الاستراتيجية والتخطيط

خطة التسويق خطوة بخطوة: تحليل الموقف

بعد أن عرفت الفرق بين خطة الأعمال وخطة التسويق في التدوينة السابقة، عليك الآن بالبدء في واحدة من أهم مراحل الخطة التسويقية وهي مرحلة بحث السوق – Market Research.

يجب أن تعرف أولاً أهمية بحث السوق وتقتنع به قبل البدء في تطوير أي شيء! بحث السوق ببساطة هو كنز التسويقي العبقري، هو يعلم أن أي نجاح كبير سيتحقق من خلال خطة التسويق يتم بناءه أصلاً على معلومات كافية عن السوق.

لن ترى أمامك، لن تستطيع تخيل السيناريوهات المختلفة للسوق، ولن تتخيل كيفية معالجة الحالات التسويقية التي ستمر بها إلا عندما تدرس السوق بشكل صحيح، حينها فقط يمكنك البناء على هذه المعلومات لتضع استراتيجية تسويق صحيحة.

على قدر ما تحصل على معلومات سوف تبني خطتك التسويقية بشكل احترافى، ولكن في نفس الوقت لا تلتزم حرفياً بالمعلومات، فأنت بعقلك التسويقى المبدع يجب أن تفسّر هذه المعلومات بشكل مميز ويخدمك في خطتك، قد يقول بحث السوق شيء وترى أنت شيء آخر بتحدى، هذا لا يحدث غالباً إلا لو كنت خبير في مجالك.

بحث السوق هو أول مرحلة عملية وفعلية في خطة التسويق، وينقسم إلى مرحلتين:

أولاً تحليل الموقف – Situation Analysis، والمرحلة التي تليها هي مرحلة تحليل البيئة – Environmental Analysis، نفس العوامل التي تدرسها في المرحلة الأول مثل المشترين – Customers، والموردين – Suppliers، والمنافسين – Competitors، والموزعين والوسطاء – تدرسهم أيضاً Intermediaries،في المرحلة الثانية، إذاً لماذا قسمتهم إلى مرحلتين؟

ببساطة في تحليل الموقف أنا أريدك أن تجمع بعض المعلومات البسيطة جداً وبشكل سريع عن السوق وظروف العمل فيه، قد تقوم بهذا التحليل في بيتك أو من على مكتبك الأنيق، أنت هنا لا تقوم ببحث سوق تفصيلي، أنت تقوم فقط باستكشاف ظروف السوق سريعاً، وإذا وجدت السوق مناسب للعمل، تنتقل إلى مرحلة بحث السوق بشكل مفصّل للغاية، وكلما زاد التفصيل والعمق في البحث ستزيد قوتك في السوق وستزيد نسبة النجاح لديك، وكلما أهملت البحث المفصّل قلت فرصة النجاح لديك.

في حالة أنك تقوم بتحليل موقف سريع ووجدت أن ظروف السوق غير مناسبة الآن فسوف تختار وقت أفضل لدخول السوق، وإذا وجدت أن الظروف غير ملائمة بإمكانياتك الحالية ستطوّر هذه الإمكانيات ثم تدخل السوق، وإذا وجدت أن ظروف السوق لن تسمح لك باستهداف شريحة معينة، فسوف تأقلم نفسك وإمكانياتك لكي تناسب شريحة مناسبة أكثر من تلك الشريحة.

كيف تقوم ببحث الموقف؟

من أشهر طرق بحث الموقف هو أن تستخدم التحليل الرباعي – SWOT Analysis، هذا التحليل يشمل سرد لنقاط القوة – Strengths، ونقاط الضعف – Weaknesses، والفرص – Opportunities، والتهديدات – Weaknesses.

دعنا نسرد بعض الأمثلة:

نقاط القوة مثل:

  1. لدى وفرة في العمّال.
  2. لدى مصنع بإمكانيات جيدة.
  3. أستطيع الإنتاج بمعايير جودة عالية.

نقاط الضعف مثل:

  1. إمكانيات التمويل لدي ليست جيدة..
  2. إسم منتجى غير معروف.
  3. ليس لدى خبرة كبيرة في هذا السوق.

الفرص مثل:

  1. يوجد وفرة في موردي المواد الخام.
  2. عدم وجود منافسة كبير فى هذا السوق.
  3. يوجد ممولين أستطع الحصول على دعم مالى منهم.

التهديدات مثل:

  1. ظروف إقتصادية تسوء.
  2. قلة في عدد موزعي المنتج.
  3. عدم فهم المشترين لخصائص منتجي.

بعد أن تنتهي من سرد هذه النقاط، سوف تحصل على رؤية مبدئية لهذا السوق، وتبدأ التفكير في إمكانية دخول السوق الآن أو تأجيل ذلك حتى تحسن الظروف او تطوير إمكانياتك، أو إنتظار الفرصة المناسبة بشكل عام، أو حتى صرف النظر عن هذا السوق والبحث عن بديل له.

ضع في اعتبارك هذه النقاط الهامة:

  • لكل نقطة من هذه النقاط وزن، فلا يغرّك أن لديك عدد كبير من نقاط القوة، فيجب أن تقدّر جيداً وزن وقيمة هذه النقاط بجانب عددها، ربما يكون لديك 10 نقاط قوة، لكن نقطة ضعف واحدة مثل أنّه لا يوجد لديك ولا مصدر واحد للحصول على مواد خام بجودة عالية قد يدمّر لك كل نقاط القوة تلك! لذلك فيجب أن تهتم جداً بقيمة نقاط القوة والضعف وتقدّر وزنهم وليس فقط عددهم.
  • يوجد بعض النقاط التي ستبدو غامضة عندما تضعها بدون تفسير، مثلاً عندما تقول أن سعر منتجى عالى، لأول وهلة سنظن أن هذه نقطة ضعف لديك، ولكن عندما تعود إلى السبب الأصلى فربما نكتشف أنك تقدم أفضل جودة في هذا السوق وبالتالي السعر ليس نقطة ضعف كبيرة لأنك ربما ستوجهه إلى الشريحة التي تهتم بالجودة، على العكس عندما تقول أن سعرك منخفض، ربما نظن أن هذا ميزة كبيرة لك، لكن عندما تذكر لنا السبب في أنك تحصل على مواد خام رديئة فحينها تتحول نقطة القوة إلى نقطة ضعف، بعكس عندما تقول أن سعرك قليل لأن لديك موردين تستطيع التفاوض معهم والحصول على أسعار جيدة، وبالتالي سعرك قليل، هنا يكون السعر نقطة قوة فعلاً وليس نقطة ضعف.

لذلك حاول دائماً في تحليل الموقف العودة لأصل نقطة القوة أو الضعف حتى تفهمها جيداً ولا تخدعك.

  • نصيحتي لك هو ألا تدخل سوق تتساوى فيه نقاط القوة مع نقاط الضعف، أو حتى تزيد عنها بشكل بسيط، حاول دائماً الدخول في أسواق تمتلك فيها نقاط قوة أكثر بشكل واضح عن نقاط الضعف.

هل تريد معرفة السبب؟ ببساطة.. حالة الأسواق دائماً أصعب مما تتوقع، وأسوء مما تظن، هذا ليس تشاؤماً على الإطلاق ولكنه واقع أي سوق، وهذا من التجربة، وسأخبرك أمراً، إن النجاح في إدارة المشروعات ماهو إلا إدارة للأزمات والمشاكل التي تعترضك، أي أن وظيفتك الأساسية في عالم الأعمال والتسويق هو حل المشاكل بإبداع، وبالتالي فالطبيعى أن السوق يكون ملئ بالمشاكل الغير متوقعة، إذا كان هذا حال أي سوق، فنصيحتي أن تبتعد عن الأسواق التي لا تمتلك فيها وفرة في نقاط القوة بالمقارنة مع نقاط الضعف.

عندما تنتهي من تحليل الموقف سوف يكون أمامك واحد من اختيارين، إما أن تدخل هذا السوق، وإما أن تصبر حتى تطوّر إمكانياتك أو تجد الفرصة الأنسب، إذا قررت دخول السوق، فسوف تنتقل حينها لمرحلة متقدمة في بحث السوق والخطة التسويقية عموماً، وهي مرحلة تحليل البيئة.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. هل عملية البحث تتم لشركة موجودة بخدمة او منتج وتقوم بعمل SWOT …لستهداف سوق محدد… ماذا لو لم تكن الشركة قائمة بعد وتريد البحث عن الاحياجات المجتمعية وتحويلها الى فرص ربحية!!؟ وهل يفيد استخدام SWOT في هذة الحاله!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى