الترويج والإعلان

الإعلان التذكيرى

هناك العديد من الناس من هم بعيدين عن مجال التسويق بفنياته وأسراره يسألونك عن أشياء عجيبة من وجهة نظرهم. من اشهر هذه الأسئلة، لماذا تلجأ شركات معروفة وتنتج منتجات معروفة للإعلان، بل وإنفاق الملايين على هذه الإعلانات؟ كم واحد فى العالم الآن لا يعرف كوكا كولا مثلاً أو مرسيدس! فلماذا تنفق هذه الشركات الملايين كل سنة فى حملات إعلانية ضخمة.

أليس من الأولى مثلاً لهذه الشركات أن توفّر هذه المصاريف فتقلل بها سعر المنتج، أو على الأقل تحقق أرباح أكبر؟ نعم.. لأول وهلة يبدو السؤال منطقى إلى حد كبير، ولكن لأن التسويق عالم كبير يحتوى أسرار وفنيات دقيقة، فإن الإجابة هنا هى سر تسويقي أيضاً يشمل مصطلح مهم هو الإعلان التذكيري – Reminder Advertising.

لقد خرجت علينا شركة شويبس فى حملة إعلانية بمصر، لتقول بأنها على مدار هذه السنين لم تكن فى حاجة للإعلان، فهى تقدم منتج معروف ومشهور لدى الناس، و لا يبدو هناك سبب معقول لأن تقلل من نفسها بأفكار تافهة ومبتذلة مثل المنافسين.

هذا الإعلان فى رأيى نجح فى لفت نظر المشاهدين له، ولكن دعونا نخرج من حيز الرسالة العاطفية للإعلان، لنرى الموضوع بشكل تسويقي بحت.

 

الإعلان التذكيري له أهمية فائقة، فى تحقيق هدفين..

التوزيع

من يدخل سوق مثل سوق المنتجات الأغذية او المنتجات الاستهلاكية – FMCG سوف يكتشف أن المهمة الأصعب والتي من شأنها أن تُخرج الكثير جداً من هذه الأسواق، وتدخل آخرين.. هى مهمة التوزيع.

لا يوجد فى هذه الاسواق أصعب وأكثر تعقيداً من التوزيع، عليك أن تسيطر على منافذ التوزيع لتظهر فى السوق، ونتيجة لهذا الظهور فإنك سوف تبيع أكثر، وسوف تحصل على نصيب سوقى أكبر، ومعرفة وشهرة بين الناس أكبر.. وهكذا.

لدينا فى التوزيع اسرار و فنيات كثيرة، ومن ضمن اهم الاسرار لكي تسيطر على قناة التوزيع هو الإعلان. هذا الإعلان قد يكون هدفه التعريف بالمنتج ومزاياه، لكي يحبه الناس ويفضلوه عن المنتجات المنافسة، أو يكون الهدف تذكيري فقط.

الإعلان التذكيري هنا سوف يساعد الشركة على التوزيع، عندما ننظر إليها من وجهتى نظر. وجهة النظر الأولى هى للموزّع نفسه، والثانية هي للمشترى.

عندما تذهب لموزع، وسنفترض هنا أن الموزع هو تاجر تجزئة تقليدى، محل تسوّق – Market مثلاً، او سوق ضخم – Hypermarket، ثم تقول له.. هذا هو منتجى من فضلك ضعه عندك على الرف التوزيعى، وسأبيعه لك بكذا، ولك هامش ربح كذا.

رف توزيعى

أولاً سنفترض أن المنتج معروف. مامعنى معروف هنا؟ .. معروف أي أن المشترين يسمعوا عنه باستمرار، يشاهدونه فى وسائل الإعلام المختلفة، أى أنهم عندما يدخلوا لمنفذ التوزيع سوف يلاحظونه، ولن يأخذوا وقت طويل للتعرف عليه وعلى مزاياه، لأنهم شاهدوا هذه الامور من قبل فى الإعلان عن المنتج.

من وجهة نظر الموزع هنا، أن هذا كله سوف يساعد على عملية الشراء، وبالتالي سوف يأخذ المنتج ويوزّعه لديه بسهولة أكبر من حالة منتج غير معروف او مشهور او له إعلانات وصور ذهنية فى عقول الناس.

إذاً الموزّع يطمح فى توزيع منتجات معروفة، لأن هذا يطمئنه أكثر، فهو يوزع لشركة معروفة وتصرف الكثير فى الاعلانات، هذا عكس منتج غير معروف لم يشاهده هو الآخر فى وسائل الإعلان المختلفة. وفى نفس الوقت.. هو ينظر ويفكّر من وجهة نظر المشتري، فالمشترى يبحث عن المنتج المعروف، وليس المنتج الغامض بالنسبة له وللناس.

وجهة النظر الأخرى، هي وجهة نظر المشتري نفسه. إن الأمر يشبه نوعاً ما مشاهدة شخص مشهور. ماذا ستفعل مثلاً إذا شاهدت أوباما يأكل بجوارك فى مطعم؟! على اقل تقدير سوف تنتبه له، ليس لأنه أوباما رئيس أمريكا، ولكن لأنه يظهر فى التلفاز كثيراً وبالتالى تعرفه جيداً، وتعرف أنّه رئيس أمريكى، ولولا ظهوره المتكرر لما عرف الناس شكله، ولما انتبهوا إليه فى الحقيقة.

هكذا الحال بالنسبة لأى شخص مشهور، فأنت على أقل تقدير تنتبه إليه عندما تراه فى الحقيقة لأن ظهوره المتكرر في وسائل الإعلام أدّى إلى ذلك. نفس الأمر مع المنتجات، ظهورها المتكرر وبالتالى شهرتها، تجعلك تلتفت إليها وتعطيها اهتمام فى منافذ التوزيع.

تثبيت الصور الذهنية

سر آخر وهام جداً من أسرار الإعلان التذكيري، وهو انه يعمل على تثبيت الصور الذهنية – positioning فى عقول وأذهان الناس عن المنتج او عن الشركة.

أغلب الشركات تبنى الصور الذهنية عن منتجاتها، عن طريق المنتج نفسه، والإعلان. هناك بالطبع باقى عناصر المزيج التسويقي الهام جداً لتثبيت الصور الذهنية، ولكن هذين العنصرين في قمة الاهمية. السيارة مرسيدس.. ؟ ماذا جاء فى ذهنك الآن؟ سيارة فخمة، ومن يقودها يعطيك إحساس بالفخامة والمكانة الاجتماعية – prestige. كيف كونت مرسيدس هذه الصورة الذهنية المميزة؟%D9%85%D8%B1%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%B3

لقد كونتها عن طريق سنين من تطوير منتجات كلها تتميز بهذه الصفات- صفات الفخامة. ولكن المنتج لم يكن يكفى، كان بحاجة لإعلانات تذكيرية على مدار هذه السنين. الصور الذهنية عموماً تتكون بتكرار الرسالة الترويجية على أذهان الناس (أسميه مبدأ الزنّ)، هذا التكرار يعمل على عقول الناس، ويجعل الرسالة والصورة الذهنية تثبت مع الوقت فى أذهان الناس.

تخيل الأمر لو كانت مرسيدس اكتفت بإعلان تعريفى لكل سيارة جديدة، وانتهى الأمر! بالطبع لم تكن وصلت لهذه الصورة الذهنية القوية جداً. إن تكوين الصور الذهنية له من الاستراتيجيات والفنيات والأسرار الكثير جداً، ومن أهمها غالباً استخدام الاعلانات التذكيرية.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شكرا

    الان وصلت لي المعلومة التي كنت ابحث عنها
    بطريقة سهلة ومبسطة عبر الواقع الذي انا عايشة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى