دعونا نتفق مبدأئياً على أن هذا العصر شاهد على مصطلح (المصلحة المتبادلة)، وإذا أدركت ذلك فستذهب بعيداً فى التسويق.
لقد أغرقت الشركات من قبل الأفراد باستبياناتها التقليدية المملة، وانتظرت من هؤلاء الأفراد رد فعل مثالى، ولم يحدث، لأننا كما ذكرنا الأسباب التى منها أن العميل أو المشترى لن يكون لديه الرغبة أو الوقت لملئ استبيان يراه سخيف لن يعود عليه بالنفع .. إذاً ما الحل؟؟
الحل يحتوى على طريقين متوازيين يجب أن يسلكهم المسوّق فى وقت واحد : الأول هو تحويل الاستبيان أو طريقة الحصول على المعلومات للبحث التسويقى من أداء روتينى عقيم إلى وسيلة مبتكرة يرحب بها العميل وبدلاً من الأسئلة المتكررة التقليدية ، فنستبدلها بأسئلة مختصرة مشوقة تصب فى صالح البحث التسويقى مباشرة.
حاول أن تختصر فى استبيانك وأسئلتك خصوصاً فى الأسئلة الشخصية والأسئلة المتعلقة بمعلومات الاتصال (Contact Info)، حاول أن تختصر قدر المستطاع للدرجة التى لا تدمر بها معيار درجة الاعتماد على البحث (Reliability).
جودة البحث التسويقى تعتمد على عاملين : الصلاحية (Validity) وهى درجة صلاحية المعلومات والبيانات التى استطاع البحث التسويقى الحصول عليها، وبالتالى تحقيقها لأهداف البحث، و العامل الثانى هو كما ذكرنا درجة الثقة و الإعتماد (Reliability) على المعلومات الموجودة فى البحث ودرجة التوافق والتماسك بينها.
كيف تختبر درجة الاعتماد على المعلومات والتوافق بينهم؟؟
سأسألك سؤال فى الاستبيان : ما أكثر الألوان المفضلة لديك؟ فستجيب (أزرق)، سأعود فى مكان آخر فى الاستبيان و استخدم نوعية الأسئلة المغلقة : تفضل اللون الأزرق .. ثم اترك لك الاختيار ما بين غير موافق على الإطلاق و موافق بشدة، فستختار غير موافق على الإطلاق، حينها سأشك فى درجة الاعتماد على المعلومات من هذا المصدر (سأفضل إحراق هذا الاستبيان بالطبع!).
هذا مثال مبسط جداً عن كيفية كشف درجة التوافق الداخلى والاعتماد على الاستبيان من عدمه، وعلى الرغم من أهمية هذا الاختبار من أجل سلامة الاستبيان، يجب ألا تتمادى فيه حتى لا يملّ المستقصى منه، ونعود لنفس النقطة القديمة، وهى تعميق الكره المتوارث ما بين العميل أو المستهلك و الاستبيان أو البحث التسويقى بمختلف أشكاله.
الطريق الثانى فى قمة الأهمية، ويجب أن تسلكه الشركات اليوم من أجل الحصول على معلومات جيدة ودقيقة من عملائها ومستهلكى السوق، وهو باختصار تقديم الفائدة فى المقابل والتى نوهت عنها فى بداية كلامى.
الفائدة هى الحافز الذى سيُقدم للمستقصى منه من أجل دفعه لإخراج كل المعلومات الهامة التى يملكها ومن شأنها زيادة كفاءة المنتج وكشف مشكلاته.
تختلف الأساليب والطرق وأشكال الحوافز، ويقال فى دراسة نفذها (بورتر و ويايتكومب – Porter & Whitcomb)أن أفضل حافز يعطى أعلى النتائج هو ماتعادل قيمته 100 دولار (انتظر قليلاً ولا تغلق الصفحة!).
قد تبدو القيمة كبيرة لبعض الشركات، ولكن للشركات الكبرى التى تعلم أهمية البحث التسويقى الناجح، وأهمية المعلومات التى تحصل عليها من العملاء، لا تستكثر على مصادر المعلومات هذه الأموال، وتضع فى الأغلب ميزانية كبيرة من أجل البحوث التسويقية، و الحوافز المتعلقة بالاستبيانات.
ولكن ماذا عن الشركات الصغيرة؟
نصيحتى هنا أن تقدم حافز بجانب استبيانك مهما بدا صغيراً، وذلك لسببين، أولهما أن الحافز سيكون رمزى ومعنوى أكثر منه مادى، وهو يعبر عن اهتمامك وتقديرك للمصدر الذى أمدك بالمعلومات، التى وإن بدت بسيطة من وجهة نظره، فأنت تعلم أهميتها جيداً.
السبب الثانى، هو العامل النفسى، والذى أراه أساس من أساسيات التسويق، فدعنى أذكرك بتجارب الشراء، التى يشترى فيها العميل المنتج، ومعه خصم، ثم يحصل على هدية، أو يشترى منتجين بخصم خاص، وتجد أن المشترى فى قمة السعادة على الرغم من أنه ربما لو دقق النظر فى هذه التجربة الشرائية لاكتشف أن الفائدة ليست بالحجم الكبير الذى يراه، وأن المسوّق هو من أتقن تجربة الشراء تلك.
هكذا الحال فى الهدية الرمزية التى ستجعل من إعطائه للمعلومات تجربة فى حد ذاتها، فهو ملئ الاستبيان وأخذ هدية ، ورحبت به الشركة، وأعربت عن تقديرها للدور الذى يلعبه هذا العميل فى تحسين كفاءة خدماتها ومنتجاتها.
إذا لم تكن من المفضلين لتقديم الحوافز بشكل نقدى، فمن الممكن جداً أن تقدمها فى شكل كوبون للدخول فى مسابقة أو الحصول على خصم خاص من الشركة، أو من أفضل الطرق أيضاً أن تقدم له عينات مجانية من المنتج (بهذه الطريقة تحقق أكثر من هدف فى وقت واحد).
أعود وأكرر كلامى فى التسويق عموماً، وهو أن أقصر وأنجح الطرق فى التسويق بجانب كل فنياته و أساليبه الحديثة هو الصدق، ودائماً تذكر الربح على المدى الطويل بدلاً من الربح السريع الذى ينهى عمر منظمتك مبكراً، وتذكر دائماً أن هناك ما يعرف بالتسويق بالمديح.
قابلنى استبيان إلكترونى من سنتين أو يزيد، لمنظمة تريد منك أن تساعدها فى الحصول على معلومات مقابل حافز شهير (أقصد نصب شهير)، وهو أن مقابل كل استبيان تحصل على قيمة مالية، ولكن لن تحصل عليها إلا عندما تكمل ملئ 10 استبيانات على هذه الشاكلة، وهى تعد أنها ترسل هذه الاستبيانات بشكل دورى، وفى الحقيقة ستملئ استبيان واحد فى بداية الأمر ثم تنتظر طول عمرك الاستبيان الثانى! (أدركتم لماذا يكره الناس التسويق؟!)
فى المرة القادمة .. نتكلم عن مفتاح هام جداً من مفاتيح البحث التسويقى الناجح .. يختصر الوقت والمال والجهد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق