الاستراتيجية والتخطيط

تخلص من عملائك المزعجين!

هل كل العملاء مربحين للشركة، ويجب أن تضحي الشركة من أجلهم؟.. بالطبع لا.

هذه على الأقل وجهة نظرى التى عبّرت عنها بمقولة “هناك نوعان من العملاء فى هذا العالم: نوع تفعل كل شئ لكى تحافظ عليه.. ونوع آخر تفعل كل شئ لكى تتخلص منّه!“، كتبتها على صفحة المدونة على فيس بوك، ولم تجد الترحاب من بعض المعلّقين عليها، فأردت أن أفصّل وجهة النظر هذه، والتي تبدو غريبة للبعض.

يوجد عدد كبير من المستهدفين من منتجات او خدمات الشركة، أو الذين يظنون أنفسهم كذلك و تظنهم الشركة كذلك، يهلكون موارد الشركة بشكل كبير، ليس لشئ سوى أن منتجات الشركة أو أسعارها لا تناسبهم.

أعمل حالياً فى شركة تقدم منتجات عالية الجودة وبأسعار مرتفعة، هى تحتل بجدارة المربع الذهنى: فوائد أكثر من المنافسين بسعر اعلى – The More Benefits For More Price.

هذا المربع لا يناسب الكثير من المشترين فى السوق، وعلى الرغم من ذلك، تجد عدد كبير من الشركات تأتيك لتأخذ عروض أسعار، و تطلب عينات من المنتجات. هذا يهلك رجال البيع المضغوطين أصلاً، عروض الأسعار تضيع أوقاتهم وهذا يؤثر بشكل عام على كفاءة البيع لدى الشركة.

سأعطيك مثال سريع أوضح، تخيل مجموعة من الشباب دخلوا الى محلات أديداس او نايكى، وهم لا يملكون مقابل لأسعار اديداس ونايكى المتميزين بإرتفاعهم، ومن باب الفضول سيقوموا بالمشاهدة وربما تجريب الملابس. ماذا تتوقع أن تفعل هذه الفئة بالمنافذ التجارية لهذه الشركات سوى تعب البائعين واهلاك المعروض من عينات الملابس؟

هذا هو الحال قبل الشراء، فماذا إذا تحولوا إلى عملاء؟

العميل السئ ملئ بالمشاكل التي يجلبها على الشركة، ففى سوق الأعمال – Business To Business ، العميل السيئ بالنسبة لى هو الذى يطلب كميات قليلة من المنتج، فيبدأ رجال الإنتاج فى العمل الدؤوب وصرف الأموال من أجل كمية قليلة من المنتج، وفى الإجمالى تجد نفسك أنفقت ما هو أكثر من الربح الذى تحصل عليه.

تذكر ان المصاريف التى تخرجها الشركة ليست مادية فقط. إهلاك العاملين لديك يعتبر مصاريف.

شركة اخرى بالإضافة لطلبها كميات قليلة، تؤخر فى السداد. هذه المشكلة جعلت عمالقة فى السوق فى جميع الصناعات يعلنون إفلاسهم، ويبيعوا شركاتهم ومصانعهم، لا تستهين بهذا الأمر. بعض الشركات تستهين به جداً، فتكتشف بعد ذلك مشاكل البيع بالآجل ومشاكل السداد لدى العملاء، فتجد نفسها فى ورطة وغير قادرة على الاستمرار فى السوق.

هذه الأمور ربما تجدها أيضاً فى سوق الخدمات التي تتطلب تعديل مستمر قبل أن يوافق عليها العميل، مثل حالة شركة تصمم وتطور موقع الكترونى لشركة، ولن تحصل على أموالها إلا بعد أن تنتهى كل التعديلات حتى البسيطة جداً منها، والذى يقرر ذلك بالطبع هنا هو العميل، وذلك قبل أن تحصل الشركة على أموالها.

حصلت على كتاب جاك ويلش الرائع “من القلب مباشرة” من مكتبة العبيكان، الكتاب ترجمة للنسخة الاصلية “Straight from the gut” ، الترجمة تستحق ربما أن تحصل على جائزة الأسوء في القرن الواحد والعشرين.

لن تجد ربما أسوء منها، للأسف اذاً اضطر لمحاولة فك طلاسم الترجمة، أو بمعنى أدق الشفرة التى تُرجم بها هذا الكتاب. وبعيد عن الترجمة فهذا الكتاب قمة فى الروعة ويحكى قصة أنجح مدير تنفيذي في العالم .. جاك ويلش.%D8%AC%D8%A7%D9%83+%D9%88%D9%8A%D9%84%D8%B4
المهم.. أن من أهم ما استطعت استخلاصه حتى الآن من هذا الكتاب الرائع والترجمة العجيبة.. هو أن من اسرار نجاح جاك ويلش الاسطورى كان فى كلمة (تخلّص).

كان يتخلص من البيض الفاسد دائمأً، ويأكل ويستفيد فقط من الصالح. لدي شركة جينرال موتورز – GM ، خطوط انتاج كثيرة جداً، يتخلص هو من التى تحقق خسائر أو أرباح قليلة لا تقارن بالمجهود والوقت المبذول فيها.

كان يتخلص من الموظفين التقليديين الروتينين، الذين لا يحققون مهمة ولا طموح ولا رؤية جينرال موتورز. فى رأيى أن سياسة التخلص هذه هى التى جعلت جينرال موتورز تنطلق بشكل كبير فى عهده.

أخيراً.. تخلص من عملائك السيئين.. افعل ذلك أما على طريقة (الذوق الرفيع)، عن طريق مثلاً تثبيت اسعارك فلا يكون مكان للضغط عليك من خلال أسعار أقل، تسبب تعب رجال البيع والإنتاج في خدمة عميل مكلّف بدون عائد مريح يُذكر.

أو إفعل ذلك على الطريقة الألمانية بدون أى (تزويق)، فإعلنها صراحة انك لن تقبل بإخراج كميات أقل من كذا، ولن تقبل إلا ان تحصل على أموالك بمجرد تسليم المنتج، ولن تقبل بأن يقلل عميلك من قيمة منتجك أو يحاول الحصول على سعر أقل من قيمة المنتج الحقيقية كل مرة. افعلها بلباقة أو افعلها بحسم. المهم أن تتخلص من عملائك المزعجين.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

  1. انا كنت من المعلقين على FB الذين لم تجد الترحاب منهم :)
    ومعك في بعض الكلام لكني اعترض على بعضه من الممكن لقلة خبرتي لكن ذلك ما اراه فافيدني بخبرتكم :)
    عندي استفسار اذا فعلت ذلك من الممكن ان هؤلاء العملاء السيئين يلوثون سمعة الشركة او المنتج اذا تخلصت منهم … الم يسبب هذا التخلص ضرر للشركه اذا خرج هذا العميل وتكلم عن الشركة بسوء مع عملاء اخرين ؟؟؟
    R

  2. شكراً لتعليقك :) وجهة نظرك تُحترم بالتأكيد، أنا هنا لا أقصد ان تهين العميل اطلاقاً. انت فقط تصفّى العملاء بشكل تسويقى محترف كى لا تضيع مجهود رجال البيع والانتاج، افعلها اذاً على طريق الذوق الرفيع افضل :D فى كل الاحوال يجب ان تركز على ما يحقق لك الارباح والسمعة الجيدة بالطبع.

  3. شكرا لحضرتك ولردك انا بس بتكلم على سبيل المقوله اللي بتقول (العميل دائما على حق) واني لازم يكون نفسي طويييل معاه ومخسرش حد بس ممكن تكون نظرية" التخلص "مفيدة في بعض الاحوال :)
    او دي ليها وضعها ودي ليها وضعها
    R

  4. نظرية العميل دائماً على حق ده كان زمان :D النظرية الجديدة ان العميل المربح هو فقط من على حق، العميل الغير مربح ليس على حق دائماً وليس مطلوب منى التضحية من أجله.. بالطبع لا اقصد اهانته اطلاقاً، ولكن مصلحة الشركة فوق كل اعتبار. وتظل عموماً هذه وجهة نظر و وجهة نظرك تُحترم بكل تأكيد :)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى