الاستراتيجية والتخطيط

أسرار الاستهداف الناجح – 3 : أهداف الشركة و مواردها

بعد ان تقسّم الشركة السوق المستهدف لشرائح سوقية أصغر – Segments، يكون عليها المفاضلة والاختيار مابين هذه الشرائح السوقية التى تحيّرها والتي تختلف بعضها عن بعض فى الاحتياجات – Needs.

عرفت فى التدوينة السابقة أيضاً ان هناك معايير لاختيار الشريحة السوقية الأنسب، وتحدثت عن معايير ترتبط بحجم السوق ومعدل نموه، و أخرى ترتبط بتركيبة السوق.

اليوم سأتكلم عن معيار ثالث وهام جداً وهو بخصوص موارد الشركة وأهدافها – Company’s Objectives and Resources..

تجد اليوم ان من اهم مايميز الشركات الفاشلة تسويقياً هو التشتت والعشوائية التى تريد ان تنمو فيها، بعدها عن التسويق جعلها تعمل طبقاً لمبادئ الانتاج والبيع القديمة، وبدون اى استراتيجية تسويقية متقنة، تجدها تقدم للسوق منتج، ثم تحاول بكل الطرق بيعه، اما التقسيم والاستهداف المتقن فلا تعيره انتباه تسويقى كافى.

ماهى المهمة – Mission التى قامت على أساسها الشركة؟ ما هى الاهداف الواضحة التى تريد تحقيقها؟ هذه الاسئلة التى اذا لم تجب عليها الشركة بوضوح فسوف ترى منها كمية هائلة من العشوائية والتخبط فى السوق.

هل تعلم لماذا ترى لنفس الشركة حملات اعلانية برسائل تسويقية مختلفة؟

هذا لأن الشركة ليس عندها اهداف واضحة تعمل من اجلها، والهدف عندما يكون واضح ينتج عنه استهداف متقن لشريحة سوقية معينة، و بعد الاستهداف الواضح الذى لن يتغير كثيراً مع الزمن (او مطلقاً احياناً)، يكون على الشركة تكوين صورة ذهنية قوية تناسب الشريحة المستهدفة.

الأهداف التى اتكلم عنها هذه المرة ليست اهداف تسويقية خالصة مثل الاهداف الشهيرة: الارباح، النصيب السوقى، نشر اسم المنتج، ولكن ما اتحدث عنه هنا مرحلة قبل هذه الاهداف، انى اتكلم عن الهدف الذى قامت من اجله الشركة، ماهى الاحتياجات والرغبات التى تود الشركة اشباعها.

قارن هذه العشوائية فى وضع الاهداف والثبات عليها، بشركة مثل سنيكرز – Snickers. شركة سنيكرز كان هدفها تقديم منتج يشبع الجوع… ببساطة.

snickers

عندما فهمت الشركة اهدافها ولماذا هى موجودة فى هذا السوق، تطور الامر معها لان تستهدف الشريحة المناسبة، انها تلك الشريحة من الشباب الذين يريدون مصدر للطاقة وسد الجوع، وبالتالى نتج عن هذا التفكير الاستراتيجي شيكولاتة غنية بالمواد التى تشبع الجوع وتعطى الطاقة الكافية للاستمرار، والقيام بالمجهود الضخم.

* راجع تدوينة الثبات على المبادئ التسويقية الجزء الأول – الجزء الثانى اما بالنسبة لموارد الشركة – Resources ، فمن المنطقى والطبيعى ان الشركة التى تمتلك موارد قليلة سوف تذهب لشريحة اصغر او اقل تعقيداً من الشركة التى تمتلك موارد ضخمة.

فأنا مثلاً لو طورت منتج حسام كولا، ودخلت بها سوق المشروبات الغازية الشرس، بالطبع لن استطيع مجاراة بيبسى وكوكاكولا، و لن استطيع اللعب مع هذه الشركات فى نفس الملعب، او نفس الشريحة السوقية بمعنى ادق.

عليّ إذاً ان استهدف شريحة اصغر من الشريحة الاكبر التي تستهدفها الشركتين الكبار، او الافضل هو استهداف شريحة اصغر بعيدة عن الشريحة التي يركزون عليها. فتكون مثلاً شريحة الاطفال وسأقدم لهم منتج صودا به عناصر صحية اكثر ربما لا تؤثر على عظام الاطفال وأسنانهم خصوصاً فى مرحلة النمو المهمة!

بالمناسبة فإنى ارى اهداف الشركة ومواردها ينبعوا من نفس المصدر، وبالتالى فهم معيار واحد، فالشركة التى تضع الاهداف تضعها فى الحقيقة بناء على الموارد المتاحة لديها، وهذا هو الصحيح فى علم الادارة اما الشركة التى تضع اهدافها بعيداً عن مواردها فهى شركة فاشلة ادارياً وتسويقياً.

هل تذكر الدروس المستفادة من نايكى ومؤسسها فيل نايت؟
انها تثبت وتلخص وجهة النظر هذه..

فيل نايت وضع اهدافه بإدخال الاحذية اليابانية القوية الى السوق الأمريكى، و بالتالى موارده وامكانياته تصب فى حيز الحذاء القوى التى يستمر لفترة كبيرة، ولأن الهدف واضح، وايضاً الموارد المتاحة التى صمم من خلالها هدفه كانت موجودة وواضحة ومتوفرة.

عندما دخلت ريبوك – Reebok بإحذيتها الانيقة الجذابة، بدأت نايكى فى التشتت والبعد عن اهدافها، وبالتالى عن مواردها القوية التى تميزت بها.

كانت المعركة محسومة حينها ل ريبوك، لانها تعمل طبقاً لمواردها، وتسير فى اتجاه اهدافها.

بعدها تعلم فيل نايت الدرس وعاد يعمل طبقاً لموارده واهدافه، فحذاء نايكى حتى اليوم يستهدف بشكل اساسى فئة الرياضيين الذين يحتاجون لاحذية قوية تستمر لفترة طويلة، حتى لو اتى ذلك على حساب الشكل الجمالى.
نايك

إذاً بناء على حجم السوق ونموّه، وتركيبته، وطبقاً لموارد الشركة واهدافها، تستطيع اى شركة فى العالم ان تستهدف الشريحة المناسبة، ويكون النتيجة استراتيجية تسويقية رائعة تسير عليها الشركة باطمئنان.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى