الاستراتيجية والتخطيط

ما الفرق بين الظاهرة والمشكلة ؟ وكيف يتسبب فى نجاح أو فشل الشركات؟

يوجد يومياً فى حياة الشركات مشاكل لا تعد ولا تحصى، هذه المشاكل تؤرّق الشركات ولا تهدأ الشركات إلا عندما تحل هذه المشاكل، حتى تسير عجلة الإنتاج والتسويق بشكل صحيح، ولكن هناك عقبة كبيرة تواجه هذه الشركات من أجل تحديد مشاكلها بدقة، فكيف تحل الشركة مشكلة لا تعرفها؟!

فى الحقيقة يوجد فرق كبير بين الظاهرة – phenomenon، وبين المشكلة – problem، وإذا لم تستطع فهم الفرق الكبير بينهم فلن تستطيع حل أى مشكلة تواجهك، خصوصاً لو كانت مشكلة (أو بمعنى أدق ظاهرة) معقدة.

هذا الرجل في الصورة يبدو أنه مريض، سيذهب بالتأكيد إلى الطبيب ليخبره عن مرضه، و الآلام التي يشعر بها، سيخبره أنه يشعر بصداع، أو أنه يعانى من صعوبة من ابتلاع الطعام والشراب، أو أنه يعانى من الدوار المتكرر، ..الخ

كل هذه الظواهر، والتي في الحقيقة تبدو من وجهة نظر المريض (الغير متخصص فى الطب) أنها مشاكل، وأنه ذاهب للطبيب ليجد عنده علاج لها، هي في الحقيقة مجرد دلائل ومؤشرات يستطيع الطبيب أن يفحصها و يحللها من أجل الوصول إلى سبب هذه الآلام، فربما تكون المشكلة على سبيل المثال فى ظاهرة دوار هذا الرجل المريض هى اختلال فى الأذن الداخلية تسبب له هذا الدوار المتكرر، .. ماكان المريض ليكتشف هذه المشكلة بدون فهم وتخصص الطب، وبذلك بدأنا نضع أيدينا على المشكلة التى تسبب الظاهرة.Sick+man

مثال آخر عندما يقل الهواء المضغوط فى إطار السيارة (تنام العجلة)، تذهب بها إلى الميكانيكى أو إلى متخصص فى الإطارات، تخبره عن هذه الظاهرة فى الإطار، فيقوم هو بفك الإطار وعمل عليه كشف حتى يعرف سبب هذه الظاهرة، ربما يكون مسمار دخل فى الإطار، أو يكون هناك قطع فيه،أو أن الإطار بدأ يتآكل مع الوقت، … الخ170353 a34d7177

فى الشركات أيضاً نجد ظواهر كثيرة جداً، هذه الظواهر غالباً تكون سلبية ونريد علاجها، ولكن كيف تعالج الظاهرة وأنت لا تعلم ما وراء الظاهرة من أسباب؟، والأسباب هنا هى المشاكل التى نريد علاجها..

مثلاً تُفاجأ الشركة بإنخفاض حاد فى نسب المبيعات لديها، هذه هى الظاهرة، حسناً.. دعنا نقارن كيف ستحلها شركة هاوية لا تستخدم التسويق وتستخدم (الفهلوة)، وشركة أخرى تستخدم التسويق بشكله الاحترافى..

الشركة الأولى سوف يجتمع فيها مدير التسويق أو البيع، أو المدير العام، أو أى مدير مسئول عن حل هذه الظاهرة مع الموظفين لبحث كيفية حل الأزمة، سيخرج بقرارات منها مثلاً: زيادة الإنفاق على الإعلان، سيقومون بعمل حملة إعلانية خارقة الجمال مع أكبر وكالة إعلانية فى البلد!، سيطورون عروض بيع مذهلة سوف تجعل الناس يشترون كما لم يشتروا أى منتج من قبل، سوف ينزل برجال بيع ليقنعوا الناس بالمنتج، … الخ

الشركة الثانية سوف يجتمع فيها مدير التسويق مع المديرين الآخرين مع بعض الموظفين لبحث الأزمة أو الظاهرة السلبية التى تعانى منها الشركة، فاتفقوا على تطوير بحث تسويقي استكشافى – Exploratory Research هدفه هو استكشاف المشكلة لحلها، وبدأوا النزول لعينة من الأسواق و بحثوا عن منتج الشركة واستخدموه.

لاحظوا كيف ومتى يشترى الناس المنتج وكيف يستخدموه وماهى المشاكل التى واجهتهم فى استخدامه، وبعد فترة من تطبيق هذا البحث، جاءتهم المفاجأة، فإن آخر كمية من المنتج نزلت الأسواق فى الفترة الأخيرة عانت من عيب خطير فى صميم المنتج، جعل المشترين الذى كانوا يشترون المنتج باستمرار يبتعدوا عن المنتج ويذهبون للمنافسين!

بدأت الشركة فى إصلاح العيب فى المنتج، ومع تطوير المنتج، بدأت فى حملة ترويجية، ربما استخدمت فيها رسالة تشير إلى أنها طورت المنتج، ولربما وجّهت اعتذار عمّا أصاب المنتج من عيوب بسيطة (كما فعلت شركة Toyota مع سياراتها فى الفترة الأخيرة)، .. النتيجة أن المبيعات زادت، ربما أكثر من السابق، وكل هذا بسبب أن هناك إدارة تسويقية محترفة تعرف كيف تفرّق بين الظاهرة والمشكلة، وبالتالي تعرف كيف تستكشف المشكلة وتحلها.. بالنسبة للشركة الأولى .. فأنت تعرف الآن كيف كانت النتيجة !

البحث عن المشكلة التى وراء الظاهرة ليس بالأمر اليسير، إنه يحتاج لبحث تسويقي منظم، قائم على الملاحظة، و كثيراً ما تستخدم هذا النوع من البحث إما لحل المشكلات التي تواجهك كما فى المثال السابق، أو لمعرفة المشاكل التى تواجه المنتجات الجديدة .. راجع تدوينة لاحظ كيف يستخدم الناس منتجاتك وخدماتك.

أحياناً مع كثرة وعمق الخبرة، لا يحتاج الأمر لبحث تسويقى كامل قائم على الملاحظة، فمن خبرتك تعرف أن هذه الظاهرة يكون سببها هذه المشكلة، وهذا مايصنع الخبراء والمحترفين فى مجالهم ويزيد سعرهم فى السوق..

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى