الاستراتيجية والتخطيط

حالات ڤيركسام العملية 2: حرب الأسعار وكيف تتجنبها – كيف تُقسّم سوق الاعمال B2B – معايير الاستهداف الناجح

نسعى دائماً في ڤيركسام أن ندرس السوق الذي نعمل به جيداً وألّا ندخّر جهداً في البحث عن الإستراتيجية التسويقية الأمثل لكل عميل من عملائنا، لنتمكن من العمل وفق خطوات واضحة بناءاً على دراسة كافية.

في هذا المقال نستعرض حالة عملية لأحد عملائنا، ونشرح كيفية ومعايير تحليل السوق والوصول للاستراتيجية التسويقية التي تلائم طبيعة هذا السوق، و سنناقش بعض المفاهيم التسويقية الهامة كـ( التقسيم الفعال للجمهور المستهدف – Effective Segmentation / حرب الأسعار – Price War)

“لفني”هي شركة متخصصة في تقديم الهدايا الترويجية، لديها مزيج مدهش من الأفكار والمنتجات التى تستطيع أن تلفت بها نظر الشريحة المستهدفة. تبيع لفني منتجات (هدايا ترويجية) لشركات تقوم بتوزيع هذه الهدايا على موظفيها وعملائها، كجزء من الترويج وبناء البراند.

بدأت الشركة في عام 2011، وبحس فنّي رفيع استطاع مؤسس الشركة أن يكتشف ثغرة هامة في سوق الهدايا الترويجية وهي نقص الهدية المبتكرة ذات الجودة العالية، وأخذ قرار بإستيراد الهدايا من بلاد أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا، وحصل على وكالة حصرية لتوزيع منتجات شركات تتميز بأنها تخدم رؤيته في السوق، الجودة العالية بجانب الذوق الرفيع، ليرضي قطاع معين من السوق يبحث بشدة عن هذه المواصفات ليقدم هدية مميزة لعملائه. (يعتقد 72٪ من المستهلكين أن جودة المنتج الترويجي مرتبطة بشكل مباشر بسمعة الشركة ومكانتها بالسوق).

سوق الهدايا المُصممة بشكل شخصي – Personalized Gifts هو سوق ضخم للغاية يتوقع عالمياً أن يصل لما فوق ال30 مليار دولار، وحسب الإحصائيات فهذا السوق يحوي ما يزيد عن 40,000 شركة منتجات ترويجية في الولايات المتحدة فقط، فما بالك بإجمالي سوق الهدايا بشكل عام! وتلك الهدايا التي توزعها الشركات بشكل مبتكر وفيها لمسة من التفصيل طبقاً لمواصفات الشركة أو شريحتها المستهدفة هي عنصر أساسي من عناصر الإعلام والعلاقات العامة – Media and PR وهي ركن أساسي لا يُمكن الاستغناء عنه عندما يتعلق الأمر بالترويج لشركة كبيرة، أو حتى شركة ناشئة، يشتركون في أنهم يريدون تنفيذ برنامج ترويجي متكامل ومبتكر من أجل بناء البراند.

من ضمن أكبر المشاكل التى تواجه شركة لفني أو الشركات التي تعمل في نفس الصناعة هي حرب الأسعار – Price War، وهو تحدي أساسي يواجه أي شركة تعمل في سوق مفتوح وسهل الدخول نسبياً، حيث تقوم شركتان أو أكثر بتخفيض الأسعار باستمرار لتعجيز بعضها البعض.

والدخول في حروب الأسعار يعتبر إستراتيجية تنافسية تشارك فيها الشركات بهدف الاستحواذ على حصة أكبر في السوق، فتقوم الشركات المتنافسة بخفض الأسعار لجذب المزيد من العملاء للسيطرة على الحصة السوقية للشركات الأخرى التي تقدم منتجات أغلى، والذي قد يدفع بعض الشركات أحياناً إلي بيع منتج أو خدمة بخسارة!

.تلجأ بعض الشركات للدخول في حرب أسعار بهدف الاستحواذ على الحصة السوقية للمنافسين
تلجأ بعض الشركات للدخول في حرب أسعار بهدف الاستحواذ على الحصة السوقية للمنافسين.

تشتهر شركات الطيران بوجود حروب أسعار دائمة بينها، فعلى سبيل المثال إذا خفضت شركة الخطوط الجوية Aسعر الرحلة من لوس أنجلوس إلى نيويورك من 800 دولار إلى 700 دولار ، فقد تخفض شركة الطيران B-التي تتنافس على العمل على نفس الخط- سعرها إلى 650 دولارًا.

و قد تستجيب شركة الطيران A من خلال تخفيض سعرها إلى 625 دولارًا، وهكذا تستمر هذه الحرب طوال الوقت لجعل العملاء يقارنون دائماً بين أسعار الشركات ويتجهون للأقل سعراً.

(اقرأ: كيف تحارب منافس أقوى في السوق؟)

لذلك كانت أفكارنا التسويقية والتى سوف تظهر نتائجها في الترويج والإعلان هي كالتالي..

ربما تكون هناك حلول كثيرة لتجنب حروب الأسعار أو حتى الفوز فيها، لكن ما سنركز عليه هنا هو حل اللجوء إلى التقسيم الفعال – Effective Segmentation والاستهداف الدقيق.

أولاً يجب علينا التذكير بأننا نعمل في سوق تسّوق فيه الشركات لشركات أخرى (Business To Business Marketing)، والمعروف اختصاراً ب B2B Marketing ويعني كما يوحي الاسم، أنه تسويق المنتجات أو الخدمات للشركات والمؤسسات الأخرى.

وتعتمد أساليب التسويق B2B على نفس المبادئ الأساسية للتسويق للمستهلكين، ولكن يتم تنفيذها بطرق مختلفة. كما أن معايير التقسيم في سوق الشركات يختلف عن معايير التقسيم في سوق الأفراد.

فمن أشهر معايير التقسيم في سوق الشركات (B2B):

التقسيم حسب مجال الشركة والصناعة التى تعمل بها/ التقسيم حسب حجم الشركة أو عدد الموظفين بها/ التقسيم حسب رأس المال أو حسب العائد المادي الذي تحققه/ التقسيم حسب أماكن تواجدها جغرافياً/ التقسيم حسب مدى معرفتها بالمنتج أو البراند الذي تبيعه/ إلى آخره من العوامل العديدة الأخرى.

لتبسيط الأمور هنا، سوف نريك جانب واحد من تقسيم سوق الشركات التى تستهدفها لفني.. سنقوم بتقسيم الشركات التي تشتري الهدايا الترويجية حسب مجال عملها، فيكون لدينا هذه القائمة:

  • شركات وسيطة – Advertising Companies
  • شركات طبية أو تعمل في المجال الصيدلي
  • شركات في مجال البترول
  • شركات في مجال المشروبات والأغذية والمنتجات سريعة الاستهلاك
  • شركات عقارية
  • شركات في المجال الخدمي
  • شركات في مجال تقنية المعلومات

بالطبع هناك قطاعات اخرى لكن سوف نتناول سريعاً هذا التقسيم البسيط ونعطيك فكرة عن كيفية الاستهداف الأفضل.

مبدئياً يجب أن نفهم أن الاستهداف الفعال يجب أن يتحقق به 3 شروط هامة:

  1. أن تكون الشريحة المستهدفة كبيرة وتنمو، وبالتالي هي مربحة.
  2. أن تكون الشريحة المستهدفة مناسبة لإمكانيات الشركة ومواردها.
  3. أن التنافس ليس شرساً على الشريحة المستهدفة.

(اقرأ: خطوة تقسيم السوق.. قبل أم بعد بحث السوق؟)
إذا مررنا سريعاً على قائمة الشركات في التقسيم بالأعلى سوف نجد التالي:

  1. الشركات الوسيطة التي تشتري بكثافة عالية لأن لديها قاعدة عملاء جاهزة من الشركات التي تشتري هدايا ترويجية لكن المشكلة في أن لديها قائمة ايضاً كبيرة من الموردين، وبالتالي سوف تدخل في حرب أسعار مع هذه القائمة، بجانب أن هذه الشركات الوسيطة تريد الربح أكثر فربما لا تهتم بجودة المنتج كثيراً، وبالتالي هي لا تناسب رؤيتنا.
  2. الشركات الطبية وهي سوق ضخم للغاية، لكن هناك تنافس شرس وكبير على هذا القطاع من موردي الهدايا الترويجية والوسطاء وبالتالي لا يجب علينا الدخول في هذا السوق الشرس. بالإضافة لأن هذا القطاع يوزع الكثير جداً من الهدايا الترويجية فيميل للهدية قليلة الثمن، وهذا ايضاً لا يناسب إمكانيات ورؤية لفني.
  3. شركات المنتجات الاستهلاكية – FMCG وتعتبر مجال هام وكبير ويمتلئ بشركات عملاقة توزع الهدايا الترويجية على زبائنها في فروع التوزيع والبيع وفي المعارض والأحداث الترويجية، لكن هذه الشريحة مشكلتها في أنها تعتمد – بشكل كبير وغالباً بعقود متوسطة وطويلة المدى مع شركات وسيطة – في الترويج والإعلان وبالطبع من ضمن الجهود الترويجية والاعلانية تكون الهدايا الترويجية، وبالتالي هي لن تنظر خارج هذه الشركات الوسيطة للحصول على مرادها من الهدايا الترويجية.
  4. الشركات العقارية سوق جيد ولكن لا يجب أن نعتبره سوق كبير وينمو، لأنها تعتمد بشكل شبه أساسي على إعلانات التلفاز والجرائد وفي المعارض المتخصصة، وعلى الانترنت بكثافة الآن، وبالتالي ربما لا يستحق ان يكون شريحة مستهدفة أساسية لدى لفني.
  5. شركات تكنولوجيا المعلومات والشركات الخدمية Services/ IT التي تحتاج الهدايا الترويجية لتوزيعها على موظفيها المتواجدين بأعداد كبيرة، وعلى زبائنها المحتملين والمستهدفين في المعارض والأحداث الترويجية المتعددة التى تشارك بها والتى ربما تكون راعي رسمي – Sponsor لها، وعلى موزعين خدماتها داخل البلاد وربما خارجها ايضاً.

الشركات في هذا القطاع لهم طبيعة مميزة للغاية، وتناسب تماماً رؤية وتفكير لفني. اولاً هذه الشركات تنمو بشكل متسارع لتناسب طبيعة العصر المعتمد على التكنولوجيا والخدمات. يعتبر هذا السوق مستقر بشكل كبير، لأنه لا يعتمد على الأصول الثابتة – Assets كثيراً، ويستطيع تقديم خدمات لأى دولة ومن أي دولة! وبالتالي هو سوق لا يتأثر كثيراً بالأزمات الاقتصادية، كما تتأثر القطاعات الأخرى.

لدى كثير من هذه الشركات حس فني مميز ويريدون منتجات بجودة عالية حتى لو أتى هذا على حساب السعر، وبالتالي يحتاجون لمنتجات تماماً كالتي تبني عليها لفني استراتيجيتها لاختراق السوق.

هناك نقطة أخرى مرتبطة، وهي أنك لكي تستورد منتجات بجودة معينة من الخارج، ولا تعتمد على جلبها من السوق المحلي، يجب أن تمتلك إمكانيات التواصل اللغوي وربما أحياناً الثقافي مع أشخاص من خارج البلاد، وهو شئ لا يمتلكه الكثير من اصحاب شركات الهدايا الترويجية الذين لا يملكون لغة التواصل والتفاهم مع موردين خارج البلاد.

لذلك سوف نجد أن الثلاثة عناصر الاستهداف الفعال متوفرة في هذا القسم من الشركات – شركات IT/ Services – اولاً هي شريحة كبيرة ومستقرة وتنمو، ثانياً لا يوجد عليها تنافس شرس لأن احتياجاتها من الهدايا الترويجية اصعب نسبياً من احتياجات الشركات الاخرى، واخيراً هذه الاحتياجات تناسب فعلاً رؤية وموارد عميلنا.

*لا يعني استهدافنا لشريحة أساسية هي أننا لا نبيع منتجاتنا لباقي الشرائح، ولكن معناه أن الشريحة الاساسية تأخذ النسبة الأكبر من اهتماماتنا في تصميم المزيج التسويقي (منتج – تسعير – توزيع – ترويج وإعلان).

يتكون المزيج التسويقي من 4 عناصر: منتج-تسعير-توزيع-ترويج وإعلان
يتكون المزيج التسويقي من 4 عناصر: منتج-تسعير-توزيع-ترويج وإعلان

(اقرأ: كيف يختلف المزيج التسويقي للخدمة عن المنتج؟)

هذا التقسيم يسمح لنا بتصميم حملة ترويجية مميزة، لأننا حينها سوف نستهدف تسميات وظيفية محددة في شركات محددة، نعلم جيداً أن لديهم الحاجة لمنتجات عميلنا، وهذا بدوره سوف يزيد من نسبة نجاح الإعلان، ويجنبنا حرب أسعار شرسة تدخل فيها معظم الشركات التي تعمل في هذا السوق. كما أن التقسيم والاستهداف الصحيح هو السر الأول والأكبر في بناء أي هوية تجارية (براند) بشكل صحيح وعلمي.

مهمتنا في ڤيركسام أن نساعد الشركات على العمل بشكل تسويقي علمي صحيح، الأمر ليس مجرد إعلان او إنفاق بعض المال على الترويج، لكنه تحليل للسوق وفهم للاستراتيجية التسويقية التى سوف تساعد الشركة على النجاح، وبعدها يأتي التنفيذ الذي يحقق أضعاف ما يحققه التنفيذ المبني على أرضية هشّة!

قمنا في هذا المقال بمناقشة مصطلحات تسويقية هامة كـ( التقسيم الفعال للجمهور المستهدف – Effective Segmentation / حرب الأسعار – Price War) في إطار شرح حالة تسويقية عملية لشركة ڤيركسام للتسويق مع أحد عملائنا بمجال تصنيع الهدايا الترويجية كعنصر أساسي من عناصر الإعلام والعلاقات العامة – Media and PR التي تستعين بها الشركات.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى