الاستراتيجية والتخطيط

لاحظ كيف يستخدم الناس منتجاتك وخدماتك

من أكثر الوسائل أهمية فى التسويق، وخصوصاً فى مجال البحوث التسويقية، هى طريقة الملاحظة – observation، وهى أنك ترى وتشاهد عن قرب عملائك وتتفهم طبيعتهم وطبيعة استخدامهم للمنتج، وبالتالي تستطيع الحصول على أدق المعلومات التي حتى لا تتيحها الطرق الشائعة فى جمع المعلومات مثل المسح السوقي – survey، والذي من أشهر أدواته الاستبيان – questionnaire.

عندما أراد متجر ألعاب الأطفال الشهير فيشر برايس – Fisher-Price تقديم ألعاب جديدة للأطفال قدم نموذج رائع لطريقة الملاحظة فى بحوثه التسويقية للتأكد من قوة وجودة منتجاته بالنسبة للأطفال، فبدأ فى تجميع الأطفال فى مختبرات للدراسة، بالطبع لم تأخذ شكل المختبرات على الإطلاق، ولكن كان غرف طبيعية كالتى يعيش فيها الأطفال ويلعبون بألعابهم فيها…، وبدأت الملاحظة..

شاهد الملاحظون من شركة فيشر عينة الأطفال وهم يستجيبون للألعاب الجديدة، بعضهم يستجيب لها ويتفاعل معها، وبعضهم يلقيها جانباً، بعضهم تجذبه فيها بعض الخصائص، .. وهكذا، حتى استطاعوا تكوين صورة دقيقة عن جودة عن هذه الألعاب الجديدة تحت التجربة.

fisher-price-case2

فى هذه الأساليب التي تتطبق طريقة الملاحظة فى البحث التسويقى، يكون المختبر فى شكل تقليدى و مألوف للطبقة التى سيتم تجريب المنتج عليها، وفى نفس الوقت يكون المختبر تحت أعين وتصوير مجموعة الخبراء والملاحظين (يكون الزجاج شفاف حتى يستطيعوا رؤية ما يحدث بالداخل)، كما أنه يُستحسن أن يتم تصوير كل حركة تحدث أيضاً لتحليلها، ربما لم تلاحظها أعين الخبراء والملاحظين من المرة الأولى.ObservationElmoimages+(1)development+lab+playroom+observation+room
ماذا تفعل إذاً إذا كان البحث التسويقى ليس على الأطفال بل على الفئة البالغة أو رجال أعمال مثلاً..؟

واجهت فنادق ماريوت – Marriott الشهيرة موقف تسويقي عندما أرادت ملاحظة سلوك العملاء والفئة المستهدفة التى تقيم فى فنادقها والفنادق المنافسة، أرادت أن تعرف كيف يتصرف هؤلاء الناس، كيف يقضون أوقاتهم، ماذا يجذبهم فى هذه الفنادق، وماذا ينقصهم، وبدأ التسويقيين في ماريوت تطبيق الملاحظة من أجل اكتشاف ذلك..

استعانت ماريوت بشركة استشارات فى التصميم اسمها IDEO، وهى شركة غريبة نوعاً ما نوعها، تعتمد على الرسومات والتصميمات من أجل فهم الخصائص الإنسانية و تزويد الشركات فى مجال الأعمال بها من أجل فهم هذه الخصائص وتطبيقها على الواقع العملى والتسويقى لديها..

IDEO
ideo08 sm

أرسلت الشركة الاستشارية مجموعة ضمت خبراء و مصممين و كاتب ومهتم بالخصائص الثقافية والاجتماعية – anthropologist،ونزل الفريق لمدة 6 أسابيع فى رحلة تفاعل مستمرة مع نزلاء الفنادق، طلب من النزلاء في هذا التفاعل والتعايش كل ما يتعلق بأسلوب حياتهم وتفاعلهم مع الفنادق، وطلبوا أن يرسموا مايفعلوه النزلاء في الفنادق ساعة بساعة، وتم تغطية 12 مدينة بهذا الاختبار..

كانت النتائج التي حصل عليها التسويقيون في ماريوت رائعة، وكان أكبر اكتشاف حصلو عليه أن النزلاء لايستمتعون إطلاقاً بهذه الفنادق، فهى بالنسبة لهم غرفة مظلمة كئيبة، هدفها تمضية الوقت فقط، وهو ما عالجه التسويقيون في ماريوت بعد ذلك بزيادة جزء الترفيه بجانب الغرف الخاصة بالنزلاء، للتغلب على مشكلة الكآبة والضيق التى تعانى منها غرف الفندق..بالمناسبة ..

كان التسويقيين فى ماريوت يطبقون ما يطلق عليه الآن فى علم التسويق، البحث الاجتماعى او الثقافى – Ethnographic research وهو أيضاً جزء و طريقة من طرق البحث القائم على الملاحظة – Observation Research، ويعني أنك ستكوّن فريق هدفه الملاحظة، ولكن عن طريق التعايش والتفاعل مع عينة من الناس بهدف فهم طباعهم وميولهم وسلوكهم الاجتماعى والثقافى، والذي يختلف بالطبع من شريحة لشريحة من الناس والعملاء.

عموماً طريقة الملاحظة يكون هدفها حل المشاكل التسويقية وغير التسويقية، وتستخدمها للحصول على معلومات لا تستطيع الحصول عليها بالأبحاث الوصفية التقليدية والتى من أدواتها مثلاً الاستبيان..

فمثلاً عندما تخسر الشركة موظفيها، أو عندما يكون معدل دوران العمالة – Turnover عالى، فليس من الدقيق أن تذهب فتسأل الموظفين لماذا يتركون الشركة ويذهبون لشركات أخرى، ولكن الأدق فى هذه الحالة هي طريقة الملاحظة، فتبدأ حينها في تطبيق بحث تسويقى منظم، هدفه اكتشاف هذه المشكلة عن طريق الملاحظة..

ستلاحظ فى هذا البحث مثلاً، كيف يتفاعل الموظفين مع بعضهم البعض، كيف يعاملهم مديرينهم، ما هي بيئة العمل ونظافة المكاتب، ماهى درجة الالتزام في دفع المرتبات والحوافز، .. الخ، حتى تكتشف أين تقع المشكلة وتعالجها..

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى