الاستراتيجية والتخطيط

أسرار الاستهداف الناجح – 2 : حجم وتركيبة السوق

تعرفت فى التدوينة الاخيرة أهمية التقسيم والاستهداف، انه الامر الهام جداً لكى تسير على الطريق الصحيح من اجل اشباع احتياجات الناس، ولكن يبقى السؤال.. بعد ان تقسم السوق لشرائح سوقية أصغر، ما هى الفئة المستهدفة التى تختارها وتركّز جهودك عليها؟

بمعنى أدق، إذا قسمت اديداس سوقها لثلاث شرائح: شريحة السن من 10 إلى 18 ومن 18 الى 30 و ما فوق ال30، يكون السؤال الآن هو.. ماهى الشرائح الأحق بالاختيار بالنسبة لاديداس، هل هناك معايير واضحة تختار على أساسها الشركات الشريحة السوقية – Segment المناسبة.

هناك بالفعل 3 عوامل اساسية وهامة جداً تعمل طبقاً لها الشركة لكى تختار الشريحة المناسبة، وهما حجم السوق ونموّه، و التركيبة السوقية ومدى تميزها، واخيراً موارد الشركة وأهدافها.

نبدأ بحجم السوق – Market Size

يجب ان تختار الشركة الشرائح ذات الحجم الأكبر، وذات الطلب – demand الاكثر، لان هذا هو ما يضمن الارباح والمبيعات الكبيرة للشركات، وليس من مصلحة الشركة أن تختار شريحة سوقية الطلب فيها على المنتج قليل، وبالتالى سوف تعانى فى المبيعات، وذلك سيؤثر على الأرباح، ومع الوقت سيؤثر على وجودها فى السوق والنجاح فيه.

هناك أساليب عديدة تعرف بها الشركة حجم السوق، واشهر هذه الوسائل ان تقيس حجم المبيعات التي تحققها الشركات فى القطاع الذى تجمّع المعلومات عنه. فمثلاً مرسيدس تريد ان تعرف كم عدد الشباب فى المانيا يشترى سيارات جديدة، فتجمّع معلومات عن الشباب الذى يشترى سنوياً سيارات جديدة، فإذا كان العدد كافى وكبير بالنسبة لها للانطلاق فى سوق الشباب وتقديم سيارات جديدة لهم، فستفعل ذلك.

كيف تعرف حجم المبيعات التي تحققها الشركة على شريحة سوقية محددة، او تعرف عموماً حجم الطلب من شريحة معينة هى مهمة الأبحاث التسويقية – Marketing Research (اذا لم تكفيك البيانات المتاحة – Secondary Data )، وقد تقوم بهذه المهمة الشركة نفسها او توكّل عنها أو تستفيد من خدمات شركات متخصصة فى هذا المجال مثل العملاق نيلسن – Nielsen وهى واحدة من اكبر الشركات التى تقدم خدمات البحث.%D9%86%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%86
ولكن هل حجم السوق يكفى؟ بالطبع لا. لان الحجم قد يكون خادع للشركة، ولا يستمر لفترة طويلة. ربما يكون هناك ظروف خاصة أو أسباب محددة جعلت السوق يبدو كبير فى هذه الفترة الزمنية، فيجب ان تتأكد من حجم السوق الذي تستهدفه، وايضاً درجة نموه – Market Growth.

لتوضيح الأمر سريعاً بمثال. إذا نظرت لسوق يستهلك المراوح – Fans، ستجده سوق شاسع. آلاف من المشترين وملايين هى عوائد البيع. ولكن هل هذا السوق جذّاب للشركة، خصوصاً لو شركة ذات موارد تسويقية كبيرة؟ بالطبع لا. لانه سوق يتناقص يومياً لصالح منتج جديد، هو التكييف –Air Conditioner .

ولذلك ربما تعمل الشركة بكفاءة لفترة، ولكن لا تضمن البقاء كثيراً فى السوق، نظراً لانه سوق يتناقص باستمرار.

هل تويوتا – Toyota عندما تدخل السوق الألمانى، وتقسّم السوق، سوف تستهدف شريحة المشترين ذوى الدخل المنخفض جداً؟ فى الاغلب لن تفعل، لأنها شريحة صغيرة جداً فى ألمانيا ذات الاقتصاد القوى، وبالتالى لن تكون هذه شريحة مربحة، وليس هذا فقط بسبب أنها شريحة صغيرة، ولكن كون ألمانيا من أكبر الاقتصاديات في العالم، فمن المتوقع أن تقل شريحة الدخل المنخفض مع الوقت، وليس العكس هو ما يحدث، وبالتالى هى شريحة غير مرغوبة بالنسبة لتويوتا ، وفى الأغلب لن تستهدفها.
TOYOTAماذا عن العامل الثاني الذي تضعه الشركات فى حسبانها أثناء عملية الاستهداف .. جاذبية التركيبة السوقية – Structural Attractiveness ..

التركيبة السوقية التى تجذب الشركات تجاه شريحة معينة هى التى تتميز ببيئة داخلية صناعية – Microenvironment سهلة ويسرة على الشركة، ومن ضمن عناصر البيئة التى اتكلم عنها هنا: الموردين – Suppliers، و وسطاء البيع والتوزيع – Intermediaries ، و المنافسين – Competitors.

فمثلاً كلما كان السوق فيه موردين اكثر، كلمّا سهل ذلك على الشركة، لأن قدرة الموردين على احتكار السوق او التحكم فى المواد الخام او الاسعار تكون محدودة، وتكون الخيارات افضل واكثر أمام الشركة.

بالنسبة مثلاً للمنافسة، فالشركة التى تفهم تسويق جيداً لا تدخل اسواق بها منافسة شرسة، واذا دخلتها يجب عليها أن تمتلك ميزة تنافسية قوية للغاية، وذلك لان المنافسة الشرسة في الأسواق تكون ضغط على الشركة، ولا يستفيد منها سوى المشتري، لأن المنافسة الشرسة عموماً تُدخل الشركة فى دائرة حروب الأسعار – Price Wars حيث يكون هناك عدد كبير من الشركات، بمزايا تنافسية ضعيفة أو غير واضحة، فتبدأ الشركات فى جذب المشترين وتحقيق مبيعات عن طريق خفض الأسعار، وبالتالى السوق الذى يمتلئ بالمنافسين هو سوق غير مرغوب للشركة.

يجب أن تستوعب الشركة فكر الابتعاد عن المنافسة الشرسة. لا اقول هنا ان تعمل فى سوق منفردة، لان هذا صعب جداً، ولكن ان تعمل فى سوق بها منافسة اقل، مع مزايا تنافسية قوية تميزك عن المنافسين فيه، ويمكن أن تفهم المنافسة من خلال طرق وأساليب تسويقية عديدة منها مثلاً تطوير الخرائط الذهنية – Positioning Maps ، وفى هذا النوع من الخرائط يتم وضع المنافسين الذى يعملون في سوق واحد، و ووضع الشركة على الخريطة طبقاً للفوائد –Benefits التى يقدمها المنتج او الشركة، مقارنة مع السعر، ثم تضع الشركة وحجمها على الخريطة طبقاً لما تحققه من مبيعات ومن نصيب سوقى – Market Share.

%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%87%D9%86%D9%8A%D8%A9

على العموم هذان العاملان – حجم السوق ودرجة نموه، ومدى جاذبية التركيبة السوقية، لن تستفيد بهم الشركة إلا بفهم العامل الثالث، و هو ماتراه فى التدوينة المقبلة بإذن الله.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى