الاستراتيجية والتخطيط

المزايا التنافسية | كيف تستخرجها وتبني عليها المزيج التسويقي

في هذه المقالة سوف أعرفك على أهمية المزايا التنافسية، ومصادر الحصول عليها، وكيف تطبقها على مزيجك التسويقي لتظهر بشكل مفيد أمام سوقك المستهدف.

أهمية المزايا التنافسية

هل هناك أهم من المزايا التنافسية بالنسبة للشركات ونجاحها فى السوق؟ بالطبع لا، و سوف تتأكد من ذلك بنفسك عندما تعرف أن فشل أكثر الشركات فى بداية عملها فى السوق يكون بسبب عدم تميزها بميزات تتفوق بها على المنافسين فى السوق، راجع الجزء الأول من المزايا التنافسية.

قد تذهب وتتعمق طويلاً فى التسويق وما يرتبط به من مجالات، ثم تعود لتكتشف أن الأمر كله يتعلق بفكرة ومنطق المزايا التنافسية الفريدة – Distinct Values، و تلك المزايا هى ماتجعل للمنتجات والخدمات الجديدة معنى، وفى الحقيقة فعندما تراقب جميع المنتجات والخدمات الناجحة على مستوى العالم وعلى مستوى التاريخ تجد أن من يشترى هذه المنتجات يشتريها لمزايا تنافسية مطلقة تميزها عن المنتجات والخدمات المنافسة في السوق.

لماذا تنزل الأسواق فتجد نفسك تتجه لمنتج غذائي، زيت، سكر، لبن، أرز.. تختار أحد الأسماء التجارية التى تعودت على شرائها بدون تفكير كثير فى الأمر، إن الأمر فى الحقيقة واضح جداً بالنسبة لك، إنك تختار المنتج او الخدمة لان بهم ميزة نسبية فريدة تميزهم عن باقي المنافسين أو البدائل فى السوق (قد يكون الترويج والإعلان عنصر هام في تحقيق ذلك، لكن المنتج هم من له اليد العليا في قرارات الشراء على المستوى الزمني الأبعد).

لماذا تفشل الشركات؟

هل تعلم أن حوالى 90 فى المية من الشركات الناشئة تفشل فى أول خمس سنوات؟ هل تعلم لماذا؟

لا يكمن الأمر كما قد يظن الكثير فى ضعف الموارد المادية والإمكانيات التسويقية والدعائية، .. ببساطة ستجد ان هذه الشركات لا تملك هذه المزايا التنافسية، وإن ملكت بعضها فهى لا تراها، وإن رأتها فقد لا تكون على قدر المسئولية التسويقية لتوضيح وإظهار هذه المزايا التنافسية بشكل واضح تسويقى عالى الجودة أمام المشترين، وبالتالى تعانى فى الاسواق و تفشل.

أما الشركات التى تعبر إلى حيز الامان، بل تتعدى هذا الحيز فتحقق نجاحات تسويقية هائلة فى الاسواق هى تلك الشركات التى بنت علاماتها التجارية على مزايا مطلقة واضحة، جعلتها فى مكان آمن بعيد عن المنافسين، وحتى لو بدا الأمر صعب فى مواجهة منافسين أقوى وأشرس منها، إلا أن امر كهذا لن يقلقها كثيراً فى ظل وجود ميزة تنافسية صعبة التقليد من المنافسين.

البرامج التسويقية تتوقف على المزايا التنافسية

البرامج التسويقية وأقصد بها هنا عناصر المزيج التسويق، المنتج – التسعير – التوزيع – الدعاية، يتوقفون بشكل كبير على الميزة المطلقة للشركة، هذه الميزة التى ستؤدى بالشركة لتطوير المنتج بشكل معين حتى يناسب الشريحة التى ستستفاد من هذه الميزة.

بالنسبة للتسعير، هل تستطيع مثلاً وضع سعر أعلى من المنافسين، وأنت تقدم شئ تقليدي يمتلئ به السوق، لماذا ستفعل ذلك؟ وبأى حق؟ إن الأمر لن يقبله الناس فى السوق، ان المشترين في السوق يحسبون العملية الشرائية بشكل منطقى لا يخلو من العاطفة، وفي كل الأحوال فهم يجب أن يروا ان منتجك بالفعل يستحق هذا السعر المرتفع.

بالنسبة للتوزيع، فأنت ستضع منتجاتك بجانب منتجات المنافسين فى نفس المنافذ التوزيعية، كيف تتوقع أى نجاح على مستوى التوزيع والبيع من خلال رفوف التوزيع، وأنت فى حقيقة الأمر تقدم منتج تقليدي عادى جداً يقدمه كل المنافسين فى السوق، بل ربما يتميزون عنك هم بمزايا تنافسية أخرى، سوف تجعل المشترين بالتأكيد يفضّلوا شراء المنتجات المنافسة.

كذلك الأمر بالنسبة للترويج والاتصالات التسويقية، فهل لك أن تخبرني ما الفكرة التسويقية التى ستقوم بالبناء عليها لتطوير حملتك الترويجية إذا لم تمتلك ميزة تنافسية واضحة؟!

يقول ‘روزر ريفز’ وهو أحد عمالقة الاعلان فى العالم، وهو من رواد مدرسة الاعلان القوى المباشر الصريح، والذي ربما يصل فى بعض الأحيان لدرجة الملل.

كان ل روزر ريفز وجهة نظر في الإعلان، وهو ان الاعلان ليس هدفه التشويق والترفيه عن المشاهدين، بل هدفه الاساسى هو البيع، ولن يتحقق ذلك إلا عندما تقدم كل شركة منتجها بميزة تنافسية مطلقة تميزه عن باقى المنافسين، وعلى الشركة أن تقدم هذه الميزة مع عرض ترويجي قوى جداً لا ينكره أو يغفله أحد من المستهدفين من الاعلان.

على سبيل المثال، عندما تخبرنا ‘ريد بول’ انها تقدم مشروب يعطيك جوانح (يعطيك طاقة هائلة)، فالشركة هنا تقدم منتج به ميزة تنافسية كبيرة وفريدة وهي أن المشروب يعطى من يشربه طاقة هائلة وكأنه أصبح له القدرة على الطيران.red bull gives you wings
راقب معى الآن تأثير فهم الميزة التنافسية هنا بشكل واضح..

لقد طورت الشركة وستظل تعمل على تطوير المنتج ليمتلئ بعناصر تعطيك الطاقة والحيوية بمجرد استخدام المنتج، وسيكون لها الحق فى تمييز سعرها عن المنافسين، لأن مشروبها ليس مشروب عادى ولكنه يحتفظ بميزة تنافسية مطلقة وهي إمداد من يستخدمه بالطاقة، و ستنجح فى التوزيع و فى اماكن البيع، لأن منتجها مميز عن المنافسين في هذه الأماكن التوزيعية.

فى نفس الوقت أصبح لديها ميزة تنافسية كبيرة، وقوية، سوف تبنى عليها حملتها الاعلانية والترويجية بالكامل، لتوضيح هذه الميزة التنافسية الفريدة.

مصادر المزايا التنافسية

هناك البعض يعدد المصادر للحصول على المزايا التنافسية، و لكن فى رأيى، أن هناك عدد لا حصر له من مصادر المزايا التنافسية، التى تستطيع أن ترى فيهم تلك المزايا التنافسية.

هل جربت ان تطور تحليل رباعى – SWOT analysis لشركتك أو عملك الخاص من قبل؟ ماذا تكتب إذاً في مربع نقاط القوة؟

تماماً.. نقاط القوة التى تكتبها هى نفسها تلك المزايا التى تميزك فى السوق، دورك فقط الآن أن تضع هذه النقاط فى مكانها التسويقي الصحيح وتعرف كيف تحولها إلى مزايا تسويقية حقيقية تضعك فى مكان متميز فى السوق وبعيد عن متناول المنافسين.

عندما نملئ خانة نقاط القوة، يكون الأمر أشبه بعملية عصف ذهنى – brainstorming قوية، تخرج فيها كل ما تستطيع اخراجه من مصادر قوة، .. قد تكون قوتك فى ابداعك، أو قوة وتعاون وتناغم الأعضاء فى فريق عملك، أو رأس مال وامكانيات مادية تسمح لك بالاستثمار فى المنتج باستمرار وتطويره، أو قدرتك على تطوير منتجات تشبع احتياجات غير مشبعة فى السوق، أو وجود وتوافر منتجاتك وخدماتك فى أماكن جغرافية لا يستطيع المنافسون الوصول إليها..

حتى أن جاك ويلش، وهو واحد من أنجح المديرين التنفيذيين فى العالم، يقول جملة رائعة مفادها أن أكبر ميزة تنافسية للشركة هى قدرتها على التعلم ووضع ما تتعلمه سريعاً فى الفعل ..
“An Organization’s ability to learn and translate that learning into action rapidly is the ultimate competitive advantage.”

فى الحقيقية انه فى هذا البحث لا يوجد لديك قيود ولا حدود، كما أخبرتك فإن الأمر يشبه إلى حد كبير فكرة إخراج الأفكار، والتى لا يكون فيها الحديث عن فكرة جيدة واخرى غبية، فكل الافكار مقبولة، إلا أن يتم تصفيتها على أسس ومعايير تضعها من أجل إنجاح كل فكرة منهم وتحويلها إلى مشروع حقيقى.

عموما مصادر المزايا التنافسية لا تخرج في الغالب عن 5 مصادر رئيسية:-

  • المنتج: مثل مرسيدس التى تتمتع بأشكال جميلة تساعدها في بناء صور ذهنية تتعلق بالبرستينج والفخامة.
  • الانتشار: تواجدك في كل مكان وسهولة الحصول على منتجاتك يضعك في خانة التيسير – Convenience، مثل ماك.
  • الخدمة: الخدمات المكملة للمنتج تساعدك على الخروج من تقليدية المنتج، فمثلا سرعة التوصيل في براند دومينوز أعطاها ميزة تنافسية فوق المنافسين في السوق.
  • الأشخاص: يعتبر الأشخاص – People عنصر هام جدا، فقد تذهب لبراند خصيصا لأن من يقوم عليه أشخاص ودودين أو محترفين، يساعدونك في اتخاذ القرار الشرائي، أو متابعة ما بعد البيع بشكل صحيح.
  • الصورة: عنصر إضافي تلجئ له بعض الشركات، ببناء صورة – Image فخامة مثلا عن منتج تقليدي، وذلك من خلال حملات الاعلان والإعلام المستمر.

تحويل نقاط القوة إلى مزايا تنافسية

النقطة الأهم الآن بعد أن عرفت ماهى نقاط قوتك، عليك أن تحوّل تلك النقاط لمزايا تنافسية مفهومة، وواضحة، والوضوح هنا تأتى أهميته لك قبل أهميته للناس فى الأسواق.

أهميته لك تكمن فى كونك أصبحت على دراية بميزة على رأس عدة ميزات سوف تغامر بها فى السوق لتفوز وتحقق أهدافك، هذه المزايا التنافسية الواضحة سوف تكوّن من خلالها الاستراتيجية والبرامج التسويقية، سيكون الأمر أيسر عليك كثيراً ممن لا يعرفون مزاياهم التنافسية فى الأسواق وكيفية استغلالها.

سوف تستطيع أيضاً تحويل المزايا التنافسية و تحويرها فى شكل صورة ذهنية كبيرة تحفرها في أذهان الناس فى السوق، هذه الصورة الذهنية هى ما سوف يساعدك لتحديد بدقة عناصر مزيجك التسويقي (البرامج التسويقية)، لأنها ببساطة سوف تكون خلاصة وعصارة الاستراتيجية التسويقية المناسبة التي طورتها.

أما الأهمية بالنسبة للناس فى السوق، هو أنه لا يوجد أحد يهتم بقوة فريقك، أو وفرة رأس المال لديك، قدرتك على الإبداع، .. كلها أمور لا تدخل فى حسابات المشتري عندما يشتري منتجك او خدمتك، ببساطة هو يريد أن يأخذ قرار هل سيتجه لمنتجك أو منتج المنافسين، وذلك طبقاً لمزايا تنافسية واضحة ومحددة.

طبّق المزايا التنافسية على مزيجك التسويقي

وجهة نظرى هى أنه مهما زادت وتنوعت مصادر المزايا التنافسية فى الشركات، إلّا أن هذه المصادر يجب أن تصب فى النهاية فى أحد عناصر المزيج التسويقي للشركة (منتج – تسعير – توزيع – دعاية)..

بالنسبة للمنتج، فالمزايا التنافسية في المنتج هي الأشهر على الإطلاق، لقد رأينا كيف تكوّن الشركات الصور الذهنية عن طريق ربط مزايا تنافسية بالمنتج، على شاكلة : أكبر سيارة، اصغر موبايل، أخف لاب توب، أسرع طائرة، أقوى دبابة، احلى شيكولاته، … الخ

هذه المزايا يفهمها بسهولة الناس ويتفاعلون معها، كيف لا وهم يذهبون الى الأسواق لشراء منتجات، وهما يقارنون المنتجات ببعضها البعض حتى يتخذوا قرار الشراء الأفضل، وبالتالي يميلون فى قراراتهم إلى المنتج الذي يسهّل عليهم الاختيارات عن طريق صيغ المفاضلة تلك، وبالتالى فإن أقوى المزايا التنافسية على الإطلاق تكون فى عنصر المنتج.

العنصر الثانى فى المزيج التسويقى هو عنصر التسعير، و أيضاً تصب فيه المزايا التسويقية، فالناس يرون السعر من أهم عناصر اتخاذ القرار، ومع الوقت سوف تكتشف أن الناس يرون جميع المنتجات طبقاً لمتغيرين، هما المنتج والسعر، وذلك كما فى الشكل التالى، وكما سيتم توضيحه أكثر فى تكوين الصور الذهنية – positioning.ABkotler7 07 16
افرض أن من مزاياك التنافسية وفرة العمالة، او قلة تكلفتها، أو قلة تكلفة المواد الخام، كما أخبرتك من قبل فكل تلك المزايا التنافسية لا تفيد الناس فى الأسواق بشئ، عليك إذاً تحويل هذه المزايا التنافسية إلى مزايا تنافسية يستفيد منها الناس، فيكون قلة تكلفة العمالة او المواد الخام، سبب فى خفض الأسعار، وكون أسعارك منخفضة بالمقارنة مع المنافسين، فهذه ميزة كبيرة، ربما تكون أكبر إذا تم جمعها مع ميزة او أكثر فى منتجك، أيضاً بالمقارنة مع المنافسين فى السوق.

الآن تأكدت أن عنصرى المنتج والتسعير فى المزيج التسويقى هما المصادر الأهم للمزايا التنافسية، ويجب أن يتم تحوير بعض نقاط القوة فى الشركات لمزايا تنافسية واضحة خاصة بالمنتج والتسعير كيف يراهم الناس و يتفاعلوا معهم، ولكن ماذا عن عنصري التوزيع والترويج؟

بالنسبة للتوزيع، ففيه أيضاً مصادر للتميز التنافسي، فكون المنتج متوافر فى الأماكن التى يرتادها المشترون فهذه ميزة كبيرة جداً، خصوصاً إذا استطاعت الشركة الوصول لأماكن جغرافية لا يستطيع المنافسون الوصول إليها بسهولة.

هذا الأمر يبدو من وجهة نظر المشترين كالآتى “هذا المنتج رائع، إنه متوافر فى كل مكان”، وبالتالى يسهل عليه الأمر كثيراً، ومع تكرار شراء المنتج (لأنه متوافر)، فإنه يتعود عليه، ويفضله عن المنافسين، وبالتالى يصبح عنصر التوزيع وتوافر المنتج من المزايا التنافسية الرائعة التى تستطيع الشركات العمل عليها، خصوصاً الشركات التى تعمل فى مجال المنتجات سريعة الاستهلاك – FMCG، وخصوصاً المنتجات الغذائية.

أما بخصوص الترويج، فسأخبرك أمراً مشوق بالفعل، وهو أن كثير جداً من المنتجات التى تحقق أرباح مهولة حول العالم، ويلهث وراءها الناس، هى منتجات مصدر قوتها، وميزتها التنافسية هى قدرتها على تقديم منتجات ربما تكون عادية، ولكن فى شكل دعائي مبهر.

لاحظ أن أغلب المنتجات صاحبة المقام الرفيع – prestigious، والتى تخص غالباً فئات بعينها تستطيع الانفاق للحصول عليها، إن هذه المنتجات كونت صورها الذهنية على انها منتجات الصفوة، وهى منتجات لا يشتريها أى أحد، بل يشتريها هؤلاء المتميزين.

لقد ظلت هذه الشركات تعمل جاهدة على تكوين هذه الصور حتى رآها الناس منتجات متميزة فاشتروها وداوموا على شرائها، وفى الحقيقة هى منتجات عادية بل ربما تكون أقل جودة من المنافسين.

لقد كانت مثلاً سيارات مينى كوبر سيارات صغيرة عادية لا يأبه لها الصفوة، ولكن مع الدعاية المبدعة جداً، خصوصاً الدعاية من خلال أفلام شهيرة فيما يعرف ب التسويق الضمنى – undercover marketing، أصبحت واحدة من أغلى السيارات وأكثرها طلباً من جمهور الأثرياء، وقس على هذا المثال الكثير جداً من المنتجات حول العالم، من عطور، وأزياء، وسيارات، وأجهزة تكنولوجية، ..VM264 Mini The Italian Job c1993 750

هل يمكن تحويل العيوب إلى مزايا تنافسية؟

يتميز التسويق دوناً عن العلوم والفنون الأخرى، حتى الإدارية منها، بقدرته الفريدة على التأقلم والتكيف مع الظروف، وهذا التأقلم يأتى عن طريق الإبداع، والمسوقين في إبداع مستمر لكي يتأقلموا مع فرص وتهديدات السوق، ويستغلوا هذه الفرص والتهديدات أيضاً في صالحهم.

لا تستغرب إذاً أن التسويق قائم على فكرة استغلال الأزمات، والأزمات نستطيع ترجمتها إلى لفظ “احتياجات” السوق، وكلما زادت هذه الاحتياجات وتعقدت استطعنا أن نطور منتجات جديدة رائعة تلبى هذه الاحتياجات، وتعالج الأزمات فى الأسواق.

من المعروف والبديهي فى عالم التسويق أن الشركات التى تتوقع أسواق مستقرة وهادئة، سوف تظل فى القاع لفترات كبيرة، .. يجب على الشركات أن تتوقع سوق شرس ومنافسة قوية ومعقدة، وعليها أن تتسلح بكل الأفكار والأساليب التسويقية التى طالما تعلمناها من كبار الخبراء التسويقيين فى العالم لكى نستطيع الفوز فى هذه الأسواق والظروف الصعبة.

من ضمن المهام التسويقية العبقرية فى عالم التسويق إذاً تحويل التهديدات لفرص، وتحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة، ومن يستطيع فعل ذلك، فسيذهب إليه السوق بما يحمله من مكاسب.

انظر مثلاً لحالة شركة عملاقة مثل شركة آبل من الناحية التسويقية، والتى تتعدى قيمتها السوقية ال 500 بليون (مليار) دولار، كيف حولت نقاط ضعفها لنقاط قوة..

من ضمن المشاكل التى كانت تعانى منها آبل فى بيع حواسيبها الشخصية ‘ماك’ أنها تعمل فقط مع البرامج المكملة التى تنتجها آبل، وهذه المشكلة كانت ومازالت سبب فى عزوف أغلب مستخدمى أجهزة الحاسوب عن استخدام حواسيب آبل وأنظمة لينكس وما يتعلق بهم، وهى بالفعل بدأت مشكلة كبيرة لآبل فى مواجهة الخصم اللدود مايكروسوفت.

وعلى الرغم من ذلك فقد قام العبقري ستيف جوبز على مر هذه السنين بتكوين جيش صغير من العملاء والمستخدمين، أصغر كثيراً جداً من جيوش المنافسين، ولكنه يتميز بدرجة هائلة من الولاء جعلت من آبل ومؤسسها رمز عالمى، ومرت بهم من الأزمات الاقتصادية والتكنولوجية الطاحنة بمنتهى السلاسة والهدوء.

ستيف جوبز
ستيف جوبز عبقري التسويق، كان أيضا عبقري في تحويل العيوب إلى مزايا تنافسية لصالحه

حالة أخرى رائعة كانت لشركة أفيس –Avis لتأجير السيارات والتى رأت أنها أضعف فى السوق، وعلى مسافة أكبر من المنافس الأقوى هيرتز – Hertz، فوجدت أن عليها تحويل هذا العيب إلى ميزة تعمل فى صالحها وتميزها فى السوق.

بدأت الشركة فى تطوير شعارها الشهير جداً “نحن رقم 2 فى السوق، لذلك نحاول بجهد أكبر – We are Number 2 , So we try harder”..

هذا الشعار الفريد أوحى للعملاء بأن آفيس سوف تحاول بكل جهدها أن تنال رضا العملاء، لأنها تحاول جاهدة أن تصل للمرتبة الأفضل فى السوق، فى حين أن المنافس الأقوى، شركة هيرتز، لن تقدم نفس المستوى من الجهد والتفاني في تقديم خدمة مميزة، لأنها تعتمد على مركزها الأول المستقر فى السوق..

Avis logo
حالة آفيس عبقرية، حيث استغلت عيب لديها لتحوله لميزة تنافسية تتعلق بالاجتهاد أكثر من المنافس

هناك ميزة أخرى فى هذا الشعار وهو أنه يخاطب العملاء نفسياً، فكثير من الناس لا يحبون محتكرى الأسواق، أو سادة السوق، ويذهبون إلى الثائرون الأصغر فى السوق (كما كان يراهن ريتشارد برانسون عندما بنى امبراطورية فيرجن – Virgin)..

بالطبع كان من أهم المزايا فى هذا الشعار هو انتشاره عالمياً وانتشار تأثيره، لدرجة أن شعار آفيس أصبح يُدرّس في كتب التسويق والدعاية، وأصبحت آفيس من أشهر الشركات فى العالم، وكل هذا النجاح بسبب تفكير عبقرى هدفه تحويل العيوب ونقاط الضعف لمزايا تسويقية ونقاط قوة..

إذا أردت أن تجرب هذا الدرس التسويقى عملياً فما عليك إلا أن تفكر فى نقاط ضعف شركتك او مشروعك الخاص، بالمقارنة مع المنافسين، ثم فكّر بشكل تسويقى فى كيفية تحويل نقطة الضعف هذه إلى نقطة قوة، وحاول كتابتها فى جملة لا تتعدى العشر كلمات سهلة التذكر.

فى هذه المقالة عرفت كيف تحول المزايا التنافسية التى هى فى الأصل نقاط قوتك، إلى مزايا تنافسية محددة وواضحة يفهمها الناس فى الأسواق، وذلك بتحويل أى نقطة قوة إلى حيز المزايا التسويقية التى تخص عناصر المزيج التسويقي، كما أن العيوب ليس نهاية الطريق، بل يمكن الاستفادة منها إما بإصلاحها، أو تحويلها أحياناً لمزايا تنافسية تعمل لصالحك!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى