الاستراتيجية والتخطيط

الفرق بين الحاجة و الرغبة و الطلب

فى بداية الكلام عن حاجات الناس وكيفية تحديدها وفهمها من أجل تحويلها إلى منتجات وخدمات تلبي وتشبع هذه الحاجات والرغبات، من المهم التفرقة بين 3 مصطلحات ربما يخطئ الكثير في عدم التفرقة بينهم تسويقياً، وهما الحاجة (Need) ، والرغبة (Want)، والطلب (Demand).

الحاجة ببساطة هى شئ ناقص مجرد يتفق فيه جميع الناس ويحتاجوا إلى إشباعه، أما الرغبة فهى شكل ولون ورائحة هذا الشئ من وجهة نظر كل إنسان.

الحاجة تشبه هيكل السيارة، والرغبة تشبه شكل السيارة الخارجي، فالهيكل ثابت ولا يتغير ولكن تأخذ السيارة أشكال وألوان متعددة.

فمثلاً عندما اسأل ثلاث أشخاص، ما هي حاجتكم؟ فسيقولون “نحتاج إلى الأكل” فالحاجة هنا هى الجوع، وهي ثابتة، ولكل عندما اسألهم “ماذا ترغبون لسد هذه الحاجة؟”، فسيقول أحدهم “أريد أن آكل جاتوه”، وسيقول الثانى “أريد أن آكل دجاجة مشوية”، وسيقول الأخير “أريد أن آكل تفاح!”.. وهكذا ، وكل الناس فى العالم يتفقوا فى أغلب الحاجات ولكن يختلفوا فى تكوين الصورة التى يريدون عليها إشباع هذه الحاجات، ولذلك فهم لديهم رغبات مختلفة.

hungry

لماذا طلب أحد الأشخاص أن يأكل جاتوه والآخر طلب دجاجة والثالث طلب تفاح؟

يعود اختلاف الناس فى تكوين رغباتهم إلى الاختلاف فى الأمزجة والثقافة والتقاليد السائدة، والبيئة وغيرها من العوامل التى تجعل كل شخص يشكل الحاجة فى شكل رغبة مختلفة عن غيره.

إلى هنا عرفنا الفرق ما بين الحاجة والرغبة.. فما هو الطلب؟

تظل الرغبة رغبة.. ويظل الحلم حلم فى الحصول على شئ فى شكل معين، إلى أن يتم تدعيمه بالقوة الشرائية والتي بدورها تتحكم فى الطلب.

إذا كانت حاجة أحد الأشخاص هى أن يتواصل مع أقاربه وأصدقائه، فهو إذن في حاجة إلى موبايل، وعندما سألناه ماذا يرغب فى أن يكون شكل الموبايل، فقال أريد Iphone، .. رائع..، سيكون الأمر بسيط وسيشترى مباشرة الهاتف الذي رغب فيه إذا امتلك ثمنه (القوة الشرائية)، وهنا يتحقق الطلب على المنتج، أما إذا كان لا يملك الثمن اللازم لشراء هذا النوع من الهواتف، فلن يمكنه طلب المنتج، وستظل الرغبة حبيسة عقله، إلى أن يغير تشكيل الحاجة إلى رغبة أخرى يستطيع تدعيمها بالقوة الشرائية اللازمة، وحينها سيتحقق الطلب على المنتج.

السؤال الهام الأن.. على ماذا يلعب المسوقون .. الحاجة أو الرغبة؟

هذا السؤال ليس له إجابة محددة، فاللعب على الحاجة أعمق وأقوى إذا كان المسوقون قادرين على توعية الناس بأنهم بالفعل يحتاجون إلى منتجاتهم، وأن يفصلوهم عن تشكيل رغبات ربما تكون أبعد عن حاجتهم.

ولكن والأضمن والأسلم من وجهة نظر الكثير من المسوقون هو اللعب على الرغبات، لأنها هى المسيطرة على عقل الناس، وهى التى تتحكم فيهم، وتوجيههم.

سأعطي مثال لتوضيح هذا الأمر، ربما تنزل شركة “نوكيا” لفتح أسواق جديدة فى بلد نامية أو متوسطة الحال، حاجة الناس هناك هى الحصول على هواتف للتواصل، وبالتالى من المنطقى أن تطور الشركة هواتف بسيطة قليلة الثمن حتى تناسب هذا البلد، ولكنك تجدها تغرق السوق بأجهزة حديثة، ثمنها متوسط وأعلى من المتوسط.

ذلك ببساطة لأن ثقافة هؤلاء الناس هى أنهم يرغبون فى أجهزة حديثة حتى لو كان على حساب إشباع بعض الحاجات الأساسية، ولذلك فالمسوقون هنا يستجيبون للرغبات وليس للحاجات.

وفى كل الأحوال ..فالاستجابة للحاجة أو للرغبة هي ليست قضية خارقة الصعوبة بالنسبة للشركات، ففى كل الأحوال تحاول الشركات تطوير منتجات وخدمات تراها من خلال البحوث والبيانات المتوفرة لديها مناسبة لتحقيق الإشباع المناسب للحاجات والرغبات، وتناسب القوى الشرائية للأسواق المستهدفة مما يحقق زيادة الطلب على هذه المنتجات والخدمات.

فى المرة القادمة إن شاء الله سنتحدث عن أنواع الحاجات وكيف تحولها الشركات إلى منتجات وخدمات مربحة.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى