مبادئ ديفيد أوجيلفي الإعلانية
سأعرفك في هذه التدوينة على مبادئ ديفيد أوجيلفي الإعلانية، وسوف أتحدث تحديدا عن اثنين من هذه الأسس التسويقية التى بنى عليها وكالته الإعلانية.
كما أن للتسويق آباء روحيين مثل فيليب كوتلر وسيث جودين فإن للإعلان أيضاً آباء مثل كلود هوبكينز وديفيد أوجيلفي.
أوجيلفي يعتبر من عملاقة الإعلان في العالم، وله كتب رائعة في الإعلان مثل أوجيلفي يتحدث عن الإعلان – Ogilvy On Advertising، و اعترافات رجل إعلان – Confessions of Advertising man ، و الغريب في الأمر أنك إذا لاحظت حياته في طريق الإعلان تجد أنه دخل المجال متأخر، ولكن عندما دخله متأخراً أنعش هذا العلم والفن وضرب فيه بقوة وإبداع.
ربما تأتى التدوينة التي تحكي عن هذا الرجل بالتفصيل مع ملخص لسيرته المبدعة، ولكن أهم ما تريد معرفته الآن هو ما سبب الشهرة الكبيرة التي حققتها شركته وعمله في مجال الإعلان في مدة زمنية قصيرة جداً جعلت من شركات عملاقة مثل رولز رويز Rolls-Royce و دوف Dove و شل Shell عملاء يتهافتون على خدماته؟
السر هو نفسه في مبادئ وقوانين أوجيلفي، فمن ضمن مبادئه إعطاء أولوية قصوى للمعلومات عن السوق وعن الناس قبل تطوير الإعلان، وسبب تكون هذا المبدأ في ذهنه هو عمله في معاهد البحوث التسويقية التي زودته بمعرفة بحثية عميقة جداً، جعلته يعطي للبيانات والمعلومات حقها، وهى في المقابل أعطته نجاحات إعلانية مذهلة.
ربما نعود لإبداعات أوجيلفي لاحقاً، ولكن نبقى اليوم مع مبدأين تسويقيين في قمة الروعة، كان يدرّسهم لرجال البيع لديه، و تغفلهم كثير من الشركات اليوم:
- المستهلك ليس غبى – The consumer is not moron
- الناس لا يشترون من الكاذبين أصحاب السلوك السيئ – People don’t buy from bad-mannered liars
دعونا نرى هذا المبدأ الذي يبدو بسيطاً اليوم، “المستهلك أو المشتري ليس غبي”
ربما ترى أنت أنه مبدأ بسيط والكل يعلمه، ولكن عندما تلاحظ حال الشركات اليوم تجد أنها تتعامل مع المشترين كأنهم مجرد أرقام لديها، فتجد رجل مبيعات يخبرك أنه ذاهب لمقابلة “10آلاف دولار” أو 20 ألف، ..الخ، إنه يرى العملاء لديه مجرد أرقام لا يفرق بينهم، والأمر في الحقيقة ليس كذلك.
إن المشترين هم ناس يعرفون ماذا يفعلون جيداً، ويعرفون كيف يفرقون بين السيئ والجيد، هم أيضاً لهم مشاعر وأذواق واتجاهات وميول تتغير وعليك بأن تعرف ذلك، وتعمل عليه بإتقان بدون أي يشعر أنك تفعل المستحيل من أجل تدبيسه في منتجات وخدمات لا يحتاج إليها.
أوافق الرأي بأن كثير من المشترين عاطفيين ويجرون وراء شائعات، ويجرون وراء الاتجاهات والميول والأذواق السائدة في مجتمعاتهم، ولكن يظلوا قادرين على التفرقة بين الجيد والسيئ.
في مصر، بعد الثورة بدأت شركات كثيرة جداً تظن أن الناس أغبياء أو شيء من هذا القبيل، لا تفعل شيء غير أنها تحاول إيهامنا بأنها الراعي الرسمي للثورة، فأصبح هناك الرعاة الرسميين لنا في كل المجالات، المشروب الرسمي للمصريين، والسيارة الرسمية للمصريين، والسرير والغطاء على شكل علم مصر، جميع شعارات هذه الشركات تصب في كلمات لا تخرج عن “حمى الله ثورتنا”، “هيا نبني المجد”، “حفظ الله مصر”، وبدأت الأنشطة الاجتماعية تزداد بالطبع، فكل شركة من هذه الشركة تظهر في صورة الملاك البريء الذى سيجعل بلادنا جنة!
بصراحة أجده استخفاف من هذه الشركات، ولعب مباشر وصريح و غبى من هذه الشركات، لعدم فهمها التسويق بشكله العلمي، والآن دعونا نقارن بين هذه الدعوات الصريحة المستفزة الواضحة وضوح الشمس وبين إعلان بيبسي و هو أيضاً يلعب على حالة اجتماعية بعد الثورة ويوصّل نفس الرسالة التي تعالج مشاعر مختلطة بين القلق والترقب والتفاؤل والفرحة والأمل، ولكن بشكل غير مباشر و غير مستفز يُشعر الناس والمشترين بأنهم أغبياء.
عندما تدرس هذا الإعلان من أوله لآخره تجده رموز و كلمات تفسيرها يوحي بالأمل ويعالج كثير من المشاعر التي تولدت عند الناس والشباب (فئة بيبسي المفضلة)، ولكن بشكل ممتع لا تشعر بأنك غبى وأنت تشاهده، وهذا هو الفرق بين الشركات العملاقة كبيبسي والتي ترى الناس والمشترين أذكياء وعليها فهمهم وتوجيه إليهم الرسائل التسويقية المناسبة، وبين الشركات الفاشلة التي ترى عملائها أغبياء.
(تحديث: تم حذف الإعلان من منصات التواصل الاجتماعي!)
المبدأ الثاني لديفيد أوجيلفي، هو الناس لا يشترون من الكاذبين. هو المبدأ الذى إذا استوعبته الشركات جيداً فقد تحاول تغيير استراتيجيتها التي كثيراً ما تهدف إلى شيء واحد فقط وهو الأرباح السريعة، حتى لو كان على حساب السمعة الطيبة.
على سبيل المثال، فإن أسلوب الإعلان ذو الاستجابة المباشرة – Direct Response Advertising، وهو الإعلان الذى يُظهر المنتج بتفاصيله ومزاياه وعرض سخى في نهايته، .. إن هذا النوع من الإعلانات ينجح في جميع أرجاء العالم، إلا في بلادنا العربية، وعندما تسأل الناس ما سبب كرهكم لهذا النوع من الإعلانات، لا تخرج الإجابة عن نقطتين: “إعلانات سخيفة في طريقة العرض” ، و “منتجات وعروض وهمية وخادعة”.
إن الإحصائيات تقول أنك إذا كنت راضي عن المنتج ستخبر 3 وإذا كنت متضرر من سوء وضعف كفاءته فستخبر 11، و بهذا فأعلم أن الشركة التي تكذب أو تبيع منتج غير جيد على أنه جيد، ستربح سوق كبير ومتزايد من العملاء المروجين للمنافسين.
لقد دخلت إلى مراكز خدمات الاتصال والبيع عن طريق الهاتف – Call Centers، فوجدت ما تفعله الشركات الكبيرة مثل شركة ****، التي تسعى لجلب عملاء في أمريكا ولكن كلفة ومرتبات الموظفين الذين يبيعون عن طريق الهاتف في أمريكا أكبر منها عن بلاد في افريقيا وآسيا، فتقوم الشركة باستئجار شركات خارج أمريكا، يقوم الموظفين في هذا الشركات المستأجرة بالتحدث على أنهم أمريكان، مع تغيير أسمائهم لأسماء حركية أمريكية، مع تلقينهم لبعض الجمل التي سيقولونها عندما تنكشف الخدعة.
إن هذه الأساليب التي تُبنى على الكذب، تكوّن جيش عالمي من الكارهين للتسويق والشركات، وللأسف فالتسويق مظلوم في كل الأحوال، ففي بلادنا التسويق يُفهم على أنه إما بيع، أو إعلان بفهم قاصر ،أو بعض الكلام النظري في الكتب والمراجع، أما على المستوى العالم فغالباً يفهم في إطار أنيق ولكنه يحمل في جعبته كثير من الكذب والخداع.
انظر في المقابل ماذا تفعل الشركات العملاقة التي بنت اسمها على الثقة والاحترام المتبادل مع عملائها، ف تويوتا، وجدت من فترة قصيرة مشكلة تحدث في سيارتها الجديدة، ولا تظهر المشكلة إلا في ظروف خاصة ونادرة جداً، ولكنها تظل مشكلة من وجهة نظر الشركة العملاقة، فقامت بإبلاغ عملائها وسحب السيارات الجديدة من السوق، والاعتذار بشدة عن هذا الخطأ الفني، هل اهتزت صورت تويوتا؟ هل تأثرت مبيعاتها؟
بالفعل تأثرت مبيعاتها لفترة قصيرة.. واهتزت صورتها لفترة بسيطة، ولكن ظلت تويوتا بقوتها وإبداعها في أعين الناس عموماً وعملائها ومحبيها خصوصاً، وستعود أقوى من السابق وستظل في تطور مستمر شأنها شأن كل الشركات العملاقة والصادقة مع عملائها وأسواقها.
1- "المستهلك ليس غبى – The consumer is not moron".
معك حق طبعاااااااا… الصدق مع العميل من اهم عوامل النجاح