تجزئة السوق | كيف تقسّم السوق بشكل صحيح

في هذه المقالة سوف أعرفك على تجزئة السوق، كيف تقسم سوقك بالشكل الصحيح، وبالمعايير العلمية التى تجعله تقسيم فعال، ومتى تقوم بالتقسيم ومتى لا تحتاج ذلك.
ما هو تقسيم السوق/ تجزئة السوق؟
هو مصطلح تسويقي، وبعير عن أول مرحلة في استراتيجية التسويق، ومعناه تقسيم السوق – المختلف في احتياجاته واهتماماته وسلوكه الشرائي – لفئات أكثر تجانسا، وذلك حسب معايير محددة، من ضمنها وأهمها المعايير الجغرافية، والديموغرافية، والنفسية، والشرائية.
ما هي أهمية تجزئة السوق؟
تجزئة السوق خطوة مهمة لأصحاب البيزنس لأننا نعلم تماماً أنه من الصعب جدا بشكل عام (وبشكل خاص في بعض الصناعات والمجالات) أن نجد فيها سوق متجانس الرغبات والاحتياجات! وحتى لو اتفق مجموعة من الناس على نفس الاحتياج، فهناك احتمال كبير أن يختلفوا في رغباتهم لإشباع هذا الاحتياج (اعرف الفرق بين الحاجة والرغبة).
لذلك، فإن أول سبب نقوم بالتقسيم من أجله هو تحقيق أقصى إشباع للجمهور، لأن التقسيم يساعدك في فهم الشرائح المختلفة في السوق، ومن ثم إعطاء كل شريحة المنتج والمزيج التسويقي المتكامل المناسب لها!
هناك أسباب أخرى نقوم من أجلها بتقسيم السوق، مثل:
لا تستطيع الشركات الصغيرة على ما يُسمى بالـ Mass Marketing وهو استهداف الجميع بمزيج تسويقي واحد؛ لأن موارد هذه الشركات وميزانيتها تكون محدودة ولا تستطيع أن تخدم السوق كله في نفس الوقت، فيكون التقسيم هو أفضل وسيلة لاستغلال موارد الشركة بشكل سليم وفعال عن طريق انتقاء شريحة أو اثنين مثلا واستهدافهما حسب الموارد المتاحة. (سنتحدث عن استراتيجيات الاستهداف في مقالة منفصلة).
تقسيم/تجزئة السوق أيضا من أساسيات البراندينج/بناء الهوية التجارية، لأن البراند يقوم على فكرة أن تكون “مميز” بشيء في عقل الناس، وبسبب اختلاف الرغبات والاحتياجات كما ذكرنا، فأنت لن تستطيع أن تجعل نفسك مميزا بنفس الشيء في عقول جميع الناس في نفس الوقت.
فوائد تجزئة السوق
كما رأيت في القسم السابقة أهمية تجزئة السوق، ويمكننا اختصار فوائد تجزئة السوق، في هذه النقاط الثلاثة:-
- لا تستطيع اشباع احتياجات زبائنك وبالتالي الحصول على عملاء سعداء بدون تقسيم للسوق، وتوجيه المزيج التسويقي المناسب لكل شريحة على حدة.
- معظم الشركات تمتلك موارد محدودة، ولا يمكنك عبر هذه الموارد المحدودة أن تخدم كل السوق بدون تجزئة وتركيز على قطاعات محددة منه.
- لا يمكنك أبدا بناء براند قوي بدون تقسيم للسوق، فالبراندينج يقوم على فكرة بناء هوية مميزة ومختلفة، ولن تستطيع بناء هوية إلا لو كنت تستهدف شريحة محددة لها شخصية مشابهة لشخصية البراند الذي تريد بناءه.
التحدي الأكبر في عملية تجزئة السوق!
مهمة تقسيم/ تجزئة السوق تعتبر من أصعب وأهم المراحل التي يمر بها التسويق، وصعوبتها تكمن في جمع البيانات التي على أساسها يتم التقسيم.
تشمل البيانات كل ما يتعلق بالأفراد في السوق، صفاتهم، وخصائصهم، عاداتهم الشرائية، متوسط الدخول، ثقافتهم.
يظن المبتدئين في التسويق أن التقسيم يقوم على تجزئة السوق طبقا للـ 4 معايير التي سيتم شرحها بعد قليل، ثم يتم الاختيار بشكل عشوائي لأحد هذه الشرائح، لكن الأمر ليس كذلك إطلاقا، فلكي تعرف التقسيمات الممكنة داخل المجتمع – Population (الذي تريد تقسيمه لفئات) عليك جمع الكثير من المعلومات لفهم كل هذه العادات والسلوكيات الشرائية، ثم أثناء الاختيار لشريحة أو أكثر، عليك بدراسة هذه الشريحة بعناية شديدة، لكي تتأكد أنها مناسبة لك – لإمكانياتك ومواردك وأهدافك – وأنها شريحة كبيرة ومربحة وتنمو.
هذا التحدي في جمع البيانات يُفسر لنا لماذا بعض الشركات تُهمل عملية التقسيم وتعمل بنفس الاستراتيجية والبرامج التنفيذية مع السوق كله، وهذا هو الصنف الأول من الشركات في طرق تعاملها مع قضية التقسيم، وهذه الطريقة في التعامل مع السوق لا تنجح دائما، لأن الاختلاف هو سمة أساسية من سمات البشر، وغالبا لن تستطيع استهداف الجميع بنفس المنتج ومخاطبتهم بنفس الطريقة ووضع سعر موحد لهم للشراء.
الصنف الثاني من الشركات هي الشركات التي تصنف السوق وتقوم بعمل استراتيجية وبرامج مختلفة لكل شريحة سوقية، وهناك العديد من الأمثلة على هذه الشركات، من أشهرها العملاقة “جنرال موتورز” التي تقدم للسوق سيارات مختلفة تناسب كل الأذواق والاتجاهات والميول.
هناك صنف ثالث من الشركات خصوصا الشركات المحدودة في الإمكانيات والموارد. تقوم هذه الشركات بتقسيم السوق إلى قطاعات وتقسيمات مختلفة صغيرة جداً، وتبدأ تحدد القطاعات التي لا تلاحظها الشركات الكبيرة “القطاعات المُهملة”، وتركز هي جهودها وإمكانياتها حتى تُشبع حاجة هذا القطاع، أو بمعنى أصح تسّد “الثغرة”! تعمل هذه الشركات طبقا لاستراتيجية التركيز – Concentrated Marketing.
هذه المراحل الثلاثة هي مراحل الاستهداف، وهي المرحلة التي تتبع مرحلة تقسيم السوق.
ما الفرق بين تقسيم السوق والاستهداف التسويقي؟
كثيرا ما يتم الخلط بين مرحلة تجزئة السوق ومرحلة الاستهداف التسويقي.
تقسيم السوق أشبه بمرحلة عصف ذهني، اشبهها دائما بطالب في الامتحان يستخدم الهامش لوضع الكثير من الإجابات – التي قد تكون خاطئة في البداية – لكنه يحتاج هذا الهامش لعملية عصف ذهني سوف يخرج منها بالإجابات النهائية بعد ذلك. الاستهداف هو الإجابة! بعد التقسيم سوف تقرر استهداف شريحة واحدة أو أكثر لكن المهم أن كل شريحة مستهدفة يتم تصميم مزيج تسويقي منفصل لها.
ملاحظة هامة في الجزء القادم، عندما استخدم لفظ الاستهداف فلا يعني أني أشرح الاستهداف أو معايير الاستهداف، بل هو لفظ يشرح لك مرحلة فيما بعد التقسيم، وهو يساعد فقط في فهمك للتقسيم، لكن هذا الجزء القادم كله، بما فيه عوامل ومعايير التقسيم، كله يركز فقط على تجزئة السوق وهي مرحلة فيما قبل استهداف الفئة المربحة.
مراحل تجزئة السوق
هناك ٥ مراحل أساسية للحصول على استراتيجية تقسيم واستهداف جيدة لمنتجاتك، وهي:-
- تقسيم الأفراد أو الشركات (في حالة التقسيم في مجال الأعمال B2B) إلى شرائح متجانسة، كل شريحة لها احتياجات متشابهة.
- تقسيم المنتجات داخل قطاعات – Categories متشابهة (في حالة أن لديك عدد وتنوع من المنتجات).
- تقدير حجم كل شريحة من ناحية العدد والجودة (من ناحية الربح والقدرة على خدمة هذه الشريحة).
- اختيار الشريحة المربحة والمناسبة لامكانية الشركة ومواردها، مع توافر لعدد جيد من الموردين والموزعين (في حالة احتياجك لوسطاء توزيع).
- تطوير استراتيجية استهداف جيدة ببرامج مزيج تسويقي مصممة لكل شريحة، لكي تحقق أعلى درجة من الإشباع.
تجزئة السوق تكون قبل أم بعد بحث السوق؟
هناك سؤال شائع ومهم قد تسأله أنت أيضا لنفسك وهو: هل نقوم بتجزئة السوق بعد بحث السوق، أم نقوم بتجزئة السوق أولا إلى شرائح، ثم بحث هذه الشرائح؟
تقسيم السوق يأتي كمرحلة بعد مرحلة بحث السوق، وذلك في خطط التسويق، لكن أثناء التنفيذ الفعلي قد تتعرض لـ 3 سيناريوهات، لكن اولاً نفترض مثال ثم نبدأ في شرح الـ 3 مدارس باختصار.
افترض أنك تنتج منتج سريع الاستهلاك وتوزعه في الأكشاك والمحلات، ولنفترض أن هذا المنتج هو عصير معلب بنكهات مختلفة.
التقسيم السوقي سوف يكون بناء على المرحلة العمرية، هناك شريحة الأطفال وهؤلاء سوف تعطيهم عصير غني بفيتامينات تساعد على النمو، وشريحة الشباب بعصير ذو نسبة سكر أعلى للحصول على طاقة أكبر، ثم شريحة كبار السن الذين يحتاجون لنفس العصير لكن بنسبة سكر أقل.
دعنا نرى الـ 3 مدارس الآن..
التقسيم قبل بحث السوق
هنا قبل أن تبدأ عمل بحث على السوق أنت تعرف بالفعل هذه التقسيمة وتضعها على الورق: أطفال – شباب – كبار السن. ثم تبدأ بعمل استبيانات وبحوث تسويقية على كل شريحة لكي تعرف احتياجاتهم بدقة وتشبعها بعد ذلك بعمل منتجات تناسب هذه الاحتياجات، مع تسعير وتوزيع وترويج مناسب لهم.
التقسيم بعد بحث السوق
هنا تبحث السوق الذي ربما يستهلك المنتج الذي تقدمه – عصير معلب – وهذا هو المجتمع – Community الخاص بك، وأنت ليس لديك فكرة عمّا سوف يفرزه لك بحث السوق عن هذا المجتمع، ومن الاستطلاعات وبحوث التسويق سوف تكتشف أن هناك 3 شرائح مختلفة في الاحتياجات هم الأطفال – الشباب – كبار السن.
التقسيم مع بحث السوق
كعملية مستمرة: بمعنى أنه لا يوجد خطوة تسبق الأخرى، لكن فعلياً أنت تفترض فقط بعض الافتراضات عن السوق وتقسيمته ثم تبدأ باختبار هذه الافتراضات عن طريق بحث التسويق، ثم تجد ان هناك تقسيمات أخرى فتعود لوضع هذه التقسيمات على الورق ثم بحث احتياجاتهم مرة أخرى، تلك العملية التي قد تفرز لك تقسيمات جديدة تبحث في احتياجاتهم بشكل أدق.. وهكذا فهي عملية مستمرة حتى تصل لأفضل تقسيمة ممكنة وبحث لاحتياجاتها.
ما هو الأفضل؟
لا يوجد أفضل وأسوء في هذه المدارس والطرق في التقسيم لكن ظروفك وخبرتك هي ما تحدد المدرسة الأفضل التي عليك العمل طبقاً لها.
1- المدرسة الأولى عموماً تناسب من له خبرة كبيرة في السوق، فهو يعلم جيداً الشرائح السوقية المختلفة داخل المجتمع الشرائي له، خبرته الفنية التي اكتسبها ربما على مدار سنين سمحت له بدون بحث متعمق ان يعرف ما هي التقسيمات المتاحة في شريحة محددة، وهو يقوم بعمل بحوث سوق للحصول على احتياجات أو أسباب أخرى للاختلاف بين هذه الشرائح لكن أتوقع أنه من خبرته يستطيع حتى تحديد الاحتياجات بدون عمل بحث سوق مكثف.
2- أما المدرسة الثانية تناسب أكثر ذوي الخبرة الأقل أو المبادرين بمشاريع خاصة ليسوا على علم كامل بالسوق، أو يريدون حتى الخروج بأفكار منتجات وخدمات جديدة، وينتظرون بحث السوق لكي يعطيهم تلك الأفكار والتقسيمات السوقية، أو تناسب شركات الأبحاث التسويقية الذين يقومون بعمل أبحاث على مجتمع يعتبر جديد نسبياً عليهم، فهم يبحثون السوق ثم يكتشفون التقسيمات المتاحة فيه.
3- المدرسة الثالثة، لن أقول أن هي الطريقة الأفضل ولكن دعنا نقول إنها الطريقة الأكثر واقعية والتي يتم تطبيقها بالفعل، فبحث السوق بالفعل يأتي ويجب أن يأتي قبل خطوة الاستراتيجية والتقسيم، ولكنك صعب أن تقوم بعمل بحث سوق عشوائي بدون فهم أو تصور للشريحة المستهدفة، ولكنك تضع بعض الافتراضات عن الشريحة المستهدفة وربما التقسيمات الموجودة داخلها ثم تقوم بعمل البحث بناء على هذه الافتراضات فتكتشف تقسيمات واحتياجات أخرى، فتبدأ بإعادة حساباتك وتصورك بخصوص التقسيمات ثم تقوم بعمل بحوث تسويقية جديدة تناسب هذه التصورات، حتى تصل لأفضل تقسيم ممكن للسوق، وبعدها تقوم باستهداف الشريحة أو الشرائح التي تناسب ظروفك التسويقية.
مثال على تجزئة السوق
هناك الكثير جدا من الأمثلة لتجزئة السوق، فمثلا برنجلز يتميز عن باقي منتجات الشيبسي، بإنه يستهدف شرائح اجتماعية وبدخل عالي، وفي المعظم يكونون نساء شباب يهتمون بالطعم، ويريدون شيبس بجودة أعلى، هنا الشركة قامت بتقسيم السوق لفئات اجتماعية أعلى ومتوسطة وقليلة واختارت في الاستهداف التسويقي الشريحة الأعلى.

في القسم القادم سوف اسرد لك الكثير من الأمثلة على تقسيم وتجزئة السوق والعوامل الأربعة التى يتم التقسيم على أساسها..
ما هي العوامل التي على أساسها نقوم بتجزئة السوق؟
هناك 4 معايير أساسية نقوم بالتقسيم على أساسها، وسوف أخبرك بهم، ثم أخبرك بالعوامل التي تجعلنا نقوم بالتقسيم أو لا.
التقسيم الجغرافي – Geographic Segmentation
هذا النوع في تجزئة السوق يقوم على أساس أين/where يتواجد من يشترون المنتج ويهتمون به، فنقوم بتقسيم السوق حسب المناطق الجغرافية إلى بلاد أقاليم ومدن جغرافية، أو على حسب درجات الحرارة مثل بلاد تتميز بالبرودة وأخرى بارتفاع درجة الحرارة، أو حسب الكثافة السكانية.
التقسيم الجغرافي – على عكس الشائع – من أقل المعايير استخداما في التقسيم والاستهداف. ويستخدمه الناس بشكل خاطئ تماما عندما يقومون بتحديد منطقة جغرافية معينة لتوزيع منتجاته، فيظنون أن عليهم ذكر هذه المنطقة في استراتيجية الاستهداف التسويقي، وهذا خطأ تماما لأن المنطقة الجغرافية التي اخترتها تخص التوزيع – وهو جزء من المزيج التسويقي – وليس الاستراتيجية، وسوف أشرح ذلك بعد قليل.
من الأمثلة العملية الشهيرة في التقسيم الجغرافي ما تفعله كيت كات حول العالم، فهي تقدم مثلا كيت كات في اليابان وشرق آسيا ممزوجة بالشاي الأخضر، في حين تقدمها بنكهات الفراولة في بلاد أخرى كفرنسا، لكن لا تفعل أبدا ذلك في مصر لأننا لا نميل للنكهات والأطعمة الممزوجة مع الشوكولاتة، وبالتالي هي تقدم مزيج تسويقي ومنتج حسب كل بلد وطبيعة وأذواق وتفضيلات شعبه.
التقسيم الديموغرافي (السكاني) – Demographic Segmentation
هذا النوع في التقسيم يقوم بتجزئة السوق على أساس من/Who يشترون المنتج ويهتمون به من حيث خصائصهم السكانية واختلافاتهم المتعددة في النوع، العرق، الديانة، المراحل العمرية، مستوى المعيشة، الدخل، وغيرها من العوامل التي يختلف فيها الأفراد في المجتمع. فتقوم مثلا بتقسيم السوق إلى فئة رجال – Male، وفئة سيدات – Female، أو من السن 18-30، ومن 30 – 45.
هذا النوع من المعلومات سهل تجميعها من خلال البيانات الثانوية – Secondary Data.
وسوف أركز على بعض من أهم عناصر التقسيم الديموغرافي بالتفصيل..
النوع – Gender
تقسيم السوق حسب النوع/ الجنس – نساء أو رجال – من أهم أنواع التقسيم، ولأول وهلة سوف تظن أن قليلة هي المنتجات التي تستخدم هذا النوع من التقسيم (بالطبع فيما عدا الملابس التي تحتاج لهذا النوع من التقسيم)، لكن مع التدقيق سوف تجد أن كل المنتجات تقريبا قد تستطيع تقسيمها حسب النوع، حتى التي تبدو أنها غير متقبلة لهذا النوع من التقسيم.
على سبيل المثال لايز/ شيبسي فورنو الذي بنى منتجه على فكرة الدهون الأقل، وبالتالي صحي أكثر، يستهدف بشكل أساسي الإناث، لأنهم يهتمون بشكل أكبر بهذا الجانب، وقد فعلها برنجلز من قبل لييز/ شيبسي.
حتى المنتجات التي لا تشعر أنها قد يتم تطويرها بشكل مختلف في السيدة عن الرجل، سوف تجد أن المزيج الترويجي في الأغلب تستطيع توليفه وضبطه في فئات الرجال بشكل مختلف عن فئة السيدات. بمعنى آخر، إذا كان المنتج واحد، فعلى الأقل الإعلانات قد تكون مختلفة، وبالتالي تعطيك نتائج أفضل من خلال التقسيم والاستهداف.
الدخل – Income
التقسيم حسب الدخل من أهم أنواع التقسيم. هناك من يخبرك أن لديه منتج بسعر قليل وبالتالي لا يؤثر معه التقسيم حسب الدخول! هذه نظرية غير سليمة، لأن منتجك الاقتصادي غالبا سوف يشتريه الفئة ذات الدخل المحدود، وأنت بذكائك، قد تستطيع وضع الفئة ذات المستوى الأعلى من الدخل في فئة سوقية مختلفة، قد تطور لهم منتج آخر بتسعير آخر، الآن أو بعد حين، وقد يفعل ذلك منافسك. هذا ليس مشكلة، لكن المهم أن تعرف أن الفئات ذات الدخل الأقل لها طريقة تفكير وأسلوب ونمط شراء مختلف عن الفئة ذات الدخل العالي، حتى لو الفئتين قادرتين على شراء المنتج ذو السعر الأقل.
التعليم – Education
عندما تخرجت من الجامعة، صادفني منحة من صندوق عبد اللطيف جميل السعودية. المنحة الدراسية كانت مجانية تماما لدراسة شهادة الماجستير الأكاديمي المهني – MBA، والشرط الوحيد أن تكون خريج هندسة! هنا هو يركز على التعليم الفني الهندسي، ويريد أن يكمل عليه مهارات الإدارة والتسويق، وبالتالي يظهر تقسيم السوق الديموغرافي حسب التعليم.
الوظيفة – Occupation
من أشهر البراندات التي قسمت السوق واستهدفت حسب الوظائف هي شركة كاتربيلر العملاقة التي تستهدف المهندس المدني، بداية من أوناش النقل، وملابس المهندسين كأحذية CAT الشهيرة (دخلت كات لفئات غير المهندسين بعد ذلك، لكن التقسيم الديموغرافي حسب الوظيفة كان الأساس لها).
السن/ المرحلة العمرية – Age/ Life Stage
السن والمرحلة العمرية مؤثرة جدا في تطوير المنتجات والترويج لها، ومن المعروف أن فئة الشباب هي الفئة الأكثر طلبا من الشركات وازدحاما في المنافسة، وسوف تجد شركات مثل بيبسي تستهدف الشباب بشكل رئيسي وتوجه لهم كل مجهودها الترويجي، على العكس من كوكا كولا التي لا تستهدف الشباب بنفس تركيز بيبسي.
عمليا أميل لتفضيل التقسيم حسب المرحلة العمرية أو الوظيفة أو التعليمية بدلا من السن. مثال: ما معنى التقسيم التالي؟ 18 – 22، 23 – 35، 36 – 50، أكبر من 50.
هل الانسان عندما يصل 36 عام يختلف بشكل جذري عن 35 عام! هذه الطريقة في التقسيم غالبا ما تكون نظرية ويكون صعب التطبيق عليها في البرامج التسويقية، وأفضل عليها أن يتم تقسيمهم مثلا لشباب، بالغين، كبار السن، أو طلبة الجامعة، وما بعد الجامعة.
طالب الجامعة مثلا إذا أردت استهدافه، فهو له أماكن معينة يدرس فيها ويخرج مع أصحابه فيها، ولديه اهتمامات وطموحات واضحة أثناء هذه الفترة، وما بعد الجامعة يتحول فعلا لشخص آخر، بأهداف أخرى وسلوك شرائي مختلف، لذلك أجده تقسيم عملي ومنطق وقابل للقياس والتطبيق الفعلي.
لكن كن مرن، ففي أثناء تطبيقك للبرنامج الترويجي، وأثناء تنفيذك لإعلانات الديجيتال ماركيتنج، عليك حينها تحويل هذا الطالب إلى فئة سنية، لأن المنصات تفهم السن وتستجيب وتعطيك نتائج أفضل من أنك تستهدف على أساس الجامعات أو التعليم، حينها سوف تستهدف سن من 18 لـ 23 مثلا لتعبر عن فئة طلبة الجامعة التي تريد استهدافها. هكذا يكون تقسيمك للسوق واستهدافك، مفيد وعملي.
العرق والديانة
يظهر ويكثر التقسيم حسب الأعراق والديانات في البلاد التي تضم عدة أعراق أو ديانات مختلفة مثل الولايات المتحدة، التي تضم أعراق متعددة مثل الهنود – السكان الأصليون – أو المنحدرون من أصول أفريقية أو آسيوية، أيضا الديانات لها دور كبير في التقسيم عندما يتعلق الأمر ببعض الصناعات مثل المطاعم، والتي كثير منها يستهدف مثلا المسلمين حول العالم بأكل (حلال).
التقسيم النفسي – Psychographic Segmentation
هذا النوع في التقسيم يقوم بتجزئة السوق على أساس لماذا/Why يشتري الناس المنتج من خلال التعرف على طريقة ونمط حياتهم، الطبقة الاجتماعية التي ينتموا إليها، والصفات والخصائص التي تميزهم، فمثلا تقوم بتقسيم الأشخاص إلى أشخاص يحبون الانطلاق وآخرون يحبون الهدوء، أشخاص يحبون السفر والتنقل، وآخرون يحبون الاستقرار.
أول النقاط التي يجب أن تقسم على أساسها السوق في التقسيم النفسي هي الطبقة الاجتماعية – Social Class.
الطبقة الاجتماعية تختلف اختلاف هائل عن مستوى الدخل، فكونك ذو دخل عالي لا يعني بالضرورة أنك من طبقة اجتماعية عالية، والعكس صحيح.
الطبقة الاجتماعية يتم التعرف عليها وتحديدها بناء على عدة عوامل من ضمنها، مستوى التعليم والثقافة، الثروة والعائلة التي ينحدر منها الشغل، الوظيفة، والدخل هو مجرد عنصر من ضمن هذه العناصر.
هناك منتجات تركز على الدخل وتهمل الطبقة الاجتماعية، فمثلا سيارات مرسيدس أغلب من يمتلكها طبقات اجتماعية قليلة ومتوسطة بدخول عالية (مثل التجار والمقاولين الذي بدئوا من الصفر)، وهم يحاولون إبراز البرسيتج الجديد لديهم بهذه السيارة الفاخرة (وهذا هو الموقع الذهني التنافسي لمرسيدس)، على عكس مثلا سيارة مثل ميني كوبر والتي يفهمها ويشتريها غالبا ذوي الطبقة الاجتماعية الأعلى.
الطبقة الاجتماعية غالبا ما يتم ربطها مع أسلوب ونمط الحياة – Lifestyle، فكل طبقة اجتماعية لها أسلوب حياة يجعلها تستهلك وتشتري المنتجات بشكل معين، راقب الناس في المناطق البسيطة والشعبية وقارنهم بالناس في المناطق والمنتجعات السياحية، سوف تستطيع تحديد نمط أو قالب محدد – Pattern لكل شريحة منهم، بأسلوب حياة وبالتالي نمط شرائي مختلف تماما.
قيم الشخص وصفاته الشخصية أيضا هي جزء من معايير التقسيم النفسي، فإذا كنت شخص هادئ غالبا سوف تشتري منتجات بألوان هادئة محدودة على عكس من كونك اجتماعي، والشخص المنطلق الرياضي يميل لشراء منتجات مختلفة عن الشخص المثقف محب الجلوس كثيرا، والشخص الحالم الذي يريد وضع الأهداف الكبرى وتحقيقها سوف يميل لسلوكيات شرائية مختلفة عن الشخص الواقعي أو البسيط في وضع أهدافه.
التقسيم السلوكي – Behavioral Segmentation
التقسيم حسب السلوك الشرائي يتعلق بطريقة شراء الناس للمنتجات، وعاداتهم وحوافزهم الشرائية، والتقسيم السلوكي ما هو الا امتداد وتفسير – غالبا – للتقسيم النفسي، أو حتى أنواع التقسيم الأخرى، كما سيظهر لك بعد قليل.
أول وأهم المعايير في التقسيم السلوكي هو الاحتياج والمنفعة التي يريدها الناس من المنتج، فمشروب مثل سفن أب يشربه الناس بسبب العطش، وهناك من يراه مشروب منعش لكن أقل ضررا من الكولا، وهناك من يشرب أثناء نزلات البرد، لاحتوائه على الليمون فربما يساعد على علاج هذه النزلات، هناك من يشربه للهضم، وهناك من يشربه للحصول على الروقان (رسالة البراند الرئيسية)، كلها أسباب ومنافع يبحث عنها كل مشتري بشكل مختلف.
تقسيم الناس حسب احتياجاهم من المنتج – من وجهة نظري – هو العامل والمعيار المؤسس لفكرة التقسيم! فنحن نقوم بالتقسيم لأن كل فئة تريد المنتج بشكل مختلف أو لمنفعة مختلفة، وهذا يجعلنا نضع مزج تسويقية مختلفة لكي نحصل على اشباع أعلى من كل شريحة/ فئة سوقية.
هناك التقسيم حسب مكان الشراء أو كيفية الحصول على المنتج، فسامسونج قد تشتري منتجاتها عبر شركة سامسونج أو موقعها بشكل مباشر، أو قد تشتري عبر وكلاء البيع والتوزيع، أو قد تشتريها من محل صغير يبيع عدد من المنتجات من ضمنها سامسونج، وقد تشتريه من أي موقع تجارة وسيط، وهذا التقسيم مفيد جدا للشركات، لأنها تصمم المزيج الترويجي والاعلاني، وأيضا تغير أحيانا في سياسة التسعير، حسب طبيعة شراء كل فئة.
هناك التقسيم حسب مدى معرفة الزبون بالمنتج أو الخدمة، وتجاربه الشرائية السابقة، أو مدى وعيه بالشركة أو البراند، وكل هذا هام للغاية بالنسبة لنا عند تصميم سلسلة البيع – Sales Funnel، والتي نصمم من خلالها حملاتنا الترويجية، وإعلاناتنا على المنصات التسويقية المختلفة، وبالطبع يتسبب في اختلاف المحتوى الترويجي وخصائصه وشكلك حسب الفئة والمرحلة التي تمر فيها على نفق أو تسلسل البيع.
هناك أيضا فئات كثيفة الاستخدام للمنتجات، وهناك الفئات التي تشتري المنتجات بشكل بسيط وغير منتظم، وهي أمور أيضا سوف تجعلك تطور منتجات وتعدل في كفاءتها – وربما أسعارها أيضا – بناء على كثافة استخدام شريحتك المستهدفة.
لا تنسى أيضا أن هناك مراحل من الولاء للمنتجات والبراندات، ففي رأيي أن الرجال – لأنهم أقل اهتماما بالشراء من النساء – يكونون أكثر ولاءً وارتباطات براندات محددة، عكس النساء الذين يتنقلون بشكل أكبر وأسرع بين البراندات، وهذا التقسيم في صميم التقسيم وتصميم برامج التسويق والترويج وبرامج ونقاط الولاء – Loyalty Programs، والتي تركز عليها شركات الاتصالات وخطوط الطيران والبنوك التجارية بشكل كبير.
هناك ملاحظة هامة في التقسيم حسب سلوك الشراء، وهي أنه انعكاس لأنواع أخرى في التقسيم وأهمها التقسيم النفسي، فصفات الناس وخصائصهم النفسية غالبا ما ينعكس على سلوك شرائي معين، فمثلا الشخص ذو الصفات النفسية الهادئة تجده يختار ألون معينة ويختار المنتجات التي تبرز مثلا الأناقة والذوق الرفيع، في حين أن الشخص الاجتماعي سوف يختار منتجات لتعزز التواصل مع الناس من حوله وسوف يختار ألوان متنوعة أكثر.
أيضا الشخص المنطلق المغامر، سوف يشتري المنتج ليمده بالطاقة ويشعره بالحماس، والشخص الرايق سوف يختار المنتج الذي يعزز من هدوءه وروقانه! لذلك فانعكاس السلوك النفسي على السلوك الشرائي أمر عادي وصحي داخل التقسيم.
هناك تقسيمات أيضا أخرى تنعكس على بعضها، فمثلا الأشخاص في مناطق جغرافية معينة تجد أن لهم صفات مميزة وسلوك شرائي معين. الانعكاسات بهذه الشكل هي صحية ومفيدة، وحينها سوف تجد أن التقسيمات تفسر نفسها بعضها البعض، وهذا يسهل التقسيم والاستراتيجية بشكل عام، ويساعدك فيما بعد على خلق شخصية تفصيلية أكثر لزبونك المحتمل – Buyer Persona.
ما هي معايير تقسيم السوق؟
هناك العديد من المعايير الهامة التى عليك معرفتها قبل القيام بتقسيم السوق، حتى لا يكون تقسيمك للسوق عشوائي، ومن ضمنها هذه المعايير:
- أن تكون الشريحة المستهدفة قابلة للوصول – Accessible، فما هي الفائدة من تقسيم للسوق لفئات لا تستطيع الوصول لها جغرافيا أو توزيعيا!
- أن يكون هناك سبب يستدعي التقسيم – Differentiable، فإذا لم تحتاج لتغيير أي شئ في المزيج التسويقي بين الشريحة الأولي والشريحة الأخرى، فلا داعي للتقسيم.
- أن يكون في إمكانياتك العمل عليه – Actionable، فلا تقسم السوق لشرائح خارج امكانياتك، فإذا كانت مواردك لا تسمح إلا بإنتاج أزياء رجالية، فلا تقسم سوق لرجال ونساء.
- تستطيع قياس الشرائح المقسمة – Measurable، حيث من الأفضل تقسيم السوق لشرائح يمكنك قياسها لكي تتوقع الربح من كل شريحة، وبالتالي تقرر إذا كنت قادر على العمل عليها أو لا.
- أن تكون الشرائح كبيرة ومربحة – Substantial، ففكرة تقسيم السوق لشرائح غاية في الصغر، قد لا يساعدك على النمو والربح، وإن كان يمكنك (أحيانا) استهداف شرائح صغيرة للغاية في حالة التسويق بالثغرات.
متى تحتاج لتقسيم السوق ومتى لا تحتاجه؟
هذا السؤال مهم ومؤثر في التقسيم الفعال، لأن هناك تقسيم طفولي، تستطيع من خلاله استخراج الكثير جدا من شرائح السوق التي ليس لها أي داعي في خطتك التسويقية، لكن هناك التقسيم الفعال الذي سوف أشرحه الآن.
لفعل ذلك يجب أن نراجع سريعا على عناصر المزيج التسويقي الأربعة، وهم المنتج، والتسعير، والتوزيع والترويج.
المزيج التسويقي هو نتيجة ومرحلة تتبع الاستراتيجية التسويقية بشكل مباشر. الاستراتيجية التسويقية تقوم فيها بتقسيم السوق إلى شرائح متجانسة – بمعنى أن كل شريحة لديها احتياجات ورغبات وأذواق واهتمامات متشابهة – وكل شريحة سوف تقوم بتطوير مزيج تسويقي مختلف لها لكي تحقق لها أقصى إشباع ممكن، وبالتالي ترفع من سعادة وولاء مشتريك، وهو أول طريق البراندينج العلمي الصحيح كما أخبرتك من قبل.
إذاً أنت لا تقسّم إلا عندما تستجيب الشرائح المقسّمة بشكل مختلف لمزيجك التسويقي أو حتى لعنصر واحد منه، بمعنى أنك في حاجة لتطوير منتج مختلف للرجال عن السيدات، في هذه الحالة سوف تقسّمهم إلى شريحتين، أو تريد إيصال سعر مختلف لكل شريحة، أو طريقة توزيع مختلفة، أو ترويج بشكل مختلف للرجال عن السيدات، أو تريد توصيل مزيج تسويقي كامل مختلف لكل شريحة عن الأخرى. بمعنى آخر إذا رأيت أن عليك تغيير عناصر المزيج التسويقي – Marketing Mix، وهم Product – Price –Placement – Promotion، طبقاً لأكثر من شريحة، حينها فقط سوف تقوم بالتقسيم.
دعنا نأخذ أمثلة سريعة.
لديك فكرة كافيه، فربما تفكر في أن شريحة السيدات تريد هذا الكافيه بمواصفات معينة مختلف عن كافيه مخصص للرجال، فهنا سوف تقسّم السوق حسب النوع، لأن المنتج أشار عليك بذلك.
قد ترى أيضا أن منتجك تستطيع بيعه في منطقة جغرافية أعلى من السعر في منطقة جغرافية أخرى (على الرغم من مساوئ هذه الاستراتيجية أحيانا)، حينها تقوم بالتقسيم لأن الاختلاف في طريقة التسعير أشار لك بهذا.
قد تصميم استراتيجية ترويج مختلفة تماما لفئة من السوق وتكتب لهم محتوى تسويقي مختلف عن فئة أخرى، هذا أيضا سبب لتقسيم السوق.
السبب الأخير وهو التوزيع، وهو دائما محط خطأ كبير في فهمه وتطبيقه. التوزيع الذي يجعلك تقوم بتقسيم السوق ليس كثافة التوزيع (فكثافة التوزيع له علاقة بالمزيج التسويقي في عنصر التوزيع وليس الاستراتيجية)، ولكن طريقة التوزيع وهيكلته هي ما تفرض عليك التقسيم.
لنفترض أن لدينا مدينتين جغرافيتين، الأولى مدينة وعاصمة والأخرى محافظة ريفية أو ساحلية، الأولى ستلاحظ فيها سلوك شرائي متعلق بالسرعة والعملية، يريد الموظف أخذ قهوته معه بسرعة، وحملها في السيارة قبل الذهاب للعمل، لكن السلوك الشرائي للفئة الأخرى في المحافظة الساحلية، يتعلق بالهدوء وشرب فنجان القهوة في مكان مخصص لذلك – قبل الذهاب للعمل أو بعده. ولنفترض أنك تبيع براند قهوة، حينها سوف توزيع القهوة على الفئة الأولى من خلال المتاجر، حيث يبيعها المتجر للزبون النهائي في شكل عبوات، يستهلكها الزبون في البيت أو في العمل، لكن في البلد الأخرى سوف توزع جملة على القهاوي/ الكافيهات – بعروض تجارية وأسعار مختلفة طبعا – والذين سيخدمون الفئة المستهدفة بكوب من القهوة، على عكس طريقة استهلاك المنتج في الفئة الأولى أو البلد الأولى.
أعرف أن هذه النقطة تسبب غالبا لخبطة لدى الكثير من مطوري الاستراتيجية، لكن لتفهم الأمر، عليك أن تدرك أن الاستراتيجية هي جزء من الخطة يدوم لفترة طويلة، أما التوزيع وكثافته فهو شيء قصير المدى، قد تغير فيه كل حين عندما تتطور أدوات وقنوات التوزيع لديك، لكن الاستراتيجية يجب ألا تتغير، وبالتالي لا تضع فيها غير معايير وعناصر استراتيجية وطويلة المدى.
جميل، الآن إذا كان لديك تغيير في المزيج كله، بالتأكيد سوف تقوم بالتقسيم، لكن إذا كان لديك تغير محتمل في عنصر واحد أو أكثر، مثل الترويج واختلاف المحتوى الإعلاني من شريحة لأخرى، هل عليك أن تقوم بالتقسيم أو لا. سؤال آخر، هل عليك عمل استراتيجية تسويق مختلفة بسبب التغير في عنصر واحد فقط أو اثنين على الأكثر.
هذا الأمر يعود لك وعلى حجم الاختلاف الحادث، وعلى حجم التأثير على الموقع الذهني، وقد تستطيع وضع بعض التقسيمات الثانوية داخل الاستراتيجية والمزيج الرئيسي (إذا اشتركوا في الإطار الذهني – Position)، وفي كل الأحوال إذا دمجتهم أو فصلتهم فلن يحدث مشكلة، طالما الخطة متماسكة ومتكاملة وتحقق أهدافها في النهاية.
نقطتين في غاية الأهمية اختم بهم هذا الجزء.
الأولى تتعلق بكلمة (الحيرة)، فأنت لا تقوم بالتقسيم إلا عندما تكون محتار بين شريحتين أو أكثر، لكن إذا كنت تعرف شريحتك المستهدفة جيدا، فلا داعي للتقسيم، فأنت لا تملك (الإجابة النهائية) ولا تحتاج إلى (الهامش/ العصف الذهني) الذي تحدثنا عنه قبل قليل. يجب أن تفهم أن التقسيم لا يتم أبداً إلا إذا وجدت هناك بعض الشرائح المحيّرة لك، فأنت مثلاً محتار فعلاً إما أن تستهدف شريحة الرجال أم السيدات، هذه الحيرة تدفعك للتقسيم، أما إذا كان منتج لا يمكنه أصلاً إلا أن يكون للرجال فلا داعي للتقسيم ويمكنك الاستهداف بشكل مباشر.
الحيرة كما أخبرتك تأتي مربوطة بالاحتياج للتغير في المزيج التسويقي بين فئة وأخرى كما أخبرتك منذ قليل.
عندما تقسّم فأنت لا تقسّم على الورق وتختار شريحة من تلك الشرائح (على مزاجك)! الموضوع أكبر وأكثر تعقيداً، أنت تنزل مرة أخرى إلى السوق لتدرس هذه الشرائح، وتستعيد ما تعلمته عن هذه الشرائح في بحثك السوقي من قبل، وبالتالي فالأمر مجهد ومكلّف، فلا تضيّع وقتك أو جهدك وأنت تعلم أي الشرائح ستختار.
أما النقطة الثانية فهي نصيحتي لك بأن تحتار قليلا!
كل الأفكار العظيمة تأتي من قدرتك على تحليل احتياجات السوق وعمل تقسيمات جديدة.
في مرحلة ما، كنت أفكر في أن ألغي شرح جزء التقسيم من دوراتي التدريبي واكتفي بالدخول في الاستهداف وبناء الموقع الذهني، بما أن معظم أصحاب المشاريع الذي يحضرون دوراتي التدريبية يعرفون بالفعل شريحتهم المستهدفة بدقة.
حتى اتصل بي أحدهم ليشكرني شكر هائل على محاضرة التقسيم، ولم أفهم كل هذا الشكر في البداية، لكن انتبهت لشيء مذهل جعلني أضع تركيز أكبر بعد ذلك على التقسيم، وهذا الشيء متعلق بقدرة التقسيم على استخراج أفكار لمنتجات جديدة!
أفكار المنتجات الجديدة لا تأتي سوى من العصف الذهني وتحديد احتياجات الشرائح والفئات المختلفة، فإذا (تحيرت عن عمد) بين شريحتين لا يبدو بينهم اختلافات كبيرة، وخرجت بالفعل بتقسيم وفئات مختلفة من الاحتياجات داخل شريحتك الأصلية، فسوف تصل لأفكار منتجات وخدمات تقدمها لهذه الشرائح الجديدة، وهي استراتيجية هائلة من أجل توليد الأفكار وتطوير البيزنس بمنتجات وأسواق جديدة، لم تكن تتخيل أنها موجودة!
إذا نصيحتي هي أن تمسك العصا من الوسط، أنت تكون عملي ولا تقسم السوق إذا كنت تعرف شريحتك المستهدفة بدقة، وفي نفس الوقت، عليك أن تكون مبادر وتحاول أن تقسم السوق – حتى في الأسواق التقليدية – لكي تكتشف أفكار لمنتجات وخدمات ومزج تسويقية مختلفة ومبتكرة.
ما هي مراحل الاستراتيجية التسويقية بعد التقسيم؟
بعد أن تنتهي من عملية التقسيم وهي عملية أعقد كثيراً مما قد يبدو عليه الأمر، تبدأ في دراسة كل شريحة وترى إذا كانت شريحة كبيرة وفي نمو مستمر، وبالتالي مربحة، وأيضاً ترى أنها مناسبة لإمكانيات وأهدافك، وترى أخيراً أن المنافسة فيها أقل، وفيها توفّر للموردين والوسطاء، وشركاء السوق عموماً ظروفهم أفضل من الأسواق الأخرى، فتبدأ حينها اختيار هذه الشريحة المناسبة، وهذا ما يسمّى الاستهداف – Targeting.
بعد أن قسّمت السوق إلى شرائح محيّرة لك، ثم اخترت الشريحة التي ستعمل عليها، أو اخترت أكثر من شريحة سوقية سوف تعمل عليهم بمزيج تسويقي مختلف لكل شريحة، وأنت بذلك أجبت على سؤال (من أستهدف؟)، تبدأ الآن في الإجابة على سؤال كيف سيراك هذا السوق، أو هذه الشريحة المستهدفة؟ ما هو الموقع الذهني الذي تريد أن تحتله في عقول الشريحة المستهدفة؟
هذه ربما تكون من أكثر الأجزاء التسويقية العبقرية التي ستمر عليك، وإذا أتقنتها وقمت بتطويرها بالشكل الصحيح، سوف تتحول معك مع الوقت إلى علامة تجارية قوية – Brand، وهذا تقريباً أهم ما تريده الشركات.
حاول دائماً أن تحصل على صفة قوية جداً تعتمد على صيغة تفضيل لكى تكون الأقوى في السوق، مثل أسرع سيارة، الموبايل الأقوى تكنولوجياً، الوسادة الأكثر نعومة، الشاشة الأكثر نقاء، أكبر ساندويتش، أدّق ساعة، التكييف الأكثر عمراً، .. وهكذا.
بعد أن تجيب عن سؤال من وكيف، أنت بذلك كوّنت الإستراتيجية التسويقية لك، وهذه أهم خطوة من وجهة نظري في الخطة التسويقية، لأنك إذا أخطأت فيها سوف تكون كل خطتك فيما بعد خاطئة، وإذا طورتها بدقة سوف تكون كل خطتك بعد ذلك سليمة، وعملك صحيح في برامجك التسويقية – Marketing Programs، والتي تتكوّن من المنتج – التسعير – التوزيع – الترويج.
في نهاية الاستراتيجية التسويقية، تطوّر جملة تلخّص لك الاستراتيجية التسويقية بشكل مختصر نسميها في التسويق جملة الموقع الذهني أو الـ Positioning Statement، فتقول في هذه الجملة من هي شريحتك المستهدفة وما هي الصفة المميزة التي تريد لمنتجك او خدمتك ان يكوّنها في أذهانهم.
إذا رأى أي تسويقي هذا الجزء من خطتك يستطيع أن يخبرك بملامح كل مزيجك التسويقي مباشرةً! ربما تكون هذه الجملة في رأيي هي الجملة الأخطر على الإطلاق في الخطة التسويقية.
في هذه المقالة، تكلمنا بشكل مفصل عن أهم جزئية في استراتيجية التسويق وهي خطوة تجزئة السوق، أهميتها واستراتيجيتها المختلفة، والمعايير المهمة لتجزئة السوق بشكل فعال، وتكلمنا بشكل مختصر وسريع عن باقي أجزاء استراتيجية التسويق.
كلما أتقنت الاستراتيجية التسويقية ووضعت فيها الوقت والجهد الكافي، وطورتها طبقاً لبحث سوقي صحيح ودقيق مع الاستعانة بخبرتك ورؤيتك وابداعك، كلما كانت خطتك التسويقية أدق ونسبة نجاحها أكبر. بمعنى آخر، استراتيجية التسويق هي سر ومفتاح نجاح خطة التسويق.
قريبا سوف يكون متاح مجانا للتحميل كتاب كامل يشمل الاستراتيجية التسويقية وتقسيم السوق PDF، يمكنك الاشتراك في القائمة البريدية وسوف نرسله لك قريبا.
بس يا دكتور حسام
هو مش الدافع الاساسي للشراء هو الرغبة وليس الحاجة
ايه بقي فايدة اني اعرف مستوي دخله والعرق وغيرها من العوامل الديموجرافية اذا كان هو اصلا كدة كدة لما الحاجة هتعجبه هيقعد يحوش لحد ما يلاقيها والدليل علي ده ان فيه ناس في طبقات اجتماعية دنيا وشايلين موبايلات غالية جدا انا مش معترض علي النوع ده من التقسيم بس من وجهة نظري ان فيه تفصيلات بقت زيادة شوية …أرجو التوضيح
ولسيادتكم جزيل الشكر والامتنان
مستوى الدخل هو اللى هيعرفنى أوجه انهى منتج للقسم ده، منتج عالى المستوى غالى ، ولا منتج متواضع رخيص ، الديانة والعرق تخلينى أوجه المنتج حسب التقاليد للمستهلك، التقسيم هدفه انى اقسم السوق لقطاعات مختلفة فى التفكير ،حتى لو كان الاختلاف فى الحاجات الصغيرة دى ، عشان ابدأ اوجه حملة تسويقية مختلفة طبفا لكل قطاع او تقسيم..
شكرا