الاستراتيجية والتخطيط

استراتيجيات التنافس | اختر لشركتك واحد من 4 مواقع تنافسية في السوق

في هذه المقالة سوف أعرفك على استراتيجيات التنافس المختلفة، وسوف أركز على 4 مواقع تنافسية تعمل طبقا لها أغلب الشركات في السوق، وهي مواقع القيادة، التحدي، التابعية، واستغلال الثغرات.

قائد السوق – Market Leader

سنتحدث الأن عن الموقع التنافسي الأول والأهم وهو قيادة السوق، وسنتعرف على استراتيجية قائد السوق، والتى تمكنه من الحفاظ والدفاع عن مكانه وحصته السوقية، ومحاولة زيادتها أمام المنافسين في السوق.

تحديات وصعوبات قيادة السوق

كل سوق كبير له قائد للسوق بالتأكيد، على سبيل المثال جوجل في محركات البحث، IBM في تكنولوجيا المعلومات، ماك في الوجبات السريعة، مايكروسوفت في السوفت وير.. الخ من الأمثلة، وهؤلاء القادة قد يتركون أماكنهم في المقدمة أحيانا لبعض الشركات الكبرى أحياناً، لكن يظلوا قادة سوق في أغلب الوقت.

ميزة قائد السوق للتابعين والشركات الصغيرة أنه يتحمل عبء كبير وخطر. العبء والخطر يتملثان في ابتكار منتجات وخدمات جديدة قد تفشل، كما أنه يشيل عن الشركات الصغرى مسئولية تحريك الأسعار ووضع المزانيات الترويجية التى قد تكون مقياس لما بعده وتحته من الشركات، تستطيع أن تستفيد منه وتسير عليه.

القائد ليس شركة مُنعمة مرتاحة في مكانها، بالعكس فقائد السوق كما أخبرتك دوما في خطر، ومصاريفه التشغيلية والترويجية عالية، والجميع ينتظر وقوعه أو تعثره للاستفادة، والحصول على نصيب سوقي منه، وكل شئ يأتى بثمن، وثمن القيادة هي عدم الأريحية الكامل، والضغط المستمر ليظل في موضع القيادة.

هناك شركات استفادت من قيادة شركات كبرى وتجاربها في استخراج منتجات جديدة، مثل آبل التى بنت على تجارب نوكيا في الهواتف التى تعمل باللمس، كما أنها طورت جهاز تقليدي مثل سوني ووكمان، لتحوله لشكل الـ IPod، ذلك الإختراع العبقري الذى قضى على منتج سوني، وقضى على عدد كبير من شركات إنتاج الموسيقى.

مشكلة القائد دوما هو أنه إذا استسلم للروتين وتحول لشكل حكومي ممل لا إبداع فيه، يكون من السهل على متحدي السوق أن يحصلوا على القيادة منه، مثل المثال الشهير لمتاجر التجزئة (سيرز) عندما احتلت الصدارة والقيادة منها متاجر وول مارت العملاقة.

مشكلة أيضا لاحظتها في القيادة هو أنه مع الوقت – إذا لم يحدث تجديد في دماء المديرين – يحدث له اكتفاء وقلة في التطور والتجديد، وهذا يسحب منه القيادة، كما في حالة Levi’s العملاق عندما ترك القيادة للمتحدين الذين عرفوا وفهموا تغير الأسواق والـ trends، مثل GAP و Guess وغيرهم. وإذا كان التغيرات والتطورات كان سريعة عموما في كل الأوقات باختلاف أذواق الناس وميولهم، فهي تسير الآن بسرعة الصاروخ مع التقدم التكنولوجي وتغير الأذواق بين يوم وليلة!

أهم شئ في القيادة هو الحذر و (الصحصحة) دائما لكل ما يحدث في السوق من تغيرات، خصوصا من المنافسين الجدد. فحتى لو كان المنافس الآن لا يمثل لك كقائد سوق شئ يُذكر، لكن التغيرات تحدث سريعا، وقد تجده بين يوم وليلة يأخذ نصيب سوقي منك، خصوصا أن كثير من الداخلين الجدد في الأسواق يعملون باستراتجية منافع أقل بسعر أقل كثيرا، وهذا يصادف هوى كثير من الجمهور الذي يريدون جودة منتجات القائد، أو شئ قريب منها، لكن بأسعار أقل كثيرا.

استراتيجيات قيادة السوق

قيادة السوق من أصعب استراتيجيات التسويق لأنها تتضمن أن تكون دائما متأهب لكل المتربصين بك، سواء متحدي السوق، أو التابعين في السوق، أو حتى مستغلي الثغرات التسويقية، وتحاول باستمرار أن تحافظ وتنمى وتدافع عن نصيبك السوقي وسمعتك التى اكتسبتها. سوف أخبرك ب 3 استراتيجيات تسويقية يتبعها قائد السوق لكي يفعل ذلك.

مد وزيادة الطلب على المنتج

أول استراتيجية لقادة السوق هي محاولة زيادة الطلب على المنتج – Expanding The Total Demand. تحاول الشركة بهذه الاستراتيجية تعظيم الطلب – Demand من حولها، عبر تكثيف الترويج والاعلان، لكي تعرّف السوق بشكل أكبر على منتجاتها، وبالتالي يزيد الاهتمام والطلب، وبالتالي يزيد نصيب السوق الذي تستحوذ عليه، وبالتالي تبيع الشركة وتربح أكثر.

ولكي تفعل ذلك، قد تلجئ لعدة استراتيجيات تسويقية:-

تستطيع الشركة أن تزيد من عدد المستهلكين، مثل شركة أديداس عندما حاولت الدخول لشريحة المرأة والرياضيات، مع استراتيجية تسويق وترويج ومنتجات مخصوصة لهذه الفئة.

تستطيع الشركة زيادة حجم الطلب والبيع أيضاً عن طريق الدخول لمناطق وأقاليم جغرافية جديدة، فمثلا اذا كانت الشركة تركز على المدن، تستطيع التوجه إلى الأقاليم والمحافظات (إذا سمحت الاستراتيجية والصورة الذهنية بذلك).

تستطيع أيضاً الشركة أن تزيد من حجم وعدد استخدامات المنتج، مما يزيد من الضغط والطلب على المنتج، مثل شركة كامبيلل التى تقدم مجموعة كبيرة من وصفات وخلطات الطبخ عندما تروج لمنتجاتها الغذائية، وهي بذلك تدعو نفس المستهلك لشراء منتجاتها مرارا وتكرارا.

حماية النصيب السوقي الحالي

حماية نصيب السوق للشركة – Protecting Market Share، هي الاستراتيجية الثانية التى يمكن لقائد السوق اتباعها، وهذا بسبب أن نصيب السوق يتغير دائما، بسبب حدة المنافسة والظروف الاقتصادية وغيرها، وبالتالي فالشركة قائدة السوق عليها أن تكثف مجهودها لمحاولة – على الأقل – الحفاظ على نصيبها السوقي المتاح، باستراتيجية هجومية تحاول فيها تطوير المنتج وخصائصه وإمكانياته باستمرار.

إذا نظرت لكل الشركات قائدة السوق، سوف تلاحظ الوتيرة الهائلة التى يسيرون بها، آبل على سبيل المثال لا يمر عام أو اثنين بالكثير إلا وتجد لديها الجديد في مجال التكنولوجيا والتصنيع، والشركات الكبيرة غالبا ما تتعمد ألا تخرج كل التكنولجيا لديها مرة واحدة، بل تنتظر لكي تظل تخرج للسوق بتكنولوجيا جديدة كل عام، وذلك لكي تحافظ على ولاء العميل، وتكراره لعملية الشراء، للتحديث وتجديد المنتج القديم، وبالتالي هي تحافظ تقريبا على نفس نسبة النصيب السوقي، خاصة من هؤلاء العملاء ذوي الولاء العالي.

زيادة النصيب السوقي

زيادة النصيب السوقي – Expanding Market Share غالبا ما تلجأ إليه الشركات قائدة السوق عندما توصل لنضج واستقرار في حجم السوق والعملاء ذوي التكرار، فتلجئ لاستراتيجية هجومية تحاول فيها الحصول على نصيب سوق من المنافسين والتابعين في السوق، وهي استراتيجية صعبة جدا على الشركات الكبيرة، لأنه وفي حين أن التابعين والشركات الصغيرة تستطيع أن تأخذ نصيب سوقي من الكبار ذوي الأقدمية، يصبح الأمر أصعب على الشركات المعروفة أصلا والتى وصلت لمرحلة النضج ونصيب سوقي شبه ثابت.

نقطة مهمة عند تعريف النصيب السوقي، وهو أن الأصح هو أن يتم حساب النصيب السوقي على (السوق المخدوم – Served Market). فعلى سبيل المثال لا تستطيع ليكزس – وهي براند سيارات فاخر نوعا ما – أن تحسب نصيبها السوقي من إجمالي سوق السيارات المباعة عموما، بل الأصح أن تحسب نصيبها السوقي من سوق السيارات الفاخرة، على النقيض – فالبراند الشقيقة تويوتا – عليها أن تحسب نصيبها السوقي في سوق السيارات المتوسطة أو الاعتمادية، وعندما تقرر هذه الشركات التوسع، أو زيادة النصيب السوقي، فهي تحاول أولا فعل ذلك في السوق المخدوم، فإذا لم تستطع، حينها تحاول الحصول على نصيب من السوق العام، وهذا أصعب بالتأكيد.

نقطة مهمة أخرى بخصوص النصيب السوقي، وهي تتعلق بمدى ربحية هذا النصيب السوقي، فإذا أردت الحصول على حصة سوقية أكبر، قد يأتى هذا بتكاليف أكبر وأرباح أقل، وأحيانا مع نوعية مزعجة من العملاء.

قد تحب الشركة الحصول على حصص سوقية أكبر لأسباب كثيرة جدا من ضمنها طرد منافسين كبار من السوق، إظهار القوة وقيادة السوق، وإغلاق كل المنافذ على الداخلين الجدد، ولكن يجب أن تفهم أن حصولك – كشركة صغيرة أو متوسطة على نصيب سوقي كبير – قد يأتي على عكس استراتيجية تعظيم الربح.

لذلك هناك حالتين لكي يكون الاستحواذ على نصيب سوقي أكبر ميزة لصالحك وليس ضدك:

الأولى هي أن تقل تكلفة الوحدة المباعة مع كل نصيب سوقي تستحوذ عليه، وبالتالي أنت تبيع أكثر، وتغطى التكاليف الثابتة، فيزيد ربحك.

الحالة الثانية هي أن تبدأ في ابتكار وعرض منتجات جديدة للسوق، بحيث أن تستحوذ على نصيب شراء أكبر من كل عميل، وبالتالي أيضا في هذه الحالة أنت تقلل التكاليف وتعظم المبيعات والأرباح الإجمالية لشركتك.

متحدي السوق – Market Challenger

في هذه المقالة سوف أعرفك على استراتيجية من ضمن استراتيجيات التنافس في السوق، وهي استراتيجية متحدي السوق – Market Challenger، وفيه تحاول الشركة أخذ نصيب سوق بشكل مباشر أو غير مباشر من قائد السوق.

من هو متحدي السوق – Market Challenger؟

هو شركة تريد أن تواجه قائد السوق بشكل مباشر، وسحب نصيب سوقي منه. على عكس استراتيجيات أخرى مثل استراتيجية التابع – Market Follower الذي يؤثر السلامة، فالمتحدي يعلن حرب واضحة وصريحة ومباشرة على القائد، وعلى الرغم من خطورة وصعوبة تطبيق الاستراتيجية لكنها تحقق نتائج كبيرة جدا إذا تم لها النجاح.

المتحدي يشترك مع التابع في بعض المزايا، من ضمنها أنه ينتظر القائد يبتكر ويقدم ما لديه، ثم يقوم المتحدي بتقديم نفس المنتج أو الخدمة في شكل أفضل أو سعر أقل، يحرج به القائد في السوق، والفرق هنا بين المتحدى و التابع أن المتحدي أكثر جرءة ويمتلك الموارد المالية للترويج والاعلان والتعديل على المنتجات والابتكار فيها.

يجب أن يمتلك المتحدي رؤية دقيقة وأهداف واضحة لاستراتيجية التحدى لأنها استراتيجية ذات نفس طويل وغاية في الخطورة. قد تكون الاهداف في نطاق الاستحواذ على نصيب سوقي من المنافس، وقد تكون إحراجه أمام الجمهور، بتوفير نفس المنتج بمزايا أكبر أو سعر أقل، أو خدمة العميل بشكل أفضل.

التنافس بين بيبسي وكوكا كولا

حرب بيبسي وكوكا كولا كشفت الكثير من طرق وفنيات هذه الاستراتيجية التسويقية..

أولا دخول بيبسي في السوق كمتحدى، جعلها تحقق أرباح صافية أكبر كثيرا من كوكا كولا التى كانت تبيع أكثر، لكن تكاليف بيبسي في البداية لم تكن كـ كوكا كولا وهذا يثبت أن المتحدى الجديد في السوق قد يكون أفضل من ناحية القوة الذهنية – والشبابية والحماس – وأيضا من ناحية قلة التكاليف بالمقارنة مع القائد.

بيبسي تحدث كوكا كولا وأخرجتها أمام الجمهور، عندما خرجت في تجارب في الشارع، وعرضت المشروبين على الماريين في الشارع، وغمّت عيونهم لكي لا يتعرفوا على المنتج الذي يتذوقوه، وصورت التجربة حيث أعجب الناس بطعم بيبسي وفضلوه عن كوكا كولا، وفي رأيي هذا كان أكبر تحدى تسويقي لقائد في السوق.

الاحراج استمر لكوكا كولا عندما قدمت كوكا كولا مشروبها الجديد – نيو كوك – لتتغلب على هذه الاحراج من التحدي، لكن ما حدث هو احراج أكبر من جمهورها الذي لم يرحب بفكرة المشروب الجديد، ونزل الناس في مظاهرات في الشارع ليعلنوا رفضهم لنيو كوك ويطالبوا بعودة مشروبهم الأصلي.

هناك نوعين من استراتيجيات التحدي، أول نوع هو الهجوم الأمامي المباشر – Frontal Attack، وفيه المتحدى يحارب القائد بشكل مباشر ويحرجه عن طريق خفض الأسعار أو الخصومات الكبيرة أو تقديم نفس المنتجات بمزايا إضافية كبيرة، ويسعي فيه المتحدي لسحب نصيب سوقي كبير ومباشر من القائد في السوق.

في مرة سألوا مدير شركة كبرى دخلت باستراتيجية التحدي، هل كنت تملك الموارد الكافية لذلك، قال لا، هل كنت تملك المال، قال لا، هل كان لديك منتج أفضل أو عروض ترويجي أكبر، قال لا، فسألوا كيف كنت تحارب القائد، قال بقوة التصميم والإرادة! وبالتأكيد كانت الإجابة الخاطئة التى تسببت بفشله.

من ضمن المتحدين المشهورين في العالم، هو ريتشارد برانسون، وقد دخل برانسون بشركات وبراندات بالعشرات، في كل الأسواق والمجالات تقريبا، وكان هدفه دائما احراج القائد وكشفه! وكان يستمتع بذلك، ولكن لا يمُكننا القياس كثيرا على فيرجن لأن ريتشارد معروف بتسرعه وجنونه، كما أن فيرجن لطالما حققت خسائر كبيرة في كثير من المجالات التى دخلتها. يُمكنك مراجعة مقالة أسرار برانسون.

أما النوع الآخر من الهجوم فهو الهجوم الغير مباشر – Indirect Attack، وفيه يحاول المتحدى سحب نصيب سوق من القائد، لكن باستراتيجيات أقل حدة، مثل دخول سوق – جغرافي – غير متواجد فيه القائد، أو الاستحواذ على – أو محاربة – التابعين الأصغر في السوق، بهدف الحصول على نصيب سوقي بشكل غير مباشر من القائد.

مثال آخر..

قد يكون قائد السوق عبقري في إيصال منتجاته عبر قنوات التوزيع والإمداد التقليدية، فيدخل متحدي السوق بنفس المنتج، لكن باستراتيجية تعتمد على توزيع المنتج أونلاين، عبر منصة إلكترونية قوية سهلة على المستخدمين، وقد يصاحب هذا تخفيض في الأسعار عن المنتج في فروع التوزيع والبيع التقليدية، في هذه الحالة يستطيع المتحدى سحب نصيب سوقي بشكل غير مباشر من قائد السوق.

تابع السوق – Market Follower

الآن سوف نناقش استراتيجية أخرى من استراتيجيات التنافس في السوق، وهي استراتيجية التابع في السوق – Market Follower، والتى تعتمدها كثير من الشركات المتوسطة لتتجنب الصدام المباشر مع قائد السوق وتوفر في التكلفة.

التابع في السوق – Market Follower هي شركة لا تملك نفس القدرات المادية، أو على مستوى البراندينج والمعرفة، وتميل أكثر أن تكون وراء القائد، تتعلم منه، ترى أخطائه، وتحاول أن تعالجها في منتجاتها، بمعنى أنه القائد هنا يأخذ زمام المبادرة في كل شئ، مثل الابتكار ودخول الأسواق، والتابع يرى ويتابع ويتعلم.

التابع في السوق قد تكون استراتيجية حكيمة أكثر بكثير – في بعض الأوقات – من تحدى القائد، والذي يملك إمكانيات، قد تجعله يخرجك حتى من السوق، إذا أزعجته. مثال شهير على الحرب الشرسة بين القائد وشركة أرادت أن تتحداه، هو الحرب بين وول مارت – رائد التجزئة العالمي – و كيه مارت، والذي حاول أن ينافس وول مارت بالعروض والتخفضيات والأسعار، وبالطبع فشل فشلا ذريعا في ذلك، لأنه لم يمتلك نفس المقومات والقوة المالية وطول النفس ومعرفة الموردين، ويسيطر عليهم وول مارت بالتأكيد.

أكبر ميزة يتمتع بها نموذج التابع في السوق، هو تجنب تكاليف ومشاكل الابتكار في المنتجات ودخول الأسواق الجديدة، ففي كل مرة ينتظر التابع استراتيجية القائد الجديدة في سوق أو منتج، ليتعلم منها، إذا نجحت يحاول أن يستغل هذا النجاح كما سوف أخبرك الآن، وإذا فشلت سوف يتجنب هذا السوق أو هذا المنتج.

كيف يستغل التابع مبادرة القائد؟

ببساطة، إذا نجح القائد في ابتكار منتج وشهد نجاح ما في في السوق، فسوف يحاول التابع الاستفادة من هذا النجاح بالطريقة التى تناسبه، أولا يكون الترويج أسهل لأن الناس أصبحت على علم بهذا المنتج الجديد (القائد أنفق الكثير من الترويج والاعلان عليه)، ويحاول التابع أن يقدم المنتج لكن بتكلفة أقل، ببعض المزايا والخصائص المختلفة، أو بتحسين العيوب التى رآها السوق من هذا المنتج الجديد.

من ضمن استراتيجيات التابع أيضا، استغلال نجاح المنتج الذي أدخله القائد، والدخول في أسواق جديدة – جغرافيا مثلاً.

من ضمن استراتيجيات التابع هي استراتيجية استغلال الثغرات التى سنتحدث عنها بعد قليل في نموذج مستغلي الثغرات – Market Nichers، وإن كان الوضع هنا مختلف، لأن مستغلي الثغرات يعملون فقط على استراتيجية واحدة هي تجنب الصدام مع القائد، أو متابعته في منتجاته واستراتيجاته، ويرون أن الأفضل هو العمل على شريحة صغيرة مختلفة تماما.

برغم أن هذه الاستراتيجية تبدو مربحة وجيدة خصوصا للشركات المتوسطة التى لا تريد صدام مباشر مع القائد، لكنها في خطر أن يتم سحب نصيب سوقي منها بشكل أسهل وأكبر من متحدي السوق – Market Challengers، والذين يميلون لأخذ نصيب سوقي من التابعين وليس من القائد مباشرة.

ضرورة الابتكار أحيانا

لذلك يجب على التابع في السوق أن يتخلى أحيانا عن التقليد للقائد، ويحاول الابتكار في شكل المنتجات، أي بتنويع الاستراتيجيات حتى لا يهدم البراند والهوية والصورة الجيدة أمام السوق (لأنه يقلد في كل شئ)، و وفي نفس الوقت لكي يقلل من نسب الفشل أو استحواذ المتحدين على نصيب سوقي منه.

قد يساعده الابتكار والتطوير على أن يذهب لأبعد من استراتيجية التابع فيكون قائد للسوق في منتج أو أكثر، مثل سامسونج التى كانت تابعة لآبل في فترات كثيرة، تقلدها لكن بابتكارات بسيطة في المنتجات، إلى أن أصبحت من القوة لتكون متحدية، وأحيانا قائدة في بعض منتجات وخطوط الهواتف – Mobile Phones.

باختصار.. إذا كان تابع السوق يتمتع بمزايا من ضمنها توفير التكاليف خصوصا تكاليف الابتكار والترويج والاعتماد في ذلك على قائد السوق، وإذا كان يستفيد من تحسين منحنى التعلم بشكل جيد عن طريق الملاحظة والمراقبة المستمرة، إلا أن الخطر في هذه الاستراتجية يتمثل في نقص الابتكار والصورة الذهنية لدى الناس أنه اختيار ثاني أو ثالث متأخر، كما أن الاعتماد الدائم على انتظار ابتكار أو ابداع القائد يجعله في خطر عدم توفر هذا الابتكار والابداع باستمرار، وبالتالي تأثره وفقدانه لشريحة من الجمهور.

مستغل الثغرات – Market Nicher

هنا نتحدث عن استراتيجية رائعة تتبعها الشركات الناشئة وتحقق لهم أرباح جيدة للغاية بالمقارنة مع كثير من الاستراتيجية التقليدية، واستراتيجية مستغلي ثغرات السوق.

تتنوع الثغرات التسويقية، ولا حدود لها، فقد تكون جغرافية، وقد تكون حسب سلوك المستهلكين، وقد تكون خدمية، مكملة للمنتجات في السوق، دعونا الآن نشرح استراتيجية استغلال الثغرات بشكل أكثر تفصيلا.

من هم مستغلي الثغرات التسويقية؟

الشركات مستغلة الثغرات – Market Nichers هي شركات مختلفة عن كونها قادة سوق أو تابعي القائد أو المتحدين، هي شركة ناشئة وأحيانا صغيرة، ولها هوية وشخصية مميزة، ولكنها تميل لعدم المنافسة بل إلى التكامل والسعى لسد الثغرات الصغيرة التى تركها المنافسين الكبار.

دعونا أيضا لا ننسى أن الثغرة أصل وأساس من أساسات علم التسويق، الذي يحاول أن يحدد احتياجات المشترين في السوق ويحاول تقديم منتجات وخدمات تشبع هذه الاحتياجات بشكل مربح (وأحيانا غير مربح في حالة التسويق في المجال التطوعي والخيري مثلا).

الثغرات هي مستقبل التسويق!

الثغرات فعلا هي الاستراتيجية التى يجب على كل الشركات الصغيرة الانتباه لها الآن، السوق لم يعد كالسابق، كل يوم شركة جديدة بفكرة جديدة بمنتج جديد، الآن وصلت معظم الأسواق لمرحلة النضج والاستقرار، ولم يعد هناك متسع كبير لإيجاد أفكار ومنتجات جديدة، فالحل إذا هو إيجاد ثغرات تركتها هذه الشركات الكبرى.

انظر مثلا لشركة مثل مايكروسوفت، كم سنة حتى الآن هي قائدة السوق في منتجات السوفت وير والتكنولوجيا، إذا كنت شركة جديدة في هذا السوق، هل من المنطقى أن تذهب لمنافسة مايكروسوفت، او حتى تتبعها! صعب للغاية، كل ماعليك إذا أن ترى ما الذي ينقص السوق أو يكمل هذه المنتجات والخدمات من الشركات العالمية الكبرى وتقدمها – مثلا – بشكل محلى يشبع احتياج شرائح محددة وأصغر من السوق.

الأزمات الإقتصادية لها دور مؤثر جدا في الانتقال لاستراتيجية تسويق الثغرات. الأزمة الاقتصادية تجعلك في حيرة من أمرك، ومشتت بين الزبائن والشرائح السوقية المختلفة، وتأتي غالبا الازمات لتطحن فئات واسعة من الجمهور المستهدف مما يؤثر على القدرة الشرائية والمالية لهم، لكن مستغلي الثغرات غالبا ما يستهدفون شرائح أصغر، بربح أكبر، بعيدا عن الجمهور الواسع، وبالتالي يكون أكثر وعيا وغالبا ما يمرون من الأزمات الاقتصادية الطاحنة أفضل من الشركات التى تنافس بشكل أوسع.

تالت سبب يجعل هذه النوع من التسويق هو سر التسويق الجديد الذي يجب أن تنتبه له وتحاول المضي قدما معه، هو أن البيزنس الحر الآن أصبح كابوس في ظل الأزمات الاقتصادية، وفي ظل التنافس الشرس بين الشركات في كل القطاعات. إذا بدأت عملك الخاص فأنت في ظل شركات أكبر حجما – حيتان السوق – وصلت لدرجة أنه لم يعد يكفيهم أسواق صغيرة، وهي تريد أن تسد احيتاجات السوق بشكل واسع، وألا تترك أي ثغرة للشركات الصغيرة الناشئة.

مع الأزمات الاقتصادية تتحول هذه الشركات لشركات وحيتان سوق أكثر شراسة، لكي تمر من هذه الأزمات العاصفة، وبالتالى تحاول التخلص السريع من أي شركة تحاول أن تزعجها أو تسحب منها نصيب سوقي خصوصا في ظل الظروف والأزمات الاقتصادية الصعبة التى تمر بها.

لماذا استراتيجية الثغرات مثالية للشركات الصغيرة؟

نأخذ مثال بسيط وبالقرب من معظمنا..

هل يستطيع كشك أو محل تجزئة صغير اليوم أن يفتح بسهولة وسط مدينة؟ في الغالب سوف يعاني بسبب عدد من الـ Supermarkets/ Hypermarkets التى تفتح في وسط المدينة وتجذب العدد الأكبر من الجمهور بعروض وتخفيضات أسبوعية مع تشكيلة كبيرة جدا من المنتجات من كل البراندات تفي بكل الاحتياجات المتنوعة، لذلك تعاني المحال الصغيرة، هذا إذا لم تغلق بالكامل!

في هذه الحالة التسويقية، الهايبر ماركت لديه كل القدرة على الصبر، والربح القليل في بعض المنتجات، أو حتى الخسارة أحيانا، لأن لديه مزيج ضخم من المنتجات والبراندات على رف التوزيع، هذا على عكس سوق التجزئة الصغير – التابع في السوق  في هذه الحالة – الذي لا يستطيع مجارة المنافس الأول أو الأكبر في كل تلك التنزيلات والعروض الترويجية. للأسف هذه التاجر الصغير لا يستطيع باستراتجيات المواجهة المباشرة أن يقف في وجه منافس أكبر من هذا الحجم، أو الوقوف وسط أزمة اقتصادية كبيرة.

أمثلة على الشركات مستغلي الثغرات

من ضمن الأمثلة على تسويق الثغرات محلات الأحجام الكبيرة أو الأطول الكبيرة، أو الأشخاص العُسر (كما فعل شركة لوجي تك في بعض منتجاتها). بالفعل أنت لديك الآن جمهور وسوق أقل كثيراً، لن هذه هي فكرة تسويق الثغرات الأساسية، جمهور أقل، باحتياجات غير مشبعة، بربح أعلى بالتاكيد من الربح الذي يحققه المحل الذي يبيع ملابس تقليدية.

هناك اعتقاد خاطئ بأن نموذج استغلال الثغرات يتبعه الشركات الصغيرة فقط، لكن الحقيقة أن هذا شئ نسبي، ما معنى صغيرة، قد تكون شركات صغيرة بالمقارنة مع شركات قادة للسوق العالمي، لكن إذا كنت شركة ناشئة تحقق ملايين ومستقر في السوق لمدة سنين، فأنت لم تعد صغير! قد تجد أن الثغرة السوقية أصبحت صغيرة على حجم نموك، لكن في هذه الحالة تستطيع استكشاف ثغرات جديدة، أو الذهاب لنفس الثغرة السوقية في مناطق جغرافية مختلفة مثلا.

هناك نقطة أخرى، كونك مستغل ثغرة في السوق، يجعلك أيضاً قائد في هذه السوق الصغير (أنت من صنعت السوق)، فمثلا شركة متخصصة في التأمين على الحيوانات الصغيرة – VPI، هي شركة تعمل على ثغرة وليست قائدة بالتأكيد في سوق التأمينات، لكنها قائدة في سوقها الصغيرة، وقد تخلق متحديين وتابعيين في هذا السوق الصغير.

يُمكنك أيضاً الرجوع لواحدة من أجمل مقالات التسويق وأكثرها زيارة وهي مقالة تسويق الثغرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى