الترويج والإعلان

دروس فى صناعة المحتوى..تعلمتها من (الماركتينج بالمصرى)

في عام 2012 أخرجت كتاب الماركتينج بالمصرى، ونوهت عنه في مقالة على التسويق اليوم وجعلته متاح للتحميل المجانى، لم اعرف تحديداً ما هو الوقت الذي استهلكته لكتابة الماركتينج بالمصرى كاملاً، ما أتذكره هو محاولات لكي أكمل الكتاب بعد توقفات، دعك ممن ينسجون قصص حول النجاح، فأنا لم يكن لدي حافز كبير لإخراج الكتاب، سوى انى في مجال التسويق والتدوين في التسويق وهذا الكتاب هو جزء من المجهود الذي أبذله، أتذكر فقط أنه في هذه الاثناء كان العمل في التسويق – ومازال – صعب جداً، وحتى المشاريع الناشئة التى حاولت معها لم تكن موفقة، فربما كان الماركتينج بالمصرى هو نقطة مضيئة وسط ذلك كله، مع الوقت ونحن الآن على مشارف 2018، وجدت ان الكتاب ينتشر انتشار الكترونى كبير جداً في مصر وأصبح كتاب رئيسى لمن يريد أن يبدأ التسويق، وحصل على تقييمات مرتفعة وآراء جيدة لم أكن أتوقعها ابداً وانا اخرج هذا الكتاب واقدمه للناس، وهذا شجعنى ان اشارك ببعض الدروس التي تعلمتها من هذه التجربة ومن كتابة المحتوى عموماً..

كتاب الماركتينج بالمصرى - حسام حسان

من أهم الدروس في كتابة المحتوي ..

انك اذا كتبت محتوي للجميع فستخسر الجميع

هذا ربما الدرس الأبرز والشئ الملاحظ في كتابة المحتوى في السنين القادمة، لان مع انتشار وكثافة الكتابة والمحتوى المتاح على السوشيال ميديا أصبح من غير المنطقى اطلاقاً ان نكتب محتوى يحاول أن يرضي جميع الأذواق والثقافات في نفس الوقت.

الكل يكتب و الاغلب يرى في نفسه انه محترف وخبير في مجاله، وأنا لا أقول عكس ذلك، فأنت خبير كما تقول ولكن اثبت ذلك! انت لست خبير في مجالك إذا كنت تكتب كلام عام حول مجالك، ولكن يجب أن تكتب محتوى تخصصى مناسب لشريحة محددة جداً في السوق.

دعونا نتكلم عن هذه النقطة بالاستعانة بكلمات سر تسويقية..

الثغرة – :Niche هي الحل الآن في كتابة محتوى تخصصى محترف ينتشر (وسط شريحتك المستهدفة) لأنه ليس من الذكاء ان تفرح كثيراً بكتابة محتوى عام عبقرى يذهب لشريحة كبيرة من الناس، لكن عند وقت الفعل – Action، لن يشترى منك احد، لان محتواك هو محتوى يكتبه الجميع وللجميع، لكن يجب ان تبحث عن محتوى فريد لثغرة في السوق لم يلتفت لها صناع المحتوى الآخرين، واختراقك لهذه الثغرة سوف يجعلك خبير ومتخصص فيها، ولن يستطيع أن ينافسك فيها الكثير، وذلك إذا طورت من نفسك دائماً لتظل انت الخبير فيها، حينها فقط سوف تبنى المجتمع.

المجتمع – Community: المجتمع في التسويق هو شريحة من السوق تستهدفه برسائل محددة، في ظل التنافس الشرس الآن في كل شيء وخصوصاً صناعة المحتوى، فإن المجتمع وتحديده، وتحديد خصائص المُستهدف من المحتوى الذى تقدمه، وهو ما يعرف بال Buyer Persona هو كلمة السر في النجاح، أن الثغرة والمجتمع هي ألفاظ تسويقية يكمّلها شيء أعمق وأقوى اسمه صناعة البراند – Branding.

العلامة التجارية – Brand: لكى تصبح براند يجب أن تستغني عن شرائح من السوق، يجب ان تضحي بهم، البراند يعدك بأنك سوف تكسب غداً مقابل (ربما) خسارتك اليوم!

وهذا يقبله خبراء التسويق لأنهم يعرفون قيمة ان تكون براند، و البراند الحقيقي يقوم على تقسيم السوق و استهداف شريحة محددة فيه، بمعنى أنك أصبحت متخصص في تقديم شيء مميز لشريحة محددة وهذه الشريحة سوف يصبح لديها ولاء عالي – Loyalty.

المشترين المتعصبين ذوى الولاء العالى – Loyal Customers: لن تنفعك الإعلانات طالما لا تملك مشترين متعصبين متحمسين لك ولما تقدمه من منتجات وخدمات، الا لو كنت تعمل باستراتيجية التسويق المباشر فقط وتريد الربح على حساب تكوين براند، لكن لو أردت التخصص والمجتمع والثغرة والبراند فيجب ان تعرف ان المشتري المتعصب لك هو أداتك الترويجية الحقيقية وسط هذا الزحام الترويجى والاعلانى وهذا المحتوى المكثف الذى يأتينا من كل مكان خصوصاً اونلاين.

راجع معي هذه المصطلحات .. ثغرة – مجتمع – براند – والنتيجة هي.. مشترين بولاء عالى.

الماركتينج بالمصرى لم يعد أحد بأنه كتاب تسويقى خارق، ولم يقل إنه كتاب اكاديمى يساعدك في أبحاثك في الجامعة، ولن يؤهلك للحصول على دكتوراه في التسويق، ولكن في مقدمة الكتاب قلت انه كتاب مكتوب بلغة بسيطة يساعد المبتدئين في التسويق بشكل خاص، وبذلك عملت على ثغرة وبنيت مجتمع وبراند وحصلت على قراء بولاء عالى لهذا المحتوى.

اذا اردت ان تسيطر على ثغرة محددة كصانع محتوى، يجب ان يكون اسمك ومحتواك وشكلك مناسب لهذه الثغرة وهذا المحتوى، وعلى الرغم انى حتى الآن لست محبذ لفكرة كتابة كتاب تسويق بلغة عامية، واعتقد انى لن أكرر الأمر، لكن في النهاية انا احلل الموقف، وأقول لك أن المحتوى يجب أن يكون بنفس لغة وفكر وصورة الثغرة التي تستهدفها حتى ينجح.

اذا كنت مؤمن بالمحتوى سينجح

أنا كتبت الماركتينج بالمصرى وتم السخرية من اسمه وتم رفضه من دار نشر لكن ربما تكون تلك الأمور هي حافز اضافى لكى تستكمل ما بدأته، هناك من المحفزين من يحاول أن يُظهر كأن كل ما يتم السخرية منه ينجح، وهذا ليس صحيح، فهناك الكثير من المحتوى ينال السخرية لانه محتوى سخيف او تافه فعلاً ولن ينجح، ولكن الماركيتنج بالمصرى لم يكن له بديل للمبتدئ في التسويق في مصر، سوى كتب مثل التسويق للجميع وهو كتاب أكثر من رائع لرؤوف شبايك ولكن في رأيي لم يكن كافى لتفهم العملية التسويق بشكل كامل والألفاظ والمصطلحات التسويقية التي تحتاجها لفهم هذا المجال بشكل أعمق.

من فترة بدأت الكتابة في مجال البيع، وأردت إخراج كتاب يشرح ويفصّل أساليب البيع بشكل بسيط وعملى، لكن بعد كتابتي في الكتاب لفترة سألت نفسى اكثر من مرة، هل انا اقدم فعلاً قيمة للسوق؟

هناك كتاب كيف تتقن فن البيع لتوم هوبكنز وعلى الرغم من أشياء كثيرة تؤخذ على توم هوبكنز في هذا الكتاب لكن في النهاية هو أفضل كتاب عن البيع ويشمل الكثير جداً من الفنيات والاسرار عن البيع مع امثلة وشرح عملى اكثر من رائع لشخص يبدو في المجال لسنوات، هل استطيع ان كتابة محتوى ينافس محتوى هذا الكتاب؟ كنت اشك في ذلك، ولذلك توقفت عن كتابة كتابي الجديد عن البيع، لم اكن مؤمن بالمحتوى ولذلك لم أستطيع إخراجه بالشكل المناسب.

لانتشار المحتوى أصول

انتشار المحتوى في السابق لا يشبه اطلاقاً انتشار المحتوى الآن، ببساطة لأن لدينا الانترنت وبعده مواقع التواصل، ومن بعدها زر الـ share، الذين غيروا كل شيء تقريباً في صناعة المحتوى.

قرأت كتاب permission marketing لSeth Godin، وقال سيث جودين في نهاية الكتاب انه يريد ان ينتشر هذا الكتاب انتشار كبير فقام برفعه مجاناً، سوف يعجبك الكتاب كثيراً ولأنه مجانى ومتاح سوف تقوم بنشره ومشاركته مع غيرك من القراء، هذا الكتاب انتشر بشكل كبير فنشر معه اسم سيث جودين، ونشر معه فكر الinbound marketing، ولم يكن ليحصل هذا الانتشار إذا كان الكتاب بمقابل مادى.

اعتقد ان حالة الماركتينج بالمصرى كانت حالة شبيهه للغاية، فعندما ذهبت لدار نشر وتم رفض الكتاب قمت بنشره اونلاين، والانتشار الاونلاين حدث بشكل أكبر كثيراً مع كثافة المحتوى والتواصل والنشر عبر السوشيال ميديا، و اعتقد انها خطوة مهمة جداً لانتشار الكتاب أن يكون مجانى ومتاح للتنزيل اونلاين لأن الكتب التخصصية في بلادنا مبيعاتها ضعيفة للغاية، كما أن الأمر كان مفيد لان الكثير استفاد من الكتاب بدون مقابل، وهذا خلق الانتشار وساعد في بناء المجتمع، وهذا اهم من الربح المادى قصير الأمد الذى يحدثه المحتوى المطبوع.

استثمر في مجتمع يتزايد

عندما بدأت مدونة التسويق اليوم في 2009 كنت اكتب عن مصطلحات تسويق جديدة، مثل ال Guerrilla marketing و ال Virtual marketing و الViral marketing وغيرها، والذى حدث هو تصنيف المدونة بترتيب عالى على اليسكا وظهورها مبكراً في محركات البحث، و دخول زائرين أجانب ايضاً للمحتوى – العربي – الذي أكتبه، وهذا اضرنى قليلاً في البداية لكن قمت بإصلاح الأمر بعدها، حينها بدأت افهم ان هناك ثغرة كبيرة في هذا المجال، الكثير متشوق ليعرف عن التسويق ويتخصص في هذا المجال فبدأت التركيز عليه، لكن الفائدة الحقيقية التي رأيتها ككاتب محتوى تسويقي ليست في 2009 بل في البضع سنين الأخيرة، عندما بدأ انتشار التسويق ومصطلحاته ووظائفه المتخصصة تغزو السوق، شيء لم اكن اتصوره او اراه بشكل صحيح في السابق.

اذا استثمرت في مجتمع أو ثغرة يجب ان ترى أنها ثابتة في الحجم على الأقل والأفضل انها تزيد، فمثلاً إذا كنت تكتب محتوى تخصصى عن الطعام والمطاعم، فهناك سوق ثابت مثل الاكل الشعبى، لكن ربما تكون ثغرتك في المطاعم الآسيوية، وهي مثلا في مصر تحقق نمو كبير، وهى المثال على الثغرة والمجتمع الذى ينمو، فأنت هنا تكتب محتوى عن شيء يزيد وينمو، وليس ثابت أو يتناقص، وهذا سر من اسرار المحتوى الناجح.

اذاً باختصار .. في رأيي يجب لكي تكون كاتب وصانع محتوى متميز، ان تفهم وتتقن فهم الثغرات وبناء المجتمعات والبراند القوى، وتفهم أصول انتشار المحتوى، مثل فكرة المحتوى المجانى، و تهتم بالمجتمعات التي تزيد، وتستثمر فيها، واخيراً اكررها لك، اذا كتبت محتوى للجميع فسوف تخسر الجميع!

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى