إبدأ في التسويق

مقالة (ليست) عن التسويق الأخضر !

صادفنى بحث لطالبة منذ أيام، ويا للمفاجأة، إنه عن التسويق الأخضر!

موضوع القرن واسطورة العصر بالنسبة لكثير من أساتذة ودكاترة وجهابذة الجامعات في الوطن العربي، ذلك الموضوع الذى غيّر وسيغّير علم التسويق في بلادنا.

هذا الموضوع الذى اذا لم تقدم فيه بحث واحد على الأقل في جامعتك فسوف تكون انسان عادى تُلقى اليك الشركات بفتات المرتبات، لانك كما تعلم لست اسطورة من أساطير التسويق في العالم الذين يعرفون ماهو التسويق الأخضر، وماهى ال3 Ps التي تمت اضافتها على التسويق عندما تحوّل لونه للون اخضر رائع.

انتم تعلمون ايضاً ان هؤلاء الأساتذة والدكاترة في الجامعات لا يريدون منك الا ان تتكلم عن مواضيع حديثة و عصرية في التسويق، و بهذا الصدد، لا يوجد أفضل من التحدث عن التسويق الأخضر، الذي بدأ وانتشر الحديث عنه في الثمانينات، يبدو أن هؤلاء الأساتذة يعيشون في حقبة زمنية مختلفة أو ربما توقف التسويق عندهم عند هذه النقطة!

التسويق الاخضر مصطلح بدأ فى الثمانينات وله ترجمات موازية مثل التسويق النظيف او التسويق البيئى ويعتمد على اضافة 3 عناصر للمزيج التسويقى هم الربح - الناس - البيئة
التسويق الاخضر مصطلح بدأ فى الثمانينات وله ترجمات موازية مثل التسويق النظيف او التسويق البيئى ويعتمد على اضافة 3 عناصر للمزيج التسويقى هم الربح – الناس – البيئة

كيف تتعلم التسويق ؟

كنت في فترة معيد في جامعة وهي وظيفة قد يتمناها الكثير، لكن الملل والروتين جعلونى اتركها، وكنت أساعد في تدريس مواد الإدارة والتسويق، وهنا أريد أن أؤكد لك شيء، سواء من فترتى في الجامعة كطالب او معيد فإن معظم الأبحاث المطلوبة والمنشورة في مجال التسويق مكانها سلة المهملات، وهي عناوين قديمة مكررة مملة نظرية لا تصلح للتطبيق في الشركات، الشركات احتياجاتها ابسط كثيراً، هم يريدون عمل وأدوات، و الحقيقة هي ان لا احد يساعدهم، دعنى اتفائل قليلاً، وأقول أن هناك القليل للمساعدة فعلاً.

كثير من أساتذة الجامعات (كلمة كثير سيئين تعنى ان هناك كثير آخرين ممتازين) توقف تفكيرهم في الثمانينات والتسعينات بسبب الكتب التي قرأوها في ذلك الوقت، وهي كانت كتب أكاديمية فاخرجوا هم بدورهم كتب اكاديمية مملة ايضاً، وظلّوا يكررون المصطلحات والنظريات المملة على الطلاب في كل سنة، حتى أنهم حفظوا هذه المصطلحات ولم يعد لديهم غيرها، هم غير محتكين بالسوق ولا يعرفون ماذا يحدث داخل الشركات، ولا يقرأون كتب أحدث في التسويق بالتالى لا يُخرجون في محاضراتهم شيء مفيد عملي يُذكر عن التسويق.

لذلك إذا قام محاضر في الجامعة من هؤلاء بالتحدث عن التسويق أؤكد لك ان الناس ستكره هذا المجال، وعلى الرغم من انى في هذا المجال من سنين و اعمل واكتب فيه لكن كلمتين ثلاثة من هؤلاء المحاضرين الأكاديميين كفيلة بأن اكره مجالى المفضّل!

فما بالك بطالب جامعة لا يعرف شيء اصلاً عن التسويق وهذا هو أول – وربما سيكون آخر – كلام يسمعه عن التسويق..

هل تعرف ماهى المشكلة الحقيقية، بالنسبة لهؤلاء الجامعيين او لغيرهم من المهتمين بمجال التسويق؟

المشكلة انهم يتوقعون أن تعلّم التسويق يكون عن طريق الأكاديمي في المجال، وفى رأيى أن هذه خرافة لا تصلح، لأن التسويق يقوم على الحالات العملية الناجحة (*يمكنك تعلم من اكاديمى لكن عندما يعطيك حالات نجاح و مصطلحات عملية ليس نظريات فقط)، بمعنى آخر..

إذا كنت تريد تعلم التسويق فتعلمه عن طريق محترف تسويق او صاحب شركة ادار شركته تسويقياً بشكل صحيح، هنا سوف تستمتع بالتسويق وتفهمه فعلاً بعيداً عن المصطلحات المركبة المعقدة المملة، ببساطة..

التسويق لم يتم كتابة نظرياته ثم تم تنفيذها بنجاح، لكن العكس ماحدث، تم النجاح العملي في الشركات ثم وضع حالات النجاح التسويقية تلك في الكتب، اقصد الكتب الرائعة التي يمكنك أن تستمتع بها وتتعلم منها وليس كتب الجامعة التقليدية.

اذا لم تستطع أن تتعلم من ماركتير محترف بالقرب منك، ولم تحتك بالشركات، فعلى الأقل يمكنك تعلم التسويق عن طريق الـ case studies وهى حالات نجاح لشركات يتم تجميعها بشكل تحليلي مفصّل، وهناك حالات نجاح يتم سردها بشكل خفيف ورائع جداً في كتب رائعة على رأسها من وجهة نظرى كتاب اسمه 100 Great Marketing Ideas، إذا لم تقرأ هذا الكتاب فقد فاتك الكثير.

احذف النظرى من قاموس التسويق لديك

استراتيجيتي الآن في اى شيء اتعلمه عن التسويق او اعطيه في برامجي التدريبية هى هل هذا الشئ فعلاً عملي ومفيد وسوف استخدمه او يستخدمه المتدرب ام لا.. والإجابة هي ما تحدد هل اكمل دراسة او تدريس هذا المصطلح أو هذه النظرية ام احذفها من الكورس التدريبى او عملى عموماً.

في بداياتي بالتدريب في التسويق، كنت في مركز تدريب احاضر بديل او تكملة لمحاضر آخر، ووجدت أنه يعتمد في التسعير على نموذج الBEP ولأنه ليس موضوعي الآن فيكفى ان اخبرك ان نموذج نقطة التعادل هذا هام جداً من ناحية الماليات ودراسة الجدوى لكى اعرف متى وكيف سأغطى تكاليفى سواء بشكل سنوي أو بشكل عام. وبدأت في استخدام نموذج نقطة التعادل لفترة في محاضراتي وانا غير مقتنع بجدوى لشخص يعمل في التسويق خصوصاً لمشروع ناشئ أو شركة متوسطة.

نموذج نقطة التعادل سوف يخبرنى بأشياء مثل السعر الذي يجب على استخدامه لكي اغطى مصاريفي بعد سنة، لكن افترض أن هذا السعر هو 10 دولار، وسعر المنافسين هو 3 دولار، هل منطقى ان اضع سعره 10 دولار؟ نموذج نقطة التعادل قد يكون مؤشر مالى كما اخبرتك، لكنه غير مفيد في تسعير المنتج بشكل عملى في السوق، ولم استخدمه ابداً في اى شركة عملت معها في التسويق، فلماذا يتم تدريسه في المحاضرات والجامعات ومراكز التدريب على انه سر التسعير الأكبر!

تعلم التسويق ومارسه عملى

نصيحتى لك في التسويق تتلخص في هذه النقاط:

  1. أدرس التسويق بشكل صحيح، واقرأ حالات عملية كثيرة، واترك المصطلحات والنظريات العقيمة التي يتم تدريسها في الجامعات، لأنها غير محدّثة وغير عملية ولا مجدية في عملك في السوق سواء تطور مشروعك الخاص او تعمل او تريد العمل في شركات.
  2. مارس التسويق بشكل عملى، وهناك طرق كثيرة لا تحتاج إلى أكثر من نشاطك وجهدك وارادتك لتمارس التسويق بدون اعذار، مثل أن تتطوع في مشروع ناشئ وتدير التسويق له ولو بشكل مجانى لاكتساب الخبرة، أو تطور لنفسك مشروع صغير حتى لو على الورق وتقوم بتطوير خطة تسويق له، أو ممكن أن تختار اى منتج تحبه في السوق وترى انه ضعيف تسويقياً وتحاول تطوير خطة تسويق له، كل هذه الاختيارات ربما تأتى بعد المحاولات التقليدية للعمل في شركات حتى لو كتدريب في البداية.

نقطة مهمة مرتبطة بممارسة التسويق وهى ان التسويق لكى تمارسه فأنت غير مرتبط بمسمى وظيفى معين، فأنا اكتسبت خبرة تسويق وممارسة فادتنى جداً في المجال عن طريق عملي في البيع لسنوات والذي كنت اكمله بشكل تسويقي، وعملك في تخصصات مثل إدارة التسويق على السوشيال ميديا او اجراء بعض الاستبيانات التسويقية كلها أمور تجعلك تمارس التسويق فعلاً، أو تكون قريب جداً من ذلك.

ولمن دخل للموقع والمقالة عن طريق البحث عن التسويق الأخضر في جوجل، وقرأ المقالة للنهاية، فأريد أن أقول لك إن التسويق الأخضر مهم ومفيد ويجب ان تهتم به الشركات فعلاً، لكنه ليس موضوع العصر ولا هو أهم شيء في التسويق اليوم كما أوحى لك أستاذ الجامعة، هو موضوع عادي ابحث فيه وانهى بحثك المتعلق به، لكى تأخذ درجاتك كاملة وتنجح في امتحان الجامعة، ثم انسى سخافات ونظريات الجامعة قليلاً وتعلم التسويق بشكله العملي الصحيح لكي تنجح في السوق!

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى