الاستراتيجية والتخطيط

الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب | كيف تستغل علم النفس في التسويق

في هذه المقالة سوف نوضح الفرق بين 3 مصطلحات هامة في التسويق، وهم الحاجة، والرغبة، والطلب، وكيف تستغل فهم هذا الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب في التطبيق على استراتيجيتك التسويقية.

هل سألت نفسك يوما لمَ بعض المنتجات تطير من على أرفف البيع وتنفد سريعا، بينما البعض الآخر يتراكم عليها الغبار؟ نحن نعرف أن الناس تشتري الأشياء لتلبية احتياجاتهم، ولكن إذا كان الأمر كذلك وحسب، ما الذي يجعلهم يفضلون علامة تجارية على أخرى؟ هنا يأتي الحديث عن الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب.

ما الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب؟

الإجابة باختصار هي أن الحاجة أو الاحتياج هو نقص لدى الإنسان الآن يود أن يشبعه بأى طريقة وبأى شكل، مثل احتياج الجوع مثلا، أما الرغبة فهي الشكل الذي يتم به إشباع هذا الاحتياج، فالجوع قد تشبعه بأرز وفراخ، أو تشبعه بشاي وكيك، وهذا يتوقف على عوامل كثيرة منها ذوق الناس وتجاربهم السابقة مع السلع والمنتجات. أخيراً، الطلب هو قدرة الناس على الحصول على ما يشبع احتياجاتهم، بمعنى آخر هو القوة المالية المحركة لنا والتى تساعدنا على الحصول على ما يشبع احتياجاتنا ورغباتنا.

علينا الآن أن نفصل كل عنصر من هذه العناصر الـ 3 من أجل فهم أدق للفروق بين هذه العناصر، وكيفية تطبيق هذا الفهم على التسويق والترويج.

الحاجة – Need

الاحتياجات هي أشياء أساسية للبقاء، نولد بها، ولا تتأثر بالاتجاهات أو الثقافة، جميعنا نشترك في هذه الاحتياجات، مثل:

  • الاحتياجات الفسيولوجية – Physiological needs: الغذاء والماء والمأوى والنوم وغيرها من متطلبات الجسم.
  • احتياجات السلامة – Safety needs: الأمن والاستقرار والحماية من الأذى.
  • الحاجات الاجتماعية – Social needs: الحب و الانتماء والارتباط والقبول.

ولشرح احتياجات الناس – سواء مشترين أم لا – علينا أن نستعين بهرم ماسلو الشهير..

هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية – Maslow’s Hierarchy of Needs

يقول عالم النفس ” ابراهام ماسلو” أن الإنسان يولد وله 5 احتياجات أساسية، هذه الاحتياجات لها ترتيب أو تسلسل ثابت، لا يمكن إشباع الحاجات التي في قمة الهرم دون إشباع الحاجات الأساسية التي في قاعدة الهرم، حتى ولو بشكل جزئي، وليس شرطا أن يكون إشباع كامل.

هرم ماسلو للاحتياجات الانسانية لفهم الفرق بين الحاجة والرغبة وعلاقتهم بالتسويق الناجح.

عناصر هرم ماسلو

أول هذه الحاجات الإنسانية تقبع فى قاعدة الهرم، وهى تعبر عن الحاجات الأساسية الجسمانية التى لا يستطيع أن يعيش بدونها الإنسان وأهمها الأكل والشرب.

وتعمل الشركات على إشباعها من خلال توفير المنتجات الغذائية الأساسية التي يحتاجها المجتمع، وهناك مقولة بأن محلات الطعام والشراب لا تفشل أبداً، وهذا الكلام المبالغ فيه يبدو على قدر من الواقعية عندما ندرك أنك تشبع احتياجات أساسية لدى المجتمع، ولا يسبق هذه الحاجات أى نوع من الحاجات الأخرى التى لم تشبع بعد.

ثم يأتى الدور بعد إشباع الإنسان لحاجته الجسمانية، إلى الحاجة للشعور بالأمان والحماية، وهنا تتحرك الشركات التى توفر خدمات التأمين والحماية والعقارات لتلعب دور فى إشباع هذه الحاجات.

يلى هذا النوع من الحاجات الإنسانية الحاجات الاجتماعية، وهى حاجة الإنسان لأن يكون فى مجتمع، يشعر به من حوله، ويشاركهم الأنشطة المختلفة، وأفضل من يستغل هذه الحاجات هم النوادى الاجتماعية، ثم عمالقة القرن الحديث.. المجتمعات الإلكترونية مثل Facebook و Myspace و غيرهم..

ثم يأتى الدور على حاجة الإنسان للشعور بالتقدير الذاتى، وأن يكون فى حالة إجتماعية متميزة، وهنا يأتي الدور على الشركات التى تنتج منتجات متميزة، لا يمكن تميزها الحقيقي في جودة هذه المنتجات فقط، ولكن يتعدى ذلك لتبرهن على أناقة الإنسان الاجتماعية، وذلك مثل ركوب السيارات الفارهة، وهي ما يراها الكثير الدليل العملى أنه فى حالة اجتماعية متميزة، وأن هناك من يقدره عندما يراه يركب هذه السيارة.

أخيراً، يأتى الدور على الحاجة لتحقيق الذات، وهى أسمى وأرفع الحاجات الإنسانية من وجهة نظر ماسلو، وتشمل الحاجة إلى تنمية الذات بشكل مستمر، وتحقيق الأهداف.

تلعب برامج التأهيل و تطوير الذات قدر كبير من الأهمية فى إشباع هذه الاحتياجات الإنسانية، ولذلك تأخذ الآن قدر كبير من الأهمية لدى المجتمعات العربية، خصوصاً وسط فئة الشباب.

  • يفترض ماسلو بعض الافتراضات فى هذا الهرم منها أنه هرمى بمعنى الكلمة، فلا تظهر حاجة من الحاجات الإنسانية إلا بعد إشباع الحاجة التى قبلها فى الجدول، وهو إن كان صحيح نظرياً فربما واقعنا العملي يؤشر إلى وجود بعض الخروج عن القاعدة. قد تجد إنسان لم يشبع الحاجات الأساسية بشكل كامل ويعانى الفقر، وتجده يتحامل على نفسه ليبرز بشكل اجتماعى مميز بشراء موبايل أحدث طراز، تحدث في مجتمعاتنا؟!

لا يشترط فى لعبة اكتشاف الحاجات الإنسانية هذه وإشباعها أن يشبع المنتج حاجة خاصة وواحدة فقط، فقد تجد مطعم ذو علامة تجارية مميزة، يشبع حاجاتك الأساسية فى الطعام، وحاجتك الفرعية فى الظهور بشكل اجتماعى مميز وسط أقرانك، ونفس الفكرة ستلاحظها في كثير من المنتجات.

على سبيل المثال، تستهدف آبل مثلا الطبقة الغنية أو الـ High-class من المجتمع، التي تشبع احتياجات أكثر رفاهية مثل الرغبة في الحصول على البريستيج والمظهر الاجتماعي الراقي، لكن تجد في نفس الوقت طبقات أقل في المستوى الاجتماعي تسعى لشراء الآيفون، من خلال الادخار أو الاقتراض أو أي طرق من طرق السعي حتى تنال هذا الأيفون وبالتالي تشبع هذه الرغبة في الانتماء لطبقة الأثرياء والمترفين.

 هذه الطبقة المتوسطة قد لا تكون بالفعل أشبعت حاجاتها الأساسية كلها بشكل كامل، ولكن على العكس تماما، قد تجدها تضحي ببعض هذه الاحتياجات الأساسية، من أجل فقط شراء هذا الأيفون! ليس شرطا أن تشبع الاحتياجات الأساسية بشكل كامل حتى تنتقل إلى الاحتياجات الأعلى في الهرم.

فهم هرم ماسلو للاحتياجات يساعد المسوقين وأصحاب البيزنس على فهم دوافع الشراء! قد تجد أنك تستهدف في البيزنس الخاص بك فئتين، فئة مثلا تشتري الملابس الرياضية لممارسة الرياضة والحفاظ على صحتهم (هذا احتياج في قاعدة الهرم)، وفئة أخرى تشتريها من أجل المظهر الاجتماعي والحصول على القبول والاحترام من المجتمع مثلا (هذا احتياج آخر في أعلى الهرم)، بالتالي ….. قد تختلف هنا رغبات الفئتين، وتجد نفسك محتاج أن تصمم منتج مختلف لكلا الفئتين!

  • الفئة الأولى = الملابس ستركز على الراحة والمتانة – Durability حتى تساعدهم في ممارسة الرياضة.
  • الفئة الثانية = الملابس ستركز على الشكل والتفاصيل الجمالية لتعكس مظهر اجتماعي معين.

الرغبة – Want

الفرق بين الحاجة والرغبة أن الرغبات هي الطريقة التي نُفضل أن نلبي بها الحاجة.

مثلاً عندما اسأل ثلاث أشخاص، ما هي حاجتكم؟ فسيقولون “نحتاج إلى الأكل” فالحاجة هنا هى الجوع، وهي ثابتة، ولكل عندما اسألهم “ماذا ترغبون لسد هذه الحاجة؟”، فسيقول أحدهم “أريد أن آكل جاتوه”، وسيقول الثانى “أريد أن آكل دجاجة مشوية”، وسيقول الأخير “أريد أن آكل تفاح!” وهكذا.

لماذا طلب أحد الأشخاص أن يأكل جاتوه والآخر طلب دجاجة والثالث طلب تفاح؟

كل الناس فى العالم يتفقوا فى أغلب الحاجات – Needs ولكن يختلفوا في الطريقة التي يريدونها لإشباع هذا الاحتياج بسبب بعض العوامل، وبالتالي فهم لديهم رغبات – Wants مختلفة.

ما العوامل التي تؤثر على رغبات الناس؟

 هناك عوامل مختلفة مثل الاختلاف في التفضيلات والخبرات الشخصية والأمزجة، الثقافة والتقاليد السائدة، الإتجاهات الإجتماعية أو الترندات وغيرها من العوامل التي تجعل كل شخص يشكل الحاجة في شكل رغبة مختلفة عن غيره.

إلى هنا عرفنا الفرق ما بين الحاجة والرغبة.. فما هو الطلب؟

الطلب – Demand

تظل الرغبة رغبة.. ويظل الحلم حلم فى الحصول على شئ فى شكل معين، إلى أن يتم تدعيمه بالقوة الشرائية والتي بدورها تتحكم فى الطلب.

إذا كانت حاجة أحد الأشخاص هى أن يتواصل مع أقاربه وأصدقائه، فهو إذن في حاجة إلى موبايل، وعندما سألناه ماذا يرغب فى أن يكون شكل الموبايل، فقال أريد Iphone ..رائع! سيكون الأمر بسيط وسيشترى مباشرة الهاتف الذي رغب فيه إذا امتلك ثمنه (القوة الشرائية)، وهنا يتحقق الطلب على المنتج، أما إذا كان لا يملك الثمن اللازم لشراء هذا النوع من الهواتف، فلن يمكنه طلب المنتج، وستظل الرغبة حبيسة عقله، إلى أن يغير تشكيل الحاجة إلى رغبة أخرى يستطيع تدعيمها بالقوة الشرائية اللازمة، وحينها سيتحقق الطلب على المنتج.

الطلب باختصار هو = الرغبة في الحصول على الشيء + القدرة الشرائية للحصول عليه.

ما العوامل التي تؤثر على الطلب؟

1- الأسعار بشكل عام:

 ارتفاع الأسعار، قد يقلل من طلب الناس على المنتج/الخدمة. لكن هذا ليس قانونا ثابتا، فأحيانا زيادة السعر يقابلها زيادة في الطلب، هذا حسب نوع الطلب في السوق الذي تعمل به، هناك طلب مرن: يتأثر بتغيرات السعر، وهنا طلب غير مرن: لا يتأثر بتغيرات السعر، بمعنى أن يظل الناس يشترون المنتج حتى مع تغير سعره.

2- وجود البديل الأقل تكلفة:

قد يقل الطلب على منتج ما، لأن هناك من يبيع نفس المنتج الذي يلبي احتياجات ورغبات العميل ولكن بتكلفة أقل.

3- تغير دخل العميل:

 الزيادة في الدخل قد تجعل عميلك مثلا يتجه إلى منتج آخر بمواصفات مختلفة لإشباع حاجته. فمثلا، قد تشتري البُن وتصنع القهوة بنفسك في المنزل بالطريقة التقليدية، لكن يزيد دخلك، فتقرر أن تشتري القهوة جاهزة من الكافيه أو المقهى. هنا قل طلبك على البُن، بينما زاد على منتج آخر.

4- التغير في  رغبات العميل:

قد تكون الملابس التي ترتديها اليوم ليست هي نفس الملابس التي ارتديتها منذ سنوات، لقد تغير ذوقك في اختيار الملابس، فبتالي قل طلبك على بعض المنتجات وزاد على منتجات آخرى.

5- حال الاقتصاد في البلد:

 إذا الاقتصاد قوي، فهذا غالبا يزيد من نسبة الطلب، بسبب زيادة القوة الشرائية، والعكس بالطبع صحيح. اقتصاد ضعيف = طلب أقل!

فهم حجم وطبيعة الطلب في السوق الذي تعمل به والعوامل التي تؤثر عليه شيء أساسي ومهم لتضع استراتيجية تسعير سليمة ومناسبة للمنتج أو الخدمة، وتستطيع أيضا التنبؤ كيف وإلى أي مدى سيتغير الطلب على المنتج في وقت ما.

على ماذا يلعب المسوقون، على الحاجة أم الرغبة؟

بعدما عرفنا الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب، يأتي السؤال: “على ماذا يلعب المسوقون ليزيد الطلب على منتجاتهم؟ هل يركزون على الحاجات أم الرغبات؟”

هذا السؤال ليس له إجابة محددة، فاللعب على الحاجة أعمق وأقوى إذا كان المسوقون قادرين على توعية الناس بأنهم بالفعل يحتاجون إلى منتجاتهم، وأن يفصلوهم عن تشكيل رغبات ربما تكون أبعد عن حاجتهم.

ولكن والأضمن والأسلم من وجهة نظر الكثير من المسوقون هو اللعب على الرغبات، لأنها هى المسيطرة على عقل الناس، وهى التى تتحكم فيهم.

سأعطي مثال لتوضيح هذا الأمر، ربما تنزل شركة “آبل” لفتح أسواق جديدة فى بلد نامية أو متوسطة الحال، حاجة الناس هناك هى الحصول على هواتف للتواصل، وبالتالى من المنطقى أن تطور الشركة هواتف بسيطة قليلة الثمن حتى تناسب هذا البلد، ولكنك تجدها تغرق السوق بأجهزة حديثة، ثمنها متوسط وأعلى من المتوسط.

ذلك ببساطة لأن ثقافة هؤلاء الناس هى أنهم يرغبون فى أجهزة حديثة حتى لو كان على حساب إشباع بعض الحاجات الأساسية، ولذلك المسوقون هنا يستجيبون للرغبات وليس للحاجات.

الاستجابة للحاجة أو للرغبة هي ليست قضية خارقة الصعوبة بالنسبة للشركات، ففى كل الأحوال تحاول الشركات تطوير منتجات وخدمات تراها من خلال البحوث والبيانات المتوفرة لديها مناسبة لتحقيق الإشباع المناسب للحاجات والرغبات، وتناسب القوى الشرائية للأسواق المستهدفة مما يحقق زيادة الطلب على هذه المنتجات والخدمات.

كيف نفهم احتياجات ورغبات المستهلكين؟

تستطيع فهم السوق واحتياجات العملاء بطرق مختلفة، مثل:

1- عمل الاستبيانات، مجموعات التركيز – Focus Groups، أو أبسط شيء التحدث إلى العملاء والتعرف بشكل مباشر على احتياجاتهم ورغباتهم.

2- مراقبة وتحليل سلوك العميل تجاه منتجك أو البراند الخاص بك، مثل استخدام  أداة Hotjar التي توضح لك الأجزاء التي يتم الضغط عليها بكثرة في الويب سايت الخاص بك، وبالتالي تستطيع فهم سلوك العميل تجاه ما تقدمه من منتج أو خدمة.

3- تحليل السوشيال ميديا: يمكنك أيضا فهم احتياجات ورغبات العملاء من خلال مراقبة تفاعلاتهم على السوشيال ميديا، كيف يتفاعلون على منتجاتك و منتجات المنافسين، كيف يتكلمون عن المنتج أو الخدمة التي تقدمها. هناك أدوات لذلك مثل أداة  Social Blade و Fanpage Karma.

هذه كانت مجرد أمثلة من ضمن طرق كثيرة تستطيع استخدامها لفهم احتياجات ورغبات المستهلكين، قد نُفرد لها مقالا خاصا، ولكن قبل أن ننتهي من هذه المقالة عن الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب، سنلخص بعض النقاط عن أهمية التعرف على احتياجات ورغبات المستهلكين.

1- نتائج أفضل لحملاتك التسويقية:

فهمك لاحتياجات ورغبات العملاء يساعدك في صياغة رسائلك التسويقية بشكل يناسبهم ويؤثر فيهم، وبالتالي نتائج أفضل لحملاتك التسويقية.

2- تطوير المنتج بشكل فعال:

 حين تفهم احتياجات ورغبات المستهلكين بشكل جيد، ستعرف كيف تطور منتجك أو الخدمة بطريقة فعالة تناسبهم، ولن تكون استراتيجية تطوير المنتج عشوائية ولا تناسب عملائك!

3- بناء الموقع الذهني/التموقع الذهني:

 الموقع الذهني باختصار هو أهم ميزة تحتل بها عقل عميلك وتنافس بها في السوق.

هناك 3 معايير أساسية يتم بناءً عليها اختيار الموقع الذهني أو الميزة التنافسية للبراند أو البيزنس، من ضمن هذه المعايير هي “هل هذه الميزة أهم ميزة يهتم بها العميل بالفعل؟”، بالتالي عندما تفهم احتياجات العملاء ورغباتهم، تستطيع اختيار الميزة التنافسية أو الموقع الذهني المناسب لهم.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى