هل هناك أهم من المزايا التنافسية بالنسبة للشركات ونجاحها فى السوق؟
بالطبع لا، و سوف تتأكد من ذلك بنفسك عندما تعرف أن فشل أكثر الشركات فى بداية
عملها فى السوق يكون بسبب عدم تميزها بميزات تتفوق بها على المنافسين فى السوق،
راجع الجزء الأول من المزايا التنافسية.
السؤال الآن .. كيف تضع يدك على تلك المزايا التنافسية؟ أين هى ؟
هناك البعض يعدد المصادر للحصول على المزايا التنافسية، و لكن فى رأيى، أن
هناك عدد لا حصر له من مصادر المزايا التنافسية، التى تستطيع ان ترى فيهم تلك
المزايا التنافسية.
هل جربت ان تطور تحليل رباعى – SWOT analysis لشركتك او عملك الخاص من قبل؟
ماذا تكتب إذاً فى مربع نقاط القوة؟
تماماً.. نقاط القوة التى تكتبها هى نفسها تلك المزايا التى تميزك فى
السوق، دورك فقط الآن أن تضع هذه النقاط
فى مكانها التسويقى الصحيح وتعرف كيف تحولها إلى مزايا تسويقية حقيقية تضعك فى
مكان متميز فى السوق وبعيد عن متناول المنافسين.
عندما نملئ خانة نقاط القوة، يكون الأمر أشبه بعملية عصف ذهنى - brainstorming قوية، تخرج فيها كل ماتستطيع
اخراجه من مصادر قوة، .. قد تكون قوتك فى ابداعك، أو قوة وتعاون وتناغم الأعضاء فى
فريق عملك، أو رأس مال وامكانيات مادية تسمح لك بالاستثمار فى المنتج باستمرار
وتطويره، أو قدرتك على تطوير منتجات تشبع احتياجات غير مشبعة فى السوق، أو وجود
وتوافر منتجاتك وخدماتك فى أماكن جغرافية لا يستطيع المنافسون الوصول إليها..
حتى أن جاك ويلش، وهو واحد من أنجح المديرين التنفيذين فى العالم، يقول
جملة رائعة مفادها أن اكبر ميزة تنافسية للشركة هى قدرتها على التعلم ووضع ما
تتعلمه سريعاً فى الفعل ..
“An
organization’s ability to learn and translate that learning into action rapidly
is the ultimate competitive advantage.”
فى الحقيقية انه فى هذا البحث لا يوجد لديك قيود ولا حدود، كما أخبرتك فإن
الأمر يشبه إلى حد كبير فكرة إخراج الأفكار، والتى لا يكون فيها الحديث عن فكرة
جيدة واخرى غبية، فكل الافكار مقبولة، إلا أن يتم تصفيتها على أسس ومعايير تضعها
من أجل إنجاح كل فكرة منهم وتحويلها إلى مشروع حقيقى.
تحويل نقاط القوة إلى مزايا تنافسية
النقطة الأهم الآن بعد أن عرفت ماهى نقاط قوتك، عليك أن تحوّل تلك النقاط
لمزايا تنافسية مفهومة، وواضحة، والوضوح هنا تأتى أهميته لك قبل أهميته للناس فى
الأسواق.
أهميته لك تكمن فى كونك أصبحت على دراية بميزة على رأس عدة ميزات سوف تغامر
بها فى السوق لتفوز وتحقق أهدافك، هذه المزايا التنافسية الواضحة سوف تكوّن من
خلالها الاستراتيجية والبرامج التسويقية، سيكون الأمر أيسر عليك كثيراً ممن لا
يعرفون مزاياهم التنافسية فى الأسواق وكيفية استغلالها.
سوف تستطيع أيضاً تحويل المزايا التنافسية و تحويرها فى شكل صورة ذهنية
كبيرة تحفرها فى أذهان الناس فى السوق، هذه الصورة الذهنية هى ما سوف يساعدك
لتحديد بدقة عناصر مزيجك التسويقى (البرامج التسويقية)، لأنها ببساطة سوف تكون
خلاصة وعصارة الاستراتيجية التسويقية المناسبة التى طورتها.
أما الأهمية بالنسبة للناس فى السوق، هو أنه لا يوجد أحد يهتم بقوة فريقك،
او وفرة رأس المال لديك، قدرتك على الإبداع، .. كلها أمور لا تدخل فى حسابات
المشترى عندما يشترى منتجك او خدمتك، ببساطة هو يريد أن يأخذ قرار هل سيتجه لمنتجك
او منتج المنافسين، وذلك طبقاً لمزايا تنافسية واضحة ومحددة.
المزايا التنافسية فى مزيجك التسويقى
وجهة نظرى هى أنه مهما زادت وتنوعت مصادر المزايا التنافسية فى الشركات، إلّا
أن هذه المصادر يجب أن تصب فى النهاية فى أحد عناصر المزيج التسويقى للشركة (منتج –
تسعير – توزيع - دعاية)..
بالنسبة للمنتج، فالمزايا التنافسية فى المنتج هى الأشهر على الإطلاق، لقد
رأينا كيف تكوّن الشركات الصور الذهنية عن طريق ربط مزايا تنافسية بالمنتج، على
شاكلة : أكبر سيارة، أصغر موبايل، أخف لاب توب، أسرع طائرة، أقوى دبابة، أحلى
شيكولاته، ... الخ
هذه المزايا يفهمها بسهولة الناس ويتفاعلون معها، كيف لا وهم يذهبون الى
الأسواق لشراء منتجات، وهما يقارنون المنتجات ببعضها البعض حتى يتخذوا قرار الشراء
الأفضل، وبالتالى يميلون فى قرارتهم الى المنتج الذى يسهّل عليهم الاختيارات عن
طريق صيغ المفاضلة تلك، وبالتالى فإن أقوى المزايا التنافسية على الإطلاق تكون فى
عنصر المنتج.
العنصر الثانى فى المزيج التسويقى هو عنصر التسعير، و أيضاً تصب فيه
المزايا التسويقية، فالناس يرون السعر من اهم عناصر اتخاذ القرار، ومع الوقت سوف
تكتشف أن الناس يرون جميع المنتجات طبقاً لمتغيرين، هما المنتج والسعر، وذلك كما
فى الشكل التالى، وكما سيتم توضيحه أكثر فى تكوين الصور الذهنية – positioning.
افرض أن من مزاياك التنافسية وفرة العمالة، او قلة تكلفتها، أو قلة تكلفة
المواد الخام، كما أخبرتك من قبل فكل تلك المزايا التنافسية لا تفيد الناس فى
الأسواق بشئ، عليك إذاً تحويل هذه المزايا التنافسية إلى مزايا تنافسية يستفيد
منها الناس، فيكون قلة تكلفة العمالة او المواد الخام، سبب فى خفض الأسعار، وكون
أسعارك منخفضة بالمقارنة مع المنافسين، فهذه ميزة كبيرة، ربما تكون أكبر إذا تم
جمعها مع ميزة او أكثر فى منتجك، أيضاً بالمقارنة مع المنافسين فى السوق.
الآن تأكدت أن عنصرى المنتج والتسعير فى المزيج التسويقى هما المصادر الأهم
للمزايا التنافسية، ويجب أن يتم تحوير بعض نقاط القوة فى الشركات لمزايا تنافسية
واضحة خاصة بالمنتج والتسعير كيف يراهم الناس ويتفاعلوا معهم، ولكن ماذا عن
التوزيع والدعاية؟
بالنسبة للتوزيع، ففيه أيضاً مصادر للتميز التنافسي، فكون المنتج متوافر فى
الأماكن التى يرتادها المشترون فهذه ميزة كبيرة جداً، خصوصاً إذا استطاعت الشركة
الوصول لأماكن جغرافية لا يستطيع المنافسون الوصول إليها بسهولة.
هذا الأمر يبدو من وجهة نظر المشترين كالآتى "هذا المنتج رائع، إنه
متوافر فى كل مكان"، وبالتالى يسهل عليه الأمر كثيراً، ومع تكرار شراء
المنتج (لأنه متوافر)، فإنه يتعود عليه، ويفضله عن المنافسين، وبالتالى يصبح عنصر
التوزيع وتوافر المنتج من المزايا التنافسية الرائعة التى تستطيع الشركات العمل
عليها، خصوصاً الشركات التى تعمل فى مجال المنتجات سريعة الاستهلاك – FMCG، وخصوصاً المنتجات الغذائية.
بالنسبة لعنصر الدعاية، فسأخبرك أمراً مشوق بالفعل، وهو أن كثير جداً من
المنتجات التى تحقق أرباح مهولة حول العالم، ويلهث وراءها الناس، هى منتجات مصدر
قوتها، وميزتها التنافسية هى قدرتها على تقديم منتجات ربما تكون عادية، ولكن فى
شكل دعائى مبهر.
لاحظ أن أغلب المنتجات صاحبة المقام الرفيع – prestigious، والتى تخص غالباً فئات بعينها
تستطيع الانفاق للحصول عليها، إن هذه المنتجات كونت صورها الذهنية على انها منتجات
الصفوة، وهى منتجات لايشتريها أى أحد، بل يشتريها هؤلاء المتميزين. لقد ظلت هذه
الشركات تعمل جاهدة على تكوين هذه الصور حتى رآها الناس منتجات متميزة فاشتروها
وداوموا على شرائها، وفى الحقيقة هى منتجات عادية بل ربما تكون أقل جودة من
المنافسين.
لقد كانت مثلاً سيارات مينى كوبر سيارات صغيرة عادية لا يأبه لها الصفوة،
ولكن مع الدعاية المبدعة جداً، خصوصاً الدعاية من خلال أفلام شهيرة فيما يعرف
ب التسويق الضمنى – undercover marketing، أصبحت واحدة من أغلى السيارات وأكثرها طلباً من جمهور الأثرياء،
وقس على هذا المثال الكثير جداً من المنتجات حول العالم، من عطور، وأزياء،
وسيارات، وأجهزة تكنولوجية، ..
فى هذه المقالة عرفت كيف تحول المزايا التنافسية التى هى فى الأصل نقاط
قوتك، إلى مزايا تنافسية محددة وواضحة يفهمها الناس فى الأسواق، وذلك بتحويل أى
نقطة قوة إلى حيز المزايا التسويقية التى تخص عناصر المزيج التسويقى.
أشكرك أخي حسام على المعلومات القيمة التي اتحفتنا بها
ردحذف