الاستراتيجية والتخطيط

حرب الأسعار | كيف تتجنب التنافس بالسعر

في هذه المقالة سوف أعطيك فكرة عن حرب الأسعار، وأهمية الخروج من التنافس بالسعر، لأنه مدمر لعلامتك التجارية، ولجودة الزبائن التى تحصل عليها، مع استراتيجتين تسويقيتين لفعل ذلك.

من أصعب ما يواجه الشركات اليوم هي حروب الأسعار – Price Wars التي تزداد اشتعالاً يوم بعد يوم بين الشركات. في رأيي فإن هذه الحروب نتجت من عدم وجود استراتيجية او فكر تسويقي واضح لهذه الشركات، مما اضطرها للقبول بقواعد وقوانين المنافسة الخطأ، وأول هذه القوانين، اللعب على تخفيض السعر، وكلما ظهر في السوق منافسين قادرين على تقليل تكلفة انتاجهم، وبالتالي تخفيض الأسعار، كلما ازدادت هذه المنافسة حدة، والحروب اشتعالاً.

ميزة دراسة التسويق وتطبيقه بالشكل الصحيح، أنه يضع يدك على استراتيجيات مهمة لكى تنافس في السوق، وفي رأيي أن من يطبق التسويق في شكله الصحيح لن يجد في الأغلب أي مشكلة لكى ينافس طبقاً لمعايير وقواعد خاصة، تميزه عن الباقي في السوق. ان التسويق يخبرك بأفكار واستراتيجيات لا تنتهي لكى تنافس بشكل فريد ومميز عن باقي الشركات والمنافسين.

في هذه المقالة سوف أخبرك باستراتيجيتين عليك استخدامهم لكي تتجنب حرب الأسعار، الأولى هي تقسيم السوق واستهداف شريحة مربحة، والثانية بناء موقع ذهني عام مميز.

سوف نبدأ بتقسيم السوق، كاستراتيجية تساعدك على تجنب المنافسة بالسعر.

هذه الحالة التسويقية من أحد عملاء ڤيركسام السابقين، وهي شركة كانت تعمل في مجال استيراد وتوريد الهدايا الترويجية للشركات – Giveaways and Promotional Gifts. لديها مزيج مدهش من الأفكار والمنتجات التي تستطيع أن تلفت بها نظر الشريحة المستهدفة. تبيع الشركة منتجاتها لشركات تقوم بتوزيع هذه الهدايا على موظفيها وعملائها، كجزء من الترويج وبناء البراند.

بدأت الشركة في عام 2011، وبحس فنّي رفيع استطاع مؤسس الشركة أن يكتشف ثغرة هامة في سوق الهدايا الترويجية وهي نقص الهدية المبتكرة ذات الجودة العالية، وأخذ قرار باستيراد الهدايا من بلاد أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا، وحصل على وكالة حصرية لتوزيع منتجات شركات تتميز بأنها تخدم رؤيته في السوق، الجودة العالية بجانب الذوق الرفيع، ليرضي قطاع معين من السوق يبحث بشدة عن هذه المواصفات ليقدم هدية مميزة لعملائه. (يعتقد 72٪ من المستهلكين أن جودة المنتج الترويجي مرتبطة بشكل مباشر بسمعة الشركة ومكانتها بالسوق).

سوق الهدايا المُصممة بشكل شخصي – Personalized Gifts هو سوق ضخم للغاية يتوقع عالمياً أن يصل لما فوق ال30   مليار دولار، وحسب الإحصائيات فهذا السوق يحوي ما يزيد عن 40,000 شركة منتجات ترويجية في الولايات المتحدة فقط، فما بالك بإجمالي سوق الهدايا بشكل عام! وتلك الهدايا التي توزعها الشركات بشكل مبتكر وفيها لمسة من التفصيل طبقاً لمواصفات الشركة أو شريحتها المستهدفة هي عنصر أساسي من عناصر الإعلام والعلاقات العامة – Media and PR وهي ركن أساسي لا يُمكن الاستغناء عنه عندما يتعلق الأمر بالترويج لشركة كبيرة، أو حتى شركة ناشئة، يشتركون في أنهم يريدون تنفيذ برنامج ترويجي متكامل ومبتكر من أجل بناء البراند.

من ضمن أكبر المشاكل التي تواجه هذه الشركات – التي تعمل في مجال الهدايا الترويجية – هي حرب الأسعار، وهو تحدي أساسي يواجه أي شركة تعمل في سوق مفتوح وسهل الدخول نسبياً، حيث تقوم شركتان أو أكثر بتخفيض الأسعار باستمرار لتعجيز بعضها البعض.

الدخول في حروب الأسعار يعتبر إستراتيجية تنافسية تشارك فيها الشركات بهدف الاستحواذ على حصة أكبر في السوق، فتقوم الشركات المتنافسة بخفض الأسعار لجذب المزيد من العملاء للسيطرة على الحصة السوقية للشركات الأخرى التي تقدم منتجات أغلى، والذي قد يدفع بعض الشركات أحياناً إلي بيع منتج أو خدمة بخسارة!

تشتهر شركات الطيران بوجود حروب أسعار دائمة بينها، فعلى سبيل المثال إذا خفضت شركة الخطوط الجوية Aسعر الرحلة من لوس أنجلوس إلى نيويورك من 800 دولار إلى 700 دولار، فقد تخفض شركة الطيران B – التي تتنافس على العمل على نفس الخط- سعرها إلى 650 دولارًا.

وقد تستجيب شركة الطيران A من خلال تخفيض سعرها إلى 625 دولارًا، وهكذا تستمر هذه الحرب طوال الوقت لجعل العملاء يقارنون دائماً بين أسعار الشركات ويتجهون للأقل سعراً.

لذلك كانت أفكارنا التسويقية والتي سوف تظهر نتائجها في الترويج والإعلان هي كالتالي..

ربما تكون هناك حلول كثيرة لتجنب حروب الأسعار أو حتى الفوز فيها، لكن ما سنركز عليه هنا هو حل اللجوء إلى التقسيم الفعال – Effective Segmentation والاستهداف الدقيق.

أولاً يجب علينا التذكير بأننا نعمل في سوق تسّوق فيه الشركات لشركات أخرى (Business To Business Marketing)، والمعروف اختصاراً ب B2B Marketing ويعني كما يوحي الاسم، أنه تسويق المنتجات أو الخدمات للشركات والمؤسسات الأخرى.

وتعتمد أساليب التسويق B2B على نفس المبادئ الأساسية للتسويق للمستهلكين، ولكن يتم تنفيذها بطرق مختلفة. كما أن معايير التقسيم في سوق الشركات يختلف عن معايير التقسيم في سوق الأفراد.

فمن أشهر معايير التقسيم في سوق الشركات (B2B):

التقسيم حسب مجال الشركة والصناعة التي تعمل بها/ التقسيم حسب حجم الشركة أو عدد الموظفين بها/ التقسيم حسب رأس المال أو حسب العائد المادي الذي تحققه/ التقسيم حسب أماكن تواجدها جغرافياً/ التقسيم حسب مدى معرفتها بالمنتج أو البراند الذي تبيعه/ إلى آخره من العوامل العديدة الأخرى.

لتبسيط الأمور هنا، سوف نريك جانب واحد من تقسيم سوق الشركات التي تستهدفها لفني.. سنقوم بتقسيم الشركات التي تشتري الهدايا الترويجية حسب مجال عملها، فيكون لدينا هذه القائمة:

  • شركات وسيطة – Advertising Companies
  • شركات طبية أو تعمل في المجال الصيدلي
  • شركات في مجال البترول
  • شركات في مجال المشروبات والأغذية والمنتجات سريعة الاستهلاك
  • شركات عقارية
  • شركات في المجال الخدمي
  • شركات في مجال تقنية المعلومات

بالطبع هناك قطاعات اخرى لكن سوف نتناول سريعاً هذا التقسيم البسيط ونعطيك فكرة عن كيفية الاستهداف الأفضل.

مبدئياً يجب أن نفهم أن الاستهداف الفعال يجب أن يتحقق به 3 شروط هامة:

  1. أن تكون الشريحة المستهدفة كبيرة وتنمو، وبالتالي هي مربحة.
  2. أن تكون الشريحة المستهدفة مناسبة لإمكانيات الشركة ومواردها.
  3. أن التنافس ليس شرساً على الشريحة المستهدفة.

إذا مررنا سريعاً على قائمة الشركات في التقسيم بالأعلى سوف نجد التالي:

1- الشركات الوسيطة التي تشتري بكثافة عالية لأن لديها قاعدة عملاء جاهزة من الشركات التي تشتري هدايا ترويجية لكن المشكلة في أن لديها قائمة ايضاً كبيرة من الموردين، وبالتالي سوف تدخل في حرب أسعار مع هذه القائمة، بجانب أن هذه الشركات الوسيطة تريد الربح أكثر فربما لا تهتم بجودة المنتج كثيراً، وبالتالي هي لا تناسب رؤيتنا.

2- الشركات الطبية وهي سوق ضخم للغاية، لكن هناك تنافس شرس وكبير على هذا القطاع من موردي الهدايا الترويجية والوسطاء وبالتالي لا يجب علينا الدخول في هذا السوق الشرس. بالإضافة لأن هذا القطاع يوزع الكثير جداً من الهدايا الترويجية فيميل للهدية قليلة الثمن، وهذا ايضاً لا يناسب إمكانيات ورؤية لفني.

3- شركات المنتجات الاستهلاكية – FMCG وتعتبر مجال هام وكبير ويمتلئ بشركات عملاقة توزع الهدايا الترويجية على زبائنها في فروع التوزيع والبيع وفي المعارض والأحداث الترويجية، لكن هذه الشريحة مشكلتها في أنها تعتمد – بشكل كبير وغالباً بعقود متوسطة وطويلة المدى مع شركات وسيطة – في الترويج والإعلان وبالطبع من ضمن الجهود الترويجية والاعلانية تكون الهدايا الترويجية، وبالتالي هي لن تنظر خارج هذه الشركات الوسيطة للحصول على مرادها من الهدايا الترويجية.

4- الشركات العقارية سوق جيد، ولكن لا يجب أن نعتبره سوق كبير وينمو، لأنها تعتمد بشكل شبه أساسي على إعلانات التلفاز والجرائد وفي المعارض المتخصصة، وعلى الانترنت بكثافة الآن، وبالتالي ربما لا يستحق ان يكون شريحة مستهدفة أساسية لدى لفني.

5- شركات تكنولوجيا المعلومات والشركات الخدمية Services/ IT التي تحتاج الهدايا الترويجية لتوزيعها على موظفيها المتواجدين بأعداد كبيرة، وعلى زبائنها المحتملين والمستهدفين في المعارض والأحداث الترويجية المتعددة التي تشارك بها والتي ربما تكون راعي رسمي – Sponsor لها، وعلى موزعين خدماتها داخل البلاد وربما خارجها ايضاً.

الشركات في هذا القطاع لهم طبيعة مميزة للغاية، وتناسب تماماً رؤية وتفكير لفني. اولاً هذه الشركات تنمو بشكل متسارع لتناسب طبيعة العصر المعتمد على التكنولوجيا والخدمات. يعتبر هذا السوق مستقر بشكل كبير، لأنه لا يعتمد على الأصول الثابتة – Assets كثيراً، ويستطيع تقديم خدمات لأي دولة ومن أي دولة! وبالتالي هو سوق لا يتأثر كثيراً بالأزمات الاقتصادية، كما تتأثر القطاعات الأخرى.

لدى كثير من هذه الشركات حس فني مميز ويريدون منتجات بجودة عالية، حتى لو أتى هذا على حساب السعر، وبالتالي يحتاجون لمنتجات تماماً كالتي تبني عليها لفني استراتيجيتها لاختراق السوق.

هناك نقطة أخرى مرتبطة، وهي أنك لكي تستورد منتجات بجودة معينة من الخارج، ولا تعتمد على جلبها من السوق المحلي، يجب أن تمتلك إمكانيات التواصل اللغوي وربما أحياناً الثقافي مع أشخاص من خارج البلاد، وهو شيء لا يمتلكه الكثير من اصحاب شركات الهدايا الترويجية الذين لا يملكون لغة التواصل والتفاهم مع موردين خارج البلاد.

لذلك سوف نجد أن الثلاثة عناصر الاستهداف الفعال متوفرة في هذا القسم من الشركات – شركات IT/ Services – اولاً هي شريحة كبيرة ومستقرة وتنمو، ثانياً لا يوجد عليها تنافس شرس لأن احتياجاتها من الهدايا الترويجية أصعب نسبياً من احتياجات الشركات الاخرى، واخيراً هذه الاحتياجات تناسب فعلاً رؤية وموارد عميلنا.

*لا يعني استهدافنا لشريحة أساسية هي أننا لا نبيع منتجاتنا لباقي الشرائح، ولكن معناه أن الشريحة الاساسية تأخذ النسبة الأكبر من اهتماماتنا في تصميم المزيج التسويقي.

هذا التقسيم يسمح لنا بتصميم حملة ترويجية مميزة، لأننا حينها سوف نستهدف تسميات وظيفية محددة في شركات محددة، نعلم جيداً أن لديهم الحاجة لمنتجات عميلنا، وهذا بدوره سوف يزيد من نسبة نجاح الإعلان، ويجنبنا حرب أسعار شرسة تدخل فيها معظم الشركات التي تعمل في هذا السوق. كما أن التقسيم والاستهداف الصحيح هو السر الأول والأكبر في بناء أي هوية تجارية (براند) بشكل صحيح وعلمي. قد لا يكون هو الحل الوحيد لتجنب حرب الأسعار، لكنه بشكل مؤكد واحد من أهم الحلول التي يجب أن تبدأ في تطبيقها فورا لكي تكوّن استراتيجية تسويقية قوية تبعدك عن حرب الأسعار الشرسة.

يمكنك مراجعة أيضا مقالة تقسيم السوق في قطاع الأعمال وكيف طبقناه على الإعلان.

بعد تقسيم السوق من أجل فهم كل شريحة فيه وتقديم المزيج التسويقي بأفضل شكل يحقق له الإشباع والرضا، يجب وضع استراتيجيتك العامة لبناء الموقع الذهني، وهذا ما سنتحدث عنه الآن، كطريقة – بنسبة نجاح عالية جدا – من أجل تجنب حرب الأسعار.

هذا الجدول يبين بوضوح كيف تصنع الشركات موقعها الذهني – Position وذلك طبقاً لاهم متغيرين من وجهة نظر العميل، وهما المنافع التي يحصل عليها من المنتج – Benefits، والسعر الذي يدفعه في المنتج – Price.

استراتيجية الموقع الذهني العام
استراتيجية الموقع الذهني العام، كل شركة تقدم مزايا في مقابل سعر معين مقارنة مع المنافسين في السوق.

هناك العديد من الشركات تعمل بشكل خاطئ بالمرة في السوق، وذلك عندما تجدهم يعملون في مربعات مثل تقديم مزايا أقل من المنافس في مقابل نفس السعر – Less Benefits for the Same Price، أو تقديم نفس المزايا بسعر أكبر –Same Benefits for More Price، هذه الشركات تخرج خارج المعادلة التسويقية تماماً، ولا أعرف لماذا يدخلون السوق من الأساس!

إعرف أكثر عن الاستراتيجية العامة لبناء المواقع الذهنية.

هناك العديد ايضاً من الشركات الرائعة تسويقياً والتي تنافس بحسب استراتيجيات فريدة ومميزة في السوق، فهناك مثلاً الشركات التي تقدم منافع أكثر من المنافس في مقابل نفس السعر – More Benefits for the Same Price، أو تقدم منافع أقل من المنافس في مقابل سعر أقل كثيراً منه – Less Benefits for Much Less Price.

هذه الشركات يجب ان نقتدي بها لأنها تعمل بكفاءة مدهشة في السوق، وتقدم الجديد وبالتالي تخرج من حيز حروب الأسعار الشرسة.

يبدو أن الشركات التي تعمل في المربع الأوسط هي الشركات التي نتكلم عنها هنا، وهي تلك الشركات التي تقدم تقريباً نفس مزايا المنافسين في مقابل نفس السعر – the Same Benefits for the Same Price، وهذه الشركات هي التي تعاني في حروب الأسعار، وللأسف يمتلئ السوق بهم، ولو فكروا قليلاً وطبقوا التسويق في شكله الصحيح، سنجدهم يعملون طبقاً للمربعات المميزة التي تضع لهم مزايا استراتيجية تسويقية تتفوق بهم على المنافسين، وتخرجهم من حرب الأسعار.

ان هذا المربع معناه ان الشركة تقدم نفس المنافع التي يقدمها المنافسون، وبنفس السعر.. هل يبدو الأمر منطقي؟

لأول وهلة، ومن وجهة نظر تسويقية بحتة، فإن هذه المعادلة لا يمكن أن تساعد صاحبها، فكيف لشركة تنافس بنفس الادوات والمزايا التسويقية التي يملكها بالفعل المنافسون، ثم تجدها تتفوق وتنجح، اين المعايير التي سيختار على أساسها المشترى؟ اين المزايا التي، من قوتها، سوف تتحول فيما بعد لعلامات مهمة للمنتج او الخدمة والشركة التي تقدمهم، وبالتالي تتكون صور ذهنية مميزة لدى الشركة، وبالتالي براند قوي ومميز للشركة.

ولكن من قال ان الجميع يسير بالمنطق التسويقي! ان الامر يسير بشكل عشوائي كبير، ولن اقول هذه المرة في بلادنا فقط، ولكنه الحال في أي مكان وزمان لا يتم فيه دراسة التسويق وتطبيقه بشكل صحيح.

قبل ان ندخل سريعاً في تحليل تسويقي منطقي جداً لخطر العمل في هذا المربع التسويقي الذي نتكلم عنه، اريدك ان تتخيل شركات مثل مرسيدس، نايكى، أديداس، ديلّ، وول مارت، بى آم دبليو، ساوث ويست، آبل، إلى آخره من الشركات التي نعرفها جميعاً ونحفظ اسمائهم، هل كانت هذه الشركات ستصل اسمائها لنا، وسوف تحافظ على هذه العلامات التجارية القوية والغنية بالمميزات والصور الذهنية المحددة الدقيقة، إذا كانت تنافس في هذا المربع في الوسط، وتقدم نفس مزايا المنافسين بنفس السعر؟

الإجابة.. بالطبع لا، ان هذه الشركات قد طورت استراتيجياتها التسويقية في اماكن مميزة، منهم من عمل على تقديم فوائد اكثر في مقابل نفس سعر المنافس، ومنهم من نافس بالسعر حتى لو بتقليل الفوائد في المنتج، الخ. ان هذه الشركات اختارت الاستراتيجيات التسويقية التي تناسبها، وبالتالي تفوقت، وحققت الأرباح والعلامات التجارية القوية.

نعود للشركات التي تعمل بالمنطق التقليدي/ العشوائي، نفس المزايا بنفس السعر..

ان اغلب الشركات تسير بمنطق (القطيع)، أي ان صاحب الشركة، او اصحاب الشركة، سوف يجدوا ان هناك من فتح مطعم يبيع كذا، ونجح، فسوف يذهب في شارع قريب ويفتح مطعم يقدم نفس المزايا وبنفس سعر المطعم الناجح، ثم يتوقع انه سينجح!

المثال هنا بسيط، ولكن تطبيقاته العملية في السوق هي ما نراها، ولكي نفهم ما سر الفشل الذي سيحلّ على الشركات من هذا النوع، دعونا نتعرف على مراحل الاستراتيجية التسويقية لديها.

يبدو ان هذه الشركات لا تقسّم السوق، ولا تستهدف شريحة معينة، لأنها لو فعلت لحاولت تكوين مواقع ذهنية تنافسية تناسب هذه الشرائح المحددة، ولكن ما تفعله الشركة هو انها تكتشف ان مجال IT مثلاً وخاصة تطوير برامج محاسبية للشركة هو ما ينجح الآن في السوق، فستقوم بجمع مجموعة من المبرمجين، وتطلق شركتها، وتبدأ المنافسة، ولا تسألني عن الموقع الذهني – Position الذي طورته، فلو أن هذه الشركة طورت موقع ذهني صحيح لما كان هناك داعي لهذا المثال!

الشركة الآن لا تجد لها مكان مميز في السوق، هي تنافس فقط، تدرس مزايا المنافسين، فتقدم نفس المزايا، وتتحقق من اسعار المنافسين، فتدفع بخدماتها بنفس الأسعار او اسعار قريبة، هل تعرف ماذا يحدث بعد ذلك؟  بالتأكيد، حروب الأسعار!

وصلت الآن الشركات التي تبيع المنتج بنفس مزايا وسعر المنافسين الى مرحلة عقم تسويقي، المشترى يقف امام المنتجات والخدمات لعديد الشركات، لا يعرف فرق واضح بينهم، نفس المنتج، نفس الخدمة، نفس طرق التوزيع، نفس اسلوب البيع..، ماهي المعايير التي سيختار على أساسها؟! نعم.. إنه السعر.

ومع الوقت، ومع دخول الشركة في حروب الاسعار، تجد نفسها تبيع، ولكن بأرباح منخفضة، فهي تنافس بشكل شرس للغاية مع المنافسين على نفس خط المزايا والسعر، وتحارب على كل عميل، وكل صفقة، وتضطر لأن تخفض سعرها حتى تحافظ على مكانها، ويضطر المنافس لفعل المثل، وما النتيجة ومن المستفيد؟ بالطبع النتيجة والمستفيد الأول هو العميل الذي سيحصل على عروض ترويجية واسعار مميزة جداً، هذا ببساطة بسبب دخول السوق مجموعة من الشركات المتناطحة، الغير واعية تسويقياً.

 إن حروب الاسعار ليست فقط مؤذية للشركة على صعيد الأرباح، بل أيضاً على صعيد تكون علامات تجارية قوية – brands، فالشركات التي تتطاحن في السعر، سوف تكتسب عملاء لا يهتمون او يأبهون لاسمها، كل همهم سوف يكون الحصول على المنتج الذي يوفر لهم بعض الأموال، مهما كانت قليلة، ولا تُذكر، ولكن اصبحت هذه الكمية الضئيلة من الاموال هي المعايير التي يقيس على اساسه العميل، في ظل تقديم الشركات له المنتج او الخدمة بنفس المزايا وبنفس حيّز الاسعار.

الخلاصة.. احذر مربع (نفس المزايا.. نفس السعر).. احذر حروب الأسعار!

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. كلام جميل جدا بالتوفيق مع أطيب التمنيات لكم بدوام التقدم والازدهار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى