متى أبدأ مشروع ناشئ؟ | لا تترك وظيفتك حتى ترى مشروعك!
متى أبدأ مشروع ناشئ؟ هذا سؤال محير، في هذه المقالة سوف أخبرك بالتوقيت الأفضل للتفرغ لمشروعك الناشئ، وهو ببساطة عندما تبدأ في رؤية ملامح واضحة لنجاح هذا المشروع، مثل وجود قاعدة بيانات لعملاء تبني عليها، أو بعض النجاح في العمليات والترويج، أما أن تترك وظيفتك فجأة وتتفرغ لمشروعك، فهذا – بنسبة كبيرة – يكون خطأ قاتل لكثير من المبادرين الذي يضعون عبء ضخم على عاتقهم، ذهنيا وماليا.
عندما تخرجت من الجامعة كنت أسير وراء حماسي في إنشاء مشروع خاص، لذلك تركت عملى كموظف وبدأت التفرغ للعمل كصاحب مشروع ناشئ، يحلم بأن يكبر هذا المشروع ليكون كيان تجارى قوى.
هذا الأمر تكرر معى أكثر من مرة، أترك وظيفتي، لعمل مشروع خاص.
كنا نظل نعمل بالأشهر في المشروع الخاص، وعندما نجد أن مواردنا قد نفذت، ولم يعُد لدينا أمل كبير في نجاح المشروع، ألجأ حينها للوظيفة مرة أخرى، وهناك سؤال كان يتكرر في ذهني: إذا عملنا لمدة 8 ساعات على الأقل على مشروعنا الناشئ الخاص كما نفعل عندما نكون موظفين وبنفس الالتزام للشركة التي نعمل فيها، هل لم يكن من المنطقي أن ينجح مشروعنا؟!
بالفعل أرى أننا لا نعمل بشكل قوى ومؤثر على مشروعنا كما نضطر أن نفعل في عملنا كموظفين في الشركات، لكن مع الوقت والخبرة اكتشفت ان حل المشكلة ليس في أيدينا، نحن لانقصّر من ناحية الوقت أو المجهود، الأمر مختلف تماماً.
الأمر متعلق أنك في مشروعك الناشئ لا تعرف ماذا تفعل بالتحديد! هذه هي المشكلة، أن تدور وتذهب وتجيء بدون إنجاز الكثير، وذلك فالوقت معك وانت على استعداد تام لفعل كل ما يلزم من أجل النجاح فعلاً، لكن في الحقيقة انك لا تعرف ماذا يلزم أصلاً!
هناك سببان لهذه المشكلة :
- أولاً نقص الخبرة.
أنت لا تعرف ما هي الأدوات اللازمة لنجاح المشروع ولو عرفتها لعملت عليها ولانجزت بها مشروعك.
انت لا تملك علاقات كافية من أجل إنهاء بعض الأمور الهامة لتسيير مشروعك، أنت لا تملك الموارد المالية لجلب أفضل الأدمغة، واذا حاولت ان تقوم انت بمهام هذا الفريق فلا تقوم به بأفضل الطرق..
هناك الكثير جداً من الأشياء التي يجب عليك إنجازها لنجاح المشروع ولكنك في الحقيقة لا تعرفها لأنك دخلت المشروع بحماس ولم تخطط له جيداً وتعرف ماهو المطلوب منك تماماً لنجاحه، وهذا الأمر يتطلب دراسة مكثفة أو خبرة كافية.
لذلك انت تلف وتدور في نفس الدائرة، تستيقظ مبكراً، تحمّس نفسك وتحمّس فريقك، وتكتب أهدافك بدقة، ولكن لا تنجز الكثير، لأنك لا تعرف كيف يتم إنجاز الأشياء.
- ثانياً.. من خبرتى مع المشاريع الخاصة فيمكننى تقسيم المشروع التجاري الناجح ل3مراحل:
1- مرحلة التحضير، واستكشاف السوق، وتجميع الفريق، ودراسة الفكرة أو الأفكار المناسبة لنجاح المشروع. هذه المرحلة قد تأخذ الكثير من الوقت، لأنه في رأيي التحضير لأى مشروع أهم من المشروع نفسه، وإذا لم تحضّر بشكل صحيح، فلن ينجح مشروعك.
وهذه المرحلة لا تتطلّب الكثير الوقت والجهد كما يعتقد الكثير، لكن تطلب التخطيط ودراسة المشروع بشكل دقيق استعداد للمرحلة الثانية. لذلك تستطيع غالباً القيام بهذه الأمور بجانب عملك فى شركة أو بجانب مهام أخرى عموماً.
2- مرحلة المشروع الصغير الناشئ الذى يرى النور ويرى احتمالية نجاح وتكبر هذه الاحتمالية مع الوقت. كل شيء واضح، الأهداف واضحة، الأدوات متاحة، الطرق وأساليب النجاح واضحة، كل عضو في الفريق يعرف ما الذي يريد القيام به وكيف يقوم به فعلاً. فى هذه المرحلة من المنطقى ان يُظهر المشروع نجاح، ويأتي ببعض العوائد المالية حتى لو قليلة، لكن يُتوقّع لها الاستمرارية والنمو. وهذه المرحلة هى التى تتطلب جهد خارق ووقت كبير حتى يبدأ المشروع فى التحرك من مرحلة المشروع الناشئ الصغير لمشروع تجارى مُربح، وفى رأيى هذا يحتاج لتفرغ، ومن الصعب جداً أن تفعله بجانب عملك كموظف في شركة.
3- مرحلة هي مشروعك التجارى الواضح الذي يأتي بأرباح كبيرة، أو معقولة وتزيد مع الوقت بشكل واضح ومستمر، لديك فريق متكامل كل عضو فيه يقوم بدور له قيمة كبيرة ويحقق أهداف المشروع أو الشركة.
يبدأ الضغط يخف تدريجياً عن أصحاب المشروع، لأن الأمور أصبحت أكثر تنظيماً ووضوح. أنت الآن صاحب مشروع تجارى ناجح، وعندما تريد أن تنمو بالمشروع، تستطيع جلب موظفين أكثر في الفريق وأقدر على تحقيق المهام المطلوبة، وتستطيع حينها أن تأتي بمدير خبير ليدير المشروع بدلاً منك.
بمعنى أنك أصبحت الآن صاحب مشروع وتحتك من يتولى العمل والإدارة، وحينها تختار أن تُكمل كعضو في الفريق مؤثر في العمل والإنتاج، أو تكون فقط صاحب مشروع يديره من بعيد، ويجني الأرباح.
بالتالى هذه المرحلة يكون الوقت والضغط المطلوب لنجاح ونمو المشروع أقل أو أكبر (طبقاً لاختيارك فى طريقة الاستمرار فيه).
الخطأ المتكرر من المبادرين هو أنهم يتركون وظائفهم الثابتة في الشركات في المرحلة الأولى التي ذكرتها من مراحل بناء
المشاريع الناجحة.
هم يتحركون بالحماس، وعندما يتركون عملهم الوظيفي الذي يأتي لهم براتب شهرى ثابت آخر كل شهر، ويذهبوا ليضعوا أنفسهم تحت الضغط، فهم يكونون في مرحلة الإعداد وهم يعتقدون أنهم في مرحلة البناء! مرحلة الإعداد والتخطيط تكون مليئة بالتخبطات والنزول والصعود ولا يوجد فيها شيء ثابت ولا شكل للمشروع ولا عائدات واضحة منه.
في المرحلة الأولى يكون الوقت اللازم للعمل في المشروع قليل، وليس كما يعتقد الكثير أن هذه المرحلة هي مرحلة التأسيس، انها ليست مرحلة التأسيس ولا البناء، بل مرحلة التخطيط وربما التخبط قليلاً، الوقت المُستهلك يجب أن يُستثمر في عملية دراسة السوق وتجميع الفريق، وعمل بعض المهام التي تهدف لأن يكبر المشروع من مجرد فكرة قابلة للتنفيذ أو الفشل الى مشروع حقيقى يأتي حتى لو بأقل القليل من العوائد المالية او الأرباح الصافية، حينها فقط، وبعد أن تطمئن من هذا الأمر يمكنك ترك وظيفتك الثابتة، و الانتقال إلى خانة أصحاب المشاريع والأعمال!
جزاك الله خيرا
كلام يكتب بماء الذهب