إبدأ في التسويق

طرائف محتوى التسويق العربى : الذكاء التنافسى !!

إن محتوى التسويق العربي كان ومازال عامل مهم ومؤثر فى كره الناس للتسويق، و فى الحقيقة و رغم حبى الشديد لهذا العلم، إلا أنى أعذُر كل من يكره التسويق، فأنا من المنغمسين فى مجال التسويق، وعلى الرغم من ذلك أرى أن التسويق كما يُدرّس فى الجامعة يستطيع وبجدارة مذهلة أن يُكرّهك فى كل ماهو تسويقى على وجه الأرض، وإذا لم تستطع كتب الجامعة فعل ذلك فالمحتوى العربي من كتب ومقالات وفيديوهات قادر على فعل ذلك، وإنهاء هذه المهمة على أكمل وجه.

عندما يطلب منى أحدهم كتاب فى التسويق، وبالطبع أهم كتاب هو أساسيات التسويق لكوتلر، وأرسل إليه النسخة الإنجليزية الأصلية أو أدله على مكان شرائها، تجده يصطدم بالحقيقة لوهلة، ثم يستفيق منها ويسأل عن النسخة العربية، التى لا أعرف حجم الكُره للتسويق الذى سيحصل عليه بعد قراءته لها، و لذلك أرى أنه لو فتح القاموس وترجم كلمة كلمة من الكتاب الأصلي لكان أفضل من المُترجم العربي.

هذا الذنب التسويقي لا يقع اطلاقاً على عاتق اللغة العربية الرائعة فى حد ذاتها، بل للأسف على عاملين فى غاية الأهمية، أولاً هو جهل الكثير بعلم التسويق العملى المبدع، وتدريسه وكتابته على أنه علم نظري جامد كما يحدث فى الجامعات، والعامل الثاني هو الترجمة الحرفية الصماء لمفاهيم ومصطلحات التسويق.

سأحكى لك موقف من حياتي التسويقية، .. عندما كنت اختار نقطة بحث وقدمتها كاقتراح – proposal، أثناء تحضيري للماجستير فى التسويق، كنت حينها أعمل على فكرة الاستخبارات أو نظم التجسس التسويقية – Marketing intelligence وهى طريقة معروفة من طرق تجميع المعلومات والبيانات من السوق، وفيها تتجسس أو تحاول معرفة كل مايمكنك معرفته عن المنافسين، ومن أشهر السبل لذلك تجربة منتجاتهم وبحثها لمعرفة نقاط القوة والضعف فيها.

هذا الموضوع التسويقى يبدو جديداً على محتوى التسويق العربى، ومع اضطرارى للاستعانة فى البحث بمراجع عربية أو حتى مقالات ودوريات عربية، فقد بحثت على الانترنت وفوجئت بنتائج اقتربت من الصفريّة، لدرجة أنني تخيلت نفسى عبقرى وأنا أول من اعرف واقدّم بحث في هذا المجال.

بالصدفة البحتة كنت اجلس مع عضو هيئة تدريس زميل لى، و أخبرته عن هذه المعضلة التسويقية العجيبة، ففكر لوهلة ثم قال لى حاول البحث عن “الذكاء” التسويقي أو التنافسى.

brain

ذهبت لأجرب هذا اللفظ (الجميل) الجديد، ووجدته بالفعل يعمل.. أخيراً ظهرت النتائج!!

بالفعل فإن الكتب والمقالات تتكلم عن الذكاء التنافسي وكأنه موضوع العصر، إذاً لست أنا أول من يهتم بهذا الموضوع، ولكن لماذا يطلقون عليه “ذكاء”؟

أنا اعرف ان ترجمة “Intelligence” تحمل المعنيين، “ذكاء” و “استخبارات او تجسس”، ولكن مستحيل أن تحمل فى سياق موضوع البحوث السوقية أى قدر من الذكاء على الاطلاق!int+vs+int
إن الذي أطلق مصطلح “ذكاء تنافسى أو تسويقي” هذا إما أنه تكلم عن موضوع تسويقى لا يعرف أى شئ (على الإطلاق) عنه، أو أنه للأسف، كعادة كثير من كاتبى المحتوى التسويقي العربى، قد أخذ اللفظ بترجمته الحرفية ووضعه كما هو.

بصراحة شديدة، مع عوامل ضغط أخرى لكتابة بحثى بالعربية، لم أجد بد من ترك هذه المهمة النظرية، وفضلت المضى قدماً فى تعلم التسويق بالطريقة العملية، والاحتكاك بالسوق، ومطالعة الجديد فى التسويق العالمى، حتى لا يأتى يوم وأُصاب بالعقم التسويقى!

أما نصيحتى لك فهى ألا تقوقع نفسك فى حيز عربى ضيّق جداً حتى الآن، لأن كثير جداً من المتاح التسويقى عربياً إما نظرى أو خاطئ أو مُترجم حرفياً بشكل مستفذ ومكروه، .. عليك أن تطلق خيالك فى التسويق بكل أشكاله وألوانه ومصادره، فإذا عشقته فى شكله الصحيح، تستطيع أن تفعل ما بوسعك لتغيير (إبداعات) محتوى التسويق العربى الحالى!

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. إن حكايتى مع التسويق تشبه حكايتك إلى حدٍ كبير ..

    فقد كانت مادة التسويق فى دراستى الجامعية من أكثر المواد ثقلاً على قلبى نظراً لطابعها النظرى البحت , وقد ازداد اهتمامى به باطرادٍ بعد تخرجى ودخولى إلى التسويق الفعلى على أرض الواقع حتى أصبحت أحب هذا العلم أكثر من أى شىء.

    وعدم حب التسويق أو عدم فهمه يمثل مشكلة كبيرة لمعظم أصحاب الأعمال فى بلادنا , وهو ما ينبغى علينا – العاملين فى مجال التسويق والمهتمين به – أن نوجد له الحل إذا ما أردنا النهوض باقتصاداتنا حقاً.

    أشكرك على إشراكنا فى تجربنك الشيقة.

  2. السلام عليكم

    والله لقد عانيت مما عانيت منه انت،لم اجد معلومات كافية عن الموضوع باللغة العربية والموجود اصلا تم تسميته ذكاء تنافسي، لا ادري ما سبب تسميته بذلك إلا أن تكون تسمية (استخبارات أو تجسس) مخيفة جدا للمترجم وللقارئ العربي

    دمت موفقا

    ولي طلب بسيط هل لديك بحوث عن (الذكاء التنافسي) (:
    فيها قصص حقيقة عن الاستفادة من هذا العلم
    أو حتى أمثلة عابرة ولكني اريدها موثقة

    وتقبل تحياتي

  3. اخى الكريم انا حاصل على الدكتوراة من بريطانيا عام 2006 في الذكاء التنافسى Competitive Intelligence وقمت بنشر ثلاث ابحاث عنة باللغة الانجليزية وكذلك كتاب باللغة الانجليزية ويسعدنى مساعدتك ان رغبت تواصل معى على الايميل
    elsayed_eid@yahoo.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى