخبرة التوزيعية. هؤلاء الوسطاء لهم اشكال واسماء متعددة، والاشهر في الاسواق وفي مجال السلع الاستهلاكية بشكل خاص، أن لدينا تجّار جملة – Wholesalers، وتجار تجزئة – Retailers، ولدينا موزعين – Distributers.

سأخبرك أمراً.. دعنا نخرج الموزع من حساباتنا قليلاً الآن. الموزع في هذه الاسواق يكون دوره الحقيقي ليس تخزين المنتج أو الرضا بتوزيع المنتج او لا. وظيفة الموزع الحقيقة أنه أداة في يد الشركة لتنفيذ الاستراتيجية التوزيعية لها، فهو يأخذ المنتج من الشركة لكي يعطى نسبة لتاجر الجملة ونسبة لتاجر التجزئة وذلك بحسب الخطة الموضوعة من الشركة.

الموزع ببساطة يكون لديه من الإمكانيات المادية التوزيعية والتي ربما لا تملك مثلها الشركات، مثل سيارات النقل والسائقين. الشركة قد لا تملك الإمكانيات التوزيعية هذه، أو لا ترغب بشكل ادق في ان تملكها.

لماذا تكّلف نفسها عناء التوزيع ولديها بالفعل شركات ليس لها وظيفة سوى نقل المنتجات من هنا لهناك، هذا سيوفر كثير من الجهد والوقت والتكاليف على الشركة، وسيجعلها تركز على ما تقوم به بشكل أفضل وأكثر كفاءة.

نعود اذاً للعناصر الأساسية المهمة في الشبكة التوزيعية. انظر لهذا الشكل البسيط لكي تفهم ان الشركة لديها أكثر من طريقة لتوصيل منتجاتها للمشتري النهائي.. إما أن تلجأ لتاجر جملة وتاجر الجملة يقوم بالتوزيع لتاجر التجزئة (منفذ بيع عملاق – Hypermarket، سوق تجارى كبير، محل تجاري صغير، كشك، … الخ ) ، او أن تقوم الشركة بالتوزيع بشكل مباشر لتاجر التجزئة، أو تعتمد الشركة على استراتيجية التسويق المباشر  – Direct Marketing، وتوزيع المنتجات بشكل مباشر للمشتري النهائي.

سلسلة توزيعية
تبدأ سلسلة التوزيع بالمنتج أو المصنع، ثم ينتقل المنتج للموزعين وتجار الجملة، ثم تجار التجزئة بعد ذلك يبيعون المنتج للمستهلك النهائي

ليس هناك استراتيجية واضحة ومحددة لذلك، تلجأ الشركات كثيراً لفكرة تقسيم التوزيع بنسب مختلفة، فمثلاً ستوزع لتاجر الجملة بنسبة 60% وتوزع لتاجر التجزئة بنسبة 30%، وتترك حيز للتسويق المباشر والتوزيع على المشتري النهائي بنسبة 10%

طبيعة المنتج ايضاً تؤثر في هذه الاستراتيجية كثيراً. خذ مثالاً شركات الأغذية صاحبة مدة الصلاحية القصيرة، مثل منتجات الألبان، هل تتوقع ان الشركة ستعطى منتجاتها لتاجر جملة يخزنها لديه لفترة ثم يعيد توزيعها لتاجر تجزئة، هذا قد يسبب تلف هذه المنتجات، وبالتالي تلجأ الشركة للتوزيع سريعاً على منافذ ومتاجر التوزيع   – Retailers.

استراتيجية الدفع في التوزيع – Push Strategy

استراتيجية الدفع هي الاستراتيجية الرئيسية والتقليدية في التوزيع، وفيها تحاول الشركة دفع المنتج على الموزعين وتجار الجملة، وبعدها يقوم الموزعون والتجار الكبار بتوزيع المنتج على تجار أصغر، أو تجار تجزئة ومنافذ بيع للبيع للمستهلك النهائي.

في استراتيجية الدفع، تستخدم الشركة الحوافز التقليدية المعروفة لكي تساعد في إقناع التجار لتوزيع منتجاتها، ومن ضمن هذه الحوافز ما أخبرتك به سابقا، مثل العروض وهوامش التخفيضات المتروكة للوسيط، والهدايا الترويجية، والاهتمام أيضا بالمنتج نفسه وتغليفه وشكله، وعرض كل ذلك في Demo يساعد التجار في فهم المنتج وبيعه بسهولة.

هذه هو التسلسل المنطقي والتقليدي في التوزيع، لكن في أحوال عديدة قد لا تستطيع الشركة فعل ذلك، غالباً لضعف قدرة الشركة على إقناع الوسطاء، قد تكون الشركة مغمورة في السوق ولا يعرفها الوسطاء فيخافون من التعامل معها، أو قد تكون الشركة معروفة، ولكن تريد توزيع منتج غريب أو جديد أو مشكوك كثيراً في نجاحه وبالتالي يخاف ان يتعامل فيه الوسطاء تجنباً للخسارة.

على سبيل المثال شكولاتة كيت كات – KitKat الشهيرة تُقدّم في العالم بنكهات عديدة، في اليابان تُقدّم في حوالي 200 نكهة – Flavors منها نكهة الموز! وفي بريطانيا وبالتحديد في ايرلندا قُدمّت هناك لأول مرة بمذاق مختلف هو البرتقال! هذه النكهات والمذاقات العجيبة قد تجعل الوسطاء في بلادنا يخافون من التعامل مع شركة Nestle لشهيرة في هذه الحالة لأنها تقدم منتج مختلف قد لا يرغبه المشترون وبالتالي يخسر الوسطاء بدون ذنب!

الحل يكمن في استخدام استراتيجية السحب – Pull Strategy، وفيها تلجأ الشركة لأساليب ترويجية مثل الإعلان عن المنتج أو توزيعه للناس كعينات مجانية، أو حتى وضعه في منافذ بيع قليلة جداً.

بعد أن يتأثر الناس بالرسالة الترويجية أو بتجريب المنتج، يبدأ المشترون في سؤال تجار التجزئة (منافذ ومتاجر البيع) عنه، وتبدأ متاجر البيع بسؤال تجار الجملة عنّه، وهنا يضطر تاجر الجملة لطلب المنتج من الشركة التي تنتجه.

سياسة السحب في التوزيع – Pull Strategy

عندما تكون الشركة جديدة في السوق، وخصوصاً عندما يسيطر على السوق قادة وتابعين عمالقة – Market Leaders (الحيتان الكبرى)، فيكون هناك حذر من الموزعين بخصوص توزيع منتجات لشركة ناشئة أو غير معروفة حتى لا تسبب لها خسائر، وإهلاك لإمكانياتها بدون عائد، خصوصاً أن هذه الشركات الناشئة لا يكون لديها الإمكانيات المادية الكبيرة من أجل إغراء الموزعين حتى يقبلوا بهذا التحدي التوزيعي الجديد.

الحل ببساطة إذاً يكون في سياسة السحب، والتي تساعد بشكل كبير في إجبار الموزعين على توزيع منتجاتك، حتى لو كان هذا ضد رغبتهم!

تبدأ سلسلة التوزيع غالبا بالمصنع أو المصدر الرئيسي للمنتج، ثم يتم البحث عن تجار جملة، أو موزعين كبار لتوزيع المنتج، (وقد يكون الموزع حلقة وصل بين تاجر الجملة وتجار أصغر أو تجار تجزئة)، ثم ينتقل المنتج من التجار الكبار وتجار الجملة إلى منافذ البيع والتجزئة، والذي بدوره يبيع للمشتري النهائي.

في حالة لم يوافق الموزع على توزيع منتجك سوف توجه إغرائك التسويقي تجاه طرفين، وذلك لتحقيق سياسة السحب.

الطرف الأول هو تاجر التجزئة، فسوف تتبع طريق شاق نوعاً ما في البداية وتنزل بنفسك (أقصد بإمكانيات شركتك المتاحة) لتوزيع المنتج على منافذ البيع ومتاجر التجزئة (عدد محدود منها)، هذه المتاجر كما سأخبرك فيما بعد بالتفصيل، تحب التجديد والمغامرة، تريد أن يكون على رفّها التوزيعي منتجات جديدة وتشكيلات متنوعة حتى ترضى المشتري..

عندما ينتشر المنتج في هذه المتاجر سوف يجربه الناس، وإذا كان المنتج عالي الجودة ورحب به المشترون فسوف يأتون مراراً وتكراراً لتاجر التجزئة كي يتزودا بهذا المنتج الجديد الذي أحبوه..

تأتى المرحلة بعد ذلك حيث ينفذ المنتج من متاجر التجزئة، ولكن في نفس الوقت مازال يسأل عنه المشترون في الأسواق، فما يكون من تاجر التجزئة سوى طلبه، بل والإلحاح في طلبه من تاجر الجملة، أو الموزع في منطقة جغرافية ما، وتاجر الجملة بدوره (والذي كان رافضاً من قبل لفكرة توزيع منتجك الجديد على تجار التجزئة ) سوف يطلب المنتج من الموزع أو تاجر الجملة (حسب تركيبة التوزيع في السوق)، والموزع أو تاجر الجملة يريد أن يعمل كما ذكرنا في سوق مضمون تسويقياً بالنسبة له، والآن جاءته الفرصة، فتأتى المرحلة بعد ذلك عندما يطلب التاجر (والذي كان رافضاً للمنتج من قبل) المنتج من الشركة الناشئة.

هذه الطريقة الأولى من طرق سياسة السحب، وهي طريق فعالة ورائعة جداً تستخدمها الشركات الناشئة التي لا تملك إمكانيات توزيع كبيرة، أو حتى الشركات الكبيرة التي ربما تريد توزيع منتج جديد أو غريب يحمل صفة الخطورة والمغامرة، أما الطريقة الثانية أو الطرف الآخر الذي ستلعب عليه الشركات الناشئة فهو المشتري نفسه.

الطرف الثاني هو الفئة المستهدفة والمشترين أنفسهم، وهم آلة الضغط الأساسية والأقوى في معادلة التسويق والتوزيع، وأنت تلجأ لهذا الطرف الثاني في حالة لم تنجح استراتيجيتك في الضغط على الطرف الأول، وهم متاجر التجزئة.

ربما تجد أنه من الصعوبة إقناع متاجر التجزئة هم الآخرين بوضع منتجك على رفوف التوزيع لديهم، وفي هذه الحالة تلجأ إلى العنصر الأقوى في المعادلة التوزيعية وهو المشتري.

سبب آخر يجعلك تلجأ للضغط على المشتري وليس على متاجر التجزئة، وهو أن المشترى أقوى كثيراً في الحقيقة من تاجر التجزئة في الضغط على الموزعين، وهو الذي تبدأ من عنده السلسلة التسويقية، فمن أدراك أنك عندما تقنع متاجر التجزئة بأن يضعوا المنتج على رفوفهم التوزيعية، سوف يراه الناس في الأسواق ويشتروه، بالطبع هذا ربما يحدث ولكن سيحدث ببطء واحتمالية فشل الاستراتيجية كبيرة.

إذاً عليك بتطبيق الاستراتيجية الأسرع والأقوى، وهي الترويج قبل التوزيع!

ما أقوله الآن هو من أخطر التحركات التسويقية والتي تحتاج لحسابات معقدة جداً، وفي الحقيقة أنت لا تلجأ لهذه الاستراتيجية إلا بعد أن يفيض بك الكيل مع الموزعين وتجار الجملة، فمن الطبيعي في التسويق أن التوزيع يتم قبل الترويج بفترة.

أغبى حركة تسويقية هي أنك تقوم بتطوير حملة ترويجية وإعلانية رائعة، تصرف فيها الكثير من الأموال والأفكار والجهد، وبعد نجاحها ينزل الناس الأسواق ويسألوا عن المنتج مرة واثنين وثلاثة ولا يجدوا المنتج، هل يوجد فشل تسويقي أكبر ذلك؟!

لكن للأسف قد تصادفك مشاكل تسويقية تتمثل في حالتنا هذه في أنك لا تستطيع إقناع الموزعين بتوزيع منتجك، وبالتالي تلجأ لتحويل المشكلة التسويقية تلك لفرصة تسويقية، من خلال تطويرك لحملة ترويجية مميزة، بعدها سينزل الناس ليسألوا عن المنتج الذى رأوه في الحملة الترويجية، ومع ضغط الناس على متاجر التجزئة، وسؤالهم عن المنتج مراراً وتكراراً، تبدأ متاجر التجزئة في سؤال تجار الجملة – أو الموزعين في المنطقة – وطلب المنتج منهم، والذين سوف يسألونك عن منتجك حينها لكى يوزعوه !!

هذه ببساطة هي سياسة السحب في التوزيع، وهي سياسة ناجحة جداً عندما تقابل مشاكل في استخدام سياسة الدفع التقليدية في التوزيع.

هناك الكثير يعتقدون أن بعض الشركات تطبق هذه السياسة عن قصد، أي إن هذه الشركات تكون غير مضطرة لسياسة السحب، ولكنها تفعلها حتى تسبب كما يقولون (تعطيش) للسوق، ويتسبب ذلك في حالة تسويقية يتناقلها الناس، وكأنه يوجد ضغط جبار على منتج معين، ينفذ من الأسواق من كثرة الإعجاب به وشرائه!

لا أستطيع أن أجزم بأنه يوجد شركات كبرى فعلت ذلك، ولكن رأيي الشخصي أنها تكون مشاكل في التوزيع أو عدم تقدير جيد لحجم الطلب، وأن الشركة إذا فعلت هذا الأمر فعلاً، ففي رأيي هو غباء تسويقي من الدرجة الأولى، لسببين :

الأول أنها فقدت مبيعات وبالتالي أرباح هائلة، والثاني أن الناس تسأل عن المنتج عدد معين من المرات، وبعد ذلك غالباً تمل ولا تأبه له..

(كما أن تعطيش السوق ليست استراتيجية تسويقية أصلا، بل هي سياسة بيزنس يقوم على الاحتكار بس صناعات الحديد وغيرها).

في النهاية.. إذا أردت استخدام استراتيجية السحب من خلال الترويج قبل التوزيع، فعليك بتطوير حملة ترويجية مميزة جداً، ذلك أن نجاح خطتك التوزيعية كلها يعتمد في المقام الأول على لفت انتباه الناس للمنتج الجديد، وبالتالي يأتي الضغط من الموزعين من جديد فيطلبون توزيع منتجك وبالتالي تنجح الخطة التوزيعية.

يجب أيضاً أن تكون مستعد بإمكانيات واستراتيجية توزيعية محكمة بعد تنفيذ هذه الخطة، حتى تعود إلى استراتيجية التوزيع التقليدية عن طريق تطبيق استراتيجية الدفع، والتي من خلالها تستطيع السيطرة على منافذ التوزيع ومتاجر التجزئة.

عند استخدامك لسياسة السحب باستخدام الترويج قبل التوزيع، حاول تقدير الطلب – Demand بشكل دقيق، حتى لا تفاجأ بطلب أكبر من المتوقع، وتقول (لو) أني قدرت الطلب بشكل صحيح، لحصلت على مبيعات وأرباح أكثر، فحاول من البداية أن تتوقع الطلب وتستعد بإمكانياتك لتلبية هذا الطلب.

سؤال آخر.. هل يمكن للشركة استخدام الاستراتيجيتين معاً؟

هذا موضوع مهم يطول شرحه، ولكن دعني اخبرك مؤقتاً ان الشركة لو كانت لديها القدرة للسيطرة على الوسطاء ولم تفعل ولجأت لسياسة السحب فهذا سيكون بسبب غباء الشركة كما أخبرتك، لكن في كثير جدا من الأحوال لا تستطيع – حتى أكبر الشركات – في السيطرة على جميع منافذ التوزيع والتوزيع بالشكل التقليدي، فتدمج هذا بالتأكيد مع سياسة الترويج المكثفة، التي تجعل المشترين النهائيين يضغطون على منافذ التوزيع (التي لم تستطع الشركة الوصول لها سواء لأسباب جغرافية أو لوجستية)، فتقوم هذه المنافذ بالعودة للشركة أو تجار الجملة للحصول على المنتج وتوزيعه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الان افضل الخصومات تابعوها معنا من شركة سوقنى بمناسبة حلول شهر رمضان على تصميم مواقع و تسويق الكترونى محترف فى المزيد من المواقع الالكترونية المختلفة
    للمزيد زرووا موقعنا الرسمى

    002_01008745590

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى