الإعلان | استراتيجياته وأهدافه وكيف تقيسه وتضع ميزانيته
في هذه المقالة سوف أعرفك على الإعلان، وهو العنصر الأول من عنصر المزيج الترويجي، مع طرقه وأساليب الرسالة الإعلانية، وكيف تقيسه وتضع الميزانية الإعلانية المناسبة له.
ما هو الإعلان – Advertising؟
الإعلان هو الوسيلة الأشهر والأمتع في عالم التسويق الكبير، والكثير كان ومازال يربط التسويق بالإعلان سواء في قناة تلفزيونية، جريدة، راديو، وعلى الرغم من الفهم القاصر للتسويق من هذا المنظور الضيق، إلا أنه (بفخر) يعكس أهمية الإعلان في حياتنا التسويقية المشوّقة.
إن هذه (التركيبة) التي تحدث من تفاعل الإعلان – Advertising، مع وسائل وفنيات الترفيه – Entertainment هي ما تجعل الإعلان ينافس أفلام ولقطات السينما الشهيرة التي يتناقلها الناس، ولم لا وهناك الشارع الأشهر والأمتع في العالم والذي يجمع شركات الإعلان والترفيه في مكان واحد مبدع اسمه Madison Avenue!
الإعلان هو العنصر الأول من عناصر المزيج الترويجي، ولا ينافسه في هدف بناء الوعي بالبراند سوى العلاقات العامة، فدعني أعرفك على الفرق بينهم سريعا.
الإعلان هو طريقة تحاول بها الشركة أن تُظهر منتجاتها وخدماتها لقطاع من الناس في أماكن تواجدهم، ولكن أماكن التواجد هذه لا تكون أغلب الوقت في حيز وإمكانيات الشركة، فتذهب الشركة إلى صاحب هذا المكان وتعرض عليه مال مقابل أن تستخدم مكانه لتعريف الناس بالمنتج أو الخدمة.. هل لاحظت هنا كلمة مال؟ نعم.. عظيم.
العالم كله الآن يعرف أن الشركة دفعت قدر من المال مقابل تأجير هذا المكان المزدحم بالناس والذي من خلاله تستطيع الشركة عرض منتجها، ولكن ماذا تُسمّى هذه العملية إذا كان صاحب المكان (معرفة) أو صديق للشركة وعرض أن يتكلم عن منتج الشركة وخدماتها كخدمة أو تطوع أو في مقابل خدمة من الشركة.. الخ.. هنا نسمي العلاقة التسويقية علاقات عامة – Public Relations.
إذاً الفرق الواضح والصريح بين الإعلان والعلاقات العامة، أن الإعلان يكون مقابل مبلغ من المال للمساحة الإعلانية، هذا المبلغ معروف أصله وفصله، أما العلاقات العامة فالأصل فيها هو عدم وجود مقابل مادي تدفعه الشركة، … هل يتغير هذا المبدأ الآن؟ نعم يتغير.. تحدثنا عنه بالتفصيل في مقالة العلاقات العامة في التسويق.
لماذا تحتاج الشركة للإعلان؟
هناك 3 أسباب رئيسية تدفع الشركات اليوم لصرف ملايين على الإعلان وهم يُعتبرون أهداف الإعلان الأساسية.
1- الإخبار – Informative Advertising: من ضمن الأسباب وأولها التي تدفع الشركة لأن تعلن هي أنها ببساطة تريد أن يعرف الناس عن منتجها الجديد، وجميع الشركات في العالم منذ بداية التاريخ اتفقت على تنفيذ الإعلان لهذا السبب الأول.
هدف التعريف أو الإخبار هذا لا يعنى بالضرورة أن تعلن الشركة عن منتج جديد، بل إن كثير من الشركات تدفع ملايين في إعلانات من أجل تصحيح معلومة عند المشتري، تعريفه كيف يعمل المنتج، تحذيره من شخص أو موزع كان يعمل لدى الشركة وسبب مشاكل لها بعد تركها، أو إخبار العميل بأن الشركة تتبرع هذه الفترة لصالح المشردين (كأنها تفعل خير !!)، وهناك أسباب كثيرة جداً تدفع الشركة لهذا الإعلان الإخباري.
2- الإقناع – Persuasive Advertising: السبب الوجيه الآخر الذي يدفع الشركة إلى الإعلان هو إقناع الناس بأن منتجاتها وخدماتها أفضل من البدائل والمنافسين، وهذا هو السبب الأشهر الذي يدفع الشركات للإعلان، وهذا ببساطة لأن مرحلة الإخبار حتى وإن كانت المرحلة الأولى والبديهية التي تتبعها الشركات، إلا أنها ليست كافية لدفع الناس لشراء المنتج.
إن الشركة تستخدم كل الأسلحة لكي تقنع الناس بأنها الأفضل من كل المنافسين، وعلى رأس هذه الأسلحة توضيح المزايا والمنافع في المنتج أو الخدمة، وربما استخدمت الشركة في هذا الإعلان أسلوب المقارنات الشهير – Comparative Marketing.
3- التذكير – Reminder Advertising: أخيراً.. من أشهر الأسباب التي تدفع الشركة لعمل إعلان هو تذكير الناس والعملاء بأنها مازالت موجودة وأنها الأقوى والأفضل بين المنافسين، وهذا السبب عندما تفهمه وتتعمق في فهمه تعرف المغزى من وراء الملايين التي تصرفها الشركات الكبرى مثل أديداس ومرسيدس و كوكاكولا.. فشركة مثل كوكا كولا لا أتوقع أن يجهلها أحد في العالم، حتى الناس في أدغال كوالا لامبور يعرفون كوكا كولا، ولكن هذه الشركة تتحرك في أغلب إعلاناتها اليوم بدافع التذكير.
هذا السبب هو في المقام الأول سبب نفسي بحت، فإن العقل الباطن يميل للمنتج المعروف والمشهور، والـ (متكلف)، أكثر كثير جداً من المنتج الذي لا يعرف عنه سوى في منافذ التوزيع.
أيضاً الشركات العالمية تحتاج باستمرار لخلق عملاء على درجة عالية جداً من الولاء للمنتج والشركة، حتى لا يضيعوا منها في وسط الأزمات خصوصاً الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار.
سبب آخر، وهو أن الموزعين وتجار التجزئة يميلون بحكم العوامل النفسية أيضاً إلى استقطاب منتجات الشركات المعروفة والتي تصرف كثيراً على الإعلان وذلك على افتراض أن الإعلان يخلق مشترين على وعى بالمنتج باستمرار وتذكر له، وبالتالي سيذهبون للسؤال عن المنتج في هذه المحلات والأسواق. اعرف أكثر عن الإعلان التذكيري.
هدف الإعلان ليس البيع!
يعتقد الكثير أن يصرف الأموال على الاعلان سواء المطبوع او المرئي سوف يتحقق له المبيعات وبالتالي الايرادات والارباح الضخمة. دعني أخبرك الآن بالحقيقة الصادمة.. الإعلان له هدف آخر.. ليس تحقيق المبيعات! يرى الناس أن هدف الإعلان هو البيع. قد يكون نتيجة الإعلان هي البيع، لكن هدف الإعلان هو التعريف، ثم ما يبيع فعلا هو التسويق المتكامل.
قبل أن أخبرك بهدف الاعلان، علىّ الآن ان أثبت لك ولو مؤقتاً أن الإعلان ليس هدفه تحقيق المبيعات. دعنا نفترض ان شركة من شركات السيارات الكبرى قدمت سيارة جديدة، ثم أعلنت عنها في حملة إعلانية ضخمة في التلفاز، كانت الحملة من قوة تأثيرها ان الناس بدأت في التجاوب مع الإعلان ومحاولة الوصول لهذه السيارة الرائعة.
عندما نزل المشتري فعلياً للسوق لم يجد السيارة في أبهي حلة كما تظهر في الإعلان، وجد هيكلها أضعف مما يبدو في الإعلان، ضيقة من الداخل في حين كان يحتاج لسيارة أكبر، عندما تحدث مع البائع عن امكانياتها وجدها بعيدة عن الامكانيات التي يريدها.
ماذا عن السعر؟ لقد وجد فعلاً ان سعرها غير مناسب اطلاقاً لإمكانيات، أو أنه مناسب لإمكانيات السيارة، ولكنه غير مناسب لإمكانياته المادية.
من أدراك حتى أن المشتري هذا وجد السيارة في منافذ التوزيع بسهولة، ربما واجهته مشكلة في نقص السيارة في منافذ التوزيع والبيع المعروفة للسيارة، او ان السيارة لم تكن متاحة بلونها الرائع المحبب له في مكان التوزيع الخاص بالشركة نفسها.
اذاً لقد اعُجب هذا المشترى بالسيارة من خلال الإعلان، ولكن العملية الشرائية نفسها لم تتحقق، لأسباب كثيرة، أهمها أخطاء في تنفيذ عناصر المزيج التسويقي الأخرى.. المنتج، السعر، التوزيع.
كيف يبدو الأمر بالنسبة لك الآن؟ بالفعل، ان الاعلان هو سبب فقط لتوجيه انتباهك تجاه منتج معين، لكن ما يبيع بالفعل هو المزيج التسويقي المتكامل: المنتج – التسعير – التوزيع – الترويج.
لو اردت مزيد من الدقة سأقول لك إن ما يحقق المبيعات حقاً ليس المزيج التسويقي المتكامل فقط، بل انها عملية التسويق من أول خطوة فيها، وهي بحث السوق وتحديد احتياجات المشترين بدقة، والعمل على هذه الاحتياجات من خلال مزيج تسويقي متقن.
فكرة ان الاعلان يحقق مبيعات هي فكرة تسويقية خاطئة مليون بالمئة، لان الاعلان حتى على ضخامة تأثيره ومجاله الواسع، فإنه لا يعدو أن يكون سوى عنصر بجانب عناصر الترويج الاخرى، له هدف يتكامل مع الاهداف الاخرى.
الترويج يعتمد بشكل أساسي على 4 عناصر، هي الإعلان – العلاقات العامة/ الإعلام – عروض البيع – البيع الشخصي.
الاعتماد على عنصر واحد من هذه العناصر الترويجية يضيع فكرة تكامل المزيج. ببساطة.. الإعلان يحقق هدف نشر اسم المنتج أو العلامة التجارية – Awareness، اما العلاقات العامة فتعمل على تحقيق المصداقية والثقة في اسم المنتج – Credibility، والبيع الشخصي هدفه هو إقناع الناس بعملية الشراء، أما عروض البيع فهدفها زيادة وتنشيط المبيعات.
كما هو واضح لك الآن.. الإعلان ما هو إلا عنصر يحقق هدف من أهداف الترويج وهو توعية الناس وتعريفهم بالمنتج، وهذا يتحقق ضمن مزيج ترويجي متكامل كل عنصر فيه له هدف مختلف. وهذا الكلام ينطبق على كل أنواع الإعلان بما فيه إعلان الاستجابة المباشرة – Direct-Response Advertising، والذي يعتبر أقوى أنواع الإعلان والتي تحقق أرباح مباشرة، لكن يبقى في النهاية مزيجك التسويقي المتكامل هو الذي يبيع، والإعلان فقط هدفه التعريف ومحاولة الإقناع.
المزيج الترويجي المتكامل ما هو إلا عنصر من عناصر المزيج التسويقي، المزيج التسويقي هو جزء من العملية التسويقية التي من أهدافها تحقيق المبيعات. يذكرني من يقول بأن الإعلان هدفه تحقيق المبيعات، بمن يقول كذلك إن البيع الشخصي هدفه تحقيق مبيعات، وفي الحقيقة البيع والإعلان ما هما الا نقاط في بحر التسويق.
لكي تقيس هل حقق الإعلان هدفه أم لا، نذهب إلى مدى التأثير – Impact، وهو المصطلح الإعلاني الذي يشير لمدى نجاح الاعلان. من وجهة نظري أنك عندما تقيس الإعلان تذهب لمشاهد الاعلان (يُستحسن أن يكون من الفئة المستهدفة من الإعلان) فتسأله هل انتبهت لهذا الإعلان واعجبتك الفكرة، سيقول لك نعم، اسأله هل فكرت اذاً في النزول لتجريب المنتج وشرائه، سيقول لك نعم..
الى هنا يكون الاعلان نجح بنسبة كبيرة (مع مراعاة ان الاعلان يحقق اهداف اخرى مثل لفت الانتباه فقط بدون تحميس الناس للمنتج).. في كل الأحوال لا تسأله عن إذا كان اشترى المنتج بالفعل أم لا وتعتقد ان هذا بسبب الاعلان، فهذه المرحلة هي بسبب العملية التسويقية التي تسير بشكل صحيح أو خاطئ (قد يكون شكل المنتج وتغليفه هو الحافز الأكبر الذي دفعه للشراء فعليا).
يُعتبر من أصعب المهام التسويقية على الاطلاق قياس مدى كفاءة ونجاح الاعلان، والبعض يلجأ لقياس مدى نجاح الاعلان بحجم المبيعات التي زادت عندما أعلن عن المنتج. هذا يحدث بسبب صعوبة قياس كفاءة الإعلان أو الاستسهال من جانب المعلن، أو عدم فهمه التسويق اصلاً وعناصره بشكل صحيح.
لكي تقوم بقياس مدى نجاح الإعلان اعتماداً على حجم المبيعات، وهي طريقة خاطئة بشكل كبير كما اخبرتك، ولكنك في حالة الاضطرار لها، فيجب عليك فعل ذلك مع مراعاة تثبيت كل العوامل الاخرى، بمعنى أنك عندما تقارن المبيعات فيما قبل الإعلان والمبيعات فيما بعد الاعلان، وتعتقد أن هذه المبيعات الزائدة هي بسبب الاعلان، فيجب أن تكون العناصر الاخرى مثل المنتج وجودته وخصائصه، وسعره، والقدرات التوزيعية، والبيع الشخصي، وعروض الترويج… الخ من العناصر التسويقية المؤثرة على المبيعات، ثابتة.
ثبات هذه العناصر هو الحل الوحيد لمقارنة المبيعات طبقاً للإعلان. ولأن هذا صعب، بل يقرب من المستحيل، لذلك اقول لك ان المبيعات ليست المقياس (الأوحد) لجودة الاعلان.
الخلاصة.. فهمك للتسويق، ومن ضمن عناصره الاعلان، يجعل منك تسويقي محترف يعرف كيف يستخدم أدواته بشكل علمي وليس عشوائي كما يفعل الكثير في هذا المجال بدون علم او دراية تسويقية كافية.
أنواع الإعلانات وطرق تصميم الرسالة الإعلانية
الأنواع الرئيسية في الإعلان هو الإعلان المرئي مثل الإعلانات في التلفزيون، والإعلان المطبوع مثل الإعلان في الجرائد والمجلات، وهناك أيضا الإعلان المسموع في الراديو. هناك أيضا الاعلانات في الخارج، الموجودة على اللافتات في الطريق، وعلى الكباري. (هذا طبعا قبل أن تنتشر إعلانات السوشيال ميديا والـ PPC، وإن كان ما سنقوله من أنواع الإعلان العام تستطيع تطبيقه بكل سهولة على إعلان السوشيال ميديا).
هذه التقسيمات الأساسية لأنواع الإعلان أو دعنا نقول “قالب الإعلان” سواء مرئي أو مسموع أو مطبوع، لكن عند تنفيذ الرسالة الإعلانية، يظهر أفكار وأشكال كثيرة للتنفيذ، ومن ضمن هذه الأشكال والأفكار:
1- عرض جزء من معيشة واحد يستخدم المنتج أو الخدمة (Slice of Life):
يظهر شخص في الاعلان يستخدم المنتج وكأنه شخص في بيئة حقيقية، وتكون هذه الطريقة غالبا مع منتجات الطعام والشراب.
مثال: طفل يستيقظ صباحا يأكل طعام محدد “المنتج”، وليكن (كورن فليكس) مثلاً، قبل الذهاب للمدرسة، أو شخص يقوم بحلق دقنه بماكينة حلاقة معينة قبل الذهاب للشغل، أو شخص جائع دخل مع صديقه ليأكل في مطعم معين، وتكون هذه هي الطريقة للإعلان عن المطعم.
2- أسلوب المعيشة أو الحياة (Lifestyle):
هذا الأسلوب يجذب الناس للمنتج، ليس بسبب المنتج نفسه، ولكن في الأغلب بسبب أسلوب الحياة الذي يخلقه هذا المنتج ويتوافق مع أسلوب حياة المستهلكين.
المسيطر على هذا الأسلوب في الإعلان هي الشركات التي لا تجد في المنتجات التي تقدمها ميزة كبيرة تميزها عن المنافسين، مثل شركة (بيبسي)، التي بدأت حملتها الإعلانية القائمة على أسلوب الحياة منذ سنة 1960 عندما انتقلت من التركيز على المنتج و مواصفاته، ومزاياه، إلى وصف أسلوب معيشة يركز على الشباب والفرح والانطلاق ، والذي يظهر ببساطة أن الذي يشرب البيبسي هم الشباب، وهذا يناسب أسلوب حياتهم القائمة على الإثارة والمغامرة، وبالتالي من استجاب لحملة (بيبسى) هم الشباب من ناحية، ومن ناحية أخرى كبار السن الذين رأوا في المنتج شبابهم القديم ، وإلى الآن سر نجاح شركة (بيبسى) الإعلاني هو استخدام هذا الشكل من الرسائل الإعلانية، بعدما كانت شركة (كوكا كولا)، المنافس الرئيسي، يتصف بأنه قائد السوق، وأعلى جودة من أي منافس آخر.
3- إعلان موسيقى/ غنائي (Musical):
فكرة هذا الشكل من الإعلان أنه قائم على موسيقى معينة أو أغنية، وهناك مسوقين يتمادون أحيانا في هذا الشكل من الإعلانات، ويحاولون ربط المنتج بالأغنية حتى يظل الناس يكررونها وهذا يساعدهم في خلق الانطباع التسويقي (Perception)عند العميل. انتشر هذا النوع من الإعلانات في التسعينيات في بداية الحقبة الذهبية للإعلان، وذلك بسبب قلة الإمكانيات في الإخراج والمونتاج، وهذا تغير الآن فأصبح التريند هو إعلانات نمط الحياة والفانتزي وغيرها من الأساليب الإعلانية الحديثة.
4- الفانتازيا والتخيل (Fantasy):
هذا الشكل من الإعلانات محوره الأساسي الخيال، فمثلا تجد طفل يتناول أكله معينة، “المنتج” فيتحول لرجل كبير وضخم.
هل تتذكر الجبن المثلثات (ميلكانة)؟ طفل يقف في الملعب، فريقه مهزوم، فيأكل الجبن ويتحول إلى بطل ويشوط الكرة ويصيب الهدف، ويتحقق النصر لفريقه!
مثال آخر هو إعلانات (أديداس) الشهيرة، فتجد مثلا الإعلان يجسد لك فكرة أن الرجل يتحول إلى بطل رياضي بمجرد أن يرتدي حذاء أديداس.
5- الإعلان المزاجي/الذي يخلق صورة وانطباع (Mood and Image):
هذا من أشهر الأنواع في الرسالة الإعلانية، وهو يخلق حالة مزاجية يربطها مع استخدام المنتج أو الخدمة.
أمثلة:
شركة طيران تقوم بعمل إعلان للركاب الذين يستخدمون خطوط الطيران التابعة لها، وتُظهر الركاب في هذا الإعلان أنهم سعداء وفي غاية الشعور بالراحة والهدوء.
شركات الشوكولاتة وهم يجسدون في إعلاناتهم أن كل من يأكل الشوكولاتة يكون في قمة السعادة والتلذذ.
6- خلق رمز أو شخصية (Personality Symbol):
دور المسوق هنا أن يربط الشخصية بالمنتج. هذا يساعد كثيرا في خلق الانطباع التسويقي، ويساعد أيضا في التسويق بالمديح.
الشخصية هنا يمكن أن تكون كارتونية/خيالية مثل (فيدو ديدو) بطل (السفن آب)، أو ممكن أن تكون شخصية حقيقية مثل “أبلة نظيفة” صاحبة الجملة الشهيرة “القطنة مبتكدبش” في إعلانات (جنرال)!
7- الخبرة الفنية (Technical Expertise):
هذا الشكل من الإعلانات هدفه إظهار أن المنتج عظيم وقائم على ترشيحات الخبراء.
أمثلة:
في بعض منتجات القهوة والشاي، كان الإعلان يُظهر الخبراء وهم يذهبون إلى أقصى مكان في افريقيا لينتقوا أجود أنواع البن.
الحملات الإعلانية للسيارات العالمية تُظهر في الإعلان الآلات داخل المصنع، والأساليب المتقدمة والحديثة جداً في تجميع السيارة، وكيف هذه السيارة بها مواصفات الأمان والجودة.
8- الدليل العلمي (Scientific Evidence):
تقوم هذه الإعلانات بإظهار الدليل العلمي الواضح والصريح الذي يثبت أن هذا المنتج أو الخدمة أفضل من المنافسين، عن طريق الاستفتاءات وآراء المستخدمين، والتجارب العملية على المنتج.
مثال: منتج معجون الأسنان (كريست) المشهور الذي كان يُظهر أطفال المدارس وهو يجري عليهم بعض التجارب ليثبت بها أنه أفضل وأقوى لأسنان الأطفال.
9- التظهير (Endorsement) أو التوصية والدليل من مصدر ثقة (Testimonial Evidence):
من أشهر أشكال الرسالة الإعلانية، ويظهر في الإعلان شخصيات عادية أو مشهورة تُظهر إعجابها الشديد بالمنتج.
مثال: ممثل أو لاعب كرة مشهور يركب سيارة “المنتج” ويستمتع بإمكانياتها الكثيرة، ويقول للمستمعين والمشاهدين أنهم يجب أن يجربوها لأنها سيارة رائعة مثلا وبها مواصفات كذا وكذا.
أيضا، إعلانات السمنة، وفيها يظهرون فنانة مشهورة وهي تتذوق السمنة، والسمنات الأخرى “الأقل جودة” من دون أن تعرف ما هو البراند الخاص بكل سمنة، ثم تختار السمنة التابعة للشركة التي يريدون الترويج لها.
هناك ملاحظة أخيرة، وهي أن المسوق غير ملزم باستخدام شكل واحد من أشكال الإعلان، بل من الممكن أن يخلط نوع أو اثنين أو أكثر طالما هذا سيخدم الغرض الأساسي وهو توصيل الرسالة الإعلانية – Advertising Message لأذهان المستهلكين والعملاء.
كيف يتم تطوير وإخراج الإعلان؟
يعتقد البعض خاطئاً أن تطوير الإعلانات، خصوصاً الإعلانات التلفزيونية والمتحركة، هي من ضمن الفنون التي تحتاج الى عبقرية من نوع خاص، ولكن الأمر ليس كذلك إذا تحركت فيه بشكل منطقي متسلسل وعرفت من أين تأتي بالأفكار..
شاهد الفيديو القادم ودعنا نفصّل مراحله بشكل بسيط وسلس كي نفهم كيف يتم تطوير وإخراج الإعلانات.
تعالى الآن لنرى كيف يتم تطوير الإعلان (أي إعلان).
1- استخراج الميزة التنافسية الفريدة/ الموقع الذهني
لكل شركة في العالم ميزة تنافسية يجب أن تميزها وسط أقرانها من المنافسين في السوق.
هذه الميزة بدونها سوف تكون الشركة كنسخة مكررة مملة من الشركات الأخرى، ولماذا يترك الناس الشركات الأخرى التي تعودوا عليها ويأتوا إليها؟! على الشركة اذاً تطوير ميزة تنافسية قوية وفريدة تجعلها في مأمن من شدة المنافسة والمنافسين.
لكي تحصل على المزايا التنافسية، عليك بتحليل البيئة الداخلية لشركتك بشكل كامل ودقيق، مع تحليل للبيئة الخارجية والمنافسين، وتحليل المشترين والعملاء. تعرف بشكل أكبر على الميزة التنافسية الفريدة.
لقد حددت شركة تويوتا في هذا الإعلان الميزة التي تتفرد بها سيارتها، وهي إن سيارتها فيها من وسائل الراحة والرفاهية الكثير والذي يحتاجه السائق. إن سائق سيارة تويوتا سوف يجد كل الأدوات في السيارة تستجيب له بشكل مدهش سوف يريحه كثيراً في قيادته للسيارة (بصرف النظر عن مدى قوة أو صدق هذا، فهذه هي الميزة التنافسية في هذه الحالة الإعلانية).
2- تطوير الفكرة الكبرى – The Big Idea!
لقد فكّر المعلنون في تويوتا في الميزة التنافسية التي سوف يظهروها في رسالتهم الاعلانية القادمة، وعليهم الآن تحول هذه الميزة التنافسية لشكل إعلاني، عليهم بشكل ادق ان يجدوا فكرة كبيرة، سوف تساعد في تحويل شكل الميزة التنافسية من الشكل النظري الى شكل عملي فعلى في هيئة اعلان مبدع.
لقد استقرت أفكارهم على أن تظهر الميزة التنافسية التي تتمثل في استجابة السيارة وتجهيزاتها والتي تُشعر السائق بالراحة في شكل اشخاص حقيقيين يعملون بشكل محترف للغاية لمساعدة السائق في الحصول على أفضل تجهيز واستجابة ممكنة من السيارة، وكأن الأدوات والتجهيزات في هذه السيارات اليابانية وصلت لدرجة من الدقة والاحترافية وكأنها أصبحت أشخاص حقيقيين يفهمون ماذا يريده السائق وماذا يريحه، وهم موجودون بالفعل في السيارة لتحقيق هذه المعدّلات الراقية من الراحة والرفاهية.
3- تحويل الفكرة لنص إعلاني – Script/ Copy
الدور الآن على كاتب النصوص الإعلانية الذي يكتب الاعلان في شكل بعض الصور المتتابعة من النصوص الاعلانية التي ستقال في كل فقرة او صور اعلانية. هذه المهارة الخاصة يتقنها كاتبي النصوص الاعلانية، وهم يمتازون بقدرات عالية من الإبداع والقدرة ايضاً على استخدام الكلمات التي تجذب المشاهدين.
عليهم بالتالي ايضاً أن يكونوا على علم كبير بالفئة التي تشاهد الاعلان لكي يكتبوا الكلام الاعلاني المناسب لحالتهم.
هذه بعض الامثلة للأسلوب القصصي – Storyboard، الذي يتبعه أغلب كاتبي النصوص الإعلانية.
4- تحويل النص لشكل فني – Art
الذي يخرج الاعلان بالشكل الفني النهائي كما نراه في الإعلان هو المخرج – Art Director والذي يأتي دوره في إخراج النص في شكل متحرك، ومبدع، ويجذب الناس، وهي من ضمن المهام التي تزيد كثيراً من تكاليف ووقت الإعلان المتحرك، خصوصاً إذا كانت الفكرة الكبرى للإعلان صعبة التنفيذ، أو تكون نوعية التنفيذ للرسالة صعبة كما الحال مثلاً في أفكار الإعلانات القائمة على الخيال – Fantasy.
بالطبع هناك طرق واستراتيجيات عديدة لتطوير الإعلان، لكني شاركت معك نموذج مبسط تشترك فيه معظم الإعلانات الجيدة، والتي تبدأ بتحديد نقطة التميز الكبرى، ثم تحويلها لنص وشكل فني نهائي للمشاهد.
من المسئول عن كتابة وإخراج الإعلان؟
هناك بعض الأسئلة بخصوص تصميم الإعلان. من يصمم الإعلان؟ ما هو التوصيف الوظيفي لصاحب الفكرة الإعلانية؟ هل يوجد معايير محددة لكي تكون مطوّر فكرة إعلانية؟
نبدأ أولاً بالصورة الأشمل، نريد ان نعرف من يطوّر الإعلانات للشركة ومن ينفذها..
لا يوجد ابداً اجابة ثابتة لهذه النقطة التسويقية، وذلك بسبب ان كل شركة لها الاستراتيجية التسويقية والاعلانية الخاصة بها، لا يوجد قانون يقول ان الشركة يجب ان تمتلك إدارة لتطوير الاعلان، او قانون آخر يقول ان الشركة يجب ان تتعاقد مع وكالة ترويج وإعلان لتطوير الإعلانات الخاصة بها.
في الشركات الصغيرة والأقل من المتوسطة، لا تستطيع الشركات مثلاً أن تنفق الكثير من الأموال على الإعلان، فتلجأ إلى وسائل أقل تكلفة أو إلى إعلانات مطبوعة اقل من الاعلانات المتحركة، حينها لن يكون من المنطقي أن تنفق هذه الشركات أموال كبيرة للتعاقد مع شركة أو وكالة إعلان متخصصة.
لكن مثلاً في حالة الشركات الكبيرة، فتجدها تنفق الميزانيات الضخمة على الاعلانات، سواء على تطوير الاعلان نفسه، أو على المساحات الاعلانية التي تُعلن فيها.
هذا معناه ان الشركة قادرة، بل وتفضّل أيضاً، ان تتعاقد مع وكالة اعلان متخصصة، هذه الوكالة الاعلانية غالباً تملك قدرات كبيرة فنية لتطوير الإعلانات خصوصاً الإعلانات المتحركة واهمها الاعلانات التلفزيونية، ايضاً هذه الوكالات الاعلانية يكون لديها الخبرة والقدرة على شراء مساحات إعلانية في الوسائط المختلفة، هذا يبسّط المجهود على الشركة التي تريد الإعلان عن منتجاتها وخدماتها، ويجعلها تركز على ما تقوم به وتنتجه بشكل أفضل.
اذاً اتفقنا الآن على أن الشركة يكون أمامها اختيارات.. اما تطوير إعلاناتها داخلياً او الاتفاق مع وكالات الترويج والاعلان المتخصصة، الآن السؤال هو كيف يتم تطوير الإعلان؟
كيفية تطوير الإعلان، أي اعلان في العالم، يمر بعدة مراحل تحدثنا عنهم في العنوان السابق، وملخصها أن المعلن يبدأ بتحديد الميزة التنافسية لديه والتي يريد أن يظهرها للناس والمستهدفين من منتجه، ثم يبدأ تطوير الفكرة الكبرى- Big Idea، وهي الفكرة التي غالباً تحقق انتشار ونجاح الاعلان في حالة كانت مختلفة ومبدعة، ثم يبدأ كاتب النصوص الإعلانية في كتابة سيناريو للإعلان، وأخيراً يأتي دور المخرج الفني ليخرج هذا السيناريو المكتوب لشكل جمالي نهائي للإعلان.
إذا السؤال هو، من المسئول الأول عن إخراج الفكرة الكبرى/ الأساسية للإعلان؟
هذا الجزء بالتحديد من التسويق والإعلان، والخاص بتطوير الأفكار، لا يكون حكراً على أحد، لأن الافكار ليست حكراً على أحد، لم ولن أجد في حياتي وظيفة اسمها على سبيل المثال (مطوّر الأفكار)!
ببساطة شديدة، يجب أن يتم عقد جلسات عصف ذهني – Brainstorming بين كل العناصر المشتركة في تطوير الإعلان، وإلا يتم تطوير الاعلان من خلال طرف واحد في العملية الاعلانية، وذلك لسببين.
الاول هو ان العقل الواحد ليس اقوى من عدة عقول تفكر مع بعضها، عندما نجلس في جلسات العصف الذهني تخرج أكثر الافكار سخافة وحماقة بجانب اذكى وأكثر الأفكار ابداع، هذا الخليط والتفاعل بين الأفكار المختلفة يُخرج لنا الفكرة الكبرى.
السبب الثاني أننا لو افترضنا ان هناك عقل واحد يُخرج لنا الافكار الاعلانية العبقرية، لن يستطيع هذا العقل نقل ما يفكر فيه بشكل واضح وتام الى باقي العقول خصوصاً العقول المطوّرة في العملية الاعلانية واهمهم المخرج الفني. يجب أن يشترك هذا المخرج الفني بالتأكيد في عملية التفكير وتطوير فكرة الإعلان مهما كانت صغيرة أو كبيرة، وذلك حتى يستوعبها ويستطيع تطويرها بالشكل الصحيح.
إذا لا يوجد مسمى وظيفي ثابت لمطوّر الفكرة الإعلانية، نجد في بعض الشركات المبدعة في مجال الإعلان هذه اللوحة البيضاء – لوحة الأفكار/ العصف الذهني – وهذه اللوحة توجد أيضاً في الشركات العملاقة بكل اشكالها والوانها، ليس فقط الوكالات الاعلانية، هذه اللوحة تكون في مكان مكشوف في الشركة، وكل مارّ في الشركة يكتب ويرسم فيها افكاره، أي فكرة تخطر له على باله سواء صغيرة او كبيرة، هذه الأفكار يتم تجميعها وتكون كنز للشركة في سعيها لتطوير وتنفيذ أفكار عبقرية.
بالتالي الخروج بفكرة اعلانية رائعة قد يأتي من اقل عامل في الشركة الى مدير الشركة او رئيس مجلس إدارتها.
بالطبع يكون هناك اشخاص في الشركة او الوكالة الاعلانية مميزون بأفكارهم العبقرية او المجنونة، وتجدهم بشكل خاص في قسمي تطوير وكتابة المحتوى الإعلاني، وفي قسم التنفيذ والإخراج الفني، ولكن أظل عند رأيي، أن الفكرة الكبرى الجيدة تخرج بعد جلسات الـ Brainstorming، والذي يشترك فيها كل مطوري الإعلان.
كيف تضع ميزانية الإعلان وتقيس نتائجه؟
هناك بعض المواقف والنقاط التسويقية التي تشعر أنها عقبة أو معضلة تسويقية، وهذه المعضلات من أشهرها عند التسويقين هي كيفية وضع ميزانية الإعلان، والأصعب هو معرفة كيفية حساب فعالية ونتائج الإعلان، وكالعادة هاتين المعضلتين كافيتين لاستخراج روح الابداع والتألق التسويقي من جديد.
نبدأ بـأقلها حدة..
كيف تضع ميزانية الإعلان؟
وضع ميزانية الإعلان تكون ضمن ميزانية الترويج بشكل عام، وميزانية برامج الاتصال التسويقية او الترويج لا تخرج غالباً عن 4 أساليب يمكن استعمالها أيضاً مع وضع ميزانية الإعلان..
1- وضع ميزانية تناسب الهدف – Objective and Task Method وهذه الاستراتيجية تناسب الشركات المبتدئة أكثر، أو تلك التي تستطيع حساب عوائد الإعلان بدقة أكبر.
تعمل هذه الطريقة بأن تضع الشركة بعض الأهداف الترويجية، ثم تحسب المهام الإعلانية المطلوبة (إعلان في جريدة – راديو – اعلان خارجي – Outdoor، أو إعلانات على السوشيال ميديا) وتقدّر تكلفة كل مهمة مطلوبة، وبذلك تضع الميزانية الكلية.
تكمن صعوبة هذه الطريقة للشركات الكبرى في أنها لا تستطيع حساب بدقة ماهي المهام المطلوبة لإنجاز الهدف، فمن الصعب على مرسيدس مثلاً حساب كل مهمة مطلوبة من أجل أن زيادة الوعي بالبراند – Brand Awareness بنسبة 30%، مع سهولة الطريقة نسبياً مع فئة الشركات الصغيرة.
2- وضع ميزانية مناسبة لإمكانيات وقدرات الشركة – Affordable Method وهو الأسلوب المناسب أيضاً للشركات الصغيرة والمتوسطة، فالشركة الصغيرة لا تدفع في الإعلان أو الترويج بشكل عام سوى ما يوجد في جيوب أصحاب هذه الشركات، ولا تحمّل نفسها ما لا تطيق.
هذا الأسلوب لا يُعتبر صحيح او دقيق لأغلب الشركات سواء صغيرة أو كبيرة، لأن الشركة تضع الإعلان والترويج في مؤخرة اهتماماتها، وبالتالي يؤدى الأمر لضعف إمكانياتها الترويجية في مواجهة المنافسين والسوق، وهي لا تحقق الإعلان بشكل علمي، لكن سأخبرك بعد قليل المرحلة الوحيدة التي يجب عليك استخدام هذا الأسلوب فيها.
3- نسبة من المبيعات – Percentage of Sales Method وهو الأسلوب الأشهر وتستخدمه أغلب الشركات الكبيرة، وفيه تخصص الشركة نسبة ثابتة أو متغيرة من العوائد والمبيعات المُحققة على الإعلان والترويج، وتعتبر هذه النسبة استثمار مثل غيره من استثمارات الشركة.
الانتقاد الوحيد لهذه الطريقة أن الشركة ترى الترويج والإعلان نتيجة وليس سبب (مبيعات أكثر تؤدى لميزانية إعلان أكبر، وليس ميزانية إعلان أكبر يؤدى لنتائج ترويجية أفضل) وأرى من وجهة نظري أنه أسلوب ناجح ومنطقي، لأنها دائرة تدور فأنت تحقق نتائج جيدة فتضع جزء من هذه النتائج لصالح الترويج والإعلان، وبالتالي تزيد العوائد من جديد فتضع نسبة أكبر منها للإعلان.. وهكذا.
4- ميزانية تعادل ما يصرفه المنافسين – Competitive-Parity Method، وهذه طريقة شائعة جداً في التسويق، وربما يستغربها من هم خارج المجال، ولكنك ستراها في معظم عناصر المزيج التسويقي، فحتى في السعر تجد أن الأسلوب الأشهر هو التسعير حسب المنافسين، أي بالقرب منهم، بدئاً من السيارات إلى علبة السمن (هذا المنطق يسرى في الفئات السوقية المتقاربة أو المتطابقة).
نفس الفكرة في الترويج فالشركات الكبيرة خصوصاً تضع ميزانيات متقاربة وكأنهم جلسوا مع بعض لمناقشة هذه الميزانيات المتشابهة قبل تنفيذها!
تستطيع مراقبة ميزانيات كوكاكولا وبيبسي، أديداس ونايكى، برجر كينج وماكدونالدز، وغيرهم من المنافسين لتتأكد من تطبيقهم لهذا الأسلوب، وهو أسلوب منطقي لأن لا أحد يريد أن يصرف أقل من منافسه اللدود في السوق فيخسر نصيب سوقي لصالحه.
الطريقة المفضلة لي – خصوصا عند التسويق لشركة متوسطة أو أقل من المتوسطة – هو البداية بأسلوب الـ Affordable Method، بمعنى أن أطلب من صاحب الشركة مبلغ مقدور عليه لا يجعله تحت ضغط في البداية، وأختبر بهذا المبلغ، مع وضع في الاعتبار كفاءة المزيج التسويقي المتكامل، ومع قياس النتائج الأولية، أستطيع أن أتوجه لأسلوب الـ Objective and Task، فنضع ميزانية محددة لتحقيق أهداف محددة.
طريقة الاختبار الأولي – Pilot، هي طريقة مفضلة جدا لي استخدمها مع عملائي، ليس فقط مع وضع ميزانية الإعلان، بل مع دراسات السوق ودخول المنتجات الجديدة، وهي أكثر توفيرا وكفاءة من معظم الطرق التسويقية الأخرى، خاصة عندما أسوق لشركات ناشئة أو متوسطة.
كيف تقيس نتائج الإعلان؟
هذه الطرق هي الأشهر، لكن المعضلة الأخرى والأهم هي كيف تقيس نتائج الإعلان، فقد صدق ليفيرهولمى مؤسس يونيليفر Unilever عندما أتحفنا بمقولته الشهيرة “نصف ما أنفقه على الإعلان يضيع.. ولكن للأسف لا أعرف أي نصف”.. وهو يعني ببساطة أنه لا يستطيع قياس نتائج الإعلان بدقة، وهي كما قلت لك معضلة تسويقية شهيرة.
هذه المعضلة أخرجت قوى الإبداع كالعادة، فهناك طريقة مقتنع بها شخصياً وأصبحت تستخدمها أغلب الشركات اليوم، وهي متابعة من أين يأتي العملاء، وأسهل هذه الطرق وأكثرها إبداعا أن تربط كل إعلان برقم أو مكان أو شخص.
مثلاً أميركا أون لاين AOL استخدمت فكرة الإعلان المتحرك، عندما بدأت حافلات الشركة تتجه في ولايات ومدن أمريكا، وكل حافلة موضوع عليها رقم اتصال مجاني يتصّل به الناس لطلب الاشتراك في خدمات AOL، وبالطبع كل رقم يختلف عن غيره من الأرقام على الحافلات الأخرى، وبهذه الطريقة راقب التسويقيين هناك من أين يأتي طلبات الشراء، وأي الولايات سيكون من المربح التركيز عليها حيث يأتي منها الازدحام التسويقي – Traffic
مشاكل تعقب الإعلان، وقياس نتائجه وكفاءته، انتهت للأبد الآن مع دخول معظم الشركات لمعترك الديجيتال ماركتنج. فكل شيء – حرفيا – يمكنك تعقبه وقياسه. بوضعك لبلاجين وسيطة مثل Tag Manager على موقعك تستطيع تعقب كل الترافيك القادم من كل المنصات الإعلانية على موقعك الالكتروني، أما Google Analytics فلن يحرمك من احصائيات وتقارير مذهلة لكل شيء يحدث على موقعك. وحتى إذا كنت تستخدم إعلانات السوشيال ميديا، بدون توجيه الزائرين لموقعك الالكتروني، فمن السهل جدا تعقب نتائج كل استهداف وكل إعلان، وقياس كفاءة كل ميزانية إعلانية على حدة.
يزداد الأمر تعقيدا على الشركات الكبرى، والتي تعتمد على الترويج والاعلان الخارجي، مثل استخدام اللافتات، أو حملات الأوت دور والايفنتات، وفي هذه الأحوال نلجأ لطرق شائعة كما اخبرتك مثل استخدام الـ Percentage of Sales Budget، ونحاول قياس كفاءة الإعلانات بطرق أكثر تعقيدا مثل الأبحاث التسويقية، وطرق التتبع كالتي استخدمتها AOL.
النموذج الإعلاني وعيوبه
يقوم أي مشروع أو عمل في أي مكان على نموذج من نماذج الأعمال (Business Models)، وهذه هي الخطوة الأساسية الأولى التي يجب أن تفهمها وتخطط لها لكي تنجح في مشروعك، أو حتى لكى تفهم الشركة التي تعمل بها.
نموذج العمل هو الذي يحدد كيف ستحصل على الإيرادات من وراء هذا المشروع، ودعنا نعطى مثال بنموذج عمل وهو المبادرة- Entrepreneurship، والذي ستبدأ فيه في تصنيع منتج جديد، لأول مرة يراه الناس في الأسواق، اقتحم به السوق، وتخلص من ضغط المنافسين (لن يوجد منافسين في البداية)، ومن هنا تأتى أرباحك.
يمكنك التعرف على أكثر على بعض نماذج الأعمال.
ما هو النموذج الإعلاني؟
هو أحد نماذج البيزنس الشهيرة، يتم فيه بناء زحام من فئة مستهدفة من المشاهدين – Traffic، وهذا قد يتم عبر عدة طرق مثل الترفيه، أو عرض المحتوى السياسي، أو الاجتماعي، أو عرض الخبرة والنصائح، وعندما يزيد الزحام للقدر الكافي، يبدأ البيزنس في البحث عن معلنين للاستفادة من تواجد الشريحة المستهدفة على هذه القناة المزدحمة بالمشاهدين أو المتابعين.
قد تجد شاب لا يملك من العلم أو الخبرة أو أي شيء له قيمة يفكر في كيف يحقق (شيء)، فيقوم بعمل صفحة على فيس بوك أو تويتر أو أي شبكة اجتماعية أخرى، تحمل الصفحة شيء مميز، إذا حالفه الحظ يبدأ أعضاء الموقع في الانضمام وتزداد شهرة الصفحة، وهنا تبدأ الشركات في محاولة الإعلان على هذه الصفحة، ومن هنا تأتى الأرباح لهذا الشاب البائس (سابقاً). هذا النموذج أصبح واضحا للغاية على يوتيوب، وبنى ثقافة المشاهير والمؤثرين، وغيرت بدورها من طرق الإعلان التقليدية.
لطالما كنت أسأل نفسي لماذا تريد القنوات والمواقع الإلكترونية أن تكون مشهورة (لم أكن ساذجاً، ولكنى لم أتعمق حينها كثيراً في التسويق)، وبعدها فهمت ماذا يعنى النموذج الإعلاني، وأن القناة تدفع الرواتب الضخمة وتحقق الأرباح الهائلة عندما تزيد نسب المشاهدة، وبالتالي يزيد المُستهدفين المشاهدين لهذه القنوات، وحينها تمارس الشركات هوايتها التسويقية في الإعلان على هذه القنوات.
ماذا حدث بين مصر والجزائر؟ كانت مجرد مباراة تؤهل لكأس العالم، لكنها تحولت لحرب بين الشعبين، بسبب هذا النموذج الإعلاني.
فسر الناس هذا الأمر تفسيراً سياسياً، وفسره الأكثر تفسيراً رياضياً، وأحياناً عنصرياً، وهو في الحقيقة لا يعدو أن يكون تفسيراً تسويقياً واضح وضوح الشمس.
قناة تريد أن تحقق ملايين، ويريد المذيعين فيها أن يحققوا الرواتب الأسطورية، فيبدأ المذيع بكل (خبث) الأرض، أن يستغل مباراة في كرة القدم للتحريض، ويأخذ كل الأمور في البرنامج على المحمل الحصري، ويريد أن يعرّفنا نحن الشعب (المسكين) أن هناك من يكرهنا ويريد قتلنا بسبب مباراة، ومع هذا الخبث التسويقي الواضح، تبدأ السلاسل الحصرية التي يبثها مقدمي البرامج، ويبدأ الشباب خصوصاً (الفئة المستهدفة الأهم من الشركات)، في مشاهدة هذه البرامج والتفاعل معها، وهنا تتجه أنظار الشركات لهذه القنوات التي تحقق نسب مشاهدة عالية، فتعلن فيها، وتزداد أرباح القناة، وتزداد مرتبات مقدمي البرامج.
لا يختلف الأمر كثيراً عن فكر الصحف، تريد نسب قراءة عالية، فتزيد مبيعاتها، وكذلك يزيد عدد الشركات التي ستعلن في هذه الصحف، فتزيد الأرباح، ويزيد مُرتّب الصحفي، ورئيس التحرير، الخ من الدائرة التسويقية.
إذا فهمت هذه الدائرة التسويقية الفهم الصحيح، وفهمت ما هو النموذج الإعلاني، سترى العالم من حولك والسوق بمنظور مختلف، ستفهم ماذا يعني (زحام) المُستهدفين، للوسطاء (جرائد، قنوات تلفزيونية وراديو، مواقع وصفحات إلكترونية)، وماذا يعنى للشركات المستهدفة.
الآن لا يختلف الأمر كثيرا مع مواقع السوشيال ميديا، فالأخبار والتريند كلها أمور تضع الزحام في أماكن معينة، وأكثر المستفيدين من هذا الزحام هي قنوات التواصل نفسها، والتي تستفيد من مزاد الإعلان من الشركات المعلنة.
هذا النموذج له قصص وأمثلة عملية لا تنتهي، وهو أعقد كثيراً جداً من مجرد هذه الأمثلة البسيطة، ولأني لا أريد أن أدخل في متاهات تسويقية ربما تحير القارئ فاستبعدت أمثلة أخرى أكثر (تعقيداً)، ولا أريد أن يُفهم هذا النموذج على أنه الشر عينه، ولكن للأسف تستغله كثير من الجهات الاستغلال الخاطئ، لجنى الأرباح السريعة.
سبب ضعف الإعلان في البلاد العربية
هناك ضعف كبير في مستوى الإعلانات في الوطن العربي، وسوف أخبرك سريعا بالأسباب.
يٌمكنك الحكم على الإعلان في المواسم مثل رمضان. معروف ان الاسر العربية في رمضان تتابع التلفاز بشكل أكبر كثيراً من أي وقت، وهي فرصة للشركات كي تستغل الزحام الحادث في هذا الموسم من خلال إعلانات أشكال وألوان تخاطب كل الشرائح الممكنة، خصوصاً تلك الفئات مثل كبار السن وربات البيوت، لأن فئة الشباب أصبح مكانها الأساسي الانترنت.
لا توجد أساسيات للتسويق
استغرب جداً البعد الشديد للشركات عن التسويق واساسياته. وانا صغير كنت استمتع بالإعلانات كأى طفل يشاهد بعض اللقطات المسلية. لكن الأمر لم يعد كذلك.. فأنت وبدون وعى تحلل الإعلان من وجهة نظر تسويقية من خلال خبرتك وعملك في هذا المجال.
أرى أن مبادئ الإعلان والتسويق خصوصاً غير موجودة اصلاً في الاعلان، هو يريد لفت نظرك بأى شيء، ممثل او لاعب كرة مشهور، موقف يظن أن سيجعلك تنفجر ضحك، او يجعلك تفكر في روعته طول اليوم. عندما تسأله عن الميزة التنافسية التي تريد إظهارها في الإعلان، والتي يتمحور حولها الاستراتيجية التسويقية للشركة، تجد (اللا شيء) قد ظهر، هو فقط يريد لفت انتباهك.
الإعلان بجانب جماله الفني يجب ان يبيع، او بمعنى ادق يظهر ميزة الشركة التنافسية، حتى لو الميزة معنوية وسوف يتم بنائها على مدار الأيام والسنين.
كوكا كولا مثلاً ليس لها ميزة تنافسية (وإن كان مذاقها مختلف كثيراً عن بيبسى)، لكن كوكا كولا وبيبسي يبنوا مزايا تنافسية من نوع آخر، كوكا كولا تلعب على جانب عاطفي بحت وهو نشر السعادة، في حين بيبسى تثير حماس الشباب وانطلاقهم. أيا يكن، فهناك شيء محدد تدور حوله الحملات الترويجية للشركات. وأكبر دليل أن التسويق هو ما بنى هذه الشركات، أنه بعد المقاطعة للبراندين، ظهر براندات محلية توازيهم، ومعنى ذلك أن هذه البراندات كانت مبنية بالأساس على الترويج والإعلان المميز العلمي.
إعلانات قائمة على التقليد
هذه هي المشكلة الثانية، فإذا تغاضينا عن المستوى الهذيل جداً للتسويق في الاعلان، فتجد أن الشركات حتى في الغالب لا تلفت نظرك بشيء ملفت في الاعلان. أفكار تقليدية جداً، وفي أحسن الأحوال تجد أفكار مسروقة حرفياً من الاعلانات الامريكية والاوروبية، مع تغيير السيناريو قليلاً واللغة، ثم ينتج شيء لا يُذكر. وهذا تماما ما اكتشفناه في قسم كبير من إعلانات طارق نور المقلدة حرفيا من إعلانات في بلاد أخرى!
فقط لكي اكون امين معك، فهذه الملاحظة الثانية ليس الكل يلاحظها، ولكن من يلاحظها بقوة هو الذي تعود على مشاهدة اعلانات بمختلف أشكالها في الخارج، فالإبداع عندهم مذهل ومتجدد.
سذاجة الرسائل التسويقية
من أكثر ما يزعجني حتى على المستوى الشخصي ان يقلل أحدهم من مستوى ذكائي أو فهمي، او يلعب على عاطفتي سلبياً أو ايجابياً.
مصممين مثلاً في كل رمضان منذ عدة مواسم أن يأتوك بذكرياتك وانت صغير، ويضعها في اعلان، ويربطك عاطفياً بالمنتج، وفي حين أن الفكرة تم تنفيذها بعبقرية في إعلان مايكروسوفت الشهير جيل التسعينات، تجد هنا في إعلانات النوستالجيا تنفيذ رديء ممل يحاول أن يستخف بعقلي ويحاول ربطي عاطفياً بالمنتج.. بالإكراه!
انظر للصورة في الأسفل، وهي حملة قادتها شركة انترنت في مصر بعد حملة أطلقها الشباب ضد شركات الانترنت للشكوى من السرعة، وهو شيء مثير للشفقة عندما ترى الشركات تحصل أموال هائلة بدون تقديم خدمة لائقة. كيف تحاول الشركة مواجهة الاحتجاجات ضدها بحملة مثل هذا؟! انا في رأيي أن عليهم تحسين الخدمة قبل الاستخفاف بعقول المشترين والناس.
ولذلك لا تنجح هذه الحملات الترويجية عموماً لان الفارق شاسع بين الشركة التي تعمل في وادي وبين الناس وهم في واد آخر. وهذا سبب آخر لعدم تقبلي لكثير من الاعلان.
هل يوجد أمل في أن نرى مستوى آخر من الإعلان في بلادنا؟ اعتقد نعم، لكن في حالة واحدة فقط.. هي أن يزدهر التسويق وتفهمه الشركات ويتم تطبيقها بشكل صحيح.
بجد مواضيع جامدة جدا
وبتفدنا اكيد وانتا اكتر واحد فدتنا في التسويق
جعلة الله في ميزان حسناتك
موضوع ممتع