الترويج والإعلان

إعلان أسلوب الحياة : هل تكلفة الإعلان الكبيرة دائماً عيب؟

اليوم نتابع الحالة الإعلانية التى اتحفتنا بها فودافون، وكان بطلها الممثل المصري عادل إمام، و بدأنا فى سرد بعض الدروس من هذه الحالة التى تدخل فى عداد التجارب الإعلانية الفاشلة، والتى فشلت فى الحقيقة لأسباب ترجع لأخطاء وقعت فيها الشركة، وأسباب أخرى خارج نطاق سيطرة الشركة..

فى التدوينة الأولى – تكلفة بطل الإعلان – ذكرنا كيف أن التكلفة المبالغ فيها من الشركة تسببت فى استهجان الكثير من روّاد وعملاء الشركة، فكيف تستفذ الناس بهذا المبلغ القياسى فى إعلان، بينما يعانى الكثير من العملاء من حالة اقتصادية سيئة، وتزيد انت الطين بلّة بأنك تعانى فى خدمات العناية بالعملاء، وغيرها من المشاكل التقنية، ويرى الكثير بأن الشركة كان الأولى بها وضع هذه الميزانية الضخمة جداً فى تطوير خدماتها وإصلاح العيوب لديها…

وفى الحقيقة حضرتنى خاطرة تسويقية أجدها هامة جداً، ومن المفيد مناقشتها، وهى هل التكلفة العالية جداً فى الإعلان عيب دائماً إذا وصلت لأسماع العملاء والناس المستهدفة من المنتج، أم أنها تحمل فى طياتها مزايا أحياناً؟

الإجابة بسيطة جداً..وهي أن التكلفة الكبيرة تؤثر في الغالب ايجابياً مع منتجات الرفاهية، او التى تستهدف عملاء على درجة كبيرة من القدرة المالية، وهم لا يتم التأثير عليهم من خلال الأسعار ولا العروض، ولكن يتم التأثير عليهم من خلال خصائص المنتج وكفاءته وتميزه..

دعونا نرى مثال إعلانى رائع، وعلى الرغم من عدم تحققى منه بنفسى، ولكنى سمعته من آخرين، وهو بخصوص إعلان لشركة BMW، في جريدة الأهرام المصرية.

اشترت الشركة الصفحتين المقابلتين فى داخل الجريدة، ومن المعروف أن هذا حدث مع تكلفة عالية جداً، خصوصاً عندما تعلم أن هذا كان فى ظل الرواج الكبير الحادث لجريدة الأهرام، وقبل ظهور الكثير من الجرائد التى استحوذت على نصيب سوقي الآن..فلنقل أن التكلفة دخلت فى نطاق الملايين لحجز هذه المساحة الإعلانية..

هل تعرف كيف كان شكل وتصميم هذا الإعلان؟

كان الإعلان خالى تماماً من اى تفاصيل او كلام او صور للسيارات، خلى تماماً إلا من لوجو الشركة وكلمات بسيطة فى نهاية الإعلان تتسآئل من يستطيع أن يفعل ذلك؟!

الشركة تقول انها وصلت من القوة والفخامة والقدرات انها يمكنها دفع الملايين فى الفراغ، ولا تحتاج لسرد كثير من التفاصيل عن نفسها، فهي معروفة للجميع، وأقوى وأقدر من كل المنافسين، وعلى الرغم من أن إعلان كهذا قد يبدو مستفزاً للبعض، لكنه بالطبع ابهار إعلانى للكثير، ويكفى انها حالة إعلانية ظل الناس يتداولونها حتى الآن..

هل يمكن أن يأتي عميل او مشترى لسيارات BMW ويشتكي من هذه السياسة الفاسدة، او المصاريف الاعلانية التى تصرفها الشركة، ويقول مثلاً لولا وفّرت الشركة هذه المصاريف ووضعتها فى تحسين خدماتها؟.. بالطبع لا.

إن الوضع هنا مختلف .. المجال يدخل فى حيز الرفاهية – Luxury، بل الرفاهية المفرطة، أما من يشتري السيارة فهى الفئة التي ترحب بالرفاهية وتدفع فيها راضية، ضف إلى ذلك أن الشركة نفسها لا تعانى من تلك المشاكل على مستوى خدمة العملاء أو تطوير المنتجات او غيرها..

تعالو الى مثال آخر، يدخل ايضاً فى حيز منتجات الرفاهية نوعاً ما، ولكن هذه المرة لا يكون المنتج للفئة الأعلى، ولكنه مازال يخاطب فئة تهتم بالجودة والكفاءة والإبداع، حتى لو بجانب السعر..

هل تذكر إعلان هوندا التروس – Cog؟

نعم .. إنه ذلك الإعلان الذي استهلك من الوقت 3 اشهر تنفيذ، وحوالى ال6 ملايين دولار، وهو الإعلان الذى أراد ان يثير الناس ويحرك مشاعرهم تجاه اداء فائق وجودة عالية لمكونات السيارة هوندا، ولأن السوق هنا يتحرك بمعايير الجودة والكفاءة أكثر من السعر، فلم يشتكي الناس من تكلفة الإعلان ولم يعترضوا، بل كانت التكلفة سبب من أسباب نشر الرسالة الإعلانية فيروسياً..

أريدك الآن أن تقارن هاتين الحالتين بحالة فودافون الإعلانية مع عادل إمام، الأمر مختلف تماماً، لأن الفئة المستهدفة من فودافون غير الفئة المستهدفة من إعلانات السيارات عموماً، وإعلانات BMW، وهوندا خصوصاً! ومن يشتري ويستخدم خدمات فودافون هم الطبقة العظمى من الشعب، والتى تعانى من ظروف اقتصادية متواضعة، إن لم تصل فى كثير من الأحيان لظروف اقتصادية صعبة، فكيف لك أن تستفيد هذه الفئة بهذه النوعية من الإعلانات وتكاليفها؟!

هنا تأتي فائدة دراسة فن وعلم الإعلان دراسة علمية صحيحة، وليس الموضوع ارتجالى بالمرة، وهناك مصاريف إعلانية ومجهود ووقت تتكلفهم فى سبيل تطوير وإخراج ونشر هذه الإعلانات، وإن لم تنجح هذه الإعلانات، وكانت اسباب الفشل في يدك، فلا تلومنّ إلا نفسك والفريق الذي يعمل معك..

بمناسبة الإعلان العلمى، أهديك هذه الهدية، كتاب الإعلان العلمى – Scientific Advertising، وهو المرجع الأقوى و الأول والأكثر شمولاً وأهمية في مجال الإعلان وكتابة النصوص الإعلانية بشكل علمى.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى