إعلانات مبدعة | 10 حالات إعلانية مبتكرة
سوف تستمتع في هذه المقالة بكثير من الأفكار والتفسيرات التسويقية لـ إعلانات مبدعة من شركات عبقرية عالمية، وصلت من الخبرة والإبداع لأن تقدم اعلانات على أسس علمية سليمة وفي نفس الوقت مشوّقة ومبهرة للمشاهد.
(بعض الحالات الإعلانية التي سوف تجدها في هذه المقالة وفي المدونة عموما لشركات براندات عالمية أثبتت مواقف مخزية في القضية الفلسطينية، فذكر هذه الأمثلة هي للاستفادة فقط تسويقيا، ولا ينفي الانطباع السلبي عن هذه الشركات)
هوندا تبدع في كل شئ!
هذا الفيديو الاعلاني لهوندا والتي أسمته “أيادي هوندا – Honda Hands ” رائع للغاية وحقق نجاح مدهش ولفت نظر الناس، وبالتالي انتشر، ووصل لعدد كبير من المشاهدين وبذلك حقق هدف الإعلان عموماً وهو تحقيق انتشار اسم المنتج – Brand Awareness.
مع الوضع في الاعتبار ان معظم الناس تعرف هوندا، وان هذا الإعلان لا يعدّد مزايا أو فوائد لمنتج جديد، فهو إعلان تذكيري بامتياز – Reminder Advertisement، وبالتالي هدفه الأسمى أنه يشارك في تثبيت صورة هوندا الذهنية في عقول المشاهدين.
لي الآن بعض الملاحظات التسويقية التي أريد أن أشاركها معك:
1- روعة الإعلان تسويقياً في أنه يصب في مصلحة الصورة الذهنية التي تريد هوندا تثبيتها، وهي الابتكار والإبداع. انه فن تسويقي لا يفهمه كما تفهمه الشركات العبقرية الكبرى. أعنى هنا تثبيت الرسالة الترويجية مهما اختلفت الأفكار وتعددت الحملات الإعلانية.
2- المعادلة واضحة وصريحة لبناء المواقع الذهنية – Positions، فقط أذكرك بها: تطوير في المنتج بما يخدم موقعك الذهني + تثبيت رسالتك الترويجية على نفس الموقع الذهني + وقت = موقع ذهني قوي كالجبل، وبالتالي علامة تجارية قوية. وهذا ما فعلته هنا هوندا وهذا هو سر إعجابي تسويقياً.
3- أضف على ميزة إظهار وتثبيت الموقع الذهني لشركة هوندا والمتعلقة بالإبداع، أنه أخبرك بسر هذه الموقع الذهني و أظن أن هذه المرة سبّبت قوة للموقع الذهني. ما هو سبب الإبداع من وجهة نظر هوندا؟ الفضول.. بالفعل. ولذلك بدأت هوندا الإعلان بـ (دعونا نرى ماذا يمكن ان يفعل الفضول!).
شركة هوندا استلهمت ابداعها وفضولها من واحد من أكثر الناس ابداعاً وحباً للتطوير والتجديد، هذا الشخص الفضولي بطبعه هو سوتشيرو هوندا.
4- البساطة هي سر الإبداع. لا تعنى البساطة أن يكون الإعلان رخيص، ولا تعنى أن يكون بأقل التكاليف، لكنى – وهذه وجهة نظر شخصية – أرى أن البساطة تميز الشركات الكبرى في كل شيء، بداية من ملابس الموظفين فيها وانتهاء بإعلانات رائعة بسيطة مثل إعلانات هوندا. أرى حتى ان الاعلان البسيط يستطيع مخاطبة العقل بسهولة وبدون تعقيد، وهذا هو الهدف.
هذا الفيديو الأخر يعطيك نفس فكرة الإبداع، المنبثقة من روعة ما يمكن أن يفعله الفضول.
هل عبقرية ليجو تؤذيها!
كثير جداً من الأطفال حول العالم يحبّون لعبة تجميع المكعبات الصغيرة لتكوين أشكال رائعة، هذه هواية مفضلة لديهم، فكيف يكون الأمر مع منتجات واحدة من أفضل الشركات ان لم تكن الأفضل في إنتاج مثل هذه المكعبات، وهي شركة ليجو الشهيرة – LEGO.
المشكلة هنا ان ليجو مبدعة في رسائلها الترويجية لدرجة مدهشة، ولدرجة كبيرة يراها الناس مبالغة. بصراحة اعلاناتهم صعبة التفسير نوعاً ما، لدرجة انى عندما أضع إعلانات ليجو المبدعة على صفحة التسويق اليوم على فيس بوك أجد صعوبة كبيرة في فهم الإعلان من كثير من روّاد الصفحة، فما بالك بطفل صغير مستهدف من هذه الرسالة الترويجية لشركة تنتج منتجات خاصة بالأطفال؟!
شاهد مثلاً هذا الاعلانات ل LEGO، هل ستفهم فكرتهم بسهولة؟
الإعلان الأول يوجه رسالة مفادها أن تبتكر وتبدع عن طريق مكعبات ليجو. للطفل خيال قوى يستطيع ان يتخيل أي شكل في العالم، او أي كائن في العالم، ثم يكوّن الشكل المناسب بالمكعبات لهذا الشكل. ان الامر كله متعلق بالخيال والابتكار.
الاعلان الثاني يعطيك انطباع ان الطفل قد كوّن عالم متكامل او مدينة متكاملة، ثم وقف يشاهد إنجازه بكل فخر! بالطبع تلاحظ من الاعلان الاول والثاني كيف تربط ليجو منتجاتها، أو مكعباتها، بالخيال الجامح للأطفال.
الاعلان الثالث ايضاً إعلان خارجي مبدع رائع، يربط مكعبات الشركات بالواقع، وكأنك تبنى مبنى عملاق عن طريق هذه المكعبات.
السؤال هنا هل هذه الرسائل سوف تصل بسهولة الى الشريحة المستهدفة ام أنها سوف تضيع مع صعوبتها، وربما تؤذى عملية وصول الرسالة الترويجية تماماً؟
في رأيي انها تفيد الرسالة الترويجية، بل اراها في الحقيقة عبقرية من الشركة، لأنها حددت الشريحة المستهدفة بكل دقة ممكنة، ثم وجهت الرسالة الترويجية الخاصة بالابتكار والإبداع للشريحة التي تفهم هذه الصفات وتحبها وتتعلق بها، وبالتالي سوف تبحث الشريحة المستهدفة عن هذه الرسالة وعن هذه المنتجات المبدعة دائماً بشغف.
وبالنسبة لباقي الشرائح غير المبتكرة او مبدعة فسيصلها ايضاً في الغالب الرسالة وربما يفهموها ويتأثروا بها، وهذا هو الهدف من الإعلان – Brand Awareness.
مايكروسوفت تستخدم النوستالجيا
يبدو من احصائيات المدونة هنا ان معظم الزائرين يعبرون إلينا من بوابات فايرفوكس – Firefox، وجوجل كروم – Google chrome، وهذا ليس من باب المدح أو التسويق لهذه المتصفحات الالكترونية، ولكن واضح ان انترنت إكسبلورر – IE تواجه أزمة حقيقية، والبارز جداً في هذه الازمة ان سببها هو بطء المتصفح بشكل عجيب مقارنة بالمنافسين الأقوياء سواء فاير فوكس وجوجل كروم.
على العموم فقد طورت مايكروسوفت اخيراً متصفحها الجديد IE، والذي من خلاله تعدك انها تحسنت وتطورت، ولكى تثبّت هذه الصورة في أذهان الناس في السوق، بدأت في نشر إعلان عاطفي – emotional ad ، لم تركز فيه على خصائص المنتج الجديد او مزاياه، بل وجهت من خلاله رسالة عاطفية للغاية لجيل التسعينات الذي بدأ حياته مع الانترنت مع هذا المتصفح.
بدأت مايكروسوفت تذكرنا بكثير من الأشياء التي كبر معها وعليها هذا الجيل، وهذه حيلة لا تخيب غالباً في ظل ان الإنسان عموماً يحب الذكريات السعيدة، فما بالك تذكيره بذكريات طفولته! يبدأ الإعلان بـ “ربما لا تتذكرني، لكننا تقابلنا في التسعينات”، وينتهي بـ “حينها كان يبدو المستقبل مشرق، أنت نضجت.. ونحن كذلك”.
لا تنسى ان مايكروسوفت وجهت هذه الرسالة لهذا الجيل بالتحديد، ليس فقط لأنه من كبر ونضج على متصفح مايكروسوفت في السابق، وربما يحنّ إليه، ولكن في رأيي ان السبب التسويقي الأبرز في هذه الحركة الاعلانية من مايكروسوفت هو أن هذا الجيل بالفعل هو الجيل المتواجد بكثافة بمعدل استخدام هائل الآن على الإنترنت، وهو جيل الشباب في نفس الوقت، وفئة الشباب تكون الرابحة تجارياً بالنسبة للشركات في الغالب، نظراً لسهولة العمل عليهم تسويقياً وترويجياً، ونظراً لأعدادهم الكبيرة في المجتمعات.
هذا الإعلان من أفضل الاعلانات العاطفية التي رأيتها في حياتي والتي تمس بشكل مبدع جداً المُشاهد، خصوصاً المُشاهد من الفئة المستهدفة من الإعلان. هل هي تجربة اعلانية وفقط، أم تجربة اعلانية وراءها تطور تسويقي من جانب مايكروسوفت؟ سنرى! (يمكنك العودة لمقالتي عن استخدام العاطفة في التسويق)
ميني كوبر.. الحب الصافي!
هذه الحالة الاعلانية ايضاً مبدعة وعاطفية في المقام الأول، ولكنها تأتى هذه المرة من شركة ميني كوبر – Mini Cooper تلك السيارة الصغيرة، والتي أراها من أكبر الحالات التسويقية في التاريخ التي تثبت أن الترويج يفعل الأعاجيب!
نعم.. فالسيارة الصغيرة لأول وهلة وبدون خبرة او تجربة من قبل، وبدون التأثير بالرسائل الترويجية سواء المباشرة أو غير المباشرة، لن تصدق حجم حب كثير من الناس حول العالم لها، ولن تصدق سعرها الذي يدفعه هؤلاء الناس للحصول على هذه السيارة الصغيرة العجيبة.
ميني كوبر اعتمدت على العلاقات العامة كعنصر أساسي وحيوي جداً للحصول على انتباه الناس، وخصوصاً الفئة التي تحب هذا النوع من السيارات الصغيرة السريعة.
اعتمادها مثلاً على الظهور في أفلام هوليود ليس من قبيل الصدفة، فهي تريد بناء علامتها التجارية على أسس عاطفية بحتة، وبشكل ضمني غير مباشر، انها تريد (صنع حالة)، لا تريد بيع سيارة فقط، بل خلق مجتمع وأسلوب حياة خاص ومرتبط بهذه السيارة.
في هذا الإعلان نجد أن ميني كوبر تقدم رسالة عاطفية للغاية، وهذه الرسالة مبنية على طريقة وأداة أسلوب الحياة – Lifestyle الشهيرة. أسلوب الحياة هي طريقة اعلانية لربط المنتج أو الخدمة بأسلوب حياة لفئة من الناس، أسلوب حياة قد يكون للرياضيين، او الناجحين، او الطموحين، أو المنطلقين، أو المتحمسين.. الخ.
هنا في هذا الإعلان تستخدم أسلوب الحياة لكن بطريقة أخرى أدهشتني، ولا أعلم إن كانت قصدت الشركة في الإعلان فعل ذلك أم أنه جاء بدون تنسيق.
لم تستخدم الشركة في الإعلان ممثلي أسلوب الحياة، لم تستعين بأشخاص في أسلوب الحياة الذي اختارته. إذا كانت بيبسى تربط منتجاتها في الاعلان بأسلوب الحياة الشبابي المنطلق، فهي تستعين دائماً بشباب لفعل ذلك، وإذا كانت اديداس تريد اظهار أسلوب حياة الناجحين، فيكون ممثلي هذا الاسلوب في الاعلان هم اشخاص مثابرين متفوقين وناجحين في مجالاتهم.
هنا ميني كوبر لم تستعن بأشخاص يتميزون بالولاء العالي والحب الشديد لسيارات ميني كوبر، بل استعانت بمن يمثل صفات هؤلاء الشباب، ولم تجد في هذه الحالة أفضل من هذا الطفل في الإعلان.
أي أنها أرادت ربط المنتج بأسلوب حياة الأشخاص الذي لديهم ولاء وحب هائل للسيارة، ولكن رأت أن هؤلاء الأشخاص لن يستطيعوا إظهار هذا الأسلوب بالشكل المطلوب، ففكرت في الاستعانة بطفل لتجسيد صفات هؤلاء الاشخاص، خصوصاً ان الصفة المطلوب إظهارها هي الحب الخالص الصافي بدون وضع لمعايير منطقية أو أسباب واضحة لهذا الحب، وهذه الصفات وهذا النوع من الحب الكبير الصافي يخرج غالباً من الأطفال!
لا أعرف إن كانت الشركة قصدت هذا الإعلان بهذه الجودة او الفلسفة المعقدة نسبياً، لكن في كل الاحوال هو من ضمن الاعلانات المميزة لميني كوبر على الرغم من بساطته.
(مجتمع) كوكا كولا المتعصب
على مر السنين لم يكن هناك أقوى كوسيلة ترويجية من التسويق بالمديح. إنها حكاية رائعة عن منتج ما أو خدمة سببت إشباع وسعادة لمشتريها، وهاهم يردون الجميل للشركة التي لبت رغباتهم وربما أكثر، بمثل هذا الاطراء والمديح في المنتج. تخيل وقع هذه الحكاية الرائعة عن المنتج على المجتمع الذي يسمعها، إنها أهم بالنسبة له وأكثر مصداقية من مئات الإعلانات التي تخرج من الشركة نفسها.
تخيل ان التسويق بالمديح الذي يخرج تلقائياً من مشترين اشتروا المنتج وأعجبوا به وبجودته، تحوّل إلى تسويق بالمديح يخرج من أشخاص في قمة التعصب والحب لمنتجهم او شركتهم المفضلة!
هذا الأمر نراه مع مجموعات متعصبة جداً لعلامات تجارية مشهورة حول العالم، من ضمنها مثلاً هارلى ديفيدسون، وأبل، وكوكا كولا.
كوكا كولا في بداياتها أنفقت ومازالت حتى اليوم تنفق الملايين على الترويج والإعلانات بهدف تكوين هذا الجيش من المشترين الأوفياء، وبالفعل حصلت على العائد مضاعف اضعاف كثيرة، عن طريق هذا الجيش المتعصب والمتحمس للدفاع عن كوكا كولا في أي وقت، هذا المجتمع لم يعد يشرب كوكا كولا كمشروب غازي، ولكنه أصبح مجتمع كوكا كولا!
عندما تصل الشركات لهذه المرحلة من القوة، قوة بناء مجتمعات من المشترين، تكون حصلت على كنز استراتيجي يجعلها تطمئن على مبيعاتها لفترة كبيرة قادمة.
أعرف أن الكثير الآن يسأل كيف فعلتها كوكا كولا، وانا لو اعطيتك جواب سريع فسأكون قد ظلمت هذه الحالة التسويقية الرائعة، ولكن يجب ان تعرف ان إنجاز كوكا كولا لم يكن يسير، انه نتيجة عمل متواصل عبر عشرات السنين، ومن خلال استراتيجية محكمة تركز على شرائح سوقية لديها ولاء عالي للمنتجات، مع ربط المنتج بالفرحة والتجمع والأمل، وربطه خصوصاً في المجتمع الأمريكي برموز أمريكية شهيرة ومحبوبة ويرتبط بها الناس عاطفياً، لقد اجتهدت كوكا كولا، وبالتالي حصلت على علامة تجارية توازى بلايين الدولارات، بالإضافة لجيش من العملاء الأوفياء.
شاهد أحد الفيديوهات الترويجية التي أخرجها أحد هؤلاء الجنود المتعصبين في جيش كوكا كولا.
التسويق بال (فان دام)!
من منكم لم يشاهد إعلان فان دام الرائع الذي يروّج لشاحنات فولفو؟! عندما نشرته لأول مرة على صفحة المدونة على فيس بوك، لم أكن أتخيل أن ينتشر هكذا بشكل فيروسي على الإنترنت وفي كثير من الصفحات، بالطبع بالنظر إلى أنه ترويج لشاحنة.. إذاً الخلاصة أن فولفو عبقرية!
بدأت أفكر في الأمر من أكثر من زاوية، أولاً وجود شخص مثل فان دام في هذا الإعلان، وهو الأمر الكفيل بجذب شريحة كبيرة من الشباب مواليد الثمانينات والتسعينات، وهم شريحة تعرف فان دام جيداً، وربما ذكّرها الإعلان حتى بأيام الطفولة!
لم يكن ظهور فان دام كافياً لنشر الفيديو بشكل فيروسي، بل كان عليه بأن يقوم بشيء مدهش لم يسبقه أحد من قبل فيه، وهو حركة الرياضيين الشهيرةSplit التي تعبر عن مرونة مدهشة لهذا الرجل (الغير شاب) في نظر الكثير، هذه الحركة الصعبة جداً الى فعلها على شاحنتين من شاحنات فولفو العملاقة، وهم يرجعون إلى الخلف!
إذا وصلت لآخر الفيديو الترويجي ستجد تحذير من هذه الحركة الخطرة وأنه تم تنفيذها في أماكن مغلقة، أي أنه يقول لك لا تبالغ في مدح هذه الحركة الخارقة فهي تمت بمساعدة الخدع البصرية! هل كان هذا الأمر سيؤثر على نسب المشاهدة؟ بالتأكيد لا.
نفس فكرة أفلام الحركة وغيرها، نعلم ان أغلبها خدع بصرية، ولكنها تظل تبهر المشاهدين! هذا يحدث لان العقل لا يميل لتعقيد الأمور كثيراً، إنه أمر مشوق، وعلينا الاستمتاع به، وهذا سر انتشار هذا الإعلان الغريب.
كيف طورت فولفو هذا الإعلان؟ صدقني لم يكن الأمر صعب بقدر التنفيذ.. فهي نفذّت خطوات تطوير الإعلان التقليدية.
أولاً فكرت في ميزة تنافسية – Competitive Advantage تريد إظهارها للمشاهدين وخصوصاً الشريحة المستهدفة، ثم طورت الفكرة الكبرى – Big Idea، والتي تمت هكذا “شاحنات فولفو ثابتة على الطريق وكأن لو فان دام نفسه أراد أن ينفذ حركة الانشقاق – Split عليها أثناء تحركها – حتى لو أثناء سيرها بالعكس – لفعل ذلك بكل سهولة!”، اعطت هذه الفكرة لـ كاتب نصوص إعلانية – Copywriter لكتابة السيناريو، وأخرجها لهم أحد المخرجين الرائعين – Art Director. (راجع مقالتي عن كيفية تطوير الإعلان)
صُنع في الصين!
ترتبط الصين ومنتجاتها في بلادنا بصورة ذهنية سيئة للغاية، دعونا على الأقل نقول انها صورة المنتج قليل الجودة، أو بمعنى أدق، هو ذلك المنتج الذي يقدم خدمة أو منتج بكفاءة أقل من المنافسين مع سعر أقل كثيراً منهم، وهذا ليس عيباً، إنها استراتيجية تسويقية بالفعل تلك التي تقدم فيها الشركة منافع أقل من المنافسين بسعر أقل كثيراً -Less Benefits for Much Less Price، ولكن الصين (الحقيقية) ليست كذلك.
الصين لم تكشّر عن أنيابها بعد، فأعتقد أنه مازال بإمكانها الكثير، وعلى الرغم مما أخبرك به الآن، فهي بالفعل عملاق عالمي يحسب له الجميع ألف حساب، ودعونا نتكلم تسويقياً.. الصين هي ملجأ الشركات الكبرى الآن وهي تغيّر بالفعل كثير من الاستراتيجيات وكثير من البرامج التسويقية.
أكبر ميزة في الصين، والتي ربما تكون عيب في كثير من البلاد، هي الكثافة السكانية الهائلة، وهي بالفعل كانت مشكلة تؤرق بلد تريد الإنفاق على شعب يتعدى المليار نسمة، لكنها بذكاء مدهش وتخطيط بارع حوّلت هذا العيب لميزة كبيرة.
الآن تتميز الصين بأنها من أكثر البلاد في العالم التي توّفر لك عمالة قليلة التكاليف وماهرة في نفس الوقت. إن العمل والإنتاج بالنسبة للصيني هو الحل الوحيد لكي يتغلب على مشكلة الكثافة السكانية الكبيرة، وبالتالي مع وجود عمالة كثيرة وماهرة ومنتجة بهذا الشكل، سوف يتم تقليل تكاليف الإنتاج، وبالتالي تقل أسعار الشركات.
الصين تنتج جميع أنواع المنتجات بجميع درجات الكفاءة والجودة، ولكن للأسف تركيز التجّار في بلادنا على جلب (الأرخص) جعل مع الوقت هذه المنتجات الصينية ترتبط لدى الناس ب(الأسوأ).
الآن بلاد العالم، وعلى الخصوص الشركات في أوروبا وأمريكا، تلجأ إلى الصين وتبنى بها المصانع، معظم المنتجات الرائعة في العالم تصنيع صيني! لماذا تستغرب أنى اقول لك مثلاً ان الـ iPhone الأنيق، وهو منتج من منتجات شركة آبلApple التي لا تقبل بالفعل منتجات قليلة الجودة، أي فون يتم تصنيعه في الصين، وتكتب عليه الشركة هذا بشكل بارز بفخر!
الصين غيّرت المعادلات، وحتى لو الشركات لم تقلل أسعارها لأنها اعتمدت على تكاليف أقل من الصين، فهذا يعنى شيء آخر، أن هذه المصانع في الصين أنقذت الشركات العالمية من ورطة كبيرة، ولولاها ربما لم تستطع تلك الشركات العالمية أن تحافظ على أسعارها في السوق (خصوصاً مع الأزمات الطاحنة التي تتعرض لها) وهي الأسعار العالية بطبعها.. فما بالك لو زادت مع زيادة تكاليف الإنتاج في أوروبا وأمريكا!
هذا الإعلان الذي تراه لتلسكوبات اوريون المكبرة يريك مقدرته التكبيرية الهائلة لكل شيء حتى التي ربما يبدو محرج منها، مثل هذه العلامة على العلم الأمريكي على القمر والذي يخبرك بأنه صُنع في الصين.
الإعلان طريف جداً ويستغل فكرته الإعلانية للسخرية من حقيقة المنتج الأمريكي الذي يفخر به الناس، وهو مصنوع في الصين. أعتقد الآن ومع تطور استراتيجيات الشركات لم يصبح الأمر بهذا التعقيد، إن الشركات الآن فخورة او على الأقل معتادة واعتاد الناس معها، على (صنع في الصين).
الإعلان ب (المقارنة)
لطالما تحدث في هذه المدونة عن التسويق بالمقارنة، ذلك الفن الرائع والذي اعتبره سلاح الشركات الصغرى والمتوسطة بشكل خاص لكي تسوّق منتجاتها بشكل أسرع وأقوى.
التسويق بالمقارنة يُظهر للناس مزاياك بالمقارنة مع مزايا وعيوب الآخرين، وهذا كفيل في حد ذاته بمساعدة المشترين، وهذا هو المطلوب.
المشتري لا يعشق المنتج بدون سبب، هو لا يحب سوى المنتج الذي يمتلك ولاء عالي له، وهذا يحدث على المدى البعيد، أما على المدى القريب، وإذا لم يصل بعد لهذه المرحلة فهو يشترى المنتج الأفضل، والمعلومات الصحيحة هي التي توفر له اتخاذ قرار صحيح، هذا ما يفعله التسويق بالمقارنة.
لقد اعتادت الشركات على وضع شركات منافسة في الإعلان، لكي تُظهر ميزتها على الشركة المنافسة، فيها ما يتم بشكل علمي صحيح، وفيها ما هو غرضه الفكاهة فقط وإظهار التفوق، كما فعلت كثيراً شركات بيبسي – كوكا كولا، اديداس – ونايكى، وأكثر هذه الإعلانات في اعتقادي تكون بواسطة هواه محبين لتلك العلامات التجارية.
أتركك مع بعض هذه الإعلانات الطريفة بين المنافسين.
التسويق بـ (الأخلاق)!
عروض البيع الترويجية – Sales Promotions هي من أهم أدوات الترويج – Promotion Mix، وتهدف لتنشيط المبيعات، ولن أقول زيادتها.
ببساطة أنت تستطيع أن تبيع منتجاتك وخدماتك على مدار فترة من الزمن، ولكن تأتى عروض البيع الترويجية لتنشيط المبيعات، وهذا في حد ذاته له أهداف كثيرة.
من ضمن أهداف عروض الترويج تلك هي انها تنشط العاملين والذين قد يصيبهم الملل والضجر بسبب نقص المشترين، وهذا عيب يفهمه القائمون على الأعمال عموماً، إحساس العامل او البائع بالملل والاحباط شيء كارثي للشركات ومبيعاتها.
عروض الترويج برغم من أهميتها للشركة وقوتها في تنشيط المبيعات، قد تسبب بعض وربما كثير من نظرات الريبة والشك من المشترين، فأنت مثلاً تبيع للمشترى هاتف محمول بتخفيض 10%. من يفعل ذلك.. ولماذا؟! أهو هاتف مستعمل أم به عيوب؟ لماذا يريد صاحبه أن يتخلص منّه؟ ربما تزيد الشكوك عندما تجد نفس الهاتف عند منافسين آخرين لديهم الأمور طبيعية ولا يلجؤون لعروض ترويجية قد تبدو (غريبة) على المشترين.
إذاً عروض البيع الترويجية رائعة ومفيدة جداً تسويقياً لكن يجب ان تطبقها بشكل مبدع، وملفت، وفي نفس الوقت لا يثير الريبة.
على سبيل المثال، تلجأ المحال التجارية لعمل تخفيضات في مواسم معينة، غالباً يكون السبب هو تصفية المنتجات قبل الموسم الجديد، هذا سبب كافي للمشترين للشراء بدون تردد أو خوف، خصوصاً أن مواسم التخفيض تلك والمعروفة عندنا بالأوكازيون، تحدث من معظم الأسواق التجارية في نفس الوقت، ولسبب معروف. هذا يكفي للاطمئنان إذاً.
هذه الصورة التي تراها لمحلّ إيطالي يقدم القهوة، وأراد عمل عروض ترويجية لتنشيط مبيعاته، لا أعلم السبب للأمانة، إذا كان أخلاقي بحت، أم تسويقي بحت، ولكني سأعتبره تسويقي بحت، بل تسويقي مبدع يستحق الدراسة والتأمل.
هذا المطعم أو الكافيه يضع عرضه الترويجي المميز بناء على أخلاق الزبون!
- اريد قهوة = 3 يورو
- اريد قهوة من فضلك = 2 يورو
- صباح الخير. اريد قهوة من فضلك =1 يورو
الآن هو عرّف السبب للزبون وهو أنه يعطيه العرض الترويجي لأن أخلاقه متميزة!
إذاً هو يعطينا سبب كافي لعدم الشك في العرض الترويجي، وفي نفس الوقت لا يقلل من نفسه، وأخيراً يحقق انتشار لنفسه بفكرته التسويقية العجيبة.
التسويق ب (الأخطاء)!
صورة أخرى لفتت الأنظار، هل هي مقصودة أم لا؟؟ لا أعرف، لكنها حالة تستحق التأمل.
أولاً منذ أيام كنت أنتقد بشدة من يرمى بإعلانات سواء إلكترونية أو مطبوعة وبها أخطاء إملائية. أنا لا اتهكم على شخص يخطأ، فمن منّا لا يخطئ أخطاء فادحة! ولكن ان تخطأ في كلمات سهلة وواضحة في إعلانك فهذه كارثة تسويقية، ليس لها علاقة بأخطاء الإنسان.
أنت بهذه الطريقة تضيع ميزانيات صغيرة أو كبيرة، بناء على حجم شركتك وأعمالك.
أنا لا اتوقع ان تتسبب هذه الأخطاء في عدم فهم للإعلان، أو فهمه بطريقة خاطئة، قد يحدث هذا، ولكن ليست هذه مشكلتي! مشكلتي هي ان الاعلان سوف يتسبب في تدمير الدليل المادي على أنك تقدم شيء جيد باحتراف. انت تخطئ في كلمات إعلانك، فكيف هي جودة منتجاتك وخدمة عملاءك؟!
أما هذه الصورة من الصين فهي لشخص (لطيف) قد ترجم اسم شركته أو محلّه التجاري في قاموس إلكتروني، ليضعه بلغة أخرى، فحصل على رسالة خطأ فنى – Translate Server Error، فظنها الترجمة ووضعها كما هي. الظريف أنه بالرغم من الكارثة التي فعلها صاحب المحلّ إلا أن هذا الخطأ سبّب انتشار غير عادى لصاحبها، هل هي مقصودة إذاً؟ وأنت تجيب لا تنسى أن هذه النوعية من الإعلانات جزء مهم من فكر الجوريلا ماركيتنج!