الترويج والإعلان

منوعات تسويقية – 3 : العملاء (الأوفياء) – التسويق بال (فان دام)

(مجتمع) كوكا كولا

على مر السنين لم يكن هناك أقوى كوسيلة ترويجية من التسويق بالمديح – Word Of Mouth Marketing . إنها حكاية رائعة عن منتج ما أو خدمة سببت إشباع وسعادة لمشتريها، وهاهم يردون الجميل للشركة التى لبت رغباتهم وربما أكثر، بمثل هذا الاطراء والمديح فى المنتج. تخيل وقع هذه الحكاية الرائعة عن المنتج على المجتمع الذى يسمعها، إنها أهم بالنسبة له و أكثر مصداقية من مئات الإعلانات التى تخرج من الشركة نفسها.

تخيل ان التسويق بالمديح الذى يخرج تلقائياً من مشترين اشتروا المنتج واعجبوا به وبجودته، تحوّل إلى تسويق بالمديح يخرج من أشخاص في قمة التعصب والحب لمنتجهم او شركتهم المفضلة!

هذا الأمر نراه مع مجموعات متعصبة جداً لعلامات تجارية مشهورة حول العالم، من ضمنها مثلاً هارلى ديفيدسون – Harley Davidson ، وآبل – Apple، … وبالتأكيد كوكا كولا – Coca-Cola.

كوكا كولا فى بداياتها أنفقت ومازالت حتى اليوم تنفق الملايين على الترويج والإعلانات بهدف تكوين هذا الجيش من المشترين الأوفياء، وبالفعل حصلت على العائد مضاعف اضعاف كثيرة، عن طريق هذا الجيش المتعصب والمتحمس للدفاع عن كوكا كولا فى أى وقت، هذا المجتمع لم يعد يشرب كوكا كولا كمشروب غازي، ولكنه أصبح مجتمع كوكا كولا!

عندما تصل الشركات لهذه المرحلة من القوة، قوة بناء مجتمعات من المشترين، تكون حصلت على كنز استراتيجي يجعلها تطمئن على مبيعاتها لفترة كبيرة قادمة.

أعرف أن الكثير الآن يسأل كيف فعلتها كوكا كولا، وانا لو اعطيتك جواب سريع فسأكون قد ظلمت هذه الحالة التسويقية الرائعة، ولكن يجب ان تعرف ان إنجاز كوكا كولا لم يكن يسير، انه نتيجة عمل متواصل عبر عشرات السنين، ومن خلال استراتيجية محكمة تركز على شرائح سوقية لديها ولاء عالى للمنتجات، مع ربط المنتج بالفرحة والتجمع والأمل، وربطه خصوصاً فى المجتمع الأمريكى برموز أمريكية شهيرة ومحبوبة ويرتبط بها الناس عاطفياً، لقد اجتهدت كوكا كولا، وبالتالى حصلت على علامة تجارية توازى بلايين الدولارات، بالإضافة لجيش من العملاء الأوفياء.

شاهد أحد الفيديوهات الترويجية التى أخرجها أحد هؤلاء الجنود المتعصبين فى جيش كوكا كولا.

التسويق بال (فان دام) !

من منكم لم يشاهد إعلان فان دام الرائع الذى يروّج لشاحنات فولفو؟! عندما نشرته لأول مرة على صفحة المدونة على فيس بوك ، لم أكن أتخيل أن ينتشر هكذا بشكل فيروسي على الإنترنت وفى كثير من الصفحات، بالطبع بالنظر إلى أنه ترويج لشاحنة.. إذاً الخلاصة أن فولفو عبقرية!

بدأت أفكر فى الأمر من أكثر من زاوية، أولاً وجود شخص مثل فان دام فى هذا الإعلان، وهو الأمر الكفيل بجذب شريحة كبيرة من الشباب مواليد الثمانينات والتسعينات، وهم شريحة تعرف فان دام جيداً، وربما ذكّرها الإعلان حتى بأيام الطفولة!

لم يكن ظهور فان دام كافياً لنشر الفيديو بشكل فيروسي، بل كان عليه بأن يقوم بشئ مدهش لم يسبقه أحد من قبل فيه، وهو حركة الرياضيين الشهيرة – Split التى تعبر عن مرونة مدهشة لهذا الرجل (الغير شاب) فى نظر الكثير، هذه الحركة الصعبة جداً الى فعلها على شاحنتين من شاحنات فولفو العملاقة، وهم يرجعون إلى الخلف!

إذا وصلت لآخر الفيديو الترويجى ستجد تحذير من هذه الحركة الخطرة وأنه تم تنفيذها في أماكن مغلقة، أى أنه يقول لك لا تبالغ فى مدح هذه الحركة الخارقة فهى تمت بمساعدة الخدع البصرية! هل كان هذا الأمر سيؤثر على نسب المشاهدة؟ بالتأكيد لا.

نفس فكرة أفلام الحركة وغيرها، نعلم ان أغلبها خدع بصرية ولكنها تظل تبهر المشاهدين! هذا يحدث لان العقل لا يميل لتعقيد الأمور كثيراً، إنه أمر مشوق، وعلينا الاستمتاع به، وهذا سر انتشار هذا الإعلان الغريب.

كيف طورت فولفو هذا الإعلان؟ صدقنى لم يكن الأمر صعب بقدر التنفيذ.. فهى نفذّت خطوات تطوير الإعلان التقليدية.

أولاً فكرت فى ميزة تنافسية – Competitive Advantage تريد إظهارها للمشاهدين وخصوصاً الشريحة المستهدفة، ثم طورت الفكرة الكبرى – Big Idea ، والتى تمت هكذا “شاحنات فولفو ثابتة على الطريق وكأن لو فان دام نفسه أراد أن ينفذ حركة الانشقاق – Split عليها أثناء تحركها – حتى لو أثناء سيرها بالعكس – لفعل ذلك بكل سهولة!”، اعطت هذه الفكرة ل كاتب نصوص إعلانية – Copywriter لكتابة السيناريو، وأخرجها لهم أحد المخرجين الرائعين – Art Director .

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى