ريادة الأعمال

تعلمت من أخطائي – 11 : قاعدة 70/30 لنجاح المشاريع الناشئة

هذه مقالة جديدة في سلسلة تعلمت من أخطائي.

لقد قمت بتنفيذ عدد من أفكار المشاريع التجارية الخاصة، و تعلمت بعض الدروس التي أحاول نقلها للمبادرين الجدد في السوق، والتي أراها أسباب رئيسية لنجاح أو فشل البيزنس، أو المشروع الناشئ خصوصاً.

سأضع روابط للحلقات السابقة في آخر المقالة.

قاعدة 70/30

تعني ببساطة أنه لكي تزيد نسبة نجاحك في المشاريع الناشئة، يجب عليك امتلاك – على الأقل – 70% من قوة مشروعك والمعرفة الفنية به، نسميّها Know-How، و 30% فقط أو أقل من اجمالي قوة المشروع والKnow-How الخاصة به تكون خارج يدك.

سوف أقوم بشرح هذه القاعدة بالتفصيل وبإعطاء مثالين من المشاريع الناشئة التي قمت بتنفيذها، لكن دعني أخبرك ببعض النقاط قبل أن أبدأ:

  • ليس هناك قاعدة ثابتة للسوق. كلنا نجتهد للحصول على أفضل شيء. معنى هذا أنه بالتأكيد هناك حالات نجاح خارج هذه القاعدة التي استخلصتها من خبرتي العملية مع المشاريع الناشئة، لكن أنا هنا أتكلم عن قاعدة عامة وقد يحدث أن يكون هناك استثناءات عديدة لها، هذه طبيعة السوق والتسويق.

 

  • انا أتكلم هنا بشكل خاص عن المشاريع الناشئة – Start-ups حيث تكون الموارد محدودة والخطر كبير لعدم وجود غطاء كافي من المال والموظفين، عندما تكبر المشاريع على مستوى أعلى يكون من الممكن الحصول على موارد خارجية إضافية وموظفين يساعدوك للخروج من سقف قاعدة 70/30 التي اشرحها هنا.

نعود للمثال وشرح القاعدة..

قمت بتطوير مشروعين تجاريين، الأول كان قناة إعلانية – أونلاين – للشركات تسمي NichersDirect، و الثانية كانت مجلة إعلانية تقدم عروض وتخفيضات من المحال التجارية للسكان في منطقة جغرافية محددة.

سوف أبدأ بالحالة الغير موفقة، وهي نيتشرز دايركت ثم أنتقل إلى مجلة التخفيضات والتي أعطيتها إسم وهو المنطقة.

قناة NichersDirect الإعلانية. 

لفهم قاعدة 70/30 سوف نقوم بتفصيل نقاط قوة المشروع، وهي نقاط القوة والمعرفة الفنية التي يقوم المشروع الناشئ
عليها.

في حالة نيتشرز دايركت، كانت نقاط قوة المشروع كالتالي:

  1. التصوير والإخراج: اعتمدت القناة على فكرة التسويق المباشر، وكنت أستخدم هنا بشكل خاص فكرة الإعلانات ذات الاستجابة المباشرة السريعة – Direct-Response Advertising. لذلك كان من المهم تقديم الفيديو الإعلاني بشكل قوي وجذّاب للمتفرج والذي سيتحول إلى زبون للشركة بعد الإعلان.
  2. الإعلان والتسويق: اعتمدت القناة على قوة الفريق في كتابة محتوى إعلاني – Copywriting يساعد على بيع منتجات أو خدمات الشركات التي نعلن لها (العملاء). كلما كان النص الإعلاني أقوى لكن في نفس الوقت مُختزَل وجذّاب للمشاهد ويعرض مزايا المنتج وفوائده بشكل تسويقي صحيح، في هذه الحالة تكون فرصتك لنجاح الفكرة أكبر.
  3. الزحام – Traffic: وهو عنصر هام جداً لنجاح الفكرة، ولنجاح أي فكرة إعلانية تقوم على تواجد عدد كبير من الزوّار على الأداة الإعلانية سواء كانت هذه الأداة موقع إلكتروني، قناة تلفزيونية، جريدة، قناة يوتيوب، .. إلخ. في حالة نيتشرز دايركت، كانت الأداة المستخدمة موقع إلكتروني.
  4. العملاء (القدرة على البيع): هناك شق أساسي في النموذج الإعلاني للربح – Advertising Model وهو الحصول على عميلك الذي سيعتمد عليك في الترويج لمنتجاته. في هذه الحالة كنا نريد الاتفاق مع كيانات تجارية للترويج لهم، من خلال قناة نيتشرز دايركت.
  5. الموقع الالكتروني – Website: وهي قناتنا الاعلانية التي سنعتمد عليها، وسنضع عليها صور وفيديوهات ونصوص إعلانية للترويج للعملاء.

 مجلة المنطقة:

سوف نقوم بفعل نفس الأمر الذي فعلناه في حالة قناة نيتشرز دايركت.

سنقوم بتحديد وتفصيل نقاط قوة المشروع:

  1. العملاء: الحصول على الشركات والتي في حالتنا غالباً ما تتكون من محال تجارية ومطاعم، سوف نساعدهم على الترويج لمنتجاتهم وخدماتهم من خلال مجلتنا الإعلانية.
  2. الزحام – Traffic: نريد زحام من قراء المجلة و هؤلاء من المفترض بعد حصولهم على المجلة و معرفتهم بالعروض والتخفيضات بها أن يستجيبوا ويذهبوا للشراء من العملاء الذين نروج لهم على صفحات المجلة الإعلانية.
  3. التصميم الفني والإخراج: وهذا هام من أجل نجاح المجلة، وفيه بعض التفاصيل الفنية مثل أن نخرج أكبر قدر ممكن من عروض المحلات والمنتجات مع وضوح وجودة عالية في التصميم مع أقل مساحة ممكنة من الورق للتوفير في تكاليف النشر والطباعة.
  4. الطباعة: في النهاية من عوامل نجاح الفكرة طباعة المجلة بجودة عالية و بتكاليف مناسبة لتحقيق ربح أعلى.

الآن – وبعد تفصيل لنقاط القوة الرئيسية لكل مشروع – علينا إعطاء نسبة مئوية (تقديرية) لكل نقطة قوة رئيسية من هذه النقاط.

في الواقع سوف تحتاج – بالعودة لدراستك للمشروع وخبرتك – أن تضع نسبة مئوية مختلفة لكل نقطة قوة، فمثلاً في مشروع نيتشرز دايركت قوة كتابة المحتوى الإعلاني أقوى تأثيراً وأهمية من نقطة إنشاء موقع إلكتروني لكن من أجل تبسيط الأمور في هذه المقالة سوف أعطي نسب مئوية متساوية لجميع نقاط القوة.

بعد إعطاء نسب مئوية – بالتساوي – لنقاط القوة للمشروعين سوف تصبح قوة المشروعين تبدو هكذا:

1- نيتشرز دايركت:

  • التصوير والإخراج: 20%
  • البيع والحصول على العملاء: 20%
  • التسويق وكتابة نص إعلاني مقنع: 20%
  • الإعلان والحصول على Traffic: 20%
  • موقع إلكتروني: 20%

2- مجلة المنطقة:

  • البيع والحصول على العملاء: 25%
  • التوزيع والحصول على Traffic: 25%
  • التصميم الفني – Graphic Design: 25%
  • الطباعة والنشر: 25%

بعد تفصيلك لنقاط قوة المشروع الآن الدور يأتي لمعرفة كم تمتلك من قوة مشروعك الناشئ.

1- نيتشرز دايركت:

كانت قدرتنا على التصوير والإخراج ضعيفة، كنا نمتلك أحد الشركاء يستطيع التصوير والإخراج لكن بجودة ضعيفة ولم تتوافر الأدوات المناسبة لتحقيق هذه النقطة بشكل كافي.

كنا نمتلك القدرة على البيع والحصول على العملاء، وبالفعل حصلنا على عدد منهم.

كان مجال تخصصنا هو التسويق لذلك كنا نمتلك جزء كبير من النقطة الخاصة بالتسويق وكتابة نص إعلاني مقنع،

أما بالنسبة لنقطة الترافيك فهي تحتاج لإنفاق مال كثير للحصول على الزحام المفيد لكي ينمو المشروع الإعلاني وكانت مواردنا المالية محدودة، وأخيرا الموقع الإلكتروني ولم نملك قدرة على إنشاء موقع إلكتروني بنفسنا فلجأنا لشركة ودفعنا رقم كبير لها على الرغم من مواردنا المحدودة، مما لم يسمح لنا بتجديد العقد لاحقاً.

يبدو الآن أننا نملك نقطتين من نقاط قوة المشروع، وهنا يجب أن نحسب بدقة كم نملك فعلياً من نسبة كل نقطة، فربما تملك 20% من نقطة قوة تساوي 25% من قوة المشروع، لكن – مرة أخرى – من أجل تبسيط الفكرة هنا، سوف نفترض أننا نملك نقطة القوة أو لا نملكها على الإطلاق، لذلك فسأقول أن امتلاكنا الكلي من نسبة نجاح قوة نيتشرز دايركت هي 40%.

2- مجلة المنطقة:

كانت قدرتنا على الحصول على عملاء يعلنون على صفحات المجلة جيدة جداً.

وبالفعل حصلنا على عدد كافي منهم، وكانت قدرتنا على التوزيع والحصول على ترافيك على المجلة كبيرة، لسببين:

أولهم أن المنطقة كانت في نطاقنا الجغرافي ووصلت قدراتنا التوزيعية حينها أننا كنا نوزع المجلة بنفسنا على الشقق السكنية.

كما أن الحصول على المجلة كان مجاني، وكنا نربح من المحلات التجارية، وهذا ساعدنا على التوزيع الكثيف.

بالنسبة للتصميم الفني استعنا فيه بعنصر خارجي – بجودة عالية – ليس شريك في الفكرة، وبالنسبة للطباعة استعنا بمطبعة مجاورة ايضاً بجودة عالية وبتكلفة معقولة.

الآن يمكننا أن نؤكد أننا كنا نمتلك 50% وكنا نعرف المطبعة والمصمم الفني عن قرب – على الرغم أنهم ليسوا شركاء أساسيين بالمشروع – لذلك سنحصل على نصف ال50% المتبقية. الآن نمتلك 75% من اجمالي قوة المشروع.

النتيجة بعد هذه النسب والأرقام، أن الفكرة الأولى – نيتشرز دايركت – لم تأتي بنجاح كبير أو بأرباح حقيقة من التعب المبذول بها، والفكرة الثانية – مجلة المنطقة – حققت لنا نجاح وربح، مع العلم أن الفكرة الأولى كانت أكثر تعقيد وذكاء بكثير من الثانية.

بعد أن شرحت فكرة 70/30 ببساطة، دعني أختم ببعض النقاط الهامة.

ما المشكلة أن تملك فقط 40% من قوة المشروع وتستعين بأفراد آخرين ليعطوك ال60% المتبقية؟

المشكلة تكمن كما قلت لك من قبل أن مشروعك مازال ناشئ، فكيف تترك التحكم الأكبر في الفكرة في يد آخرين، لا تضمن ولائهم وحماسهم الكافي للفكرة، لا تنسى أيضاً أن تحكمهم الأكبر في الفكرة يسمح لهم بتنفيذ فكرتك أو مشروعك بشكل أفضل منك، وهذا ما حدث فعلاً مع فكرة فيسبوك عندما حصل عليها مارك من التوأمين وينكليفوز، لقد وجد مارك زكربيرج أن قوة الفكرة الرئيسية وهي البرمجة في يده هو، فلماذا لا ينفذها هو!

التوأم وينكفلور
امتلك التوأم وينكليفوز جزء بسيط من فكرة فيسبوك الاصلية وهو المال واعتمدوا على مارك زكربيرج في الجزء الاكبر من المشروع وهو البرمجة وتصميم الموقع

هل تدخل أو تخرج من سوق متحمس له إذا لم تساعدك هذه النسب؟

هذا يتوقف على عوامل أخرى كثيرة بجانب هذه النسب التي شرحتها هنا، من ضمنها مثلاً حجم المنافسة في السوق، فقد تمتلك 80% من قوة مشروع لكن المنافسة في السوق كبيرة جداً والعكس صحيح.

أيضاً يتوقف النجاح على عوامل أخرى مثل قدرتك على استقطاب موظفين أكفاء، فقد تملك 90% من قوة مشروع لكن لا تستطيع استكمال الـ 10% المتبقية عن طريق أفراد خارج نطاقك، وهناك آخر لديه 20 أو 30% من قوة المشروع لكن لديه قدرة هائلة في استقطاب موظفين وإمكانيات خارجية تساعده لاستكمال الـ 70% المتبقية، مع امتلاكه لقدرات إدارة هائلة، هذا النموذج مثلاً تجده واضح مع امبراطورية Virgin، وصاحبها ريتشارد برانسون.

virgin
تحولت فيرجن من تسجيل اسطوانات لفيرجن في كل المجالات تقريباً، لكن برانسون يمتلك قدرة غير محدودة في جلب افضل الموارد وادارتها
 

أخيراً يجب ان تفهم هدف القاعدة اهم كثيراً من فهم تفاصيلها، المقصود هنا ان امتلاكك للجزء الأكبر من المعرفة الفنية الخاصة بالمشروع الناشئ سوف تساعدك بشكل كبير وبنسبة أكبر من امتلاكك لجزء بسيط من قوة المشروع واعتمادك على أفراد او إمكانيات خارجية.

راجع المقالات السابقة في سلسلة تعلمت من أخطائي.

الترويج هو الأهم
اختيار الفئة المستهدفة
لا تخترع الذرّة !
البذخ قد يدمّر مشروعك
عندما كنت CEO
عندما قدّت مشروعي للا شيء
كيف تموّل مشروعك الناشئ
لا تترك وظيفتك حتى تري مشروعك
لماذا لا تنجح الأفكار العبقرية
امتلك قوة مشروعك

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى