ريادة الأعمال

تعلمت من أخطائى – 3 : لا تخترع الذرّة!

هذه حلقة جديدة من سلسلة تعلمت اخطائي. أحاول فيها تذكر بعض تفاصيل مشاريع خاصة قمت بها، تعلمت من خلالها بعض الدروس التسويقية التي فادتنى جداً، اليوم أعرفك على سر من أسرار الأعمال.. تكلّم لغة السوق.

أنا من الأشخاص العنيدة التي لا تتقبل أن يسير الناس على موضة جديدة ثم أقوم أنا بتتبع هذه الموضة، أجد الكثير أيضاً مثلى، لكن هل يمكنك قياس السوق كله على ذوقى وذوق بعض من هم على شاكلتي!! بالطبع لا.

أنت تقيس السوق وأذواق واحتياجاته طبقاً للشريحة الأكبر فيه. هذا الأمر تعلمته لاحقاً فى مجال الأعمال، لا تقيس رغبات السوق بناء على رغباتك. لا تحدد او تتنبأ برد فعل من الناس بناء على رد فعلك. تكلم بلغة السوق. اعرف كيف تسير الأمور مع الناس، ثم ارتبط بالأشياء التي يفضلوها ويفهموها أيضاً.

من أفكار الأعمال التي فكرت بها والتى دائماً افخر بها، على الرغم من عدم إتمامها، هي فكرة من خلالها كنت أريد أن اكوّن قناتين لكى تروّج من خلالها الشركات. الأولى اعلانية هي Niche Direct حيث تمتلئ بإعلانات للشركات التى تريد الإعلان عن منتجاتها باستخدام طرق الترويج المباشر – Direct Marketing، ثم استخدم قناة أخرى تُستخدم كأداة علاقات عامة لنفس الشركة.

بهذا أكون حققت ما تعجز عنه كثير من الأدوات الترويجية، فأنا احقق نشر لاسم الشركة – Brand awareness ، وايضاً خلق مصداقية كبيرة للشركة – credibility ، وهما الأداتان والهدفان الأهم لأي حملة ترويجية فى العالم.

اسمح لى انّى لن اشرح الفكرة هذه المرة بالتفاصيل، لأن الفكرة مازالت فى مخيلتى وربما يصيبها النجاح مع بعض التعديلات، وفى الحقيقة إذا عدت إليها فأتمنى أن أكون رائد لهذه الفكرة فى السوق :D لكن عموماً هذه الفكرة التى أراها كانت مهمة جداً للشركات لكى تحقق نجاح حقيقى فى التسويق والترويج لنفسها لم تكن لتنجح بسهولة لهذه الأسباب.

  • العملاء ليسوا كلهم خارقين الذكاء او مسوقين بالفطرة.

ليس لأنك خبير تسويق فالجميع مثلك خبراء فى التسويق. عندما أذهب لشركة فى مكان و زمان ما وأحكى لها قصة تسويقية بحتة، مفادها انى سوف احقق لها نشر لاسم منتجاتها، مع مصداقية عالية جداً، و هاتان الأداتان كافيتان لبناء اسم منتج قوى جداً لها فى السوق – Brand، وهذا كفيل فيما بعد لتحقيق مبيعات وأرباح. ماذا أقول أنا الآن!!

ما أقوله تستطيع تفسيره فى سياق كورس تسويق او عند قراءتك فى كتاب فى مجال الأعمال. لكن ان تفهمه شركة ناشئة، أو حتى شركة متوسطة الإحتراف فهذا نادر.

بعد هذا المشروع ومع السنين فهمت حقيقة بسيطة للغاية. الشركات سوف تدفع لك ولجهودك التسويقية إذا وجدت عائد مباشر، هذا العائد المباشر هو (مبيعات)، غير ذلك لن تدفع. لن تدفع لك الا شركة ذات رؤية استراتيجية وتسويقية واضحة وهى شركات عددها قليل جداً، خصوصاً عندما تكون شركة ناشئة تحت ضغط البدايات.

لا تتوقع حتى ان تستجيب شركة لأفكارك التسويقية، يجب على الأقل ان تعطى هذه الشركة دورة فى التسويق أولاً، ثم بعد ذلك تحاول إقناعهم بأن يستخدموا أدواتك التسويقية الجبّارة، وفى الغالب لن يستخدموها، لأنهم على الأقل لا يروا أو يفهموا تأثيرها حتى الآن.

  • هناك فارق كبير بين الخاصية والمنفعة.

هذا القميص قطن! ماذا تريد؟ او ماذا يفهم منك الناس اذا قلت لهم هذه الميزة الخارقة فى قمصانك! يجب ان تفهم ان ما قلته هنا هو خاصية – feature، وان الميزة هو أن القمصان القطن تخفف درجة الحرارة على الجسم. هنا يبدأ المشترون التفكير فى منتجاتك.

ربما كان علينا بدلاً من شرح الفكرة للشركات بهذا الأسلوب التسويقي المعقد، هو أن نشرح لهم ما هي أهمية أن تكون صاحب علامة تجارية معروفة وموثوق فيها. ربما كان علينا أن نتركه يجرب لفترة من الزمن حتى يرى تأثير ولو بسيط، ثم نطلب منه دفع مبالغ معقولة فى فكرتنا.

ربما علينا تطبيق اى فكرة، لكن الأهم أن هذه الفكرة تصب فى صالح شرح الفوائد التي سيحصل عليها العميل من وراء فكرتنا التجارية.

راجع الفرق بين الخاصية والميزة.

  • لا تخترع الذرّة!!

سأظل أردد هذه المقولة للأبد، ولن يفهمها او يستوعبها أكثر من الذي جرّب بنفسه. الأفضل من ان تبتكر فكرة عبقرية، هو أن تنفّذ فكرة عادية، ولكن بطريقة عبقرية! هذا هو الطريق الأقصر للنجاح.

فيس بوك فكرة عادية تم تنفيذها كثيراً من قبل، Myspace أقرب مثال. فيس بوك قدم ميزة كتابة حالتك الآن – status quo، وكانت مؤثرة جداً فى نجاح فيس بوك، بجانب أسباب كثيرة، من ضمنها البساطة فى توصيل فكرة الشبكة الاجتماعية للناس.

Facebook

تويتر حصل على فكرة موجودة اصلاً – status quo، وبنى عليها مشروع كامل، هو من انجح المشاريع التجارية فى العالم بل فى التاريخ الآن. الفكرة لم تكن بعبقرية التنفيذ التى سهّل الفكرة وجعلها متقبلة من الناس.

كثير من المشاريع التجارية التى فكرت فيها تعيدنى لنفس السؤال، لماذا نحاول اختراع الذرّة! لماذا نحاول إخراج العبقرية فى فكرة خارقة لا يفهمها سوى نحن! أجد حينها الرد فى مقولة العبقري ستيف جوبز – keep it simple – keep it stupid !!

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى