الاستراتيجية والتخطيط

اهم القرارات و الدروس التسويقية لشركة نايكى – Nike

فيل نايت – Phil Knight هو اسم الشهرة لفيليب هامبسون – Philip Hampson ، وهو أحد أشهر رواد الأعمال فى أمريكا والعالم، ومن اثرى الأثرياء أيضاً فقد قُدرت قيمة اسهمه فى نايكي – Nike فى عام 2011 بحوالى 14.4 مليار دولار مما جعله يحتل المركز ال47 فى ترتيب أثرياء العالم، والمركز ال19 فى ترتيب اثرياء امريكا.phil knight1
أعتبر شخصياً هذا الرجل، وهذه الشركة، من عمالقة التسويق فى العالم، بل فى التاريخ، واحياناً اتخيل ان شركة نايكى ونجاحها ماهو الإ تسويق وإعلان، بل إن ما يؤكد صحة هذا الافتراض ان اغلب مشترين احذية نايكى الرياضية لا يشتروها لغرضها الاصلى، بل لأنها نايكى، وذلك على الرغم من ان الكثير او الاصل فى هذه الاحذية انها تُصمم للجرى لمسافات كبيرة، و للمضامير الرياضية – Tracks، وللرياضات المتخصصة والتى تحتاج لمجهود كبير.

كان فيليب نايت مراسل صحفى فى مجال الرياضة، وفى أثناء حضوره فصل دراسي في إدارة الأعمال، طلب منهم المحاضر فرانك شايلنبرجر – Frank Sullenberger واجب عملي مرتبط بريادة الأعمال، كان عبارة عن تطوير مشروع على الورق ووضع له خطة وإستراتيجية تسويقية، وهنا كانت اللحظة التي رأى فيها فيليب نايت شغفه الحقيقي، ورأى أن المشاريع والأعمال هى طريقه.

كان المشروع خاص بتطوير احذية رياضية، وقد كان يرى فيليب نايت ان الاحذية الرياضية فى امريكا رديئة للغاية، كان الحذاء يتلف مع اقل مجهود، وعندما دخلت الاحذية الالمانية السوق الامريكى قللت من حدة هذه المعاناة مع الأحذية، ولكن ظل السؤال (الشهير) فى ذهن الشاب، والذى قدمه كعنوان لورقة البحث:

هل تستطيع ان تفعل الاحذية اليابانية للاحذية الالمانية مثلما فعلت الكاميرات الالمانية للكاميرات اليابانية؟ Can Japanese Sports Shoes Do to German Sports Shoes What Japanese Cameras Did to German Cameras.

بعد تخرج فيليب نايت من جامعته، عمل بالمحاسبة، وسافر في رحلة إلى اليابان فتعرف على الأحذية الرياضية المتخصصة للجري من شركة – اونيتسوكا Onitsuka Co فى مدينة كوبي اليابانية، وانبهر بجودتها العالية وأسعارها المنخفضة.

اتفق مع اونيتسوكا على توزيع منتجات الشركة فى امريكا، ولم تصله أول شحنة من هذه الاحذية الرياضية إلا بعد سنة، بدأ فى العمل على توزيعها، وقد استشار مدربه العداء الشهير للمسافات المتوسطة بيل باورمان – Bill Bowerman فأُعحب بالفكرة، بل وعرض على نايت أن يساعده فى افكار التصميمات للاحذية الرياضية، وكان هذا الاتفاق فى عام 1964 ، ليؤسسوا معاً شركة بلو ريبون – Blue Ribbon Sports، والتى غيرت فيما بعد لاسم مستوحى من اسم آلهة النصر الإغريقية

شعار نايكي– Nike.

أثناء تدريسه للمحاسبة فى فصل دراسي في ولاية اوريجون – Oregon فى عام 1971، طلب من طالبة لديه تدعى كارولاين ديفيدسون – Carolyn Davidson ان تصمم لي شعار – logo فأعطته خيارات لم يقبل منها سوى لوجو علامة الصح الشهيرة – Swoosh، قال حينها ان هذا الشعار لا يعجبه ولكنه سيتعود عليه، لم يكن يعرف أن هذا الشعار سوف يصبح واحد من أشهر العلامات التجارية فى التاريخ!swooshprog
كانت لفتة رائعة من فيل نايت انه اهدى هذه المصممة بعد مرور سنوات من النجاح مئات من الأسهم في الشركة عرفاناً بجميلها، وذلك على الرغم من انها اخذت حقها فى حينها 35 دولار.

بالمناسبة كارولاين ظلت تعمل معه على التصميمات الفنية من اعلانات وكتالوجات و منشورات دعائية – brochures حتى اتى الوقت الذي اتفقوا فيه على أنه يجب الاعتماد على وكالة إعلانية متخصصة.

المنافسة الخطأ

من ضمن الحالات التسويقية الرائعة التى رأيتها مع شركة نايكى هى تلك الحالة التنافسية مع ريبوك – Reebok، تلك الشركة الالمانية الشهيرة والتى دخلت فى تنافس شرس للغاية مع نايكى تقريباً منذ عام 1980، وكانت تقدم احذية رياضية تركز على طابع الشكل والجمال، حتى لو حساب الجودة، وهنا خطأ فيليب نايت خطأ فادح عندما انجر وراء هذا التنافس، والذى لم يملك فيه ميزة تنافسية كبيرة، فكانت القيادة لشركة ريبوك والتى تفوقت فى المبيعات، وكانت فترة الثمانينات خصوصاً فى بدايتها هى الأسوء بالنسبة لنايكى.

التصحيح

بدأ فيليب نايت فى العودة الى تركيزه، وهذا الدرس التسويقى القاسى جعله من اكبر واكثر التسويقيين براعة فى العالم. لقد فهم عندما ذهب الى اليابان وانبهر بتلك الأحذية التي تعالج عيب خطير فى سوق الأحذية الرياضية – sneakers فى امريكا، ذلك العيب المتمثل فى ضعف الكفاءة والجودة، وكان يرى فيليب نايت عندما بدأ شركته انه يعالج هذه المشكلة، وأن هذه هي ميزته الاساسية، و عندما تأكد من هذا الخطأ التنافسى، بدأ يركز على الكفاءة ويضع الشكل والجمال كمزايا ثانوية، وبنى كل حملاته التسويقية بعد ذلك على الميزة الاساسية كما سترى.

يوجد موقف طريف حدث يبيّن لك مدى تشبث فيل نايت بهذه الاستراتيجية التسويقية، وهى انه عندما ظهر اجاكسى بطل رياضة التنس الأمريكي الشهير فى اعلان لكاميرات كانون، ليقول بأن الصورة هي كل شئ – Image in everything، وذلك فى حين ان اجاكسى حينها كان من ابطال الاعلان لدى نايكى فى نفس الوقت، حينها غضب فيل غضب شديداً وقال كيف يقول أن الصورة هى كل شئ، ونحن فى نايكى نقول إن الكفاءة، وليس الصورة (او الشكل)، هى كل شئ.

التطرف فى الاستراتيجية

من اكبر اخطاء نايكى التاريخية المعروفة، والتي نتجت عن اهمالهم للصورة، وادت الى زيادة وعيهم واهتمامهم بالصورة بجانب الكفاءة، هو الخطأ في استخدام لوجو يبرز رمز لشعلة نارية، تم تفسيره لدى البعض فى المجتمع الاسلامى على أنه لفظ الجلاله (الله)، وعندما اكتشفت الشركة الخطأ الفادح الذي وقعت فيه تم استرجاع – recall عدد كبير من هذه الاحذية، حوالى 38 ألف حذاء تقريباً، وقدموا اعتذارا للمسلمين عن طريق منظمة إسلامية تدعى CAIR.

استراتيجية التسعير

من المعروف تسويقياً ان السعر هو عنصر حاسم في المزيج التسويقي، بالنسبة لنايكى كانت الحالة معقدة قليلاً، فأسعار نايكى ليست قليلة، ولكن فى نفس الوقت لعبت نايكى لعبة تسويقية جعلتها محل انتقاد شديد، وهى انها كانت تصنّع احذيتها فى بلاد اسيوية مثل اندونسيا، بالاعتماد على تكاليف العمالة القليلة جداً مقارنة بالعمالة فى اوروبا وامريكا.

تم انتقاد هذه السياسة لسببين، اولاً نظراً لاستغلال العمّال هناك واعطائهم رواتب هزيلة، وثانياً أنه فى حين الشركة تعطى هذه الرواتب الهزيلة للعمال فى اندونسيا، فإنها تصرف مبالغ طائلة على ابطال الاعلان لديها! ولكن فى كل الأحوال فما يعنينا هنا هي فكرة خفض التكاليف بأذكى الطرق وأقصرها، وبالتالى سيكون لديك هامش ربح كبير، وحينها يكون لديك الاختيار اما تقليل السعر، او زيادته، وذلك طبقاً للاستراتيجية التسويقية التي تتبعها.

لماذا نايكى؟

اعتبر شخصياً أن شركة نايكي هى من اكثر الشركات العبقرية فى التسويق، وذلك بقيادة الزعيم التسويقي الشهير فيليب نايت، وأرى أنهم طوروا لنا اسلوبين تسويقيين دعائيين ستتعلم منهم الشركات عبر التاريخ، هما إعلان أسلوب الحياة – Lifestyle Advertising ، والآخر هو الرعاية الرياضية – Sponsorship.

عندما قابل فيل نايت المسؤولين في وكالة الإعلان (الصغيرة حينها) Wieden & Kennedy ، قال لهم إنه رجل لا يؤمن بالإعلان، ولكن هذه الفكرة تغيرت مع النجاح الساحق الذى حققته الحملة الإعلانية بالتاج لاين الشهير – just do it! .

لقد تمركزت الحملة ومازالت على فكرة أسلوب الحياة للرياضيين، لن تجد اعلان لنايكى يقول لك اشترى هذا الحذاء لأن من خصائصه كذا، او انه يتكون من مواد كذا وكذا.

كل اعلانات نايكى تتجه لفكرة المجتمع الرياضى، والذى يتم غرسه بكل قوة اعلانية ممكنة في أذهان الشباب، حتى يتمنّوا أن يعيشوا فى هذا المجتمع الرياضى القوى، وبالتالى كما اخبرتك من قبل، أنه ليس من العجيب أن يشترى الشاب حذاء نايكى المخصص لتحمل المجهود الكبير لعدّاء فى سباق للجرى على سبيل المثال، ان هذا لا يهم بالنسبة له، الاهم هو ان يكون فى مجتمع نايكى الرياضى، والذى تم تدعيمه بأسماء الرياضيين العمالقة على مدار التاريخ الرياضى، وكان أبرزهم وأشهرهم هو نجم كرة السلة مايكل جوردان.Michael Jordan and Nike
ثانى الأساليب التسويقية الرائعة التى لعبت عليها نايكى ببراعة هى فكرة الرعاية الرياضة، والتى لم تكن الرائدة فيها، ولكن طورتها بمشاركة باقى شركات الملابس والاحذية الرياضية الشهيرة، حتى قدموا لنا اسلوب تسويقي ترويجي قمة فى الروعة، يربط المنتج فى ذهنك ايجابياً بدون أن تتعرض لإعلان صريح مباشر، هذه الطريقة التى أصبحت تعود على الشركات الراعية والتى يتم رعايتها بأرباح وعوائد مهولة.

أخيراً سأتركك مع هذه المقولة الشهيرة لفيل نايت في حق التسويق :

Now we understand that the most important thing we do is market the product. We’ve come around to saying that Nike is a marketing-oriented company, and the product is our most important marketing tool.

* التواصل: LinkedIn – Facebook – Email

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى