الترويج والإعلان

تسويق الفكرة : لماذا أمريكا؟

قبل أن أكمل ما بدأت عن عروض السوق و تسويق الفكرة بالتحديد، كنت قد مررت على حالة الشاب ‘توى‘ التسويقية، والتى باع فيها صفحة فارغة لا تساوى شيئاً حينها، بمليون دولار، وهى حالة من تلك الحالات القليلة العبقرية التى نشتاق إليها وإلى ذكرها، ربما على أمل أن الملايين تأتى من جهة أكثر الأفكار بساطة.. وهى كذلك بالفعل!

السؤال كان.. لماذا اختار هذا الشاب توى الدولار ولم يختار اليورو او الاسترلينى مثلاً، سيرد ويقول لأن الدولار أكثر انتشاراً، ولكن اسألك أنا لماذا الدولار أكثر انتشاراً، .. دعنى أسألك سؤال أكثر منطقية من هذا، لماذا أمريكا؟

أريدك أن ترى وجه هذا البلد أمريكا من زاوية مختلفة قليلاً.. أمريكا تعتبر وبالنسبة لمساحتها العملاقة من أقل البلاد فى العالم فى الموارد، بل إن بلاد متأخرة جداً فى افريقيا واسيا تفوق هذه البلاد الجديدة في الموارد، ولكن أمريكا وعلى الرغم من ذلك هي الأقوى والأشهر.. لماذا؟ لأنهم مخترعي التسويق!

التسويق علم قديم جداً، ولكن بصورته العلمية المنظمة الحديثة هو فن أمريكى خالص، وهم لم يضعوه قواعد فى الكتب فقط، بل كان لهم السبق فى تنفيذه وتطبيقه حرفياً فى كل مجالات الاقتصاد والسياسة والفن وغيرها..

ما هو ذلك الاختراع المسمى بهوليود؟ لماذا يتهافت أى ممثل أوروبى للظهور فى هوليوود، لماذا لا يلمع نجوم السينما الانجليز إلا فى هوليوود، وحتى عندما يفعلون فإنهم لا يحصلون على الشهرة والرونق المحيط بالممثل الأمريكي؟ سأقول لك لأن الأمريكان يجيدون الدعاية وفن الشهرة (التسويقي)..

لماذا يظهر طفل اسمه جستين بيبر، ويغنى .. كما يفعل الملايين حول العالم، وبدون أى مزايا مطلقة تجعله يتميز على أقرانه فى أوروبا أو أى مكان آخر فى العالم، ثم تجد أخباره و ألبوماته وفيديوهاته يتابعها الملايين، وعندما تتابع قصته التى يحاول صيغتها بشكل تسويقي درامى، لا تجد فيها ما يبكيك كما يفعلون هم ! إنه التسويق..

كيف ربطت أمريكا بلاد العالم، البعيدة والقريبة، بتلك المادة التبغية البدائية والتى نسميها سجائر، وكيف ربطت هذه السجائر بشخصية الكاوبوي الشهير المرسوم على علب مارلبورو الحمراء الشهيرة؟ أو شخصية البطل الأمريكي الخارق العملاق (كالعادة) الذى يواجه الأعداء والمجرمين وهو مازال يحتفظ بابتسامته وتلك السيجارة في يده؟ وكيف وصل الأمر من كون السيجارة مجرد متعة لحظية سريعة إلى إدمان واقتصاديات سوق وأموال طائلة لا حصر لها تصرف على هذه الملفوفات يومياً؟ انه التسويق..

ما هو الحلم الأمريكي؟ الحلم الأمريكي هو ذلك المنطق الغير منطقى الذى يقول لك أنك إذا أردت النجاح، أو أن تصل أفكارك إلى الآفاق فسيكون فى أمريكا..لماذا؟ لأنك فى أمريكا تستطيع أن تبيع الوهم طالما قادر على تسويقه، وأمريكا هى بلد التسويق..

كنت أتابع فيديوهات برنامج الأعمال والريادة الشهير شارك تانك – shark tank وكنت أتعجب من حجم تفاهة المنتجات المقدمة فى أغلب الأوقات، وعلى الرغم من ذلك أعلم أنهم سيحصلوا على تمويل كبير لهذه المنتجات، وكالعادة ستنجح فى السوق الأمريكى طالما يستطيع أصحابها أن يطبقوا فنهم المفضل.. التسويق.

لماذا يقولون أن أمريكا هي القوة العسكرية الأقوى فى العالم، وهى قوة لا يمكن الاقتراب منها، وعندما تمعن النظر فى هذه الأقاويل التي انطبعت في ذهن الناس حقائق فستجد أنها لا تمت للواقع الهزيل للجيش الأمريكى بصلة، فلن تجد حتى انتصار واحد لأمريكا مقنع فى أى حرب دخلتها، ولن تجد ذلك الجندى الأمريكى الشجاع المغوار، أو الذى يتميز بأخلاق الفرسان كما يصوروه فى أفلامهم الهوليودية، أو كما يصنعهم فنهم المفضل .. التسويق!

هذه مجرد أمثلة من واقع تسويقى قوى جداً تعيشه أمريكا قد حوّلها من دولة بدائية يسكنها الهنود الحمر، إلى بلاد قوية واقتصاد قوى وذلك فى ظرف زمن قياسى أعتقد أنه لم يحدث مع أى بلد آخر فى العالم، وأريدك الآن أن تسرح بخيالك قليلاً لترى حالات أمريكية أخرى كثيرة وهى تلمع تحت قوى التسويق..

إن تسويق الفكرة هو أقوى أنواع التسويق فى العالم، فما المنتجات والخدمات فى الحقيقة إلا أفكار!

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى