التسويق العاطفي | كيف تستخدم العاطفة في الترويج والإعلان
في هذه المقالة سوف أعرفك على تقنيات التسويق العاطفي، وأنواع الربط الإعلاني العاطفي، مع تطبيقات عملية من الشركات الكبرى لاستخدام التسويق العاطفي في البراندينج والإعلان.
الإعلان هو العنصر الأول من أربع عناصر أساسية تحتاجها للترويج لأي منتج أو خدمة. الإعلان ببساطة يعتمد على مصدر يمتلئ بالزحام – Crowd/ Traffic المرغوب بالنسبة لك، او بمعنى اخر مناسب لما تقدمه من خدمات ومنتجات.
عليك ان تقوم باستئجار هذا المصدر المزدحم مقابل مبلغ من المال (بالطبع لن تدفع شيء إذا كان المصدر ملكك!)، وهدف هذا الإعلان الأول والأهم هو عمل نوع من تعريف الناس بالمنتج أو الخدمة، وهو ما يُعرف ببناء الوعي – Awareness.
هناك شقيّن لأي خطة إعلانية تقوم بإعدادها: الشق الأول هو تطوير الاستراتيجية الاعلانية المناسبة للشريحة المستهدفة، وبناء الرسالة الإعلانية – Advertising Message، والشق الثاني والذي لا يحتمل كثير من الابداع والمجهود بقدر ما ينظر لما معك من أموال وقدرات تمويلية وتفاوضية قوية، وهو الذي يتعلق بحجز المساحات الاعلانية، بمعنى آخر أنك تنتهي من تطوير الإعلان ثم تبحث عن الاماكن او المصادر المزدحمة بالشريحة المستهدفة، فتضع فيها هذا الاعلان.
هناك النوعين الأشهر من أنواع الرسائل الإعلانية، وهم الرسالة الإعلانية العاطفية – Emotional Advertising، والرسالة الإعلانية العقلانية او المنطقية- Rational Advertising.
ستلاحظ أن معظم الاعلانات من حولنا الآن تركّز على الاعلانات العاطفية، لأكثر من سبب. أولاً لأن كثير جدا من الاعلانات هي اعلانات تذكيرية – Reminder Advertisements، ولماذا تستخدم الإقناع والمنطق لكي تذكّر الناس! بالتالي تحتاج الشركات في هذا النوع من الإعلانات لرسالة تعتمد على خلق فكرة فكاهية مثلاً، او استخدام مصدر إعلاني (شخص مشهور مثلاً) لكي يذكرنا بالخدمة أو المنتج.
السبب الآخر لاعتماد الشركات بشكل مكثف على الرسائل العاطفية هو (الموضة) المنتشرة الآن بين المعلنين في استخدامهم لإعلانات نمط الحياة – Life Style Advertising، وفيه تخلق الشركة في الإعلان أسلوب حياة يناسب الشريحة المستهدفة، هذه الشريحة هي في الأصل تدخل في أسلوب الحياة هذا أو تتمنى أن تعيش فيه (وسوف أتحدث عن هذا الأسلوب الإعلاني بعد قليل كتطبيق من تطبيقات التسويق العاطفي)
الرسالة العاطفية والتي ذكرت أنها لا تتطرق لفوائد المنتج او مزاياه (بكثافة)، أي أنها لا تخاطب العقل بالدرجة الأولى، فقد تكون رسالة عاطفية تستخدم فكرة الربط النفسي الإيجابي او ربما تستخدم الربط النفسي السلبي.
كيف تدفع البراند مشتريها – عاطفيا – لاتخاذ قرار الشراء
قد تتساءل بعد شرائك لمُنتج ما عن سبب اقتناعك به تحديداً هل هي جودته، أم بناءاً على توصية صديق مُقرب لك أو غير ذلك؟ بشكل عام هناك أسباب مختلفة قد تقف خلف قرارك بالشراء.
مراحل الشراء الـ 5 وكيف تستغلها الشركات في الترويج العاطفي
دعنا سريعاً نتعرف على مراحل اتخاذ قرار الشراء بالنسبة للمستهلك ويأتي ترتيبهم كما تراه في الصورة كالآتي:
1- تمييز وإدراك الحاجة أو المشكلة: يشترى الأفراد عندما تظهر لديهم حاجة يريدون إشباعها وهو ما يتحقق عن طريق السلع والخدمات وبالتالي يأتي دور المهارات التسويقية للشركات والمسوقين للتعرف على الحاجات غير المُشبعة لديك وتحريك الانفعالات بما يُولد الرغبة لاقتناء سلعة ما.
2- جمع المعلومات: هنا ستقوم بالبحث عن معلومات السلعة التي ترغبها من (الجودة-السعر-أماكن توفرها-طريقة الشراء والدفع) ويلجأ الشخص في هذه الخطوة إلى مصادر عدة كالأسرة، الإعلانات، أماكن البيع نفسها وتجربته للمنتج –في حالة شرائه قبل ذلك- و تتفاوت درجات ثقة المشتريين باختلاف مصادرها وفقاً لأحدث الدراسات الموجودة في الصورة و عادة ما يتم اللجوء إلى الوسائل الأقل جهد و تكلفة في هذه المرحلة و التي يتنوع فيها سلوك المشترين بشكل كبير.
3- تقييم البدائل: تقوم على معايير عدة تبعا لطبيعة المستهلكين والقدرة الشرائية لهم والتسويق الجيد هو الذي يُتيح بدائل عديدة للاختيار بينها. هنا يحن الوقت لتسريع اللعبة في عملية التسويق من خلال توفير الشعور بالطمأنينة مع تذكير العملاء بالمميزات، إعطاء أكبر قدر من المعلومات المتعلقة بالحاجة المُراد إشباعها والمرتبطة بالطبع بالبراند الخاص بك ولماذا هو أفضل مُقدِم للمُنتج. لكن بطريقة مقبولة حتى لا يأتي الأمر بنتائج عكسية فمن الضروري ألا تضغط على العميل في قرار الشراء حتى لا يؤدى ذلك لنتائج عكسية.
4- قرار الشراء: ويُعد قرار متشابك ويأتي بعده شعور بالرضا أو العكس والدور التسويقي هنا يتمثل في جعلها عملية سهلة ومُرضية للمستهلك.
5- تقييم ما بعد الشراء: لا تنتهي العملية بإتمام الشراء فمن المؤكد قيام العميل بعملية تقييم للمُنتج وللعملية ككل وبديهياً ينتج عنها قراره المستقبلي بتكرار الشراء والولاء للبراند من عدمه والتعامل التسويقي هنا لا يقل أهمية حيث العناية بكل عميل على حدة وخدمته بأفضل طريقة حتى يثق في العلامة التجارية.
استغلال العاطفة لتسريع قرار الشراء
وجد باحثان في جامعة تكساس أن الناس لا تميل إلى المنطق العقلاني في القرارات، ولكنهم يعتمدون على ما يلمسه المُنتج لديهم.
كانت الدراسة التي قاموا بها عبارة عن دجاجتين مختلفتين المظهر وتم إخبار نصف المشاركين أن الدجاجة السمينة طبيعية وصحية لكنها ذات مذاق غير جيد، وأن الدجاجة النحيفة مّعدلة وراثياُ وأقل في الفائدة الغذائية، و ذات مذاق جيد. وبالضرورة إخبار النصف المتبقي من المشاركين بالعكس.
اختار معظم المشاركين الدجاجة السمينة ذات المظهر الطبيعي بغض النظر عما تم إخبارهم به وبررت المجموعة الأولى إجابتها بتفضيلهم الصحة عن المذاق بينما رد الآخرون بتفضيلهم المذاق عن أي شيء. وضح هذا الاختبار أنه حتى التفكير المنطقي يُستخدم لتبرير القرارات القائمة على العاطفة!
تعمل البراندات المختلفة على إتباع الأساليب التي تؤدى بالمستهلك لاختيارها دوناً عن غيرها في حال قرر الشراء بالفعل وبناء على ذلك فأثبتت الدراسات والتجارب المختلفة أن الناس تثق في المشاعر والعاطفة أكثر من المعلومات في طريقها للشراء حيث إن الاستجابة العاطفية للإعلان أكثر تأثيراً على الشخص من محتوى الإعلان نفسه.
كيف يتم استخدام العاطفة لتحفيزك على الشراء؟
عندما أعرض عليك شراء منزل في مكان ما، هذا المنزل غال الثمن جدا، هل يجب أن أبيعك المنتج بناء على مواصفات عقلانية، أم يجب أن أبني لك في الترويج والإعلان له نمط حياة، سوف تشعر معه بالاختلاف والتفرد أو الحرية أو الراحة؟! هنا يظهر استخدام العاطفة في التسويق، هل أبيعك منزل أم نمط حياة؟
تمتلئ الأسواق بالمُنتجات المتشابهة والتي تحقق وتُشبع نفس الحاجة لدى المشترى تختلف فقط في اللوجو الخاص بها. إذاً ما الذي يجعلك تُفضل براند موبايل أو مستحضرات تجميل…إلخ عن الآخر؟
ربما يكون اختيارك للأشياء متأثراً بعاداتك حيث إنك اعتدت على هذا المُنتج بعينه منذ الصغر أو ربما يكون قرار شرائك هو انعكاس للصورة التي يقدمها البراند في السوق.
توضح الدراسة الموضحة في الرسم البياني التالي تأثير العامل الاجتماعي (الناتج عن المشاعر المختلفة) لدى الشخص في أخذ قرار الشراء حتى في حالة تطابق السعر والجودة.
آبل عبقرية في بناء الصور الذهنية العاطفية
دعنا نرى واحدة من الشركات التي تعمل على التميز عن أقرانها ويدور هذا التميز حول عامل واحد مشترك هو العاطفة.
لماذا تفضل شراء آيباد آبل عن كيندل فاير (جهاز لوحي من أمازون يعمل بنظام الأندرويد)؟ هما يوفران نفس الخصائص لكنهما ليسا في نفس الشريحة السعرية وتختلف أيضاً الصورة الذهنية الخاصة بكلا منهما. قد تأتي الإجابة في أن آبل تبذل أقصى ما في وسعها لتبقى مختلفة عن شركات التقنية الأخرى فتهدف إلى التركيز على الجودة الفائقة في كل ما تقدمه.
هنا مثلا تريك أبل كيف أنها تتقن التصميمات، وتضع كل جهدها لتعرف نوايا مستخدميها، لكي تصمم لهم منتجات ممتازة تعمل على راحتهم، وتحقيق أهدافهم. تركز أبل على أنهم يقدمون الكثير من الوقت لجعل منتجاتهم في أفضل صورة مما يعزز الثقة لديك كمشترى ف آبل بكل سهولة تستطيع طرح المُنتج تلو الآخر، ولكنها تحب أن تركز على مُنتج واحد في كل مرة لتقدمه بطريقة صحيحة.
يأتي هذا مع تقديم أبل لخدمة عملاء ممتازة وتجربة رائعة للعملاء في متاجرها فبالتالي لا عجب أن 50٪ من الناس يقبلون على شراء منتجات آبل الجديدة. الإعلان وحده لا يكفي للربط العاطفي التسويقي، بل يجب أن يتم دمجه داخل استراتيجية متكاملة لبناء البراند على الأساس العاطفي.
أنواع الربط الإعلاني العاطفي
هناك عدة استراتيجيات وتقنيات تستخدمهم الشركات لربط المشترين عاطفيا مع البراند أو مع المنتجات، من ضمنها ربط إيجابي وربط سلبي، وأحيانا تدمج أكثر من تكنيك إعلاني في نفس الوقت.
الربط العاطفي السلبي (الفكاهي)
المقطع القادم كان من حملة إعلانية شهيرة لبراند باندا، والتي يخيف الأطفال من عدم شراء جبنة باندا! هذا إعلان عاطفي بامتياز، لكنه عاطفي في الاتجاه السلبي! وقد راهن منفذي الحملة على الربط الفكاهي لتجنب فكرة الربط السلبي مع البراند.
هذه الحملة الاعلانية حققت اثارة للجدل الكبير في مصر، بل وبلاد أخرى مثل أمريكا (حيث تم دراستها كجزء من دراسات وأبحاث تسويقية تتعلق بالربط العاطفي السلبي مع المشترين). بالطبع الحملة حققت نجاح وحصلت على جوائز، ولكن ما رأيك أنت في فكرة الإعلان؟ وما رأيك في استخدام الشركة لهذا الربط النفسي السلبي؟!
بالطبع الأسلوب الذي ظهر في الإعلان قد يحقق نجاح إعلاني وقد يحقق فشل، وفي رأيي انها يحقق نجاح في حالات محدودة مثل أن تكون الفكرة فيروسية مضحكة، أو تربطك سلبياً، ولكن مع وجود أسباب منطقية، وفي هذه الحالة سوف ندخل في أسلوب اعلاني آخر وهو الأسلوب المنطقي – Rational Advertising.
مزج الربط السلبي بالربط الإيجابي
انظر هذا الاعلان العاطفي الرائع من نسكافيه، إنه يفعل الأمرين معاً. أي انه يربطك في اول الإعلان بمزاج سلبي بحت، ثم ينتقل في نهاية الاعلان الى اسلوب الربط النفسي الإيجابي، أي انه يستخدم الأسلوبين في نفس الاعلان، وهذا يحقق نتائج رائعة.
مزج الربط العاطفي بالأسلوب المنطقي/ العقلاني
سأخبرك أمراً.. الاكثر ذكاء مما سبق ان تستخدم الروابط السلبية او الايجابية بجانب الأسباب وسرد المنافع والمزايا، وهو مزج استخدام الأسلوب العاطفي ومزاياه مع استخدام الأسلوب المنطقي او العقلاني.
شاهد هذه الحملة الإعلانية لشركة Lijn، وهي شركة للنقل الجماعي تريد ان ترغّبك في السفر عبر وسائل النقل الجماعية الخاصة بها، بأسلوب فكاهي عاطفي، مع دعم هذه الأسلوب بالأسباب والمزايا المنطقية جداً!
تطبيقات على الربط العاطفي في الإعلان
كما أخبرتك فاستخدام العاطفة في التسويق تبدأ من البراند وطريقة بناءه، وطريقة التواصل مع المشترين في السوق. هناك شركات تعمل بطريقة التسويق المباشر، وإعلانات الاستجابة السريعة المباشرة – Direct Response Advertising وغالبا لن تحتاج لهذا النوع من التسويق العاطفي، لكن إذا كنت تستهدف بناء براند، وربطه بشكل عاطفي مع شريحة من المشترين، فيجب عليك فهم التسويق العاطفي، وغالبا سوف تحتاج لواحد أو أكثر من التطبيقات العملية على التسويق العاطفي.
إعلانات أسلوب الحياة
من أهم التطبيقات العملية على الربط العاطفي في التسويق هو استخدام أسلوب الـ Lifestyle Marketing، والذي تحاول فيه الشركات البعد – نوعا ما – عن الدخول في منافسة منطقية مع المنافسين، وبناء نمط حياة مميز مربوط بالبراند الذي تقدمه.
ما هو إعلان نمط الحياة؟
إعلان أسلوب/ نمط الحياة – Lifestyle advertising يكون محاولة من الشركة للبعد عن فكرة بيع منتج بخصائص معينة ومزايا وفوائد محددة، إلى فكرة بيع اسلوب ونمط حياة لمجتمع من المجتمعات، هذا النمط يتمناه بل ويحلم به الفئة المستهدفة، فمثلاً إعلانات نايكى تجدها تبيع لك نمط حياة رياضي، هي لا تذكر لك محاسن الحذاء ولا فوائده في الإعلان (وإن كانت تربط الرسائل الاعلانية بأكبر ميزة في المنتج وهي التحمل)، ولكنها تبيع لك فكرة، دعنا نسميه اسلوب حياة تريد العيش به، وهي تربط لك اسلوب الحياة هذا بمنتجاتها، وكذلك تفعل اديداس عندما تبيع لك مجتمع النجاح والارادة والتحدي، وهكذا تفعل آلاف الشركات اليوم.
الربط العاطفي باستخدام الأشخاص المؤثرين
فكرة الإعلان القائم على ربط المنتج بأسلوب الحياة هي فكرة تعتمد بشكل كبير على عناصر هذه المجتمع، فقد احاول ربط المنتج بأسلوب حياة الأذكياء مثلاً، ولكن كيف سأحقق ذلك؟؟ سأحاول إذاً أن يظهر أحد اللامعين في مجتمع الاذكياء ليكون بطل الإعلان، فمثلاً لو اينشتين كان حياً لطلبت منه أن يكون بطل الإعلان!
سأستعين لتوضيح هذا الأسلوب بمثال شهير وهو إعلان لفودافون مصر. من أشهر وأقوى الأمثلة على إعلان نمط الحياة كان إعلان فودافون بعد ثورة يناير (القوة بين إيديك)، وهو إعلان تحفيزي عاطفي من الدرجة الأولى!
قررت فودافون في هذا الاعلان ان تربط ما تقدمه من خدمات بفكرة المجتمع القوى، قوته تكمن في قوة كل فرد فيه، وبالتالي من يدخل في مجتمع فودافون سيدخل في مجتمع مصري خالص، هذا المجتمع البسيط ظاهرياً، لكن إذا تحققت من كل شخص فيه سوف تجد فيه مواطن قوة كبيرة مع صفات التحدي والإرادة.
كالعادة هذه الإعلانات القائمة على أسلوب ونمط الحياة تعمل على تحفيزك بصفات ايجابية تحبها وتريدها، وتحاول ان تُدخل عقلك ومزاجك في حيز إيجابي يساعد في شراء المنتج أو الخدمة.
هل نجحت الشركة في تحقيق ذلك؟
هذا الإعلان في رأيي يحتفظ بواحد من أقوى النصوص الاعلانية التي تابعتها في الإعلان المصرية، مكتوب بحرفية شديدة، تصل الى العالمية، وساعد النص مستوى الإخراج الفني العالي، ولكن هل يكفي النص والإخراج الفني ليحقق النجاح الاعلاني؟ لقد ظهرت النتائج وتشير بدقة إلى النفي القاطع. لم ينتشر الإعلان بالقدر الكافي، واختفى بعد ذلك من مواقع التواصل واليوتيوب.
مدة وتكرار عرض الإعلان في الوسائط الإعلامية على الرغم من تكلفته الهائلة كانت بسيطة، ولم يتحول لإعلان من الإعلان المذكورة بقوة في تاريخ الإعلانات المصرية وذلك لعدة أسباب هامة جداً هي ما اريد التحدث عنها.
أول هذه الأسباب هي الشخصية التي تقوم بالتوصية والتظهير – Endorsement، وهذه الشخصية هي عادل إمام، وهي على الرغم من الاختلاف على شخصيته، وحب البعض وكره البعض له، لكنه ممثل معروف في الأوساط المصرية والعربية، ويلقى قبول من طائفة كبيرة من المستهدفين.
ربط عاطفي سلبي بسبب أسعار المؤثرين
فودافون فكرت في عادل إمام من وجهة نظر انه يمثل هذا المجتمع القوي، فهو شخص مصري بسيط استطاع أن يصل بمهاراته في التمثيل والكوميديا الى الكثير جداً من المصريين والعرب، كما تم التأكيد على ذلك في لقطة يظهر فيها وهو ممثل مسرحي في على شاشة تلفزيون في الثانية 34، ومع افتراض أن هذا السبب هو ما دعا فودافون لاختيار عادل امام، فربما يكون سبب مقبول ومقنع، ولكن هل يكفي هذا السبب لنجاح الاعلان؟
لقد تسربت الاشاعات، ولا نعرف إن كان تسريب مقصود أو غير مقصود، بأن تكلفة ظهور عادل إمام في هذا الإعلان وصل الى 4 مليون دولار، مع ما يقال من اشتراط عادل امام ألا ينطق اسم الشركة المعلنة في الإعلان، ومن هنا يأتي الاستفزاز الاعلاني اللي سبب هجوم وانتقاد كبير للشركة..
اولا إذا كان المقصود تسريب مقصود من الشركة او محبيها لأجر الممثل لظهوره في الاعلان حتى تظهر بمظهر الشركة العملاقة التي تمتلك ميزانيات ضخمة للإعلان، فسيكون هذا غباء تسويقي بحت لأنها لم تتحقق من هوية فئات الشعب المصري الذي يعاني الأغلب فيه من أزمات اقتصادية، هذا الشعب هو من سيشترى خدمات فودافون وهو ما سُيستفز من خدمات فودافون في نفس الوقت!
إذا كان تسريب خبر التكلفة غير مقصود او انها اشاعة غير صحيحة، فكان يجب توضيح هذا الأمر للشعب والفئة المستهدفة، لأن الكثير من المستهدفين استنكروا الأمر بشدة، ولهم الحق، فكيف لشركة تصرف هذه المصاريف على اعلان واحد، وبصرف النظر على استهزائها بمشاعر المواطن (الذي توجه له رسالة القوة في الاعلان)، فهي تعاني من مشاكل في خدمة العملاء، ونظم التعويض والحساب، لدرجة أننا كنا نتهم الشركة احياناً بالنصب وسحب رصيد بدون علمنا.. الخ.
ومن وجهة نظر عملاء فودافون انه كان الأفضل من إنفاق كل هذه الملايين هو توفير الخدمات للعملاء والمستهدفين الجدد، او تقليل تكلفة المكالمات.
إذاً أول مشكلة حقيقية صادفت هذا الإعلان وساعدت في عدم نجاحه النجاح المرجو من الشركة هو التكلفة التي تكبدتها لصالح بطل مجتمع القوة، هذه التكلفة التي تكلفتها الشركة مرتين.. المرة الأولى عندما دفعتها لصالح ممثل – أياً كان من هو هذا الممثل، والمرة الثانية عندما استفزت التكلفة مشاعر المستهدفين، وأثرت بالسلب عليهم، بل وعلى عملاء الشركة ايضاً.
بالتالي انقلبت العاطفة الإيجابية التي كانت مرجوة من الشركة، إلى ربط عاطفي سلبي بين المستهدفين من الإعلان والبراند المعلن.
ملاحظة جانبية.. هل التكلفة العالية جداً في الإعلان عيب؟
دائماً إذا وصلت لأسماع العملاء والناس المستهدفة من المنتج، أم أنها تحمل في طياتها مزايا أحياناً؟
الإجابة بسيطة جداً. وهي أن التكلفة الكبيرة تؤثر في الغالب ايجابياً مع منتجات الرفاهية، او التي تستهدف عملاء على درجة كبيرة من القدرة المالية، وهم لا يتم التأثير عليهم من خلال الأسعار ولا العروض، ولكن يتم التأثير عليهم من خلال خصائص المنتج وكفاءته وتميزه.
هناك مثال لإعلان قديم لشركة BMW، في جريدة الأهرام المصرية، قد يوضح هذا الأمر.
اشترت الشركة الصفحتين المقابلتين في داخل الجريدة، ومن المعروف أن هذا حدث مع تكلفة عالية جداً، خصوصاً عندما تعلم أن هذا كان في ظل الرواج الكبير الحادث لجريدة الأهرام، وقبل ظهور الكثير من الجرائد التي استحوذت على نصيب سوقي الآن، فلنقل أن التكلفة دخلت في نطاق الملايين لحجز هذه المساحة الإعلانية.
هل تعرف كيف كان شكل وتصميم هذا الإعلان؟
كان الإعلان خالي تماماً من أي تفاصيل او كلام او صور للسيارات، خلى تماماً إلا من لوجو الشركة وكلمات بسيطة في نهاية الإعلان تتساءل من يستطيع أن يفعل ذلك؟!
الشركة تقول انها وصلت من القوة والفخامة والقدرات انها يمكنها دفع الملايين في الفراغ، ولا تحتاج لسرد كثير من التفاصيل عن نفسها، فهي معروفة للجميع، وأقوى وأقدر من كل المنافسين، وعلى الرغم من أن إعلان كهذا قد يبدو مستفزاً للبعض، لكنه بالطبع ابهار إعلاني للكثير، ويكفي انها حالة إعلانية ظل الناس يتداولونها حتى الآن.
هل يمكن أن يأتي عميل او مشترى لسيارات BMW ويشتكي من هذه السياسة الفاسدة، او المصاريف الاعلانية التي تصرفها الشركة، ويقول مثلاً لولا وفّرت الشركة هذه المصاريف ووضعتها في تحسين خدماتها؟ بالطبع لا.
إن الوضع هنا مختلف.. المجال يدخل في حيز الرفاهية – Luxury، بل الرفاهية المفرطة، أما من يشتري السيارة فهي الفئة التي ترحب بالرفاهية وتدفع فيها راضية، ضف إلى ذلك أن الشركة نفسها لا تعاني من تلك المشاكل على مستوى خدمة العملاء أو تطوير المنتجات او غيرها.
تعالوا الى مثال آخر، يدخل ايضاً في حيز منتجات الرفاهية نوعاً ما، ولكن هذه المرة لا يكون المنتج للفئة الأعلى، ولكنه مازال يخاطب فئة تهتم بالجودة والكفاءة والإبداع، حتى لو بجانب السعر.
هل تذكر إعلان هوندا التروس – Cog؟
نعم.. إنه ذلك الإعلان الذي استهلك من الوقت 3 أشهر تنفيذ، وحوالي الـ 6 ملايين دولار، وهو الإعلان الذى أراد ان يثير الناس ويحرك مشاعرهم تجاه اداء فائق وجودة عالية لمكونات السيارة هوندا، ولأن السوق هنا يتحرك بمعايير الجودة والكفاءة أكثر من السعر، فلم يشتكي الناس من تكلفة الإعلان ولم يعترضوا، بل كانت التكلفة سبب من أسباب نشر الرسالة الإعلانية فيروسياً.
أريدك الآن أن تقارن هاتين الحالتين بحالة فودافون الإعلانية مع عادل إمام، الأمر مختلف تماماً، لأن الفئة المستهدفة من فودافون غير الفئة المستهدفة من إعلانات السيارات عموماً، وإعلانات BMW، وهوندا خصوصاً! ومن يشتري ويستخدم خدمات فودافون هم الطبقة العظمى من الشعب، والتي تعاني من ظروف اقتصادية متواضعة، إن لم تصل في كثير من الأحيان لظروف اقتصادية صعبة، فكيف لك أن تستفيد هذه الفئة بهذه النوعية من الإعلانات وتكاليفها؟!
هنا تأتي فائدة دراسة فن وعلم الإعلان دراسة علمية صحيحة، وليس الموضوع ارتجالي بالمرة، وهناك مصاريف إعلانية ومجهود ووقت تتكلفهم في سبيل تطوير وإخراج ونشر هذه الإعلانات، وإن لم تنجح هذه الإعلانات، وكانت اسباب الفشل في يدك، فلا تلومنّ إلا نفسك والفريق الذي يعمل معك..
المؤثرين والمشهورين قد يهدمون سمعة البراند
السبب الثاني لفشل إعلان فودافون كان نوعا ما خارج عن إرادة وتحكم الشركة.
وقت إذاعة الإعلان كان قبل ثورة يناير المصرية، وبالطبع هناك تاريخ ما قبل الثورة وما بعد الثورة، وعموماً فإن الإعلانات يكون لها فترة بث على التلفزيون وتختفي، ولكن انا اتكلم هنا عن اختفاء الإعلان من على الانترنت، او دعونا نقول، عدم انتشاره الانتشار المتوقع له على الانترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي وأولها اليوتيوب.
الأولى التسويقية هي نظرية بسيطة تقول بأن مصدر الرسالة قد يكون سبب مباشر في إيذاء صورة المنتج، ففي أوروبا وأمريكا مثلاً، كثير جداً من مشاهير الفن والرياضة، والذين كانوا أبطال لإعلانات عالمية لشركات كبرى، كانوا السبب في ايذاء صورة المنتجات والخدمات التي وصّوا بها في هذه الإعلانات بسبب فضائحهم الاخلاقية ومواقفهم السلبية، والتي لم تؤثر عليهم شخصياً فقط، انها أثرت على المنتجات التي وصوا بها، وبالطبع ستحاول الشركات في هذا الوقت سحب الاعلانات التي يظهر بها هؤلاء المشاهير، او العمل على أن ينساها الناس حتى لا يربطوا المنتج بصور ذهنية سلبية.
ما حدث في حالة هذا الإعلان، أن مصدر الرسالة الإعلانية وهو عادل إمام، كان ضد الثورة المصرية، وهو شأنه كشأن الكثير من أهل الفن والمشاهير في مصر، وإذا اتفقنا ان الثورة المصرية لاقت التأييد من أغلب الناس في مصر، خصوصاً في مراحلها الأولى وفي أعقابها مباشرة، فسوف يكون من المنطقي ان نفهم ان عادل امام في ذلك الوقت هو شخصية غير مرغوبة من فئة كبيرة من المجتمع المصري الثائر، وبالتالي تدفع الشركة تكلفة الإعلان الكبيرة بدون عائد فيروسي كبير كانت تتوقعه من هذا الإعلان.
أذهب إلى النقطة الثانية في هذا التحليل، وهي طبيعة الشعوب العربية العاطفية، وهي طبيعة تجعل الشعوب العربية تُثار بسرعة، وتنسى ايضاً بسرعة!
ما حدث وقت الثورة وأعقابها، من تأييد للفئة الأكبر من الشعب لحقوقه ولثورته، جعل هناك كره مباغت وكبير لمن هو ضد الثورة، وبالتالي ففي حالة ممثل مثل عادل إمام، فكان أمامه، وأمام إعلانه العالي تكلفة جداً، قوتان ضغط: الأولى قوة الضغط الثورية، والثورة تتميز بتعصبها الشديد وإلا لما كان اسمها ثورة من الأساس، فهي تكون طاقة غضب جارفة.
وأما العامل الثاني فهو عاطفية الشعب المصري الذي كرهت طائفة كبيرة منه هؤلاء أصحاب المواقف السلبية أثناء الثورة وبعد الثورة مباشرة، وذلك لموقفه من الثورة والثوّار، هذا الضغط الذي خفّ كثيراً بعد مرور الشهور على الحدث الكبير، فنجد الرجل يخرج بأعماله كأن شيء لم يحدث، وكثير من الناس نست ما حدث، وربما بالمناسبة هذا هو السبب في أن الكثير من الناس انطفأت طاقة الغضب والثورة لديهم بعد وقت من الأحداث، والسبب معروف في رأيي “الشخص العاطفي يستثار سريعاً، وينسى أيضاً سريعاً”
إذاً فقد كانت الشركة مضغوطة، بسبب مصدر الرسالة الإعلانية -عادل إمام- من جهتين.. الجهة الأولى هو أن مصدر الرسالة قد يربطه الناس ربط سلبي مع منتج الشركة (وذلك بسبب موقفه من الثورة)، والجهة الأخرى هي الضغط العاطفي الثوري الحادث من الشعب المصري، وبالتالي كانت النتيجة استسلام الشركة، ووضع الإعلان في أدراج الفشل، ولو مؤقتاً.
استخدام النوستالجيا في الإعلان
من أبرز تطبيقات استخدام العاطفة في التسويق هو أسلوب استخدام النوستالجيا في الإعلانات.
من أكثر الأشياء المثيرة للانتباه مؤخراً هو لعب الشركات على الوتَر العاطفي لدى الناس، خصوصاً جيل الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، تحاول الشركات ربط منتجاتها بذكريات جميلة لدى الناس في حقبة هي من أهم الحقب في رأيي لأنها كانت بداية الانفتاح بين دول العالم وشعوبها، وبداية ثورة التكنولوجيا.
ما هي النوستالجيا؟
لن أترجم الكلمة، بل سأستخدمها حرفياً كما هي لأن كلمة نوستالجيا هي كلمة مشتقة من كلمتين يونانيتين في الأصل هما (nóstos) وتعنى العودة إلى الوطن، وكلمة (álgos) وتعنى الألم، وقد استخدمها أحد الأطباء في القرن ال17 ليصف معاناة وقلق المرتزقة السويسريين أثناء حربهم بعيداً عن الديار. النوستالجيا تعني ببساطة رغبة الناس في أن يعيشوا في زمن مضى، وهو ما لن يحدث بالطبع، فيصيبهم هذا التذكر ببعض السعادة، وربما بعض الاكتئاب في أوقات أخرى.
على الرغم من أن هذا المصطلح طبياً يميل لكونه شيء يدل على الاكتئاب والألم لرغبة أحدهم في أن ينتقل أي زمان او مكان يحبه ولا يستطيع ذلك، لكن الآن هذا المصطلح سوف يعبّر عن واحد من أقوى الأساليب التي تستخدمها الشركات، بل ويستخدمها الكثير الآن خصوصاً على شبكات التواصل من اجل اثارة بعض الذكريات القديمة الرائعة.
عدد كبير من الشركات حاول تذكرة الناس بالماضي وربطهم بمنتج او خدمة الشركة بشكل عاطفي إيجابي، بيبسي تنتهج هذا الخط العاطفي منذ عدة سنوات في إعلاناتها في رمضان، لكن دعونا نعود إلى الأصل، إلى واحد من أكثر الإعلانات العبقرية التي – في رأيي – بدأت بها مايكروسوفت حقبة استخدام النوستالجيا في التسويق والإعلان.
دعونا نحلل هذا الاعلان ببساطة..
مايكروسوفت تمتلك واحد من أسوأ المتصفحات الإلكترونية – Browsers من ناحية البطء بالتحديد، وأرادت أن تخرج بفكرة اعلانية مبتكرة للترويج للنسخة الأحدث من متصفحها، ففكرت في أن تربط الناس بذكريات رائعة في الصغر، وملخص الاعلان يقول أنك قد لا تتذكرنا، ولكننا تقابلنا من قبل (في التسعينات)، ثم تبدأ في تذكرة المشاهد بكثير من الذكريات الرائعة في التسعينات، وتختتم الفيديو الإعلاني بأنك نضجت وهي الأخرى (مايكروسوفت) نضجت، وكأنها تعتذر عن سوء متصفحها وتعد بأنها كبرت ونضجت وأصبحت أفضل!
من أفضل اللمحات في هذا الإعلان هو أن معظم الذكريات تشَاركها جيل التسعينات حول العالم، أي أنك من خلال الإعلان تكتشف انه ليس أنت فقط من استمتع بهذه الألعاب والذكريات، بل معظم الأطفال حول العالم تشاركوا نفس المتعة!
إن هذا الإعلان لم يكن مجرد محاولة من مايكروسوفت، بل في رأيي هو إعلان مؤسس لفكرة استخدام النوستالجيا في الإعلانات، ويوضح مدى تأثير الفكرة على المشاهد. ولكن يظل السؤال، لماذا تستخدم النوستالجيا بالتركيز خصوصاً على جيل الثمانينات والتسعينات.
الإجابة بسيطة جداً، وهي أن هذا الجيل هو ما يشكل القوة الشرائية الأكبر. هذا الجيل أغلبه في أواخر العشرينات والثلاثينات الآن، وهذه الفئة هي التي تستهلك المنتجات والخدمات، لأكثر من سبب، من ضمن هذه الأسباب ان سنهم هو سنّ الانطلاق والحماس وتجربة الأشياء، وأضف إلى ذلك أن هذا السن مدعم باستقلالية مادية، فهم يملكون المال لشراء جميع ما يحتاجون من المنتجات والخدمات، ولنكن أدق تسويقياً، فهو السن الأكثر استهلاكاً للمنتجات الاستهلاكية سريعة التحرك – FMCG مثل الاطعمة والمشروبات، ثم ضف عليها الملابس.
لأن هذه الشريحة كبيرة، وربما تكون هي أهم شريحة في الهرم الاستهلاكي للمنتجات والخدمات، فالشركات الآن تفكر في استهدافهم بطريقة مبدعة، وهي أن تربطهم بزمان وذكريات قديمة، وسوف تحاول الشركات وضح أقصى طاقة من السعادة في هذه الذكريات، كل هذا ينعكس على الصورة العاطفية الايجابية جداً لدى الناس عن المنتج (تحديث: هذه الحالة مر عليها سنوات، لذلك كانت أكثر وضوحا حينها في استهدافها لجيل التسعينات).
في دوراتي التدريبية نحاول ان يكون الهدف من الكورس مشروع تجاري عبارة عن منتج او خدمة، لكي يصل المتدرب الى مرحلة تطبيق ما درسه في التسويق بشكل عملي.
في الفترة الأخيرة بدأت أجد حماس من المتدربين لكي تكون خطة التسويق العملية التي سنطبّق عليها الكورس هي لأحد المنتجات القديمة التي أحبها الناس خصوصاً في التسعينات، هناك امثلة كثيرة جداً على هذه المنتجات من ضمنها اللبان السحري، ومشروب كراش، وجيلي كولا، وشيكوبون. منتجات كثيرة تربط الناس بذكريات رائعة في الماضي، ويكون التحدي الأكبر لمطوّر مثل هذه الخطط التسويقية أن يستهدف الشريحة المناسبة بمنتج ذو جودة عالية، وينتظر نصيب سوقي كبير ومبدأي من هؤلاء المبادرين المتشوقين لأي منتج من رائحة زمان!
كنت رأيت إعلان لفيلم لآدم ساندلر اسمه Pixels يروى بشكل كوميدي ان انه في محاولة العلماء على الارض التواصل مع العالم الخارجي في الفضاء، قد أرسل هؤلاء العلماء بعض الألعاب الإلكترونية (في حقبة التسعينات) وسط ما ارسلوه من بعض الأشياء لتعريف العالم الخارجي بنا، فيبدو أن غرباء الفضاء قد رءوا هذه الألعاب بشكل عدائي فصمموا وحوش الكترونية على شكل هذه الألعاب، حيث تغزو الأرض وتهاجم البشريين!
الفيلم لا يبدو أنه على جودة عالية من التنفيذ وربما لن يحقق الانتشار المطلوب، ولكن الرائع يظل في أن هناك من يستخدم النوستالجيا بطرق مبدعة للغاية لاستهداف الشريحة الأكبر من السوق وهي شريحة الشباب.
ما مدى قوة النوستالجيا في التسويق؟
بعيداً عن التسويق لن تخبو النوستالجيا وتأثيرها على المدى القصير، من ضمن الأسباب لذلك هو مدى التعقيد الذي وصل له العالم الآن بين حروب وأزمات اقتصادية طاحنة، وتطاحن بين الثقافات.
كلها عوامل جعلت الناس ترى في النوستالجيا ملجأ يشعرون فيه ببعض السعادة المؤقتة. يوجد بعض الحملات الطريفة التي كانت تلعب على فكرة نوستالجيا ايضاً مثل تصوير الاشخاص بنفس الاماكن وبنفس الملابس التي استخدموها في صورهم القديمة! هذه الحملات وغيرها تحقق انتشار خصوصاً على شبكات التواصل وهذا يعكس قوة النوستالجيا.
أما على الجانب التسويقي، أعتقد أن الناس تملّ الشيء إذا زاد عن حده، وهذا ما تفعله الشركات للأسف انها تعيد وتكرر في نفس الفكرة حتى تفقد الفكرة قوتها.
لكن رأيي الشخصي أن نجاح الفكرة قد يكمن في أن تتجاوز النوستالجيا افكار الاعلانات والحملات الترويجية، لتأخذ منحى آخر يكمن في توظيف المنتجات وأشكالها وطرق تصميمها وتغليفها لتخدم فكرة النوستالجيا، على سبيل المثال هناك سيارات قديمة مميزة بأشكالها العتيقة المغرية لمحبي السيارات، دعونا نقول جران تورينو مثلاً، مثل هذه السيارات قد يتم دمجها شكلاً مع السيارات الحديثة فتخرج لنا سيارات رائعة تذكّر الناس بالماضي.
يمكنك ايضاً أن تستخدم طرق تغليف قديمة للمنتجات بحيث تذكرهم بالماضي، هناك أمثلة كثيرة جداً لذلك، كلها تقع في إطار ابداع الشركات في إخراج منتجات تستغل فكرة النوستالجيا.
استخدام الولاء للبراند في التسويق العاطفي
هذه الحالة الاعلانية ايضاً مبدعة وعاطفية في المقام الأول، ولكنها تأتى هذه المرة من شركة ميني كوبر – Mini Cooper تلك السيارة الصغيرة، والتي أراها من أكبر الحالات التسويقية في التاريخ التي تثبت أن الترويج يفعل الأعاجيب!
نعم.. فالسيارة الصغيرة لأول وهلة وبدون خبرة او تجربة من قبل، وبدون التأثير بالرسائل الترويجية سواء المباشرة أو غير المباشرة، لن تصدق حجم حب كثير من الناس حول العالم لها، ولن تصدق سعرها الذي يدفعه هؤلاء الناس للحصول على هذه السيارة الصغيرة العجيبة.
ميني كوبر اعتمدت على الإعلام (كالتسويق الضمني) كعنصر أساسي وحيوي جداً للحصول على انتباه الناس، وخصوصاً الفئة التي تحب هذا النوع من السيارات الصغيرة السريعة.
اعتمادها مثلاً على الظهور في أفلام هوليود ليس من قبيل الصدفة، فهي تريد بناء علامتها التجارية على أسس عاطفية بحتة، وبشكل ضمني غير مباشر، انها تريد (صنع حالة)، لا تريد بيع سيارة فقط، بل خلق مجتمع وأسلوب حياة خاص ومرتبط بهذه السيارة.
في هذا الإعلان نجد أن ميني كوبر تقدم رسالة عاطفية للغاية، وهذه الرسالة مبنية على طريقة وأداة أسلوب الحياة – Lifestyle الشهيرة. أسلوب الحياة هو طريقة اعلانية لربط المنتج أو الخدمة بأسلوب حياة لفئة من الناس، أسلوب حياة قد يكون للرياضيين، او الناجحين، او الطموحين، أو المنطلقين، أو المتحمسين.. الخ.
هنا في هذا الإعلان تستخدم أسلوب الحياة لكن بطريقة أخرى أدهشتني، ولا أعلم إن كانت قصدت الشركة في الإعلان فعل ذلك أم أنه جاء بدون تنسيق. لم تستخدم الشركة في الإعلان ممثلي أسلوب الحياة، لم تستعين بأشخاص في أسلوب الحياة الذي اختارته. إذا كانت بيبسي تربط منتجاتها في الاعلان بأسلوب الحياة الشبابي المنطلق، فهي تستعين دائماً بشباب لفعل ذلك، وإذا كانت اديداس تريد اظهار أسلوب حياة الناجحين، فيكون ممثلي هذا الاسلوب في الاعلان هم اشخاص مثابرين متفوقين وناجحين في مجالاتهم.
هنا ميني كوبر لم تستعن بأشخاص يتميزون بالولاء العالي والحب الشديد لسيارات ميني كوبر، بل استعانت بمن يمثل صفات هؤلاء الشباب، ولم تجد في هذه الحالة أفضل من هذا الطفل في الإعلان.
أي أنها أرادت ربط المنتج بأسلوب حياة الأشخاص الذي لديهم ولاء وحب هائل للسيارة، ولكن رأت أن هؤلاء الأشخاص لن يستطيعوا إظهار هذا الأسلوب بالشكل المطلوب، ففكرت في الاستعانة بطفل لتجسيد صفات هؤلاء الاشخاص، خصوصاً ان الصفة المطلوب إظهارها هي الحب الخالص الصافي بدون وضع لمعايير منطقية أو أسباب واضحة لهذا الحب، وهذه الصفات وهذا النوع من الحب الكبير الصافي يخرج غالباً من الأطفال!
لا أعرف إن كانت الشركة قصدت هذا الإعلان بهذه الجودة او الفلسفة المعقدة نسبياً، لكن في كل الاحوال هو من ضمن الاعلانات المميزة لميني كوبر على الرغم من بساطته.