إبدأ في التسويق

هل وظيفة البيع سيئة؟!

كان ومازال هناك الكثير جداً من التخبط حول وظيفة رجل البيع، أو البيع الشخصي – Personal Selling؟ هل هي وظيفة جيدة وتحتاج لقدرات خاصة أم هو دور يقوم به أى شخص ولا يحتاج لذرة من الابداع؟ لماذا انتشرت وظائف البيع بهذا الشخص، وهل هذا مؤشر إيجابى أم سلبى؟ لماذا نجد غالباً أن البيع هو جسر يمر من عليه من يريد ان يصل للتسويق؟ هل هذا هو ما يجب أن يحدث أم أننا مجبرون على ذلك؟ حان الوقت إذاً لتصحيح بعض المفاهيم!

فى كثير من الأحيان وخصوصاً في دوراتى التدريبية احاول في البداية أعطى تقدمه بسيطة للتفريق بين التسويق والبيع، وفى هذه التقدمة يكتشف الحاضرين أن البيع الشخصي هو جزء صغير من التسويق، فأشعر وكأن الانطباع السائد حينها أن البيع هو دور ضئيل وربما لا يكون له أهمية! هذا ليس حقيقياً، لأن البيع الشخصى فى هذه الحالة دوره ضئيل نسبياً، أى بالنسبة للتسويق ككل، فهو جزء من المزيج الترويجى .. والذي هو جزء من المزيج التسويقي أو برامج الفعل التسويقية، وهذه البرامج هى جزء من العملية التسويقية بشكل عام (كما هو واضح فى الشكل الآتى)%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B3%D9%88%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9
تماماً عندما أقول نفس الكلام على عنصر مثل الإعلان – Advertising ، فأيضاً هناك تخبط فى أوساط غير المحترفين تسويقياً بين التسويق وبين الإعلان، وبالطبع الفارق هائل بينهم، التسويق شئ ضخم للغاية، والإعلان هو جزء ضئيل جداً (بالنسبة) للتسويق، ولكن لا يعنى هذا أن الإعلان شئ يمكن اهماله، او يحقق اهداف بسيطة، بل إن الإعلان وأدواره واهدافه وطرقه وأساليبه عالم ضخم جداً، لا يقل عن عالم البيع الشخصى او العلاقات العامة ضخامة. فى الحقيقة كل عنصر من عناصر التسويق يتميز بتفاصيل معقدة وتحتاج لفترات كبيرة لدراستها والتعمق فيها.

ما هدف البيع الشخصى؟

عدد من خبراء التسويق يقول إن البيع الشخصى يمكن إهماله فى التسويق، قالها من قبل بيتر دراكر “هدف التسويق هو جعل البيع الشخصى شئ زائد او يمكن الاستغناء عنه – The aim of Marketing is to make selling superfluous”.

الكلام هنا موجّه للشركات التى تظن ان البيع هو كل شئ، أو تخلط بين البيع والتسويق، فمعنى الكلام هنا أن التسويق يكتشف احتياجات الناس ويلعب عليها ويشبعها فى شكل منتجات وخدمات تبيع نفسها بنفسها، وبالتالى يكون البيع هنا شئ زائد واحياناً غير ضرورى.

اذاً الكلام هنا لمن يرى التسويق هو البيع او أن البيع اهم من التسويق، وفى الحقيقة هناك الكثير من المنتجات تبيع نفسها، وهي المنتجات التي عملت بشكل منظم تسويقياً، وخلقت علامة تجارية قوية – brands عبر الزمن، فيأتيها الناس ليشتروا منتجات تلبي احتياجاتهم، بدون الحاجة لبائع شخصى لاقناعهم (كبعض العلامات التجارية القوية في هذه الصورة)%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%AA+%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9+%D9%82%D9%88%D9%8A%D8%A9

هذا الكلام لا ينفى أهمية البيع الشخصى إطلاقاً، بل أنه يضعه فى حجمه الصحيح. ماهو حجمه الصحيح، وماهو دوره الحقيقى؟

هناك 4 عناصر رئيسية للترويج:

  1. الإعلان – Advertising.
  2. العلاقات العامة – Publicity/PR.
  3. عروض البيع الترويجية – Sales Promotion.
  4. البيع الشخصي – Personal Selling.

ليس هناك عنصر اهم من عنصر، الا فى حالة ان تجبرنا طبيعة المنتج أو ادارة الشركة التسويقية على ذلك، ولكن فى الأحوال العادية فكل عنصر يكمّل العنصر الذي يليه، ويحقق هدفه.

الإعلان يحقق هدف نشر اسم المنتج أو العلامة التجارية – Brand Awareness ، و بالتزامن مع تحقيق الهدف، تبدأ العلاقات العامة دورها فى تحقيق هدف خلق المصداقية – Credibility، أما دور عروض الترويج فهو تنشيط المبيعات، ويظل دور البيع الشخصي فى تحقيق الإقناع – Persuasion، وهو الهدف الذي لا يستطيع الإعلان مهما زادت تفاصيله بأن يحققه بنفس القدرة والكفاءة والفاعلية التي يحققها البائع الشخصي، فهو قادر على معالجة كل اسئلة واستفسارات المشتري مهما كانت، بشكل لا تستطيع فعله أدوات العلاقات العامة مثلاً او الاعلان.

إذاً سيصبح من المنطقى معرفة اين تظهر بقوة قدرات واهمية البيع الشخصى، فهو هدفه الإقناع كما نرى، وبالتالى سيظهر فى منتجات تحتاج لتفكير كبير من المشترين، مثل السيارات والعقارات والخدمات غالية الثمن (عكس المنتجات الاستهلاكية والتى لا تأخذ وقت كبير من تفكير المشتري)، وايضاً نرى دور البيع الشخصي كبير عندما يكون المنتج أو العلامة التجارية غير معروفة له، فيحتاج فى البداية لمن يخبره بالمنافع والمزايا لهذه العلامة التجارية عن غيرها.

هل البيع الشخصى مظلوم؟

نعم، أرى البيع الشخصى مظلوم جداً فى بلادنا، كحال التسويق، فالبيع الشخصي مرتبط ارتباط عجيب بمن لا يملك إمكانيات وقدرات خاصة، فسينزل السوق يبيع!!

كلام عجيب جداً لا يصح في أغلب بلاد العالم، فالبيع هو وظيفة تحتاج في الحقيقة لقدرات عالية وإبداع وحسن تصرف وتخطيط وقراءة جيدة للسوق والعملاء، وقدرات إقناع كبيرة.

البيع فى العالم من أكثر الوظائف التي تحقق أموال لأصحابها، اعتماداً على مبدأ العمولات – commissions، ولكن فى نفس الوقت، فلكي تنجح فى البيع عليك بامتلاك قدرات خاصة، وهذا يجعل البيع فى العالم كله وظيفة مرموقة وتحقق أموال كبيرة، أو معقولة على أقل تقدير، لأصحابها.

هذا لأن البائع يُرى فى هذه البلاد على أنه شخص لديه قدرات خاصة فى الابداع والاقناع، وليس في بلادنا، على أن البيع (وظيفة حتى تُفرج)!

هل البيع يقود للتسويق؟

من ضمن النظريات الشائعة في بلادنا أنه لكى تعمل فى التسويق يجب ان تمتلك خبرة او ان تبدأ كبائع، وهذا يحدث ببساطة لأن التسويق لا يُدرّس كما ينبغي في جامعاتنا ومدارس الأعمال فى بلادنا، وبالتالى يخرج شباب لا يعرف التسويق ولا يتقنوه بالشكل الذي تحتاجه الشركات، فتضطر الى أن تنتظر الخريّج حتى يرى السوق بنفسه، ويتعرف على ادق اسراره، ويتشبع بالخبرة الكافية لكى يبدأ فى التخطيط بنفسه فى التسويق.

او ان الشركات تلجأ الى من يحصل على شهادات فى التسويق او يملك خبرة تسويقية فى شركات اقل، وتبدأ فى الاعتماد عليه. اعتقد ان هذا سوف يتغير عندما يبدأ التسويق بالتوغل في بلادنا، ويبدأ تدريسه وإتقانه بالطرق الصحيحة، حينها على ما أعتقد سيُرفع الظلم الواقع على التسويق، وعلى البيع أيضاً!

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى