الاستراتيجية والتخطيط

كيف أصبحت أوبر مِنْ روًاد الشركات الناشئة؟

سيطرة الإنترنت على حياة الملايين من البشر حول العالم جعلت للشركات الوسيطة بين المستهلك و مُقدِم الخدمة أو السلعة قيمة سوقية خرافية فهذه الشركات تتحمل تكاليف تقديم الخدمة لكن فى المقابِل تستفيد من ملايين المستهلكين الذين يقومون بشراء أو استهلاك الخدمة فالمعيار هنا هو “أين يتواجد الربح”

قُم بدور الوسيط:

الفيسبوك لا يصنع محتوى، أوبر لا تمتلك سيارات ، Airbnb ( أكبر وأشهر مواقع إيجارات العقارات على الإنترنت على الإطلاق) لا يمتلك عقارات و لكن عن طريق لعب دور الوسيط حدث تطور غير مسبوق لهذه الشركات و التى يندرج عملها أيضاً (تحديدا أوبر و Airbnb) ضمن إطار إقتصاد المُشاركة أى بإمكانك الإستثمار فى الخدمات دون الحاجة لامتلاكها.

الإستثمار فى الخدمات
الإستثمار فى الخدمات

نتحدث هُنا عن أوبر و هي شركة تعمل في مجال تكنولوجيا التوصيل و سيارات الأجرة و هي تمتلك فروع على مستوى العالم وذاع صيتها بشدة فى الفترة الأخيرة مع توسعها فى دول عِدة و تعتمد فكرتها على خدمة إيجاد تاكسى أو وسيلة تنقل يوفرها أشخاص يملكون سياراتهم الشخصية من خلال الضغط على زر واحد فقط فى هاتِفك الذكى ومن خلال هذه الضغطة سوف تصل إليك السيارة في أي وقت وفي أي مكان.

بداية الفكرة:

الأمريكي الجنسية ترافيس كالانيك (المؤسس) يحضر مؤتمر فى باريس و عند مغادرته يجد معاناة فى إيجاد تاكسى للعودة إلى منزله فطرأت الفكرة إلى ذهنه كاتبا إياها فى تغريدة على تويتر بحثا عن دعم لها و بالفعل حصلت هذه التغريدة على تفاعل غير عادي حتى أنها أطلق عليها إسم تغريدة المليار دولار وذلك بعد أن كانت هذه التغريدة سبب في تواصل رجل الأعمال ” ريان جريفس ” مع ترافيس كالانيك و هو مهندِس و مُطور وبالفعل أصبح ريان أول موظف في شركة أوبر وفي عام 2010 ميلاديا إنطلقت أول 3 سيارات تحت إسم أوبر في نيويورك.

أوبر و نموذج إقتصاد المشاركة
أوبر و نموذج إقتصاد المشاركة

إقتصاد المُشاركة و إحياء صناعة:

استطاعت أوبر كشِركة ناشئة إعادة الحيوية لما يمكن أن نُطلق عليه بيزنس التنقل أو بالتحديد صناعة التاكسى و تُعد Uber الطفل المُدلل لإقتصاد المُشاركة(قيام أشخاص بإستعارة أو تأجير الأصول المملوكة من قِبل شخص آخر) و إحدى النماذج التي من الممكن أن تُشكِل إزعاجاً للكيانات الاحتكارية الكبرى حيث استطاعت أوبر أن تنضم إلى نادي شركات الـ”اليونى كورن” وهو وصف يطلق على الشركات الناشئة التي تتخطى قيمتها المليار دولار.

إذا انتقلنا لنجاح أوبر سنجد جوانب عِدة من أهمها:-

  • الإجتماعى

وما يتعلق بالعميل نفسه فالهواتف الذكية تتوافر الآن مع أغلب الناس بِما تمنحه لمُستخدِمها من خصوصية ورفاهية فتأتى Uber و تُدعِم هذه المتطلبات الشخصية بإشباع حاجة أو خدمة يطلبها العميل بضغطة زر ثم تأتى إليك السيارة أينما تريد و الأخيرة لا تنقصها الرفاهية حيث أن Uber تشترط فى سيارات من يعملون لديها الموديلات الحديثة.

و فى سياق الأسباب الإجتماعية للنجاح هل تعلم أن إحدى الأسباب و الذى قد يكون غير مقصود هو انجذاب الناس إلى حكايات و تجارب سائقي أوبر و الذى يكون أغلبهم لا يمتهن القيادة كمهنة أساسية.

توفر Uber أيضا السعر العادل و المُعلن للعميل و المعاملة الجيدة.

النجاح هنا قائم على القرب من العميل
النجاح هنا قائم على القرب من العميل
  • اللمسة الشخصية

قبل أن تركب سيارة أوبر تكون على عِلم بإسم السائق ، صورته و معدلات تقييمه مما يوفر لك حالة من الطمأنينة و راحة البال و يصنع تجربة تنقل أكثر قرباً لك فبِشكل عام عِندما تُشعِر عملائك أنك تعرفِهم يؤثر ذلك بالإيجاب تسويقياً مستقبلاً فى إمكانية جذب عميل وفى لك بشكل دائم و هو بالطبع أهم من العميل الذى ينساك فى الحال بإنتهاء التعامل.

  • خدمة حسب طلبك و إستخدام سِلس

مدى تركيز أو اهتمام الشخص العادى هو 8 ثوانى و أى شخص بديهياً يريد تلبية خدمته فى أسرع وقت و مٍن ثَم إستطاعت أوبر حل هذه المشكلة بالنسبة للعثور على سيارة حيث بإمكانك عبر تطبيق Uber إيجاد سيارة فى 6 ثوانى أو أقل قليلاً و يتم الإعتماد على الإتصال عبر GPS ، وهو ما يُتيح للسائق الوصول بسرعة للعميل وكذلك اختيار طريق السير الأنسب لتفادي الازدحام المرورى، كذلك تستطيع الشركة أن ترصد تحركات السيارة منذ وصولها للعميل وحتى نهاية الرحلة. هُنا يتضح الشىء الأكثر أهمية للشركات الناشئة فى صناعة الخدمات و هو تلبية طلب أو خدمة معينة بطريقة أسرع و أكثر كفاءة من المنافسين أياً كان مجال الإستثمار فهذه هى الطريقة المثلى لصنع business booming.

  • سُمعتك في قطاع الخدمات أهم شىء

يتميز نموذج أوبر و غيرها من تجارب الشركات الناشئة فى المجالات المختلفة بتقديم خدمة لشرائح مختلفة من العملاء شاملة تجربة فريدة لكِلا الطرفين فإقامة علاقة ثقة قوية بين الشركة و عملائها يُعد من الأمور الحاسمة للنجاح.

و فى صناعة الخدمات تحديداً فإن أفضل طريقة لعمل ذلك تكون من خلال نظام تقييم فعّال و هو ما تفعله Uber بالسماح لسائقيها وركابها بتقييم التجربة ككل عبر التطبيق مِما يُتيح لها التخلص من الركاب و السائقين أصحاب السلوك السيء يعطى ثقة للعملاء بإقبالهم على تجربة ذات جودة.

  • الإبتكار بالتجربة

تقوم أوبر بإستمرار بإختبار أسواق جديدة من الألف للياء بداية من الخدمة المطلوبة حتى الشكل النهائى لها و هذه التجارب تعد ركن هام فى الإستيراتيجية الخاصة بها إضافة إلى لجوئها لحلول تناسب المجتمع التسويقى الذى تتواجد فيه (تُقدم Uber في ساو باولو البرازيلية أول خدمة لنقل الزبائن بالطائرات المروحية تفاديا للزحام).

مشروع أوبر
تتواجد أوبر فى 462 مدينة حول العالم

ففى العادة يستهلك رواد الأعمال كثير من الوقت فى توقع ماذا يريد المستهلكون و كيف يحِلون مشاكلهم و لكن فى الواقع فإن الإبتكار و التجارب يأتيان بنتائج سريعة و جيدة لنمو الشركات و يتأكد هذا بمشاهدتك للعاملين بالشركة و حديثهم عن طبيعة العمل فيها القائمة على الخيال بجانب التكنولوجيا.

  • وسيلة طلب الخدمة

هُنا تكنولوجية فمن المؤكد أن Uber لم تُهمل هذا الشيء و هو السر الآخر فى النجاح حيث أينما كنت و أيا كان جهازك و نظام تشغيله مِن الممكن أن تنتقل عبر أوبر فتستطيع استدعاء السيارة من:

  1. مسنجر الفيسبوك.
  2. ساعة آبل الذكية.
  3. الكمبيوتر المكتبى عبر برنامج البريد الإلكتروني “أوت لوك” التابع لمايكروسوفت (لاحظ أهمية الشراكات الإستراتيجية في هذا النوع من البيزنس).

ناهيك عن توفر التطبيق للنسخة المدفوعة من خرائط جوجل ، نسخة نظام ويندوز فون و ويندوز 10 المكتبي.

بالإضافة بالطبع لتطبيقات أوبر للآيفون والأندرويد وهى أنظمة التشغيل الأفضل و الأشهر للأجهزة المحمولة إلى جانب سهولة إستخدام التطبيق نفسه و الأمان و إمكانية تقييم السائق من قِبل العميل.

و لا تترك أوبر نفسها فى إعتماد دائم على الشركات الأخرى بل تسعى للتطور و الإستقلالية حيث أعلنت الشهر الماضى عن استثمار 500 مليون دولار في مشروع عالمي طموح لرسم الخرائط للتخلص من اعتمادها على خرائط جوجل وتمهيد الطريق أمام السيارات ذاتية القيادة وتعتمد السيارات ذاتية القيادة على خرائط أكثر تفصيلاً من تلك المستخدمة حالياً وهو ما دفع الشركة إلى الاستثمار في مشروع كهذا.

من وسائل طلب سيارة عبر أوبر
من وسائل طلب سيارة عبر أوبر

إذا أردت الصورة عن قُرب أكثر و لتدرك مدى التغيير الذي أحدثته فكرة Uber هل تخيلت في يوم ما أن يبحث سائقى التاكسى فى مصر و بعض الدول العربية عن شركة ينضمون لها تُدير لهم عملهم من خلال تطبيق هاتف ذكي متصل بالإنترنت بشكل دائم.

ولكن على الجانب الآخر لا ننسى أن دخول Uber لبعض الدول أدى إلى حدوث بعض الأزمات بسبب أن سائقى التاكسى العاديين يرون أن هذا النوع من الشركات يُعارض و يُقلل مكاسبهم.

وإذا كنا نتحدث عن أسباب النجاح و الجوانب المضيئة التى أدت لإنطلاقة أوبر إلا أن هذا يأتى فى ظل حديث عن خسائر فى النصف الأول من العام الجارى تكبدتها Uber بسبب التعويضات و الدعم المٌقدم للسائقين حول العالم مِما يضعها فى تحديات قوية الفترة القادمة.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. انا عندي سوال انا عندى 24سنة وليسة مش عارفة اية هى الخطوة الاولى الى المفلاوض اخدها غى مجال حياتى وعمالى انا بحب مجال التسويق جدا لاكن انا مش عارفة ابتدي منين ?!

  2. انا عندي سوال انا عندى 24سنة وليسة مش عارفة اية هى الخطوة الاولى الى المفلاوض اخدها غى مجال حياتى وعمالى انا بحب مجال التسويق جدا لاكن انا مش عارفة ابتدي منين ?!

  3. مساء الخير لو حضرتك قائم علي العمل في المدونه ارجو التواصل السريع
    انا الان بنشأ شركه قريبه من اوبر ومحتاج تسويق لو الامكانيه تسمح لكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى