10 من أهم أسباب فشل المشروع الناشئ

حوالي 90% من المشاريع الناشئة – بل أكثر – تفشل في أول خمس سنوات! إذا كنت تتساءل عن سبب فشل معظم المشاريع الناشئة، فهذه المقالة قد تساعدك. هذه 10 خطوات أضمن لك اذا فعلتهم سوف يفشل مشروعك فشل ساحق! ولا أحتاج لأقول لك انك اذا لم تفعلهم وفعلت عكسهم فسوف تزيد احتماليات نجاح مشروعك الناشئ بشكل كبير. يٌمكنك باختصار فهم هذه النقاط القادمة كأهم 10 من أهم أسباب فشل المشروع الناشئ.
أسباب فشل المشروع الناشئ
تقدّم منتج او خدمة لا تصلح حياة الناس
هدف المنتجات والخدمات انها تقوم بإشباع احتياجات الناس واصلاح مشاكل حياتهم اليومية وتحسين حالهم بشكل عام، يجب أن تجد ثغرتك فى السوق وتعمل عليها، وحينها سوف تحتاج فقط لمجهود تسويقى وترويجي معقول لكي تنجح.
هناك من يقول انك اذا بنيت استراتيجيتك على احتياج الناس – need فأنت شركة تقليدية لا تقدّم شئ جديد السوق، صاحب هذا الرأى لديه نظرية تقول بأن عليك صناعة السوق، وهذا موضوع يطول شرحه، لكن سأخبرك بنقطتين لكى تفهم وجهة نظري سريعاً بخصوص عملية صناعة الأسواق بدلاً من ايجادها وسد احتياجاتها.
أولاً اذا بدأت منتج او خدمة ليس عليهم احتياج وقمت بدلاً من ذلك بتصميم منتج وستحاول صناعة شريحة جديدة فى السوق لكي تجربه وتستخدمه، فأنت سوف تستهلك الكثير جداً من الوقت وسوف تزيد نسبة فشلك فى السوق، وهناك من ينجح بالتأكيد لكن نسب النجاح منخفضة، لأنك تحتاج غالباً للأموال والمجهود والترويج والصبر، ولسنا كلنا نستطيع ان نوفر هذه العوامل للنجاح، بالتالى صناعة سوق جديد ليست استراتيجية خاطئة لكن احتمال فشلها اعلى منها فى حالة العمل على احتياج موجود وواضح اساساً.
ثانياً .. كثير من المبادرين لايفهمون اصلا معنى صناعة سوق جديد!
سوف تجد صناعة الأسواق منتشرة فى سوق المنتجات الالكترونية مثلا، مثل جهاز iPad الذى لم يقتنع به السوق في أول نزوله، لكن بعد ذلك استطاعت آبل صناعة السوق واقناعه بهذا المنتج الجديد.
هذا اسمه صناعة السوق، لكن ان تفتح محل لبيع مأكولات ومشروبات فى منطقة غير مأهولة بالسكان والمشترين، أو فى مكان غير ظاهر، أو بجانب العديد من المنافسين المباشرين، وانت ليس لديك شئ مميز فى المنتج او الخدمة التى تقدمها، وتقول سوف ابنى سوق! هذا ضرب لاهم قواعد التسويق، وسبب صريح و واضح لفشل المشروع الناشئ.
تدخل سوق لا تمتلك أدواته وفنياته
أعلم أنه هناك من ينجح فى الاسواق بدون أن يملك الخبرة الكافية لكنها ليس الحالة الاصل فى التسويق، ويكون البديل للخبرة هنا اشياء صعب الحصول عليها كمبادرين بمشاريع خاصة، مثل موظفين لديهم خبرة فنية عالية، الإدارة القوية، الأموال الكثيرة.. الخ
لكن رأيي اذا اردت النجاح فى السوق عليك بامتلاك – على الأقل – 70% من الخبرة الفنية المطلوبة لتطوير المنتج أو الخدمة التى تقدمها.
حينها سوف تزيد نسب نجاحك فى المشروع، وعموماً انت بخبرتك سوف تعرف ما هي الخبرة الفنية المطلوبة أكثر في المشروع، فمثلاً اذا اردت تطوير تطبيق الكترونى – app، فهى تحتاج لخبرة فى برمجة وتطوير البرنامج، ثم التسويق له، هنا اعتقد ان اغلب الخبرة يجب ان تكون فى تطوير البرنامج، مع عدم إهمال نسبة أهمية التسويق له، والتى تعتبر نسبة كبيرة ايضاً، بالتالى يجب ان تمتلك انت – فى يدك – هذه الخبرة.
إفهم أكثر عن قاعدة 70 / 30 من أجل النجاح في مشروعك الناشئ.
عدم امتلاك الخبرة ليست مشكلتها الوحيدة فى أن نسب فشل المشاريع تكون عالية لكن أيضاً يسمح لشركاءك فى المشروع بأن يكون لهم السلطة والقوة عليك، فمثلاً صاحب التطبيق والذى يملك مفاتيح برمجته ربما يتركك ويقوم بتطوير برنامج مشابه او اقوى، ماذا ستفعل أنت حينها؟! وتجربة مارك مع فيسبوك واستغلاله لفكرة توأمى جامعة هارفارد خير دليل على ذلك.
لا تمتلك الفريق القوى
هذه نقطة يهملها الكثير من رواد المشاريع، يعتقدون انهم يستطيعون النجاح فقط بمنتجات مبتكرة ومبدعة وتسد احتياجات السوق، لكن الفريق الذى سيعمل على المشروع ايضاً لا يقل في الأهمية.
ان رجال الاعمال الذين يملكون علاقات جيدة ويستطيعون تجميع فرق العمل بسهولة، واذا تركهم احدهم فى فريق العمل يستطيعون تعويضه بسرعة وسهولة، هذه الفئة تكون لديهم قدرات أعلى في الإدارة والتحكم فى المشروع، وتزيد نسب نجاحهم بشكل كبير.
أما الذين (يلصّمون) الفريق ويكون اعتمادهم على أفراد محددين إذا تركوهم وقع الفريق ووقع المشروع، فسوف يكونون فى مأزق كبير، كما ان الاعتماد على الاصدقاء غير مجدى كثيراً ويكون غالباً سبب من أسباب فشل المشاريع الناشئة، وفي هذه المقالة أوضح لماذا لا تعتمد على الأصدقاء كشركاء في البيزنس الناشئ.
لا تمتلك خطة تمويل لمدة سنة على الأقل
أحاول دائماً أن أتكلم عن المشاريع الخاصة والناشئة من وجهة نظرى العملية ومن خبرتى وليس من كلام الكتب أو كلام حماسي على شبكات التواصل، ولذلك اقول لك ان من اهم الاسباب التى تجعل المشاريع الخاصة، حتى التي لها نسبة احتمالية نجاح كبرى وتعمل بشكل جيد على احتياجات السوق، هو نقص التمويل والضغط الرهيب الذى يكون على ذهنك وأنت تحارب من اجل الاموال والارباح، والتى طبيعى جداً ألّا تأتى فى بداية المشروع، لكن لأننا نكون تحت ضغط احتياج المال فهذا يبعدنا عن التركيز على المشروع والنجاح فيه، ويجعلنا نستسلم اسهل.
خطة التمويل أو الخطة المالية للمشروع لها أدوات وطرق واستراتيجيات كثيرة، من ضمنها أن يدخل معك شريك بالأموال، وحينها سوف تركز على المشروع نفسه وليس ضمان تمويله.
أيضاً اقول لك نصيحة بعيدة كل البعد عن الحماس، وهى الا تترك وظيفتك فى شركة إلا عندما يبدأ مشروعك فى تكوين ملامح واضحة وظاهرة، وحينها يمكنك ترك الوظيفة، هناك من يقول ان صعب جداً المشروع التجارى ينجح بدون تركيز كامل، وانا اقول لك ان الاصعب هو ان تقع تحت ضغط المشاريع الناشئة واحتياجها للأموال وانت لا تملك مصدر دخل ثابت!
ليس لديك القدرة على التأقلم مع المشاكل وحلها
الكثير جداً من المبادرين بمشاريعهم الخاصة يبدأون العمل بهذه المشاريع من أجل المرونة والاستقلال، سوف ينامون متى أرادوا ويستيقظون متى أرادوا، وسوف يسافرون ايضاً ويحصلون على الإجازات بسهولة، وسوف يفتخرون أمام الناس بكارت شخصى انيق مكتوب عليه فلان الفلانى المدير التنفيذى لشركة كذا.
هذه من الانطباعات المغلوطة التى يجب أن تراجعها قبل أن تبدأ عملك الخاص.
لو كانت هذه اسبابك لبدء مشروع خاص، فاحتمالية فشلك أكبر بكثير من احتمالية نجاحك!
المشاريع الخاصة تمتلئ بكم هائل من المشاكل، مشاكل فنية، مشاكل ادارية، مشاكل تسويقية، ان الادارة هى علم وفن ادارة وحل المشاكل والازمات، وبالتالى يجب ان تتوقع من اول يوم عمل فى مشروعك الخاص انه ستقابلك الكثير جداً من المشاكل ويجب ان تستعد بسيناريوهات مختلفة لحل هذه المشاكل بالجودة المطلوبة، يجب ان تكون مبدع للغاية من اجل ايجاد حلول مبتكرة لهذه المشاكل.
ولا تنسى ان اسرع الطرق لكى تحل مشكلة ان يكون لديك الخبرة الكافية، وهذا سوف يأتى مع الوقت ومع التعرض لمشاكل كثيرة ومحاولة إيجاد حلول لها.
لا تمتلك خطة تسويق واضحة لمشروعك
أتذكر عندما بدأت محاولة تنفيذ أفكار تجارية فى الجامعة، وقمت بتطوير منتج له علاقة بتدريب الطلاب على برنامج كانوا سيحتاجوه بعد الجامعة، سألني صديق عن طريقة جلب المتدربين، فجعلتها آخر الأولويات وكان الأهم عندي هو الاتفاق مع مقر التدريب والمدرب وتجهيز المكان، ومع الوقت كررت خطأي ووضعت التسويق والترويج للمشروع كأولوية متأخرة.
والآن أقول لك ببساطة، أن مشروع بدون خطة تسويق وترويج واضحة، سوف يصيبه الفشل بنسبة كبيرة، لان المنتجات لا تبيع نفسها حتى لو كانت خارقة، وحتى لو فعلت هذا وباعت نفسها بنفسها، فسوف تصل لحجم معين فقط، لكن يجب ان يكون لديك خطة ترويجية لكي تنتشر بشكل أكبر وتحقق ارباح مستقرة وكبيرة.
الخطة الترويجية ليس شرطاً أن تكون معقدة، ولكن ربما يكفيك – حتى لو كبداية فقط – أن تذكر فيها بعض الطرق والأدوات التي ستستخدمها لجلب المشترين وجعلهم سعداء للدرجة التى يحكون بها عن منتجك وجودته.
لا تمتلك الصبر الكافي
المشاريع الخاصة تحتاج لصبر، إذا كنت من الأشخاص الملولة التى تمل الاشياء بسرعة ولا تمتلك القدرة على استكمال الشئ لآخره فغالباً لن تنجح فى طريق المشاريع الخاصة، ولذلك لدى وجهة نظر بسيطة فى هذا الأمر تقول ان المشاريع الخاصة لا ينجح في معظمها خارقي الذكاء، لكن ينجح فيها الصبورون. والذكاء ليس شرط أن يأتي معه الصبر.
بل بالعكس، لا أريد أن اضعها قاعدة، لكن اعتقد – كوجهة نظر شخصية – ان الكثير من الأذكياء ليسوا صبورين، والكثير من متوسطي الذكاء صبورين، ولذلك ينجحون أكثر من خارقي الذكاء، لكن فى كل الاحوال سواء كنت ذكي أو متوسط الذكاء فذلك لن يهم كثيراً، الاهم ان يكون لديك الصبر الكافى لكى تصبر على المشروع الناشئ ومشاكله حتى ترى نجاحه فى النهاية.
لا تمتلك خطة بديلة
عندما نبدأ تنفيذ مشاريع تجارية نعتقد – بالحماس – اننا لن نفشل ابداً لأن الأمور تكون واضحة بالنسبة لنا، كل شئ واضح تقريباً، المنتج – الفريق – السوق – التمويل .. الخ.
الحماس لا يجعلنا نرى ان هناك اشياء كثيرة مازالت مفقودة، وعندما ندخل بهذا الحماس الى السوق وتحدث المشاكل، لا نجد ان لدينا سيناريوهات بديلة، أو خطة هروب – أو خروج – من المأزق.
الآن ضع الحماس جانباً – قليلاً فقط – وربما نعود له لاحقاً! لكن تخيل معي الآن أنك تركت وظيفتك وصرفت اموالك كتكاليف للمشروع، ولم ينجح المشروع، ماذا ستفعل؟ كيف ستواجه من تحدتهم لكي تنفذ مشروعك الخاص؟ كيف ستدعم نفسك مالياً من جديد؟ كيف ستجد وظيفة بأسرع ما يمكن؟ انا لا اريدك ان تضع خطتك البديلة او خطة خروجك على انها مصدر للتشاؤم او انك ستفشل، بل ضعها لكى تريحك نفسياً، وذهنياً، انت فقط الان تعرف ان الامور اذا لم تسر على مايرام سوف تفعل ذلك، وهذا سوف يجعلك تعمل بشكل أكثر راحة وهدوء.
لست مستعد بالتضحية
هناك اشياء يجب ان تضحي بها من أجل النجاح في مشروعك الخاص، هناك من يعتقد انه يترك الوظيفة لكى يرتاح ويكون أكثر مرونة، للاسف ما لايعرفه الكثير أن عمل الموظف غالباً ما يكون أكثر راحة من العمل فى مشروع ناشئ! على الأقل الموظف يحمل مسئولية نفسه فقط فى الشركة، أما صاحب المشروع أو الشركة الخاصة يحمل هم وعبء ومشاكل أشخاص آخرين، وفي حين أن الموظف ينهى عمله فى وقت محدد ويذهب للاستمتاع بوقته فصاحب المشروع الخاص ليس لديه هذه الرفاهية.
عندما تم سؤال واحد من اكبر رجال الاعمال عن سر تمسكه بالمشاريع مع أنها مهلكة ومتعبة فقال إنه يحب هذا النوع من التعب وهذا هو رد الكثير من الناجحين فى السوق، هم يعرفون التضحيات والتعب المبذول فى العمل الخاص لكنهم يحبون الأمر ويستمتعون به، لذلك اسأل نفسك قبل بدء عملك الخاص، هل أنت مستعد للتضحية؟!
لا تعرف كيف ستأتي بالأموال من مشروعك
هذه النقطة تستحق فعلاً ان تكن مسك الختام! الكثير جداً يقولون انهم يبدأون المشروع الخاص لانهم مستمتعين به، وهناك من يأخذه الحماس ليدخل المشروع بدون خطة، هناك من يقول لك سأدخل المشروع لكى اتعلم أو اكتسب خبرة، هناك من يقول لك الاهم النجاح والاستمتاع والأموال ستأتى لوحدها! فى رأيى أن هناك سبب رئيسى لكي تبدأ مشروعك الخاص وهو جلب الأموال.
اذا دخلت مشروع او شراكة او أسست شركة وانت لم تضع خطة واضح فيها كيف ستأتي بالأرباح من هذه المشاريع فأنت تخطط للفشل لأقصى درجة، لأنك ستضع نفسك تحت الضغط، هناك نماذج كثيرة لكى تُخرج أموال من المشاريع فى النهاية اقول لك ان المشاريع الخاصة لها جانب رائع ولها جانب يجب ان تفهمه و تستوعبه جيداً وهو الصبر والوقت والتضحية والتخطيط.
و فى النهاية لك الاختيار لكن يجب ان تعرف اين تذهب قبل أن تبدأ و ألا يدفعك الحماس لاتخاذ قرارات غير مدروسة تكون سبب فى فشل مشروعك الخاص.
أخيرا هناك نقطة إضافية بخصوص فشل المشاريع الناشئة وهي إدمان التخطيط المبالغ فيه.. دعني أتحدث سريعا عن هذه النقطة تحديدا. هل المخططين الجيدين منفذين سيئين؟
التخطيط الزائد قد يؤدي لفشل المشروع!
مررت منذ أيام على جملة مفادها أن المخططين الجيدين منفذين سيئين! هذه الجملة جدلية للغاية، ولا يمكن الجزم بصحتها وحتى مع بعض الملاحظات التي سأردها الآن تؤيدها أو تؤيد جزء منها، فمن المستحيل أن تكون هذه النظرية واقع صحيح بنسبة 100%، ولكنها قد تكون سبب فشل خطط المشاريع الناشئة في كثير من الأحيان.
قابلت ودرّبت الكثير من أصحاب الشركات والمشاريع الخاصة، و لاحظت ان الكثير جداً من الناجحين في السوق يأتون من خلفيات لا تستطيع مساعدتهم على التخطيط على الورق.
ربما يكون لديهم تصور ذكي جداً للسوق، لكن لا يستطيعون وضع ذلك في شكل أرقام ورسومات بيانية كما يفعلها خبراء الإدارة والتخطيط.

سوف تجد نسبة كبيرة من هؤلاء (معلمين) سوق، كثير منهم كان فاشلا في دراسته، وهذا صحيح حتى على المستوى العالمي، يمكن مراجعة قصص عباقرة الإدارة وأصحاب المشاريع الخاصة الناجحة جدا في العالم، لتكتشف أن كثيرا منهم ترك الدراسة وتفرغ لمشاريع خاصة، واحد منهم واعتبره مثالا يحتذى به في القوة والصلابة في السوق وهو مايكل ديل مؤسس شركة Dell، وإن كان مايكل ديل ليس الوحيد فهناك الكثير جدا غيره.
دونالد ترامب نفسه هو عملاق في العقارات ونجم تلفزيوني شهير وهذا قبل أن يصل لكرسي الرئاسة في أمريكا، كنت قد قرأت كتاب دونالد ترامب قديما كيف تصبح ثريا – How to get rich ويمكن أن أؤكد لك أن دونالد ترامب قد لا يملك القدرات التخطيطية التي تجعله يرسم خطة على الورق لمدة شهر حتى، لكنه عبقري في التفاوض ولديه خبرة فنية قوية جدا في العقارات سواء شراء أو بيع، وهذا سبب نجاحه.
كنت أحب التخطيط جدا على الورق، ولم يكن التخطيط متبوعا بتنفيذ قوي، وهذا حالي وحال الكثير غيري، وهذه ملاحظتي وربما أسباب لذلك:
1- الخطة تسبق التنفيذ: نعم هذا طبيعي لكن في مجال الأعمال اكتشفت ان التنفيذ يجب أن يسبق الخطة، وهو تنفيذ لوقت قصير – نسبيا – يعطيك انطباعا جيدا عن السوق وعن ظروفه. عندما تجرب لفترة سوف تكتشف قدراتك الحقيقية وقدرات المنتج أو الخدمة التي تقدمها وسوف تتعرف على الأرقام التي تستطيع تحقيقها الآن وبعد ذلك سوف تكون قادرا على وضع خطة بشكل أدق، أما أن تضع خطة نظرية جدا على الورق، سوف تحاول تنفيذها فهذا نسبة فشله أكبر من نسبة نجاحه.
الخطة والأرقام في الخطة لا يجب أن تكون طبقا لأحلامنا وطموحاتنا ولكن يجب أن تكون طبقا لظروف السوق، وهذا يفهمه المنفذون أكثر من المخططين، يعرفون أن عليهم العمل والإنجاز، ثم مع الوقت تأتي الخطط المرنة لكي تحقق مزيدا من النجاح للمشروع.
2- العلم أكثر من التطبيق: أفضل مزيج ممكن هو أن تتعلم وتطبق، لكن ما ألاحظه في رواد الأعمال أن هناك جانبا يطغى على جانب، تجد جزءا منهم حصل على دورات تدريبية وقرأ كتبا كثيرة جدا، ويريد كتابة الخطط طبقا لما قرأه، لكنه وقت التنفيذ لا ينفذ بالشكل المطلوب، وهذا ببساطة لأنه افتقد الجانب التطبيقي وهو الخبرة.
أما الجزء الآخر فهو طبق كثيرا ولديه خبرة فنية كبيرة، ولكن لا يفهم ولا يتقن التخطيط على الورق، وهذا خاطئ أيضا لكن الواقع يقول أن الجزء الثاني صاحب الخبرة على حساب العلم والتخطيط، لديه نسبة نجاح أكبر، وهذا ربما سر النظرية، نظرية أن المخططين لا يستطيعون التنفيذ.
كن حذر! أنا لا أدعوك لتهمل التخطيط وتدخل السوق بشكل عشوائي، لكني سردت لك بعض الملاحظات التي تساعدك في فهم هذه النظرية، يجب عليك أن لا تضيع كل حماسك في التخطيط وتنسى السوق وظروفه وصعوباته. ابدأ ولو بشكل بسيط وجزئي وافهم السوق جيدا والتخطيط سوف يأتي لاحقا وبالطبع سوف يساعدك في استمرارية النجاح.
غياب الرؤية الواضحة سبب لفشل المشروع الناشئ!
أريد أن أخبرك سريعا أيضا عن أهمية الرؤية ونموذج العمل للنجاح في البيزنس الناشئ، وهو الشئ الذي في غيابه، يتسبب في فقدان الكثير من المشاريع الناشئة لقوة الاستراتيجية وبالتالي تشتت وضياع البيزنس.
في مقالة سابقة تحدثت عن مشروع نيتشرز دايركت، الذي استهدفنا من خلاله الإعلان للشركات، كان الخطأ الأكبر حينها أننا وضعنا أموال أكبر من قدراتنا في موقع إلكترونى، وهذا أثّر بعد ذلك علينا نفسياً ومادياً، وكان سبب رئيسي في عدم تكملة المشروع. اليوم أخبرك عن نفس الفكرة لكن بزاوية وخطأ آخر. (يُمكنك مراجعة مقالة: تكاليف المشروع الناشئ: كيف تضع المال في المكان الصحيح ).
في مرة سمعت أستاذ في الجامعة يقول أن علينا استكشاف السوق أو معرفة ظروف البيئة المحيطة ثم وضع المهمة – Mission والأهداف، وكان هذا خارج اعتقاداتي تماماً، فكنت دائماً أرى أننا نضع المهمة والأهداف ثم نبحث السوق، وعندما سألته عن هذه النقطة تحديداً، وضح لى شيء تأكدت منه بالتجربة، وهو أننا لا يجب أن نعمل بشكل منفصل عن البيئة و السوق، لا يجب أن تحركنا الأحلام والأماني وننسى البيئة التي نعمل بها.
عندما بدأت Niche Direct كان الأمر قد تطور معى كالتالي:-
أنا أعشق الإعلانات خصوصاً الإعلانات الثابتة والمطبوعة ذات الأفكار المبدعة، وكنت أحب فكرة إخراج أفكار لهذه الإعلانات وكتابة نصوص إعلانية لها، هذا قادنى للتفكير في عمل موقع نقوم فيه بتصميم إعلانات مبدعة، سوف نجمّع كل هذه الإعلانات المبدعة في مكان واحد، وهو الموقع الإلكترونى الذى أردنا إنشائه، سيكون مثل متحف يضم قطع فنيّة، وسيأتى الزوّار لمشاهدته!
هذا تصور ساذج جداً، لأن محبى الإعلانات وأفكارها المبدعة لن يصنعوا زحام – Traffic كبير على الموقع بأي حال، لأنهم فى النهاية فئة ذات عدد قليل من فئات السوق المختلفة، الشيء الآخر ماذا سنستفيد من هذا الزحام، إذا حدث الزحام أصلاً فسوف يكون من أشخاص يحبون الفن في الإعلان، وهذا لا يعنى أن هذا الطريق سوف يؤدى إلى مبيعات للشركات، فاهتمام أحدهم بروعة الإعلان لا يعنى أنه سوف يشترى المنتج المعروض في الاعلان.
بدأت في التفكير في عمل صفحة مليئة بالفوائد والمزايا عن المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركة، سوف نقوم بعمل إعلانات مبدعة للشركة، وعندما ينبهر الناس بالإعلان سوف يضغطون عليه ثم يدخلون إلى صفحة الشركة والتي سوف يقتنعون بما تقدمه من خدمات ومنتجات وسوف يدفعهم هذا للشراء، هذا سيناريو مقبول نوعاً ما لأننا بهذا رفعنا الموقع الالكترونى درجة من حيث نموذج الربح، الناس الآن سينبهرون، وهذا يدفعهم للتعرف على الشركات والشراء منها.
عندما اتفقنا مع شركة تصميم المواقع على الاستراتيجية الخاصة بالموقع أضفنا الكثير من الأدوات التي تسهل علينا توصيل فكرتنا، من إمكانية وضع صور و مقاطع فيديو، وألبوم كامل ومخصص للصور لكي يجذب الانتباه ويزيد من اقناع الناس.
هذا نموذج على الرغم من أنه مقبول إلا أنه لا يساوى شيء في الواقع ولا في السوق، أنت لديك موقع الكترونى مميز يبيع بشكل مباشر – direct marketing ويوفّر على الشركات مصاريف الإعلانات في الوسائط المختلفة، وله العديد من مزايا التسويق الإلكترونى عموماً. لكن في النهاية نحن نفتقد لأهم مظاهر نموذج الإعلان الناجح وهو وجود زحام من المستهدفين ذوى احتمالية الشراء العالية، وهذا كان ينقص النموذج، ولقد أنفقنا أموال كبيرة بالفعل في تصميم الموقع الخاص بالفكرة، ولم يكن لدينا خطة ولا ميزانية من أجل الترويج للموقع، حتى الأمر لم يخطر في بالنا في البداية، مع أن النموذج الإعلانى قائم بالأساس على فكرة خلق الزحام، أين هذا الزحام؟! وكيف سنقنع الشركات بأن يستخدموا الموقع ونحن ليس لدينا خطة إعلانية تخلق زحام يشجعّهم !
تطوّر تفكيرنا بعد ذلك كثيراً وإلا لما كنت أتحدث عن فكرتى الآن على إنها فكرة ساذجة، تعلمت منها الكثير، والآن أرى الخطأ واضح، هو أننا كنا نسير بالأماني والأحلام و التفكير بإبداع في قالب ليس له علاقة بالحقيقة ولا بالسوق، في حالتنا كنا نُبدع في معزل تام عن السوق، ليس لدينا استراتيجية واضحة للفوز والربح وجذب العملاء.
لقد أعطينا مساحات إعلانية لبعض الشركات لكسب العملاء، وصممنا لهم إعلانات بالفعل، لكن في النهاية لم يقودنا الأمر لأى شيء ولم يكن ليحدث أبداً.
يجب أن تفهم أن الأعمال تقوم على الخطة الواضحة، فهم السوق ومعرفة إلى أين وصل، ثم يبدأ إبداعك من هذه النقطة. أما الذين يكبرون على حلم يريدون تحقيقه في وقت محدد أو ظروف معينة بعدم التزام بقواعد السوق واحتياجاته الحقيقية فهم لا يحققون شيء.
حتى أكثر الشركات إبدعاً في العالم ترى ماذا يريد السوق وتقدّم لهم المنتج في شكل جديد أو غريب ولكنه يخدمهم ويناسب ظروفهم، مثل Apple التي يعتقد الكثيرون أنها لا تلتزم بالبحث التسويقى أو بإشباع احتياجات السوق، آبل تبدع وتُخرج بالفعل منتجات غير متوقعة لكنها في النهاية لديها استراتيجية واضحة للربح، وتعرف كيف تحرك عواطف و رغبات المشترين.
أنا هنا لا أقول لك كن روتينى ممل وإياك أن تقترب من الإبداع، بل بالعكس يجب أن تُبدع لتظهر لكن لا تترك المشروع هو الذى يحركك كيف يشاء، أنت الذي تحرّك مشروعك بالشكل المربح والمبدع، أنت الذي تضع نموذج الربح الذى تحصل على نتائجه الآن أو غداً.
للأسف لنقص الخبرة، كررت خطأي هذا بعد ذلك، كنت أتحرك بالمشروع من باب أن نفعل شيء جديد ومبدع، وهذا يعطيك فكرة واضحة لماذا كثير من المشاريع المبدعة الغريبة تفشل، وأغلب المشاريع التي تنجح هي مشاريع تقليدية روتينية للغاية، السبب بسيط وهو أن المشاريع المبدعة في أحيان كثيرة لا تنظر إلا إلى ذاتها، ولا تنظر إلى الناس والأسواق وبالتالي تفقدهم أما المشاريع الناجحة تعمل لصالح الناس حتى لو بشكل تقليدى فتكون نسبة نجاحها كبيرة.
أخيراً يجب أن يكون هدفك من المشروع التجارى واضح، مثل أن تحصل على أرباح كذا، أو نصيب من السوق أو تكسب عملاء بشكل محدد وواضح ولديك استراتيجية لفعل ذلك، وهذا يأتي بالعلم والخبرة والتجربة والخطأ والاحتكاك بالأسواق واحتياجات الناس، لكن إذا لم تفعل هذا فأنت تدير مشروعك وتوجهه للاّ شيء! لفهم هذا الأمر بشكل أعمق والتعرف على نماذج العمل الشهيرة، يمكنك مراجعة هذا المقال: نماذج الأعمال التجارية.