الترويج والإعلان

هل هدف الإعلان .. تحقيق المبيعات؟!

يعتقد الكثير أن يصرف الأموال على الاعلان سواء المطبوع او المرئى سوف يتحقق له المبيعات وبالتالى الايرادات والارباح الضخمة. دعنى أخبرك الآن بالحقيقة الصادمة.. الإعلان له هدف آخر .. ليس تحقيق المبيعات!

قبل أن أخبرك بهدف الاعلان، علىّ الآن ان أثبت لك ولو مؤقتاً أن الإعلان ليس هدفه تحقيق المبيعات. دعنا نفترض ان شركة من شركات السيارات الكبرى قدمت سيارة جديدة، ثم أعلنت عنها فى حملة إعلانية ضخمة فى التلفاز، كانت الحملة من قوة تأثيرها ان الناس بدأت فى التجاوب مع الإعلان ومحاولة الوصول لهذه السيارة الرائعة.
%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86+%D9%85%D8%B1%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%B3
عندما نزل المشتري فعلياً للسوق لم يجد السيارة في أبهى حلة كما تظهر فى الإعلان، وجد هيكلها أضعف مما يبدو في الإعلان، ضيقة من الداخل في حين كان يحتاج لسيارة أكبر، عندما تحدث مع البائع عن امكانياتها وجدها بعيدة عن الامكانيات التى يريدها.

ماذا عن السعر؟ لقد وجد فعلاً ان سعرها غير مناسب اطلاقاً لإمكانيات، أو أنه مناسب لإمكانيات السيارة ولكنه غير مناسب لامكانياته المادية.

من أدراك حتى أن المشتري هذا وجد السيارة فى منافذ التوزيع بسهولة، ربما واجهته مشكلة فى نقص السيارة فى منافذ التوزيع والبيع المعروفة للسيارة، او ان السيارة لم تكن متاحة بلونها الرائع المحبب له فى مكان التوزيع الخاص بالشركة نفسها.

اذاً لقد اعُجب هذا المشترى بالسيارة من خلال الإعلان، ولكن العملية الشرائية نفسها لم تتحقق، لأسباب كثيرة، أهمها أخطاء فى تنفيذ عناصر المزيج التسويقي الأخرى.. المنتج ، السعر ، التوزيع.

كيف يبدو الأمر بالنسبة لك الآن؟.. بالفعل، ان الاعلان هو سبب فقط لتوجيه انتباهك تجاه منتج معين، لكن ما يبيع بالفعل هو المزيج التسويقي المتكامل: المنتج – التسعير – التوزيع – الدعاية.

لو اردت مزيد من الدقة سأقول لك إن ما يحقق المبيعات حقاً ليس المزيج التسويقى المتكامل فقط، بل انها عملية التسويق من أول خطوة فيها، وهى بحث السوق وتحديد احتياجات المشترين بدقة، والعمل على هذه الاحتياجات من خلال مزيج تسويقي متقن.

فكرة ان الاعلان يحقق مبيعات هى فكرة تسويقية خاطئة مليون بالمئة، لان الاعلان حتى على ضخامة تأثيره ومجاله الواسع، فإنه لا يعدو أن يكون سوى عنصر بجانب عناصر الترويج الاخرى، له هدف يتكامل مع الاهداف الاخرى.

الترويج يعتمد بشكل أساسى على 4 عناصر: الإعلان – Advertising، العلاقات العامة – PR، البيع الشخصي – Personal Selling، و عروض البيع – Sales Promotion.

الاعتماد على عنصر واحد من هذه العناصر الترويجية يضيع فكرة تكامل المزيج. ببساطة.. الإعلان يحقق هدف نشر اسم المنتج أو العلامة التجارية – Brand Awareness، اما العلاقات العامة فتعمل على تحقيق المصداقية و الثقة فى اسم المنتج – Credibility، والبيع الشخصى هدفه هو إقناع الناس بعملية الشراء، أما عروض البيع فهدفها زيادة وتنشيط المبيعات.

كما هو واضح لك الآن.. الإعلان ما هو إلا عنصر يحقق هدف من أهداف الترويج وهو توعية الناس وتعريفهم بالمنتج، وهذا يتحقق ضمن مزيج ترويجى متكامل كل عنصر فيه له هدف مختلف.

هذا المزيج الترويجى المتكامل ما هو إلا عنصر من عناصر المزيج التسويقي، المزيج التسويقي هو جزء من العملية التسويقية التي من أهدافها تحقيق المبيعات. يذكرنى من يقول بأن الإعلان هدفه تحقيق المبيعات، بمن يقول كذلك إن البيع الشخصى هدفه تحقيق مبيعات. وفى الحقيقة البيع والإعلان ماهما الا نقاط فى بحر التسويق.

لكى تقيس هل حقق الإعلان هدفه أم لا، نذهب إلى مدى التأثير – Impact، وهو المصطلح الإعلانى الذى يشير لمدى نجاح الاعلان. من وجهة نظرى انك عندما تقيس الإعلان تذهب لمشاهد الاعلان (يُستحسن أن يكون من الفئة المستهدفة من الإعلان)فتسأله هل انتبهت لهذا الإعلان واعجبتك الفكرة، سيقول لك نعم، اسأله هل فكرت اذاً فى النزول لتجريب المنتج وشرائه، سيقول لك نعم..

الى هنا يكون الاعلان نجح بنسبة كبيرة (مع مراعاة ان الاعلان يحقق اهداف اخرى مثل لفت الانتباه فقط بدون تحميس الناس للمنتج).. فى كل الأحوال لا تسأله عن اذا كان اشترى المنتج بالفعل أم لا وتعتقد ان هذا بسبب الاعلان، فهذه المرحلة هى بسبب العملية التسويقية التى تسير بشكل صحيح أو خاطئ.

يُعتبر من اصعب المهام التسويقية على الاطلاق قياس مدى كفاءة ونجاح الاعلان، والبعض يلجأ لقياس مدى نجاح الاعلان بحجم المبيعات التى زادت عندما أعلن عن المنتج. هذا يحدث بسبب صعوبة قياس كفاءة الإعلان أو الاستسهال من جانب المعلن، أو عدم فهمه التسويق اصلاً وعناصره بشكل صحيح.

لكي تقوم بقياس مدى نجاح الإعلان اعتماداً على حجم المبيعات، وهي طريقة خاطئة بشكل كبير كما اخبرتك، ولكنك فى حالة الاضطرار لها، فيجب عليك فعل ذلك مع مراعاة تثبيت كل العوامل الاخرى، بمعنى انك عندما تقارن المبيعات فيما قبل الإعلان والمبيعات فيما بعد الاعلان، وتعتقد أن هذه المبيعات الزائدة هى بسبب الاعلان، فيجيب أن تكون العناصر الاخرى مثل المنتج وجودته وخصائصه، وسعره، والقدرات التوزيعية، والبيع الشخصى، وعروض الترويج… الخ من العناصر التسويقية المؤثرة على المبيعات، ثابتة.

ثبات هذه العناصر هو الحل الوحيد لمقارنة المبيعات طبقاً للإعلان. ولأن هذا صعب بل يقرب من المستحيل، لذلك اقول لك ان المبيعات ليست مقياس لجودة الاعلان.

الخلاصة .. فهمك للتسويق، ومن ضمن عناصره الاعلان، يجعل منك تسويقي محترف يعرف كيف يستخدم أدواته بشكل علمى وليس عشوائى كما يفعل الكثير في هذا المجال بدون علم او دراية تسويقية كافية.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. في رمضان الماضي الماضي احدى شركات الهاتف الجوال قدمت اعلانا عن منتج جديد صراحة من أول يوم سمعت به و أنا أبحث عنه لشرائه و ذهبت الى جميع الوكالات الخاصة بالشركة القريبة من مقر سكني لكني لم أجد المنتج و اليوم فهمت أن هذه الشركة قد فشلت فشلا تاما لأنها لم تحترم المزيج التسويقي

  2. أن الحزمة التسويقية من(المنتج/التسعير/الترويج/التوزيع/الدعاية والأعلان/ المعلومات والبيانات والتعبائة والغليةوالفنش وخدمة ما بعد البيع والشكل النهائى للمنتج)هى من أساسيات المزيج التسويقى ولكن يبقى بجانب دور العملاء دور أساسى فى المزيج التسويقى دور المنافسين وأثرةعلى العملية السلبية للمزيج التسويقى للمسوق لمنتج ما يقوم فريق المنافسين على تلافى الأخطاء وأقطناس الفرص لنقاط الضعف فى عملية المزيج التسويقى لمسوق ما وتحويلها الى نقاط قوة لصالحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى