الترويج والإعلان

الدعاية الكاذبة: الطريقة التي يخسر بها المعلنون زبائنهم

حقيقة أن 70% من الناس أصبحوا لا يثقون في إعلانات الماركات المختلفة لابد وأن تجعلنا نتسائل،

ما هي الأخطاء التي يفعلها الإعلان في حق المستهلكين لنصل لهذه النتيجة؟
الدعاية الكاذبة تكاد تكون المسبب الأكبر لأزمة الثقة تلك! تعرف على مفهومها وممارساتها الشائعة في هذا المقال.

في البداية نحتاج إلى توضيح مفهوم

“الدعاية الكاذبة – False Advertising”

يشير هذا المصطلح إلى إعلان يقدم للمشاهد معلومات غير صحيحة أو مضللة وخادعة لتوجيهه لشراء شيء ما أو لزيارة متجر معين، وتعد الدعاية الكاذبة جريمة يعاقب عليها القانون في كثير من دول العالم.

فالإحصائيات المزيفة، الصور المعدلة، والمكونات غير الواضحة للمنتجات، تعد جميعها من ممارسات الإعلانات الخادعة التي تدمر ثقة المستهلك في المُعلن وفي نفسه وفي مجتمعه وفي الأسواق بشكل عام.

الدعايا الكاذبة هي المسبب الأكبر لأزمة الثقة بين المعلنين والمستهلكين.
الدعايا الكاذبة هي المسبب الأكبر لأزمة الثقة بين المعلنين والمستهلكين.

تعرف على أنواع الإعلانات الكاذبة الأكثر شيوعا على مستوى العالم:

استدراج العميل ثم إقناعه بغير ما جاء لأجله (Bait and Switch)

يعني بكل بساطة أن يُلقي الإعلان الطُعم للعميل، ويعرض منتج أو خدمة لا ينوى بيعها أو توفيرها للعميل من الأساس، بهدف جذبه للذهاب للمتجر أو الدخول للموقع الإلكتروني، وبعدها يحاول البائعون إقناع العميل بمنتج آخر غير الذي رآه في الإعلان وجاء لشراءه.مثلا عندما تذهب لشراء هاتف رأيت إعلانا عنه وأعجبك سعره و مواصفاته المعروضة في الإعلان، وحين وصلت للمتجر وطلبت من البائع إحضار الهاتف، تجده يخبرك أنه جهاز غير جيد ولن يدوم معك طويلا وأن بطاريته ضعيفه ومساحة ذاكرته ضئيلة وهكذا، ويحاول جاهدا أن يقنعك بهاتف آخر في فئة سعرية أعلى أو غير مطابق لاحتياجك، وبعد بعض الضغط وإخباره أنك تريد الهاتف المعروض في الإعلان نفسه، يخبرك أنه غير متاح أساسا!

الكذب بإخفاء معلومة (Lying By Omission)

تعد الطريقة الأكثر شيوعا للكذب في الإعلانات، وهي الكذب عن طريق إزالة معلومة من الإعلان لإيحاء العميل بأن المنتج فيه أحسن وأفضل المواصفات التي يحتاجها.

فمثلا أعلنت شركة Procter & Gamble في الولايات المتحدة في عام 2012 عن بطاريات وكتبت في الإعلان أنها “تدوم لفترة أطول”، هذا الإعلان يعتبر كذب بإخفاء تفاصيل المنتج، فعلام تدل جملة يدوم لفترة أطول؟ أطول من ماذا؟ المقارنة هنا بين عمر بطارية الشركة وأي بطارية أخرى؟

إذا هي عبارة مطاطية تستخدم لإيحاء العميل بأنها أقوى بطارية ولكن دون مقارنة محكمة صادقة، وقد قام العملاء بمقاضاة الشركة لتقديمها معلومات مضللة عن هذه البطارية، خصوصا بعدما جربها المستهلكون ووجدوها لا تدوم لمدة أطول مقارنة بباقي البطاريات العادية رغم أنها أعلى سعرا!

 إعلان عن بطاريات يندرج تحت الكذب بإخفاء تفاصيل المنتج
إعلان عن بطاريات يندرج تحت الكذب بإخفاء تفاصيل المنتج

الكذب في جودة المنتج (Quality or Origin Deception)

من غير القانوني عالميا أن تدَعي الشركة جودة أو مواصفات معينة غير حقيقية عن منتجاتها، أو أن تخفي عيب معين مؤثر على سلامة المستهلكين، كعبارة (100%Organic) التي تكتبها بعض الشركات دون أن يكون المنتج عضوي فعلا، أو عبارة (خالي من السكر) بالخط العريض في منتجات تحتوى على السكر، أو أن يُكتب على منتج أنه صُنع في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا رغم أنه صنع في دولة أخرى، أو أن تحذف الشركة تحذير ضروري في طريقة استخدام منتج ما.

ففي هذا الإعلان لنسكويك تكتب بالخط العريض أن منتجها يحوي 45% سكر أقل من منتج الشركات الأخرى، ولكنها وبخط صغير جدا أسفل الإعلان كتبت معلومة مناقضة لها عن كمية السكرفي الكوب الواحد!

إعلان لنسكويك يعرض معلومات متناقضة عن المنتج.
إعلان لنسكويك يعرض معلومات متناقضة عن المنتج

إخفاء جزء من سعر المنتج (Hidden Fees)

من أشهر الأساليب الخاطئة لاستدراج العملاء هي عدم الإفصاح عن سعر المنتج بالكامل، وإخفاء جزء منها مثل رسوم الخدمة أو رسوم الصيانة مثلا، وهي طريقة يحاول فيها المعلن جاهدا أن يصوِر للعميل أن هذا هو السعر الحقيقي، وعندما يأخذ قرار الشراء يطالبه بتحصيل باقي سعر المنتج، ولكن لكي يكون الإعلان قانونيا يجب أن تكون جميع البنود والشروط المتعلقة بالسعر واضحة ومقروءة.

تعديل الصور (Photo Bleaching)

غالبا ما تُستخدم هذه الحيلة في إعلانات منتجات التجميل والتخسيس، بإستخدام صور غير حقيقة أو مُعدلة ببرامج تصحيح الصور لتوضيح الفرق بين الشخص قبل استخدام منتجهم وبعد استخدامه، سواء في لون البشرة أو طول الشعر أو شكل الجسم مثلا، مما يعطي المستهلك تصور غير صادق عن النتيجة التي سيحصل عليها.

مثل إعلان ماركة Olay لمستحضرات العناية بالبشرة ،والذي يقدم كريم لإخفاء تجاعيد العينين، وظهرت في الإعلان العارضة بعينين خاليتين من التجاعيد تماما وبشكل أصغر بكثير من عمرها الحقيقي وهو 60 عامًا.

واتضح بعدها أن الصورة تم تحسينها ببرامج تعديل الصور، مما تسبب في حظر هيئة تنظيم الإعلان البريطانية للإعلان، بعد جمع شكاوى ضده باعتباره يعطي انطباعًا مضللًا عن التأثير الذي يمكن أن يحققه المنتج.

إعلان لمنتج علاج تجاعيد العين تم تعديله ببرامج تعديل الصور
إعلان لمنتج علاج تجاعيد العين تم تعديله ببرامج تعديل الصور

وردت شركة Procter & Gamble وهي الشركة الأم لشركة Olay بأنها “ممارسة روتينية لاستخدام تقنيات ما بعد الإنتاج لتصحيح الإضاءة وأوجه قصور طفيفة أخرى في التصوير، ولا يقصد بها الخداع.

استخدام عبوات ضخمة (Oversized Packaging)

تستخدم بعض الشركات مواد تعبئة معينة لزيادة الوزن القانوني للمنتج بخامة ما تكلف المصنع القليل جدا مقارنة بما يعتقد المستهلك أنه يشتريه، مثل بعض الأطعمة التي نجد عبوتها الغذائية ممتلئة بالمحلول الملحي الزائد عن الحاجة ولكنه محسوب من ضمن وزن المنتج الأصلي.

إضافة عنصر غير مؤثر للمنتج لوهم العميل تقوم المصانع أحيانا بإضافة مكونات زهيدة السعر أو غير مؤثرة لزيادة حجم المنتج أو لخداع العميل أنها تقدم له قيمة أكبر، مثل اللحوم المصنعة المخلوطة بمكونات نباتية رخيصة التكلفة تعطي نفس طعم اللحم ولكن بقيمة غذائية منخفضة، أو إضافة مكون غذائي معين على منتج غذائي بنسبة ضئيلة جدا مما يجعلها غير مفيدة إطلاقا لمن سيتناولها، فقط ليحق للشركة كتابة عبارات مثل “غني بالفيتامينات الإضافية” “غني بالمعادن” لجذب المستهلك.

وقد واجهت شركة Kellogg لحبوب الأرز أزمة في عام 2010 عندما اتُهمت بتضليل المستهلكين بشأن خصائص المنتج التي تعزز مناعة الأطفال، كما كتبت على العبوة أنها تحتوي علي فيتامين A,B,C&E، مما تسبب في وقف إطلاق حملتها الإعلانية عن هذا المنتج، وتم تسوية القضية في عام 2011 بموافقة Kellogg على دفع 2.5 مليون دولار للمستهلكين المتضررين، وكذلك التبرع بمبلغ 2.5 مليون دولار من منتجات الشركة للأعمال الخيرية.

منتج غذائي للأطفال تم مقاضاته بسبب إضافة عنصر غير مؤثر لوهم العميل
منتج غذائي للأطفال تم مقاضاته بسبب إضافة عنصر غير مؤثر لوهم العميل

photo resource: business insider

ظهور المنتج الغذائي بلون غير مطابق للحقيقة (False Coloring)

في المنتجات الغذائية تحديدا فإن لون المنتج المطبوع على العبوة يجب أن يكون مطابقا للونها الحقيقي الذي سيتناوله المستهلك! فالألوان في المأكولات هي ما تجعلها تبدو طازجة أكثر، صحية أكثر، وشهية أكثر، لذلك فهي عامل مهم في اتخاذ العميل لقراره الشرائي، فيجب مراعاتها وعدم استخدامها لخداع العميل.

وهناك بعض العبارات الشائعة أيضا والتي تندرج تحت “الإعلانات الكاذبة” أيضا:

  •  استخدام عبارة “مجانا” للإعلان عن عرض حقيقته “اشتري القطعة الأولى ثم احصل على الثانية مجانا”.
  • استخدام وحدة قياس غير شائعة في بلد معينة، وبالتالي لا يفهم المستهلك كمية المنتج التي يشتريها كم تساوي بوحدة القياس التي يعرفها.

في النهاية نجد أن مسألة الصدق في الرسائل الإعلانية الموجهة للجمهور أمر في مصلحة المُعلن في المقام الأول، فالتمادي في بث الرسائل الكاذبة والمضللة والتحايل على العميل والتفنن في خداعه تتسبب على المدى البعيد في فقد المستهلك الثقة في الإعلانات وزيادة تردده في اتخاذ أي قرار شرائي، وهو ما يهدد استمرارية الكثير من الأنشطة التجارية ويعرضها للفشل.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الدعاية تختلف تماماً عن الإعلان. لذلك كمختص يجب عليك استخدام الكلمات بمعناها الحقيقي!! لذلك جرى التنبيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى