الترويج والإعلان

كيف تتعامل مع المعارض الترويجية – Exhibitions ؟

كنت أزور منذ فترة قريبة واحد من أشهر معارض – Exhibitions للسيارات، وفوجئت بملاحظة عجيبة، وهي غياب عدد من الشركات العملاقة عن المعرض، والتقليدى ظهورها دائماً فى هذه المعارض، إنك قد تذهب فى الأساس لمشاهدة هذه الشركات، ف لماذا أحجمت هذه الشركة عن المشاركة الترويجية هذه المرة؟ وهل هذا هو القرار الصائب أم لا؟

%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%B6+%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%AC
فكرة المعارض الترويجية – Exhibitions  هى ان الشركات الموجودة فى صناعة واحدة أو صناعات قريبة تبدأ فى عرض منتجاتها وخدماتها، وذلك فى مكان كبير يجمع بين كل هذه الشركات المشاركة، يذهب الناس، والمتوقع انهم هم المشترين المحتملين ليروا ماتقدمه تلك الشركات، فتكون فرصة كبيرة لأن يروا جميع المنتجات المتنافسة فى مكان واحد، ويشتروا الأفضل من وجهة نظرهم.

تخرج الاحصائيات خصوصاً من الجهات المنظمة للمعرض، او الجهات الراعية دعائياً له – Sponsors، فتخبرك ان حجم المبيعات والشراء كان كذا وكذا، ولكن دعك من هذا الكلام الترويجي، إن الاحصائيات تخبرك بأرقام خطيرة، منها مثلاً ما يحدد نسبة المشترين فى هذه المعارض بأقل من 10 فى المية من الزائرين، وهى حتى نسبة جيدة لو حدثت.

لفهم هذه المعارض الترويجية جيداً يجب أن تفكر فى نوعية الزائرين، فسوف مثلاً تجد قسم كبير من الشركات والمهنيين ورجال الأعمال، يذهبون إلى المعارض للتعرف على الشركات المشاركة، وتجميع اسمائهم وبياناتهم – contacts، ومحاولة فتح سبل للتعاون بينهم.

هناك فريق مثلاً من الطلبة والشباب يذهبون للتعرف على هذه الشركات عن قرب، قد تكون هذه الشركات فى مجالات عملهم ودراستهم، فيذهبوا ليروا آخر ماوصلت اليه التكنولوجيا وآخر أخبار هذه الشركات فنياً.

هناك فئة كبيرة تذهب كيوم استجمام وراحة، كنوع فقط من الترفية الجديد، خصوصاً إذا كان المعرض شهير أو يجذب عدد كبير من الزائرين وصداه واسع، فيذهب هؤلاء الأشخاص كما يذهبون فى أى نزهة ويتجولون فى المعرض مشاهدة فقط.

لا تنسى أيضاً بين هذه الفئات ان هناك فرق إعلامية تشاهد وتغطى وتحلل الحدث، وهناك فرق تقنية من الشركات فى هذه الصناعة تستبين السوق، وترى وتحلل المنافسين عن قرب.

لذلك لا تستغرب ان العدد الحقيقى بالفعل للمشترين فى هذه المعارض يكون قليل، ولكن هل معنى ذلك أن تقاطع هذه المعارض؟

إجابتى عن هذا السؤال لها شقين :-

1- لماذا لاتعاملها معاملة الاعلانات؟ أنت بالفعل لو شركة كبيرة، فبالتأكيد تنفق كثيراً على الإعلان، ومن المعروف أن الإعلان لا يأتى لك بأرباح على طبق من ذهب، أرباح الإعلان غير مباشرة، وهى تحقق فكرة الانتشار الكبير لإسم الشركة او العلامة التجارية – brand awareness، فكيف تفوّت إذاً فرصة ذهبية كتلك، خصوصاً أنه سيتم مقارنتك بالمنافسين، هم موجدون وأنت لا !

2- افعلها باحتراف: الآن أصبحت الشركات الكبرى تعامل المعارض معاملة مختلفة جداً، لم تعد تذهب من أجل البيع او استهداف عملاء مباشرين، ولكنها تذهب لأغراض ترويجية بحتة، ثم تنتظر النتائج البعيدة فيما بعد.

بل سأخبرك بأمر عجيب جداً نراه فى معارض التوظيف – Job fairs، تجد بعض من كبرى الشركات تنزل المعرض بدون الالتفات الجدى للباحثين عن الوظائف ومقدمى سيرهم المهنية، نلاحظ ان هذه الشركات تملئ المعرض ضجيجاً ترويجياً، ماذا تفعل هذه الشركات؟!

انها لم تأتى هنا فى الواقع لهدف المعرض، انها تعلم من أين تأتى بموظفين أكفاء، وهم فى الأساس لا ينقطعوا عن إرسال سيرهم المهنية ورغباتهم فى الحصول على وظائف وأدوار فى هذه الشركات الضخمة، لذلك فيكون تفكير هذه الشركات..

لماذا تجهد وتكلف نفسها فى استقبال هذه السير المهنية والرغبات فى المعرض، هى تستغل الفرصة الترويجية المتاحة، فى مواجهة المنافسين فى نفس المعرض لكى تظهر نفسها بشكل أفضل، فيحبها الزائرون، فيتمنون دخولها، فيرسلون المزيد من السير المهنية إليها بعد المعرض.

إذاً تعالى لنطبق هذا المنطق على المعارض عموماً، إذا كنت تعرف أن الزائرين نسبة كبيرة منهم لن تشترى منتجاتك أثناء المعرض، فحاول بدلاً من ملئ مكانك فى المعرض برجال بيع مكلفين، ويعملون على هروب الزائرين منك، حاول ان تستبدلهم مثلاً بخبراء ومتخصصين فى الشركة، سوف يكوّنون علاقات ودودة جداً مع الزائرين ويحدثوهم عن آخر ماوصلت اليه الشركة من تكنولوجيا وأخبار.

حاول تجميع كل البيانات والاتصالات التى تستطيع تجميعها اثناء المعرض، ثم يبدأ رجال البيع فى المتابعة بعد المعرض، لتحويل هذه الفئات المحتمل شرائها لمنتجاتك، إلى مشترين حقيقين، وهنا سوف تكون حققت نتيجتين أفضل مما يفعله المنافسون:

  1. انك روجت وأعلنت بفاعلية وإبداع عن منتجك.
  2. أنك كونت قائمة مهمة من الاتصالات التى ستستخدمها لإتمام عمليات البيع بعد المعرض.

أريد التنوية عن ان ما اقوله حالياً يخص بشكل كبير المعارض فى الصناعات التقليدية العملاقة الشهيرة كالسيارات وأجهزة الاتصال والموبايلات مثلاً، ولكن هناك معارض لا تصلح معها سوى استراتيجية البيع المباشر التقليدية، وفيها فعلاً تكون نسب الشراء مرتفعة جداً، مثل معارض الكتب ومعارض الأثاث، فهذه المعارض يبحث بالفعل عنها الناس للشراء، لأنهم يجدون صعوبة فى الوصول للشركات العارضة فى الظروف العادية، وربما تكون هذه المعارض فرصة الشركات الوحيدة فى نفس الوقت فى تجميع وإظهار خدماتها للناس.

إذاً فكر جيداً دائماً فى أنسب الاستراتيجيات لمعارضك الترويجية..

نصادف أحياناً طباع سيئة لدى بعض الناس الذين يحضرون إلى المعارض المتخصصة – Exibitions، تجدهم يدخلون الى المعرض ويأخذون كل المنشورات الدعائية – Brochures من كل الشركات، ليس بأى غرض سوى أن هذه المنشورات الأنيقة مجانية!

هذا الطبع السئ قد يحدث مع أى مواد ترويجية للشركة عموماً، فتجد شخص يمشى بجانب حدث ترويجي – Event، وها هم يوزعون العصائر المجانية الجديدة التى أنتجتها الشركة، إنه يكره العصائر بشكل كبير، ولكن هذه العصائر مجانية، إذاً فلما لا؟!

هذه العادات السيئة تكلّف الشركات (خصوصاً الشركات الصغيرة او الناشئة) مبالغ مالية كبيرة لا يقدّرها سوى العاملين فى الشركة، وخصوصاً هؤلاء فى إدارة التسويق والترويج، ولذلك فعليهم أن يبدعوا بأقصى طاقاتهم للتغلب على هذه العادات التي تأتي من كثير من الناس.

أين المنشورات الدعائية !

شركة دَبِل جلازينج – Double Glazing هي شركة بريطانية متخصصة فى إنتاج وتصنيع الزجاج، وفى فترة كانت واحدة من أقوى الشركات المعروفة فى بريطانيا فى هذا المجال، وكانت تفخر بتلك النوعية العازلة – Insulated من زجاجها الجديد، العالى جداً فنياً، وهاهى تنزل مرة أخرى إلى المعارض – Exhibitions ولكنها تريد هذه المرة أن تطوّر حلاً لهؤلاء الفضوليين الذى يجمعون كل ما تستطيع أن تناله أيديهم من منتجات وعينات مجانية، و منشورات دعائية لكل الشركات.
Insulated-Glass-Double-Glazing-Glass-IGU-فى نفس الوقت، فهذه الشركة وغيرها من الشركات الواعية، تعرف أنها إذا أرادت الفوز بالعميل فعليها أن تقدم شئ ترويجى مميز، حتى يمكن للناس تذكره والتأثر به.

فكرت الشركة في فكرة ترويجية رائعة، فعندما كان الناس يأتوا ليسألوا عن منشورات الشركات الترويجية كان تجيبهم بأنها غير متاحة الآن، ولكن يمكنهم ترك عناوين بيوتهم إذا رغبوا بأن يصلهم المنشور الدعائي الذي يشرح مزايا منتج الشركة، وستتكفل الشركة بإرسال البروشور إلى باب بيتهم بدون أى جهد منهم.

بالفعل طبّقت الشركة هذه الفكرة فى المعرض، وسأل المهتمون عن المنشور الدعائي، فأجابهوهم بأنه غير متاح، فبعضهم ترك بالفعل عنوان بيته، والبعض لم يترك، ولم تحزن الشركة كثيراً على هؤلاء الذين رفضوا ترك عناوينهم، فهى رأت فيهم هؤلاء الناس الفضوليين الذين لا يهتمون بالمنتج، ولا يريدون سوى أخذ المنشورات الدعائية المجانية بدون أى استفادة حقيقية للشركة.

بعد المعرض بالفعل بدأت الشركة فى إرسال رجال البيع بهذه المنشورات الدعائية للمستهدفين المهتمين الذين تركوا عناوين بيوتهم، وبذلك وفّرت تكلفة كبيرة كانت ستُلقى فى القمامة على يد هؤلاء الفضوليين الغير مهتمين سوى بجمع كل ماهو مجانى!

إلى هنا، وهذا الجزء التوفيرى لم يكن كل الغرض من الفكرة التي أرادت الشركة تطبيقها..

فالشركة تعلم أنّ هناك منافسين بالفعل نافسوها في المعرض، هي كانت تريد أن (تستفرد) بهؤلاء المهتمين الحقيقيين من منتجات الزجاج.

وبالتالي عندما أخذت عناوين بيوت المستهدفين، أرسلت إلي هؤلاء الناس المنشورات على يد رجال بيع، كانوا قادرين على الاتصال الشخصي المباشر مع هؤلاء المستهدفين، وأعطوهم أرقام الشركة فى حالة الرغبة فى شراء منتجات الشركة، وفى أحسن الأحوال كان يأخذون فى الحال موعد بيعي – Appointment لتوضيح مزايا المنتج وكيفية عمله – Demonstration، فى جو بعيد تماماً عن المنافسين، وكانت النتيجة التسويقية رائعة.. من كل 10 تم تطبيق الفكرة معهم، كان هناك واحد يتصل طالباً لمنتجات الشركة – Sales Call.

إذا أردت تطبيق هذه الفكرة فعليك:

  1. لا تؤخر إرسال تلك المنشورات كما وعدت، حتى لا يجد المنافسون طريقهم إلى عميلك المحتمل.
  2. جد منطق مقبول لعدم وجود تلك المنشورات الدعائية أثناء المعرض.
  3. لا تسئ تطبيق هذه الفكرة! فالحالة التسويقية هذه لا تقول لك عندما يأتيك أحدهم برجليه لمقر الشركة تقول له.. عذراً .. المنشورات الدعائية غير متاحة .. أعطني عنوان منزلك من فضلك!.. هذا غير منطقى على الإطلاق، افعلها أثناء المؤتمرات والمعارض حيث يكثر إهدار المواد الدعائية على أيدي هذه الفئة التي تجمع المنشورات والمواد الترويجية بدون هدف.
  4. كثير من هؤلاء الناس الذين سيسألون عن البروشور لن يتركوا عناوينهم، لا تيأس حينها، فهؤلاء غير مهتمين فى الأساس، ولا تريدهم كمستهدفين.

الفكرة فى هذه القصة التسويقية، أنك ستصادف كثيراً حالات صعبة أو مُضيعة لمواردك سواء وقت، وجهد، وتكلفة، فعليك التفكير بإبداع لتحويل تلك المشاكل والحالات الصعبة لمزايا تعمل فى صالحك..

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
بهادری جهرمی : ایران در مسیر بومی سازی راکتورها حرکت می‌کند. Join our photography institute and capture moments that last a lifetime.