وظيفة البيع | أسرار ونصائح للبدأ والنجاح في مجال البيع

هذه المقالة توضح الكثير عن وظيفة البيع. البيع الشخصي من أمتع المهن والوظائف وهو أساس التجارة، وبداية في كثير من الأوقات لحياة ناجحة في عالم الأعمال وبناء المشاريع التجارية والنجاح فيها.
في هذه المقالة سوف نجيب عن أسئلة شائعة بخصوص البيع الشخصي، مثل دوره داخل التسويق، وصفات البائع الناجح، وهل البيع وظيفة تقود للتسويق أم تستطيع العمل بها بشكل مستقل تماما، وتبني بها طريق مهني/ كاريير مميز.
هل وظيفة البيع سيئة؟
من وجهة نظري، أعتقد أن وظيفة البيع هي وظيفة النجاح! وربما لا يوجد وظيفة في العالم تعطيك حجم الإثارة والحماس مثل البيع! لكن يجب أن تفهم الأسس، وتعمل في مجال يساعدك على التألق، لأن النجاح فيها يؤدي للنجاح، وللأسف الفشل فيها محبط للغاية.
معظم الناجحين المبادرين بمشروعاتهم الخاصة الناجحة في العالم عملوا في البيع، لا أقصد هذه النوعية من الأشخاص الذين بنوا امبراطوريتهم على أساس فن معين هم متميزين فيه مثل ستيف جوبز وبيل جيتس، بل أعنى مبادرين فعلاً بمشروعات اعتمدت على قوة الشخصية والجهد، من أشهر الأمثلة التي أحب ذكرها هنا هو العبقري مايكل ديلّ مؤسس DELL.
مع البيع الشخصي سوف تتعلم أمور كثيرة مثل الصبر، والإدارة، وإدارة الوقت بكفاءة، وإدارة الأولويات، وفنون التفاوض والإقناع، وحب الفوز دائماً، مع تحمل المسئولية، والتعلم من الأخطاء، دراسة الأسواق والشخصيات جيداً، سيزيد من سرعة التعلم لديك، ولا تنسى مهارات التقديم والعرض. لن تصدق حجم المهارات التي تكتسبها عن طريق ممارسة البيع.
البيع من أهم وأرقى الوظائف في العالم، ليست (وظيفة حتى تُفرج) كما يراها الكثير، البائع يستطيع أحياناً الحصول على راتب أكبر من مديرين تنفيذين في شركته، لأنه يتم تعويضه بنظام العمولات، ونظم العمولات الأشهر مفتوحة.. بمعنى أنه لا سقف للعمولات التي تحصل عليها طالما تحقق نتائج، لذا لا يوجد سقف أو حد أقصى للراتب الشهري الذي تحصّله من عملك كبائع.
البيع أيضاً مهم لتحصل على خبرات تعلمك الكثير عن السوق وتجعلك تحتك به وتكتسب الخبرة اللازمة، ربما لبدء مشروعك الخاص، او لعملك في التسويق.
المشكلة الأساسية لدى البائعين هي أنهم إما يتعاملون مع البيع بمنطق (الفهلوة) أي أنه لا يوجد علم او دراسة لما يقومون به، وبالتالي تكون النتائج ضعيفة أو قصيرة المدى، والمشكلة الأخرى تأتى من مديري الشركات الذين يضعون أهداف بيع – Targets خرافية، لا تناسب المرحلة التي يعمل فيها البائع.
هؤلاء المديرين في الغالب لا يفهمون التسويق ولا يدرسون السوق قبل أن يلزموا البائعين بحصص بيع معينة.
ما دور وظيفة البيع داخل التسويق؟
كان ومازال هناك الكثير جداً من التخبط حول وظيفة رجل البيع، أو البيع الشخصي؟ هل هي وظيفة جيدة وتحتاج لقدرات خاصة أم هو دور يقوم به أي شخص ولا يحتاج لذرة من الابداع؟ لماذا انتشرت وظائف البيع بهذا الشخص، وهل هذا مؤشر إيجابي أم سلبي؟ لماذا نجد غالباً أن البيع هو جسر يمر من عليه من يريد ان يصل للتسويق؟ هل هذا هو ما يجب أن يحدث أم أننا مجبرون على ذلك؟ حان الوقت إذاً لتصحيح بعض المفاهيم!
أعلم أنك تعرف أن البيع والتسويق أدوار منفصلة، لكن للأسف كثير جدا من الشركات لا يعرفون ذلك. أو بمعنى أصح، يوفرون المجهود والنفقات بدمج الدورين مع بعض! أي أنك – كبائع – ربما تجد نفسك تقوم بأدوار التسويق كلها، والعكس صحيح.
من أكبر الخرافات في مجال التسويق هو ظن الشركات أن التسويق هو البيع، لذلك نحاول دائما من خلال التسويق اليوم أن نوضح الفرق بين الاثنين ونؤكد على أن البيع هو عنصر من عناصر الترويج الذي هو جزء من أجزاء التسويق. بسبب عدم دخول التسويق ومشتقاته مثل البيع الى بلادنا بالشكل الصحيح، يخلط الناس بين التسويق والبيع، وقد يكرهونه، ولكن ما لا يعرفونه أن العمل في مجال البيع فترة يُكسبك مهارة وخبرة عظيمة.
ما هو دور البيع داخل التسويق؟
في كثير من الأحيان وخصوصاً في دوراتي التدريبية احاول في البداية أعطى تقدمه بسيطة للتفريق بين التسويق والبيع، وفي هذه التقدمة يكتشف الحاضرين أن البيع الشخصي هو جزء صغير من التسويق، فأشعر وكأن الانطباع السائد حينها أن البيع هو دور ضئيل وربما لا يكون له أهمية! هذا ليس حقيقياً، لأن البيع الشخصي في هذه الحالة دوره ضئيل نسبياً، أي بالنسبة للتسويق ككل، فهو جزء من المزيج الترويجي.. والذي هو جزء من المزيج التسويقي أو برامج الفعل التسويقية، وهذه البرامج هي جزء من العملية التسويقية بشكل عام.
تماماً عندما أقول نفس الكلام على عنصر مثل الإعلان – Advertising، فأيضاً هناك تخبط في أوساط غير المحترفين تسويقياً بين التسويق وبين الإعلان، وبالطبع الفارق هائل بينهم، التسويق شيء ضخم للغاية، والإعلان هو جزء ضئيل جداً (بالنسبة) للتسويق، ولكن لا يعنى هذا أن الإعلان شيء يمكن اهماله، او يحقق اهداف بسيطة، بل إن الإعلان وأدواره واهدافه وطرقه وأساليبه عالم ضخم جداً، لا يقل عن عالم البيع الشخصي او العلاقات العامة ضخامة. في الحقيقة كل عنصر من عناصر التسويق يتميز بتفاصيل معقدة وتحتاج لفترات كبيرة لدراستها والتعمق فيها.
ما هدف البيع الشخصي؟
عدد من خبراء التسويق يقول إن البيع الشخصي يمكن تقليل دوره في التسويق، قالها من قبل بيتر دراكر “هدف التسويق هو جعل البيع الشخصي شيء زائد/ ثانوي/ هامشي ” The aim of Marketing is to make selling superfluous”
الكلام هنا موجّه للشركات التي تظن ان البيع هو كل شيء، أو تخلط بين البيع والتسويق، فمعنى الكلام هنا أن التسويق يكتشف احتياجات الناس ويلعب عليها ويشبعها في شكل منتجات وخدمات تبيع نفسها بنفسها، وبالتالي يكون البيع هنا شيء زائد واحياناً غير ضروري/ ثانوي.
اذاً الكلام هنا لمن يرى التسويق هو البيع او أن البيع اهم من التسويق، وفي الحقيقة هناك الكثير من المنتجات تبيع نفسها، وهي المنتجات التي عملت بشكل منظم تسويقياً، وخلقت علامة تجارية قوية عبر الزمن، فيأتيها الناس ليشتروا منتجات تلبي احتياجاتهم، بدون الحاجة لبائع شخصي لإقناعهم. على سبيل المثال، كم مرة وبأي كثافة يتدخل بائعي منافذ أبل حول العالم لبيع هواتفهم! غالبا لا يفعلون لأن زبون أبل يدخل المنفذ وهو يعرف جيدا ماذا يحتاج، ومقتنع أصلا بسبب قوة البراند.
هذا الكلام لا ينفي أهمية البيع الشخصي إطلاقاً، بل أنه يضعه في حجمه الصحيح.
إذاً ما هو حجم البيع الصحيح، وما هو دوره الحقيقي؟
هناك مبدئيا 4 عناصر رئيسية للترويج، وهما الإعلان، العلاقات العامة/ الإعلام، البيع الشخصي، عروض الترويج.
ليس هناك عنصر اهم من عنصر، الا في حالة ان تجبرنا طبيعة المنتج أو ادارة الشركة التسويقية على ذلك، ولكن في الأحوال العادية فكل عنصر يكمّل العنصر الذي يليه، ويحقق هدفه.
الإعلان يحقق هدف نشر اسم المنتج أو العلامة التجارية – Awareness، وبالتزامن مع تحقيق الهدف، تبدأ العلاقات العامة دورها في تحقيق هدف خلق المصداقية – Credibility، أما دور عروض الترويج فهو تنشيط المبيعات، ويظل دور البيع الشخصي في تحقيق الإقناع – Persuasion، وهو الهدف الذي لا يستطيع الإعلان مهما زادت تفاصيله بأن يحققه بنفس القدرة والكفاءة والفاعلية التي يحققها البائع الشخصي، فهو قادر على معالجة كل أسئلة واستفسارات المشتري مهما كانت، بشكل لا تستطيع فعله أدوات العلاقات العامة مثلاً او الاعلان.
إذاً سيصبح من المنطقي معرفة اين تظهر بقوة قدرات واهمية البيع الشخصي، فهو هدفه الإقناع كما نرى، وبالتالي سيظهر في منتجات تحتاج لتفكير كبير من المشترين، مثل السيارات والعقارات والخدمات غالية الثمن (عكس المنتجات الاستهلاكية والتي لا تأخذ وقت كبير من تفكير المشتري)، وايضاً نرى دور البيع الشخصي كبير عندما يكون المنتج أو العلامة التجارية غير معروفة له، فيحتاج في البداية لمن يخبره بالمنافع والمزايا لهذه العلامة التجارية عن غيرها.
هل البيع الشخصي مظلوم؟
نعم، أرى البيع الشخصي مظلوم جداً في بلادنا، كحال التسويق، فالبيع الشخصي مرتبط ارتباط عجيب بمن لا يملك إمكانيات وقدرات خاصة، فسينزل السوق يبيع!!
كلام عجيب جداً لا يصح في أغلب بلاد العالم، فالبيع هو وظيفة تحتاج في الحقيقة لقدرات عالية وإبداع وحسن تصرف وتخطيط وقراءة جيدة للسوق والعملاء، وقدرات إقناع كبيرة.
البيع في العالم من أكثر الوظائف التي تحقق أموال لأصحابها، اعتماداً على مبدأ العمولات، ولكن في نفس الوقت، فلكي تنجح في البيع عليك بامتلاك قدرات خاصة، وهذا يجعل البيع في العالم كله وظيفة مرموقة وتحقق أموال كبيرة، أو معقولة على أقل تقدير، لأصحابها. هذا لأن البائع يُرى في هذه البلاد على أنه شخص لديه قدرات خاصة في الابداع والاقناع، وليس في بلادنا، على أن البيع (وظيفة حتى تُفرج)!
هل البيع يقود للتسويق؟
من ضمن النظريات الشائعة في بلادنا أنه لكي تعمل في التسويق يجب ان تمتلك خبرة او ان تبدأ كبائع، وهذا يحدث ببساطة لأن التسويق لا يُدرّس كما ينبغي في جامعاتنا ومدارس الأعمال في بلادنا، وبالتالي يخرج شباب لا يعرف التسويق ولا يتقنوه بالشكل الذي تحتاجه الشركات، فتضطر الى أن تنتظر الخريّج حتى يرى السوق بنفسه، ويتعرف على ادق اسراره، ويتشبع بالخبرة الكافية لكي يبدأ في التخطيط بنفسه في التسويق.
بالمناسبة أنا مقتنع اقتناع كبير أن البيع هو من أفضل طرق العمل في التسويق، ومن يعمل في البيع لفترة يبرز كثيرا في التسويق، وأن العمل في البيع يجعلك تكتسب خبرة فنية في السوق وفهم المشترين والتعامل معهم، وبالتالي ترفع من نسب نجاحك كمسوق في نفس المجال الذي تبيع فيه، لكني لست مقتنع أن التسويق (يجب) أن يمر على البيع أولا كما تعتقد الكثير من الشركات!
إذا فصلنا البيع عن التسويق، ولم يعد شرط أن يكون البيع طريق للتسويق كما تراه كثير من الشركات، فإن البيع سوف يكون مهنة منفصلة تماما، تحتاج تدريب ومهارات وشهادات خاصة، وهذا سوف يقلل الضغط على كل الأطراف. متخصص التسويق لن يشعر أن عليه المرور على البيع أولا، والذي يعمل في البيع يعرف أنه ليس طريق مؤقت، بل هو طريق دائم يمكن أن يحقق فيه نجاح كبير على مستوى الكاريير والمستوى الاجتماعي، وأيضا المستوى المادي.
هل وظيفة البيع مؤقتة؟
معظم من يعمل في وظيفة البيع يعتبرها وظيفة مؤقتة، وهذا سبب فشل معظم العاملين بالبيع!
وظيفة البيع يجب أن تأخذها عن حب وشغف! صعب جدا الوصول لدرجات متقدمة من النجاح في البيع بدون اقتناع وشغف، لأن هذا سوف يظهر يوميا في مقابلات البيع والتفاوض، سوف يظهر من خلال طاقتك السلبية ولغة الجسد السيئة والمزاج المتكدر!
يجب أن تفهم أن وظيفة البيع ليست كأي وظيفة، البيع يتطلب ظروف خاصة جداً أهمها مثلاً أن تكون على تواصل مع عملائك إما عن طريق غير مباشر عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني أو بطريق شخصي مباشر عن طريق مقابلتهم وجهً لوجه.
على سبيل المثال عندما يستيقظ المحاسب وهو ليس على ما يرام وفي مزاج سيء، هل سيؤثر ذلك على إنتاجيته؟ نعم ربما يؤثر لكن سيؤثر بدرجة معينة، ولكن عمله سيستمر لأنه لا يتوقف على المزاج كثيراً، أما البائع عندما يكون مزاجه غير سليم، سيؤثر هذا بشكل كبير جداً في تعامله مع الزبائن والعملاء.
تخيل الآن أنك فاقد للشغف بهذه الوظيفة وتفعلها مضطر، فكّر فقط في كيفية التواصل مع عملاء وأنت على هذه الحالة، ربما تبيع بعض البيعات وتبرم بعض الصفقات لكنك بالتأكيد لن تتطور.
البيع يتضمن عمليات تفاوض صعبة جداً ومرهقة، أحياناً تظل في تفاوض لمدة شهور وربما تتخطى السنة وأنت تتفاوض مع إحدى الشركات (في حالة العمل في البيع للشركات B2B) وتنهي الصفقة، هذا يلزم أشخاص لديهم المزاج الذي يسمح لهم بتقبّل مثل هذه الفترات العصيبة، إذا كنت شغوف بالأمر فستتقبله، وستعرف أنه جزء من متعة البيع.
أيضاً يوجد جزء كبير في البيع يتعلق بمعالجة زبائن صعبي المعالجة، هناك أحدهم يتصل بك يصرخ في الهاتف بشكل هستيري لأن المنتج تأخر في الوصول، وهناك آخر يصرخ فيه مديره، فيخرج هذه المزاج السيء عليك في الهاتف، ما هو رد فعلك تجاه هذه النوعية من الزبائن؟ يجب أن تعرف أنك إذا كنت تؤدى وظيفة البائع كوظيفة مؤقتة لا تحبها فلن تتحمل مثل هذه الضغوط كثيراً، ستخسر أنت وستخسر شركتك أيضاً.
يجب عليك أن تستمتع بهذه الوظيفة لكي تتقدم فيها، من رأيتهم سعداء في هذه الوظيفة هم الذين اقتنعوا بها ورأوا فيها شغفهم الأول، هذا السر من أسرار البيع ربما يكون الأهم، إذا كنت لا تحب البيع فلن تنجح فيه غالباً، ولو نجحت سيكون نجاح مؤقت، الذي ينجح في البيع هو الذي يطوّر نفسه باستمرار، وهذا لا يحدث إلا عندما تقتنع بالمجال وتحبّه.
الآن..
– راجع الأسباب التي جعلتك تدخل هذا المجال، راجعها كثيراً واكتبها أمامك، وتذكرها كل مرة عندما تفقد شغفك أو تدخل في مزاج سيء يؤثر عليك كبائع.
– إذا ظهرت لك بعض المشاكل التي تجعلك تفقد شغفك فلا تستلم لها، اذهب إلى مديرك وأخبره بها، وحاول أن تصل إلى حل جذري لها لتعود لشغفك القديم.
– إذا أردت أن تحب شيء، أو تُزيد درجة شغفك به، اعرف عنّه أكثر، تكلّم عنه بإيجابية، تدرّب عليه كثيراً، تحدث مع الناس عنه، وعلمهم كل شيء وكل سر تعرفه عن هذا المجال حينها سوف تصل فعلاً لمرحلة متقدمة جداً من شغفك بالمجال.
الإجابة النموذجية على سؤال “بع لي القلم ده”!
في انترفيوهات وظائف البيع هناك سؤال شهير، مازال يتردد إلى الآن في مقابلات العمل، وهو بع لي القلم ده، وهو سؤال يحاول من خلاله محاورك معرفة قدراتك وفنياتك في البيع. على الرغم من أن سؤال (بع لي هذا القلم) يعتبر مادة للسخرية، نظرا لأنه يتكرر كثيرا جدا في مقابلات التوظيف الخاصة بـ وظائف البيع والتسويق، مثله مثل أسئلة متكررة أخرى مثل (أين ترى نفسك بعد 5 أو 10 سنين)، لكن عموما هذا السؤال مهم وإجابته تكشف عن طريقة تفكير البائع أو التسويقي، وإجابة هذا السؤال سهلة للغاية.
أما عن لماذا القلم؟ فالقلم هو المنتج السهل إيجاده حولك وفي أي مكان. عندما أريد أن أشرح العملية التسويقية ببساطة للمتدربين، استخدم القلم، لأنه أمامي وينطبق عليه فعلا بسهولة كل عملية البيع أو التسويق كاملة، لا يحتاج هنا مدير ما لخلع حذائه أو ربطة عنقه، ليقول لك من فضلك بع لي هذا الحذاء!
إن البيع متعلق بسؤال الأسئلة الصحيحة.
إذا رأيت بائع يبدع بعرض كل ما لديه بشكل هستيري متواصل فاعلم جيدا أنه بائع تقليدي، إما أنه مبتدئ ولا يعلم عن فنون البيع الكثير، أو إنه بائع غير موهوب ولن يذهب بعيدا في هذا المجال. من كانوا يتكلمون هكذا بدون توقف هم بائعي الهاتف، وهذه الأساليب أصبحت من الماضي تماما الآن.
ما الفرق بين البائع الذكي والبائع التقليدي للغاية الذي لا يحقق نجاح في مهنة البيع غالبا؟
البائع المحترف الذكي يسمع أكثر ما يتكلم، ويسأل كثيرا، وهذا ما لا يفعله البائع التقليدي، فالبائع التقليدي يتكلم كالقطار بدون توقف، يحفظ نص بيعي ثم يريد أن يُسمعه كل من يقابله بصرف النظر عن احتياجاته من المنتج أو الخدمة التي يقدمها.
البائع الذكي المحترف يبدأ مقابلاته البيعية بمجموعة من الأسئلة التي تعب في إعدادها مسبقا، من خلال هذه الأسئلة سوف يتعرف على احتياجات المشتري بدقة، وهنا سوف يضمن أنه سيستخدم مجموعة من الخصائص والمزايا في المنتج تلائم تماما احتياجات الزبون، بشكل يجعله لا يقصّر في سرد أي ميزة يحتاجها الزبون، ولا يعطيه مزايا إضافية قد تجعله يرى أنه يحتاج هذا المنتج (خطأ ال Overselling الشهير).
من المهم هنا التفرقة بين الخاصية –Feature، والميزة أو المنفعة أو الفائدة – Benefit.
مثال لتبسيط الأمر..
الخاصية: هذا القميص قطن 100%.
الفائدة على الزبون: هذا القميص مريح في ارتدائه، ويخفف من درجات الحرارة.
تطور مهاراتك في البيع، خصوصا فهمك لما تبيعه، لتصل لدرجة أنك تحول نفس الخاصية لعدد مزايا وكل ميزة أو منفعة تناسب شريحة مختلفة من الزبائن.
مثال..
- الخاصية: هذا الكمبيوتر يشمل معالج 8 جيجا رام.
- المنفعة لطالب يحب الألعاب الإلكترونية: هذا الكمبيوتر سوف يجعلك تلعب ألعاب كذا وكذا بدون توقف أو تهنيج.
- المنفعة لمصمم جرافيك: هذا الكمبيوتر سوف يجعلك تعمل على برامج التصميم كذا وكذا بدون أن أي تعطيل أو تهنيج.
- المنفعة لموظف: هذا الكمبيوتر يجعلك تفتح تطبيقات وبرامج ومواقع كذا وكذا بدون أي تبطيء.
سوف تظهر لكل فئة وكل شريحة سوقية وتحوّل له الخاصية لميزة يفهمها.
نعود لسؤال.. بع لي القلم.
الإجابة هنا هو أن تسأل، وألا تسرد مزايا بدون فهم، يجب أن تعرف أولا من الزبون ولماذا يحتاج القلم، هل هو مدير تنفيذي يحتاج قلم للتوقيعات، أم هو طالب يحتاجه لكتابة أبحاث، أم هل موظف يحتاجه لكتابة تقارير أو ملاحظات فقط أثناء العمل.
كثافة استخدام القلم، ورغبات كل شريحة، سوف تجعلك تعرف ما هي الخصائص والمزايا التي سوف تركز عليها.
الأسئلة بدقة هي ما تجعلك تفهم زبونك وتعطيه أفضل عرض بيعي ممكن، ولا تجعلك تبدو كبائع فاشل يتكلم بدون توقف!
ما الصفات الأساسية للبائع الناجح؟
هناك 5 صفات في رأيي يجب أن تتحلى بهم إذا كنت تريد النجاح في مجال البيع.
التواصل
ربما تكون مهارات التواصل من أهم ما يحتاج البائع لكي يحصل على الأفضل في هذا المجال. يجب أن تكون في نفس الدائرة التي يقبع فيها المستهدف من حديثك وتواصلك. سأعطيك مثال للتوضيح.
إذا كان المستهدف من حديثك مدير تسويق في شركة ستحدثه بطريقة، وإذا كانت متخصص مشتريات مبتدئ ستحدثه بشكل ودي أكثر، إذا كان مهندس ربما ستكلمه بطريقة أخرى تماماً، وتلك الطرق قائمة على فهمك لأنواع الشخصيات ومكانهم في الشركات.
قد يُظهر لك النموذج بالأسفل بعض التكتيكات الهامة التي تحتاجها لتواصل أفضل، فمثلاً كما أخبرتك، فأنت تتحدث نفس لغة وأسلوب متلقى رسالتك، وفي نفس الوقت يجب أن توصل الرسالة بشكل واضح عن طريق استخدام لغة الجسد – Body language الواضحة والمريحة.

يجب من اجل ان تتواصل بفعالية ان تحصل على تأثير رسالتك على المستهدفين – Feedback وتفهمه وتصححه لو أمكن.
حاول الحصول على كورس تدريبي في مجال التواصل الفعّال، لأنه سيفيدك جداً في البيع، وربما أحاول وضع بعض من هذه المهارات على المدونة.
المصداقية
بجانب الجزء الأخلاقي لأن تكون صادق مع العميل، إلا أن هناك جانب مهني في الأمر.
لقد عملت في هذه الوظيفة لفترة كبيرة وأؤكد لك أن استجابة المشترين للبائعين اختلفت، لقد أصبح المشترون أكثر خوفاً وقلقاً من البائعين، لذلك فإنهم يجدوا في البائع الصادق الأمين معهم والحريص على مصطلحاتهم كنز لهم، مستعدين ليدفعوا له مزيد من الأموال مقابل انهم سيكونون في راحة أكبر وفي امان من خلال التعامل مع هذا البائع.
مثلاً.. إذا كنت تريد الآن أن تكسب ثقة المشترين فحاول أن تستميلهم بذكر نقاط قوة منتجاتك وخدماتك بعد نقطة أو أخرى من نقاط الضعف.
بنسبة كبيرة جداً عندما تخبر المشتري بحقيقة نقاط الضعف في منتجاتك فأنت تحصل على هذا المشترى وثقته للأبد.. بالطبع لا أقصد هنا أن تقول نقطة ضعف ان منتجك لا يعمل بكفاءة مثلاً، فهذا بصراحة يعنى أنك ستضيع شركتك للأبد، وفي الأصل لا يجب أن يكون منتجك يحتوي على نقاط ضعف بهذه الطريقة وإلا فلا تعمل مع هذه الشركة!
أنا أقصد مثلاً أن تخبره ان سعرك أغلى قليلاً من المنافسين، ربما تخبره بأنك شركة صغيرة لا تتحمل الحصول على ثمن البضاعة بعد شهر او اكتر من إتمام الصفقة وأنك تحتاج لتسهيلات في البيع، او ربما حتى تخبره ان منتجك ليس الأروع من ناحية الشكل، لكن الأفضل في السوق من ناحية الجودة والكفاءة.
بالطبع انت بجانب هذه النصيحة تعرف كيف يفكّر العميل، وتنتقى الأفضل لاستراتيجيتك التسويقية، وبالتالي لن يضيع منّك زبون بسبب ذكرك لعيب نسبى في المنتج في الحقيقة هو أصلاً لا يهتم به.
الشغف
هذه المهنة لن تساوى متعتها شيء، ولن تنجح فيها غالباً إذا لم تحبها. ستتكلم مع زبائن كل يوم، وتحاول حل مشاكلهم، وتعريفهم بتحديثات وعروض لمنتجاتك وخدماتك، كل هذا التواصل يحتاج منك لأن تكون حاضر ذهنياً.
البائع الذي لديه مشاكل على المستوى الشخصي لا يستطيع النجاح في مهمة التواصل كل يوم مع المشترين والعملاء، الا لو لديه قدرة فائقة على الفصل بين ظروفه ومشاكله الشخصية، عن العمل في البيع.
العمل في البيع بشغف يجعلك تعرف كل صغيرة وكبيرة عن المجال، ويجعلك تحارب من أجل الزبون والعميل، لا تفعل ذلك ربما من أجل العمولة المغرية، بل لأن لديك حافز النجاح، تشعر عندما تكسب زبون او عميل جديد، بأنك وضعت وبنيت جزء جديد في هرم نجاحك. انت تبحث عن النجاح بشغف، ولا تنتظر التعويض المادي فقط. حتى انت كمشترى تستطيع أن تلمس من كلام أي بائع في العالم وطريقة تواصله معك، إذا كان هذا البائع سعيد وشغوف بمهنته ام لا.
البيع من أكثر المهن في العالم التي تحتاج للشغف لكي تتقنها.
المظهر
لطالما كان المظهر هام جداً للبائع، وبالإضافة إلى أنه يساعدك في بناء الدليل المادي – Physical Evidence لجودة منتجاتك وخدماتك، إلا أن هناك ميزة إضافية للمظهر الجيد، وهي انه نفسياً يعطيك راحة نفسية كبيرة عند التواصل مع العملاء، وايضاً يعطيك ثقة في النفس.
لكن نصيحتي من واقع التجربة هو ألا تلتزم بمظهر ثابت وتظن انه يناسب الجميع، فمثلاً هناك الملابس الرسمية الكاملة – Formal، وهناك شبه رسمية – Semi-formal، وهناك غير الرسمية – Casual، وكل طريقة في ارتداء الملابس تناسب شرائح مختلفة. الآن الموضة في السوق هي البعد عن الملابس الرسمية في مجال الأعمال، وهذا يجعل البائع مرتاح أكثر، ونفسياً ربما يجعل الزبون مرتاح للبائع الغير متكلف، على عكس صورة البائع في الماضي الذى يرتدى حلة أنيقة، ويحاول الوصول الى الزبائن بطريقته التقليدية، الزبائن ربما أصبحت تخاف من هذه الشخصيات.
على الرغم من المنطق الموجود في هذا.. لكن من وجهة نظري انك تدرس جيداً الشريحة المستهدفة ثم توجّه لها رسالتك بالطريقة المناسبة، وأهم أجزاء الطريقة المناسبة هي الملابس بالطبع، فإذا كان أمامك مدير لن يراك ولن يفهمك كبائع سوى بهذه الحلة الانيقة فسوف تفعل، اما اذا كنت ستتقابل شخص أقل رسمية ويحب التحدث بشكل ودى، فربما يكون الملابس الغير رسمية هي الأفضل. أنت السائق اذاً.
التسويق
أخيراً لا يوجد نجاح في البيع بدون فهم للتسويق ككل، ربما ترى بائع لم يحضر أي كورس تسويق، ولم يقرأ في حياته كتاب في التسويق نجح في البيع.. هذا لا يناقض اهمية التسويق في البيع، بل أنك لو دققت فيما يفعله هذا البائع الناجح فسوف تكتشف انه يطبّق التسويق بشكل صحيح.. يقوم بدراسة واعية للسوق، واكتشاف احتياجات المشترين، ثم تقسيم السوق، واستهداف أكثر شريحة مناسبة لمزيجه التسويقي، ثم توجيه المنتج المناسب بسعر مناسب، وعروض ترويجية مغرية لإقناع الزبون.
لذلك في النهاية أعتقد أن البائع هو مسوّق متحرك، وهذا ما يسهم في نجاحه بشكل سريع للغاية.
أخيرا.. إذا كنت مهتم بالبيع يمكنك قراءة كتابي البيع الصعب | أسرار البيع للشركات.