ريادة الأعمال

تعلمت من أخطائى! – 1: الترويج هو الأهم

إذا كان هناك سبب بعد توفيق الله لى لكى أحقق نجاحات في مجال التدريب والكتابة فى التسويق فى وقت قصير، فهي الكمية الكبيرة من الأخطاء التى حدثت فى كثير من المشروعات التى أردت إنجازها، الحقيقة أن هذه التجارب التى ربما يراها الكثير فشل، أراها السبب لكثير من نجاحاتى فيما بعد خصوصاً فى مجال التدريب فى التسويق والعمل به.

سأبدأ معك اليوم هذه السلسلة بقصة قديمة نوعا ما، حينها قررت ان ابدء التجربة والخوض فى بحر المشاريع الخاصة، وتسمية بحر هنا ليست شاعرية، ولكنها واقعية، في العمل الخاص يُشبه البحر فى عمقه، واذا دخلت فيه يجب ان تكون قادر على السباحة فيه مهما كانت الصعوبات، وإلا لا تفكر فى دخوله!

تعود أول تجاربى مع المشاريع الخاصة فى أعوام الجامعة النهائية، وفيها قررت ان اجرب حظي مع المشاريع الخاصة، واتفقت مع صديق لي أو شريك كما نسميه فى هذا المجال على بدء التجربة سوياً، لقد كان تفكيرنا متقارب للغاية و اتفقنا على البدء.

قبل ان اسرد تفاصيل هذه القصة تسويقياً، سأخبرك أمراً.. وهى ان التفكير فى دخول السوق وعالم ريادة الأعمال أثناء الدراسة خصوصاً الجامعية له بريق خاص للغاية، سواء نجحت فيه او لم تنجح، وذلك لأسباب كثيرة.

منها أولاً أنه يعطيك ثقة هائلة للغاية، لأنك تكون فى سن صغير، والرائع في الأمر بجانب الثقة التي تكتسبها مبكراً مع كسر لرهبة الأسواق، انك تكون تحت ضغط اقل كثيراً، من كونك خريج وتبحث عن عمل بكل الطرق، فى هذه الأوقات تشعر انك تسابق الزمن، أولا لأنك تحتاج أموال لتخرج من عباءة الحصول على أموال من الغير، وفى نفس الوقت، تريد ان ترفع عن نفسك حرج البطالة!

فى هذه الظروف يكون العمل الريادي صعب للغاية، لأنه يتطلب الصبر الشديد، و تحمل الخسارة تلو الاخرى بروح رياضية، وهذا بصراحة لا يسمح به الضغط الذى نقع فيه بعد الدراسة والتخرج من الجامعة.

أمر آخر، وهو اختيار الشريك الصحيح، وانا ممتن كثيراً لصديقي الرائع، الذى اخذ هذه الخطوة معى، و اجتهد لننجح سوياً. لا تتوقع أن يستجيب لك الكثير فى مرحلة الجامعة لبدء مشروع أو عمل خاص.

يكون الاغلب فى حالة من السعادة بسنوات الجامعة، ولا تجدهم يفكرون فى مثل هذه الخطوات المتعبة!

اختيار الشريك الصحيح يسهل الامر كثيراً، يجب ان يكون قريب من طريقة تفكيرك، لا اقصد ان يكون نفس التفكير، فهذا غير صحى فى كثير من الأحيان، لأن الشركاء بتفكير متطابق يخطئون أكثر وبنفس الطريقة!

لكن ما اعنيه هنا، هو السهولة فى التعامل، وتقارب الشخصيات والصفات، وهذا يقلل الخلافات والمشاكل التي تعصف بفريق العمل.
%D9%83%D9%8A%D9%81+%D8%AA%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1+%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%83+%D8%B9%D9%85%D9%84+
قررنا إذاً أن نبدأ الطريق، وفكرت فى فكرة مشروع تعليم طلاب الجامعة بعض من مهارات الحاسب الهامة، هذه المهارات كانت تندرج تحت دورة تدريبية شهيرة فى مصر هى ICDL، وهى شهادة كانت على وشك أن تصبح ضرورة للحصول على الدورات التدريبية المتقدمة وشهادات التخرج، وبدأ الكثير يشعر بالفعل بأهميتها.

كانت فكرة مشروعى ونجاحها ترتكز على 3 أمور:

  1. مكان: كنت احتاج لمكان مجهز بأجهزة حاسوب – computers لكى تتم هذه الدورة بنجاح، وبالفعل بدأنا البحث، ولم يكن الأمر صعباً لأننا كنا فى الجامعة وسط كثير من مراكز الدروس الخصوصية، وهي مراكز مُجهزّة، ووجدنا واحد يملك هذه الأجهزة، أول عقبة تم تجاوزها!
  2. مدرّب: بحثنا عن مُدرّب مؤهل ليقوم بإعطاء الطلاب هذه الدورة التدريبية، لم يكن الامر سهلاً لان هذه النوعية من المدربين لم تكن بنفس الخبرة والعدد الكثير الذى هم فيه الآن، ولكننا وجدنا واحداً، واتفقنا على المقابل الذي سيحصل عليه.
  3. الترويج: لم نكن نطمع فى الحصول على عملاء كُثر هذه الفترة، كان أقصى طموحاتي على ما اتذكر فى البداية ان احصل على عدد أكثر أو أقل قليلاً من 10 لكى نبدأ الدورة التدريبية بسلام، عندما تنظر إلى أعداد الطلبة الهائلة في الجامعة تشعر أنك تستطيع الحصول على هذا العدد البسيط بكل سهولة ويسر، ربما (تتكعبل) فى هؤلاء العملاء فى الطريق! ان الامر يسير، ولقد استهنت به كثيراً، ولم أعطه حقّه، جعلت الترويج هو العقبة الأخيرة لافتراضى سهولتها.

حتى الآن افخر بأنى نظمت هذا المشروع بهذه الطريقة البسيطة وهذه النوعية من المشروعات عندما يتم إدارتها بشكل صحيح تحصل على اموال جيدة بدون إنفاق أي أموال!

وقت الترويج اعتمدنا على طريقة أساسية وهى الحصول على العملاء المعارف من الزملاء والاصدقاء، وكان علينا اقناعهم بالفكرة، ولم يكن الأمر صعباً، ولكن حصلنا على بعض الزبائن (الغير جادين)، وهنا سأخبرك ببعض النقاط الهامة التى تعلمتها.

أولاً كما قيل لى من قبل أن الجامعة هى سوق قوى جداً ربما لن تجد مثله فى العالم، ما هذه الأعداد الكثيرة مختلفة الاحتياجات والرغبات التي تتعطش لمنتجات وخدمات جديدة! على الرغم من هذه المعلومة الصحيحة كان الامر صعب نوعاً ما مع شريحة تؤجل المهم لما بعد سنوات التخرج، هذا أراه طبع في معظم طلاب الجامعات، وهو تأجيلهم للتدريب بعد الدراسة. بالطبع الأمر كان سيختلف مع تدريب يساعدهم فى تخطي اختبارات الجامعة.

يجب أن تفكر بنفس فكر شريحتك المُستهدفة.

  • توقيت الترويج كان خاطئ جداً، فهم كانوا على وشك الدخول فى دوّامة امتحانات نهاية العام الدراسى، فى هذا الوقت لا يفكّر الطلاب بشكل طبيعى كما يحدث في ظروف أقل ضغط فى بداية أو منتصف السنة الدراسية.
    الترويج الصحيح او المبدع لا يكفى، يجب ان يتم دعمه بالتوقيت الصحيح.
  • أخيراً الترويج اقتصر على قنوات بعينها، هى المعارف والزملاء، وهذه الفئة لا تعتمد عليها فى الترويج. ارجوك لا تفعل! هذه الفئة فى كثير جداً من الأحيان لا تكون جادة وهي تشعرك بالحماس فى بداية الأمر، ربما يكون حماس مجاملة.

كان يجب علينا الاعتماد على قنوات اخرى للترويج، تجلب لك أشخاص فى أمسّ الحاجة لخدماتك.

هذه الحالة التسويقية تعلمت منها الكثير جداً، اولا أعطتني ثقة كبيرة، كونها أول مشروع خاص فى حياتى أضع فيه وقتى وجهدى بهذه الصورة والحماس.

هناك أسباب كثيرة لعدم نجاح المشروع من ضمنها مثلاً عدم وجود قوة وخبرة وصبر رجال الاعمال لدىّ فى هذا الوقت، وأيضاً أتذكر ان المركز التدريبي المجهز اعتذر صاحبه عن استضافة الدورة لأسباب، لكن كل هذه النقاط كان يمكن التغلب عليها، ما أتذكره بقوة الآن أن الترويج كان هو العامل الأهم لعدم اكتمال هذا المشروع.

تعلمت مع الوقت ومع التفكير فى هذه الحالة أن الترويج هو الأهم، المنتج الرائع الذى يُشبع احتياجات العميل، والتسعير المناسب والتوزيع، ومن قبلهم الاستراتيجية المحكمة، كلها عوامل في غاية الأهمية، لكن يجب دائماً ان تكون جاهز بخطة ترويجية مبدعة ومضمونة لجلب العملاء.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫16 تعليقات

  1. لا بالعكس انا عايز حضرتك تواصل تقديم هذه الحلقات الرائعه لانها بصراحه هتفيدنا جدا إلى الامام من تقدم لتقدم أسلوبك ونصائحك رائعه مستر حسام
    بس لى رجاء بلاش كلمه فشل دى لانها بصراحه قاسيه وشنيعه جدا ممكن تسميها تعلمت من اخطائى لأن "ليس هناك فشل أنما هناك تجارب وخبرات "

  2. شكراً وليد، وشكراً عمرو ونزولاً عند رغبتك فقد غيرتها فعلاً :) شكراً لك ولا تحرمنا من تعليقاتك وملاحظاتك.. انتظرها منك.

  3. خبرات الناس هي المكسب الحقيقي لتعلم الاخطاء التي لم تقع بها يجب ان تكمل حتي نتفادي جزء من اخطاءنا ويجب ان يتسع المجال بعد فتره لان تسرد تجارب اخرين عن طريق مثلا ارسال الخبرات لك على الميدج ومن ثم نقلها للجميع لتعم الاستفادة والله الموفق

  4. شىء رائع ريت تكمل جدا و ده اكيد هيخلينا ناخد بالنا من الأخطاء دى و نستفيد كمان فياريت تكمل!
    شكرا لمجهودك و تعبك

  5. هههههههههههههه انا خايف تطلع انا فى الاخر ( نفس اللى حصل معايا تقريبا بس مع بعد الاختلاف )

    في انتظار الحلقة الثانيه

  6. @حسين عادل شكراً حسين على تعليقك، وفعلاً فكرتك رائعة جداً سأحاول تنفيذها قريباً بشكل ما بإذن الله :)

  7. ما شاء الله يا استاذ حسام ممتاز وبالتاكيد نستفيد من هذه التجارب ولولاها لم يكن هناك استفادة اسلوبك جميل جدا وربنا يبارك فيك والى الامام ومستنيين باقى الحلقات أحبك فى الله

  8. كان لتوماس أديسون قول مشهور هو أنه لم يفشل ألف مرة بل إكتشف ألف طريقة لاتعمل أحييك من كل قلبى و يوماً بعد يوم تزداد قيمتك فى عينى . أتابعك بإستمرار و إياك إياك أن تفكر فى التوقف لأى سبب كان أتمنى لك التوفيق تحياتى و إحترامى طارق شتا
    tarek_sheta767@yahoo.com

  9. استاذد حسام أنا أدرس الان في الجامعة و ابحث باي طريقة ممكنة عن مشروع يمكنني من جتي بعض المال رغم اني لا املك اي مال أبدأ به لذا ساتابع هذه الحلقات لعلي استفيد من تجربتك و خبرتك الواسعة
    ملاحظة : البارحة فقط كنت أقرأ في Harvard Business Review مقالة تحذر من بدء المشاريع مع زملاء الدراسة أقصد هنا دراسة ادارة الأعمال لاننا في الغالب سنكون نملك نفس نقاط القوة و تقريبا نفس نقاط الضعف مما يؤثر على المؤسسة في المدى المتوسط لذا أرجوا ان تخبرنا ان كنت بدأت مشاريع اخرى مع زملاء لك و ماذا كان مصيرها
    رابط المقال http://blogs.hbr.org/2013/11/dont-start-a-company-with-your-business-school-pals/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى