إعلانات زمان | دروس هامة في الإعلان وكتابة المحتوى
في هذه المقالة سوف أعرفك على بعض الدروس التسويقية المستفادة من إعلانات زمان، مثل وفرة المعلومات، التسويق بالمقارنة، الربط العاطفي، وغيرها.
اعتبر نفسي من هواة الاعلانات القديمة، وفي العموم فإن أغلبنا يحب أن يرى ويتذكر القديم لأنه يحمل الكثير من الذكريات الرائعة، واذا كان هذا هو الحال عموماً، فإن الحال في الاعلانات القديمة رائع بحق، وبالنسبة لى فإنّه بجانب ما يحمله من ذكريات رائعة، فإن فيه ايضاً كثير جداً من الدروس التسويقية!
في هذه المقالة عن إعلانات زمان، سوف ندرس بعض الاعلانات القديمة لنكتشف أنها كانت كنوز، ولنعرف أن الشركات مهما وصلت من ابداع، فستظل قوانين التسويق والاعلانات ثابتة، وهي تلك القوانين التي تحقق النجاح للشركات.
سأعرفك الآن على بعض النصائح والدروس التسويقية التي يمكن استخلاصها من بعض الإعلانات القديمة.
مزايا وفوائد واضحة
أول شيء سنتناقش فيه اليوم عن الإعلانات القديمة، هو ميزة كبيرة في هذه الإعلانات، وهي ميزة افتقدتها كثير جداً من الإعلانات في شكلها الجديد مما تسبب في عدم وضوح الرؤية لدى المشترين، وتسبب في فقدان الشركة لمفهوم الميزات التنافسية الواضحة.
راقب هذه الاعلانات..
ما الشيء المشترك الذي لاحظته بين هذه الإعلانات المطبوعة؟
إن الميزة المشتركة هي وضوح مزايا وفوائد المنتج، وهذا من ضمن الأسرار التاريخية والتي ستظل ثوابت للنجاح في التسويق عموماً وفي الاعلان او البيع خصوصاً.
أن المشترين يبحثون عن فوائد في المنتج، انهم لا يعنيهم فقط اسم المنتج أو مواصفاته الشكلية الخارجية، انها معايير سوف تؤثر في الاختيار، ولكن ليست هي المعايير الأولى والأهم التي يبنى عليها المشترى قراراته.
هل تتذكر نموذج الإعلان الأشهر وكتابة المحتوى الترويجي AIDA؟
المرحلة الثالثة في نموذج AIDA كانت زيادة الرغبة في شراء المنتج – Desire، وهذه المرحلة لا تتحقق الا بفعل عرض للمزايا والفوائد التي يحملها المنتج، ان الاعلانات اليوم تركز على مزايا سطحية للغاية، تقول لك انه المنتج الاقوى – الاروع – الافضل – الاول، والى اخره من الكلمات البراقة التي لا تبني رغبة عارمة في شراء المنتج، أن تلك الرغبة يتم خلقها تسويقياً عن طريق المزايا والفوائد في المنتج..
نعم.. كان الاعلانات القديمة بسيطة للغاية، بل ربما توصفها بالسذاجة! قد يكون هذا رأيك، ولكنه ليس رأى التسويق ولا الإعلان، فهذه المنتجات كانت ناجحة وتبيع بقوة في السوق لأنها واضحة مباشرة وصريحة، ويبحث عن مزاياها الناس.
الربط العاطفي/ النفسي – Emotional Advertising
تحقق من الإعلان عن صابون بالموليف – Palmolive
الآن .. دعونا نرى الإبداعات والدروس التسويقية في هذا الإعلان القديم.
بالطبع لن استطيع ان اسرد جميع الدروس التسويقية في هذا الإعلان في مقالة واحدة أو مقالتين، أن الأمر سيستهلك تدوينات أكثر من ذلك، لذلك فدعونا نركّز على واحد من الدروس التسويقية الإعلانية التي تلاحظها في هذا الإعلان.
استخدام الروابط النفسية والحالات المزاجية.
هذه الطريقة هي طريقة معروفة وقوية جداً في الإعلان، وهي أن أضعك في البداية في وضع مزاجي سيء جداً، وربما اربط لك هذا المزاج السيء بمنتج أو آخر من المنتجات المنافسة كما تم في هذا الإعلان.
بعد ان اطمئن بأنك دخلت في هذا المزاج السيئ، يجب أن آخذك في الإعلان لمزاج مضاد تماماً، وإيجابي جداً، وهذا المزاج الإيجابي الجديد يتم ربطه نفسياً بالمنتج او الخدمة التي اقدمها.
هذه الطريقة النفسية هي الطريقة المفضلة لكثير جداً من الشركات التي تمارس الإعلان، خصوصاً شركات المنتجات الاستهلاكية مثل الشيكولاته والقهوة، وشركات العطور، تذكر الآن كيف أن هذه الشركات تريك كيف يكون مزاجك في الأحوال العادية، وكيف سوف ينقلب هذا المزاج السيئ لمزاج آخر إيجابي عند استخدام منتج الشركة.
لاحظ هذا الإعلان لكلوريتس.
نفس النظرية يستخدمها المعلن، يضعك في مزاج ذهني سيء، وذلك في حالة عدم استخدام منتجه، ثم يريك النقيض، وهي الحالة الذهنية الايجابية، وهي تكمن في إيجاد الحل للحالة الذهنية السيئة التي بدأ بها الإعلان، وهذا الحل تجده في استخدام منتجات الشركة.
ماذا فعل المعلن – بالموليف – في هذا الإعلان؟
في بداية الاعلان وضعك في حالة ذهنية سلبية جداً، فأنت سوف تتلف بشرتك عند استخدامك للمنتج الرخيص، سوف تفكر في الأمر للحظات، وتجد انه شعور سيء جداً أن تؤذى وجهك من اجل توفير بعض المال، وبعد أن تم وضعك في هذه الوضعية الذهنية السلبية، سيأتي الدور على المنتج ليضعك في واحدة مضادة تماماً إيجابية.
يمكنك العودة لمقالتي بخصوص الربط الإعلاني العاطفي – Emotional Marketing
بالمناسبة علم النفس ودراسته، هام جداً للنجاح في التسويق، والذي لا تلاحظه انت، يلاحظه خبراء علم النفس وعلم التسويق، ويستخدموه لصالحهم. عندما اقول مثلاً ان هناك تسعير نفسي – psychological pricing، ومن تطبيقاته نوعية الاسعار على شاكله 99.99، وان هذا السعر يؤثر بشكل كبير على المستهلك ايجابياً أكثر من سعر 100، تجد بعضهم يستغرب الأمر، ويقول لك إن هذا الأمر بالتأكيد غير مؤثر!
بل إن الأمور النفسية مؤثرة جداً في عملية الشراء للمستهلكين، وهذه الأمور الصغيرة يعمل عليها جاهداً المسوق من أجل النجاح في كسب العملاء وتحقيق الأرباح والفوز في السوق.
التسويق بالمقارنة – Comparative Marketing
هناك درس تسويقي آخر في إعلان بالموليف – Palmolive، وهو كيف ان الاعلان وجّه رسالته باستخدام ما يعرف بالتسويق بالمقارنة، عندما قارن نفسه بمنتجات المنافسين (رخيصة الثمن)، ويا له من تكنيك رائع تستخدمه الشركات الجريئة تسويقياً!
سأعطيك مثال.. لاحظ هذا الإعلان.
ماذا فعلت كوكاكولا هنا؟
بالفعل، لقد قارنت نفسها بالمنافس اللدود لها، منافسة صريحة، ستقول لي ولكنها لم تذكر اسم بيبسى في الإعلان، وسأرد عليك بأنها لم تذكر الشركة المنافسة بالاسم لأنها لو فعلت لتغرّمت كثيراً في المحاكم، بل إنها فعلت المقارنة بأسلوب بسيط، فالإعلان نزل في مصر، والكل في هذه الفترة يعرف ان كوكا كولا اكشن كانت تساوى قيمتها 2 جنيه، وبنفس السعر تشترى بيبسى أقل كمية من كوكاكولا، كما يظهر في الإعلان، وبالتالي هو اعلان بالمقارنة تقارن فيه كوكا كولا القيمة التي تقدمها في مقابل القيمة الأقل التي يقدمها المنافس.
لقد عملت ودرست ودرّبت في التسويق، وحان الوقت لأقول لك بأن التسويق بالمقارنة هو من أعظم أسرار التسويق والنجاح للشركات، ولا يوجد شركة تستخدمه الاستخدام الأمثل إلا وتنجح نجاح ساحق، هل تعلم لماذا؟
لنعود لواحد من تعاريف التسويق المهمة، وهو مساعدة الناس في عملية الشراء بإعطائهم معلومات مفيدة يحتاجون إليها.
لماذا يشترى الناس منتجاتك ويتركوا منتجات المنافسين؟ هذا يعود لسبب واحد فقط، أو دعونا نقول ان ذلك يعود للسبب الأهم، وهو توافر تلك المعلومات القيّمة التي تؤكد بأن منتجاتك أفضل من منتجات المنافسين. (حالة واحدة فقط تجعلك تخرج هذا الإطار وهو أنك تكون براند مميز، لكن هذا لا يحدث بين ليلة وأخرى بكل تأكيد!)
لقد علم المشترى الآن لماذا يضع امواله في منتجاتك بدلاً من ان يضعها في المنتج أو الخدمة المنافسة، وهناك ايضاً سبب آخر يجعله يفعل ذلك، وهو الثقة التي قدمت بها منتجاتك.
انت لم تتحاش المنافسة، أو تخفي شيء عن الجمهور المتعطش لمعرفة أي المنتجات هي الأفضل، لقد وجهت له رسالة مباشرة وصريحة تقول فيها “اشترينى ولا تشترى المنتج المنافس لي لأنى انا اتميز عنه بكذا وكذا”، وهذه الجرأة والصراحة هي سبب آخر يجعل الناس يفضلون منتجاتها و يطمئنون إليها.
هذه الطريقة السحرية تعمل جيداً مع المنتجات الجديدة في الأسواق التي تكون فيها المنافسة شرسة.. جرّبها!
وفرة المعلومات
هناك درس تسويقي ثالث في إعلان بالموليف – Palmolive، هو وفرة المعلومات.
عندما تكلمت عن فكرة التسويق بالمقارنة ذكرت لك كيف ان الشركة تستطيع ان تقارن نفسها بالمنافسين، تظهر مزاياها وذلك في مقابل عيوب الشركة المنافسة، سوف تختصر الوقت والمجهود على المشتري المُستهدف، والآن سألفت نظرك إلى فكرة مكمّلة ومرتبطة ايضاً بفكرة التسويق بالمقارنة، وتشترك معها وهي وفرة المعلومات التي تقدمها في إعلانك عن المنتج ومميزاته.
مرة أخرى دعونا نؤكد أن الناس لا تشترى المنتج للونه ولا لشكله، ولا لطيبة قلب مؤسسي الشركة! نعم هناك عوامل كثيرة مؤثرة على اختيار المشترين للمنتج، ولكن العامل الأساسي والمنطقي هو المنافع والمزايا التي تتوفر في المنتج، والتي تجعله ملائم لمستخدمه أكثر من المنتجات المنافسة.
إذاً عندما تضع نفسك في مكان العميل لوهلة، سوف تكتشف أن أهم ما يبحث عنه هو المعلومات – Information، وبالتالي فإن دورك التسويقي هو أن تعطيه كمية مناسبة من المعلومات التي تساعده على اتخاذ قرار شرائي صحيح، وطالما وفرت له هذه الخدمة، والتي طالما جهلها كثير من منفذي الإعلانات، فحاول أن تقدم المعلومات التي تفيد منتجك، وربما تؤذى المنتجات المنافسة (الأضعف منك)، وذلك مثلاً باستخدام فكرة التسويق بالمقارنة التي تحدثت عنها سابقاً.
سوف تلاحظ في نهاية الإعلان معلومات عن الاماكن التي توّفر المنتج، وكون المعلن وضع هذه المعلومات بصراحة في الإعلان فهناك درسين في التسويق نتعلمهم من هذا المسوّق الفذ.
اولاً اهمية التوزيع، والتوزيع لن يكفي المجال هنا لسرد أهميته، لأن التوزيع هو من أكثر المهام التسويقية تعقيداّ وأهمية، ولكن يكفي ان نعرف ان الشركات العملاقة، خصوصاً التي تنتج منتجات سريعة الاستهلاك مثل الاغذية والمشروبات – FMCG، يكون الدور الرئيسي التسويقي لديها هو التوزيع، والإعلان بالنسبة لها هو مكمّل او عنصر جانبي يساعدها في البيع، فلك ان تتساءل وتتعجب من شركة طورت حملة إعلانية مبدعة، بل مذهلة، ثم تذهب لشراء منتجاتها من الأسواق فلا تجد المنتج!
لا تتعجب، فهذا حال كثير جداً من الشركات خصوصاً تلك التي تفتقد لخبرة العمل في أسواق المنتجات سريعة الاستهلاك، والاسواق التي تعتمد على التوزيع بشكل رئيسي.
ثانياً.. فذكر منافذ التوزيع في الاعلان يعطيك فكرة عن الإعلان المباشر – Direct advertising، وهو أداة من أدوات التسويق المباشر، ولشرح الأمر باختصار الآن.. ففي الإعلان والتسويق المباشر تقوم الشركة بالإعلان عن المنتج، وفي نفس الوقت دفع المشتري للذهاب الى مناطق معينة، تتبع الشركة او المصنع، لشراء المنتج، بدلاً من أن ينزل فيبحث عن المنتج في منافذ التوزيع والأسواق الاستهلاكية بنفسه، والتسويق المباشر في جعبته الكثير جداً من الاستراتيجيات والفنيات التسويقية، منها أداة الاعلان المباشر التي اتكلم عنها الآن، والتي لا يكون الهدف منه فقط تعريف الناس بالمنتج – brand awareness بل أيضاً دفعهم للشراء.
لا أدري أين كان هذا الموقع الكنز
لقد قمت بإضافته إلى المفضلة، وسأقوم بالاشتراك في الإفادات بالبريد الإلكتروني
هذا الموقع مدرسة تبسيطية للتسويق
ربما كانت هذه هي زيارتي الأولي لهذه المدونة .. ولكنها حتماً لن تكون الأخيرة
فالمرء يقابل أحياناً من يظن في نفسه القدرة على التدوين .. وهم كثير
ولكنه يأتي عليه يوم – مثل هذا اليوم – يقابل فيه من يلتهم كلماتهم المكتوبة التهاماً
شكراً لك على العرض الرائع :)