الاستراتيجية والتخطيط

لماذا البحث التسويقى؟

تعتبر خطوة البحث التسويقى أهم الخطوات على الإطلاق فى حياة العملية التسويقية، وهى المحدد الرئيسى لنجاح المنظمة ونجاح منتجاتها وخدماتها.

يقودنا إلى هذا الاستنتاج مقدمات أولها إدراك أن التسويق هو علم من علوم الإدارة، والإدارة علم قائم على المعلومات، ولكى تنجح فى الإدارة فإنك تحتاج إلى معلومة محددة، متعلقة بهدفك، فى الوقت المناسب، تستطيع من خلالها اتخاذ قرار صحيح مبني على ضوء تلك المعلومات.

success-failure-sign

لا يختلف التسويق كثيراً إذاً، فلكى تتميز فى السوق عليك أن تحيط نفسك بجبال من المعلومات التي ستعطيك المؤشر لبدأ نشر المنتج، والدعاية له، أو إيقاف حملتك التسويقية و معالجة بعض الأخطاء، أو تعديل قنوات التوزيع حتى تناسب الطلب المتوقع..، ولذلك ليس غريباً إدارك أن البحث التسويقى هو الذى يصنع للشركات الملايين والبلايين، أو يحملّها الملايين والبلايين سُدى.

سبب وجيه ومنطقي يجعلك تفكر فى أهمية البحث التسويقى، وهو التفكير بعمق فى التسويق اليوم، القائم على فكرة العميل واحتياجاته، وإذا كنّا فى الماضى نبدأ أنشطة تجارية تعتمد على رغباتنا وامكانياتنا، فالآن أصبح الأمر أكثر تعقيداً، حيث أننا نبدأ تلك الأنشطة التجارية التى تلبى رغبات المستهلكين واحتياجاتهم فى المقام الأول.

إذا كنا نقوم بتسعير المنتجات حسب رؤيتنا الشخصية، وحسب ما تمليه علينا رغباتنا فى هامش ربح محدد، فالآن نضطر إلى تقديم سعر يضغط على المنافسين، ويناسب العملاء.

فى عالم التسويق اليوم لن نبحث عن قنوات التوزيع التقليدية فندفع فيها المنتج حيث يصل إلى العميل، بل إننا نبحث أين هو العميل، وما هو المكان والزمان الذى يناسبه حتى يصل إلى المنتج بكل سهولة وسرعة.

مع هذه الاختلافات بين التسويق التقليدي والتسويق في عالم اليوم، يصبح البحث التسويقى هو الأداة الفعالة والتى يراهن عليها خبراء التسويق.

الآن لم يعد قسم البحث و التطوير شئ من قبيل الرفاهية أو التفكير الاستراتيجى للشركات، ولم يعد البحث التسويقى هذا الأمر الذي ممكن أن ينجزه مجموعة من الموظفين، هذا لأن السوق اليوم أكبر جداً من السوق فى أى وقت مضى، وهل تستطيع شركة اليوم فى الولايات المتحدة إنتاج منتج جديد بدون البحث فى إمكانيات الشركات اليابانية والصينية لإنتاج هذا المنتج، ودفعه فى السوق الأمريكى؟

أثبت التاريخ القريب لنا أن عدم تنفيذ بحث تسويقى قوى، شامل، ومتقن هو أحد الأسباب، وأحياناً يكون السبب الرئيسى فى إهدار وقت وجهد وأموال طائلة للشركات، و دعونا نضرب المثال ببعض المواقف المستفاد منها لشركات كبرى عالمية.

من ضمن أشهر الأمثلة شركة (شيفروليه)، تلك الشركة الأمريكية التي أنتجت السيارة (نوفا) وحققت مبيعات هائلة فى السوق الأمريكى، و كان الحق المشروع للجيش التسويقى فى الشركة أن ينتقل إلى مرحلة أبعد وهى التوغل فى أسواق عالمية جديدة، وكان من تلك الأسواق .. المكسيك.

بعد دفع المنتج فى السوق، تفاجأت أقسام المبيعات والتسويق بركود وضعف شديد فى المبيعات، وبعد ضرب الأخماس في الأسداس، وتخمين الأسباب وراء هذا الفشل الذريع، توصل الباحثين فى الشركة عن سبب الفشل، وهو أن نوفا (NOVA) تعني بالاسبانية (اللغة السائدة فى المكسيك)لا يمشى أو شئ من هذا القبيل (NO GO)، وبالطبع لم يكن المكسيكيون على استعداد لتقبل تلك المغامرة بشراء سيارة لا تسير!!

مثال آخر كان لشركة (جيربر – Gerber) ، تلك الشركة التي تصنع منتجات غذائية للأطفال في الولايات المتحدة، وقد حاولت التوغل فى السوق الأفريقى، مع الاعتماد على نفس شكل المنتج وتغليفه المعتمد فى الديار، وكانت النتيجة أيضاً مبيعات ضعيفة وإحجام المستهلكين عن الشراء، ومع البحث توصلت الشركة للسبب.

كانت الشركة تستخدم صور الأطفال فى تغليف المنتج، كإشارة إلى أن المنتج يخص الأطفال، فى حين جرت العادة فى البلاد الأفريقية على أن الصورة المرسومة على غلاف المنتج هي ما يحتويه المنتج، ولم يكن لدى هؤلاء الأفريقيين (الإنسانيين) الرغبة الشديدة فى أن يأكلوا الأطفال!!

بالطبع توجد العشرات بل المئات من القصص الشهيرة التي تحكي فشل لشركات لم تتعمق في دراسة وتجربة السوق قبل خوض التجربة التسويقية، وإن سردت هنا هاذين المثالين، فذلك لأنهم خرجوا من تحت سقف شركتين من أكبر الشركات في العالم، وأكثرهم دراية بأهمية البحوث التسويقية، فما بالنا بالشركات المحلية التي مازالت ترى التسويق مجرد إعلان فى جريدة؟؟

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. للأسف بالفعل . الشركات المحلية الصغيرة خاصة هنا فى مصر ، تعتبر التسويق مجرد إعلان فى جريدة ،، والأدهى والأمر أنها تعتبر موظف التسويق أو فريق التسويق بكامله هم الفئة الأدنى بين موظفى الشركة ، وبالتالى تفشل الشركة فى أغلب الأحوال

    أدعو الله أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا

    شريف مأمون
    مدير موقع طريقنا
    http://www.TareqNa.com

  2. زى شركة كوكاكولا لما حبت تتدخل الهند … معنى كوكاكولا بالهندى كانت شتيمة للهنود او حاجه مش كويسه يعنى
    فا كوكاكولا قامت مغيرة الاسم لما يناسب الهنود
    Abdalla Elnagar

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى