الترويج والإعلان

إعلان أسلوب الحياة : تكلفة بطل الإعلان!

اعلان اسلوب الحياة – Lifestyle advertising يكون محاولة من الشركة للبعد عن فكرة بيع منتج بخصائص معينة ومزايا وفوائد محددة، إلى فكرة بيع اسلوب ونمط حياة لمجتمع من المجتمعات، هذا النمط يتمناه بل ويحلم به الفئة المستهدفة، فمثلاً إعلانات نايكى تجدها تبيع لك نمط حياة رياضى، هى لا تذكر لك محاسن الحذاء ولا فوائده فى الاعلان، ولكنها تبيع لك فكرة، دعنا نسميه اسلوب حياة تريد العيش به، وهى تربط لك اسلوب الحياة هذا بمنتجاتها، وكذلك تفعل اديداس عندما تبيع لك مجتمع النجاح والارادة والتحدى، وهكذا تفعل آلاف الشركات اليوم..

يوجد الكثير فى رأسى الآن من الملاحظات والنقاشات التى أريد طرحها بخصوص هذا الاسلوب الاعلانى، الذى توغل وانتشر بقوة ليصبح الشكل الرسمى لكثير من الشركات المعلنة اليوم، وقد وجدت كثير من الشركات الجديدة فى الأسواق تطبق الأسلوب بشكل حرفى جامد يصل فى كثير من الاحيان لدرجة السخافة والملل، بشكل يجعلك تكره حتى المنتج ومن انتجه..

احدى ملاحظاتى التسويقية بهذا الصدد كانت على اعلان فودافون للممثل عادل امام، وهذا الإعلان يعج بكمية من الملاحظات سوف اذكر بعضها الآن..

شاهد الإعلان..

فكرة الإعلان القائم على ربط المنتج بأسلوب الحياة هى فكرة تعتمد بشكل كبير على عناصر هذه المجتمع، فقد احاول ربط المنتج بأسلوب حياة الأذكياء مثلاً، ولكن كيف سأحقق ذلك؟؟ سأحاول إذاً أن يظهر أحد اللامعين فى مجتمع الاذكياء ليكون بطل الإعلان، فمثلاً لو اينشتين كان حياً لطلبت منه أن يكون بطل الإعلان!

قررت فودافون فى هذا الاعلان ان تربط ما تقدمه من خدمات بفكرة المجتمع القوى، قوته تكمن فى قوة كل فرد فيه، وبالتالي من يدخل فى مجتمع فودافون سيدخل فى مجتمع مصرى خالص، هذا المجتمع البسيط ظاهرياً،لكن إذا تحققت من كل شخص فيه سوف تجد فيه مواطن قوة كبيرة مع صفات التحدى والإرادة..

كالعادة هذه الإعلانات القائمة على أسلوب ونمط الحياة تعمل على تحفيزك بصفات ايجابية تحبها وتريدها، وتحاول ان تُدخل عقلك ومزاجك فى حيز ايجابى يساعد فى شراء المنتج أو الخدمة..

هل نجحت الشركة فى تحقيق ذلك؟؟

هذا الإعلان فى رأيى يحتفظ بواحد من أقوى النصوص الاعلانية التي تابعتها فى الإعلان المصرية، مكتوب بحرفية شديدة، تصل الى العالمية، وساعد النص مستوى الإخراج الفني العالي، ولكن هل يكفي النص والإخراج الفنى ليحقق النجاح الاعلاني؟؟ .. لقد ظهرت النتائج وتشير بدقة إلى النفى القاطع..

مدة وتكرار عرض الإعلان فى الوسائط الإعلامية على الرغم من تكلفته الهائلة كانت بسيطة، ولم يتحول لإعلان من الإعلان المذكورة بقوة فى تاريخ الإعلانات المصرية وذلك لعدة أسباب هامة جداً هى ما اريد التحدث عنها..

أول هذه الأسباب هى الشخصية التى تقوم بالتوصية والتظهير – Endorsement، وهذه الشخصية هى عادل إمام، وهى على الرغم من الاختلاف على شخصيته، وحب البعض وكره البعض له، لكنه ممثل معروف في الأوساط المصرية والعربية، ويلقى قبول من طائفة كبيرة من المستهدفين.

فودافون فكرت فى عادل إمام من وجهة نظر انه يمثل هذا المجتمع القوي، فهو شخص مصرى بسيط استطاع أن يصل بمهاراته فى التمثيل والكوميديا الى الكثير جداً من المصريين والعرب، كما تم التأكيد على ذلك فى لقطة يظهر فيها وهو ممثل مسرحي في على شاشة تلفزيون في الثانية 34، ومع افتراض أن هذا السبب هو ما دعا فودافون لاختيار عادل امام، فربما يكون سبب مقبول ومقنع، و لكن هل يكفي هذا السبب لنجاح الاعلان؟

لقد تسربت الاشاعات، ولا نعرف إن كان تسريب مقصود أو غير مقصود، بأن تكلفة ظهور عادل إمام فى هذا الإعلان وصل الى 4 مليون دولار، مع مايقال من اشتراط عادل امام ألا ينطق اسم الشركة المعلنة في الإعلان، ومن هنا يأتى الاستفزاز الاعلاني اللى سبب هجوم وانتقاد كبير للشركة..

اولا اذا كان المقصود تسريب مقصود من الشركة او محبيها لأجر الممثل لظهوره فى الاعلان حتى تظهر بمظهر الشركة العملاقة التي تمتلك ميزانيات ضخمة للإعلان، فسيكون هذا غباء تسويقي بحت لأنها لم تتحقق من هوية فئات الشعب المصرى الذى يعانى الأغلب فيه من أزمات اقتصادية، هذا الشعب هو من سيشترى خدمات فودافون وهو ما سُيستفز من خدمات فودافون فى نفس الوقت!

إذا كان تسريب خبر التكلفة غير مقصود او انها اشاعة غير صحيحة، فكان يجب توضيح هذا الأمر للشعب والفئة المستهدفة، لأن الكثير من المستهدفين استنكروا الأمر بشدة، ولهم الحق، فكيف لشركة تصرف هذه المصاريف على اعلان واحد، وبصرف النظر على استهزاءها بمشاعر المواطن (الذي توجه له رسالة القوة فى الاعلان)، فهى تعانى من مشاكل فى خدمة العملاء، ونظم التعويض والحساب، لدرجة أننا كنا نتهم الشركة احياناً بالنصب وسحب رصيد بدون علمنا .. الخ.

ومن وجهة نظر عملاء فودافون (الصحيحة فى رأيى) انها كانت وفرت هذه التكاليف الخرافية و حسنت بها الخدمات للعملاء والمستهدفين الجدد، او قللت على الأقل تكلفة المكالمات..

إذاً أول مشكلة حقيقية صادفت هذا الإعلان وساعدت فى عدم نجاحه النجاح المرجو من الشركة هو التكلفة التى تكبدتها لصالح بطل مجتمع القوة، هذه التكلفة التى تكلفتها الشركة مرتين.. المرة الأولى عندما دفعتها لصالح ممثل – أياً كان من هو هذا الممثل-، والمرة الثانية عندما استفزت التكلفة مشاعر المستهدفين، وأثرت بالسلب عليهم، بل وعلى عملاء الشركة ايضاً..

هل هناك أسباب أخرى لعدم نجاح الاعلان؟ نعم هناك اسباب اخرى وهامة جداً سنناقشها فى التدوينة القادمة بإذن الله..

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. تحليل جميل جدا بس من وجهة نظري الاعلان كان فعال جدا ولاقى قبولا كبيرا في الاوساط الاجتماعية

  2. @moad saleh الإعلان كان فعلاً قوى جداً ولاقى قبول كبير لكن لفترة قصيرة لا تتناسب مع قوة الإعلان. والسبب فى رأيى هو ماذكرته فى التحليل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى