إبدأ في التسويق

هل يصل محبى التسويق إلى درجة الإحباط؟!

دعونا اليوم نخرج قليلاً من أجواء التسويق العملية وحروب الشركات، وصراع الأفكار والاستراتيجيات الى موضوع هام جداً ومُلّح يسأل عنه ويحير الكثير من محبى علم وفن التسويق، وسؤالهم هو .. هل يوجد او سوف يوجد قريباً فى بلادنا تسويق بالمعنى الحقيقى؟
upset
إننا نذهب ونعمل فى شركات أغلبها لا يعترف بأهمية وقيمة التسويق، مازالوا متمسكين بالخرافات القديمة، مثل أن “التسويق يضيع الميزانيات”، “البحث التسويقى يضيع الوقت”، “البيع هو الأهم”، “التسويق هو صفحة على فيس بوك او هو اعلان فى جريدة”.. انهم يدورون فى حيّز هذه الخرافات القديمة التي عفا عليها الزمن، يجب حقاً أن يفيقوا من هذا الوهم!

المشكلة ليست فى الشركات، فأمرهم لهم، ولكن المشكلة فينا نحن محبى التسويق، المشكلة فى شاب يتخرّج اليوم من الجامعة وكله حماس تسويقي لكى يعمل فى شركات تحترم التسويق وتقدره، سوف يجد الآن القدرة على أن يبدع ويخطط ويفكّر تحت مسمّى التسويق، تحت غطاء الابداع التسويقى الذى طالما قرأ وسمع عنه فى الكتب. هذا لا يحدث كثيراً للأسف، وهذا يسبب احباط كبير للشباب اليوم.

فى رأيى ان الشركات التى نعانى معها تنقسم إلى أقسام منها: شركات بالفعل لا تطبق التسويق بشكل كبير وفى الأغلب لن تطبقه او تستخدمه كثيراً فى المدى البعيد، وهذه الشركات هى التى توجّه نشاطها لشركات مثلها، أي أن النموذج الذي تستخدمه هو نموذج عمل الشركات للشركات – B2B.

هذه الشركات بالفعل تطبّق التسويق (أى شركة فى العالم تطبق التسويق ولو بنسبة قليلة)، ولكن تظل هذه الشركات فى قالب معين، لا تريد أن تبنى اسم يعرفه الناس العاديين، ولذلك تجد هدف السمعة او الانتشار – brand awareness غير مرغوب فيه، هى تكتفي ببعض الشركات التي ستحقق لها ارباح هائلة أو على الأقل كافية كل سنة، هى سعيدة بذلك، سوف تختار أفضل رجال بيع تقابلهم وسوف تدخل بهم الشركات المُستهدفة من خدماتها ومنتجاتها، هذا ما تريده، وهذا هو نموذج من الصعب ان تطبّق فيه التسويق بشكله الممتع.

قسم آخر من الشركات، هي الشركات التي تستهدف الجمهور والمستهلكين الأفراد، وهى تعمل طبقاً للنموذج الأشهر فى مجال الأعمال، الأعمال أو الشركات للأفراد – B2C، و لكن هذا القسم يتمتع بقدر من الروتين و العقم التسويقى يوصلك لمرحلة الملل من كل ما يحدث فى الشركة.

هذه الشركات قد تكون صغيرة أو كبيرة، وفي كل الاحوال هى لا تحترم التسويق ولا تقدره، غالباً هذه الشركات تختفى وتندثر مع الايام، لن تجد لها صوتاً بعد بضعة سنين، هى لا تعرف كيف تستهدف – targeting ، ولا تعرف كيف تبني صورة ذهنية مميزة تميزها فى السوق عن المنافسين على المدى البعيد.

تطور كل حملة اعلانية بفكرة مختلفة، تطور حملات الكترونية بلا فهم ولا وعى، لا تستخدم البحث التسويقي. هذه الشركات هى ما نعاني معها، نستطيع أن نغيّر فكر المديرين في هذه الشركات لكي يطوروا من أعمالهم ويستخدموا التسويق، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، وهنا سبب معاناة الكثير من محبى التسويق فى هذه الشركات.

هذا القسم الثانى غالباً يقع فى حيّزه الشركات العربية المحلّية، وهى شركات يغيب عن ذهن مؤسسيها و مديريها التسويق فى شكله العالمى الحديث، الذى يحقق لك الأرباح على طبق من ذهب على المدى القصير والبعيد.

القسم الثالث، وهو ما يحلم به اغلب محبى التسويق، اغلب الشركات فى هذا القسم هى شركات اجنبية تطبّق التسويق بشكله الرائع الحديث، لا تنبهر سريعاً.. فهذه الشركات ايضاً (فى بلادنا) فيها قدر كبير من الروتين، نعم هى تطبق التسويق، ولكن اغلب الخطط والاستراتيجيات التسويقية تجدها تأتى من مقرات هذه الشركات فى الخارج.

بالتالى قد تجد شركات عالمية وعملاقة تعمل في بلادنا، التسويق فيها ينحصر فى توزيع المنتج، وبعض المهام التسويقية الخفيفة، أما عن الأجزاء الأخرى التى درسناها ونتمنى تنفيذها فى هذه الكيانات العملاقة، فتجدها مع اطراف اخرى، البحث التسويقى مثلاً قد يذهب لشركة متخصصة فى تطوير وتنفيذ الابحاث التسويقية، الخطة الاعلانية وتنفيذها مع وكالة إعلانية متخصصة.. وهكذا.

هل معنى هذا أنه لا يوجد تسويق فى بلادنا؟!

ليس تماماً. عليك فقط ان تعى الوضع وتقسيم الشركات، ثم تبدا فى توجيه سهامك التسويقية إلى الاتجاه المناسب، اذا وصلت الى مناصب تسويقية أو حتى ادارية عليا فى الشركات المحلية او العالمية فى بلادنا، سوف تستطيع وضع لمساتك التسويقية.

كثير جداً الآن من أصحاب المشاريع والمبادرين تجدهم من المبدعين والرائعين تسويقياً، هذا يعطيني امل ودفعة كبيرة حقاً.

اشاهد اليوم شركات تنجح فى بلادنا، أغلبها حتى الآن فى مجال تكنولوجيا المعلومات، انهم يدرسون أسواقهم باحترافية تسويقية عالية جداً، يطورون استراتيجيات تسويقية مذهلة تجعلهم ينجحون فى مدى قصير، علينا اذاً ان نتجه لهؤلاء الشباب المبادر، نعمل معهم، نستفيد منهم، ويستفيدوا ايضاً من حماسنا التسويقي.

ثم اخيراً لماذا لا نبدأ نحن؟!

ارى ان السبيل الاول والاهم لكى نطبّق التسويق بشكله الرائع، هو أن نبدأ نحن ونأخذ المبادرة، ابدأ مشروع حتى لو على سبيل التطوع وليس الربح فى البداية، ادرس من خلاله الأسواق، تعلم وضع الاستراتيجية التسويقية بجدارة، طور فيه مزيج تسويقي مبدع، اكتب إعلانات رائعة، طور استراتيجية خدمة عملاء متميزة، انك لن ترى التسويق ولن تطبقّه باستمتاع بالكامل كما ستطبقه فى مشروع خاص، بمفردك أو مع شركات تعشق التسويق ايضاً.

أهم شيء هو ألا تُحبط من التسويق، فإذا كانت المشكلة فى الشركات التى نعمل بها، فلنُحّل هذه المشكلة على طريقتنا الخاصة!

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى